دراسات سياسية

انفجار غزة والفشل المقصود – وليد عبد الحي

الانفجار الذي وقع في غزة مستهدفا ” ذيل” موكب رئيس وزراء سلطة التنسيق الامني أثار تكهنات حول الجهة التي تقف وراءه ودوافعه..ومسارعة أطراف في سلطة التنسيق الامني لاتهام حركة حماس “بالغمز او اللمز” يستدعي تأمل المشهد من خلال تحديد البيئة والزمن الذي جرت فيه “المحاولة”:
أولا: ثمة هدف مركزي مشترك لكل من الولايات المتحدة واسرائيل وسلطة التنسيق الامني وهو ” زيادة الضغط على حركة حماس ” لتسليم الشأن الامني في القطاع لسلطة التنسيق الامني، وهو ما يعني تحويل القطاع إلى منطقة منزوعة السلاح ومنزوعة المقاومة، ولانجاز هذا الهدف تم اعتماد سياسة التجويع والافقار والضغط النفسي والمعنوي على سكان القطاع بهدف تأجيج المشاعر الشعبية في القطاع ضد المقاومة، ولما لم تؤت هذه الاستراتيجية أُكُلها ، كان لا بد من الضغط بوسائل أخرى ، ويبدو أن الاستراتيجية الجديدة تقوم على اساس خلق الانطباع بأن المصالحة الفلسطينية تحتاج ” لبيئة أمنية راسخة” لضمان قدرة أجهزة سلطة التنسيق الامني وإداراتها على اداء وظائفهم في القطاع، وعملية التفجير تعني تفجير سؤال محدد هو : كيف ستعود السلطة لممارسة عملها في القطاع إذا كان الجانب الامني ليس بيدها ؟ وهو ما يعني ان المرحلة القادمة ستعرف مطالب من السلطة بأنها ستشترط مزيد من الصلاحيات ” الأمنية” في القطاع ، وهو ما يعني التسلل الهادئ إلى الجسد الامني في غزة ، ليكون أول الغيث ثم ينهمر، وصولا لجعل كل السلاح ” بيد السلطة”..وهو الهدف المركزي والاستراتيجي والأهم لكل من اسرائيل وواشنطن وسلطة التنسيق الامني .
ثانيا: ان التفجير ليس المقصود منه قتل رئيس الوزراء، ولو كانت حماس تريد قتله فإن الامر لن يكون بهذه الطريقة وبهذا ” الفشل المقصود” ، لكن ذلك سيوفر لرئيس سلطة التنسيق الامني عذرا جديدا للامتناع عن زيارة غزة التي لم يزرها لا لعدم توفر الظرف الامني بل باعتبار عدم الزيارة طريقة لاستمرار الضغط على غزة. والانفجار يوفر مبررا جديدا لعدم القيام بالزيارة لان غزة ” غير آمنة” والدليل هو ما جرى مع الحمدالله، لذا يصبح امتناع الرئيس مبررا ويستمر الضغط على غزة.
ثالثا: المسارعة لاتهام حماس بعد دقائق من الانفجار هي محاولة لتحميل حماس (امام مصر بشكل خاص وأمام المجتمع الغزي) المسؤولية عن عدم توفير الظروف التي تجعل بيئة المصالحة الفلسطينية قابلة للتنفيذ. والغريب ان الناطق الرسمي باسم حركة فتح طالب بضرورة الاعلان عن نتائج التحقيق باقصى سرعة ، ويحمل حماس مسؤولية أي تأخير ، رغم ان سلطته لم تعلن حتى الآن عمن اغتال ياسر عرفات رغم مرور ثلاثة عشر سنة على الحادث.
رابعا: هل التزامن التقريبي لعملية “الفشل المقصود” معزول عن الاجتماع الذي تم عقده بين عدد من الدول العربية واسرائيل والولايات المتحدة لبحث موضوع “الظروف الانسانية ” في قطاع غزة ، مع ملاحظة ان الاجتماع تشارك فيه الدول التي تصنف حركة حماس كحركة ارهابية ، وتم ترتيب الاجتماع من قبل مستشار ترامب وزوج ابنته ” كوشنير” ومن قبل الممثل الشخصي له في المفاوضات الدولية “جاسون غرينبلات”، ولعل الغياب العلني للسلطة عن المشاركة لا ينفي ” الحضور الخفي” على غرار ” الفشل المقصود”.
لعل المدخل الأنسب لتحليل الحدث هو ” فتش عن المستفيد” ، ولا ارى ان حماس مستفيدة بأي شكل من الأشكال من عملية ” الفشل المقصود” ولكن الانفجار يوفر معطى جديد للمطالبة بالخضوع الامني لغزة لسلطة التنسيق الامني..ربما.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى