دراسات سياسية

النظرية الوظيفية الجديدة

من اعداد: ايمان بومزبر/ وردة رزاق

المطلب الأول: طبيعة النظرية الوظيفية الجديدة.
الفرع الأول: نشأة النظرية الوظيفية الجديدة.
التقليد الشائع في تطور العلوم الاجتماعية أن لكل بناء نظري استدراكات و تصحيحات تصاغ في ثوب جديد و تكون بمثابة نفس جديد للنظرية الأم أملا في الاستمرار و المصداقية في تحليل العلاقات الدولية، و في هذا الإطار جاءت الوظيفية الجديدة على أثر الانتقادات النظرية التي وجهت للوظيفية الأصلية التي تركزت حول استحالة الجمع و التوحيد بين مصالح الشعوب و الأمم و استحالة الفصل بين القضايا السياسية و تميزها عن القضايا الأخرى و أخيرا استحالة إقناع الدول بتنازلها عن جزء من سيادتها لصالح المؤسسات الوظيفية الجديدة، أما النوع الثاني من الانتقادات فقد تمحور حول الجانب العملي لهذه النظرية فجل المنظمات الدولية التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية لم تصل إلى تقليص الفوارق بين الأمم عن طريق الوظائف التي تؤديها و لم تستطع كذلك المشاركة في تحويل الولاء من مركزه الوطني إلى المنظمات الدولية. و في خضم هذه الانتقادات جاءت الوظيفية الجديدة لوضع مفهوم مغاير للتكامل و الاندماج و إيجاد معايير و مؤشرات جديد لهذه الظاهرة. فالوظيفية الجديدة تعتني بوجود ظاهرة تكامل قطاعات سيادية في الدول تحت ضغط الإغراء الاقتصادي مع وجود تحكم مرافق للعملية، و تتعزز هذه العملية عندما تستوي في شكل حركة أين تصبح المنظمات و جماعات الضغط و الأحزاب السياسية ميالة إلى أن تكون مندمجة فيها. و لإقحام الجماعات و الأحزاب لابد أن يكون القطاع المختار مهما و مثيرا للاهتمام لكن لا يكون مثيرا للجدل بشكل حاد بحيث تتأثر المصالح الحيوية للدول و لا تشعر النخب السياسية أن قوتها و مصالحها الواسع مهددة بشكل جدي.

الفرع الثاني : افتراضات النظرية الوظيفية الجديدة.

أولا- وضع بعض القطاعات المتكاملة لدول مستقلة تحت المراقبة و الإشراف و التسيير المشترك:
تعتبر أهم ركيزة للنظرية الوظيفية الجديدة و من خلالها نكون قد و ضعنا الأسس الرئيسية لعملية و مسار تكامل بجلب اهتمام و مشاركة الأحزاب السياسية و جماعات المصالح داخل هذه الدول الوطنية المستقلة على أن يكون لقطاع أو قطاعات التكامل اهمية بالغة بالنسب للدول الأعضاء إذ يجب اببدء بالقطاع الحيوي و الذي يحتل مكانة استراتيجية بالنسبة لاقتصاديات هذه الدول، كما يجب أن يتميز هذا القطاع بالطابع التنافسي لكن لا يجب أن يؤدي هذا التنافس بين الدول الأعضاء إلى تناقض مصلحها مما يؤدي إلى شعور هذه الأخيرة بتهديد مباشر أو غير مباشر لمصالحها و لمصالح نخبها السياسية و الاقتصادية، و سوف يتولد عن هذا النشاط الوظيفي في هذا القطاع الحيوي مجموعة من المشاكل التي تستدعي التضحية من طرف الدول الأعضاء لكنه سوف يؤدي إلى بروز مطالب جديدة تكون السبب الرئيسي لدفع عملية التكامل في هذا القطاع الحيوي إلى قطاعات أخرى لا تقل أهمية عن القطاع الأول. و مع مرور الزمن سوف تمتد عملية التوسع التكاملي هذه إلى الأجهزة المركزية لاتخاذ القرار في الدول الأعضاء.

ثانيا-تأثير الأحزاب السياسية و جماعات الضغط على العملية التكاملية:
يعد تأثير جماعات الضغط و الأحزاب السياسية عاملا جديدا في السياسة الوطنية فإذا كان لها في هذه العملية التكاملية مصالح حيوية فإنها هي التي تطالب بضرورة إعطاء أهمية للمؤسسات الوظيفية الجديدة و تمارس الضغط على الحكومات للعضوية في مثل هذه المؤسسات ، و مع كون هذه الجماعات و الأحزاب المدافع الرئيسي عن الاديولوجيات الوطنية فإن اجتماعها في المؤسسات الوظيفية المركزية يؤدي إلى القضاء على الاديولوجيات و بالتالي السماح لاديولوجية فوق قومية بالظهور و الانتشار و هكذا تتحول هذه المؤسسات الوظيفية إلى مركز رئيسي لاتخاذ القرار داخل جماعة الدول المعنية بعملية التكامل و الاندماج.

ثالثا- مفهوم التكامل الجهوي.
ترتكز الوظيفية الجديد على مفهوم التكامل الجهوي بدلا من مفهوم التكامل في إطاره الدولي كما ترى الوظيفي الأصلية. فالوظيفيون الجدد يعتقدون أن محاول الجمع بين مجموعة كبيرة من الدول تختلف في الجانب الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي هو ضرب من المثالية و الخيال بحيث لا يمكن تحقيق ذلك تحت أي أسلوب من الأساليب في الفترة الزمنية الممتدة من الحرب العالمية الثانية إلى يومنا هذا . و لهذه الأسباب يجب التركيز على التكامل الجهوي الذي يبدأ من مناطق جغرافية معينة و التي تتوفر فيها بعض الشروط الأولية لعملية التكامل و الاندماج، و لهذا يجمع جل منظري الوظيفية الجديدة على أساس أن من بين أهم هذه الشروط الأولي للتكامل و الاندماج الدولي هو التجانس الاقتصادي و الاجتماعي بين الدول المعنية.

الفرع الثالث : منهج الوظيفية الجديدة.
منهج الوظيفية الجديدة هو منهج آلي و مرحلي في آن واحد، بحيث أن البداية التي يجب أن تكون بالضرورة في المجال الاقتصادي و التي سوف تؤدي آليا إذا توفرت الشروط الضرورية إلى الانتقال إلى مجالات أخرى إلى أن تصل العملية التكاملية إلى قمتها. و يعتبر الانتشارspillover المحرك الرئيسي لعملية التكامل و الاندماج حسب منهج الوظيفية الجديدة.
ففي نظر هاس أن الانتشار يحدث لأن السياسات المتخذة لتحقيق هدف معين لا يمكن أن تكون حقيقية و فعالة إلا إذا تم توسيع هذا الهدف. أما ليندبيرغ فيرى أن الانتشار هو عبارة عن مسار بواسطته يمكن لنشاط في مجال معين أن يخلق وضعية و حالة تجعل من الهدف الأصلي مستحيل التحقيق، إذا لم يتم توسيع هذا النشاط إلى نشاطات مكملة و التي بدورها تخلق حالات و أ,ضاع تكون مصدر بروز حاجات جديدة و هكذا يتم الانتشار. كما أن الانتشار يمكن أن ينتج عن المنافسة التي تتسبب فيها عملية التكامل و عن عدم التوازن في الاستفادة من نتائج هذه العملية، و عليه تجد المؤسسات التكاملية نفسها مضطرة لاتخاذ قرارات جديدة في نشاطات أخرى من أجل إعادة التكافؤ في ميزان الاستفادة.
كما يرى أن القطاعات التي لها إمكانية كبيرة للتوسيع و الانتشار هي القطاعات الاقتصادية التي تلعب الدور القيادي في عملية الانتشار لارتباطها الوثيق بالاهتمامات المباشرة للمواطنين(الرفاه الاجتماعي) ، و بالتالي فإن الانتشار هو المؤشر الرئيسي الذي لأية تجربة تكاملية للوصول إلى مرحلة الإقلاع و هي النقطة التي يصل فيها مسار التكامل إلى تحقيق الشروط الضرورية التي تسمح له بالمواصلة دون التدخل من البيئة الخارجية .

المطلب الثاني: أفكار النظرية الوظيفية الجديدة.

الفرع الأول: أفكار أرنست هاس.
هاس الذي يعرف بأبي الوظيفية الجديدة و هذا من خلال نشره لكتابين؛ الأول في سنة 1958 يحمل عنوان the Uniting of Europe” ” و الثاني في سنة 1964 تحت عنوان Beyond the Nation State””. و قد كان هاس متأثر بدرجة كبيرة بتطور التجربة التكاملية في إطار السوق الأوروبية المشركة، ففي رأيه أن الوظيفية الجديدة تقوم على أساس وجود مصالح تنافسية للأطراف الأعضاء لكن لا يجب أن تكون هذه المصالح متناقضة. فهذه الطبيعة التنافسية لهذه المصالح هي التي تولد الرغبة في البحث عن الطرق و الوسائل التي تخدم جميع المصالح، فهو يرى بأنه إذا كان الاجماع حول وحدة المصالح لا يمكن أن يتحقق فإن الاستقرار يصبح العامل الرئيسي لأية محاولة تكاملية. و يعرف هاس التكامل”بأنه العملية التي تتضمن تحولات الولاء والنشاطات لقوى سياسية في دول متعددة ومختلفة نحو مركز جديد تكون لمؤسساته صلاحيات تتجاوز صلاحيات الدول القومية القائمة”، بل إنه يذهب إلى حد جعل عملية التكامل مرتبطة بربط النظام الدولي المقترح بالمستقبل، ثم يقول: إذا فهمنا الوضع الحالي على أنه سلسلة من التفاعلات والتمازج بين عدد من البيئات الوطنية من خلال المشاركة في المنظمات الدولية، فإن على التكامل أن يحدد العملية التي يتم من خلالها زيادة التفاعل بهدف المساعدة على تلاشي الحدود بين المنظمات الدولية والبيئات الوطنية.
و يمكن تلخيص أفكار هاس في العناصر التالية:
أولا- نظرية الجماعات: يعتمد هاس على هذه النظرية في تحاليله للتكامل و الاندماج و التي بمقتضاها يعتقد أن بداية أي تجربة وحدوية أو تكاملية يجب أن يقترن بموافقة و مساندة الجماعات و الفئات الفاعلة في المجتمع التعددي الديمقراطي، و هذه العملية التكاملية في رأيه لا تتطلب موافقة الأغلبية المطلقة في المجتمع، و لا تتطلب كذلك تجانس أهداف الدول المشاركة؛ فالجماعة الأوروبية للحديد و الفحم تم قبولها و تأييدها لأنها حققت مصالح مختلف لجماعات مختلفة؛ فالتركيز هنا -على عكس الوظيفية الأصلية- يتم على أساس أن أهم الجماعات في المجتمعات الغربية التعددية تلعب الدور الرئيسي في عملية التكامل و هذه العملية لا تحتاج إلى تأييد شعبي و هذه الجماعات يمكن أن صناعية، سياسة أو عمالية.
ثانيا- المؤسسات التكاملية الرئيسية: حسب رأي هاس فإن المؤسسات التكاملية الرئيسية يجب أن ينتقل إليها مركز اتخاذ القرار في مجموعة الدول المعنية بعملية التكامل، كما يعتقد أن الوسيلة الرئيسية لتدعيم هذه المؤسسات في هذا المجال تكمن في الجماعات الرئيسية ذات المصالح داخل منطقة التكامل، وهذا الدعم من طرف جماعات المصالح يمكن هذه المؤسسات من وضع قوانين و معايير تسيير و إدارة موحدة داخل قطاع أو مجال معين مما يؤدي إلى توحيد سلوك الدول المعنية في هذا المجال. لكن تدعيم ومساندة جماعات المصالح لهذه المؤسسات التكاملية يرتكز أساسا على حساب الفوائد التي يمكن أن يتحصل عليها هؤلاء من عملية التكامل، فهذه الجماعات مستعدة لتحويل ولائها إلى هذه المؤسسات الجديدة في حالة ما إذا تبين أن مسار التكامل سيعود عليها بفوائد لا يمكن تحقيقها في إطار أخر. وهنا يرى هاس بأنه من المتوقع أن تلعب جماعات المصالح الاقتصادية الدور القيادي لهذه العملية نظرا لان التكامل يسمح لهم بإيجاد أسواق جديدة و الحصول على موارد مالية جديدة و توسع في مجال الاستثمارات … التي لا يمكن تحقيقها في إطار النشاط القطري الضيق.
من خلال تركيز هاس على دراسة جماعات المصالح داخل الوحدات المعنية بمسار التكامل يرى بأن الخطورات العملية للتكامل و الاندماج هي أصلا ذات طابع اقتصادي لكن لها انعكاسات سياسية هامة تتمثل في قدرة هذه الجماعات على الضغط على الحكومات الوطنية من اجل التنازل التدريجي عن جزء من سيادتها لصالح المؤسسات التكاملية الجديدة، وهنا يرى بأن الأزمات و المشاكل سوف تحدث حول الحاجة و الرغبة في الحفاظ على صلاحية اتخاذ القرار داخل كل وحدة من وحدات التكامل. الا أن التفكك لا يمكن حدوثه لان جماعات المصالح متأكدة من أن مصالحها تكمن في احترام و الحفاظ على مسار التكامل.
ثالثا- الجماعة السياسية: يعتقد هاس أنها الهدف الاسمي و النهائي لاي تجربة تكاملية، و يعرف الجماعة السياسية على أساس أنها الحالة او المرحلة التي يظهر فيها الأفراد و الجماعات ولاء اكبر للمؤسسات السياسية المركزية أكثر من ولائهم لأي سلطة أخرى وهذه المرحلة هي التي يهدف التكامل إلى تحقيقها، ويرى هاس أن هياكل و أجهزة الجماعة السياسية الجديدة لا يجب أن تكون مختلفة من ناحية شكلها و تنظيمها عن الأجهزة و الهياكل التي تتميز بها الوحدات السياسي المعنية بعملية التكامل و الاندماج. فالاختلاف الوحيد يكمن في المجال و الأهمية بالنسبة لتحسين حياة الأفراد والجماعات داخل هذه الوحدات.
رابعا- متغيرات و شروط عملية التكامل: يرى هاس أن المتغيرات و الشروط التي تحكم أي تجربة تكاملية من أي منطقة جغرافية تقسم الى ثلاث مجموعات:
1/ المتغيرات القاعدية: وتتمثل في صفات وقدرات الوحدات الداخلة في عملیة التكامل من حیث: حجم هذه الوحدات، درجة وجود تعددیة أثنية وعرقیة ولغویة داخل هذه الوحدات، توجهات النخب.
2/ المتغيرات لحظة الاتحاد الاقتصادي :وتشمل أهداف الحكومات، طبيعة سلطات ووظائف المؤسسات الجديدة .
3/ المتغيرات الحركية: وتتمثل في نموذج اتخاذ القرار المتخذ، ومعدل التعامل بين الوحدات، وقدرة الأطراف المعارضة أو التي دخلت في عملية التكامل على التكيف مع الواقع الجديد. بالإضافة إلى أهمية توافق النخب الاقتصادية مع النخبة السياسية أو مع القيادة الحكومية.

الفرع الثاني: أفكار أميتاي اتزيوني.
يرى أميتاي ايتزيوني أن التكامل هو عملية امتلاك وسيطرة فعالة في استخدام أدوات العنف والإكراه، من خلال وجود مركز لاتخاذ القرار”، هذا التعريف من ايتزيوني ينطلق من فرضية أن عملية التكامل الاقتصادي تسبق عملية التوحيد أو التكامل السياسي و يمكن تلخيص افكار اتزيوني في النقاط التالية:
اولا- مراحل عملية التكامل عند اتزيوني : ركز اتزيوني دراسته على الوحدة السياسية التي قامت بين عدة دول و توصل الى بناء نموذج تكاملي والذي يمر بأربعة مراحل وهي:
1- مرحلة ما قبل الوحدة: يرى اتزيوني انه لكي يحدث التكامل لابد من وجود اعتماد متبادل بين الأطراف في قطاعات معينة حيث يبدأ التبادل في هذه القطاعات يتسع بين الدول المشتركة في هذا القطاع، و لا يركز اتزيوني بشكل واضح على اثر العوامل المشتركة التي قد تكون موجودة في مرحلة ما قبل التوحيد لان هذه العوامل قد تؤثر على عملية التوحيد كما أن الدول قد تكون في مرحلة ما قبل الوحدة لا تنتمي بالضرورة لنفس المنظمات الدولية أو تنتمي إلى نفس الكتلة السياسية.
2- عملية التوحيد من خلال القوى الفاعلة فيها: وهي التي تبرز فيها قوى التوحيد و التي قد تكون لها طبيعة قسرية و التي تتمثل في الجيش و الشرطة، أو طبيعة نفعية و تتمثل في الجوانب الاقتصادية و الإمكانيات الفنية و الادارية، أو طبيعة مرتبطة بالهوية الاجتماعية و التي تتمثل في الطقوس و الشعارات و القيم التي تسود المجتمع و يمكن استغلالها للتوحيد، وتخضع هذه القوة التوحيدية(بنماذجها الثلاثة) للنخبة داخل المجتمع. وهنا يشير اتزيوني الى أن النخبة من داخل النظام تكون هي المدافع الرئيسي عن التوحيد لا النخبة الخارجية.
3- عملية التوحيد من خلال القطاعات التي شملتها: ويبدأ ظهور هذه المرحلة مع تزايد تدفق السلع و الأفراد و الاتصالات بين الوحدات كما ينتشر التوحيد في قطاع واحد إلى قطاعات أخرى.
4- نضوج عملية التوحيد ووصولها للنهاية المرسومة لها: في هذه المرحلة يكون الاتحاد قد انتشر في مختلف القطاعات ووصل إلى نقطة النهاية، أي تكون المراحل الثلاث السابقة قد أكملت مسيرتها و انتهت، ويشير إلى أن الاتحادات الناضجة أي التي اكتملت في بنائها تختلف فيما بينها من حيث مستويات التوحيد التي توقفت عندها، أي تختلف في مستوى النقطة التي توقفت فيها عن التوسع و الانتشار.
ثانيا: تصنيف اتزيوني لمكونات نظام النخب.
1- منفعيةUtilitarian : تحتوي على وسائل التأثير الإدارية و الاقتصادية و التي تدعم إمكانية هذه النخب بالنسبة لاتخاذ القرارات.
2- التعريفIdentive : يحتوي على وسائل التعريف الوطنية كالمعتقدات و القيم و الحس المدني و السياسي… فهذه الأمور كلها تدخل في الهوية الوطنية.
3- الإكراه Coercive: يحتوي على وسائل العنف و الإكراه إذ تقتضي الضرورة أن تكون هذه النخب مسيطرة عليها.
إذا كان كل نظام نخبة يمتلك هذه المكونات و يحاول تدعيم موقعه منها فانه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة يدعم المؤسسات التكاملية المركزية.
ثالثا: الجماعة السياسية بالنسبة لاتزيوني: و التي تتوفر على المكونات التالية:
1- لها المراقبة الفعالة و الحقيقة بالنسبة لاستعمال وسائل العنف.
2- لها مركز اتخاذ القرار و الذي بإمكانه التأثير على توزيع الثروة و نظام المكافئات داخل الجماعة.
3- لها مركز التعريف السياسي و الثقافي و الحضاري لأغلبية المواطنين.
ومن خلال هذا يمكن القول أن هذه المكونات الخاصة بالجماعة السياسية تتشابه مع مكونات نظام النخبة لأن اتزيوني من بين المقتنعين بأن النخب هي المحرك الرئيسي لعملية التكامل.

الفرع الثالث: أفكار جوزاف ناي.
بدأ جوزاف ناي بمشاركته في الوظيفية الجديدة بانتقاد أفكار كل من هاس،هوفمان،اتزيوني واصفا كل مشاركات هؤلاء بالمبسطة و محدودة المجال إذ ركزت في مجملها على تجربة السوق الأوروبية المشتركة.
أولا: ركز جوزاف ناي في دراسته على التجربة التكاملية في إفريقيا الشرقية.
ومن خلال دراسته لهذه التجربة توصل إلى فرضية أساسية وهي أن التفريق بين السياسة العليا و السياسة الدنيا لا أساس له من الصحة، إذ انه في بعض مناطق العالم الثالث يتحول الرفاه الاجتماعي وما يرتبط به من قضايا ؛من مسائل سياسة الدنيا إلى مسائل السياسة العليا.
ثانيا: انتقاد ناي لعملية التسييس التدريجي لمسار التكامل.
إذ يعتبر ناي أن الو لاءات الأوروبية التقليدية أظهرت منذ القديم ارتباطها بالوطنية الضيقة ولا توجد أية مؤشرات تدل على تغيير في هذا المجال وهذا ما جعل عملية تحويل الولاء مستحيلة.
ثالثا: مجموعة من الشروط لأية تجربة تكامل وهذه الشروط في حد ذاتها مرتبطة بمؤشرات وميكانيزمات التكامل وهي:
1- تجانس و تقارب الاقتصاديات: و هذا الشرط يأخذ بعين الاعتبار متوسط الدخل الفردي في الدول الأعضاء بحيث لا يجب أن يكون هناك تفاوت صارخ، وكذلك الدخل الوطني الخام أو ما عبر عنه أحيانا بحجم الاقتصاد.
2- تماثل قيم النخب: و المقصود هنا هو تجانس قيم معتقدات و مصالح و اديولوجيات النخب المؤثرة في مجتمعات التكامل.
3- التعددية: ويقصد بها التعددية السياسية التي تقتضي وجود مجموعة من الأحزاب مستعدة للتداول على السلطة و التعددية الاقتصادية التي تعني وجود مصالح و جماعات مختلفة كما أن هذه التعددية يمكن أن تمتد حتى إلى الجانب الاجتماعي.
4- إدراك المساواة في توزيع الفوائد: وتعني تجانس و توحيد التصورات نحو عدالة توزيع فوائد التجربة التكاملية.
5- قدرة الدول على التكيف: وهذا الشرط يتمحور حول قدرة الدول الأعضاء في عملية التكامل على تغيير سلوكاتها حتى تتماشى و الظروف الجديدة التي تخلقها عمليتي التكامل و التكيف.
6- ادراك الظروف الخارجية: وهنا يجب معرفة دور البيئة الخارجية على عملية التكامل أي تأثيرها على التجربة التكاملية.
7- انخفاض تكاليف التكامل: وهذا يتطلب ضرورة بقاء تكاليف العملية التكاملية في حدها الأدنى خاصة في المراحل الأولى حتى لا يؤدي ذلك الى انسحاب بعض الدول الأعضاء.
الفرع الرابع: نقد النظرية.
يمكن تلخيض أهم الانتقادات التي وجهت للنظرية فيما يلي:
– عملية توزيع الاستفادة لم تحقق من خلال مسار عملية التكامل في أوروبا فكما هو معروف أن السياسة الزراعية الموحدة cap حققت فوائد كبيرة لفرنسا على حساب بقية الدول الأخرى.
– اهمال الدور القيادي الذي من الممكن ان تقوم به القيادات الوطنية و السلطات الحكومية أمام دور جماعات المصالح التي لم تلعب الدور الرئيسي في عملية التكامل في أوروبا فالأهداف التي رسمتها اتفاقية روما لم تحقق بواسطة هذه النخب بل بواسطة قرارات سياسية و مجموعة من الاعتبارات الخارجية.
– صعوبة فصل النشاطات الاقتصادية و الاجتماعية عن السياسة

 

5/5 - (1 صوت واحد)

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى