دراسات جيوسياسيةنظرية العلاقات الدولية

دراسة في العلاقات الدولية: النظريات الجيوسياسية, النظريات البيدولتية, نظريات العالمية

للمسرود لونه، وللنظرية أفقها، كلاهما برسمان موقعيهما، ويضبطان مسبقة حدودهما التي تفرضها ذاتية المؤلف. ما من مفكر يخلو وقاضه من المعرفة الموضوعية الكاملة للعالم الذي يتساءل حوله، إلا ويبدأ بطرح قضية الأحكام المسبقة التي سبر (هانز جورج غادامر Hans Georg Gadamer) أغوارها، بوصفها قضية مرتبطة بالرؤى المطروحة حول العالم كله، وبمختلف النماذج. يعتقد غادامر، مهندية بالأبستمولوجيا الألمانية التي عرفت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، لاسيما تيارها التأويلي، الذي يرى – منذ (فيلهم ديلتاي – Wilhem Dilthey)- أن منتجات الفكر البشري ترتبط بالظروف التاريخية والتجربة المعيشة)، وأن القضية المعنية تتفرع على النحو التالي:

– في المقام الأول، ينشأ الفهم عن الحكم المسبق، أي عن رأي مسبق يقف أو لا يقف في وجه الوقائع. ويرى هذا الفيلسوف الألماني أن مفكري عصر التنوير أخطؤوا في استمرارهم بالتقليل من أهمية الرأي المسبق، وظنوا أنهم بمنأى عنه. وهو رأي تشترك فيه ( حنا آرنت –H . Arendt )، التي أشارت إلى أن اليونانيين اكتشفوا أن عالمنا المشترك عادة ما بعد بوصفه مؤلفة من عدد لا متناه من الحالات المختلفة، ترتبط بها أكثر وجهات النظر اختلافا”(3). وبما أن الإنسان ينتمي إلى التاريخ، كما يرى (غادامر)، ولأنه قبل معرفته بالماضي، يدرك، بشكل عفوي، الوسط الذي يعيش فيه، وأن ” الأحكام المسبقة التي يطلقها الفرد تشكل الواقع التاريخي لكينونته أكثر مما تشكلها الأحكام قبل أن يعرف الماضي، “4”. وفي المقام الثاني، وهو الأهم، تراه – كأي ممثل – منخرطا في حالة معينة، أي في مكان يقيم فيه، ويحد من إمكانيات رؤيته، وهو ما ينتج عنه مفهوم “الأفق الذي يعرفه (غادامر) بوصفه مجال الرؤية الذي يتضمن ما يمكننا رؤيته من وجهة نظر محددة، وينطوي عليه”(1).

وبطبيعة الحال، هذا الحد يعني من يراقب الحياة العالمية التي تتحدد فيها، بالضرورة، رؤية العالم التي تلقنها في أغلب الأحيان. لكنها تصيب الفلسفة التي مبدأ سببها principe de raison” ، كما يقول كل من (جيل دولوز GDeleuze وفيلكس غاتاري F . Gatari) هو مبدا سببي لازم، إذ لا وجود لسبب وجيه إذا لم يكن لازما .

تحميل الجزء الاول

تحميل الجزء الثاني

تحميل الجزء الثالث

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى