دراسات سياسية

المقاربات التي فسرت التحول الديمقراطي

يُعتبر مفهوم التحول الديمقراطي أحد أبرز المفاهيم تداولاً في الظرفية الدولية الراهنة، حيث تُعرف العديد من الدول توجها نحوى النظام الديمقراطي نتيجة لظروف داخلية و دولية أوجبت على الدول تبني هذا الشكل، حيث عرف القرن العشرين  الواحد و العشرين العديد من التطورات التي شهدتها خاصة دول العالم الثالث، في إطار ما يسمى بالثورة الديمقراطية العالمية The Global Democratic Révolution ، ففي ديسمبر 1990 أعلنت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تدشين “مبادرة الديمقراطية” و ذكرت أن الهدف من وراء تلك المبادرة هو تركيز خبرة و مهارات و موارد الوكالة تركيزا على المساعدة و تقرير وترسيخ الديمقراطية، جاءت هذه المبادرة لتوسيع دائرة الديمقراطية في وقت أدى تفكك النظم الشمولية في العالم وبداية لدراسة أوجه التقارب و التباعد في التحول الديمقراطي في أوروبا الشرقية و بلدان أمريكا اللاتينية، فكانت فكرة الديمقراطية السباقة لظهور التحول الديمقراطي في العالم.

١- مفهوم الديمقراطية: 

تشير الديمقراطية كمدلول ومحتوى نظري في العلاقات الدولية إلى ممارسة السلطة والحكم وعن بنية النظام السياسي، وعلاقات القوة التي تحكم العملية السياسية في المجتمع، فالديمقراطية مرتبطة تاريخيا بانتقال المجتمعات من شكل إلى شكل آخر من أشكال تنظيم علاقات قوى المجتمع في حيز السياسة انطلاقا من درجة تطور المجتمع في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مرحلة تاريخية معينة، وقد استقر في الدراسات المختلفة للديمقراطية بأنها كلمة يونانية تعود بجذورها إلى سقراط، وأفلاطون وأرسطو، وإلى التطبيق الأثيني، وجوهر توسيع دائرة الحقوق بين البشر، بحيث يتساوون في فرص الحياة، ويتضمن ذلك تعظيم الحريات والمشاركة  ويعود الفضل الأول في التأسيس لنظام ديمقراطي إلى صولون من خلال التشريعات التي وضعها عام 594 ق.م والتي وضع بها الحجر الأساسي للديمقراطية اليونانية، بما أدخله من إصلاحات اجتماعية وسياسية  قضت على نظام الحكم الأرستقراطي وأعطت للطبقة الشعبية دورها في نظام الحكم وتسيير شؤون الدولة.

ويجمع الكثير من الباحثين على إعطاء تعريف للديمقراطية المعاصرة، باعتبارها منهجا وطريقة عملية لاتخاذ  القرارات العامة، وليست عقيدة ترتبط بتراث أوربا الغربية، ما يقود إلى الاعتماد الجازم  باقتران فكرة الديمقراطية  بالنظام الرأسمالي البرجوازي.

قاموس أوكسفورد قدم مفهوم كلاسيكي اذ يعتبر الديمقراطية بمثابة : “نظام حكم يمتلكه الشعب ويديره عبر ممثليه بالانتخاب،  قاموس وبستر أضاف كلمات كـ«الأغلبية»، فقد أشار في تعريفه إلى أن : السلطة للشعب يمارسها عبر نظام تمثيل نيابي بانتخابات مباشرة دورية وبلا انتخابات دورية، تتحول السلطة “المنتخبة” إلى أوتوقراطيه مستمرة.

ومن التطورات المهمة لمفهوم الديمقراطية رفض شمبيتر  Joseph .A.Shumpiter الطرح الكلاسيكي السائد خلال القرن الثامن عشر والذي يقول: إن الأسلوب الديمقراطي هو ذلك الترتيب المؤسساتي الذي يمكن من خلاله التوصل إلى القرارات السياسية التي تشخص الخير العام، عن طريق جعل الشعب نفسه يتخذ القرارات من خلال انتخاب أفراد يقومون بتنفيذ إرادة الشعب  حيث اعتبر شمبيتر Joseph A.Shumpiter أنه لا يوجد هناك خيراً عاماً يمكن أن يجمع حوله الجميع، على اعتبار أن الخير العام يمكن أن يعني أشياء مختلفة حسب كل فرد، واقترح بدلا من ذلك التعريف التالي:” الديمقراطية هي ذلك الترتيب المنظم الذي يهدف إلى الوصول إلى القرارات السياسية والذي يمكن للأفراد من خلال اكتساب السلطة والحصول على الأصوات عن طريق التنافس”.

فالديمقراطية كنهج سياسي له أصوله وفلسفته و منظرين يعملون في سبيل تطوير هذا الحقل و أقصر الطرق لفهم الديمقراطية هو أن نتجه مباشرة لهؤلاء، وتقوم الديمقراطية حسبهم إلى مذهب المنفعة العامة خاصة في إطار طرح “جون ستيوارت ميل J.S mill حيث يعرف مذهب المنفعة على أنه :” تلك الوجهة من الرأي القائلة بأن الأفعال هي خير بقدر ما تنزع إلى أن تحرز السعادة، وهي شر بقدر ما تنزع إلى ثورات الشقاء” ، بحيث على الفاعل –حسبه- وهو بصدد تقدير المشروعية الأخلاقية لفعله أن يتقصى نتائجه لا من حيث تأثيرها عليه فحسب، بل من حيث تأثيرها على شخص تمسه هذه النتائج و لعل أكبر نقاط المنفعة كرؤية أخلاقية تقدمية هو التزامه بفكرة المساواة بين الأفراد، و بهذا ربطت مفهوم الديمقراطية كسلوك أخلاقي يلتزم بيه الأفراد في المجتمع و تلتزم به الدولة تجاه أفرادها، بالمقابل يرى “هيرودوت Herodote أن الديمقراطية هي حكم الكثرة التي تكون بيدها سلطات الحكم والإدارة و التي تهدف نظام سياسي تسوده المساواة بين الأفراد مع تقدير مسؤوليات الحاكم ومعاونيه أمام جمهور المواطنين بوصفهم أصحاب الحق الذي لا يجوز المساس به في مساءلة ومتابعة حكامهم.

كما جاء في معجم اللغة العربية المعاصر أن الديمقراطية هي إحدى صور الحكم تكون السيادة فيها للشعب أي حكم الشعب وتمارس مباشرة أو عن طريق النواب عن الشعب، حيث أن الصفة الرئيسية في النظم الديمقراطية هي مساءلة الحكام عن أفعالهم أمام المواطنين الذي يمارسون دورهم بطريقة غير مباشرة من خلال تنافس ممثليهم المنتحبين و تعاونهم .

إن الديمقراطية في مفهومها المعاصر، جاءت نتيجة لسقوط الأنظمة الاستبدادية في الشرق والجنوب ونتيجة لصراع تاريخي بين الأغلبية وهي الشعب ضد الأقلية متمثلة في الحكام المتحالفين مع الكنيسة وطبقة النبلاء، وعليه تعد الديمقراطية بديلا عن كل أشكال الحكم التي سبقتها، ويرى كثير من الباحثين أن البداية التاريخية للديمقراطية المعاصرة تعود إلى الأحداث الكبرى التي عرفتها أوروبا متمثلة في بروز بعض الأفكار والفلسفات، كفلسفة الأنوار وكذا بروز الرأسمالية، وبسبب هذه النشأة اعتبر البعض الديمقراطية عبارة عن مذهب سياسي غربي، حيث يستخدم مفهوم الديمقراطية الذي أعطته إياه الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر، كما ساهمت نهاية الحرب الباردة بترسيخ فكرة الديمقراطية ونهاية الحرب الباردة بخروج الولايات المتحدة الأمريكية منتصرة برزت بدورها مفهوم الديمقراطية و فرضها  على أنها الشكل الطبيعي للتنظيم السياسي و المظهر السياسي للحداثة و تعبير اقتصاد السوق شكلها الاقتصادي و العلمنة تعبيرها الثقافي.

و بدأت الدعوة لتطبيق الديمقراطية تتردد على مستويات عدة لأهمها دعوة الولايات المتحدة الأمريكية  لتطبيق الديمقراطية في كافة الدول خاصة منها الدول العربية و الإسلامية، بل إن السياسة الخارجية الأمريكية خاصة من ولاية جورج بوش الأول و الابن جعلت تطبيق الديمقراطية في دول العالم النامي جزءا أصيلا من جدول أعمالها ومسؤوليتها الأولى في دمقرطة العالم، فالسياسة الخارجية الأمريكية ترى أن عليها تطبيق الديمقراطية و تحقيق الحرية للأفراد على افتراض أن الشعوب تريد هذه الديمقراطية حسب تصريح جورش بوش في خطابه للولاية الثانية وان الولايات المتحدة الأمريكية ستقوم بتحرير الشعوب من الحكم الاستبدادي لتحقق لهم الديمقراطية و أبرز مثال على ذلك حرب العراق و افغنستان وهو نموذج لنشر الديمقراطية حسب الطرح الأمريكي و هنا يمكن أن نتساءل كيف يمكن تحرير الشعوب و إقرار الديمقراطية دون أن يكون لها (الشعوب) رأي فيما يحدث؟ .

يظهر هذا الطرح طبيعة التغيرات أو التحولات التي طرأت على النظام الدولي بعد الحرب الباردة حيث عرفت مختلف الدول ضغوطات على النظام السياسي الداخلي للدول و دفعه لمسايرة كل تحولات و تطورات النظام الدولي خاصة أن النظام الدولي الجديد يسير في اتجاه فرض توجهات واحدة سياسية واقتصادية وثقافية لا يمكن لأي نظام آخر التغاضي عنها أو إغفالها، ويرى في ذلك  “صامويل هنتيغتون” أن النظام السياسي الديمقراطي في دولة ما قد يتأثر بسلوك وسياسات الحكومات والمؤسسات الأجنبية، إلا أن طبيعة الدور ودرجة التأثير تختلف باختلاف الدول المؤثرة وبتوجهاتها الخارجية القابلة للتغير وتبعاً للظروف الدولية السائدة، لذلك فالديمقراطية تبين لنا بعض المعايير التي يجب أن تتضمنها عملية توجيه الأنظمة إلى الديمقراطية و تتمثل هذه المبادئ في بعض النقاط نذكر منها: 

١- الديمقراطية هي المثل الأعلى المعترف به عالمياً فضلاً عن أنها الهدف و تستند الديمقراطية على القيم المشتركة  بين الشعوب في المجتمع الدولي بغض النظر عن الاختلاف الثقافي و السياسي والاجتماعي والاختلافات الاقتصادية فهي حق أساسي للمواطنين الذين لابد أن تمارس في ظروف تسوده الحرية والعدالة.

٢- الديمقراطية تستهدف أساساً للحفاظ على الحقوق الأساسية للأفراد وتعزيز الكرامة الإنسانية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع كما تهدف للحفاظ على تماسك المجتمع وتعزيز الهدوء فضلا عن خلق مناخ عام للسلام  بعيداً عن الاستخدامات الخاطئة للديمقراطية لأن هناك من أبعد مفهوم الديمقراطية عن مسارها الحقيقي الذي تهدف له.

٣- الديمقراطية وسيلة يجب إتباعها من قبل الدول و المؤسسات والجمعيات والتي يتم من خلالها تطبيق خبرات الحكومة دون التقيد بالخبرات والخصوصيات الثقافية والمبادئ والقواعد المختلفة

٤- تعمل الديمقراطية على خلق المساواة وخلق شراكة حقيقية بين الرجل والمرأة فهي تعمل على المساواة والتكامل وضحد الأخلاق المتبادلة.

٥- الديمقراطية هي جزء لا يتجزأ من الحقوق المنصوص عليها في الصكوك الدولية.

٦- تقوم الديمقراطية على سيادة القانون وممارسة حقوق الإنسان فهي دولة ديمقراطية لا أحد فوق القانون والجميع متساوون.

٧- السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تمثل شروط وثمار نظام ديمقراطي وبالتالي فالديمقراطية تعبر عن سلام وتنمية واحترام ومراعاة لسيادة القانون وحقوق الإنسان وهي بذلك مصطلح يعني : أشياء مختلفة لأشخاص مختلفين.

يمكن القول أن العالم يعرف نزوعاً نحو الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان نزوعاً شاملًا وأصبحت الديمقراطية تعبر عن حالة عامة وجماعية كما باتت حظوظ تحقيقها تزداد بقدر ما يتراجع الميل إلى نفيها تذرعا بالإسراع في التغير الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع. وإذا كانت الديمقراطية قد فرضت نفسها كنموذج عالمي ووطني فذلك لأن الناس أدركوا أن نظام الحزب الواحد الذي لا يكاد أن ينفصل عن النظام الاستبدادي لا محالة له للسقوط لثبات فشله في تحقيق التطور الموضوعي لجل المجتمعات.          

٢- مفهوم التحول الديمقراطي : 

إن عملية بناء الديمقراطية في ظروف تحول الأنظمة السياسية هو أمر مركب لكنه أمر ضروري لأن شكل النظام السياسي المؤسساتي والقانوني يمكن أن يلعب دورا أساسيا في استمرارية وتقدم النظم الديمقراطية بصورة أكيدة، و ذلك بتوفير آلية مناسبة لإدارة الصراع في حدود النقاش السلمي ومن خلال تشجيع الاتفاق حول مجموعة من المبادئ الرئيسية، ومن الأدبيات التي راج استخدامها في الأوساط الأكاديمية والسياسية اصطلاح التحول الديمقراطي أو عملية التحول عن النظم السلطوية نحو النظم الديمقراطية، التي تباينت التفسيرات حولها ودرجة حدوثها وشروط قيامها، شأنها في ذلك شأن مختلف المصطلحات السياسية الأخرى التي عادة ما تستخدم في شكل مجموعة منوعة من الكلمات أو المعاني دون إعطاء تعريف محدد لها على حد تعبير روبرت دال – Robert A. Dahl.

إلا أنَّ التحول الديمقراطي يشير إلى مختلف الإجراءات الكفيلة بتعزيز المشاركة في السلطة السياسية استنادا لفهم جوزيف شومبتر فموجة التحول الديمقراطي تهدف إلى معرفة الأسباب التي أدت للدفع بإجراءات الانفتاح السياسي التي تبنتها بعض الأنظمة السياسية واجتياز الحاجز أو المسافة الفاصلة بين أنظمة الحكم غير ديمقراطية، إن محاولة التأصيل المفاهيمي للتحول الديمقراطي تستدعي الرجوع إلى الأصول اللغوية للمصطلح، فكلمة التحول لغة تعبر عن تغير نوعي في الشيء أو انتقاله من حالة إلى أخرى، وهي المرحلة الوسطية التي تقع بين الانتقال من نظام سياسي إلى نظام آخر و تبدأ عملية التحول نحو الديمقراطية بالتفكيك التدريجي للنظام السلطوي، ويشير لفظ التحول الديمقراطي لغة إلى التغير أو النقل، فيقال حول الشيء أي غيره أو نقله من مكانه، وكلمة التحول تقابلها في اللغة الإنجليزية Transition. 

ويقصد بالتحول الديمقراطي في الدلالة اللفظية المرحلة الانتقالية بين نظام غير ديمقراطي ونظام ديمقراطي، فالنظام السياسي الذي يشهد تحولاً ديمقراطياً يمر بمرحلة انتقالية بين نظام غير ديمقراطي في اتجاه التحول إلى نظام ديمقراطي، وفي إطار محاولات تقديم تعريف للتحول الديمقراطي نجد أن أغلب محاولات التأصيل لمفهوم التحول الديمقراطي تعتبر التحول الديمقراطي أو التغير كعملية غير إرادية من حيث حدوثه أو عدم حدوثه، وهو قانون عام من قوانين الطبيعة ويتجه وعلى مدى طويل نحو الأفضل ولكن قد تعترض سبله عوائق ويتعرض لانتكاسات بسبب عوامل داخلية و خارجية إلا أنه يسير بخطى متسارعة و خصوصا في المجتمعات المعاصرة بسبب التقدم العلمي.

تعددت التعريفات المقدمة للتحول الديمقراطي و ذلك بحسب اختلاف المداخل التي ينظر من خلالها علماء السياسة إلى عملية التحول، ومن بين هذه التعريفات ما يشير إلى التحول الديمقراطي على أنَّه  تغيير النظام السياسي من صيغة غير ديمقراطية إلى صيغة أخرى أكثر ديمقراطية، و يعرفه “شميتر” بأنَّها:” عملية تطبيق القواعد الديمقراطية سواءً في مؤسسات التي لم تطبق من قبل، أو امتداد هذه القواعد لتشمل أفراد أو موضوعات لم تشملهم من قبل”، إذن هي عمليات و إجراءات يتم اتخاذها للتحول من نظام غير ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي مستقر.

ويعرفها رستو بأنها عملية اتخاذ قرار يساهم فيها ثلاث قوى ذات دوافع مختلفة وهي النظام، والمعارضة الداخلية والقوى الخارجية، و يحاول كل طرف إضعاف الأطراف الأخرى وتتحدد النتيجة النهائية وفقا للطرف المتغير في هذا الصراع”، فركز التعرف على الأطراف المشاركة في عملية التحول الديمقراطي.

أما صامويل هنتجتون يعرف التحول الديمقراطي على أنه : “مسلسل سياسي معقد تشارك فيه مجموعات سياسية متباينة تتصارع من أجل السلطة و تتباين من حيث إيمانها أو عدائها للديمقراطية، فهو مسلسل تطوري يتم فيه المرور من نظام سياسي تسلطي مغلق إلى نظام مفتوح، و هو مسلسل قابل للتراجع”، و يعرفه آخرون بأنه :” مجموعة من المراحل المتميزة تبدأ بزوال النظم السلطوية يتبعها ظهور ديمقراطيات حديثة تسعى لترسيخ نظمها وتعكس هذه العملية إعادة توزيع القوة بحيث يتضاءل نصيب الدولة منها لصالح مؤسسات المجتمع المدني بما يضمن نوعا من التوازن بين كل من الدولة و المجتمع، بما يعني بلورة مراكز عديدة للقوى و قبول الجدل السياسي”.

وهناك من يرى بأن التحول الديمقراطي عملية سياسية تقع بين شكلين متباينين من الأنظمة السياسية و هي حالة الديكتاتورية و حالة الديمقراطية وبحيث تكون النتيجة النهائية صعود الشكل الثاني و زوال الشكل الأول السابق  

الملاحظ أن أغلب التعريفات تشير إلى تغير موازين القوى لصالح قوى المجتمع المدني مثل الأحزاب غير المشاركة في السلطة و تبدو الصلة واضحة بين المجتمع المدني و التحول الديمقراطي، فالديمقراطية هي مجموعة من قواعد الحكم ومؤسساته للإدارة السلمية للعلاقات بين الجماعات المتنافسة أو المصالح المتضاربة، ومن ثم فإن الأساس المعياري للمجتمع المدني هو الأساس المعياري نفسه للديمقراطية، وبالتالي حسب الطرح السابق فإن عملية التحول تعرف مشاركة فواعل جديدة في اللعبة السياسية تساهم في دفع الإصلاحات لإعادة ضبط النظام السابق.

ويعرفه تشارلز أندريان بأنَّه:” التحول من نظام إلى آخر، أي تغير النظام القائم وأسلوب صنع السياسة الذي يتبناه النظام، ويسميه التغير بين النظم، وعليه التحول يعني تغييرات عميقة في الأبعاد الأساسية الثلاثة في النظام: البعد الثقافي، البعد الهيكلي والسياسات وهذه التغيرات ناتجة عن وجود تناقضات بين هذه الأبعاد الثلاثة، مما يؤدي إلى عجز النظام القائم على التعامل معها في ظل الإطار والأسلوب القديم.”

فإن هذا التعريف يركز على أن التحول الديمقراطي هو عملية تغيير جذري في جميع مستويات النظام. من خلال ما سبق يتضح أن تعدد التعاريف المقدمة للتحول الديمقراطي إنما تعود لنظرة كل مفكر وتركيزه على متغير معين للتعبير عن عملية التحول الديمقراطي، وعموما فإن التحول الديمقراطي يعبر عن الفترة التي التي تعقب حدوث تغيرات جذرية في بنية النظام السياسي أما بالطرق السلمية أو الكفاح المسلح سعيا لتأسيس نظام ديمقراطي يقوم على تداول السلطة و إعداد دستور يحترم مختلف الحقوق و الحريات.

٣- التحول الديمقراطي وبعض المفاهيم المشابهة: 

إن التطرق لمفهوم التحول الديمقراطي يضعنا أمام العديد من المفاهيم التي تتداخل مع المفهوم أو عدم القدرة على التفريق بين مفهوم التحول الديمقراطي وهذه المفاهيم المتشابهة بالرغم من وجود العديد من خطوط التماس بين هذه المصطلحات، ولذلك نسعى من خلال هذا الطرح إلى المحاولة تأصيل عدد من المفاهيم التي ارتبطت بالتحول الديمقراطي ونأخذ البعض منها ليس على سبيل الحصر و إنما على أساس التقارب وهي : التحول الليبرالي و الانتقال الديمقراطي و الإصلاح السياسي .

– التحول الليبرالي:  يفرق الباحثون بين عملية التحول الديمقراطي و التحول الليبرالي حيث عرفت أدبيات التحول الليبرالي بأنه عملية محكومة من الأعلى من خلال زيادة مساحة الحريات المسموح بها و الاهتمام بالحريات العامة فتقوم على ضرورة الاعتراف بدور الفرد على أنه الأساس في المجتمعات وذلك من خلال السماح للفرد للسعي إلى تحقيق ذاته و السعي المستمر وراء غايات و أهداف خاصة متغيرة دائما مع تغيرات الظروف و تنطلق الديمقراطية الليبرالية من فرضية أساسية هي حرية الاختيار، أما أعمدتها الفلسفية فتتمثل في تعظيم المنافع الفردية وتعظيم القدرات الفردية، والفردية التي نشأت عنها الليبرالية تقوم على مبدأ أسبقية الفرد في الوجود على المجتمع، وهو غاية أي نظام اجتماعي، فالفرد هنا قيمة في ذاته والدولة والمجتمع يسعيان في خدمته لتحقيق سعادته، وقد ارتبطت الليبرالية بالديمقراطية على الرغم من اختلافات بين المذهبين، فالديمقراطية بجميع أشكالها المعروفة النيابية والمباشرة والاجتماعية تقوم على مبدأ حكم الشعب، وأنه مصدر الشرعية الوحيد للحكم في الدولة الحديثة، وذلك من خلال انتخابات نزيهة وحرة. ويقوم الحكم الديمقراطي على الفصل بين السلطات، والتعددية السياسية، والحريات العامة التي يكفلها الدستور صراحة، وحماية الأقليات في الدولة، والمواطنة المتناوبة في الحقوق مع تدعيم دستوري. أما الليبرالية فتعنى بتقييد السلطة الحاكمة تجاه الأخلاق الخاصة للأفراد، أي تأمين مساحة محصنة للحياة الخاصة للأفراد ضد الإكراه الأخلاقي الذي تمارسه الدولة بالقانون أو يمارسه المجتمع بالعادات والتقاليد الليبرالية في سعي دؤوب لتأكيد حدود المساحة المتعلقة بالأخلاقيات الخاصة للفرد وكفالتها دستوريا.

ويختلف التحول الليبرالي عن معنى التحول الديمقراطي، في كون الأول يشير إلى مختلف التغيرات التي تحد من سلطة الدولة في التدخل في حياة الناس وتسمح بحرية التعبير للمعارضة، عكس التحول الديمقراطي  الذي يشير معناه بصورة خاصة إلى عملية التغير تجاه المشاركة الشعبية وحرية ونزاهة الانتخابات وعادة ما يتم عندما تتراخى قبضة أنظمة الحكم السلطوية، على الرغم من أن التحول الليبرالي ربما يعتبر خطوة نحو فرض المزيد من الضغوط في اتجاه تحقيق تحول ديمقراطي، إلا أنه لا يقود بالضرورة إلى تحقيق الديمقراطية فيمكن أن نفصل التحول الديمقراطي عن التحول الديمقراطي ومثال على ذلك نجد بعض الأنظمة الملكية الدستورية في أوروبا ليبرالية نسبيا مع أنها لم تكن ديمقراطية وكانت كذلك “هونغ كونغ” في ظل حكم الاستعمار البريطاني ليبرالية بإفراط  في حين كان لسكانها صوت ضعيف في الطريقة التي ينتخبون بها.

– الانتقال الديمقراطي:  يميز الكثير من المفكرين بين الانتقال الديمقراطي والتحول الديمقراطي، حيث يعتقدون أن الانتقال الديمقراطي هو أحد مراحل عملية التحول الديمقراطي ويعد من أخطر المراحل نظرا لإمكانية تعرض النظام فيها لانتكاسات حيث أن النظام في هذه المرحلة يكون ذو طبيعة مختلطة حيث تتعايش فيه كل من مؤسسات النظام القديم والحديث ويشارك كل من ذوي الاتجاهات السلطوية والديمقراطية في السلطة سواء عن طريق الصراع أو الاتفاق، و يتحقق الانتقال الديمقراطي عندما تنتهي سيادة فرد أو قلة على الشعب و يسود مبدأ المواطنة الكاملة المتساوية و يصبح الشعب مصدر السلطان وفق شرعية دستور ديمقراطي نصا وروحا، لذلك فإن الانتقال الديمقراطي يسبق بالضرورة عملية التحول الديمقراطي و هي العملية التي تحقق الانتقال من نظام الوصاية على ترسيخ نظام حكم ديمقراطي و استقراره ، حيث يتم التحول الديمقراطي نحو الممارسة الديمقراطية من حالتها الإجرائية و حدها الأدنى عند لحظة الانتقال الديمقراطي إلى تكريسها كقيمة ثقافية وممارسة عامة ترسخ نظام الحكم الديمقراطي و تطور أداءه نوعيا عبر الزمن، وتتضمن عملية الانتقال إلى حكم ديمقراطي ثلاثة مراحل أساسية : 

١- المرحلة الأولى:  مرحلة ضعف النظام القديم و ظهور جناح إصلاحي داخل النظام أو معارضة ديمقراطية خارجية.

٢- المرحلة الثانية: مرحلة شروع النظام الحاكم في تحقيق إصلاحات من خلال تبني بعض الخطوات الانفتاحية.

٣- المرحلة الثالثة: فهي مرحلة تطور هذه الخطوات نحو عملية انتقال حقيقي إلى الديمقراطية ثم ترسيخ أسس النظام الجديد. 

إن مرحلة الانتقال الديمقراطي تعتبر أكثر مرحلة جد حساسة في عملية التحول الديمقراطي نظرا لإمكانية تعرض النظام فيها إلى معيقات و صعوبات نتيجة لمشاركة مختلف مؤسسات النظام القديم و الحديث و يشارك كل من ذوي الاتجاهات السلطوية و الديمقراطية في السلطة عن طريق الصراع أو الاتفاق، لذلك فإن الانتقال الديمقراطي يرتبط بالتحول الديمقراطي و هو مرحلة مهما تتسم يتنوع أشكالها خاصة أنه في إطارها تتم صياغة أساليب وقواعد حل الصراعات بطرق سلمية و تنتهي بوضع دستور ديمقراطي و عقد انتخابات حرة و توسيع نطاق المشاركة السياسية، ومن الأسباب التي تحول دون حدوث هذا الانتقال هو غياب كتلة حقيقية تعمل على أسس ديمقراطية و تعمل أطرافها بشكل مشترك من أجل إقامة نظام حكم ديمقراطي وهذا ما يميزه عن التحول الديمقراطي. 

الإصلاح السياسي:  

هو أحد المفاهيم التي لا يرد بشأنها مفهوم محدد في إطار العلوم السياسية وعلى العموم، فهو يعني القيام بعملية تغيير في الأبنية السياسية والمؤسساتية ووظائفها، وكذا أساليب عملها وأهدافها، من خلال الأدوات القانونية التي يوفرها النظام السياسي ذاته، واستنادا لمفهوم التدرج، وذلك يعني زيادة فعالية وقدرة النظام السياسي على التعامل مع المتغيرات والإشكاليات الجديدة، فالإصلاح هو تغيير من داخل النظام وبآليات نابعة من داخل النظام وبمعنى آخر هو تطوير كفاءة وفعالية النظام السياسي في بيئته المحيطة داخليا وإقليميا ودوليا، وعلى هذا الأساس فالتحول الديمقراطي يختلف عن الإصلاح السياسي لكونه يرتبط عادة بضغوط خارجية أكثر ما تكون مسعى داخلي في محاولة من قبل الأنظمة للخروج من مأزق الوقوع تحت طائلة الضغوط الخارجية، بالمقابل هناك من يقف مع الأنظمة السياسية و يدافع عنها وذلك  حتى لا تتدخل أطراف خارجية فتقوم بعقد صفقات مع الحكومات تقوم على أساس مساندتها في مواجهة الضغوط الخارجية شريطة أن تشرع هذه الحكومات فورا في اتخاذ إجراءات ملموسة  من خلال فرض إصلاحات تشمل الجوانب السياسية و الاقتصادية و الثقافية وخاصة منها الاجتماعية و مختلف الأطر القانونية ولا تتعامل بالانتهازية مع الرفض الشعبي للهيمنة الخارجية فتؤجل الإصلاح و تتصرف بما يحقق لها الاستمرار في الحكم.

بالمقابل يمكن أن يقوم الإصلاح السياسي نتيجة تآكل النظام السلطوي في حد ذاته ما يعمل على تحفيز نخب المجتمع للضغط من أجل تحقيق التحول الديمقراطي، و المهم في ذلك كله أن الإصلاح السياسي يعني مرور النظام السياسي بعمليات تغيير واسعة النطاق تتناول بنية النظام بحيث يبدو التحول الديمقراطي أحد أوجه الإصلاح الشامل  بالتالي ما يمكن استنتاجه أن الإصلاح السياسي يعتبر مرحلة تسبق عملية التحول الديمقراطي على غرار الانتقال الديمقراطي.

٤- أنماط التحول الديمقراطي 

يقصد بأنماط التحول الديمقراطي الأشكال التي تتخذها عملية التحول الديمقراطي، و الإجراءات التي تتبناها بعض النخب من أجل التغيير من نظام تسلطي لنظام آخر ديمقراطي، و على الرغم أن كل دولة تتميز بظروف وعوامل تختلف عن باقي الدول الأخرى فهناك أنماط محددة  تتخذها عملية التحول الديمقراطي، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لا يمكن تعميم كل هذه الأنماط على الدولة الواحدة و أنه  في كل مضامين هذه الأنماط يكون هناك عامل أساسي و ليس واحدا يدفع نحو التحول الديمقراطي فيكون إما بإرادة من المجتمع السياسي أو من أسباب داخلية للنظام السياسي أو من قبل فواعل خارجية، وقد قدم “صمويل هنتيجتون” ثلاثة أنماط رئيسية تتمثل في:

– نمط التحول من الأعلى: 

تتسم عملية التحول الديمقراطي في هذه الحالة عندما يبادر قادة النظم غي الديمقراطية (قيادات سياسية أو قيادات عسكرية) بتحويل النظام ليصبح أكثر ديمقراطية، على الرغم من أن هذا الأسلوب من التحول يأتي بمبادرة من السلطة الحاكمة فإنه لا يعني إلغاء دور الجماهير في عملية التحول الديمقراطي حيث يلجأ القادة في بعض الأحيان إلى التحول تحت وطأة الضغوطات الشعبية و تزايد المطالب الاجتماعية بإحداث تغيرات ديمقراطية ، فتكون  كخيار ذاتي لدى النخبة الحاكمة و تقبل عليه لأنها تشعر بأنها لن تتمكن من ضمان استمرارها في الحكم و مصالحها المباشرة و غير المباشرة إذا لم تقدم تنازلات إلى المواطنين و إلى المعارضين، هذه القناعة الذاتية تتكون نتيجة مؤثرات متنوعة و متباينة من بلد لآخر لكنها في نهاية المطاف تفضي إلى انفتاح سياسي محدود و بطيء يفتح نافذة على الديمقراطية، كما قد يحدث هذا التحول نتيجة وصول نخب جديدة إلى السلطة تؤيد تحول النظام نحو المزيد من الليبرالية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.

كما يطلق البعض  تسمية “منحة الديمقراطية” على هذا النمط من التحول الديمقراطي، حيث تكون الحكومة أمام فرصة لقيام نظام ديمقراطي بشكل مستقر و بأقل تكلفة على أن تتعامل مع هذه الفترة بحذر، وقد تنوعت التجارب في هذا النمط من التحول ومن أمثلة ذلك في إفريقيا مبادرة في زومبيا سنة 1991 بالتخلي على نظام الحزب الواحد وكذلك الجزائر بالتخلي على حزب التحرير الوطني كحزب المسيطر على السلطة وتبني خيار التعددية الحزبية كبداية نحو الديمقراطية،  و في أمريكا اللاتينية نجد البرازيل في مرحلة نهاية حكم العسكريين، حيث لم تتمكن المعارضة في 1989 من التوصل إلى السلطة لولا تحالفها مع بعض قطاعات داخل السلطة العسكر، كما للضغوطات الخارجية دورا في تغيير الحكومات لنظامها غير الديمقراطية كما حدث في الدول العربية عندما اتجهت اغلب الدول العربية للنظام الديمقراطي نتيجة للتحول في الإستراتيجية الأمريكية و تركزيها على قضية الدول الديمقراطية  حتى قبل أحداث 11 سبتمبر2001 بتأثير من اليمين المتشدد، مما ساهم في تشديد الدعوة للديمقراطية في الخطاب الأمريكي إلا ان تجسد في المشروع الأمريكي لدمقرطة العالم  و الذي أخذ صيغته الرسمية في الشرق الأوسط او ما يعرف مشروع الشرق الأوسط الكبير بمختلف أبعاده، مما دفع بالدول العربية لتوجيه أنظمتها نحو الديمقراطية كحل لمواجهة الضغوطات الخارجية.  

– نمط التحول التفاوضي: 

 مؤشر هذا النمط هو تدهور شرعية النظام السیاسي نتیجة تردي الأوضاع الاقتصادیة والاجتماعیة مما یؤدي إلى  تزايد الضغوطات الداخلية خاصة  والخارجیة للمطالبة بالانفتاح الدیمقراطي، وهذا ما یدفع بقوى المعارضة التي رغم استنادها إلى الرأي العام للتفاوض ،  لكنها تفتقد القوة الكافیة للإطاحة بالنظام، كل هذا یدفع بالنظام للدخول في مفاوضات مع المعارضة من اجل التوصل إلى میثاق یكفل مصالح كافة القوى السیاسیة، وغالبا ما يأتي هذا النمط  كمحصلة لوجود نوع من التوازن النسبي في ميزان القوى بين الطرفين، فالنخبة الحاكمة تصل إلى قناعة مفادها أنها غير قادرة على الاستمرار في السياسات المغلقة والممارسات العقيمة بسبب الضغوط الداخلية و الخارجية، و أن تكلفة الانفتاح السياسي و الانتقال إلى صيغة ما لنظام ديمقراطي ضمن اتفاق مع المعارضة يضمن بعض مصالحها – أي النخبة الحاكمة – هو أقل من كلفة الاستمرار في سياسات غير الديمقراطية،و أنه من الأفضل لهم الانسحاب من السلطة لكن في نفس الوقت تأمين الخروج عن طريق سلسلة من الاتصالات و المشاورات و الاتفاقات و هذا ما حدث في التشيلي و سلفادور.

كما تبدو على الطرف الآخر من عملية التحول الديمقراطي قوى المعارضة غير قادرة على الإطاحة بالنظام السابق، بالتالي تجد أنه لا بديل أمامها غير التفاوض و المساومة مع النخب الحاكمة من أجل تحقيق التحول الديمقراطي، وعادة ما نلاحظ أن المفوضات و المساومات بين الطرفين جرت في كثير من الحالات على خلفية تظاهرات و احتجاجات شعبية حركتها قوى المعارضة و تقابلها ممارسات قمعية من جانب السلطة و قد حدث هذا النمط من التحول في العديد من البلدان منها “بولندا” فترى  ضمن هذا الطرح Lee Hongsub  أن عملية التحول في بولندا تمت عن طريق إتباع المعارضة إستراتيجية التعاون و التنسيق مع الإطراف المعتدلة داخل النظام الاشتراكي وهو الأمر الذي يجعل المعتدلين في الحزب الاشتراكي يشعرون أنهم يأخذون زمام المبادرة في عملية التحول و إن لديهم قدرا من السيطرة على مجريات هذه التحولات. 

– نمط التحول من الأسفل: 

يعرف هذا النمط من التحول الديمقراطي مشاركة الشعب كفاعل رئسي، ويظهر هذا النمط في مرحلة تتسم بتصاعد قوة المعارضة و انهيار قوة النخبة الحاكمة مما يؤدي إلى الإطاحة بها ومن ثمة انهيار النظام السلطوي (الشمولي) مما يدفع بالقيادات في محاولة منها لتدارك الوضع بالانطلاق في إقرار بعض الإصلاحات المطلوبة من أجل احتواء الأزمة ذات الأبعاد المركبة و مثال على ذلك التجربة التونسية 2011 حيث توجه الرئيس المخلوع ( بن علي) برسالة إلى الشعب يعدهم فيها بإجراء إصلاحات جوهرية و تلبي احتياجات الشعب لكنه عجز عن احتواء هذه الاحتجاجات.

إن هذا النمط من التحول يوضح دور و أهمية الضغوط الشعبية في دفع الدول للتوجه نحو الديمقراطية ، وهنا نجد ان النخبة قد تستبدل بأخرى جديدة مثل التحول في مصر التي اعتبرت تجربة جديدة استطاعت إزاحة النظام السابق و إطاحة عوائق الإصلاح السياسي و أهمها التوريث، كما ألغت القوى التي تقف أمام البدء في التقدم بشكل حقيقي، فعرفت زوال معالم النظام السابق و تشكيل المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي و تولي قيادة المرحلة الانتقالية.  

و يأخذ هذا النمط م التحول الديمقراطي شكلين أساسين : 

– الانتقال نتيجة لتكثيف الضغوط على النظام الحاكم من خلال التظاهرات و الاحتجاجات الشعبية التي تقودها وتشارك فيها المعارضة الديمقراطية، بحيث يجبر النظام السابق في نهاية المطاف على تقديم تنازلات تفتح الطريح نحو التحول الديمقراطي على غرار كل من الفلبين و كوريا الجنوبية و المكسيك.

– الانتقال الذي تقوده قوى المعارضة على أثر انهيار النظام غير الديمقراطي أو إطاحته بواسطة انتفاضة أو ثورة شعبية ففي أعقاب ذلك تبدأ مرحلة تأسيس نظام ديمقراطي جديد.

یتضح لنا من كل هذا مدى التنوع في نمط التحول الدیمقراطي استنادا إلى متطلبات البیئة الداخلیة ودوافع العوامل الخارجیة، وهناك من يضيف نمط آخر وهو التدخل الخارجي ويعتمد هذا النمط من التحول على دولة أو مجموعة دول قصد استبدال نظام غير ديمقراطي بنظام آخر أكثر تفتح و احترام للقوانين العامة ويحقق قدر كافي من المساواة و العدالة ومثال ذلك عندما تم التحول الديمقراطي بتغير الحكومات و إسقاط النظم الديكتاتورية مثل “بنما وهايتي” و مؤخرا في ليبيا 2012.

٥- المداخل النظرية المفسرة لعملية التحول الديمقراطي.

يوجد اتفاق في الأدبيات السياسية و السوسيولوجية المعاصرة على وجود ثلاثة مقاربات تفسيرية لآليات التحول الديمقراطي وهي : مدخل التحديث و المدخل البنيوي و مدخل الانتقال.

– مدخل التحديث: وهو المدخل الذي يربط بين الديمقراطية الليبرالية والتقدم الاقتصادي ويؤكد على عدد من الشروط الاقتصادية والاجتماعية لنجاح عملية التحول الديمقراطي  ولعل من أهم ممثليه “آدم سميث” باعتباره أول من عبر عن هذا الاتجاه، من خلال دعوته لليبرالية السياسية كشرط ضروري  لفعالية أداء السوق وتحقيق الحرية، كما تعتبر افتراضات وأطروحات علم الاجتماع السياسي الأمريكي سيمور مارتن ليبست Lipset.S.M  ذات أهمية بالغة كونها تبحث عن شروط للاستقرار السياسي و ذلك من خلال كتابه رجل السياسة Political man الذي بذل فيه جهدا كبيرا ليقدم الأدلة الامبريقية على استقرار المجتمع الأمريكي ، وتضامن جماعة وخلوه من مظاهر الصراع أو قدراته على امتصاصها. وينعكس ذلك كله فيما ما أسماه ليبست  “بالديمقراطية المستقرة ” Stable Democracy التي يتميز بها المجتمع الأمريكي عن غيره من المجتمعات الأخرى بحيث يحاول ليبست أن يربط بين الاستقرار الديمقراطي وبين التنمية الاقتصادية، معتقدا أن فيبر يكون على صواب عندما ذهب إلى الديمقراطية الحديثة في صورتها النقية يمكن أن تظهر فقط أثناء عملية التصنيع الرأسمالي.

 إن المتمعن في  نظرية التحديث يجد نوعا من المصداقية في تناول العلاقة ما بين الديمقراطية والتنمية الاقتصادية خاصة أن جل أفكار مدرسة التحديث جاءت نتيجة لدراسات سابقة في أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية أين عرفت موجات التحول الديمقراطي في سنوات 1960-1970،  فمن الناحية النظرية هناك تأثير للنمو الاقتصادي على احتمال قيام التغيير الديمقراطي، فنجد النمو البطيء للاقتصاد الوطني قد يزيد من الاحتجاجات الشعبية ضد النظام الحاكم و على العكس، فالنمو السريع يساعد على نهوض الدولة و بالتالي تزداد فرض التغيير السياسي، فالزيادة في وتيرة النمو الاقتصادي على احتمال تراجع الدولة عن الديمقراطية نحو الاستبداد لأن ما يهمها هو تحقيق التقدم الاقتصادي حتى على حساب بعض الحريات و حقوق المواطنين.

هذا التحليل المتضمن الربط بين التنمية الاقتصادية و الديمقراطية يشترط ضرورة توفير بعض العوامل الاقتصادية و الاجتماعية لنجاح عملية التحول الديمقراطي و يمكن حصرها في ارتفاع مؤشر النمو الاقتصادي الذي يتبعه ارتفاع الدخل الفردي ثم توسيع في القاعدة الشعبية، فانتشار مستوى التعليم و الذي بدوره يساعد و يرفع في مستوى المشاركة السياسية، وهذا التحليل ساعد بدوره على بروز العديد من الدراسات في هذا الاتجاه مثل: دراسة “دانيال ليرنر” التي استخدم فيها أربع مؤشرات لتغطية جوانب التنمية السياسية في المجتمع الحديث تتعلق بدرجة التحضر والتعليم والتطور الاتصالي ونسبة المشاركة السياسية، وذهب كل من صاموئيل هانتنغتون و جوان نيلسون إلى القول بوجود علاقة سببية تربط بين التحديث والتطور الاقتصادي وبين المشاركة السياسية،  فكما توفر التنمية الاقتصادية ما تتطلبه المشاركة السياسية من ارتفاع مستوى الدخل والحراك الوظيفي وتطور التنظيمات الجماعية، يكاد يتفق معظم الباحثين على وجود أربعة أبعاد أساسية للتحديث السياسي هي : 

– ترشيد بناء السلطة من حيث بناء سلطة الدولة على أسس عقلانية

– تمايز البنى والوظائف السياسي

– تدعيم قدرات النظام السياسي على التكيف والإبداع

– إشاعة روح المساواة في الحقوق والواجبات.

لقد بذلت العديد من الجهود لتأسيس اقتراب يقوم على افتراض وجود علاقة بين الإصلاح الهيكلي ذي المعنى الاقتصادي والتحول الديمقراطي،بحيث أن إحداث إصلاح هيكلي في بنية الاقتصاد بالتحول نحو اقتصاديات السوق، يؤدي إلى إحداث تحول ديمقراطي ، و لقد عرفت هذه الأطروحة العديد من الدراسات و التمحيص من وقت إلى آخر باستخدام منهجيات و أساليب أكثر دقة، فتعتبر مدرسة التحديث انقطاعا عن الأعمال التي أطلق عليها “باكينهام” و غيره (النزعة القانونية الشكلية) و مثلت تحولا بمعنى التحول من التركيز على المتغيرات القانونية إلى التركيز على المتغيرات الاقتصادية و السوسيولوجية، ومن  أمثلة الدراسات الحديثة التي حاولت  تثبت وإيجاد ارتباط و اعتماد متبادل بين الديمقراطية و التنمية نجد دراسة ” كولمان Coleman 1960″ كما توجد دراسة كترايت Cutright 1963 وجد ارتباطا عاليا بين مؤشر الاستقرار السياسي وبين مجموعة من أربعة مؤشرات للتنمية وهى” تطور وسائل الاتصال والحضرية والتعليم والتصنيع”،  وقامت دراسات أخرى بمحاولة التحقق من العلاقات السببية التي افترضتها أطروحة ليبست الأصلية،  فلقد توصل بولين وجاكمان Bollen and Jakman 1985 إلى نفس النتيجة وذلك من خلال تحليل إحصائي متقدم لمجموعة من العوامل و المتغيرات التي تعتبر عادة من ضمن محددات  الديمقراطية واكتشفا أن التنمية الاقتصادية هي المحدد الأكثر الأهمية من المتغيرات الأخرى مجتمعة. ولقد تم تأكيد ذلك في دراسة لاحقة قام من خلالها كل من ليبست وسيونج وتوريز Lipset, Seong and Torres بإعادة تحليل دراسات بولين وجاكمان.

من ناحية أخرى  قامت دراسات أخرى بمحاولة إثبات التأثير الإيجابي للديمقراطية على التنمية الاقتصادية، على أساس أن الميزة التنموية تتحقق بالديمقراطية التي تعتمد على مبدأ المراجعة والموازنة ، وتضمن خضوع الحاكمين للمساءلة وتفرض وضع السياسات العامة بما يتماشى والمصلحة ، فلقد أشار جروسمان ونوح Grossman and Noh 1988 إلى أن وجود نظام ديمقراطي يضمن خضوع الحاكمين للمساءلة أمام المحكومين مما يحفزهم على تخصيص الموارد بكفاءة وفعالية لضمان استمرار يتهم  في الحكم، و بشكل عام تؤكد مدرسة التحديد كمدخل تفسيري في تحليل التحول الديمقراطي على أن نمو الهوية الوطنية المشتركة في ظل الدولة التحديثية (دولة المؤسسات) يؤدي إلى قبول شرعيتها في ممارسة السلطة وتطبيق القانون، وكلما كان مستوى النمو الاقتصاد يلبي حاجات الأفراد ومتطلبات البيئة الخارجية كلما كانت الدولة أكثر استقرارا و لها قدرة على تحقيق التحول الديمقراطي، فالتنمية و الديمقراطية تقوم بينهما علاقة متبادلة ولا يمكن الفصل متغير على الأخر لأن كل منهما يشتمل على عناصر اقتصادية و سياسية و اجتماعية و ثقافية ما يجعل تحقيق إحداهما بشكل حقيقي و موضوعي قد يؤدي إلى تحقيق الآخر.

قد تكون مدرسة التحديث قدمت مقاربة جديدة لدراسة الديمقراطية و أنظمة الحكم إلا أن عدم إمكانية تطبيق هذه المعاير على تجارب اجتماعية مختلفة سواء أدت في نهاية المطاف إلى تطبيق الديمقراطية أو الابتعاد عنها كنظام سياسي مستقر يجعلها غير قابلة للتصديق بشكل كلي، فمثلا نجد تركيا قد انتقلت إلى النظام الديمقراطي قبل أن تستكمل كل مستويات التحديث ، ولم تتحقق الديمقراطية في دول الخليج على غرار السعودية رغم توافر معظم هذه المتغيرات التنموية و المؤشرات الاقتصادية.

– المدخل البنيوي: 

تنطلق أطروحات   المدخل البنيوي من مقاربة قائمة على دراسة العلاقة والتفاعل بين ملاك الأراضي الكبار والفلاحين والبرجوازية والدولة، وكيفية تبدل هذه العلاقة استجابة لديناميكية التطور الاقتصادي الحديث في المجتمع، فهذه المدرسة تستند على تفسيراتها على عمليات التحول التاريخي طويلة المدى، وذلك وفقا لفكرة ومفهوم “بنى القوة والسلطة المتغيرة”  بحيث توجد في جميع المجتمعات العديد من بنى السلطة والقوة تعمل على تقييد سلوك الأفراد والنخب في المجتمع وتشكيل تفكيرهم. وتوجد بنى السلطة والقوة بصورة مستقلة عن الفرد، تقيد نشاطاته وتتيح له بعض الفرص في الوقت نفسه و من ناحية أخرى، فإن الفرد جزء من تلك البنى الموروثة من الماضي ويساهم، مع الآخرين، في واستمراريتها ،بمعنى انه يتم اكتساب السلطة السياسية من طرف كل الفاعلين الاجتماعيين بناء على مصالحهم الاقتصادية ومحدداتهم البنيوية ،وتبدأ الديمقراطية في الظهور كمحصلة لتحقيق نوع من توازن القوى وبروز الطبقة الوسطى في المجتمع. 

تعتبر دراسة  بارنجتون مور Barington Moore  الدراسة الكلاسيكية للمدخل البنيوى و المعنونة بـ Social Origines of Dictatorship and Democracy  سنة 1966 والتي تمحورت حول محاولة تفسير اختلاف المسار السياسي الذي اتخذته انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة (مسار الديمقراطية الليبرالية) عن المسار الذي اتبعته اليابان وألمانيا (مسار الفاشية) وعن المسار الذي اتجهت إليه روسيا والصين (مسار الثورة الشيوعية)، خلال عملية التحول التاريخي التدريجي من مجتمعات زراعية إلى مجتمعات صناعية حديثة ما بين القرن السابع عشر ومنتصف القرن العشرين، استندت مقاربة مور لهذا الموضوع على المقارنة التاريخية لهذه البلدان، ليس في إطار مبادرات النخب، بل في إطار العلاقات المتفاعلة لأربع بنى متغيرة للقوة والسلطة، ثلاث منها كانت طبقات اجتماعية – الفلاحون، طبقة ملاك الأرض الأرستقراطية، والبرجوازية الحضرية- بينما تمثلت البنية الرابعة في الدولة.

تمثلت النتيجة الأولى التي توصل إليها مور إلى أن مسار وشكل الديمقراطية الليبرالية كان، بصفة عامة، نتاجاً لنمط مشترك من العلاقات المتغيرة بين الفلاحين وسادة الأرض والبرجوازية الحضرية والدولة،  ووضع مور خمسة اشتراطات عامة للتنمية الديمقراطية :

1.   تطور حالة توازن للحيلولة دون وجود دولة قوية أكثر من اللازم، ودون نمو طبقة أرستقراطية مالكة للأرض ذات استقلالية أكثر من اللزوم.

2.   التحول نحو شكل مناسب من الزراعة التجارية. 

3.   إضعاف أرستقراطية الأرض. 

4.   الحيلولة دون بناء تحالف بين البرجوازية والأرستقراطية في مواجهة تحالف العمال والفلاحين.

5.   انفكاك فوري عن الماضي بقيادة البرجوازية.

على العكس من ذلك، برزت الفاشية ضمن أوضاع كانت فيها البرجوازية الحضرية ضعيفة نسبياً واعتمدت على الطبقات الاستقراطية المهيمنة على الدولة لتمويل الزراعة التجارية. وحدثت الثورات الشيوعية ضمن أوضاع اتسمت بضعف البرجوازية الحضارية وخضوعها لهيمنة الدولة، وكان الارتباط بين سادة الأرض والفلاحين ضعيفاً، وفشل سادة الأرض في تحويل الزراعة إلى زراعة تجارية، وكان الفلاحون متماسكين وعثروا على حلفاء ذوي مهارات تنظيمية.

ولقد وجد  ديتريك روشماير (Dietrich Rueschemeyer) وزملاؤه  بعض النواقص في طرح  مور وقدموا محاولة لتعويض هذا النقص، على أساس  أن تحليلاته  أغفلت بدرجة كبيرة دور العلاقات والتفاعلات الدولية وعبر القومية، بما في ذلك الحرب، في تحديد المسار الذي تتخذه البلدان المختلفة، كما أنه لم يعر اهتماماً كبيراً لتأثيرات نمو الطبقة العاملة أو البروليتاريا الصناعية وقد ضمّنوا هذه العوامل في تحليلاتهم وتفسيراتهم البنيوية عبر قيامهم بتحليل تاريخي مقارن للبلدان الرأسمالية المتقدمة وبلدان أمريكا اللاتينية وأمريكا الوسطي وبلدان البحر الكاريبي. على أساس هذا التحليل التاريخي المقارن، يزعم روشماير وزملاؤه بأن تحرك المجتمع تجاه الديمقراطية الليبرالية من عدمه يتشكل، جوهرياً، بتوازن القوة الطبقية، وأن الصراع بين الطبقات المهيمنة والخاضعة حول حقها في الحكم يعمل، أكثر من أي عامل أخر، على وضع الديمقراطية ضمن الأجندة التاريخية ويحدد احتمالاتها.

– المدخل الانتقالي: أشار الباحث السياسي دانكورت روستو Dankwart Rustow   في مقالته  المعنونة بـ : : tward  a dynamic model    Damacracy transition    إلى أنّ الارتباطات بين التنمية الاجتماعية والاقتصادية وبين الديمقراطية هي قليلة إلى أن تقود المجتمع السياسي إلى ترسيخ الديمقراطية  وهذا إذا استطاعت أن تقوم بتحديد الفاعلين ذوي التوجهات التسلطية المتطرفة، وتشجيع الممارسات المتوافقة مع الأداء الديمقراطي ، وزيادة عدد الفاعلين الديمقراطيين وإعطاء أولوية للإستراتيجية  التي تضمن عدم تسهيل عودة الحكم التسلطي على أية استراتيجيات أخرى بما في ذلك التنافس فيما بينه.

إن اهتمام روستو وغيره من الباحثين يتمحور حول تساؤل مختلف هو كيفية تحقيق الديمقراطية في المقام الأول و حسب طرح روستو أن النوع الأخير من التساؤلات والاهتمامات يتطلب مدخلاً تطورياً تاريخياً يستخدم منظوراً كلياً لدراسة حالات مختلفة بحسبان أن ذلك يوفر أساساً أفضل للتحليل من مجرد البحث عن الشروط والمتطلبات الوظيفية للديمقراطية و حدد روستو، استناداً على تحليل تاريخي مقارن لتركيا والسويد، مساراً عاما تتبعه كل البلدان خلال عملية الدمقرطة، ويتكون هذا المسار من أربعة مراحل أساسية:

١- مرحلة تحقيق الوحدة الوطنية من خلال بدء نشوء هوية سياسية مشتركة لدى الأغلبية العامة من المواطنين.

٢- مرحلة الصراع السياسي” المرحلة الإعدادية” الطويل وغير الحاسم بين جماعات متنازعة داخل الكيان السياسي الجديد ، والديمقراطية هنا تولد من رحم الصراع وليست نتاج لتطور سلمي، والصراع قد ينتهي إلى توازن اجتماعي جديد أو يؤدي إلى إنهاء الصراع السياسي لصالح جماعة معينة أو اللحظة التاريخية التي يبدأ فيها.

-٣ مرحلة القرار الانتقال أو التحول المبدئي نحو الديمقراطية عندما تقرر أطراف الصراع السياسي غير المحسوم التوصل إلى مستويات أو حلول وسطي وتبني  قواعد اللعبة الديمقراطية التي تتيح للجميع حق المشاركة في المجتمع السياسي.

٤- مرحلة التعود :  في هذه المرحلة تأتي عملية  الانتقال أو التحول الثانية من خلال تعود الأطراف المختلفة على القواعد الديمقراطية والتكيف معها بصورة تدريجية إلى أن تصبح مع الوقت عرفا اجتماعيا راسخا.

ما يمكن استنتاجه أن أنصار المدخل الانتقالي يرون أن المسار التاريخي للديمقراطية الليبرالية يتحدد جوهرياً، من خلال مبادرات وأفعال النخب وليس عن طريق بنى القوة المتغيرة إلا أن مبادرات وخيارات النخبة لا تحدث أبداً في فراغ، حيث إنها تتشكل إلى حد ما بالبنى المجتمعية التي تعبر عن مجموعة من القيود الطبيعية والاجتماعية، مجموعة من الفرص المتغيرة، مجموعة من المعايير والقيم التي يمكن أن تؤثر على محتوى واتجاه خيارات النخب.

 

المقاربات التي فسرت التحول الديمقراطي

1- المقاربة السوسيولوجية:
و ذلك بدراسة البناء الطبقي الاجتماعي للمجتمعات، و تضم هذه المقاربة: النظرية البنيوية و نظرية النخبة.

أ- النظرية البنيوية:

يقوم هذا المدخل على إفتراض رئيسي وهو أن المسار التاريخي لأي بلد نحو الديمقراطية يتشكل ويتأثر بنمط التنمية الرأسمالية ،وليس عن طريق مبادرات وخيارات النخب. ويرى هذا المدخل أن النخب السياسية تقوم بمبادرات وخيارات معينة ،إلا أن هذه الخيارات لا يمكن تفسيرها إلا عبر الإشارة إلى القيود المحيطة بها
كما ترى هذه النظرية من أن التغير السياسي و التحول الديمقراطي هو نتيجة لظهور طبقة وسطى في البناء الطبقي للمجتمع، بحيث تسعى لتقاسم السلطة مع الطبقة الحاكمة، ساعية إلى هدم البناء التقليدي للمجتمع الاجتماعية و السياسية، لتعوضه ببناء جديد يأخذ موقعها بعين الاعتبار، حيث يرى ” فرانسيس فوكوياما ” أن الأنظمة الدكتاتورية تحمل في طياتها بذور فنائها، فسياسة التنمية التي تنتهجها الدولة ( تسريع التنمية ) تخلق طبقة وسطى تستفيد من نتائجها ثقافيا و اقتصاديا، لتضغط فيما بعد على التفاعل السياسي القديم فتغيره ليتوافق مع طموحها، مثل ما حدث في الجزائر، فالجهود التنموية للرئيس الراحل ” هواري بومدين ” خلقت طبقة وسطى مكونة من أولئك الذين استفادوا من التعليم العالي و التكوين في الخارج، وجدت هذه الطبقة الجديدة البناء الاشتراكي التقليدي حاجزا يمنع تحقيق أهدافها، يقول ” السعيد بوالشعير “أصبحت هذه الطبقة تطالب بفتح المجال أمامها لاستثمار أموالها، لأن الخيار الاشتراكي قيد نشاطها الاقتصادي).

إذن فالتفاعلات المتغيرة تدريجيا لبنى السلطة والقوة –اقتصادية، اجتماعية، سياسية –تضع قيودا وتوفر فرصا تدفع النخب السياسية وغيرهم،في بعض الحالات،في مسار تاريخي يقود إلى الديمقراطية اللبيرالية ،بينما في الحالات الأخرى قد تقود تفاعلات بنى السلطة والقوة إلى مسارات سياسية أخرى.وبما أن بنى السلطة تتغير تدريجيا عبر فترات تاريخية طويلة ،فإن تفسيرات المدخل البنيوي لعملية التحول الديمقراطي طويلة الأمد.

وتتمثل الدراسة الكلاسيكية للمدخل البنيوي في دراسة “بارنجتون مور”(Barington Moore) الذي قدم محاولة لتفسير اختلاف المسار السياسي الذي اتخذته إنجلترا والولايات المتحدة.
(مسار الديمقراطية الليبرالية)عن المسار الذي اتبعته اليابان و ألمانيا (مسار الفاشية)عن مسار الصين وروسيا (الثورة الشيوعية).
واستندت مقاربة مور ليس بناء على مبادرات النخب وإنما في إطار العلاقات المتفاعلة لأربع بنى متغيرة للقوة والسلطة ثلاث منها طبقات اجتماعية وهي:الفلاحين ،طبقة ملاك الأراضي،البرجوازية الحضرية والبنية الرابعة هي الدولة ،وتوصل إلى أن شكل الديمقراطية الليبرالية كان نتيجة لتفاعل مختلف هذه البنى
ب- نظرية النخبة:
تنطلق هذه النظرية في تفسيرها للتحول الديمقراطي من افتراض أساسي هو أن التحول الديمقراطي هو نتيجة لوصول نخبة تؤمن بالقيم الديمقراطية إلى الحكم، تسعى جاهدة لتطبيق أفكارها و توجيه الدولة نحو وجهتها، هادمة بذلك البناء السياسي القديم.

2- المقاربة السيكولوجية:

تركز هذه المقاربة على الجانب النفسي في تفسير التغير السياسي و التحول الديمقراطي، حيث تضم تفسيرين هما:

أ- نظرية الإحباط:

تنطلق هذه النظرية من الافتراض التالي: يحدث التغير السياسي نتيجة للإحباط، أي عندما لا تتوافق تصورات الفرد و الجماعة بوجودهم الاجتماعي أو السياسي مع أمر الواقع لوجود حائل دون ذلك.
يرى ” بركوريت ” أن إدراك الفرد أو الجماعة للوضع يخلق غضبا شديدا يتحول بدوره إلى دافع للعدوانية يستهدف الواقع القائم قصد تغييره، مثال في الجزائر عاش الشعب الجزائري هذه الحالة في ظل الأحادية، حيث عجز النظام على تحقيق حاجياته خاصة الاقتصادية و الاجتماعية، مما شحن هذا الشعور في شكل سلوك عنيف انفجر عام 1988 في شكل مظاهرات، أعمال عنف استهدفت تغيير الوضع القائم.

ب- سيكولوجية الجماهير:

ينطلق هذا التفسير من افتراض أساسي هو أن لكل شعب سيكولوجيته الخاصة التي تتطور بنيويا متأثرة بالتحولات البيئة التاريخية التي عاشها، لتخلق لديه نمط من السلوك الاجتماعي و السياسي يميزه عن باقي الشعوب الأخرى.

3- المقاربة الإيكولوجية / الجغرافية:

يرى أنصار هذا التفسير أن المحيط الجغرافي هو الذي يحدد السلوك السياسي، حيث يضم اتجاهين:

أ- الاتجاه الجيوبوليتيكي:
و ينطلق من فرضية أساسية مفادها أن الدول التي تقع في مناطق النزاع هي الأقرب للاستقرار السياسي الداخلي ، حيث يلهي العامل الخارجي الاهتمام بالمشاكل الداخلية، و هذا ما يفسر سعي الأنظمة الدكتاتورية لخلق توترات خارجية قصد تسويق مشاكلها الداخلية.

ب- الاتجاه الإيكولوجي:

يرى أنصار هذا الاتجاه التفسيري أن التحول الديمقراطي يحدث في الدول التي لم تعرف في تاريخها حضور قوي للسلطة في حياة الأفراد، الأمر الذي لا يخلق فيها ثقافة الخضوع الأبوي كأبرز عائق للديمقراطي، تتطور هذه الثقافة في المجتمعات النهرية التي اعتمدت في حياتها على الأنهار، الأمر الذي استلزم تدخل السلطة في بناء السدود و توزيع المياه، مما جعل لها مكان قوي في حياة الأفراد، تتطور هذه الثقافة لتصبح نمط يميز تلك المجتمعات.عكس المجتمعات المطرية التي تعتمد على الأمطار في حياتها، أين عرفت السلطة تدخلا بسيط في حياة الأفراد، تتبلور ثقافة ثانية في سلوكها، لذلك فالدول النهرية هي دول تملك قابلية للاستبداد مثل مصر، سوريا، العراق..، عكس الدول المطرية كالجزائر، غير أن هذا الاتجاه عجز عن تفسير الشمولية في المغرب و تونس رغم تقاسمهما مع الجزائر لنفس المناخ.

4- المقاربة الاقتصادية:

ينطلق أنصار هذا الاتجاه في من أن طبيعة الاقتصاد الذي يعتمد على الريع النفطي هو السبب الأساسي في دفع التحول السياسي، حيث تخضع كل الدول التي تعتمد على هذا البناء الاقتصادي للمعادلة التالية: كلما زاد سعر النفط كلما ساد الاستقرار السياسي، و كلما انخفض سعر النفط كلما ظهرت اضطرابات تؤدي للتغيير.فقد عرفت الجزائر في مرحلة حكم ” الشاذلي بن جديد ” في منتصف الثمانينيات 1986 انخفاض ملموس في أسعار النفط، حيث انخفض سعر البرميل من 30 إلى 10 دولار، الأمر الذي أدى إلى إضعاف إمكانيات النظام السياسي لأنه يعتمد أساسا على عائدات النفط، كما أضعف البناء الاجتماعي لاعتماده على مساعدات الدولة، كل هذا أدى إلى أزمة اقتصادية.

5- المدخل الانتقالي في تفسير التحول الديمقراطي:

حيث أشار الباحث السياسي “دانكورت روستو”
(Dankwart Rustow ) في مقالته “Transition to “Democracy في1970، إلى أن العمل على كيفية تحقيق الديمقراطية يتطلب مدخلا تطوريا تاريخيا يستخدم منظورا كليا لدراسة حالات مختلفة بحسبان أن ذلك يوفر مجالا للتحليل أفضل من مجرد البحث عن المتطلبات الوظيفية للديمقراطية.

و إستند الباحثون إلى دراسة بعض النماذج الديمقراطية في تبرير المدخل الانتقالي فدرسوا النموذج التركي والسويدي وحددوا أربعة مراحل أساسية تتبعها كل البلدان لتحقيق الدمقرطة وهي:
– مرحلة تحقيق الوحدة الوطنية: وتشكل الشرط الأول ، وفي رأي روستو فإن تحقيق الوحدة الوطنية لا يعني توافر الإجماع ،إنما حيث يتم البدء بتشكيل هوية وطنية مشتركة لدى الغالبية العظمى من المواطنين.

– مرحلة الصراع السياسي غير الحاسم:

حيث يمر المجتمع القومي بمرحلة إعدادية، و تشهد هذه المرحلة صراعا حادا بين جماعات متنازعة تكون الديمقراطية أحد نواتجه الرئيسية وليست نتاجا لتطور سلمي.

