الهجرة غير الشرعية من دول افريقيا إلى أوروبا : أسباب وآثار

باسم سامي محمود الشجلاوي– باحث دكتوراه علوم سياسية – كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة بيروت العربية (لبنان)

  • المصدر : مجلة الدراسات الأفريقية وحوض النيل : العدد الخامس آذار – مارس “2019” دورية علمية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي “ألمانيا –برلين” .

المقدمة:

يشهد العالم في الوقت الراهن كثيراً من التطورات والتغيرات المتلاحقة، وذلك في العديد من المجالات الاجتماعية والسياسية، الأمر الذي أفرز العديد من الظواهر السلبية ذات التأثير على بناء الدولة والمجتمع، والتي تحولت إلى ظواهر جديرة بالدراسة في المجتمع الدولي.

وفي ذلك، فقد ظلت ظاهرة الهجرة على امتداد التاريخ الانساني، تستجيب لتطلعات الأفراد في مناطق مختلفة من العالم؛ نحو تطوير حياتهم وتغيير ظروفهم لحياة أفضل. هذا وقد تراجعت حدّة الهجرة مع توجّه الدول إلى فرض التأشيرات ومراقبة الحدود، حيث بدأ الحديث عن هجرة “قانونية” وأخرى” غير قانونية” خلافاً للمواثيق الدولية الداعمة لحرية التنقل واللجوء.

ورغم التحولات التي شهدها العالم في أعقاب نهاية الحرب الباردة، وسقوط جدار برلين وما تلا ذلك من انفتاح اقتصادي وتحرير للتجارة، وحدّ من التعريفات الجمركية، وفتح المجال أمام تداول المعلومات والخدمات بفعل العولمة، فإن هذه التحولات استثنت حرية تنقل الاشخاص.

ويلاحظ أن الهجرة تحوّلت في عصرنا الحالي إلى معضلة، سواء بالنسبة للدول المصدرة أو الدول المستقبلة، وذلك من منطلق تداعياتها وانعكاساتها المختلفة على الطرفين، حيث عرفت ظاهرة الهجرة غير الشرعية في منطقة المتوسط تطوراً غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، وذلك بفعل الازمات العسكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها الكثير من دول منطقة الشرق الاوسط مثل “العراق وسوريا”.

لذا فإن الهجرة غير الشرعية ظلت نتيجة طبيعية لحالة المنع وغلق الأبواب أمام الهجرات الشرعية باتجاه الدول المتقدمة، فالسياسات التي تتبعها الدول الاوروبية في هذا المجال كان لها آثار عكسية، إذ ساهمت في فتح المجال أمام التهريب عبر الحدود “الهجرة غير الشرعية”، من خلال أشخاص يتاجرون في البشر من أجل تحقيق مكاسب مادية([1]).

وعليه فإن الهجرة غير الشرعية قد تتعدى حدود الدولة، بل قد يكون لها أطراف كالدولة المصدرة لهؤلاء المهاجرين غير الشرعيين، والدولة المستقبلة لهم، ودولة العبور” ترانزيت” التي يمرّ المهاجرون فيها بغية الاستقرار في الدولة المقصودة.

تكمن اهمية الموضوع، في الهجرة غير الشرعية بإعتبارها ظاهرة جديدة على الساحة الدولية، وذلك لأنها تفرض نفسها كمشكلة ذات أهمية كبيرة؛ تستدعي أن يكون لها حيّزاً كبيراً في التشريعات الدولية والوطنية، كونها تمس المجتمع الدولي بكامله. هذا وبالاضافة إلى تباين التشريعات الدولية والوطنية المتعلقة بالهجرة غير الشرعية، باعتبارها شكلاً من اشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود.

تكمن إشكالية البحث، في مدى نجاعة التشريعات الدولية للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بعد أن اصبحت هذه الهجرة الهاجس الاكبر للمجتمع الدولي، بسبب عملية تهريب المهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود الاقليمية والدولية؟.

من أجل الاجابة على هذه الاشكالية المطروحة في الدراسة والتساؤلات المنبثقة عنها، فقد اتبعنا المنهج التحليلي من اجل الاحاطة بجوانب الموضوع، والمنهج الاستقرائي من اجل بيان موقف التشريعات الدولية والوطنية، لكي تتم الاجابة عن اشكالية البحث.

وانقسمت هيكلة الدراسة إلى مقدمة وفرعين وخاتمة، حيث تمحور الفرع الأول حول اسباب الهجرة غيرالشرعية، اما الفرع الثاني تمحور حول آثار الهجرة غير الشرعية.

الفرع الأول : أسباب ظاهرة الهجرة غير الشرعية

إن الهجرة غير الشرعية ما هي إلا حركة انتقال فردي أو جماعي من دولة لأخرى؛ وبشكل يتجاوز القوانين النافذة في الدول التي يتم الاتجاه اليها، حيث يتم دخول تلك الدول تسللاً دون تأشيرة دخول أو قد يتم البقاء في دولة المقصد بعد انتهاء مدة التأشيرة([2]).

لهذا، فأن هنالك عدة اسباب تكمن وراء الهجرة غير الشرعية، من بينها الاسباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وقد أشار البعض إلى أن ثمة ارتباطاً وثيقاً بين الازمة المالية العالمية وقضية الهجرة الدولية، سواء أكانت نظامية أم غير نظامية، حيث تدفع الازمة بالملايين من الشباب العاطلين عن العمل ليزداد بذلك عدد المهاجرين غير الشرعيين عبر العالم القادمين من الدول النامية ودول العالم الثالث، ومن ثم تأتي الهجرة كأحد الحلول أمام اليائسين الذين يبحثون عن فرصة عمل في أي مكان من العالم.

وعلى الرغم من أن الهجرة عملية اختيارية يقوم بها الفرد بمحض إرادته لغرض معين، كالبحث عن عمل أو لأي سبب آخر، فإن الهجرة قد تكون إجبارية في عدد من الحالات، وهي الحالات التي يترك فيها الفرد وطنه نازحاً إلى مكان آخر تحت وطأة ” الحروب أو لدوافع دينية أو سياسية أو اقتصاديه”([3]). وفي محاولة لتقييم الأسباب التي تدفع للهجرة غير الشرعية، سوف نتطرق تباعاً إلى ما يلي:

أولا- الاسباب الاقتصادية وظاهرة الهجرة غير الشرعية:

من بين الاسباب الرئيسية للهجرة غير الشرعية، التباين في المستوى الاقتصادي بين ما يعرف بالدول الطاردة والدول المستقبلة، ومرجع هذا التباين هو أن وتيرة التنمية في الدول الطاردة تسير ببطئ شديد، على ما هو الحال عليه في الدول المستقبلة، وهذا من شانه أن ينعكس سلباً على الاوضاع الاقتصادية في الدول الطاردة بما يؤدي إلى انخفاض مستوى الدخل الفردي، وارتفاع الاسعار وزيادة معدلات البطالة([4]).

ومن الواضح أن البلدان الطاردة أو تلك التي تشهد هجرة غير شرعية تفتقر إلى التنمية وتعاني من قلة فرص العمل، وانخفاض الاجور ومستويات المعيشة، كما أنها تعاني من البطالة

الشديدة التي يرزح تحت وطأتها عدد كبير من السكان، وخاصة الشباب منهم والحاصلين على مؤهلات جامعية.

ويحلو للبعض التأكيد بأن الهجرة حتى لو كانت غير شرعية، فإنها قد تنطوي على آثار ايجابية، وذلك على اعتبار أن تحويل المهاجرين لأموالهم أمر ذو أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة للدول المضيفة ودول المنشأ على حد سواء.

ثانياً: الاسباب الاجتماعية لظاهرة الهجرة غير الشرعية:

تعيش المجتمعات العربية بمختلف شرائحها الاجتماعية والثقافية جملة من التناقضات الاجتماعية، بل وحتى الصراعات، وهذه التناقضات تتصل بالمشروع المجتمعي للمنطقة وخصوصاً على مستوى التوفيق بين الاصالة والحداثة، وذلك في مختلف الجوانب الحياتية للأفراد والجماعات (كطبيعة الاسرة والعلاقة بين الرجل والمرأة)، فدور المرأة في المجتمع ملتبس، وهو يتأرجح بين الواقع والقيم؛ وكذلك دور الدين والديمقراطية والحريات الحزبية، والمواطنة والولاء ويمتد ذلك إلى الفئات الاجتماعية ( لا سيما الشباب) الذين يعيشون صراعاً مع القيم الاجتماعية السائدة؛ حيث ينتج عن ذلك تباين وجهات النظر حول العديد من القضايا الاجتماعية، ما يدفع كثيراً من اليائسين إلى الشعور بالغربة داخل المجتمع، ليتضح من بعد ذلك أن هجرة الشباب الشرعية وغير الشرعية تحمل في طياتها دلالات مجتمعية عميقة، تعبر عن الاحتجاج على الاوضاع الراهنة وسخط الشباب على واقعهم ما يدفعهم إلى الهجرة ([5]).

ومما سبق نلاحظ أن الاسباب الاجتماعية ساعدت وبقوة في تحريك الهجرة غير الشرعية.

ثالثاً- الاسباب السياسية لظاهرة الهجرة غير الشرعية:

تعبر المواطنة عن العلاقة أو الرابط القانوني التي تربط الفرد والدولة. وتتحدد هذه العلاقة بواجبات الفرد تجاه الدولة تماهياً مع الحقوق التي يتمتع بها داخلها، وتختلف هذه الحقوق والواجبات من دولة إلى أخرى. فدول العالم الثالث تعاني من الحرمان في ابسط الحقوق، ومنها حرية التعبير عن الرأي وغياب مبادئ حقوق الانسان واحترام الحريات العامة، بحيث يتولد لدى الافراد حالة من الشعور بعدم الامان، ويصاحب ذلك عادة محاولة التخلص من هذا الواقع السيء، عبر التفكير في الهجرة باعتبارها من أنجع الحلول والرغبة في البحث عن ملجأ.

ومثال على ذلك تضيق أو ما يسمى بالتغييب على المستوى السياسي، فقد شهد العراق في العشرين عاماً حربين مدمرتين، هما حرب الخليج الاولى والثانية، وبعد ذلك جاء الغزو الامريكي للبلاد في سنة (2003). وكذلك الامر في لبنان فما أن انتهت الحرب الاهلية التي دامت أكثر من عقدين من الزمن حتى وقع في الحرب مجدداً التي شنهّا عليه الجيش الاسرائيلي سنة (2006).

وعليه فإن زيادة الهجرة غير الشرعية ترتبط بالدوافع السياسية المتمثلة بالآتي([6]):

  • تضييق مساحات الحريات السياسية أو الحرية في التعبير أو ما يسمى بالتغيب على المستوى السياسي.
  • الحروب والنزاعات الداخلية المسلحة، وما ينتج عنها من ترهيب للمدنيين عبر ارتكاب جرائم ضدهم، وهو ما يحصل بالنسبة لغالبية الدول العربية حالياً، مما دفع بمواطني هذه الدول للهجرة إلى أوروبا.
  • وجود اضطرابات أمنية داخلية، وهو الحال الذي مرت به ولم تزل تمرّ به بعض الدول العربية مثل (العراق وسوريا ولبنان وليبيا واليمن)، بسبب الحروب في تلك الدول.

الفرع الثاني : آثار الهجرة غير الشرعية

أصبحت ظاهرة الهجرة غير الشرعية مشكلة رئيسية تؤرق الدول المستقبلة للمهاجرين. وتعتبر القارة الاوروبية هي الوجهة الاولى للمهاجرين غير الشرعيين من دول شمال إفريقيا والقارة الامريكية، وهي كذلك الملاذ لسكان المكسيك وكندا وآسيا.

وإن السبب الرئيسي لزيادة الهجرة غير الشرعية يعود إلى الحروب في منطقة الشرق الاوسط، كما أنه من الجدير بالذكر أنه نظراً لأحداث 11أيلول/ سبتمبر لسنة (2001)، فقد تم تضييق وتقليل الفرص أمام العرب للهجرة إلى الولايات المتحدة الامريكية وذلك لأسباب أمنية([7]).

تنعكس سلباً على كافة جوانب الحياة في الدولة المعنية وخصوصاً في النواحي الاقتصادية والاجتماعية([8]). لهذا سوف نتناول آثار ظاهرة الهجرة غير الشرعية على النحو التالي:

أولاً- الأثر الاقتصادي:

بداية لا بد وأن نشير إلى أن الناحية الاقتصادية تتأثر بها كل من الدولة المهاجرة الاصلية والدولة المستقبلة، حيث تتأثر موازين المدفوعات فيها جميعاً نتيجة لتلك الهجرة.

أما الجانب السلبي في الشق الاقتصادي فهو ينعكس على الدولة المستقبلة للمهاجرين غير الشرعيين وكذلك على الدول المصدرة لهم يتمثل في كل من الآتي:

  • التأثير السلبي الشديد على الدولة المهاجر منها الفرد، وخاصة إذا كان من ذوي المهارة، والخبرة أو كان من العقول المفكرة، وما يتبع ذلك من خسارة على اقتصاديات تلك الدولة لعدم إمكان الاستفادة منه. وعلى العكس تماما نجد أن الدول المستقبلة لتلك العمالة قد استفادت من تلك العمالة وتمكنت بفضلها من تحقيق قدر كبير من الاستغلال لإمكانات المهاجرين وخبراتهم، الامر الذي يترتب عليه نجاح اقتصادها وزيادة في دخلها([9]).
  • على الرغم من أن الهجرة قد تساعد في القضاء على البطالة في دولة المهاجر الاصلية، إلا إنها لم تقضي عليها كلياً، وفي مقابل ذلك أنه لا يوجد هنالك تخطيط في الدولة المهاجر منها لسد ذلك العجز الذي يحدث جراء هذه الهجرة.
  • زيادة معدلات التضخم في دولة المهاجر الاصلية، حيث يتم إنفاق معظم التحويلات منه على الاستهلاك، والذي لا يعود بالنفع على التنمية أو المشروعات داخل الدولة الاصلية.

أما الأثر الاقتصادي للهجرة “باعتبارها جريمة منظمة”، فقد سبق وأوضحنا تعريف الهجرة غير الشرعية مقروناً بتعريف الجرائم الناتجة عن دخول أراضي دولة ما بدون إذن مسبق منها، وسلطة تلك الدولة تجاه المهاجرين، كما أوضحنا أن هنالك عصابات منظمة، يقوم بناؤها التنظيمي على تصدير وتهريب هؤلاء المهاجرين، بالنظر لما ثبت وجود عائد مالي ضخم ناتج عن تلك التجارة([10]).

بناء على ما سبق، نستطيع أن نصف الهجرة غير الشرعية سواء كانت فردية أو جماعية، بالهجرة التي يكون لمنظمات التهريب الدور البارز في تسهيل وتقديم يد المساعدة للمهاجرين غير الشرعيين، عن طريق الدخول إلى تلك الدول بإعطاء المهاجرين جواز سفر مزور أو إذن إقامة مزور أو غير ذلك، مقابل كسب المال من المهاجرين.

وعليه فإن الآثار التي تترتب على الهجرة غير الشرعية قد تؤدي إلى خلق ما يعرف بالجريمة المنظمة، التي من خلالها تستطيع جماعات إجرامية “منظمة”، بتهديد الاقتصاد الاقليمي والعالمي عن طريق التدخل في الدول التي تمر بمراحل تحول اقتصادها إلى اقتصاد السوق، حيث تتدخل فيها بشكل يتمثل في قيامها بغسل أموالها المتحصلة من تجارتها غير المشروعة، وذلك لا يتم دفع ضرائب على تلك الاموال، مما يؤدي إلى حرمان الدولة التي يتم غسيل الاموال فيها من موارد مالية إضافية كان من الممكن توظيفها في مشروعات عامة واستثمارية نافعة([11]).

ثانيا-الأثر الاجتماعي:

تؤدي الهجرة عموماً الى تغيير التركيبة الاجتماعية لكل من دول المهجر ودول المصدر، كنتيجة لما يسمى بالانتقاء الهجري، حيث يترتب على الهجرة انتقاء العناصر الشابة من المجتمع وبصفه خاصة الذكور إلى دول المهجر، مما يؤثر بالسلب على التركيبة الاجتماعية للمجتمع” المهاجر منه والاخرى المهاجر إليه”، إلا أننا نجد أن عامل نقص الخصوصية في الدول الاشتراكية قليل الهجرة من تلك دول إلى حد ما([12]).

وتساعد الهجرة إلى حد كبير في تغيير الخريطة السكانية للمنطقة؛ وذلك لضخامة عدد المهاجرين، بالنسبة للسكان الاصليين، حيث يظهر ذلك بصورة واضحة في الدول النفطية. لأن أكثر المهاجرين هم من الدول النفطية، بالإضافة إلى ذلك هنالك ازدواجية الولاء عند المهاجرين، حيث أن الهجرات المؤقتة في نظر السكان الاصليين هي هجرات للاستثمار، قد ينتج عنها مضاعفات اجتماعية وسياسية خطيرة.

ومن الطبيعي أن يتم التعامل في الدول المستقبلة للمهاجرين بنظام مختلف عما يتم التعامل به مع المواطن الاصلي، مما ينتج عنه الشعور بالضيق والاضطهاد. نتيجة التفرقة وقد تحدث هذه بسبب في المعاملة، بغض النظر عن خبرة ومؤهلات وكفاءة ذلك المهاجر.

بالاضافة الى ارتفاع معدلات الامية نتيجة عدم كفاية الخدمات التعليمية، وغياب الرعاية الصحية لتغطية احتياجات السكان الاصليين، إضافة إلى السكان المهاجرين، الامر الذي قد ينتج عنه تدهور المستوى السلوكي للافراد تزامناً مع انتشار العديد من الجرائم المنظمة، واضعاف الكيان الاجتماعي للسكان الأصليين نتيجة الهجرة غير المشروعة لعدد من الايدي العاملة.

الخاتمة:

إن الهجرة غير الشرعية تشكل مشكلة حقيقية، وعلى الدول التعاون لوقفها وبالذات للحد من خطر عصابات تهريب المهاجرين، فهذه العصابات تتكون من شبكات اجرامية تقوم باستغلال هؤلاء المهاجرين الضعفاء، من خلال استغلال حاجتهم للهجرة عن طريق خرق القوانين والنظم المتبعة للهجرة في رحلات غير مضمونة النتائج.

لهذا فإن الملاحظ في الهجرة غير الشرعية لها اسبابها ومبرراتها ودوافعها، التي تجعلها في ازدياد مضطرد، وذلك حتى تحولت إلى مشكلة دولية تعاني منها جميع الدول على حد سواء في ضوء الآثار السلبية لهذه الظاهرة وتداعياتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والامنية، نتيجة ارتكاب المهاجرين مخالفات قانونية.

وأخيراً وليس آخرى، نصل إلى أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية ظاهرة معقدة وخطيرة بكل ابعادها القانونية والاجتماعية، وبالتالي لا يمكن القضاء عليها أمنياً أي عن طريق اتخاذ التدابير الامنية، وإنما للقضاء عليها يجب البحث في الاسباب المؤدية إليها بمختلف زواياها، حيث يجب التركيز لأجل تحقيق ذلك بالاعتماد على التنمية.

الاستنتاجات

من خلال ما تم بحثه في هذه الدراسة، تم التوصل إلى بعض الاستنتاجات، وأبرزها:

  • الهجرة غير الشرعية ليست مجرد ظاهرة عادية، بل هي حسب التكييف القانوني جريمة يعاقب عليها كل من القانون الداخلي والدولي، كما من الجرائم المنظمة العابره للحدود.
  • ظاهرة الهجرة غير الشرعية تعني دخول شخص دولة أخرى بشكل غير شرعي أو حتى بشكل شرعي، ومن ثم تعمد مخالفة القانون في الدولة المضيفة كإنتهاء مدة الاقامة وعدم المغادرة، مع وجود نية الاقامة في تلك الدولة.
  • هنالك العديد من الآثار السلبية التي تترتب على الهجرة غير الشرعية، وهذه الآثار لا تقتصر على الدول المهاجر إليها بل تمتد لتطال الدول المهاجر منها، وهذه الآثار هي آثار اقتصادية واجتماعية وامنية.

المقترحات:

وفي طور هذه الإستنتاجات توصّلت دراسة البحث إلى عدة مقترحات، منها:

  • يجب أن تتم مكافحة الهجرة غير الشرعية في إطار الاحترام الصارم لحقوق الانسان وكرامته إلى جانب التعاون الدولي والوطني، والمسؤولية المتبادلة بين دول المنشأ والعبور والجهة المقصودة.
  • نظراً لأن ظاهرة الهجرة غير الشرعية أصبحت من الظواهر العالمية الخطيرة، وأصبحت ترتكب بشكل منظم، ومن خلال عصابات منظمة وبأشكال وطرق ومسالك مختلفة، نعتقد أن الجهود الدولية لمكافحة هذه الجريمة قليلة على المستوى العالمي، حيث لا يكفي أن يكون هناك بروتوكول معني بمكافحة هذه الجريمة، بل لابد من إبرام اتفاقيات دولة شارعة أخرى من أجل التعاون لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
  • نعتقد أن موضوع الهجرة غير الشرعية مرتبط بشكل كبير بموضوع التنمية، حيث أن المجتمعات التي تعاني من تعثر التنمية فيها تكون في الغالب دولاً مصدرة للهجرة غير الشرعية، بينما الدول التي تشهد تقدماً في مجال التنمية تكون دولاً مستقبلة للهجرة غير الشرعية، والتنمية هنا يجب أن تكون على كافة الاصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إلى جانب إحترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية.

لائحة المراجع

  • السيد أحمد مرجان، الانعكاسات السلبية للجريمة المنظمة في ضوء الدستورية وأحكام الشريعة الاسلامية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005.
  • شريف سيد كامل، الجريمة المنظمة في القانون المقارن، دار النهضة العربية، القاهرة، 2008.
  • صلاح الدين فوزي، الإطار العام لمكافحة الهجرة غير الشرعية ، العدد63، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، مصر.
  • عباسة دربال صورية وأخرون، الهجرة غير الشرعية والتعاون الدولي، كتاب الهجرة غير الشرعية في منطقة البحر الابيض المتوسط” المخاطر واستراتيجية المواجهة”، ط1، دار الرافد ناشرون، بيروت، 2014.
  • عزت حمد الشيشيني، مكافحة الهجرة غير شرعية، ط1، جامعة نايف للعلوم الامنية، الرياض، 2010.
  • عصام توفيق قمر واخرون، المشكلات الاجتماعية المعاصرة، دار الفكر، ط1، عمان، 2008.
  • محمد عربي وأخرون، الهجرة غير الشرعية في منطقة البحر الابيض المتوسط” المخاطر واستراتيجية المواجهة”، ط1، دار الرافد ناشرون، بيروت، 2014.
  • هشام بشير، الهجرة العربية غير الشرعية إلى أوروبا” اسبابها- تداعياتها- سبل مواجهتها، العدد 178، مجلة السياسة الدولية، مركز الاهرام، القاهرة، 2010.
  • وليم نجيب جورج، مفهوم الجرائم ضد الانسانية في القانون الدولي، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، بيروت، 2008.
  • يحيى علي حسن الصرابي، المشروعية القانونية والابعاد الامنية للهجرة الوافدة، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى جامعة عين شمس، مصر 2009.

([1]) عزت حمد الشيشيني، مكافحة الهجرة غير شرعية، ط1، جامعة نايف للعلوم الامنية، الرياض، 2010، ص150وما بعدها.

([2]) صلاح الدين فوزي، الإطار العام لمكافحة الهجرة غير الشرعية ، العدد63، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، مصر، 2017، ص49.

([3]) وليم نجيب جورج، مفهوم الجرائم ضد الانسانية في القانون الدولي، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، بيروت، 2008، ص364.

([4]) صلاح الدين فوزي، الإطار العام لمكافحة الهجرة غير الشرعية ، مرجع سابق ،ص49.

([5]) عصام توفيق قمر واخرون، المشكلات الاجتماعية المعاصرة، دار الفكر، ط1، عمان، 2008، ص22 وما بعدها.

([6]) عباسة دربال صورية وأخرون، الهجرة غير الشرعية والتعاون الدولي، كتاب الهجرة غير الشرعية في منطقة البحر الابيض المتوسط” المخاطر واستراتيجية المواجهة”، ط1، دار الرافد ناشرون، بيروت، 2014، ص81-82.

([7])محمد عربي وأخرون، الهجرة غير الشرعية في منطقة البحر الابيض المتوسط” المخاطر واستراتيجية المواجهة”، ط1، دار الرافد ناشرون، بيروت، 2014، ص23.

([8]) يحيى علي حسن الصرابي، المشروعية القانونية والابعاد الامنية للهجرة الوافدة، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى جامعة عين شمس، مصر 2009، ص246.

([9]) هشام بشير، الهجرة العربية غير الشرعية إلى أوروبا” اسبابها- تداعياتها- سبل مواجهتها، العدد 178، مجلة السياسة الدولية، مركز الاهرام، القاهرة، 2010، ص6.

([10]) تعتبر الجريمة المنظمة الغير وطنية ذات آثار سلبية كبيرة قد تصل إلى حد التدمير على الدول والمجتمعات، وذلك يتوقف على درجة تطور تلك الدولة الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجي من ناحية، ومدى تماسك وصلابة مؤسساتها وأجهزتها التنفيذية والتشريعية والامنية من ناحية أخرى، لإعاقة ذلك النوع من الجرائم لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية زيادة على ما تشكله من خطر وتهديد مباشر للأمن الاقليمي والعالمي؛ ينظر إلى السيد أحمد مرجان، الانعكاسات السلبية للجريمة المنظمة في ضوء الدستورية وأحكام الشريعة الاسلامية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005، ص10 وما بعدها.

([11]) شريف سيد كامل، الجريمة المنظمة في القانون المقارن، دار النهضة العربية، القاهرة، 2008، ص 7.

([12]) يحيى علي حسن الصرابي، المشروعية القانونية والابعاد الامنية للهجرة الوافدة، مرجع سابق، ص35 وما بعدها.

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button