أيا كانت الرواية الأصدق لوفاة الرئيس المصري محمد مرسي ماديا عام 2019 ، فإن وفاته المعنوية عام 2013 كانت في قتل ” الشرعية” التي كان لها أن تؤسس لبناء سياسي يخرج مصر من سلطة فوهة البندقية، فموت مرسي المادي هو موت لشخص، لكن موته المعنوي هو موت لنهج استقرت عليه تقاليد الدول المتطورة، وهو موت لأكثر من 13 مليون و230 الف اختاروه للرئاسة، وسيحولون موته الى قصة وجدانية تتوارثها الأجيال ويمتد معها عمره.
ان الموضوعية تقتضي التمييز بين مواقف مرسي السياسية او مواقف الاخوان المسلمين بشكل عام من ناحية ، وبين ارادة الشعب الحرة في الاختيار من ناحية ثانية ، فمن حقك ان تقبل او ترفض مواقف الاخوان في أي قضية محلية او اقليمية او دولية، وأنا ممن لا يشاركون الأخوان آراءهم السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية بشكل يكاد ان يكون تاما، ولكن ليس من حقي او حق غيري ان يرفض “رأي الاغلبية ” لانها لم تكن على هواه حتى لو كانت هذه الاغلبية ” دهماء” كما اعتقد سقراط.
لقد آن الأوان لطبقة ” الشوغن” العربية ان تغادر المسرح العربي لتفتح المجال امام ” مييجي” العربي، لقد انهزم ” الشوغن ” العربي في كل معاركهم الخارجية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وكلما لاح في الأفق ” مييجي ” عربي خنقوه في مهده.
أرى بعد وفاة مرسي، ان المناقشة لا يجب ان تذهب ” لمواقفه وسياساته” ، بل الى مسار كان سيضع الاخوان المسلمين في كرسي السلطة ليطبقوا برنامجهم، فإن افلحوا صفقنا لهم لو كانوا صادقين بل واعتذرنا لهم عن سوء تقديرنا او فهمنا لمشروعهم ، وان فشلوا سينفض الناس من حولهم كما انفضوا عن غيرهم.. وكثيرا ما قيل ان الاخوان اذا جلسوا في كرسي السلطة لن يغادروه، وكأن الأخرين قدموا نماذج باهرة على المغادرة، فكلهم “ثاوٍ مَلَّ منه الثُواء”.
يعترف ” الشوغن ” العربي بهزائمهم امام الخارج ويخلقوا الف مبرر لذلك، لكنهم يتنمرون على شعوبهم رغم ان برامجهم لم تعط المنطقة العربية الا الدم والدموع…فلا هُم حموا الأوطان، ولا هم عمروها…ولا هم تخلوا عن “فوهات بنادقهم”…