– مرحلة القرار:
وتبدأ هنا عملية الانتقال والتحول المبدئي،وهي لحظة تاريخية حاسمة تقرر فيها أطراف الصراع السياسي غير المحسوم التوصل إلى تسويات وتبني قواعد ديمقراطية تمنح الجميع حق المشاركة في القرار السياسي.
– مرحلة التعود: وفي هذه المرحلة تتعود الأطراف المختلفة على قواعد اللعبة الديمقراطية،ويرى روستو أن قرار التوصل إلى اتفاق حول تبني قواعد ديمقراطية قد لا يكون ناتجا عن قناعة ،ولكن مع مرور الوقت تتعود الأطراف على هذه القواعد وتتكيف معها
وقد قام العديد من المهتمين بتفسير عمليات الدمقرطة بتطوير المدخل الانتقالي لروستو.ومن أهم المحاولات دراسة “جويلرمو أودينيل” (G.O’DONNELL) وزملائه عام 1986 في دراسة تحت عنوان:
( TRANSITION TO AUTORIAN RULE)، ودراسة لـ”جون لينز” (JUAN LINZ) 1995 في دراسة تحت عنوان:”Between states: Interim Governments and Democratic Consolidation”
ويميز جميع هؤلاء الباحثين بشكل واضح مثلما فعل روستو بين مرحلة الانتقال والتحول المبدئي من الحكم التسلطي(اللبرنة السياسية) وبين مرحلة ترسيخ الديمقراطية الليبرالية. و يرجع ذلك إلى أن عمليات الانتقال المبدئية قد تنجح أحيانا و تترسخ لكنها قد تفشل وتتعثر في أحيان أخرىو خلاصة هذا المدخل هو أنه يرى أن مصدر عملية التحول الديمقراطي هو مبادرات وأفعال النخب الموجودة.

6- نظرية السلام الديمقراطي:

تقوم فكرة السلام الديمقراطي على ترويج المؤسسات الليبرالية للصداقـة بين الأمم الديمقراطــية ،و هو ما أكده عدد من الباحثين الليبراليين مثل”بروس راست” (Bruce Russet) و “مايكل دويل” (Michael Doyle ) الذين أقروا بوجوب أن يحل السلام الدولي بين الديمقراطيات المتطورة.
ويمكن تعريف السلام الديمقراطي وفقا للتحليل الدياليكتيكي على أنه:”قدرة بعض المجتمعات على حل خلافاتها ونزاعاتها بصورة سلمية على الرغم من إمتلاكها وسائل العنف.”
وقد اقترنت نظرية السلام الديمقراطي إلى حد بعيد بكتابــات “مايكل دويــل” (Michael Doyle ) و “بروس راست” (Bruce Russet).اللذين تأثرا بـ” كانط” ، و يشير دويل إلى أن التمثـــيل الديمقراطي و الالتزام الإيديولوجي بحقوق الإنسان ،والترابــط العابر للحدود الوطنية،كل ذلك يفسر اتجاهات الميل إلى السلام التي تتميز بها الدول الديمقراطية.

ويجادل أيضا بأن غياب مثل هذه الصفات يفسر السبب الذي يجعل الدول غير الديمقراطية ميالة للحرب، فمن دون هذه القيم والقيود فإن منطق القوة سيحل محل منطق التوفيق.

وتقوم نظرية السلام الديمقراطي على المرتكزات التالية:

-تستند نظرية السلام الديمقراطي إلى منطق كانط الذي يؤكد على ثلاث عناصر :
1- التمثيل الديمقراطي الجمهوري
2- التزام إيديولوجي بحقوق الإنسان.
3- الترابط العابر للحدود الوطنية.

وفي الختام فإن عملية التحول الديمقراطي لا يمكن فهمها بمعزل عن الظروف الداخلية للدول والبيئة الخارجية التي قد تساهم في ايصالنا لتجربة ديمقراطية ناجحة وبأقل التكاليف، أو فشل عملية التحول وذلك ينجم عنه العديد من التحديات الأمنية و السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي قد لا تفشل فقط التجربة بل تجعل من الدول قابلة للانهيار.

المصادر والمراجع:

تيموثب ميتشل، الديمقراطية و الدولة في العالم العربي، ترجمة: بشير السباعي، (القاهرة: مكتبة الأسرة، ط1، 2005).

عادل درويش ، حكم الشعب للشعب، جريدة  الشرق الأوسط ، العدد 14621 ، بتاريخ 09 ديسمبر 2018.

زهرة  زرقين ، “أزمة الديمقراطية في الجزائر بين الفكر و الممارسة”،  مجلة الباحث الاجتماعي، العدد 10، (سبتمبر 2010)

عادل مصطفى ، فقه الديمقراطية، ( القاهرة : رؤية للنشر و التوزيع ، 2012)

أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، (القاهرة: عالم الكتب، المجلد1، ط1، 2008)

آلان تورين، ما الديمقراطية ؟ ، ترجمة: عبود كاسوحة ، (دمشق: وزارة الثقافة، 2000)

رفيق حبيب ، حروب الديمقراطية و معارك الإصلاح و الهيمنة، (القاهرة: مطبعة الشروق الدولية، ط1، 2006)

مرزوقي عمر،” حركيات التحول الديمقراطي في الوطن العربي قراءة في المؤثرات الدولية”، مجلة المفكر (كلية الحقوق و العلوم السياسية –بسكرة)، العدد 10، (جانفي 2014)

شايب الذراع بن يمينة، “التحول الديمقراطي في الجزائر (العوائق و الأفاق)”، الأكاديمية للدراسات الاجتماعية و الإنسانية، العدد 08، (2012)

فرانشسكا بيندا و آخرون، التحول الديمقراطي نحو الديمقراطية: الخيارات الرئيسية في عملية التحول الديمقراطي في العراق، ( ستوكهولم: المؤسسة الدولية للديمقراطية و الانتخابات، 2005)

أحمد فهمي، مصر 2012 دراسة تحليلية لعملية التحول السياسي في مصر: مراحلها مشاكلها و سيناريوهات المستقبل، (القاهرة: مركز البحوث و الدراسات، ط1، 2012)

عبد الجليل مفتاح، “دور المجتمع المدني في تنمية التحول الديمقراطي في بلدان المغرب العربي”، مجلة المفكر (كلية الحقوق و العلوم السياسية- بسكرة) ، العدد5

حازم الببلاوي، عن الديمقراطية الليبرالية ” قضايا ومشاكل”، (مصر: دار الشروق، ط1، 1993)

مارك بلاتنر، “الشعبوية التعددية و الديمقراطية الليبرالية” ، مجلة المشكاة، ، العدد 01 ، المجلد 21، (2010)

علي خليفة الكواري ، “عوائق الانتقال الديمقراطي في بلدان مجل التعاون الخليجي”، المستقبل العربي، العدد 415، ( أيلول/ سبتمبر 2013)

أحمد مالكي و آخرون، لماذا انتقل الآخرون إلى الديمقراطية وتأخر العرب: دراسات مقارنة لدول عربية مع دول أخرى، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 2009)

عبد العظيم محمود حنفي، استراتيجيات الانتقال الديمقراطي ، ( الدوحة: المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات، أكتوبر 2011)

سهيل الحبيب ، المفاهيم الإيديولوجية في مجرى حراك الثورات العربية، (بيروت: المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات، ط1، 2014)

عمار علي حسين، الإصلاح السياسي في محراب الأزهر و الإخوان المسلمين، ( القاهرة: مركز القاهرة للدراسات وحقوق الإنسان)

ثناء عبد الله، “الإصلاح السياسي خبرات عربية (مصر: دراسة حالة)”،  المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد 12،( 2006)

سعاد العقون، “نمط التحول الديمقراطي في التجربة المغاربية” تحديات وعراقيل”،  مجلة المفكر، العدد8 ،(كلية الحقوق و العلوم السياسية)، (2012)

حسين توفيق إبراهيم، الانتقال الديمقراطي : إطار نظري، (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 2013)

أحمد سعيد نوفل و آخرون، التداعيات الجيوستراتيجية للثورات العربية، (بيروت: المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات، ط1، 2014)

نصر محمد عارف، إبستولوجيا السياسة المقارنة :النموذج المعرفي –النظر المنهج، (بيروت:  مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2002)

ريتشارد هيجوت، نظرية التنمية السياسية، ترجمة: حمدي عبد الرحمن و محمد عبد الحميد، (الأردن: المركز العلمي للدراسات السياسية، ط1، 2001)

ديدي ولد السالك،”الممارسة الديمقراطية مدخل إلى تنمية عربية مستدامة”، المستقبل العربي، العدد 356، (اكتوبر 2008)

محمد زاهي بشير المغيربي، الديمقراطية و الإصلاح السياسي في الوطن العربي، (القاهرة: كلية الاقتصاد و العلوم السياسية)

Paula Becker et Jean Aime ; Qu’est ce que la Démocratie Madagascar ?, (Madagascar : Institut Catholique de Madagascar, septembre 2008)

Larry Diamond, is the third wave of democratization over ? An Empirical Assessment, working paper,1997

Cherif bassiouni and other, democracy : its principals and Achievement, (Geneva : Inter-Parliamentary Union, 1998)

Thierry Maurice ,La transition démocratique , Presses Universitaires de Rennes , N° 978 , 2013

Géline Thiriot, « Rôle de la sociale civile dans la transition et la consolidation Démocratique en Afrique : Eléments de Reflétions a partir du cas du Mali », Revue International de politique comparative, Vol 09,(2/2002)

Sujian Guo , “Democratic transition”, A Critical  Overview  Issues &  Studies, N° 04, (July / Augest 1999)

Paul J .Bure And Andrew Leigh, Do Output Contractions Trigger Democratic change! ,(Germany : The institute for the study of labor, 2010)

المصدر : https://political-encyclopedia.org/dictionary/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى