أخبار ومعلومات

المنحة السياحية..رحلة بحث “مضنية” من أجل 85 أورو

يزيد تراجع قيمة صرف الدينار الجزائري في الفترة الأخيرة من تأثيرات في المعاملات المالية وطلب المنح السياحية من قبل المواطنين، يكاد يخرجها من دائرة الحق المضمون لكل مواطن إلى غيرها، في وتيرة “تغذي” إلى حد كبير ظاهرة ازدواجية السوق المالية الوطنية، التي قد تكون فريدة من نوعها على مستوى العالم، وتنعش بذلك السوق السوداء عبر رفع سعر “الدوفيز” بها، على الرغم من ركود نشاط الرحلات بسبب كورونا.

وضمن هذه المعطيات، تواصل المنحة السياحية في الجزائر “انكماشها” بمرور الوقت، لتبلغ في الوقت الحالي 85 أورو في سنة كاملة، مقدمة بذلك فرصة من ذهب للسوق الموازية للعملة الصعبة، من خلال “تحويل” طلبات الحصول على “الدوفيز” إليها بشكل حتمي، من منطلق أنّه لا يمكن أن يكتفي أي شخص يسعى للسفر إلى خارج التراب الوطني (مهما كان سبب السفر العلاج أو الدراسة أو السياحة..) بمنحة تنتهي قبل خروج المسافر من مطار البلد الأجنبي، وهو ما يمس بكرامة المواطن الجزائري في الخارج.

وعلى هذا الأساس، تصمد أسعار العملة الصعبة في معاملات الصرف غير الرسمية في مستوياتها العالية جدا، على الرغم من تضافر كل المعطيات التي كان من المفروض أن تدفعها إلى التراجع، بحكم أنّ الرحلات إلى الخارج تقلصت من جراء تبعات كورونا إلى مستوى غير مسبوق، بينما تعطلت العديد من التظاهرات الدينية، على غرار العمرة والحج، في ظل تحديد العدد، وكذلك المناسبات الاقتصادية، كما هو الشأن بالنسبة لتنظيم المعارض الدولية السنوية، التي أجلت إلى وقت لاحق لدواعي صحية. ومع ذلك، فإنّ سعر الأورو في ساحة “بور سعيد” مثلا بلغت أمس، حسب الأصداء التي جمعتها “الخبر”، 210.3 عند الشراء و210 عند البيع، الأمر الذي يؤكد على أنّ هذا النوع من المعاملات “المالية” لا تزال منتعشة بالرغم من جميع الجهود للتصدي لها.

وموازاة مع هذا، يعاني المواطن الراغب في السفر نحو الخارج للعلاج أو الدراسة وغيرها من الأسباب، في رحلة بحث ماراطونية مضنية من أجل الحصول على منحة لا تفوق 85 أورو، منتقلا من بنك إلى آخر لتحصيل هذه القيمة من العملة الصعبة، وهو يسمع في كل شباك بنك يقف أمامه تبريرات لا تشفي الغليل أو تغني من جوع الحرمان. فيما يعود هذا “المواطن” في العديد من المرات أدراجه خاوي الوفاض، مكتفيا بإجابة واحدة من مسؤول شباك العملة الصعبة بالبنك “لا يوجد دوفيز”.

بالمقابل، يرجع أحد البنوك العمومية التي وقفت “الخبر” عندها ضعف هذه القيمة من المنحة السياحية إلى هذا الحد، إلى تراجع قيمة العملة الوطنية مقابل أهم العملات، لاسيما العملة الأوروبية الموحدة “الأورو” والدولار، حيث بلغت بالنسبة للأورو في المعاملات الرسمية ما يفوق 166 دينار، وهو ما يجعل البنوك غير قادرة على تسليم منحة تفوق 85 أورو.

وعلى الرغم من تواضع هذه القيمة، إلاّ أنّ بعض البنوك العمومية ـ حين لا ترفض تسليمها مباشرة ـ تفرض ضرورة ختم جواز السفر من قبل الإدارة المصدرة له، للتأكيد على أنّ المعني لم يستلم المنحة من قبل، ما يجعل رحلة المواطن تدخل في متاهات الإدارة والبيروقراطية، في وقت كانت تكتفي هذه المصارف في السابق بالتأكد من عدم ختم الجواز من قبل أي بنك خلال السنة كشرط لتسليم “المنحة السياحية”.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى