تحديات بناء الدولة العراقية بعد عام 2003: دراسة جيوستراتيجية (3)

اطروحة تقدم بها الطالب علي حسين احمد  الى مجلس كلية العلوم السياسية/ جامعة النهرين وهي جزء من متطلبات نيل درجة الدكتوراه  فلسفة في العلوم السياسية/ الإستراتيجية، 2016.

الفصل الثالث: التحديات الخارجية لبناء الدولة العراقية 

أخذ اقليم الشرق الاوسط مكانة محورية في اهتمامات القوى الدولية المتنافسة على المصالح والنفوذ والمكانة، لخصائصه الجيوستراتيجية، فهو من اكثر المناطق أهمية للمصالح الحيوية لهذه القوى، لتأثير موقعه الجغرافي وموارده على نمط التوازنات الجيوستراتيجية في هيكل توازن القوى الدولية غير المستقر بين أطراف تسعى للحصول على موقع الارجحية، واطراف تسعى لتصحيح الخلل في التوازن واستعادته، فتحول الشرق الاوسط منذ القرن التاسع عشر الى ميدان رئيس للتنافس والصراع الدولي([1])، وتنشط في المنطقة اربع قوى عالمية رئيسة في مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية، الدولة الاقوى عسكرياً في العالم، والتي ترى ان لها مصالح إستراتيجية في المنطقة يجب حمايتها واول هذه المصالح مصادر الطاقة التي تسيطر عليها وتتحكم بتدفقها، ولا ترغب في ظهور قوة تنافسها سواء كانت إقليمية، او دولية، والمصلحة الثانية إلتزامها بأمن إسرائيل والدفاع عنها، وحددت الولايات المتحدة الامريكية الارهاب بوصفه التهديد الرئيس لأمنها القومي، ويتطلب دفع خطره استمرار وجودها العسكري ونفوذها في المنطقة والعمل على نشر قيم الديمقراطية والاصلاح السياسي فيها لاحتواء الاسلام الراديكالي في دولها.

ويقابل الدور الامريكي في الشرق الاوسط ادوار لقوى دولية: الاتحاد الاوربي، وروسيا الاتحادية، والصين، وليس بوسع أي من هذه القوى تعطيل الدور الامريكي وإلغاء تأثيره، وتلتقي مصالح كل هذه القوى في الخشية من تطرف الاسلام الراديكالي، وحاجتها الى موارد الطاقة المتدفقة والاسواق ومجالات الاستثمار، فضلاً عن عدم رغبة الاتحاد الاوربي، وروسيا الاتحادية، والصين في الاضطلاع بأدوار امنية وعسكرية تتولى الولايات المتحدة الامريكية القيام بها في المنطقة، مما يجنبها اكلافاً اقتصادية وعسكرية، فهي تسعى للحصول على أعلى المكاسب والمزايا([2])، ويضفي ذلك طابع الصراع والتنافس والتعاون على العلاقات بين هذه القوى سعياً منها للوصول الى حالة توازن المصالح.

ولمنطقة الشرق الاوسط مكانة مهمة لدى الاتحاد الاوربي الجار الجغرافي القريب من المنطقة، إذ تعتمد دوله على تدفق موارد الطاقة منها لتأمين جانب كبير من احتياجاتها، ويحرص الاتحاد الاوربي على ضمان إستمرار تدفق الطاقة لموازنة ضغوط روسيا الاتحادية التي تسعى لتوظيف امداداتها من النفط والغاز للاتحاد الاوربي كأداة ضغط لتحقيق اهداف سياسية واقتصادية، وتسعى اوربا من اجل اقامة منظومة لنقل موارد الطاقة من الشرق الاوسط عبر تركيا وشرق المتوسط من خلال الشراكة المتوسطية التي تضم دول الاتحاد الاوربي المتوسطية، والدول العربية في حوض المتوسط، واسرائيل، وتركيا، وقبرص لتحييد الضغوط التي قد تُمارس عليها في هذا المجال([3])، ويتطلع الاتحاد الاوربي لتفعيل دوره العالمي بوصفه قوة كبرى من خلال خلق مجالات نفوذ اقتصادية وتجارية وسياسية في الشرق الاوسط بشكل عام وفي منطقة المتوسط بشكل خاص لتعزيز قدرته على التنافس مع القوى الدولية الاخرى.

وتضع روسيا الاتحادية الشرق الاوسط ضمن أسبقيات اهتماماتها لتأثير الاقليم وفاعلية القوى الدولية فيه على مكانتها وموقعها ضمن تراتبية هرم توازن القوى العالمي، وترى روسيا ان قدراتها وإرثها السياسي والدبلوماسي في المنطقة تؤهلها للقيام بدور رئيس فيها لأهميتها في تعزيز مساعيها وتوجهاتها للاضطلاع بدور في تشكيل نظام عالمي متعدد الاقطاب، ولا ترضى روسيا بتخطي مصالحها ونفوذها في الشرق الاوسط من قبل أي قوة كبرى([4])، وتسعى روسيا لدور اكبر في المنطقة من خلال توثيق علاقاتها مع العديد من دولها فجددت الدعم العسكري لسوريا، واقامت شبكة من العلاقات مع ايران، وتركيا، واسرائيل، ومصر، والسعودية، وقطر، وتعمل روسيا على تعزيز نفوذها من خلال صناعتها العسكرية وتوريدها للسلاح والتكنولوجيا النووية، ووزنها السياسيا والدبلوماسي الدولي، ودورها كمنتج للنفط والغاز، وتعمل روسيا بشكل موازي على ترسيخ هيمنتها على آسيا الوسطى والقوقاز لحماية حدودها الجنوبية ازاء خطر امتداد التطرف الاسلامي وحالة الفوضى وعدم الاستقرار السائدة في الشرق الاوسط الى هاتين المنطقتين، فضلاً عن خشيتها من انتقال هذه التأثيرات وتحفيزها للمسلمين في روسيا ([5]).

وتبنت الصين موقف المراقب المتابع لتطورات الصراع والتنافس في الشرق الاوسط وحركة المتغيرات فيه، فهي قوة اقتصادية تستثمر الفرص وتعمل على تأمين حصولها على موارد الطاقة والاسواق لإدامة نموها الاقتصادي، ونجحت في بناء علاقات مع جميع الدول المنتجة للنفط والغاز فضلاً عن سعيها لتوثيق علاقاتها مع كل البلدان التي يمكنها الحصول على منافع اقتصادية من خلال العلاقات معها، وتوظف الصين الدور العالمي للولايات المتحدة الامريكية للحفاظ على تجارتها الدولية، وتتجنب الانغماس في مشاكل المنطقة كي لا تدخل في تنافس مع الولايات المتحدة الامريكية، او تضطر للدخول في مواجهة معها عبر التورط في مشاكل الشرق الاوسط، وأمن الخليج العربي حفاظاً على مصالحها ولفتح الاسواق امام صادراتها، وتسعى الصين لتأمين تدفق موارد الطاقة من الخليج العربي وجذب الاستثمارات الخليجية([6])، وتتبنى الصين استراتيجية تمزج بين الذكاء، والترقب والصبر والواقعية، واستثمار الفرص، وتجنب المواجهة والتصعيد مع القوى الدولية الكبرى لتحقيق اهدافها بهدوء وبشكل متواصل، عبر التعامل بتوازن وعقلانية في ادارة علاقاتها مع القوى الدولية([7]).

وقد ادركت الولايات المتحدة الامريكية وهي الفاعل الخارجي الرئيس في الشرق الاوسط، أن العالم يمر بتطورات على صعيد اعادة صياغة التوازنات بين القوى الدولية، وأن كفة التغيير لن تميل لصالحها مما يؤدي بشكل تدريجي الى نشوء توازن متعدد الاقطاب تفقد فيه ميزة هيمنتها على النظام العالمي، فسعت في إطار استراتيجيتها الاستباقية والوقائية لاعادة صياغة التوازنات بما يخدم استدامة هيمنتها ودورها العالمي، واعتمدت في بناء رؤيتها للتوازنات على تحديد أهم مناطق الارتكاز الجيوستراتيجية وعلى وفق خصائص موقعها الجغرافي، والموارد الطبيعية الموجودة فيها، وتأثيرها على توجهات ومصالح القوى الدولية، لتعزيز مصادر قوتها الشاملة، ودعم جهودها في اعاقة ظهور قوى دولية تنافسها على مكانتها،وجاء تخطيطها لأحتلال العراق بضوء دراسة وتحليل المتغيرات وحركتها على الصعيد الدولي، وعلى صعيد اقليم الشرق الاوسط، وعلى صعيد بيئة الداخل العراقي، اذ يؤمن احتلالها للعراق وجودها المباشر في مركز الدائرة الذي يبدأ منه التغيير بأتجاه نقاط محيطها، ويصبح العراق المنطلق لتحقيق اهدافها في المناطق الاخرى في الشرق الاوسط والموجودة على لائحة التغيير([8])، لاحكام السيطرة على اقليم الشرق الاوسط الذي يؤثر بشكل كبير على التوازنات الجيوستراتيجية للقوى الدولية، كما يوفر احتلال العراق المقدرة للولايات المتحدة على التحكم بتفاعلات الاقليم للتأثير على التوازن الجيوستراتيجي بين القوى الدولية، وتصبح هي ثقل الموازنة في هذا التوازن([9])، فالشرق الاوسط من أكثر الاقاليم الجيوستراتيجية تأثيراً على المصالح الحيوية للقوى الدولية لتأثيره على نمط التوازنات الجيوستراتيجية بين هذه القوى، وعلى مستقبل النظام العالمي([10])، وحفز احتلال الولايات المتحدة الامريكية للعراق الاتحاد الاوربي وروسيا الاتحادية على التحرك للحد من الدور العالمي للولايات المتحدة لضمان مصالحهما ومكانتيهما، وأضحى العراق ميداناً للتنافس بين القوى الدولية في مرحلة انتقالية تجري خلالها عملية اعادة بناء الدولة في بيئة داخلية مضطربة حرك التدخل الدولي تناقضاتها وأجج عوامل العنف وعدم الاستقرار فيها، ووضعت الدولة العراقية الهشة في مواجهة تحديات هذا التنافس الدولي.

اولاً. الولايات المتحدة الامريكية

مثلت أحداث 11 ايلول 2001 الفرصة السانحة للولايات المتحدة الامريكية لتنفيذ إستراتيجيتها ازاء العراق الذي خططت لاحتلاله وجعله المنطلق لتطبيق هذه الاستراتيجية الهادفة لأعادة ترتيب اوضاع منطقة الشرق الاوسط جغرافياً وسياسياً وثقافياً بما يخدم المصالح الامريكية في ادامة الهيمنة على النظام العالمي لاطول مدة ممكنة، واعتبرت الولايات المتحدة الامريكية إحتلال العراق مسألة اساسية وركناً من اركان نجاح مشاريعها الاقليمية والدولية من خلال نظام اقليمي جديد بلورته الادارة الامريكية واطلقت عليه تسمية (مشروع الشرق الاوسط الكبير)، وقد تم الاتفاق على مضمون هذا المشروع مع الدول الصناعية الثماني في القمة التي عقدتها هذه الدول في ايرلندا الشمالية في حزيران عام 2004([11]).

وللعراق مكانته وأهميته في الاستراتيجية الامريكية فهو رأس الجسر والمنطلق للتغيير في الشرق الاوسط كله، إذ أن نظام الحكم فيه متآكل ومتدهور أرهقته الحروب الخارجية والصراعات الداخلية، ويعيش النظام في عزلة اقليمية ودولية مما يسهل تحقيق نجاح سريع يمهد لنجاحات متعاقبة في المنطقة، وأخذت مسألة تغيير نظام الحكم في العراق الاسبقية الأولى في عملية إعادة ترتيب اوضاع المنطقة، وأقامة نظام إقليمي يعزز نشر الحرية ومكافحة الارهاب من خلال غرس قيم الديمقراطية في الشرق الاوسط بأستخدام وسائل عديدة لاتقتصر على استخدام القوة العسكرية فقط([12])، على وفق رؤية الادارة الامريكية التي قررت الانطلاق من العراق وهو منطقة القلب في الشرق الاوسط([13])، فأضحت مسالة اعادة تشكيل البيئة الداخلية للعديد من دول المنطقة والعراق في مقدمتها المهمة الجديدة للسياسة الخارجية الامريكية([14]).

1- الاحتلال الامريكي للعراق ومشروع الشرق الاوسط الكبير

نوقشت فكرة إقامة نظام اقليمي شرق اوسطي جديد في حوار بين الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل في اطار تعاون يهدف لأعادة صياغة خارطة المنطقة، وتم التركيز في الحوار على الاندماج الاقتصادي وإنشاء سوق شرق اوسطية تكون اسرائيل مركزها لتصبح قوة مهيمنة اقتصادياً وتكنولوجياً وامنياً في الشرق الاوسط الجديد([15])، وشكلت هذه الفكرة الاساس لظهور مفهوم الشرق الاوسط الكبير الذي تبنته الولايات الامريكية، وبعد احتلالها للعراق عام 2003 طرحت الولايات المتحدة الامريكية رؤيتها في اعادة رسم الخارطة السياسية للشرق الاوسط على وفق مشروعها الذي يحتوي المنطقة العربية في محيط جغرافي واسع يمتد من بحر قزوين والقوقاز شمالاً، الى المغرب العربي غرباً بضوء مبررات من بينها عدم إستقرار هذه المنطقة الذي يهدد الامن القومي الامريكي، فهي مركز للجماعات الاسلامية الراديكالية المتطرفة وبيئة مؤآتية لأنتشار أسلحة الدمار الشامل، والغاية من المشروع حسب الرؤية الامريكية القيام بأصلاحات سياسية تدعم قيام الحكم الصالح في دول المنطقة وتوسع الفرص الاقتصادية، إذ ان غياب الديمقراطية والركود الاقتصادي والسياسي والاجتماعي فيها يولد الارهاب لدى شعوبها([16]).

ومشروع الشرق الاوسط الكبير متعدد الابعاد: واول ابعاده البعد السياسي الهادف الى تطبيع علاقات دول المنطقة مع اسرائيل ويتمثل البعد الاقتصادي في اقامة سوق مشتركة تحتل اسرائيل مركزها الاقتصادي والتجاري، وتعمل الولايات المتحدة الامريكية من خلال البعد الاقتصادي على إحكام سيطرتها على الثروات الطبيعية في المنطقة وفي مقدمتها مصادر الطاقة، وللمشروع بعد ثقافي يرتكز على نشر قيم الديمقراطية الليبرالية، ويحقق البعد الجغرافي للمشروع سيطرة الولايات المتحدة الامريكية واشرافها المباشر على عقد المواصلات الاستراتيجية البحرية والبرية والجوية في المنطقة الممتدة من بحر قزوين الى البحر الاسود والى قناة السويس والبحر الاحمر وخليج عدن([17]).

ويمثل الاصلاح السياسي في اطار هذا المشروع إستراتيجية لأجراء تغييرات في بنية النظم السياسية لدول المنطقة  وتعزيز دور المجتمع المدني فيها، وينبع اهتمام الولايات المتحدة بالاصلاح السياسي من قناعتها بأن اخطر التهديدات لأستقرار المنطقة التي تمثل جوهر مصالحها الحيوية يأتي من داخلها الامر الذي يستوجب اعادة البناء السياسي الداخلي لدول المنطقة بأسبقية اولى، ويتزامن الاصلاح السياسي مع اصلاح الجوانب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والامنية على وفق مشروع الشرق الاوسط الكبير([18])، اذ ترى الولايات المتحدة ان الطبيعة المستبدة للأنظمة السياسية في الشرق الاوسط تثير الاحتقان السياسي المولد للعنف الذي قد يتفجر في أي لحظة مكوناً موجة من العنف السياسي الذي يُدخل المنطقة في فوضى شاملة تنعكس سلباً على المصالح الحيوية للولايات المتحدة، ويستوجب تحقيق الاستقرار السياسي في المنطقة إعادة رسم الخارطة الجغرافية والسياسية لأقليم الشرق الاوسط بدءاً من العراق على أسس عرقية ودينية وطائفية وإثنية بشكل ينسجم مع معطيات النظام العالمي الجديد الذي تتربع على قمته([19]).

2- الاهمية الجيوستراتيجية للشرق الاوسط والعراق في الادراك الامريكي

تنبع الاهمية الجيوستراتيجية للشرق الاوسط والعراق لدى الولايات المتحدة الامريكية من إدراكها للتأثير الكبير لهذه المنطقة على التوازنات الجيوستراتيجية للقوى العالمية، وقد وظفت الولايات المتحدة الامريكية النظريات الجيوستراتيجية في تحديد مناطق مصالحها ونفوذها، وفي اقامة الاحلاف لتطويق قلب الارض للحيلولة دون انتشار النفوذ السوفيتي في حقبة الحرب الباردة، وتوظف هذه النظريات في الوقت الحاضر للضغط على منطقة القلب التي تحتلها روسيا الاتحادية لأضعافها والحد من قدرتها حتى لا تصبح منافساً لها على مكانتها المتفردة في النظام العالمي([20]).

واشار بريجنسكي الى عدم اكتمال السيطرة العالمية للولايات المتحدة الامريكية، الا بتعزيزها بالسيطرة على اوراسيا، اذ تتمكن الولايات المتحدة الامريكية من خلال تحكمها باوراسيا من السيطرة على آسيا واوربا، فمنطقة اوراسيا تضم اكثر الدول قدرة وتأثيراً في العالم، وتحوي ثلاثة ارباع مصادر الطاقة في العالم، ويشكل توافق هذه الدول ودخولها في تفاهمات وشراكات، تحدياً سياسياً وإقتصادياً للسيادة الامريكية على العالم([21])، ومن هنا تبرز اهمية الشرق الاوسط والعراق الحيوية بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية، التي ترى ان مصالحها في هذه المنطقة تتعرض للتهديد في حالتين: الاولى عند محاولة قوة دولية خارجية السيطرةعلى الشرق الاوسط، والحالةالثانية عندما تسعى قوة اقليمية في المنطقة للقيام بدور القوة الرائدة المهيمنة([22])، وتُعدّ هذه المنطقة المصدر الرئيس لسد احتياجات الغرب الصناعي من الطاقة، ويجعلها موقعها الجغرافي المركزي الذي يربط الشرق بالغرب، وإحتوائها على الممرات البحرية التي تمر عبرها طرق نقل النفط والتجارة العالمية، فضلا عن الممرات البرية التي تربط بين ايران وافغانستان وباكستان وآسيا الوسطى والقوقاز، ذات تأثير على الامن والاستقرار الدولي([23])، لأرتباطها الوثيق بالتوازنات الجيوستراتيجية بين القوى الدولية وتدعم سيطرة الولايات المتحدة الامريكية على اقليم الشرق الاوسط قدراتها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، اذ ان للعناصر الجغرافية اثر كبير في تعزيز هذه القدرات بسبب خاصية التكامل بين هذه العناصر في الاقاليم ذات الاهمية الجيوستراتيجية([24])، وقد عززت الولايات المتحدة الامريكية عبر إحتلالها للعراق هيمنتها على منطقة الخليج العربي، ومضيق هرمز، وأحكمت سيطرتها على تدفق النفط عبره الى المحيط الهندي الذي حافظت على تفوقها العسكري فيه([25]).

وقد عزز وجود منابع النفط الرئيسة في الشرق الاوسط خاصة في منطقة الخليج العربي الذي تمتلك خمس من دوله وهي: السعودية، العراق، الامارات العربية المتحدة، الكويت وايران حوالي 70% من الاحتياطي العالمي المؤكد للنفط، من الاهمية الجيوستراتيجية لاقليم الشرق الاوسط، إذ يتحكم من يسيطر على منابع النفط الرئيسة فيه بالعالم، ويُعدّ إستمرار تدفق النفط أمراً حيوياً بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الغربيون([26])، وشكل امتلاك العراق لثاني أكبر  احتياطي نفطي مؤكد بعد السعودية دافعاً رئيساً للولايات المتحدة الامريكية لاحتلاله، اذ تعزز السيطرة على نفط العراق السيطرة على نفط المنطقة، وتؤمن إستمرار الادوار المستقبلية للولايات المتحدة الامريكية فيها، وتُرسخ وجودها في الشرق الاوسط([27]).

لقد ادى تزايد إهتمام المراكز الاقتصادية العالمية بصياغة سياسات واستراتيجيات للوصول الى منابع الطاقة الرئيسة والسيطرة عليها، الى السعي المتواصل للولايات المتحدة الامريكية بوصفها المركز الاقتصادي الرأسمالي العالمي الاول فضلاً عن امتلاكها لاكبر قاعدة اقتصادية، وتفوقها في إستثمار نتائج الثورة العلمية والتكنولوجية، وتفوقها العسكري، للهيمنة على منابع الطاقة والحيلولة دون دخول منافسين لها في هذا الميدان، للمحافظة على تفوقها على المراكز الاقتصادية العالمية الاخرى، وأضحى أمن الطاقة من عناصر ديمومة المكانة الدولية للولايات المتحدة الامريكية، وهدفاً من اهداف سياستها الخارجية وحماية امنها القومي([28]).

لقد تعاظم الدور المعاصر للاقتصاد الذي ترتكز بنيته على الاستخدام المكثف للتكنولوجيا المتقدمة لصلته الوثيقة بقوة الدولة ومكانتها، فالاقتصاد ركيزة البنية التحتية للدولة التي يقوم عليها البناء والدور السياسي، وأصبحت قوة الاقتصاد وإحتكار التكنولوجيا المتقدمة عنصران حاسمان في تحديد ميزان القوى في القرن الحادي والعشرين، وأضحى توزيع وتقاسم الاسواق الخارجية بين القوى الفاعلة في النظام الدولي يجري طبقاً لقوة إقتصادها ودرجة تقدمها وتفوقها التكنولوجي([29])، ودخلت القوى الدولية الكبرى في صراع وتنافس حول مصادر الطاقة، وأصبحت مناطق الوفرة ميادين لهذا الصراع بدءاً من منطقة الخليج العربي ومروراً باسيا الوسطى والقوقاز وبحر قزوين، لذلك ركزت الولايات المتحدة الامريكية انظارها على اقليم الشرق الاوسط الذي يحوي اكبر الاحتياطات النفطية العالمية، وتدخلت بشكل واسع في تفاعلاته سواء في عملية تسوية الصراع العربي ــ الاسرائيلي، أو الحرب على الارهاب وتغيير النظم السياسية كما جرى في العراق عام 2003([30])، كما خاضت ثلاثة حروب في الشرق الاوسط: حرب الخليج الثانية عام 1991 لأخراج العراق من الكويت، وحرب إحتلال افغانستان عام 2001، والحرب على العراق واحتلاله عام 2003، وهدف الولايات المتحدة الامريكي الاساسي هو منع ظهور أي قوة معادية تهدد مصالحها سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو عسكرية([31])

3- الاهمية العسكرية والامنية للعراق في إقليم الشرق الاوسط

برز الدور الامريكي في المنطقة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية إثر تراجع الدور العسكري البريطاني، إذ ملئت الولايات المتحدة الأمريكية الفراغ الناجم عن إنحسار هذا الدور على الصعيد الدولي، وإعتبرت منطقة الخليج العربي والمحيط الهندي مجالاً حيوياً لتطويق الاتحاد السوفيتي السابق من الجنوب، ووثقت علاقاتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع بلدان الخليج العربي وأدخلتها ضمن إستراتيجية الاحتواء في حقبة الحرب الباردة لحرمان الاتحاد السوفيتي من كسب مواقع مهمة، ووفرت الحرب العراقية الايرانية 1980-1988 الفرصة لتعزيز الوجود العسكري الامريكي في المنطقة لضمان المصالح الحيوية وتقوية الموقع القيادي للولايات المتحدة في حلف شمالي الاطلسي من خلال توظيف سيطرتها على منابع النفط للضغط على حلفائها الاوربيين للمشاركة في الجهود العسكرية في المنطقة وزيادة ميزانياتهم العسكرية لتخفيف اعبائها الاقتصادية والمالية([32])، وإحتل الشرق الاوسط في عام 1993 مكانة مهمة في إستراتيجية التوسع الاقتصادي للولايات المتحدة الامريكية التي وضعت التجارة الدولية وتوسيع ديمقراطية السوق وإزالة الحواجز الكمركية في أولويات إهتماماتها، لفتح الاسواق امام الصادرات والاموال والاستثمارات الامريكية، وربطت هذه الاستراتيجية بين أمن الولايات المتحدة الامريكية وبين نشر قيم الديمقراطية وإقتصاد السوق في العالم، وقد أوجبت هذه الاستراتيجية إزالة الانظمة السياسية المناوئة عبر خيارين: اولهما التدخل العسكري الامريكي المباشر، والثاني تحريك الفاعلين الاقليميين المحليين([33]).

وكثفت الولايات المتحدة الامريكية وجودها العسكري في منطقة الخليج العربي منذ حرب الخليج الثانية عام 1991 لأحكام السيطرة على منطقة الشرق الاوسط، وقد أعادت إنتشار وتمركز قواتها المسلحة في العالم بعد الحرب على العراق عام 2003 بشكل يتلائم مع طبيعة المتغيرات التي افرزتها تلك الحرب، كما ارتبطت عملية إعادة الانتشار بمتطلبات استراتيجية العمل الوقائي ــ الاستباقي بحيث تتمركز القوات الامريكية في مواقع قريبة من مناطق التدخل المحتملة مستقبلاً في آسيا، والشرق الاوسط، وافريقيا([34]).

وقد شكلت الاهمية العسكرية لموقع العراق الجغرافي في منطقة الخليج العربي والشرق الاوسط، ومكانة العراق في الادراك الاستراتيجي الامريكي الحافز والدافع لأعادة انتشار وتمركز القوات الامريكية، اذ يوفر موقع العراق من الناحية العسكرية لمن يسيطر عليه حرية الحركة والمناورة لقواته عبر استخدامه كمنطقة انطلاق محورية باتجاه منطقة الخليج العربي وجنوبي غرب آسيا والشرق الاوسط، وتضمن خصائص موقعه الجغرافي تعزيز سيطرة الولايات المتحدة الامريكية على مجالاتها الحيوية، ويتأتى ذلك من موقع العراق في جنوبي غرب آسيا في المنطقة التي تشكل حلقة الربط المركزية بين قارات اوربا وآسيا وافريقيا([35]).

وكان من ابرز نتائج الاحتلال الامريكي للعراق التغيير الذي حصل في هيكل ميزان القوى في دائرتين رئيستين: الدائرة الاولى هي دائرة الصراع العربي ــ الاسرائيلي، التي كان العراق طرفاً مباشراً في معادلة الصراع فيها، إذ شكلت قدراته العسكرية هاجساً ومصدر قلق لأسرائيل خاصة بعد انتهاء الحرب العراقية ـ الايرانية، وكثفت اسرائيل ضغوطها على الادارة الامريكية بعد احداث 11 ايلول 2001 لوضع العراق في مقدمة الاهداف التي يتعين على الولايات المتحدة ضربها عسكرياً في اطار الحرب على الارهاب، لأن اخراجه من دائرة الصراع في الشرق الاوسط يفضي الى اضعاف سوريا وخسارتها لعمقها الاستراتيجي شرقاً، فضلاً عن حرمان الفلسطينيين من أي دعم عراقي محتمل في المستقبل([36]).

والدائرة الثانية هي دائرة منطقة الخليج العربي، التي وظفت الولايات المتحدة الامريكية متغيرات مابعد احتلال العراق لصياغة منظومة امنية فيها تقوم على تعزيز دوريها السياسي، والعسكري، فأعادت تقييم علاقاتها وروابطها الاستراتيجية مع دول المنطقة بعد ان حققت ثقلا اكبر بوجودها ودورها في الشرق الاوسط والخليج العربي([37])، وترتب على ذلك شروعها بعملية اعادة انتشار لقواتها في العالم، وارتبطت عملية اعادة الانتشار والانفتاح بمتطلبات استراتيجية العمل الوقائي التي ترتكز على نشر القوات الامريكية في مواقع تؤمن قربها وسرعة استجابتها للعمل في مناطق التدخل المحتمل مستقبلاً خاصة في الدول غير المستقرة في الشرق الاوسط وآسيا وافريقيا والتي تعدّها الولايات المتحدة الامريكية حواضن وملاذات للارهاب، وغيرت الولايات المتحدة نهجها السابق في بناء قواعد عسكرية كبيرة، وتحولت الى استخدام القواعد الصغيرة التي تستخدم كنقاط انطلاق نحو المناطق الساخنة بشكل فوري وسريع، وارتكز التخطيط الامريكي على جعل العراق قاعدة محورية في المنطقة عبر ربطه بالاستراتيجية العسكرية الامريكية لمنطقة الشرق الاوسط، ويُعدّ الوجود الامريكي في العراق الركيزة الاساسية في استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية للاخلال بالتوازن الجيوستراتيجي العالمي لصالحها لأعادة صياغة المنطقة الممتدة عبر الشرق الاوسط، والبحر المتوسط، وجنوبي غرب اسيا، وصولاً الى المحيط الهندي، ويمثل العراق موطئ القدم الرئيس للولايات المتحدة في قلب هذه المنطقة([38]).

وقد اثبتت الحرب على العراق أن القوات الصغيرة الحجم عالية الكفاءة، ذات القوة النارية، والقدرة العالية على الحركة والتنقل، أكثر فاعلية ومقدرة على تحقيق الاهداف بفضل عامل النوعية، ووجود الاسناد الاداري، والقوات الجوية، التي قللت من تأثير البعد الجغرافي، اذ يمكن تحويل الوجود النوعي الصغير الى وجود ضخم لادارة أي حرب محتملة ويؤمن ذلك مراعاة العامل الاقتصادي، ويوفر الوجود العسكري في الشرق الاوسط حرية حركة واسعة للولايات المتحدة الامريكية في مواجهة ما تعتبره تهديداً لامنها القومي، وفي التحكم في حركة وإتجاه التفاعلات السياسية في المنطقة وفي العالم([39]).

وكانت الرؤية لاهمية موقع العراق حاضرة وواضحة عند اتخاذ قرار شن الحرب لاحتلاله في اجتماع مجلس الامن القومي الامريكي في 14 ايلول 2001([40])، وافضى الاحتلال الى تحقيق الاهداف الآتية:

  • توظيف الموقع الجيوستراتيجي للعراق الذي يتوسط الشرق الاوسط، ومنطقة الخليج العربي، وشمال غرب آسيا، وآسيا الوسطى، لزيادة قدرة الولايات المتحدة الامريكية على التحرك وإحتواء ومواجهة القوى الاقليمية والدولية([41]).
  • ازاح الاحتلال الامريكي للعراق نظاماً معادياً لاسرائيل، واحدث تغييراً جذرياً في ميزان القوى في اقليم الشرق الاوسط لصالح امن اسرائيل([42]).
  • إظهار قدرة الولايات المتحدة الامريكية على استخدام تفوقها العسكري ضد أي دولة تشكل تهديداً لأمنها القومي ولمصالحها الاستراتيجية لتعزيز دورها القيادي في حلف شمالي الاطلسي وفي التأثير على توجهات الاتحاد الاوربي([43]).
  • عززت السيطرة المباشرة على ثاني اكبر احتياطي نفطي في المنطقة بعد السعودية من قدرة الولايات المتحدة الامريكية على التحكم بأسعار النفط في السوق العالمية فضلاً عن تحكمها به بوصفه سلعة استراتيجية([44]).

هـ. تمثل بغداد مركز دائرة يضم محيطها اقليم الشرق الاوسط، وقد تمكنت الولايات المتحدة الامريكية من عزل سوريا عن ايران جغرافياً وإضعافهما دون الحاجة لأستخدام القوة، فالوجود الامريكي في العراق يعني محاصرة ايران من جهة الغرب عبر العراق، ومحاصرتها من الجنوب الشرقي عبر افغانستان، كما ان سوريا أصبحت مطوقة بالوجود الامريكي من جهة الشرق، وبالقوة التركية المدعومة أمريكياً من إتجاه الشمال([45]) في اطار تحرك استراتيجي لأضعاف النفوذ الروسي، وتفتيت المحور الروسي ــ الايراني ــ السوري.

4- تأثير نتائج الحرب والاحتلال الامريكي على عملية بناء الدولة العراقية

ولد الغزو والاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 حالة عدم إستقرار وأجج صراعات لم يشهد تاريخ العراق السياسي ــ الاجتماعي مثيلا لها على صعيد حدتها وتناقضاتها([46])، إذ لم تتزامن عملية تفكيك مؤسسات الدولة القديمة مع عملية اعادة بناء مؤسسات الدولة الجديدة، فدخلت البلاد في حالة فراغ سلطة وفوضى، فالأحتلال ادى الى انهيار دولة، ولم ينجح في تأسيس دولة مستقرة بدلاً عنها، ودخل المجتمع في دوامة العنف بسبب حل المؤسسات المعنية بحفظ الامن والنظام، ومهد ذلك الطريق لنشوء المليشيات المسلحة، ونشوء مراكز قوة موازية لقوة الدولة وسلطتها([47])، وقد عَقّدت القرارات المتلاحقة التي أصدرها (بول بريمر) الحاكم المدني الامريكي في العراق منذ وصوله الى بغداد في آيار 2003، الاوضاع وزادتها سوءاً لبعدها عن واقع البلد([48])، وخلق التطبيق الانتقائي للقرار رقم  (1) المتعلق بأجتثاث البعث العديد من المشاكل والانقسامات بين افراد المجتمع فضلاً عن توظيفه كوسيلة لاقصاء الخصوم السياسيين، وقد إعترف (بريمر) بخطأه في عدم إناطة تنفيذ القرار بالقضاء لتجنب تسييسه وتطبيقه بطريقة إنتقائية([49])، وغذى القرار رقم (2) الذي تم بموجبه حل الجيش والمؤسسات الامنية تصاعد حالة العنف والفوضى([50])، وحول هذان القراران شرائح واسعة من المجتمع العراقي الى افراد مستبعدين ومهمشين، وهاجرت اعداد كبيرة من العراقيين الى دول الجوار بحثا عن الامان.

وتولت الولايات المتحدة الامريكية عملية التأسيس القانوني لنظام المحاصصة في اقامة نظام سياسي يرسخ الانتماءآت العرقية والدينية والطائفية والاثنية لمكونات المجتمع العراقي، لجعل العراق انموذجاً للتغيير في منطقة الشرق الاوسط الكبير من خلال التحفيز على خلق الكيانات المتمايزة عرقياً ودينياً وطائفياً واثنياً لتفتيت مجتمعات دول المنطقة([51])، ومن اللافت للنظر وقوع عمليات سرقة وسلب ونهب على نطاق واسع لم تسلم منها المؤسسات العامة، ولا المال الخاص، كما نُهبت محتويات المتحف الوطني العراقي، وكان جنود الاحتلال يشجعون على اعمال النهب ولم يتدخلوا لمنعها، ووفرت قوات الاحتلال الحماية لوزارتي النفط والداخلية فقط، وكانت تلك العمليات مخططة بنوايا مسبقة ولم تكن مجرد سرقات يقوم بها لصوص واصحاب سوابق فقط([52])، فالفوضى كانت مقصودة بوصفها البداية لخلق عملية التحول الديمقراطي عبر التغيير الشامل الذي لا يقتصر على العراق بل يجب ان يعم كل دول المنطقة([53])، وقد سادت الانقسامات الطائفية والعرقية على السلوك السياسي وعلى توجهات الكتل والاحزاب وشهد البلد تعددية حزبية مفرطة، وارتبطت العديد من الاحزاب بجهات خارجية وأربكت هذه الاوضاع الفرد العراقي الذي فقد القدرة على تحديد توجهه نحو هذا الحزب، أو ذاك لعدم وضوح الافق السياسي([54])، وقد سلمت ادارة سلطة الاحتلال الحكم الى مجموعة من العراقيين المغتربين الذين افتقر غالبيتهم الى المعرفة والخبرة والاهلية اللازمة لأدارة الدولة والتعامل مع الفوضى ومشكلات البلد ووضع الحلول لها، وفرضت الولايات المتحدة الامريكية نفسها كفاعل رئيس واساس في العملية السياسية، فاعدت قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية لسنة 2004، وكان لها دور كبير في اعداد دستور العراق الدائم لسنة 2005، ووضع هذان القانونان بذور المشاكل والازمات التي ظهرت والتي ستظهر في المستقبل وستشكل تحدياً وعائقاً يواجه الحكومات القادمة، واستخدمت استراتيجية لخلق التوازنات القلقة بين الكتل والاحزاب المتصدرة للعملية السياسية لغرض احداث التغيير عندما تتطلب المصالح الامريكية ذلك، ودفعت باتجاه اقامة ديمقراطية توافقية تحولت الى عمليات مساومة في ادارة الحكم، الامر الذي جعل من التدخل الامريكي للحفاظ على مسار العملية السياسية واستمرارها حاجة دائمة فنشأت العديد من التحديات والعقبات، ودل التوجه الامريكي داخل العراق على استراتيجية بناء فاشلة([55])، ادت الى ضعف الدولة ومؤسساتها وعجز الحكومة عن اداء وظائفها.

ولم تدرك الادارة الامريكية حجم الدمار والضرر الذي لحق بالبنية التحتية بعد احتلال العراق، الامر الذي جعل من مسألة إعادة بنائها مسألة معقدة، واهدرت الاموال المخصصة لاعادة اعمار العراق وتم التلاعب بها وشكلت هذه المرحلة المنطلق لاستشراء آفة الفساد الذي إنتشر في كل مؤسسات الدولة وانتقلت عدواه الى المجتمع، وتصاعدت معدلات البطالة والفقر والأمية، وتدنى مستوى التعليم، وتراجعت الخدمات الصحية، وحدث تخلخل في بنية المجتمع العراقي وضعف تماسكه([56])، وهو التحدي الاخطر الذي يواجه الدولة، فالمجتمع عمقها وركيزتها الاساسية وقاعدة وجودها.

اما على الصعيد الدولي فقد عزز إحتلال العراق هيمنة الولايات المتحدة على قرار النفط العالمي واسعاره من خلال احكام سيطرتها على منابع النفط الرئيسة وسيطرتها على العقد الاستراتيجية لخطوط النقل البحرية مما يعزز من هيمنتها على النظام العالمي([57])، واصبحت الطرف القوي والقادر على إعادة صياغة الترتيبات الامنية في منطقة الخليج العربي وربطها بالنظام الامني لأقليم الشرق الاوسط الذي تقوم بالدور الرئيس فيه لفرض هيمنتها، وكبح محاولات القوى الاقليمية للتمدد([58])، واستثمرت الموقع الجغرافي للعراق في ملء الفراغ الاستراتيجي ضمن نطاق مناطق انتشار الوجود العسكري الامريكي في منطقة الخليج العربي واسيا الوسطى وجنوب آسيا([59]) لتحقيق التكامل في احاطتها بالقلب الارضي من خلال الترابط مع نفوذها وهيمنتها في شرق اوربا.

لقد اكدت الولايات المتحدة الامريكية منذ بداية احتلالها للعراق، ان التغيير لن يقتصر على هذا البلد، بل هو البداية لسلسلة من التغييرات والتفاعلات في العلاقات الاقليمية والدولية، وتتأتى هذه المتغيرات من تطبيق فكرة الفوضى الخلاقة وهي من مبتكرات الفكر الاستراتيجي الامريكي للتعامل مع القضايا الاقليمية والدولية عبر اثارة الفوضى وعدم الاستقرار وافتعال الازمات للأخلال بالتوازنات الجيوستراتيجية بين القوى الدولية ومن ثم اعادة ترتيبها بشكل يضمن المصالح الامريكية، اذ ان التوازن المستقر لا يخدم هذه المصالح، بل يهيئ الظروف المؤاتية لنشوء قوى منافسة للولايات المتحدة الامريكية على صعيد الدور والمكانة العالمية، وقد تم بناء نظرية الفوضى الخلاقة التي بدء تطبيقها في الشرق الاوسط منذ احتلال العراق عام 2003، على اساس التفكيك واعادة التركيب للبنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية عبر اندلاع فوضى شاملة في المنطقة تؤدي الى انهيار الانظمة السياسية والاقتصادية وتخلخل البنى الاجتماعية بشكل يستوجب التدخل من اجل تصحيح الاوضاع واعادة تركيبها حسب الرغبة والمصالح الامريكية([60]).

وقد وردت اول اشارة علنية لنشر الفوضى الخلاقة على لسان وزير الدفاع الامريكي الاسبق رامسفيلد بعد احتلال بغداد في 9 نيسان 2003 وانتشار اعمال السرقة والنهب والفوضى اذ قال (ان العراقيين لم يعتادوا على الحرية، وان هذه هي الفرصة التي عبروا فيها عما في نفوسهم لأول مرة، وان الفوضى الجارية في البلد خلاقة وايجابية وسينتج عنها عراق جديد) ([61]).

وكانت عملية احتلال العراق مبنية على وفق اعتبارات جيوستراتيجية لبسط السيطرة الامريكية على اقليم الشرق الاوسط الذي يعدّ منطقة ارتكاز جيوستراتيجي وهو من اغنى مناطق العالم بالموارد لأحداث حالة من الاضطراب في البيئة الدولية وفي البيئة الاقليمية للمنطقة، اذ تحرك حالة الاضطراب المتغيرات، وتخلق الفرص التي يمكن توظيفها من قبل الولايات المتحدة الامريكية التي تمتلك القدرات والوسائل لأستثمارها وتوظيفها لاطالة امد هيمنتها العالمية، وقد امسكت الولايات المتحدة الامريكية بعد احتلالها للعراق بقلب المنطقة، فالوجود الامريكي في البلد يدعم ويعزز مركز الولايات المتحدة في تركيا وآسيا الوسطى، كما ان العراق يمثل المنطلق نحو المنطقة العربية، ونحو ايران، وتضمن الولايات المتحدة في المحصلة النهائية سيطرتها على منابع الطاقة الكبرى في العالم مما يمكنها من دعم اقتصادها عالمياً ويطيل امد هيمنتها على النظام الدولي على مدى المستقبل المتوسط والبعيد([62])، وكان لتفاعلات الصراع والتنافس الدولي وتدخل القوى الاقليمية اثر كبير على حالة عدم الاستقرار والعنف في العراق الذي تحول الى ملاذ للارهاب الذي تمدد واصبح عابرا للحدود([63])، واضحى العراق ساحة رئيسة من ساحات التنافس والصراع الدولي.

ثانياً. الاتحاد الاوربي

يتطلع الاتحاد الاوربي الى تفعيل دوره في النظام الدولي بوصفه قوة دولية ذات قدرات اقتصادية وسياسية وعسكرية توفر له الاهلية لأن يكون طرفاً في التوازنات الجيوستراتيجية للقوى العالمية([64])، وسعى ضمن إطار هذه الرؤية لخلق وتعزيز مجالات اقتصادية ومالية وتجارية تدعم موقفه السياسي إزاء القضايا الاقليمية والدولية وتوفر له القدرة على التنافس مع القوى الدولية الاخرى، ويُعدّ امتلاك القدرات العسكرية من العناصر الاساسية التي تحتاجها القوة الكبرى لكي تصبح مؤثرة على صعيد السياسة الدولية، للعلاقة الوثيقة بين القوة والتأثير على الصعيد الخارجي، وسعت اوربا الغربية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لأستعادة مكانتها الدولية انطلاقاً من بناء الداخل المستقر المزدهر اقتصادياً، واتجهت للتعاون المشترك في اطار الامن الاوربي بعد تعاظم مخاوفها من خطر التهديد السوفيتي([65])، ووظفت الولايات المتحدة الامريكية استشعار الاوربيين للخطر، وشجعت دول غرب أوربا المنهكة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، على التوقيع على معاهدة انشاء حلف الناتو عام 1949 الذي اصبح الذراع العسكرية الامريكية للهيمنة على اوربا الغربية ووضعها تحت حماية المظلة النووية الامريكية، فأصبحت مشكلة الامن والدفاع الاوربي مسألة اطلسية ــ اوربية تتولى الولايات المتحدة الامريكية مسؤوليتها([66])، وكانت هذه بداية تأسيس حلف الناتو، وتزايد اعتماد الامن الاوربي على المظلة الامريكية مع تصاعد حدة الصراع الامريكي السوفيتي على النفوذ في القارة الاوربية([67])، واصبح أمن اوربا الغربية مسؤولية امريكية خلال حقبة الحرب الباردة لتركيز دول غرب اوربا على بناء اقتصاداتها، فضلاً عن عدم قدرتها على حماية أمنها بصورة مستقلة، ولم تكن هناك رغبة، أو محاولة لصياغة إستراتيجية أمنية اوربية بسبب الاعتماد على حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية([68])، وانعكس هذا الواقع سلباً على القرار السياسي الخارجي الاوربي، وعلى مستوى التأثير السياسي الدولي للقارة الاوربية.

وقد شجعت التغييرات التي طرأت على النظام العالمي، وهيمنة الولايات المتحدة الامريكية على القرار الدولي بعد أنتهاء الحرب الباردة، على ظهور توجه أوربي لتشكيل بنية عسكرية مستقلة عن حلف الناتو تتولى مهاماً امنية محددة، الامر الذي وسع الخلاف بين اوربا وبين الولايات المتحدة الامريكية([69])، واضحت القارة الاوربية في مواجهة خيارين: الاول صياغة سياسة دفاعية وأمنية موحدة مستقلة عن المظلة الامريكية، والخيار الثاني البقاء تحت حماية المظلة الامنية الامريكية للدفاع عن اوربا بالقدرات العسكرية لحلف الناتو، وظهر تبعاً لذلك اتجاهان متعارضان في اوربا حول السياسة الدفاعية والامنية الاوربية، وقد مثلت فرنسا الاتجاه الاول الداعي لصياغة سياسة دفاعية اوربية مستقلة بمعزل عن حلف الناتو، ودعا انصار التوجه الثاني الذي مثلته بريطانيا الى ان يكون الدفاع عن اوربا اطلسي ــ اوربي، وأن يكون تطوير السياسة الدفاعية للقارة الاوربية ضمن حلف الناتو، وانقسمت دول اوربا بين مؤيدة لهذا الاتجاه، او ذاك، ودفع ادراك الاوربيين لأهمية البنية العسكرية لمستقبل الدور الدولي للاتحاد الاوربي الى تشكيل الفيلق الاوربي (الفرنسي ـ الالماني) عام 1991 لتولي جانب من مسؤولية الاتحاد الاوربي عن الدفاع المشترك([70])، وكشفت تحديات عدم الاستقرار في شرق وجنوب اوربا والناتجة عن اندلاع الصراعات العرقية والاثنية والطائفية فضلاً عن الحرب في منطقة البلقان، عن الحاجة لوجود قوة اوربية تضمن الاستقرار في القارة، وشكلت هذه المتغيرات احد العوامل الرئيسة التي دفعت لأنشاء الاتحاد الاوربي([71])، كما حفزت التغيرات التي طرات على النظام الدولي وطبيعة الدور المهيمن للولايات المتحدة الامريكية عليه على التوجه لأقامة الاتحاد([72])، وتم الاعلان عن تشكيل الاتحاد الاوربي بعد توقيع معاهدة      ماستريخت عام 1992 والتي وضعت الاسس القانونية والسياسية للمؤسسات الرسمية التي قام عليها كيان الاتحاد الاوربي الذي أخذ بالتوسع بعد انفتاحه على منطقة وسط وشرق اوربا التي شرعت دولها بالانضمام اليه، وشهد عام 2004 ظهور اكبر كيان سياسي واقتصادي وعسكري شهدته القارة الاوربية في تاريخها المعاصر([73])، ودعمت الولايات المتحدة الامريكية عملية توسيع الاتحاد الاوربي بأنضمام دول وسط وشرق اوربا اليه، لرغبة واشنطن في قيام اوربا موحدة، لكنها تريدها غير مستقلة عن الارادة الامريكية([74])، اذ تشكل اوربا الغربية الجسر الجغرافي لوصول الولايات المتحدة الامريكية الى شرق اوربا التي يتحكم من يسيطر عليها بمنطقة القلب الارضي في اوراسيا([75]).

وتحرص الولايات المتحدة الامريكية على ادامة المصالح المشتركة والتحالف مع الاتحاد الاوربي بوصفه المركز الرأسمالي الثاني في المنظومة الرأسمالية العالمية التي تحتل واشنطن المركز الاول فيها، إذ بُني التفوق الراسمالي الغربي على تحالف ضفتي الاطلسي ومصالحهما المشتركة، وتضع الولايات المتحدة الامريكية في اعتبارها إحتمالات التنافس الاقتصادي مع الاتحاد الاوربي مستقبلا رغم التحالف والمصالح المشتركة بينهما([76])، وتخشى تحوله الى قوة تنافسها على الزعامة العالمية رغم دعمها لوحدة اوربا([77])، اذ تمثل القدرات الصناعية والاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية للاتحاد الاوربي، مصدر تهديد لاستمرار هيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي، وسيطر هاجس هذا التهديد المحتمل على تفكير المسؤولين فيها([78])، وقد اشار (دليل التخطيط الدفاعي)  الصادر عن البنتاغون في شباط 1992 الى سماح الولايات المتحدة الامريكية لحلفائها بمتابعة سعيهم لحماية مصالحهم واهدافهم ضمن الحدود التي تضعها لهم للحفاظ على مكانة الولايات المتحدة كقوة عالمية متفوقة وللحيلولة دون تحولهم الى منافسين لواشنطن على زعامتها العالمية، او تطلعهم لممارسة ادوار اقليمية، او دولية اكثر فاعلية، ويستوجب ذلك منع قيام نظام امني اوربي مستقل، وان يبقى حلف الناتو المرتكز الاساسي للدفاع عن العالم الغربي وأمنه فضلاً عن توفيره الوسيلة للولايات المتحدة للمشاركة في ادارة الشؤون الامنية الاوربية والتأثير فيها([79]).

ومن اهداف الولايات المتحدة اضعاف المنافسين او المنافسين المحتملين حتى لا يشكلوا تحدياً لهيمنتها على النظام العالمي، وسعت الولايات المتحدة لتوظيف عملية توسيع حلف الناتو لتعظيم نفوذها وادامته في القارة الاوربية بعد قيام الاتحاد الاوربي عام 1992 عبر ابقائه معتمداً على قدراتها العسكرية التي لا يمكنه الاستغناء عنها، اذ تدرك الولايات المتحدة تطلع الاتحاد الاوربي بما يملكه من قدرات، للقيام بدور عالمي ينافسها على مكانتها([80])، وقد حدد (دليل التخطيط الدفاعي) الصادر عن البنتاغون هدف منع ظهور قوة عظمى منافسة بوصفه أحد الاهداف الرئيسة للولايات المتحدة الامريكية، ويقتضي تحقيق هذا الهدف عدم إتاحة الفرصة والمجال لأي قوة للسيطرة على أي اقليم ذو اهمية جيوستراتيجية في العالم تتوافر فيه الموارد الاولية ومصادر الطاقة التي تكفل لمن يسيطر عليه إمكانية التحول الى قوة عظمى، واوصى (دليل التخطيط الدفاعي) بضرورة إمتلاك القدرة والآليات والوسائل لكبح تطلعات المنافسين الساعين للقيام بدور عالمي، او اقليمي اكبر([81]).

وتعي الولايات المتحدة الامريكية حقيقة عدم امكانية منع تعددية القوى الدولية، الا انها تدرك امكانية احتواء هذه القوى ضمن اسلوب المشاركة تحت القيادة الامريكية في التعامل مع التفاعلات والازمات الاقليمية والدولية، وهنا يبرز دور حلف الناتو([82])، الذي وجدت الولايات المتحدة في توسيعه فرصتها لتعزيز الروابط عبر الاطلسي من خلال تنمية وتعزيز قدراته العسكرية ودوره وتأثيره السياسي ودورها القيادي فيه([83])، وعملت على زيادة عدد الدول الاعضاء فيه، ووضعت معايير لانضمام دول وسط وشرق اوربا، ومهدت قمة الحلف التي عقدت في براغ عام 2000 السبيل امام دول اوربا الشيوعية السابقة للانضمام اليه، وترى الولايات المتحدة الامريكية في توسيع الحلف ترتيباً امنياً يعزز ربط الامن الاوربي بالامن القومي الامريكي، اذ يعني غياب دور الولايات المتحدة في اوربا نهاية وحدة عالم الغرب، وسيعود التنافس والصراع بين القوى الاوربية الى الظهور فيما بينها من جهة، وبينها وبين الولايات المتحدة من جهة اخرى، فضلاً عن دور حلف الناتو في حماية أوربا من هواجسها التاريخية المتمثلة في سعي احدى القوى الاوربية الرئيسة للهيمنة على القارة الاوربية([84])، ووظفت الولايات المتحدة الامريكية علاقاتها مع دول وسط وشرق اوربا التي تجمع بين العضوية في الاتحاد الاوربي وفي حلف الناتو، لأحتواء الاتحاد الاوربي وعرقلة بلورة سياسية خارجية اوربية موحدة تعكس موقفاً مستقلاً للاتحاد الاوربي قد يؤثر على الهيمنة والدور العالمي للولايات المتحدة الامريكية، كما وفرت هذه الدول القدرة للولايات المتحدة على تخطي العقبات التي تحاول المانيا وفرنسا وضعها امام النفوذ الامريكي في اوربا([85]).

1- الاتحاد الاوربي واحتمالات التنافس مع الولايات المتحدة الامريكية

افضى انهيار الاتحاد السوفيتي وغيابه كمنافس للولايات المتحدة في نظام القطبية الثنائية الى صعود منافسين محتملين في اوربا وفي آسيا، ورغم ان هذه القوى اقتصادية، الا ان ذلك لا ينفي امكانية تحولها الى قوى عسكرية من خلال استثمارها لقدراتها الاقتصادية في بناء قدرات عسكرية متفوقة([86])، وقد يفرض هذا التحول قيوداً تحد من حرية حركة الولايات المتحدة وانفرادها بالزعامة العالمية، وقد حفزت متغيرات مابعد الحرب الباردة الولايات المتحدة الامريكية على وضع هدف منع ظهور قوة منافسة تهدد مصالحها ومكانتها على المستويين الاقليمي والدولي، في اولويات اسبقياتها الاستراتيجية، ويتطلب تحقيق هذا الهدف وادامته التأكيد على دور القوة العسكرية الفائقة في تعزيز السياسة الخارجية الامريكية بوصفها المرتكز الاساس للتفرد الامريكي بالشؤون الدولية، ويتكامل هذا التوجه في الاستراتيجية الامريكية الشاملة بالحركة على محورين: الاول التوسع الاقتصادي الامريكي في الخارج، ورفع القيود والحواجز وفتح الاسواق امام حركة السلع والخدمات والافراد في اطار العولمة التي يتكامل فيها الاقتصاد العالمي على وفق معايير امريكية تتداخل فيها الابعاد الاقتصادية والثقافية والسياسية والعسكرية، ويتمثل المحور الثاني في السيطرة على الاقاليم ذات الاهمية الجيوستراتيجية في العالم الغنية بالموارد الطبيعية وفي مقدمتها مصادر الطاقة، ويستدعي وجود هذه الموارد في اقليم جغرافي معين، سيطرة الولايات المتحدة عليه، لأعتماد السيادة العالمية للولايات المتحدة الامريكية على ادراكها لحقائق الجغرافيا السياسية وابعاد تأثيراتها([87])، وتتطلب السيطرة على هذه الاقاليم التي تعزز التفوق الامريكي انتشاراً واسعاً للقوة، توظف فيه حلف الناتو بعد وضع مهام جديدة له تنسجم مع تحقيق اهدافها الاستراتيجية([88]).

وقد ارتبطت مسألة وضع هذه المهام الجديدة وتحديدها بدافعين هما:

أ. التحكم بأمن الطاقة العالمي الذي يوفر للولايات المتحدة إمكانية التأثير في حركة منافسيها وتطلعاتهم لأيقائهم ضمن حدود لا تهدد زعامتها العالمية، من خلال ربط منابع ومصادر النفط والغاز في الخليج العربي وآسيا الوسطى والقوقاز بشبكة أمنية يتولى حلف الناتو مسألة إدارتها تحت قيادتها وجاءت الحرب على افغانستان وإحتلالها عام 2001 ضمن إطار تحقيق هذا الهدف([89])، إذ تحولت آسيا الوسطى بعد تفكك الاتحاد السوفيتي الى ميدان تتنافس فيه روسيا الاتحادية، والصين، وتركيا، وايران، فضلاً عن الولايات المتحدة الامريكية، وتشكل أفغانستان عقدة مواصلات استراتيجية بالنسبة لآسيا الوسطى، فهي تجاور ست دول: ايران، باكستان، الصين، تركمانستان، اوزبكستان، وطاجكستان، ويجعل هذا الموقع الجغرافي من أفغانستان منفذاً للدخول الى آسيا الوسطى يجنب الولايات المتحدة الاصطدام المباشر مع روسيا ويوفر لها القدرة على التحكم بالتوازنات في المنطقة لمواجهة روسيا الاتحادية والصين الصاعدة، وتنبع اهمية هذه المنطقة من احاطتها بالحدود الغربية والشرقية والجنوبية لاوراسيا([90])، فضلاً عن محاصرة إيران من الشرق ومن الشمال، والهيمنة على مساحة واسعة من آسيا تؤمن للولايات المتحدة السيطرة على جنوب القارة الآسيوية بفضل موقع افغانستان الموصل الى آسيا الوسطى وباكستان والهند، فيتعزز الوجود الامريكي في المحيط الهندي، ويتحقق التكامل في تغطية القواعد الامريكية لمنطقة آسيا الوسطى، وجنوب آسيا، والخليج العربي، ومضيق هرمز، والشرق الاوسط، وبحر قزوين، ومنطقة القوقاز([91]).

وبدأت الولايات المتحدة بالتحضير لمسرح عملياتها القادم في العراق بعد نجاحها في احتلال افغانستان تحت ذريعة نزع اسلحة الدمار الشامل([92])، اذ يمثل الموقع الجغرافي للعراق في اقليم الشرق الاوسط العقدة الاستراتيجية الرابطة بين اوربا والبحر المتوسط، ومنطقة المحيط الهندي، وشرق آسيا، وآسيا الوسطى، وهو يشكل مركز الدائرة التي تضم ايران، وتركيا، وسوريا والاردن، والكويت، والسعودية، ومن يسيطر على العراق يتحكم بهذه المنطقة وبالشرق الاوسط، لذلك يجسد العراق محور المجال الحيوي للقوة المهيمنة على إقليم الشرق الاوسط([93])، وأكد إحتلال الولايات المتحدة للعراق أهمية موقعه وتأثير وضعه المستقبلي بشكل كبير على التوازنات الجيوستراتيجية في الشرق الاوسط([94])، وقد هيأ إحتلال العراق الظروف المواتية للولايات المتحدة على الصعيد الاقليمي لترسيخ نفوذها في الشرق الاوسط لأعادة تشكيله، وترتيب العلاقات والتحالفات فيه على مدى السنوات القادمة([95])، كما يدعم الوجود الامريكي في العراق قدرة الولايات المتحدة الامريكية على محاصره وإحتواء نفوذ القوى الكبرى والقوى الاقليمية الصاعدة وأدوارها([96]).

ب. احتواء الاتحاد الاوربي: ظهرت آراء في اوربا بعد انتهاء الحرب الباردة، وكان محور النقاش فيها عدم الحاجة الى حلف الناتو، فتحركت الولايات المتحدة لتؤكد على أهمية بقاء الحلف لاحتواء تطلعات فرنسا لأقامة بنية دفاعية أوربية مستقلة، ولتوظيفه كأداة لاحتواء الاتحاد الاوربي([97])، وهو القوة الاقتصادية الساعية لدخول أسواق جديدة وتنافس صادراتها الصادرات الامريكية، وتمهد هذه التطورات السبيل نحو ظهور أوربا كقوة عظمى مستقلة ويستتبع ذلك تغييرات تطرأ على البنية العسكرية لحلف الناتو، وعلى طبيعة مهامه وعملياته، فيضعف الدور القيادي للولايات المتحدة الامريكية في الحلف الذي يشكل السبب الاساسي للوجود العسكري الامريكي في أوربا، ويمثل حلقة الربط بين ضفتي الاطلسي، وستؤدي محصلة هذه التغييرات الى تحول الاتحاد الاوربي من طرف تابع لقيادة الولايات المتحدة للحلف الى شريك متكافئ معها([98])، وتحركت الولايات المتحدة لترسيخ موقعها القيادي في الحلف وفي القارة الاوربية عبر توسيعه بضم اعضاء جدد موالين لها من دول وسط وشرق اوربا لتوظيفهم من أجل عرقلة تبلور سياسة خارجية اوربية موحدة تعكس موقفاً مستقلاً للاتحاد الاوربي في القضايا الدولية كما حدث في موضوع اقامة الدرع الصاروخي الامريكي في شرق اوربا الذي أثار معارضة فرنسية ــ المانية، اذ رأت هاتان الدولتان ان قرار نشر هذا الدرع يمثل عودة لاجواء الحرب الباردة، ويعزز مكانة ودور الولايات المتحدة في اوربا في ظل عدم امتلاك الاوربيين لقدرات دفاعية مستقلة فعالة([99]).

وقد إتسم السلوك الخارجي الامريكي بعد احداث 11 ايلول 2001 بالتأكيد على العمل الاحادي في استخدام القوة، واحتلت الولايات المتحدة افغانستان بعملية عسكرية قامت بها بمفردها في اطار استراتيجيتها المستقلة في آسيا الوسطى والشرق الاوسط([100])، وقد عارض الاوربيون الموقف الامريكي من ازمة العراق ونزع اسلحة الدمار الشامل فيه، وتباينت مواقف الطرفين في الازمة حول دور الامم المتحدة ومجلس الامن بسبب سعي الولايات المتحدة لتوظيف المنظمة الدولية بأتجاه اصدار قرار تتمكن من خلال صياغته من تنفيذ خططها المعدة سلفاً لشن الحرب على العراق، ودار الخلاف بين الولايات المتحدة والاوربيين حول الحرب وهل انها مبررة، ام لا؟، وتحول الموقف الى مواجهة بين رؤيتين متعارضتين تمتد جذورهما الى خلافات متراكمة منذ تفكك الاتحاد السوفيتي وظهور الولايات المتحدة كقطب منفرد على الساحة العالمية، وتبلور التناقض بين الرؤيتين بشكل واضح حول موضوع العراق([101]).

ويكمن الخلاف بين الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية حول مسألة استخدام القوة لحل الازمات الدولية، في التعارض بين توجه الاتحاد الاوربي الساعي لايجاد نظام دولي متعدد الاقطاب يتصف بالتوازن ويسوده القانون الدولي وفاعلية عمل المنظمات الدولية، وبين توجه الولايات المتحدة الامريكية الراغبة في ادامة هيمنتها على النظام العالمي والتحكم بتفاعلاته([102])، ويحرم النظام متعدد الاقطاب الدولية الولايات المتحدة الامريكية من فرصة ممارسة هيمنتها، اذ يوفر المجال للقوى الدولية ومن بينها الاتحاد الاوربي للمساهمة في صنع القرار السياسي الدولي والمشاركة في ادوار دولية تتناسب مع تمتلكه هذه القوى من قدرات([103]).

ويتجلى موقف الاتحاد الاوربي في التعامل مع الازمات والتحديات الدولية بضوء رؤية استراتيجية تتمحور حول الآتي([104]):

  • ضرورة إقامة نظام دولي متعدد الاقطاب تضطلع فيه منظمة الامم المتحدة بدور فاعل في تسوية الازمات وانهاء التوترات الدولية والاقليمية من خلال دبلوماسية استباقية، اذ يثير استخدام القوة واللجوء الى الحروب الفوضى في العلاقات الدولية وينحسر دور الامم المتحدة ويتراجع دور القانون الدولي.
  • يرى الاتحاد الاوربي ان اللجوء الى القوة في العلاقات الدولية وهو النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة الامريكية يمثل سابقة خطيرة تترتب عليها مشاكل في جميع انحاء العالم الحافل بالأزمات والنزاعات العرقية والدينية والطائفية، ويرفض الاتحاد الاوربي فكرة عسكرة العلاقات الدولية، إذ لا يمكن ان يسود الامن والاستقرار في العالم الا من خلال ترسيخ مبدأ ديمقراطية العلاقات الدولية والتخلي عن سياسات الاكراه وفرض الهيمنة.
  • يرى الاوربيون ان دور العدالة والقانون مهم في الحرب على الارهاب ودحره، ولايمكن هزيمة الارهاب بأستخدام القوة لوحدها.

وقد جاء الموقف الفرنسي ــ الالماني من الحرب على العراق بضوء هذه الرؤية، فضلا عن ادراك الاوربيين للانعكاسات السلبية على للحرب على العراق واحتلاله على الاقتصاد الاوربي كنتيجة لأحكام سيطرة الولايات المتحدة الامريكية على النفط في منطقة الخليج العربي، وكانت المعارضة الاوربية للتدخل العسكري الامريكي نابعة من الرغبة في الدفاع عن المصالح وعن دور الاتحاد الاوربي في السياسة الدولية([105]).

وعملت فرنسا والمانيا على تأكيد دورهما القيادي في الاتحاد الاوربي من خلال إتخاذ قرارات تتطابق مع الرأي العام الاوربي المعارض للحرب على العراق([106])، وعكس الموقف رغبة فرنسا في بناء الاتحاد الاوربي بوصفه قوة مقابلة للنفوذ الامريكي، وهذا ما وضحته معارضتها للحرب على العراق، وتعهدها باستخدام حق النقض ضدها في الامم المتحدة، الامر الذي دفع الولايات المتحدة لشن الحرب على العراق بدون تفويض من مجلس الامن، وبدأ الامريكان يشعرون بافتقارهم لدعم حلفائهم الاوربيين الاساسيين وفي مقدمتهم فرنسا والمانيا([107])، وكان تعارض المصالح نابعاً من هدف الولايات المتحدة في غزو العراق واحتلاله لاحكام هيمنتها على الشرق الاوسط، وعدم قبول الاتحاد الاوربي بأحتكار الولايات المتحدة لهذه المنطقة التي تمثل مجال مصالحها الحيوية([108]).

لقد وجدت اوربا فرصتها لأستعادة دورها في الشرق الاوسط ازاء الانفراد الامريكي، في الفشل والاخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة الامريكية في العراق بعد إحتلاله عام 2003، وبدأت القوى الرئيسة في الاتحاد الاوربي بمعالجة التصدع في العلاقات بين الدول الاعضاء في الاتحاد لتقوية موقفه في اعادة صياغة العلاقات الاوربية الامريكية بين ضفتي الاطلسي على اساس تعدد الاطراف الفاعلة في العلاقات الدولية وقيام الامم المتحدة بدورها في العراق من خلال توظيف حاجة الولايات المتحدة الامريكية لدعم حلفائها الاوربيين في العراق، وفي افغانستان التي تسلم حلف الناتو مهمة حفظ الامن والاستقرار فيها عام 2003([109])، ودعم الاوربيون قرار الامم المتحدة الرقم (1546) بشأن العراق، والذي حدد شروط انتقال السيادة للعراقيين في تموز 2004 وتشكيل حكومة وطنية عراقية عن طريق الانتخابات، واشر هذا القرار بداية لمرحلة جديدة من العلاقات بين ضفتي الاطلسي تقوم على الشراكة وليس الاحادية([110])، وأعقب صدور القرار الاممي قيام الرئيس الامريكي السابق بوش الابن بجولة اوربية في اوائل عام 2005 لأعادة توثيق الشراكة مع الاتحاد الاوربي والتأكيد على المصالح المشتركة واعلان تأييد الولايات المتحدة لاوربا موحدة وقوية([111])، واشرت هذه المتغيرات حاجة الولايات المتحدة الامريكية الى دور الاتحاد الاوربي واسناده في الشرق الاوسط، وفي العراق وفي افغانستان، فضلاً عن أزمة البرنامج النووي الايراني والدور الاقليمي المتصاعد لايران بعد غزو العراق عام 2003([112])، وكشفت هذه التفاعلات عن دور وأثر أهمية الموقع الجيوستراتيجي للعراق وتأثيره على المصالح والعلاقات الاقليمية والدولية، وكان للاتحاد الاوربي دور في عملية التأسيس لبناء الدولة العراقية بعد عام 2003 من خلال تفعيل دور الامم المتحدة وقراراتها المتعلقة بالعراق.

لم يشكل دور الاتحاد الاوربي في العراق تحدياً، أو عائقا ازاء عملية بناء الدولة العراقية بل جاء هذا الدور في اطار مساعي الاتحاد الاوربي للحد من هيمنة الولايات المتحدة وانفرادها بالقرار الدولي، ولأظهار رؤيته وموقفه المستقل في القضايا الدولية فضلاً عن هواجسه إزاء احكام الولايات المتحدة لسيطرتها على العراق ومنطقة الخليج العربي واقليم الشرق الاوسط، وتمثل هذه المناطق مجال المصالح الحيوية للاتحاد الاوربي، الذي دفعه ادراك الاهمية الجيوستراتيجية لموقع العراق ورغبته في القيام بدور دولي اكثر فاعلية وبشكل مستقل عن الارادة الامريكية، الى التدخل في الشأن العراقي ومطالبته بدور اكثر فاعلية للأمم المتحدة من اجل تقييد حركة الولايات المتحدة في تبني قرارات احادية ازاء القضايا والازمات الدولية، ورغم ايجابية الدور الاوربي في العراق فقد نتج عنه زيادة عدد الاطراف الخارجية المتدخلة في الشأن العراقي، واصبح العراق ميداناً لصراع الارادات وتعارض المصالح واختلاف الرؤى بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي، وتعود جذور هذا الاختلاف الى ماضي متراكم من الخلافات التي بدأت بالظهور منذ بروز الولايات المتحدة كقطب منفرد على الساحة العالمية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، وقد يدخل العراق بضوء متغيرات البيئتين الاقليمية والدولية في اطار المساومات بين القوى الدولية مما يؤدي الى الاضرار بمصالحه فالعلاقات الدولية تقوم على المصالح وليس على المبادئ.

ثالثاً. روسيا الاتحادية

إحتل العراق أهمية استراتيجية وتجارية وعسكرية ودخل ضمن دائرة الصراع والتنافس بين القوى الكبرى بوصفه قاعدة للانطلاق نحو الهند والمحيط الهندي منذ عهد نابليون بونابرت الذي وضع اربع خطط للوصول الى الهند لاحتلالها خلال الصراع الذي دار بين فرنسا وبريطانيا وتطلب تنفيذ ثلاث من خطط نابليون المرور بالعراق لاحتلال الهند براً بالاندفاع من العراق باتجاه ايران والسير بمحاذاة الساحل الشرقي للخليج العربي الذي تطل عليه ايران ومن ثم الدخول الى الهند([113]).

وكانت روسيا القيصرية من القوى المنافسة لبريطانيا في منطقة الخليج العربي خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين([114])، وقد شهدت هذه الفترة دخول القوى الكبرى في صراع وتنافس للسيطرة على هذه المنطقة التي تمر عبرها خطوط نقل التجارة العالمية([115])، وأدى اكتشاف النفط في منطقة الخليج العربي والعراق الى تصاعد حدة الصراع والتنافس بين القوى الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية خاصة بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي اللذان برزا كقوتين عظيمين في نظام القطبية الثنائية، من اجل السيطرة على السلعة الاستراتيجية التي اكتسبت دوراً هاماً في الحياة الاقتصادية لدول المنطقة وفي الاقتصاد       العالمي([116]).

وقد أبدت روسيا القيصرية إهتماماً كبيراً بالمنطقة في اطار تطلعها للوصول الى الخليج العربي والمحيط الهندي عبر التوسع الجغرافي بأحتلال آسيا الوسطى والاندفاع نحو أفغانستان وإيران للوصول الى منطقة الخليج العربي وهو ما عُرف بالوصول الى المياه الدافئة، وتصدت بريطانيا للمحاولات الروسية للحصول على موطء قدم في المنطقة، وعقدت اتفاقية ثنائية مع روسيا في عام 1907، وأقرت روسيا في هذه الاتفاقية بأن منطقة الخليج العربي منطقة نفوذ بريطاني، وأن لبريطانيا الاولوية المطلقة في جنوب ايران وعربستان، وشكلت منطقة شمال ايران منطقة نفوذ روسية([117]).

وكشفت وثائق إتفاق سايكس ــ بيكو عن الطموحات الروسية لضم منطقة كردستان والتوسع الى ما وراء حدود الموصل، وقد دخلت القوات الروسية حدود العراق خلال الحرب العالمية الاولى من ثلاثة محاور هي: محور بنجوين، ومحور راوندوز في الشمال، ومحور خانقين في الوسط، ووصل الجيش الروسي الى هذه المناطق عبر شمال ايران الذي احتلته روسيا خلال الحرب([118])، ولم تتخلَ روسيا عن اهدافها الاستراتيجية في الخليج العربي والعراق بعد سقوط النظام القيصري عام 1917 وقيام الاتحاد السوفيتي الذي إعتبر هذه المنطقة حيوية لضمان أمنه([119]).

1- تاريخ العلاقات الروسية ــ العراقية

يرجع تاريخ العلاقات الروسية مع العراق الى أواخر القرن التاسع عشر عندما افتتحت روسيا القيصرية اول قنصلية لها في البصرة لأهميتها في التجارة الدولية في تلك الفترة([120])، وتطورت العلاقات التجارية الروسية مع العراق مع بدء رحلات الشركة الروسية للملاحة والتجارة الى البصرة عام 1901، وتنافست روسيا مع النمسا على توريد الخشب الى العراق، وإعتُمدت النقود الروسية في التداول بسبب انخفاض قيمة النقود الورقية العثمانية التي طرحها البنك العثماني منذ عام 1894([121])، وبعد قيام الاتحاد السوفيتي عام 1917 ونشوب الحرب الاهلية فيه خلال الفترة 1918 ــ 1920، إستمر الاهتمام بالعراق، وعمل الاتحاد السوفيتي على نشر مبادئ الماركسية فيه مما دعى الحاكم العسكري البريطاني في كركوك (الميجر ستون) في عام 1919 الى الأعراب عن قلقه من إنتشار المبادئ الماركسية التي اصبحت معروفة من خلال الصحف([122])، واستخدم الاتحاد السوفيتي استراتيجية الاقتراب غير المباشر للتغلغل في المنطقة العربية بشكل عام وفي العراق بشكل خاص بعد مؤتمر باكو الذي انعقد في ايلول 1920 وأُقر فيه إنشاء احزاب شيوعية ترتبط بالشيوعية الاممية وتلتزم بقراراتها، وكان الاتحاد السوفيتي يتحين الفرص لتحقيق اهدافه، وكشفت وثائق المفاوضات التي جرت عام 1940 بين مولوتوف وزير خارجية الاتحاد السوفيتي، وبين روبنتروب وزير خارجية المانيا النازية عن خطة لتقسيم العالم الى مناطق نفوذ بين المانيا النازية والاتحاد السوفيتي، وأعلن مولوتوف بعد تلك المفاوضات ان مصالح بلاده تكمن في المنطقة الممتدة من جنوب البحر الاسود الى منطقة الخليج العربي، وتطابقت هذه الرؤية للمصالح والاهداف مع الرؤية التقليدية لروسيا القيصرية([123]).

وفي عام 1934 طلب لتفينوف وزير خارجية الاتحاد السوفيتي آنذاك من نوري السعيد اثناء حضورهما اجتماع عصبة الامم، تبادل التمثيل الدبلوماسي بين بلده وبين العراق ورفض نوري السعيد الطلب متذرعاً بعدم وجود مصالح مشتركة، او علاقات اقتصادية وتجارية بين البلدين، واشار الى ان الغرض من اقامة مثل هذه العلاقات سيكون بث الدعاية الشيوعية في العراق والتي ستؤدي الى اثارة القلاقل والاضطرابات في البلد([124])، وجاء موقف العراق منسجماً مع معاهدة 1930 المعقودة مع بريطانيا والتي حددت علاقات العراق الخارجية مع بريطانيا والدول التي ترتبط معها بمصالح مشتركة فضلا عن عداء نوري السعيد لروسيا القيصرية والاتحاد السوفيتي من بعدها، بسبب الثقافة والتنشئة العسكرية العثمانية لنوري السعيد([125])، ومعرفته بالاساليب التي تتبعها روسيا في اثارة عدم الاستقرار في المناطق التي تتطلع لمد نفوذها اليها من خلال اثارة المشاكل الاثنية والدينية مثل المشكلة الارمنية، والمشكلة الكردية، والمشكلة الاثورية، وقد وقفت روسيا خلف هذه المشاكل التي سببتها للدول العثمانية في مطلع القرن العشرين وخلال الحرب العالمية الاولى.

وقد وافقت بريطانيا على إقامة علاقات دبلوماسية بين العراق والاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية اثناء تحالف الغرب مع الاتحاد السوفيتي ضد المانيا النازية، وتم التبادل الدبلوماسي في آب 1944، وأدى نشوب الحرب الباردة واتباع الولايات المتحدة الامريكية سياسة الاحلاف والتكتلات العسكرية لتطويق الاتحاد السوفيتي ودخول العراق طرفا فيها بعد عقد ميثاق بغداد في شباط 1955، الى قطع العلاقات مع الاتحاد السوفيتي وبرر نوري السعيد هذا الموقف قائلا (ان المفوضية السوفيتية في بغداد تحولت الى مركز للنشاط الشيوعي)، وإتهم الاتحاد السوفيتي بأن له اطماعاً توسعية في المنطقة([126])، وإستكملت الولايات المتحدة الامريكية الطوق الذي اقامته حول الاتحاد السوفيتي بأقامة ميثاق بغداد، اذ يطوق حلف الناتو الاتحاد السوفيتي من الغرب، ويطوقه ميثاق بغداد من الجنوب، ويطوقه من الشرق والجنوب الشرقي حلف جنوبي شرق آسيا الذي أقامته الولايات المتحدة الامريكية بموجب معاهدة مانيلا في ايلول 1954([127]).

وعبر خروشوف عن اهتمام الاتحاد السوفيتي بالعراق إثر سقوط النظام الملكي في 14 تموز 1958 بالقول (لقد تعززت هيبة الاتحاد السوفيتي في المنطقة)، ويفسر هذا القول طبيعة الموقف الحازم الذي إتخذه الاتحاد السوفيتي ازاء تركيا وتحذيره اياها من مغبة التدخل في الشأن العراقي الداخلي والقيام بأي عمل عسكري ضد العراق وارتبط هذا الموقف بالتغيرات المتعلقة بالمصالح والسياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي بعد وفاة ستالين عام 1953، لمواجهة سياسة الاحلاف والتكتلات العسكرية الامريكية لتطويقه، ووجد الاتحاد السوفيتي فرصته لتعزيز نفوذه في المنطقة وتحقيق طموحاته بعد سقوط النظام الملكي في العراق وانهيار ميثاق بغداد([128])، واعترف الاتحاد السوفيتي بالنظام الجمهوري بعد اربع وعشرين ساعة من قيامه، ودعم حكم عبد الكريم قاسم الذي وجد في نظامه الفرصة لتعزيز الوجود السوفيتي في الشرق الاوسط ومنطقة الخليج العربي، وإعتقد السوفيت ان الحكم الجديد سيفسح المجال للحركة الشيوعية للقيام بدور أكبر، وسعى الاتحاد السوفيتي للحيلولة دون عودة العراق الى الارتباط بالغرب من خلال توثيق علاقاته مع النظام الجمهوري، وتمحور التوجه السوفيتي حول العمل على دعم دول المنطقة سياسياً واقتصادياً لتحقيق مصالحه وتعزيز نفوذه دون الانغماس في مشاكلها ([129]).

وشهدت الفترة من عام 1958 الى عام 1968 تطوراً في العلاقات الاقتصادية والتجارية وعقود التسليح، وبعد عام 1968 تطورت العلاقات وصولاً الى عقد معاهدة للصداقة والتعاون بين الطرفين عام 1972، وإتبع الاتحاد السوفيتي سياسة الترقب والانتظار عند نشوب الحرب العراقية ــ الايرانية عام 1980، وتجنب اتخاذ مواقف محددة ازائها، ووازن في علاقاته مع العراق ومع ايران لتجنب اثارة الاخيرة التي قد تتجه نحو الغرب، أو تقوم بزعزعة الاستقرار في الجمهوريات السوفيتية في آسيا الوسطى، وتخلق المشاكل امام السوفيت في افغانستان، واوقف الاتحاد السوفيتي توريد الاسلحة الى العراق([130]).

2- اهمية العراق في الادراك الاستراتيجي الروسي وفي استعادة روسيا لدورها ومكانتها الدولية

كان لموقع العراق المطل على الخليج العربي وبوصفه الارض الفاصلة بين التخوم الجنوبية لروسيا والمياه الدافئة، اثره على الادراك الاستراتيجي لروسيا القيصرية، ومن ثم الاتحاد السوفيتي، وروسيا الاتحادية من بعده، وقد عززت العوامل المذكورة أدناه من اهمية مكانة العراق في الاستراتيجية الروسية([131]).

  • يشكل موقع العراق الجغرافي مصدر تهديد لخط الدفاع الروسي الممتد من القوقاز حتى افغانستان، وتعد روسيا هذه المنطقة جداراً لأمنها من الجنوب، اذ يمكن للقوات المتقدمة من العراق الوصول الى القوقاز بعد اجتيازها لايران تهديد الحدود الروسية المتاخمة لشمال ايران وافغانستان، وتشكل هذه القوات طوقاً يحيط بروسيا اذا تكامل عملها مع القوات المتقدمة من باكستان.
  • يتمكن من يسيطر على العراق من تهديد النفوذ الامريكي في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية التي تنتشر فيها القواعد الامريكية، كما يمثل العراق قلب المنطقة الممتدة من وسط الاناضول حتى بحر العرب.

ج. يشكل موقع العراق منطقة فاصلة بين النفوذ الامريكي والنفوذ الروسي، اذ يتاخم العراق الحدود الجنوبية لروسيا، فضلاً عن وقوعه في منتصف المسافة بين منطقة القوقاز ومشارف المحيط الهندي.

د. يؤمن الوجود الروسي في العراق القدرة على مد النفوذ الى منطقة الخليج العربي، كما يستطيع الروس الوصول الى سواحل المتوسط عبر سوريا، وتحقق مجاورة العراق لتركيا امكانية التأثير الروسي على دفاعات الجناح الجنوبي لحلف الناتو في الشرق الاوسط، فضلا عن التحكم بمنابع النفط والتأثير على الاقتصاد العالمي([132]).

هـ. تعدّ روسيا العراق منطقة حيوية ومهمة لأستعادة دورها في الشرق الاوسط وعلى الصعيد الدولي واحتل الاولوية في توجهات سياستها الخارجية([133])، ومر التحرك الروسي في هذا المجال بمرحلتين:

  • المرحلة الاولى: وامتدت من عام 1991 – 1999 وقد تراجع الدور الروسي في الشرق الاوسط خلال هذه الفترة بسبب التوجه نحو الغرب وسعي روسيا للتوافق مع سياسة الولايات المتحدة الامريكية لمعالجة وضعها الاقتصادي المتدهور عن طريق الحصول على القروض والمساعدات الاقتصادية وجذب الاستثمارات الغربية، وتوظيف مواردها الطبيعية لتطوير صناعتها للاندماج التدريجي مع عالم الغرب من خلال العلاقات الاقتصادية والمشاركة مع حلف الناتو في عمليات الشراكة من اجل السلام عام 1994 وإنضمت روسيا في حزيران 2002 الى مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى التي تحولت الى مجموعة الثمانية الكبار([134]).
  • المرحلة الثانية: وبدأت منذ وصول فلاديمير بوتين الى السلطة عام 1999 وتميزت هذه المرحلة بالسعي لأستعادة مكانة روسيا ودورها على الصعيد الدولي للوقوف بوجه التفرد الامريكي بالقرار الدولي، وقد حفزت استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية لأضعاف روسيا الاخيرة على العمل لأستعادة مكانتها بوصفها قوة كبرى من خلال تعزيز عناصر قوتها وتحييد ومعالجة نقاط ضعفها لتصحيح الخلل في التوازن الذي مال لصالح الولايات المتحدة الامريكية، وركزت روسيا في توجهات سياستها الخارجية على الدائرة الجغرافية التي تضم الدول المجاورة والمتاخمة لحدودها الجنوبية لأهميتها للولايات المتحدة الامريكية في ادامة قيادتها للنظام العالمي والهيمنة على القرار الدولي([135])، اذ تشكل هذه الدائرة اقليم الشرق الاوسط ذو الاهمية الجيوستراتيجية الكبرى.

وارتكزت الاستراتيجية الروسية على مايأتي:

  • الحفاظ على مناطق النفوذ الروسي خاصة في محيط دائرتها الاقليمية، وتعزيز مقومات وعناصر القوة في استراتيجيتها في اطار توازنها الجيوستراتيجي على الصعيد العالمي بأستخدام اسلوب التوازن التنافسي بدلاً من التوازن الصراعي عبر تعزيز موقفها من خلال تطوير علاقاتها مع قوى مؤثرة، فقامت بتسوية نزاعها الحدودي مع الصين، ووثقت علاقاتها وتعاونها مع الهند ومع اليابان، وانضمت الى مجموعة الدول الصناعية السبع التي تحولت تسميتها بعد انضمام روسيا اليها الى مجموعة الثمانية، ودخلت روسيا عضواً في مجموعة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي([136]).
  • بناء علاقات شراكة وتعاون مع القوى البازغة مثل الصين والهند لزيادة التأثير الروسي في التفاعلات الدولية، وتعزيز قدرة روسيا على التعامل مع الصراعات والازمات المؤثرة على التوازنات الجيوستراتيجية، من خلال عرقلة مساعي الولايات المتحدة ومنعها من الهيمنة على المناطق ذات الاهمية الجيوستراتيجية وتبني آليات جديدة للأمن الدولي تقوم على التعاون وبناء الثقة ، وحل النزاعات وتسوية الازمات باتباع الوسائل السياسية والدبلوماسية، ورفض مساعي الولايات المتحدة لفرض الامن عبر اقامة المحاور وبناء التحالفات واستخدام القوة، وترى روسيا ان النظام العالمي يجب ان يكون متعدد الاقطاب ويحتكم الى معايير القانون الدولي لتنظيم العلاقات بين الوحدات السياسية في النظام الدولي([137]).

لقد شكلت الازمة التي اثارها غزو العراق للكويت في آب 1990 وما ترتب على الغزو من افرازات، المجال لروسيا الاتحادية لأستعادة مكانتها الدولية من خلال مواقفها في الامم المتحدة ازاء القضية العراقية([138])، ووظفت روسيا حرب الخليج الثانية عام 1991 ونتائجها للتأكيد على اهمية دورها في تحقيق الاستقرار في منطقة الخليج العربي بعد نجاح مبادرة وزير خارجيتها انذاك اندريه كوزيريف التي أسفرت عن إعتراف العراق بالكويت في تشرين الثاني 1994 فتهيأت الفرصة لروسيا لدخول اسواق منطقة الخليج العربي مكافئة لها على دورها، كما عززت روسيا علاقاتها مع العراق المعزول دولياً وضمنت نفوذها على الارض التي تشكل الجسر المؤدي الى شواطئ الخليج العربي والى سواحل المتوسط([139])، كما شكل العراق فرصة للاستثمارات الروسية خاصة في مجال الطاقة في فترة الحصار الاقتصادي الذي عزل العراق عن المحيط الدولي مما دعم موقف  روسيا التنافسي مع القوى الدولية([140])، وبذلك استثمرت روسيا القضية العراقية لتحقيق مكاسب تصب في خدمة مصالحها فضلا عن ادراكها للتهديد الذي يشكله الوجود العسكري الامريكي في الخليج العربي لأمنها القومي، اذ لا يقتصر هذا الوجود على حماية منابع النفط والسيطرة عليها فحسب، بل يهدد روسيا ويتعارض مع تطلعاتها الاقليمية والدولية([141]).

  1. التوظيف الروسي للمتغيرات العسكرية والسياسية للاحتلال الامريكي للعراق عام 2003

أ. المتغيرات العسكرية

حفز الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 روسيا الاتحادية التي إستشعرت التهديد في جوارها القريب، ودفعها ذلك لدراسة وتحليل استخدام الولايات المتحدة للقوة، والتركيز على نتائج الحرب والدروس المستخلصة منها، لتحديد مكامن الضعف والخلل في الاداء العسكري على المستوى الاستراتيجي وعلى مستوى كفاءة اداء الافراد والاسلحة والمعدات، واجرت روسيا اصلاحات وعمليات تطوير في بنية قواتها المسلحة، وحددت اولويات الاصلاحات والمهام الجديدة لقواتها المسلحة في مجال الدفاع والتعرض بضوء الرؤية الروسية للبيئة الاستراتيجية والتغيير الحاصل في موازين القوى على الصعيدين الاقليمي والدولي، وقامت القوات المسلحة الروسية بصنوفها البرية والجوية والبحرية وسلاح الصواريخ البالستية بفعاليات ومناورات في اشارة لتأكيد مكانتها بوصفها قوة نووية كبرى، وأَعلن بوتين في كانون الاول 2004 عن تطوير جيل جديد من السلاح النووي لحماية روسيا من التهديدات والتحديات الامنية المستقبلية([142]).

وجاءت عملية اعادة هيكلة وتطوير القدرات العسكرية الروسية كمحصلة لتأثير عوامل عديدة في مقدمتها الهاجس الامني جراء الاحتلال الامريكي للعراق الذي عدّته روسيا تهديداً إستراتيجياً تكاملت حلقاته مع عملية توسيع حلف الناتو شرقاً باتجاه تخوم روسيا مع اوربا، ومع مشروع الدرع الصاروخي في وسط وشرق اوربا، ودفعت استجابة روسيا لهذه المتغيرات التي جرت على أرض الاطار المحيط بقلب الارض الذي تتحكم به([143])، الى سعيها لتحقيق التوازن الجيوستراتيجي مع الولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو([144]).

ب. المتغيرات السياسية

ركزت روسيا جهودها على صعيد السياسة الدولية ومنذ عام 2003 على التعامل مع المتغيرات التي تهدد بتغيير الوضع الدولي، وشكلت مسألة مناقشة قضية العراق في الامم المتحدة ومجلس الامن محور الاهتمام الروسي، اذ أَعلنت روسيا انها ستستخدم حق النقض ضد أي قرار يخول الولايات المتحدة بأستخدام القوة ضد العراق وحددت روسيا موقفها بضوء مصالحها([145])، وقد أدى موقفها المعارض لاستخدام القوة وتوافقه مع الموقف الالماني والفرنسي الى زيادة الخلاف والتناقض في المواقف داخل المجموعة الاطلسية حول قضية العراق وهذا هدف استراتيجي روسي لأضعاف تماسك التحالف الغربي ضدها، فضلا عن خشيتها من ظهور نتائج وعواقب غير محسوبة قد تقع في المنطقة وتهدد أمنها ومصالحها جراء الحرب على العراق([146]).

وتمكنت الولايات المتحدة الامريكية عبر المساومة من تخفيف معارضة روسيا للحرب على العراق من خلال عدم معارضتها لأستخدام روسيا القوة ضد جورجيا لمعاقبتها على تسهيلها لعبور المقاتلين الشيشان عبر اراضيها للقيام بعمليات ضد القوات الروسية، كما قدمت تطمينات لروسيا بعدم المساس بمصالحها في العراق بعد تغيير نظام الحكم فيه، وخففت روسيا من معارضتها واشارت الى ان موافقتها على استخدام القوة ضد العراق مرهونة بموافقة مجلس الامن([147]).

واتسم الموقف الروسي بعد احتلال العراق بالتأكيد على وحدة اراضيه وتنسيق الجهود لمكافحة الارهاب، وأَيدت روسيا الانتخابات التشريعية التي جرت في كانون الثاني 2005، مع سعيها لضمان مصالحها([148])، كما رأت ضرورة اشراك كافة القوى العراقية في العملية السياسية بالتعاون مع الامم المتحدة، واقترحت وضع جدول زمني لأنسحاب القوات الامريكية، واشارت الى اهمية دخول الولايات المتحدة الامريكية في حوار مباشر مع ايران وسوريا حول ترتيب الاوضاع في العراق سعياً منها لتأمين دور لحلفائها في العراق([149])، ويعني ذلك دخول الحلف الثلاثي الروسي الايراني السوري طرفاً في ترتيب اوضاع العراق مما يعزز مكانة روسيا ودورها في العراق والخليج العربي والشرق الاوسط من جهة، ويمثل هذا الحلف من جهة اخرى محوراً يوصلها الى درجة من التوازن مع الولايات المتحدة الامريكية المهيمنة على الشرق الاوسط، وتتبع روسيا منذ عام 2009 استراتيجية الربط بين الازمات وتوظيف المتغيرات الاقليمية والدولية لتحقيق المكاسب بأسلوب الضغوط والمساومة في علاقاتها مع الولايات المتحدة الامريكية لتعزيز مكانتها الدولية، وتعدّ روسيا توثيق علاقاتها مع ايران مسألة ضرورية، وترى في هذه العلاقات ، وتوريد السلاح لأيران وتزويدها بالتكنولوجيا النووية مصلحة حيوية، اذ يزداد اعتماد ايران عليها في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والنووية، ويدعم ذلك تطلع روسيا لدور موازي للدور الامريكي في الشرق الاوسط ويعزز هيمنتها على آسيا الوسطى، فأيران تتمتع بموقع جيوستراتيجي يربط بين منطقة الخليج العربي والعراق وافغانستان وآسيا الوسطى والقوقاز، كما يتعزز موقف ايران ودورها كقوة اقليمية حليفة في منطقة الخليج العربي والعراق بشكل خاص، وفي الشرق الاوسط بشكل عام([150])، ويصب ذلك في خدمة مصالح روسيا، لذلك يعدّ البرنامج النووي الايراني مشروعاً روسياً ــ ايرانياً مشتركاً ولهذا المشروع ابعاد اقتصادية وسياسية واستراتيجية([151]) تدعم الاقتصاد الروسي وتساعده على تجاوز ازماته، وتوظف روسيا ازمة البرنامج النووي الايراني، والحراك الشعبي العربي الذي بدأ عام 2011، والازمة السورية للضغط على واشنطن لخدمة ملفات مهمة لروسيا في مقدمتها الازمة الاوكرانية، وتسعى روسيا لتأكيد وجودها الدولي بوصفها نداً للولايات المتحدة الامركيية على صعيد السياسة الدولية([152])، وتحركت روسيا باتجاه توظيف هذه المتغيرات بضوء وجودها كقوة كبرى مدركة لأبعاد الاستراتيجية الامريكية لأحتلال العراق واستخدامه كمنطلق للتغيير القادم في الشرق الاوسط، واعادة صياغة التوازنات الجيوستراتيجية على مستوى العالم.

وقد وضعت روسيا الاتحادية الملف النووي الايراني وازمته في مقدمة المتغيرات التي يدور حولها التنافس بينها وبين الولايات المتحدة والغرب على صعيد التوازنات الجيوستراتيجية، اذ ساندت روسيا حق ايران في امتلاك برنامج نووي سلمي، ورفضت العقوبات احادية الجانب من قبل الولايات المتحدة الامريكية والقوى الغربية، ووصفت هذه العقوبات بأنها خرق لمبادئ القانون الدولي، وانتهاك لسيادة ايران، وترى روسيا ان عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعزز الثقة في الشرق الاوسط، وتبدد بعض المخاوف من انتشار الاسلحة النووية، اذ تعكس عمليات التفتيش مظهراً من مظاهر الشرعية الدولية لأنها تأتي في إطار اتفاق جماعي لقوى دولية، ومنظمة دولية، وتشارك في هذا العمل كافة الاطراف المعنية، وتعمل روسيا على ممارسة دور لضمان التزام ايران والقوى الغربية ببنود حول البرنامج النووي الايراني([153]).

ويمثل برنامج ايران النووي شراكة نووية روسية ــ ايرانية دفعت بأتجاه تعزيزها مجموعة عوامل وتطورات في السياسة الامريكية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق مروراً بأتجاه بأحداث 11 ايلول 2001، ثم احتلال افغانستان، والحرب على العراق عام 2003، فالوجود العسكري الامريكي في آسيا الوسطى والقوقاز ادى الى مجاورة القوة العسكرية الامريكية للحدود الجغرافية لروسيا فضلا عن اضعافه لمكانة روسيا وايران خاصة بعد توسع الناتو شرقا وتوقيع عدة اتفاقيات عسكرية قصيرة الامد بين الولايات المتحدة الامريكية وجمهوريات قرغيزيا، اوزبكستان، طاجكستان، وكازاخستان، وتسمح هذه الاتفاقيات بوجود قوات امريكية على اراضي هذه البلدان واستخدام قواعدها العسكرية في الحرب على الارهاب التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية منذ عام 2001([154]).

وقد وقفت روسيا الى جانب ايران بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 لأهمية الموقع الجيوستراتيجي لايران وللحيلولة دون تمدد النفوذ الامريكي اليها، ولم يصل هذا الوقوف بوجه النفوذ الامريكي الى درجة المواجهة مع الولايات المتحدة الامريكية، ويفسر ذلك طبيعة المواقف الروسية تجاه الولايات المتحدة الامريكية التي تبدأ بالتشدد ثم التراجع التدريجي في اطار من المساومات، اذ لا تمنع روسيا صدور قرار من مجلس الامن ضد ايران لكنها تعمل على صدور مثل هذا القرار مع تعديل يجعله مقبولاً من جانب ايران ولا يضر في الوقت عينه بالمصالح الاستراتيجية الروسية وفي مقدمتها المصالح الاقتصادية، وقد حصلت روسيا على مبلغ مليارين وسبعمائة مليون دولار امريكي من ايران مقابل قيامها باستكمال بناء محطة بوشهر النووية التي بدأ التفاوض حولها عام 1994 وتطورت العلاقات بين البلدين منذ ذلك الحين، وهناك حوار بين الطرفين حول قضايا انتشار السلاح النووي، ومكافحة الارهاب، والوضع في آسيا الوسطى، والشرق الاوسط ، وافغانستان، وجنوب القوقاز، ومنطقة حوض قزوين، ورغم ذلك تخشى روسيا من امتلاك ايران للسلاح النووي وتعتبره سبيلا لاثارة المشاكل معها، وترى روسيا ان ايران قد تندفع في حال امتلاكها للسلاح النووي لاتباع سلوك سياسي يضر بالمصالح الروسية([155])، ويؤشر هذا الموقف طبيعة السلوك الروسي المتأرجح تجاه ملف ايران النووي، فروسيا راغبة في استمرار البرنامج النووي الايراني، لكنها لا ترغب بتحوله الى برنامج عسكري، فضلاً عن عدم رغبتها في اضعاف ايران في مواجهة تمدد النفوذ الامريكي، ولا تريد روسيا تحول ايران الى قوة اقليمية كبرى بقدرات نووية تجعلها في غنى عن التعاون معها.

وإتسم الموقف الروسي تجاه الحراك الشعبي العربي الذي بدأ عام 2011 بالتأني، اذ ادخل هذا الحراك منطقة الشرق الاوسط في حالة اضطراب بسبب تنامي الضغوط الشعبية، وتصاعد عدم الاستقرار الاجتماعي، والتوترات العرقية والدينية والطائفية، وتدرك روسيا ان تفاعلات الحراك الشعبي لن تضعف التأثير الامريكي في الشرق الاوسط، بل ستؤدي الى تفتيت واضعاف الدول العربية وتراجع انتمائها القومي([156])، ولم تبادر روسيا بفعل ازاء ما جرى في تونس وليبيا، لكنها اعلنت تأييدها للحراك الشعبي في مصر لكي تحقق وجوداً وتأثيراً على المستويين الشعبي والرسمي في مصر وعلى حساب الدور الامريكي، بعد ان رأت تصاعد الاحتجاجات الشعبية المصرية ضد موقف الولايات المتحدة الامريكية المساند للاخوان المسلمين الذين تعتبرهم روسيا منظمة ارهابية، وتحركت روسيا لتوثيق علاقاتها مع مصر وقدمت نفسها كداعم وحليف مستقبلي لمصر وهي دولة محورية في الشرق الاوسط([157]).

اما الازمة السورية التي كان يوم 18 اذار 2011 بداية انطلاق الحراك الشعبي فيها فقد ظهرت بوادرها في كانون الثاني 2011 اثر عمليات نشر وحدات من الجيش السوري في درعا لقمع الاحتجاجات، ودوافع الحراك الشعبي في سوريا سياسية واقتصادية واجتماعية، فحالة الطوارئ معلنة في البلاد منذ عام 1963، ونظام الحكم فيها هو نظام حكم الحزب الواحد الذي يعتمد نظام التوريث وحكم الاسرة والطائفة، ويتفشى الفساد والفقر والبطالة وانخفاض مستوى الدخل وصعوبة الاوضاع الاجتماعية في البلد فضلا عن سوء توزيع الثروة([158])، وتتشابه هذه الاوضاع في كل البلدان العربية، ولم تقف روسيا موقف المنتظر لنتائج الحراك الشعبي كما حدث في موقفها ازاء الاحداث في تونس وليبيا، ثم تدخلها المتأني في الحالة المصرية وبادرت الى الاعلان عن دعمها للنظام السوري، ورفضت التدخل الخارجي في الشأن السوري، وتأخذ الازمة السورية أهمية واسبقية عليا في سياسة روسيا الخارجية في منطقة الشرق الاوسط لادراكها للاثار الكبيرة التي ستترتب على تسوية هذه الازمة على مستقبل المنطقة، وعلى التوازنات الجيوستراتيجية بين القوى الفاعلة فيها فضلا عن تاثيرها على مكانة السياسة الخارجية الروسية ومصداقيتها على الصعيد العالمي([159]).

ولسوريا مكانة مهمة في الشرق الاوسط بوصفها عنصراً مؤثراً في مسارات التنافس والصراع في الاقليم، وانعكس ذلك على علاقات القوى الكبرى واستراتيجياتها تجاه سوريا خاصة بالنسبة لروسيا الاتحادية التي ارتبطت بعلاقات استراتيجية مع سوريا منذ الحقبة السوفيتية واستمرت هذه العلاقة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مع روسيا الاتحادية وتتداخل العديد من القضايا الاقليمية والدولية ضمن تفاعلات الازمة السورية ومن ابرزها([160]):

  • التنافس الامريكي ــ الروسي للسيطرة على الممرات البحرية عبر مضيق جبل طارق، والبحر الاحمر والقرن الافريقي عبر قناة السويس، وترى روسيا في ميناء طرطوس السوري الذي عززت وجودها فيه، البوابة الاستراتيجية للبحرية الروسية والتي تؤمن فاعليتها في البحر المتوسط والمحيط الاطلسي عبر الممرات المذكورة آنفاً، والوجود البحري الروسي في طرطوس عنصر توازن استراتيجي تجاه النشاط البحري الامريكي في هذه المناطق([161])، فضلا عن التنافس للسيطرة على الاقاليم الجيوستراتيجية، ويؤثر هذا التنافس ونتائجه في مستقبل تشكيل النظام العالمي المتعدد الاقطاب.
  • أمن الخليج العربي وامدادات الطاقة، وبرنامج ايران النووي، ودورها الاقليمي والصراع بين محور أيران وسوريا وحزب الله وحماس، وبين تركيا ومعها السعودية وقطر على الدور الاقليمي ومستقبل المنطقة.
  • الصراعات الطائفية والعرقية ونشاط الجماعات المتطرفة والارهاب في الشرق الاوسط.

وتدور في سوريا منافسة كبرى بين محورين: المحور الاول تقوده الولايات المتحدة الامريكية ويضم الاتحاد الاوربي وتركيا والسعودية، ويضم المحور الثاني روسيا والى جانبها ايران وسوريا وحزب الله وحماس، وقد اصبح البحر المتوسط ميداناً لصراع دولي للهيمنة على مصادر الطاقة الرئيسة في العالم([162])، اذ تشير المعلومات الى احتواء سورية والسواحل الشرقية للبحر المتوسط على كميات كبيرة جداً من احتياطات الغاز الطبيعي ودخلت هذه المنطقة ضمن اطار التنافس الدولي للسيطرة على موارد الطاقة منذ بدء اسرائيل بأستخراج النفط والغاز فيها عام 2009([163])، وتأخذ السيطرة على موارد النفط والغاز وخطوط نقلهما اولوية في استراتيجيات القوى الكبرى التي تتنافس للسيطرة على هذه الموارد ومناطق وجودها لتعزيز موقفها في اطار التوازنات الجيوستراتيجية العالمية([164]).

4- تأثير صراع الارادات والاستراتيجيات الدولية في الشرق الاوسط على العراق

شكل الاحتلال الامريكي للعراق المدخل الذي ولجته الولايات المتحدة الامريكية لتعزيز هيمنتها العالمية عبر السيطرة على اهم المواقع التي تشكل العقد الجيوستراتيجية الرئيسة في العالم للاخلال بالتوازنات الجيوستراتيجية العالمية لصالحها، وتحول العراق بعد احتلاله الى مركز انطلاق نحو المواقع المهمة الاخرى في الشرق الاوسط، وكانت سوريا الساحة التالية التي يدور فيها الصراع حاليا بين ارادات واستراتيجيات الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية، وتتبع الولايات المتحدة استراتيجية تكاملية الحلقات لأضعاف روسيا عبر اثارة النزعات الانفصالية في القوقاز الروسي، وتوظيف وجودها العسكري في بعض دول آسيا الوسطى والقوقاز، وتديم الولايات المتحدة درجة من التوتر في علاقاتها مع روسيا للحيلولة دون حدوث تقارب اوربي ــ روسي([165])، وتوظف الولايات المتحدة الامريكية الازمة السورية وتفاعلاتها لمنع روسيا من القيام بدور تفاعل في الشرق الاوسط والبحر المتوسط، ولأدامة هيمنتها على اوربا، والضغط على الصين عبر السيطرة على مصادر الطاقة وطرق نقلها من منطقة شرق البحر المتوسط([166])، وتسعى الولايات المتحدة الامريكية في اطار توجهاتها لتحقيق هذه الاهداف، لدفع النظام السوري للانهيار تحت ضغوط استمرار الحرب الاهلية، اذ يؤدي سقوط هذا النظام الى خسارة استراتيجية لروسيا وايران، وتؤثر هذه الخسارة على معادلة النفوذ والتأثير في الشرق الاوسط([167]).

وتعد سوريا موقعاً مهماً لمحاصرة النفوذ الروسي والحيلولة دون بقائه في سواحل المتوسط الشرقية، وتحتل مسألة قيام نظام سياسي ذو توجه غربي في سوريا اسبقية في استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية لاحكام السيطرة على مصادر الطاقة في شرق البحر المتوسط، كما يضمن قيام مثل هذا النظام السياسي تحقيق الربط البري بين تركيا واسرائيل عبر الاراضي السورية وسيتحول البحر المتوسط الى بحيرة تهيمن عليها الولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو، فضلا عن حرمان روسيا والصين من فرص الاستثمار في المنطقة([168]).

وتواجه روسيا الاتحادية الاستراتيجية الامريكية في المنطقة بأستراتيجية مقابلة تنطلق من دعمها للنظام السوري وادامة بقائه للحفاظ على مصالحها، اذ يؤمن وجود هذا النظام موطئ قدم لها في الشرق الاوسط وعلى السواحل الشرقية للمتوسط من خلال وجودها العسكري في القاعدة البحرية في ميناء طرطوس السوري([169]).  

وتابعت الولايات المتحدة الامريكية توجهات الاتحاد الاوربي وروسيا الاتحادية، وتطلعات الصين والقوى الاسيوية البازغة، ومساعي هذه الاطراف على صعيد تنظيم علاقاتها وشراكاتها الاستراتيجية التي اشرت رغبتها في صياغة نظام عالمي بنسق جديد يرتكز على توازنات تستند على تعددية قطبية لتتمكن من الاضطلاع بأدوار اقليمية ودولية، واستبقت الولايات المتحدة التطورات وعملت على الاخلال بالتوازنات بين القوى الدولية عبر تطبيق نظريتها في الفوضى الخلاقة لأحداث حالة من عدم الاستقرار والاضطراب، واختارت اقليم الشرق الاوسط للتاثير في التوازنات الجيوستراتيجية القائمة وتغييرها لصالح ادامة هيمنتها العالمية، من خلال خلق الازمات فيه وتوسيع نطاقها وتدويلها الامر الذي يدفع لتدخل الاطراف الدولية للمشاركة في تسوية هذه الازمات، اما عبر مجلس الامن واعضائه الخمسة دائمي العضوية، او طبقا لتفاهمات واتفاقات بين القوى الفاعلة في الازمة([170])، وتضمن الولايات المتحدة بذلك مشاركة هذه القوى تحت اشرافها لتحقيق استدامة مكانتها العالمية، عبر احداث تغيير مسيطر عليه في النظام الدولي بأتجاه يتضمن تعددية في القوى الدولية الفاعلة في نسق تحتل فيه المكانة الرئيسة المشرفة فيه([171])، وكان احتلالها للعراق عام 2003 المدخل لهذا التغيير.

وتدار الازمات في المرحلة الراهنة من قبل القوى الدولية على وفق الاعتبارات الجيوستراتيجية التي تؤخذ بالحسبان من اجل توسيع مناطق النفوذ، وتحقيق الاهداف، وضمان المصالح، ومن الامثلة على هذا السياق تدخل حلف الناتو عسكرياً لأسقاط نظام القذافي في ليبيا، والاحتلال الامريكي للعراق، والتدخل الدولي في الازمة السورية([172]).

ويؤدي سعي الولايات المتحدة الامريكية لأدامة هيمنتها والذي تقابله جهود القوى الدولية لوضع العراقيل امامها لأجل الحد من تفردها بالنظام العالمي، الى تصعيد التنافس والصراع الدولي خاصة بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية، مما يدفع الى عدم الاستقرار، وحدوث تحولات في البيئتين الاقليمية والدولية، وتصبح الاقاليم الجيوستراتيجية ميادين لهذا الصراع وفي مقدمة هذه الاقاليم اقليم الشرق الاوسط بوصفه منطقة ارتكاز جيوستراتيجي وتثير توجهات الولايات المتحدة الامريكية لتغيير انظمة الحكم في المناطق الجغرافية المجاورة والمتاخمة لروسيا الاتحادية هواجس الاخيرة، التي تخشى من قيام انظمة بديلة تتبنى سياسات وتوجهات موالية للولايات المتحدة، فتتصاعد حدة التنافس والصراع بين القوتين في الشرق الاوسط الذي يعد ميدان التنافس الرئيس في العالم([173]).

وقد حددت روسيا الاتحادية توجهاتها في الشرق الاوسط بضوء سعيها لتحقيق ثلاث مصالح استراتيجية: المصلحة الاولى الانهاك الاستراتيجي للولايات المتحدة الامريكية عبر استدارجها واشغالها في ساحات صراع متعددة، لأحداث تغيير يمهد لأعادة تشكيل التوازنات الجيوستراتيجية العالمية التي اخلت بها الولايات المتحدة الامريكية، وتتمثل المصلحة الثانية في توظيف حالة عدم الاستقرار والصراعات السائدة في المنطقة لتنشيط صادرات السلاح الروسي في دعم اقتصادها، فضلاً عن دور هذا السلاح في تغذية استمرار الاضطرابات في المنطقة، والمصلحة الثالثة امنية تتمثل في حماية امن روسيا القومي من تهديد الجماعات الاسلامية المتطرفة من خلال ضربها في بيئاتها المحلية، اذ يفضي انتصار هذه الجماعات في أي مكان من الشرق الاوسط الى تمدد تأثيرها الى اسيا الوسطى والقوقاز والى داخل روسيا الاتحادية في اوساط المسلمين الروس([174]).

ان العراق في ظل اوضاعه وظروفه الراهنة يوفر الميدان الملائم لروسيا الاتحادية لأدارة صراعها وتنافسها مع الولايات المتحدة الامريكية للوصول الى حالة التوازن معها في فرص النفوذ والهيمنة في الشرق الاوسط، والبحر المتوسط، وفي ادارة ملف الازمة السورية، اذ تدرك روسيا الاتحادية ان خسارتها لسوريا تعني انتهاء دورها وانحسار تأثيرها في الشرق الاوسط، وفي شرق البحر المتوسط([175]).

فالانهاك الاستراتيجي للولايات المتحدة الامريكية يمكن تحقيقه على الساحة العراقية عبر ادامة حالة عدم الاستقرار والعنف والدفع بأتجاه خلق ازمات متعاقبة ومتداخلة بالتنسيق مع ايران لارباك الاستراتيجية الامريكية، واجبار الولايات المتحدة على اعادة النظر فيها وتكييفها بضوء المواقف المتسارعة التغيير، كما ان نشاط الجماعات الارهابية وصدامها المسلح مع الحكومة العراقية يديم حالة العنف وعدم الاستقرار، ويُنشط مبيعات السلاح الروسي، فضلا عن توظيف روسيا غير المباشر لتحول العراق الى ميدان الحرب مع الارهاب لأيقاف خطر تمدد تأثير الجماعات الاسلامية المتطرفة الى آسيا الوسطى والقوقاز، ويضع الصراع والتنافس بين القوى الدولية والدائر على الساحة العراقية عملية بناء الدولة في مواجهة تحديات خطيرة.

المبحث الثاني

دخلت منطقة الشرق الاوسط والخليج العربي منذ الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 في حالة اعادة ترتيب لادوار ومناطق نفوذ ومصالح القوى الكبرى، وظهرت على الصعيد الاقليمي دوائر تعكس ادوار وتطلعات القوى الاقليمية الفاعلة، فهناك الدائرة الخليجية التي تقودها المملكة العربية السعودية وتشمل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والدائرة الايرانية، والدائرة التركية، فضلاً عن الدائرة الاسرائيلية التي تأخذ اسرائيل فيها دور المراقب لتطورات الاوضاع في المنطقة لتوظيف متغيراتها ومخرجاتها بضوء استراتيجيتها وتحالفها مع الولايات المتحدة الامريكية الضامنة لامنها.

وتشهد الساحة الاقليمية منافسة بين هذه القوى على نطاق وحدود النفوذ والامن والمصالح، وما يترتب على ادوارها من تأثيرات على مستقبل شكل النظام الاقليمي في الشرق الاوسط، وتسعى هذه القوى للقيام بدور اكبر في الاقليم من خلال توظيف الظروف السائدة ومتغيراتها في مرحلة تشهد تراجعاً في دور مصر الاقليمي بسبب اوضاعها الداخلية غير المستقرة منذ سقوط نظام مبارك، وتصاعد العنف والارهاب فيها بشكل غير مسبوق، اذ تسعى السعودية لأعادة الدور الاقليمي لمصر عبر دعمها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وضمها الى الدائرة الخليجية التي تقودها لتعزيز مكانتها وقدرتها التنافسية واعادة الحياة الى جزء من النظام الاقليمي العربي.

وتعمل ايران المتطلعة لدور القوة الاقليمية المهيمنة على توسيع مجالها ومد دائرة نفوذها لتشمل منطقة الخليج العربي والعراق وسواحل المتوسط في سوريا ولبنان فضلاً عن دورها في اليمن، كما تصاعد الدور التركي منذ عام 2002 بعد وصول حزب العدالة والتنمية الى سدة الحكم ووضعت تركيا لنفسها دوائر نفوذ متداخلة في الشرق الاوسط والخليج العربي وآسيا الوسطى والقوقاز ومنطقة البلقان، وتتداخل دوائر مصالح هذه القوى التي تنعكس تفاعلاتها على دول الاقليم خاصة الدول الضعيفة غير المستقرة التي تمر بمراحل انتقال بعد تغيير أنظمة الحكم فيها مثل العراق، او تمر بأزمة داخلية حادة مثل سوريا فتتحول الى  ميدان تنافس وصراع بين هذه القوى لأهمية موقعها الجيوستراتيجي، وفراغ القوة والسلطة فيها، ويفاقم من تحديات هذا الصراع وخطورته إحتمال نشوء تفاهمات وشراكة وظهور محاور بين بعض اطراف الصراع في حال استجابة القوى الكبرى لتطلعات القوى الصاعدة في الاقليم بضوء ما سيتحقق من مصالحها جراء تلك التفاهمات والشراكات بين القوى الاقليمية، وسيكون لهذه التغييرات انعكاسات كبيرة على دول الاقليم ومستقبل وجودها كوحدات سياسية متماسكة في بيئة حافلة بالعنف والصراعات الطائفية والدينية والعرقية، وسنتناول في هذا المبحث التحديات التي تواجه عملية بناء الدولة العراقية والناجمة عن ادوار القوى الاقليمية غير العربية (اسرائيل، ايران وتركيا)، والقوة الاقليمية العربية الفاعلة في ظل تآكل النظام الاقليمي العربي وهي المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.

اولاً. تحديات القوى الاقليمية غير العربية

  1. اسرائيل

يرتكز الدور الاقليمي لأسرائيل على ادراكها للبيئة الاقليمية، وتعي ان الضعف العربي هو من اهم مصادر قوتها، وان افضل وسيلة لأدامة هذا الضعف هي سياسة التفتيت وتشتيت القدرات لأنها الضمانة لتعزيز مكانتها الاقليمية المتفردة عبر إثارة الصراعات والانقسامات الدينية والمذهبية والعرقية والاثنية لأضعاف الوحدات السياسية العربية القائمة، وتشجيع الاقليات على الانفصال خاصة في العراق([1])، ويحرك وجود اسرائيل في محيط يختلف عنها ثقافياً وحضارياً وإثنياً شعورها بعدم الاطمئنان، وعدم اليقين بالمستقبل ومدى تأثير متغيراته على وجودها وأمنها([2])، وأخذ المعنيون بصياغة الاستراتيجية في اسرائيل هذا الواقع بنظر الاعتبار وتبنوا في صياغتها إعتماد مبدأ مواجهة اسوأ الاحتمالات، وإعتبروا الصراع حالة دائمة حتى في حال الوصول الى تسوية جزئية، او شاملة مع المحيط، للتأهب الدائم للتعامل مع المتغيرات الاقليمية والدولية، وإستثمار الفرص المتاحة الناتجة عنها، وتحرص اسرائيل على ادامة تفوقها العسكري والاقتصادي والسياسي والتكنولوجي لتكون في مقدمة القوى الاقليمية في الشرق الاوسط، وتعزز هذه المكانة بتحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الامريكية القوة العظمى على الصعيد العالمي، وبتحالفها مع قوى اقليمية غير عربية لدعم عناصر قوتها وتحييد عناصر الوهن لديها والتي تتمثل بقلة عدد سكانها وانخفاض نسبة نموهم السكاني بالمقارنة مع الفلسطينيين والدول العربية([3])، وصغر مساحتها وشكل حدودها، فضلاً عن تركز غالبية السكان ضمن محيط دائرة يبلغ طول قطرها (75)كلم، وتقع هذه الدائرة ضمن مديات تأثير أسلحة دول الجوار العربية([4])، لذلك اعطت اسرائيل لأمنها مضموناً وبعداً جغرافياً يرتبط بالاراضي العربية التي احتلتها عام 1967 لتوظيف الخصائص الاستراتيجية العسكرية لهذه المناطق في حالتي الدفاع والتعرض، ولتحييد عامل المباغتة وحرمان الخصم منه وكسب الوقت في مواجهة أي هجوم عربي([5]).

أ. المجال الحيوي لاسرائيل واستراتيجية شد الاطراف(*)

تدرك اسرائيل ان هيمنتها على محيطها الاقليمي لا تتحقق بالاعتماد على قدراتها العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية فحسب، بل يجب تعزيزها بالتحالف مع قوة عظمى، وبالتغلغل السياسي والاقتصادي والثقافي في دول غير عربية شملت تركيا، وباكستان، وايران، واثيوبيا وارتيريا، فوثقت علاقاتها مع هذه الدول وجعلت منها طوقاً يحيط بالدائرة العربية، واهتمت بترسيخ علاقاتها بشكل خاص مع تركيا، وايران، واثيوبيا، واريتريا، وعملت على اثارة الصراعات والتوترات بين هذه الدول وبين الدول العربية المجاورة لها حول قضايا الحدود، والاقليات، والمياه لأضعاف الدول العربية عبر اشغاله بهذه الصراعات وتشتيت قدراتها على وفق استراتيجية شد الاطراف، وللوقوف بوجه تطلعات عبد الناصر في آسيا وافريقيا في مرحلة تحالفه مع الاتحاد السوفيتي([6]).

ووسعت اسرائيل مجالها بعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي وعقد مؤتمر مدريد للتسوية في الشرق الاوسط في تشرين الثاني 1991، ووطدت علاقاتها في دائرة مجال حيوي امتدت من موريتانيا، والمغرب على الساحل الشرقي للمحيط الاطلسي غربا الى باكستان شرقاً، ومن دول وسط آسيا شمالا الى مدخل البحر الاحمر وجنوب افريقيا جنوبا([7]).

ب. العلاقات الاسرائيلية ــ الامريكية وانعكاساتها على العراق

برزت مكانة اسرائيل في سياسات الولايات المتحدة الامريكية ازاء منطقة الشرق الاوسط عقب الاعلان عن قيامها عام 1948، وكان الدور الاول المطلوب منها اداؤه إشغال الحكومات العربية والتيار القومي العربي بالقضية الفلسطينية، لجذب الانتباه بعيدا عن حركة الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة لتحقيق مصالحها وفي مقدمتها المصالح النفطية([8]).

وارتبطت اسرائيل بسياسة الولايات المتحدة الامريكية انطلاقاً من المصالح والاهداف المشتركة التي يمثل التقارب العربي تهديداً لها، وعملت إسرائيل على إضعاف الدول العربية وفي مقدمتها العراق لتحويلها الى دول هشة([9])، وتنامت العلاقات بين الطرفين بشكل متصاعد بعد حرب حزيران 1967، اذ وجدت واشنطن ان نجاح اسرائيل العسكري وصعودها كقوة اقليمية يشكل خدمة لمصالحها ونفوذها في الشرق الاوسط، ويستدعي قيام اسرائيل بهذا الدور دعمها واسناد قدراتها لكي تتفوق على كل دول المنطقة([10])، واخذ الدعم الامريكي لأسرائيل ثلاثة مستويات: سياسية، واقتصادية، وعسكرية.

  • الدعم السياسي ينطلق الدعم السياسي الامريكي لاسرائيل من رؤية مستقبلية لدور اسرائيل، ومكانتها في سياساتها واستراتيجيتها إزاء المنطقة بضوء المصالح الامريكية([11])، وقد حددت الولايات المتحدة موقفها من الصراع العربي الاسرائيلي على اساس هذه المصالح التي يتطلب تأمينها وجود حليف موثوق يمثل مرتكزاً لها في المنطقة([12])، والتقت مصالح الولايات المتحدة مع مصالح اسرائيل في تقوية الاخيرة وضمان امنها وتهيئة السبل الكفيلة لبروزها كقوة اقليمية تؤدي الادوار المطلوبة منها وفي مقدمتها الحفاظ على المصالح الامريكية([13]).
  • ­ الدعم الاقتصادي اذ تحصل اسرائيل سنوياً على خُمس المعونات الامريكية الخارجية، ويقدر ما تحصل عليه بحدود ثلاثة مليارات دولار، وقد حصلت اسرائيل في مطلع عقد التسعينيات من القرن العشرين مع بدء عملية التسوية في الشرق الاوسط على مبلغ عشرة مليارات دولار مكافئة لها، ولتغطية متطلبات اسكان المهاجرين اليها من يهود روسيا، كما حصلت على مبلغ (650) مليون دولار جراء امتثالها لطلب الولايات المتحدة بعدم الرد على الصواريخ العراقية التي أُطلقت عليها في حرب الخليج الثانية عام 1991([14])، وغالباً ما تتحول المعونات الامريكية المقدمة الى إسرائيل الى منح غير قابلة للرد.
  • الدعم العسكري ويهدف هذا الدعم الى الحفاظ على تفوق اسرائيل العسكري في المنطقة ذات الاهمية الجيوستراتيجية العالية والحيوية بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية، وقد تصاعد الدعم العسكري كماً ونوعاً بعد التوقيع على مذكرة التفاهم الاستراتيجي بين الولايات المتحدة واسرائيل عام 1981، وتم اعتبار الاخيرة دولة حليفة، وكانت اسرائيل الدولة الاجنبية الوحيدة التي تشارك في مبادرة الدفاع الاستراتيجي الامريكي عبر انضمامها الى برنامج  حرب النجوم([15])،وتعتبر الولايات المتحدة تعاونها الاستراتيجي مع اسرائيل مصلحة حيوية، اذ يؤمن هذا التعاون التخزين المسبق للمعدات العسكرية الامريكية لدعم واسناد القوات الامريكية في المنطقة عند الحاجة([16])، وتؤكد الادارات الامريكية المتعاقبة التزامها بالحفاظ على تفوق اسرائيل العسكري على محيطها الاقليمي، وتُشرك الولايات المتحدة الامريكية اسرائيل في الترتيبات الامنية المتعلقة بالمنطقة، وفي اجراء التدريب المشترك، والعمل سوية على منع انتشار اسلحة الدمار الشامل في المنطقة([17])، وتعدُّ الولايات المتحدة اسرائيل قوة اقليمية مؤهلة للقيام بدور المنظم لأقليم الشرق الاوسط بما يتوافق مع اهدافها في السيطرة على موارد المنطقة واقتصاداتها، ومن هنا تبنت الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل فكرة اقامة نظام الشرق الاوسط تحت القيادة الاسرائيلية بالاعتماد على قدرات الاخيرة على الصعد الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية.

ج.  العلاقات الاسرائيلية ــ التركية وتعزيزها لدور اسرائيل الاقليمي

شهدت العلاقات الاسرائيلية التركية نمواً متصاعداً مع بداية عام 1994، وكان وزير خارجية اسرائيل الاسبق شيمون بيريز قد اقترح على الاتراك خلال زيارة له لأنقرة في نيسان 1994، قيام تركيا بعقد مؤتمر للامن والتعاون في الشرق الاوسط، ووصف وكيل وزارة الخارجية التركية في عام 1995 اتفاق تركيا واسرائيل على رفع الحواجز الجمركية بينهما بشكل تدريجي وصولا الى رفعها كليا في عام 2000 بأنه إنجاز مهم على صعيد صياغة خارطة الشرق الاوسط([18])، ووصلت علاقات الطرفين الى مستوى التحالف الاستراتيجي بعد التوقيع على اتفاق التعاون العسكري الاسرائيلي ــ التركي في شباط 1996([19])، وجاء هذا الاتفاق ضمن اطار اعادة ترتيب الاوضاع في المنطقة على نحو يوسع مجال اسرائيل الحيوي للحفاظ على امنها في مواجهة التهديدات السورية والعراقية، وحقق الاتفاق قيام تعاون عسكري بين الطرفين في مجال مواجهة اسرائيل للمنظمات الفلسطينية، والمواجهة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني (PKK)، وعزز مكانة تركيا الاقليمية من خلال وضع نظام امني يجمع اطرافاً غير عربية، واطرافاً عربية، إذ يراد لهذا التفاق ان يكون نواة لنظام امني إقليمي للشرق الاوسط، وقد عُرض على مصر الانضمام اليه وقبول الطلب بالرفض، وشارك الاردن في عام 1996 بصفة مراقب في المناورات البحرية المشتركة التركية الاسرائيلية([20]).

د. إسرائيل وحرب الخليج الثانية عام 1991

ضم التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الامريكية في حرب الخليج الثانية لأخراج العراق من الكويت دولاً عربية في مقدمتها مصر والسعودية، وقامت هاتان الدولتان بدور محوري في التحالف لذلك قررت واشنطن عدم اشراك اسرائيل في التحالف وعملياته العسكرية حتى لا يؤثر وجودها في جهد الولايات المتحدة لحشد الدول العربية والاسلامية، ولتجنب اثارة الرأي العام العربي والاسلامي، وطلبت واشنطن من اسرائيل عدم الرد على الصواريخ العراقية([21])، وولد ذلك قناعة لدى اسرائيل بأن الازمات الاقليمية التي تتدخل فيها القوى الدولية بشكل واسع لا توفر لها الفرصة لتوظيف مكانتها لدى الغرب، وادركت ان خيارها الامثل في مثل هذه الازمات الحادة هو اتخاذ موقف المراقب المتأهب لمواجهة الاخطار المحتملة والانتظار حتى ينجلي الموقف العام وتبدأ المساومات، ووجدت إسرائيل فرصتها في الخلافات العربية ــ العربية التي وصلت درجة العداوة واستخدام القوة، وانعدام الثقة بين الحكام العرب، فتآكل النظام الاقليمي العربي، وكانت محصلة ضرب العراق عام 1991 تحول الصراع العربي ــ الاسرائيلي الى صراع فلسطيني ــ اسرائيلي([22])، ورسخ دور اسرائيل كقوة اقليمية بعد ضرب العراق وتحجيم قدراته العسكرية وتدمير بنيته التحتية، واختل ميزان القوى في المنطقة لصالح اسرائيل وبدأت عملية وضع ترتيبات نظام الشرق الاوسط على وفق المصالح الامريكية والاسرائيلية([23]).

هـ. الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 ومكاسب اسرائيل الاستراتيجية

شكل العراق بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية مصدر خطر يهدد المصالح الامريكية، ويعرض امن اسرائيل للخطر، فضلاً عن تهديده لكل الدول المجاورة له بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية عام 1988، وميل ميزان القوى في منطقة الخليج العربي لصالحه، فبدأت بالتخطيط لغزوه واحتلاله، واوكلت المهمة الى القيادة المركزية للشرق الاوسط التي كان من بين مهامها حماية منابع النفط، وطرق نقله، ومكافحة الارهاب، والحد من انتشار اسلحة الدمار الشامل، وضمان امن اسرائيل([24]).

وقد هيأت أحداث 11 ايلول 2001 الفرصة للرئيس الامريكي السابق بوش الابن لغزو العراق واحتلاله، وكانت عملية الغزو والاحتلال جزءاً من استراتيجية الولايات المتحدة لفرض هيمنتها على العالم عبر تخطي قيود النظام الدولي والقوى الفاعلة فيه، وسبق الاحتلال قيام المحافظون الجدد الذين عرفوا بمجموعة القرن الامريكي برفع رسالة الى الرئيس الامريكي الاسبق كلنتون يحثونه فيها على شن الحرب على العراق، وتبنى معهد واشنطن لسياسات الشرق الاوسط، والمعهد اليهودي لشؤون الامن الوطني نفس التوجه نحو غزو العراق واحتلاله، ودعم اسرائيل ومكانتها الاقليمية([25])، وتبنى الكونغرس الامريكي بضوء ذلك ما عرف بأسم (مشروع تحرير العراق) ([26])، إذ ان سيطرة الولايات المتحدة على العراق بموقعه الجيوستراتيجي وخصائصه تضمن لها التحكم بالشرق الاوسط على طول امتداده من مصر في الغرب حتى باكستان في الشرق([27])، فضلاً عن حماية إسرائيل وتعزيز مكانتها كقوة اقليمية بازاحة العراق كقوة تشكل خطراً على الامن الاسرائيلي، وخلق اوضاع جديدة في المنطقة تؤمن تفوق اسرائيل العسكري على جميع دول الشرق الاوسط ويوفر ذلك الفرصة لتحولها الى الدولة المحورية التي تشكل مركز الشرق الاوسط وبما يخدم المصالح الامريكية والاسرائيلية([28])،        وتعدّ اسرائيل المستفيد الرئيس من الاحتلال الامريكي للعراق، وقد مارست دور الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة في الحرب على العراق، إذ كان هناك تنسيق استراتيجي مكثف بين الطرفين قبلها وخلالها، ومن اهم المكاسب الاستراتيجية التي تحققت لاسرائيل بعد احتلال العراق مايأتي:

  • تعزيز مكانة اسرائيل ودورها في الشرق الاوسط بعد خروج العراق من معادلة الصراع العربي ــ الاسرائيلي، فضلاً عن تحول الولايات المتحدة الامريكية الى وضع الجوار الجغرافي لكل من سوريا وايران وبما يضع هاتين الدولتين ضمن دائرة الاستهداف الامريكي ويمثل ذلك جانباً جوهرياً في الرؤية الاستراتيجية الامريكية لأعادة صياغة الشرق الاوسط الكبير الذي تقوم اسرائيل بدور محوري في صياغته وتنفيذه([29]).
  • تحول البيئة الاستراتيجية المحيطة بأسرائيل من بيئة معادية الى بيئة مستعدة للتعاون([30])، بعد تراجع تأثير التيار القومي العربي وتقوية التيار الذي يركز اهتمامه على المصالح الوطنية لكل دولة عربية على حدة مما يبعدها عن دائرة الصراع مع اسرائيل([31]).
  • عززت سيطرة الولايات المتحدة الامريكية على العراق هيمنتها على الشرق الاوسط وفي ذلك اضعاف لتأثير الاتحاد الاوربي في المنطقة ولدوره في عملية تسوية القضية الفلسطينية بسبب التباين والاختلاف بين الموقف الامريكي والموقف الاوربي بصدد الحرب على العراق([32]).
  • احتمالات تفتيت العراق وتجزئته، او تحوله الى كانتونات عرقية وطائفية، ويتوافق ذلك مع تطلعات اسرائيل لتفتيت الكيانات الكبيرة في الشرق الاوسط لضمان ممارستها لدور القوة الاقليمية الكبرى في الاقليم([33]).

و. إسرائيل والمحاور الاقليمية المحتملة في الشرق الاوسط

ركز صناع القرار في اسرائيل إهتمامهم على متابعة متغيرين في الشرق الاوسط: اولهما صعود حزب العدالة والتنمية الى السلطة في تركيا عام 2002، وثانيهما غزو الولايات المتحدة الامريكية للعراق وإحتلاله عام 2003، وقد أدى المتغير الاول الى تراجع في العلاقات الاسرائيلية التركية التي شهدت العديد من الازمات فضلاً عن سعي تركيا لتوظيف عمقها الاسلامي وتعزيز دورها الاقليمي، وكان من نتائج المتغير الثاني زيادة النفوذ الايراني في العراق ومنطقة الخليج العربي وسوريا ولبنان، وعزز عدم تمكن اسرائيل من اقناع الولايات المتحدة الامريكية بتوجيه ضربة الى المواقع النووية الايرانية، واندلاع الحراك الشعبي العربي، من اهتمام اسرائيل ومتابعتها لأحتمالات حدوث تحول في أنماط التحالفات في المنطقة وظهور محاور اقليمية قد يفضي قيامها الى تعريض أمن إسرائيل ومصالحها ودورها الاقليمي للخطر، إذ تسعى تركيا لتوسيع نطاق تأثيرها في الخليج العربي وسوريا، وهي ترفض فكرة عزل ايران، وتشعر اسرائيل بالقلق من التحولات الجارية في السياسة الخارجية التركية الساعية لقيام تركيا بدور اقليمي اكبر من دور اسرائيل في المنطقة، وتعمل تركيا على اقناع الغرب بقدرتها على تشكيل محور اقليمي بقيادتها دون الاعتماد على اسرائيل، واظهار عدم مساس هذا المحور في حال قيامه بمصالح الغرب وعزز من مخاوف اسرائيل تصريح رجب طيب اردوغان في زيارته الى طهران في كانون الاول 2009 بأن التعاون التركي ــ الايراني قادر على ملئ الفراغ في المنطقة، وان هذا التعاون يتكامل بأنضمام مصر لتصبح الضلع الثالث في مثلث القوى في الشرق الاوسط، وسيؤدي تبلور مثل هذا التعاون الى وضع اسرائيل في مواجهة حالة عزله تهدد بأضعاف دورها الاقليمي([34]).

وتراقب اسرائيل تراجع تأثير الولايات المتحدة الامريكية في الشرق الاوسط، وتركيزها على معالجة مشكلاتها الداخلية، ويعتقد الاسرائيليون ان الولايات المتحدة لم تبذل جهوداً كافية لحماية نظام مبارك من السقوط، مما افضى الى وصول جماعة الاخوان المسلمين الى السلطة، ويصب ذلك في صالح محور ايران ــ سوريا ــ حزب الله ــ وحركة حماس، وقد يترتب على ذلك تراجع دور المحور الذي تقوده السعودية خاصة في حال عجز الاخيرة عن مواجهة الطموحات الايرانية في منطقة الخليج العربي واليمن، وسيدفع هذا الوضع بالسعودية الى الاعتماد على تركيا كثقل موازنة للدور الايراني بسبب التراجع المؤقت لدور مصر الاقليمي، وتعكس هذه المتغيرات ضعف تأثير الولايات المتحدة الامريكية في التفاعلات الجارية في الشرق الاوسط، وينعكس ذلك سلباً على المصالح الاسرائيلية وعلى الدور الاقليمي لاسرائيل([35])، ومن الممكن ان يؤدي هذا التغيير الى توثيق التعاون بين الدول العربية وتركيا للوقوف بوجه طموحات ايران النووية ويعني ذلك توثيق العلاقات والروابط الاقتصادية بين تركيا والعالم العربي وبناء الثقة بينهما، ويمثل الاقتصاد احد المداخل الرئيسة لتعزيز العلاقات السياسية والثقافية، ولا تقبل اسرائيل بظهور هذا المحور الذي تقوم فيه تركيا بدور القوة الاقليمية المتفوقة على مكانتها([36]).

وهناك احتمال بأن تدفع التطورات في المنطقة الى ظهور محور اسلامي يضم دولاً عربية وتركيا وايران، ومحور بهذه الامكانات الاقتصادية والبشرية والجيوستراتيجية قادر على ملئ فراغ القوة في المنطقة وعزل اسرائيل([37])، ويُعدُّ تحالف اسرائيل الوثيق مع تركيا السبيل الامثل والاساسي لمواجهة هذه الاحتمالات، ويتيح هذا التحالف لأسرائيل احتواء منطقة الشرق الاوسط والهيمنة على آسيا الوسطى([38]).

وتتوقع اسرائيل بضوء المتغيرات الجارية والاحتمالات المتوقعة انها ستواجه حالة من العزلة في المنطقة حتى يتحقق الاستقرار فيها، إذ أن الحكومات الجديدة التي ستنشأ في الدول العربية التي تشهد حراكاً شعبياً لن تستطيع تطبيع علاقاتها مع اسرائيل بغض النظر عن ميولها الآيديلوجية بسبب حالة الفوضى وعدم الاستقرار، ويؤثر ذلك على مستقبل الدور الاقليمي لأسرائيل ومكانتها في المنطقة، فأستقرار الانظمة السياسية في الشرق الاوسط يؤثر بشكل مباشر على ادوار ومكانة القوى الاقليمية، لأنعكاسهأ على السياسات الخارجية، والسياسات الدفاعية، وسياسات الامن القومي لدول المنطقة([39])، وفي ظل هذه الاوضاع والاحتمالات في البيئة الاستراتيجية المضطربة في الشرق الاوسط، وجدت اسرائيل ان خيارها الاستراتيجي المرحلي يرتكز على اتخاذ موقف المراقب المتأهب في متابعة تطورات الاحداث حتى تتضح ملامح مخرجات تفاعل المتغيرات لتوظيفها([40])، مع ادامة مساعيها في العمل على تفتيت مجتمعات الدول العربية عبر إثارة الصراعات الدينية والطائفية والعرقية والاثنية لتفكيك هذه الدول الى كيانات ضعيفة متنافرة تكون جميعها تحت هيمنة القوة الاسرائيلية([41]).

وستكون لأيران اولوية في اهتمامات اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية، اذ تشكل العنصر المحوري في التعاون الاستراتيجي الاسرائيلي ــ الامريكي لبلورة استراتيجية شاملة لمواجهة تحديات برنامج ايران النووي وطموحاتها الاقليمية، وتوظيفها لقدارتها لزعزعة استقرار المنطقة عبر المنظمات والجماعات المرتبطة بها([42]).

وتعتبر اسرائيل العراق الساحة الرئيسة لمواجهة التهديد الايراني والتعامل معه، إذ أن الوجود الامريكي فيه يشكل عنصر قوة تدعم بشكل مباشر الاجراءات السياسية والعسكرية المطلوبة للحد من طموحات ايران النووية وتطلعاتها الاقليمية، إذ يؤمن الوجود العسكري الامريكي المباشر في جوار ايران ضماناً لنجاح العمل العسكري المنسق مع اسرائيل في حال استهداف المنشئآت النووية الايرانية([43])، ويجعل التهديد المتبادل بين اسرائيل وايران من العراق ميدان الصراع المباشر بين الطرفين، وتأخذ ابعاد هذا الصراع مديات تمس مصالح العراق وأمنه وتضع عملية بناء الدولة فيه بمواجهة تحديات خطيرة.  

  1. ايران

وفر الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 الظروف المؤاتية لايران لمد نفوذها الى العراق وتعزيز تأثيرها في منطقة الخليج العربي، بعد خروج العراق من معادلة التوازن الاقليمي الذي إختل لصالحها، وحرك ضعف العراق بعد انهيار الدولة فيه وقيام الولايات المتحدة بحل المؤسسة العسكرية والمؤسسات المعنية بالامن نوازع ايران وتطلعاتها، اذ وجدت الفرصة السانحة بعد الانسحاب الامريكي وسارعت لملء الفراغ الناشئ عن هذا الانسحاب لتحقيق اهدافها والقيام بدور القوة الاقليمية الفاعلة([44]).

أ. مرتكزات استراتيجية ايران للهيمنة والقيام بدور القوة الاقليمية

ترتكز استراتيجية ايران الهادفة للهيمنة على المنطقة والقيام بدور القوة الاقليمية الكبرى فيها على الآتي:

  • تنمية اقتصادها وتطوير علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع دول الخليج العربي، وآسيا الوسطى، والقوقاز، وجنوب آسيا، والعالم الاسلامي إذ يشكل الاقتصاد القاعدة لبناء قدراتها العسكرية وتطوير قدراتها النووية، ويمثل أحد مداخل نفوذها السياسي ([45]):
  • تطوير قدراتها العسكرية البرية والبحرية والجوية، فضلاً عن تطويرها للصواريخ البالستية ولقدراتها النووية([46])، ويدخل تطويرها لهذه القدرات ضمن اطار مساعيها للهيمنة الاقليمية من خلال تحقيق التفوق في القوة العسكرية والاحتفاظ به، وترى القيادة الايرانية ان برنامجها النووي ضرورة حيوية لفرض التفوق على دول المنطقة التي عليها القبول به بوصفه امراً واقعاً([47]).
  • ادلجة البعد الطائفي للدين وتوظيفه سياسياً في الداخل لأحياء نزعة التوسع في المجتمع الايراني، وفي الخارج لنشر ثقافة تغليب الانتماء الطائفي على الانتماء الوطني في الدول المجاورة، في اطار مبدأ تصدير الثورة الاسلامية، وجعل ايران المركز (الشيعي) القوي في المنطقة وفي العالم الاسلامي([48]).
  • فرض تسمية الخليج الفارسي على دول الخليج العربية واقرارها بأن ايران هي القوة الاقليمية المهينة([49]).
  • تؤكد ايران على دورها بوصفها القوة الاقليمية الكبرى، وتعمل على اعادة صياغة النظام الاقليمي ليتوافق مع مصالحها وتطلعها لهذه المكانة، وقد هيأ الاحتلال الامريكي للعراق الفرصة والحافز لتزايد الاندفاع الايراني بهذا الاتجاه، وترى ايران ان قوتها العسكرية تشكل الاساس الذي يرتكز عليه سلوكها السياسي الخارجي ووجودها كقوة اقليمية مؤثرة في الشرق الاوسط([50])، لذلك تعمد ايران الى اتباع الاساليب التالية([51]):
  • السعي للحصول على دور في الترتيبات الامنية الاقليمية.
  • تمسكها بما تسميه مبدأ تصدير الثورة للتدخل في شؤون دول المنطقة واظهار التصلب في مواقفها.
  • انغماسها الخارجي وامتداد نطاق تدخلها ليشمل العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج العربي واليمن.

ب. الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربي في المنظور الايراني

تطل إيران على إمتداد الساحل الشرقي للخليج العربي ويبلغ طول ساحلها 2400 كلم، وهو منفذها البحري الى العالم الخارجي، وتسيطر ايران على الجانب الشرقي من مضيق هرمز الذي تُصدّر ايران عبره معظم انتاجها النفطي، وتقع اغلب منشئاتها النووية والنفطية على مقربة من ساحل الخليج مما يكسب هذه المنطقة اهمية حيوية وأولوية استراتيجية لأرتباطها بالمصالح الاقتصادية والامنية واستقرار النظام السياسي في ايران([52]).

وتركز ايران جهودها في منطقة الخليج العربي لتعزيز تطلعها لدور القوة الاقليمية للأهمية الجيوستراتيجية للمنطقة، فضلاً عن كونها منطقة مصالحها، ومشكلاتها الامنية، وازماتها مع دولها([53])، وتشعر ايران بالقلق ازاء الوجود العسكري الامريكي في المنطقة، وتحالف دولها مع الولايات المتحدة الامريكية مما يفرض قيوداً تحد من حرية حركتها، وكانت ايران تتطلع لمد انابيب نقل الطاقة من باكو في اذربيجان الى ساحلها على الخليج العربي([54])، الا ان تركيا تمكنت عبر توظيفها للروابط الثقافية والتاريخية في المنطقة وبدعم من الولايات المتحدة من مد انابيب نقل الطاقة عبر اراضيها والى سواحلها على البحر المتوسط.

ويتسم السلوك السياسي الخارجي لأيران في المنطقة بممارسة الضغوط على دولها لاضعافها، وتهيئة البيئة المؤاتية لقيامها بدور القوة الاقليمية المهيمنة من خلال الاتي:

  • زعزعة الامن واثارة عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي في دول الخليج العربية عبر التأثير الثقافي والسياسي لتغليب الولاء الطائفي على الانتماء الوطني لدى مواطني هذه الدول من خلال استغلال خصوصية التكوين الاجتماعي([55]).
  • اجراء المناورات العسكرية في الخليج العربي لتأكيد تفوقها العسكري في المنطقة لفرض نظام امني يرتكز على دورها وقدراتها العسكرية ويعزز نفوذها([56]).

ج. الأهداف الاستراتيجية لأيران في العراق

إندفعت ايران لتحقيق اهدافها في العراق والمنطقة لعدم وجود عائق امام امتداد نفوذها، فالعراق خرج من معادلة التوازن الاقليمي، ولم تُبد دول الخليج العربي جهداً يذكر لمواجهة المساعي الايرانية، وترى إيران في استمرار حالة الضعف التي يمر بها العراق وتغلغل نفوذها فيه هدفاً استراتيجياً حصلت عليه دون جهد وبلا مقابل بعد الاحتلال الامريكي للبلد عام 2003([57]).

وأهداف ايران الاستراتيجية في العراق سياسية واقتصادية وامنية، ويرى القادة الايرانيون ان (الشيعة)(*) في العراق عمق استراتيجي يضمن لهم المرونة والقدرة على التحرك على الصعيد السياسي داخل العراق وبأتجاه محيطه العربي، ويمثل العراق قاعدة انطلاق لمد نفوذ ايران، فهو الجسر الارضي الذي يربطها بمنطقة الخليج العربي وبسواحل البحر المتوسط في سوريا ولبنان، وتركز ايران جهودها للتأثير على الانتخابات في العراق للتدخل في ترتيب الاوضاع السياسية والتأثير على توجهات السياسة العراقية في الداخل والخارج لتتوافق مع مصالحها فضلا عن التنسيق مع الحكومة العراقية في الامور المتعلقة بوجود المعارضة الايرانية على اراضي العراق([58])، ومن مصلحة ايران تشكيل حكومة عراقية ترتبط معها بعلاقات وثيقة، ويوفر وجود مثل هذه الحكومة بالنسبة لايران، دوراً في أي ترتيبات تجري مع دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، ومع جامعة الدول العربية بشكل عام، ويبقى هاجس ايران قائما ازاء تشكيل حكومة عراقية غير صديقة، اذ يشكل ذلك قيداً يعيق دورها الاقليمي، لذلك يمثل نجاح ايران في دعم قيام حكومة عراقية ترتبط معها بروابط وثيقة تعزيزاً لمكانتها وتطلعاتها للهيمنة على المنطقة([59])، ويحفز ذلك ايران ويدفعها لادامة تدخلها في الشأن العراقي الداخلي.

ويمثل العراق على الصعيد الاقتصادي سوقاً واسعة للبضائع والسلع الايرانية، فضلا عن موارد الطاقة ومجالات الاستثمار فيها، ويوفر ذلك لأيران الفرصة لمعالجة مشكلاتها الاقتصادية وتخفيف قيود العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، ويدعم خططها للوصول الى المركز الاقتصادي والتكنولوجي الاول في المنطقة، كما يهيأ أحد البدائل لمواجهة تراجع إحتياطات النفط الايراني([60]).

وتشكل المسالة الكردية في ايران، ووجود منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة في العراق تحدياً أمنياً يهدد الامن القومي الايراني، وتسعى ايران لاخراج هذه المنظمة من العراق([61])، وتعمل على احتواء الحركة القومية الكردية ونزعتها الانفصالية، وفي مقدمة أهدافها منع قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق، وقد شكلت لجنة مشتركة ايرانية ــ تركية بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 للتعامل مع المسألة الكردية، وتم تفعيل عمل هذه اللجنة في عام 2004 بعد نشوء حزب الحرية الكردستاني في ايران وهو نسخة مطابقة لحزب العمال الكردستاني في تركيا، وتعد ايران تطورات اوضاع الاكراد في العراق، واقرار النظام الفدرالي وقيام اقليم كردستان الذي يتمتع بوضع اقرب الى الاستقلال، خطراً يهدد امنها ووحدة اراضيها لذلك تدعم ايران وحدة اراضي العراق وترفض تقسيمه وتتعاون مع تركيا في هذا المجال([62]).

ولايران هاجس ازاء التعددية العرقية والاثنية والدينية والطائفية لمجتمعها، وينبع هذا الهاجس من مطالب المكونات الاجتماعية غير الفارسية التي تتراوح مابين المطالبة بالحقوق الثقافية والحريات الدينية، وبين الحكم الذاتي وبالحقوق القومية وتشكل القومية الفارسية 51% من سكان ايران، تليها القومية الاذرية 24%، والجيلاك والمازندرانيون 8%، والاكراد 7% والعرب 3%، والبلوش 2% والتركمان 2%، مع وجود مجموعات من الارمن والكلدان، والاثوريون، والزرادشتيون، والبهائيون، واليهود([63])، ويزيد من مخاوف ايران وقلقها ازاء تحركات ومطالب القوميات غير الفارسية وقوع اماكن تجمع هذه القوميات وسكنها على امتداد حدودها مع دول الجوار([64]).

وتعد مسألة عدم عودة العراق الى الساحة الاقليمية كقوة مؤثرة هدفاً إستراتيجياً لايران التي تريد بقاء العراق ضعيفاً مشغولاً بمشاكله الداخلية، ولا دور له وتأثير في التفاعلات الاقليمية لأبقائه ضمن دائرة نفوذها، وتأمين حدودها الغربية، وابعاده عن مجال منافستها على دورها كقوة اقليمية([65])، ولكي تضمن ايران تحقيق اهدافها لجأت الى اتباع استراتيجية اشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في العراق([66])، وتتقاطع هذه الاهداف مع مصالح العراق وسعيه لبناء الدولة المدنية.

د. الابعاد الجيوستراتيجية للعلاقات الامريكية ــ الايرانية وانعكاساتها على العراق

تدل العلاقات الامريكية ــ الايرانية التي تتمحور حول العراق وافغاسنتان والخليج بشكل خاص والشرق الاوسط بشكل عام على الطبيعة المعقدة والمتشابكة لهذه العلاقات ذات الابعاد الجيوستراتيجية، وقد عملت ايران على ارباك الاستراتيجية الامريكية في هذه المناطق عبر اثارة الفوضى والازمات وعدم الاستقرار، ففي العراق وظفت الجوار الجغرافي القريب، والروابط الدينية والمذهبية للضغط على الولايات المتحدة التي تدرك ان ايران تقف خلف هذه الاحداث، فضلاً عن ادراكها لقدرة ايران على مساعدتها في تحقيق الأمن والاستقرار في أفغانستان، كما ان لأيران امكانية التأثير المباشر وغير المباشر على المصالح الامريكية في الشرق الاوسط من خلال وجودها وعلاقاتها مع سوريا، وعبر حزب الله في لبنان، وحركة حماس في قطاع غزة والحوثيون في اليمن وتولدت لدى الطرفين القناعة بأن التفاهم حول هذه القضايا يخدم مصالح مشتركة بينهما([67]).

وتعلم الولايات المتحدة مدى مساهمة ايران في اثارة عدم الاستقرار السياسي والامني في العراق والذي انعكس سلبا على مصالحها، وهي مطلعة على ابعاد الصراعات الداخلية في ايران، وظهور اصوات معارضة من داخل النظام السياسي لسلوكه السياسي الداخلي والخارجي، وتدرك ان حوارها مع ايران والبدء بتطبيع العلاقات معها سيساعدها على استثمار هذه المتغيرات للضغط على ايران وارباك سياستها الخارجية، وتتأهب الولايات المتحدة المدركة لقدوم التغيير في ايران ، لأستثمار الفرصة عبر تكييف استراتيجيتها واتباعها اسلوب المشاركة مع اطراف دولية واقليمية للتعامل مع قضايا مهمة مثل الازمة السورية، والقضية العراقية، والدور الاقليمي لايران وبرنامجها النووي، وتربط بين جميع هذه القضايا، وبين نجاح مشروعها في العراق الذي يمثل المدخل لاختراق ايران([68]).

وتوجد رؤيتان متعارضتان داخل النظام السياسي الايراني حول العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية: الرؤية الاولى تدعو الى عدم الثقة بالولايات المتحدة الامريكية واستمرار القطيعة معها ويتبنى التيار المحافظ هذه الرؤية، ويرى التيار الاصلاحي الذي يتبنى الرؤية المعاكسة ان من مصلحة ايران تطبيع علاقاتها مع واشنطن، اذ تخدم عداوة ايران للولايات المتحدة مصالح خصومها ومنافسيها في المنطقة([69])، وتضع قيوداً على دورها الاقليمي ومكانتها.

وتعاونت ايران مع الولايات المتحدة في افغانسان خلال حربها مع نظام طالبان والقاعدة، وقد ذكر وزير الدفاع الامريكي الاسبق دونالد رامسفيلد ان ضباطاً ايرانيون عملوا مع الضباط الامريكان بصفة ضباط ارتباط مع قوات التحالف الذي قادته الولايات المتحدة في حربها على افغانستان([70])، كما بدا التفاهم بين الطرفين واضحاً عند الاحتلال الامريكي للعراق اذ ازداد النفوذ الايراني فيه على اساس تبادل المصالح وعدم المساس بالمصالح الامريكية، وتدفع المصالح المشتركة بالطرفين للتقارب رغم الخطاب الايراني المتشدد ظاهرياً، وقد قدمت الولايات المتحدة الامريكية خدمة لأيران عبر ازاحتها لأكبر عدوين لها في المنطقة وهما نظام طالبان في افغانستان والنظام العراقي السابق، ولن يشكل تعارض التوجهات عائقا امام امكانية عقد صفقة بين الولايات المتحدة وإيران حول برنامجها النووي، والقضايا الاقليمية، ودور ايران في المنطقة، وقد يكون ذلك على حساب مصالح دول واطراف اخرى في الاقليم([71])، الامر الذي يدفع قوى مثل تركيا والسعودية لأستباق أي تطورات محتملة في العلاقات الامريكية الايرانية، ويعني ذلك زيادة حدة التنافس بين هذه القوى في المنطقة وما يجره الامر من انعكاسات على العراق وأمنه واستقراره وعملية بناء الدولة فيه فهو الميدان للتنافس والصراع على المصالح بين هذه الاطراف.

وتوظف الولايات المتحدة هواجس دول الخليج العربي من تطلعات ايران وطموحاتها لزيادة اعتماد هذه الدول على الوجود العسكري الامريكي في المنطقة، وعلى تدفق صادرات السلاح الامريكي اليها، وتعمل واشنطن على اثارة مخاوف هذه الدول من برنامج ايران النووي وتزايد قوتها العسكرية لدفعها للتمسك بتحالفها معها فبدون وجود الولايات المتحدة طرفاً في هذا التحالف ستكون كفة ايران هي الارجح([72]).

ويتمثل الهدف الايراني الاكبر في اقامة نظام اقليمي تتولى فيه دور القوة الكبرى في المنطقة من القوقاز الى العراق، والخليج العربي، والشرق الاوسط، وتتطلع ايران الى استبعاد القوى الخارجية من هذا النظام([73])، وقد دعت لأقامة نظام اقليمي مشترك في المنطقة بعد اعلان الولايات المتحدة الامريكية عن نيتها في سحب قواتها من العراق، والغاية من دعوتها تبرير تدخلها في الشأن العراقي بصورة خاصة والعربي بشكل عام، كما طرحت مشروعها المسمى (الشرق الاوسط الاسلامي) الذي يرتكز على انشاء الحكومة الاسلامية العالمية التي تقوم هي بدور رئيس فيها، فضلاً عن سعيها لتشكيل محور يجمعها مع سوريا وحزب الله وحماس وروسيا والعراق يكون بمثابة خط دفاع لها ضد محاولات اختراقها، او تقييد مجال حركتها في الاقليم من قبل منافسيها وخصومها، وترى ايران ان وجودها كقوة اقليمية كبرى يعتمد على اضعاف دول الاقليم حتى تصبح في وضع مماثل لوضع العراق في الوقت الراهن، وينطلق مشروع ايران لمد نفوذها الى المنطقة العربية من بسط نفوذها على العراق اولا بوصفه البوابة للدخول الى هذه المنطقة([74])، ويشكل السلوك الايراني احد التحديات الاقليمية الكبرى التي تواجه عملية بناء الدولة العراقية المستقلة ذات السيادة والتي تقوم على مبدأ المواطنة والانتماء الوطني، فضلا عن تحدي تحول العراق الى ساحة مواجهة مباشرة بين ايران واسرائيل، والاخيرة قوة اقليمية فاعلة لايمكن لايران تجاهلها، ومن المحتمل قيامها بتوجيه ضربة مباغتة لمنشئآت ايران النووية بالتنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة الامريكية، وقد تزايد القلق الايراني من التهديد الاسرائيلي بضوء مؤشرات عديدة من بينها: تكثيف الزيارات المتبادلة والمباحثات بين مسؤولين كبار من الولايات المتحدة واسرائيل، حول سبل التنسيق المتعلقة بالبرنامج النووي الايراني، وكان هجوم اسرائيل في ايلول عام 2007 على منشأة نووية سورية رسالة انذار الى ايران مفادها ان خيار العمل العسكري غير مستبعد ضدها([75]).

ان تعرض المنشئآت النووية الايرانية لضربة سيدفعها للرد من خلال استهداف دول المنطقة التي تنتشر فيها القوات الامريكية فضلاً عن استهداف المصالح الامريكية وسيكون العراق مستهدفاً بشكل رئيس، وقد تلجأ ايران الى اعاقة تدفق النفط عبر مضيق هرمز، وتمس هذه الاجراءات امن العراق ومصالحه واستقراره.

  1. تركيا

مهد انهيار الاتحاد السوفيتي وزوال تهديده وحرب الخليج الثانية عام 1991 ومتغيرات الفترة التي اعقبتها، السبيل لأحياء نزعة التطلع الاقليمي لدى تركيا، ودفعها ذلك للسعي للقيام بدور القوة الاقليمية الكبرى في الشرق الاوسط، وأَعاد الساسة الاتراك النظر بدور تركيا على الصعيدين الاقليمي والدولي([76])، بضوء تساؤلات حول مدى أهميتها للغرب، وتصاعد قلقها من احياء بنود معاهدة سيفر المتعلقة بالاقليات في المنطقة، مما حفزها للأهتمام بعلاقاتها مع العراق وسوريا وايران على صعد الاقتصاد، والمسألة الكردية، والحدود، والمياه([77]).

وقد تخلت تركيا عن شعار اتاتورك (السلم في الداخل والسلم في الخارج)، الذي سارت على نهجه خلال الفترة من عام 1923 وحتى عام 1996، واشار كتاب اعدته وزارة الخارجية التركية في عام 1996 بعنوان (اهداف ومبادئ السياسة الخارجية التركية)، ان ذلك الشعار لم يعد يتلائم مع الواقع، وان على تركيا البحث عن افاق جديدة واستغلال الفرص المتاحة لضمان امنها وتحقيق مصالحها، وان على تركيا الانغماس في الاحداث حتى لا تكون معزولة وبعيدة عن التأثير فيها، ويستوجب ذلك تبني سياسة خارجية فعالة مبنية على الحقائق، ودل الكتاب على رغبة تركيا في استثمار متغيرات المنطقة لتحقيق طموحاتها وهي مسألة تتطلب تجاوز الارتباط بمبادئ تشكل قيداً على حركتها السياسية الخارجية([78]).  

الدوائر الجيوستراتيجية لحركة السياسة الخارجية التركية

تتشابك وتتداخل ادوار المؤسسات الرسمية التركية المعنية بصياغة السياسة الخارجية وصنع القرار، وجماعات المصالح، والمؤسسة العسكرية، والرأي العام التركي مع تأثيرات الموقع الجيوستراتيجي لتركيا، والدوائر الجيوستراتيجية التي تنشط ضمنها السياسة الخارجية التركية والمترتبة على العلاقات التركية ــ الاسرائيلية، وعلاقات تركيا مع الولايات المتحدة الامريكية، والعضوية في حلف الناتو، ورغبة تركيا في الانضمام الى الجماعة الاوربية([79])، فضلا عن تطلع تركيا لدور مؤثر في البلقان وآسيا الوسطى والقوقاز، وتفرض طبيعة هذه البيئة المتبادلة التأثير تفاعلاتها على صناع القرار الاتراك وتدفعهم للتعامل مع المتغيرات بحذر وتوازن لتحقيق مصالح تركيا من خلال توظيف علاقاتها الدولية والاقليمية وعضويتها في حلف الناتو.

أ- العلاقات التركية ــ الاسرائيلية

تدرك تركيا أهمية تعاونها وتوثيق علاقاتها مع اسرائيل لتعزيز مكانتها في الشرق الاوسط، وتحرص على الموازنة بين اهتماماتها ومصالحها الاقتصادية وتطلعها لدور القوة الاقليمية في علاقاتها مع اسرائيل ومع الدول العربية([80])، وقد تطورت العلاقات بين الطرفين ووصلت الى مستوى التحالف عام 1996 بالأعلان عن اتفاق التعاون العسكري التركي ــ الاسرائيلي([81])، ولهذا الاتفاق ابعاد استراتيجية، واقتصادية، وعسكرية، وامنية، اذ يعزز على الصعيد الاستراتيجي النفوذ الاسرائيلي والتركي في آسيا الوسطى والقوقاز، ويدعم موقف الطرفين في احتواء الدور الايراني ومواجهة النفوذ الروسي في هذه المنطقة، ويشكل الاتفاق اداة ضغط على سوريا للحد من دعمها لحزب العمال الكردستاني في تركيا، كما يهيئ موقعاً لتركيا في المشروع الاقتصادي للنظام الشرق اوسطي([82]).

ب-  علاقات تركيا مع الولايات المتحدة الامريكية

تأخذ الولايات المتحدة الامريكية بنظر الاعتبار موقف تركيا واسرائيل ومكانتهما في الشرق الاوسط بوصفهما دولتان حليفتان لقناعتها باهمية تقارب وجهات النظر معهما ازاء المنطقة، وتتعامل الولايات المتحدة مع تركيا بضوء خصوصيتها كبلد اسلامي يتبنى العلمانية واقتصاد السوق، وحليف للغرب، ويقع جغرافياً في منطقة التقاء اوربا والشرق الاوسط وآسيا الوسطى والقوقاز ولهذا الموقع اهمية في تحقيق المصالح الامريكية، واضفاء الحيوية على التعاون التركي الاسرائيلي في اضعاف التيار الراديكالي في الشرق الاوسط، والدفع باتجاه تسوية القضية الفلسطينية، والحد من قدرات سوريا وايران([83])، وتعد الولايات المتحدة الامريكية نشاط الدبلوماسية التركية في المنطقة مصدر قوة لها في تعاملها مع العديد من القضايا فيها، وتوظف الدور الاقليمي التركي من اجل تهيئة المناخ الملائم للسياسة الامريكية، وتولت تركيا القيام بهذا الدور بفاعلية لضمان مشاركتها في أي ترتيبات سياسية وامنية واقتصادية تخطط لها الولايات المتحدة في المنطقة([84]).

وتدرك الولايات المتحدة اهمية الدور الاقليمي لتركيا في تنفيذ استراتيجيتها في الشرق الاوسط واوراسيا والبلقان، وقد جعلت اهمية الموقع الجيوستراتيجي من تركيا محوراً للمشاريع الامريكية في الاقليم([85])، واشارت كونداليزارايس الى اهمية الدور التركي بقولها “ان تركيا دولة نموذجية وان على دول المنطقة الاستفادة من تجربتها الديمقراطية بوصفها المحور الرئيس لمشروع الشرق الاوسط الكبير”([86])، ووقعت الولايات المتحدة الامريكية وثيقة تحالف مشترك مع تركيا في تموز  2006 وحددت وثيقة التحالف التي حملت عنوان (الرؤية الاستراتيجية المشتركة الامريكية ــ التركية) الاطار العام للدور الاقليمي التركي ضمن المجالات الآتية([87]):

  • دعم الجهود لتحقيق الاستقرار في عراق موحد.
  • مكافحة الارهاب وتعزيز التفاهم والتسامح بين الديانات المختلفة.
  • دعم المبادرة لحل ازمة البرنامج النووي الايراني.
  • تعزيز الجهود لتسوية الصراع العربي ــ الاسرائيلي.
  • نشر قيم الديمقراطية في الشرق الاوسط لتعزيز السلم والاستقرار.
  • المساهمة في نشر الديمقراطية وتحقيق الاستقرار في افغانستان وآسيا الوسطى والقوقاز.

ان تركيا الدولة الاسلامية الشرق اوسطية العضو في حلف الناتو والحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الامريكية والتي تربطها روابط دينية ولغوية وعرقية مع شعوب اسيا الوسطى والقوقاز، تقوم بدور مهم في تعزيز المصالح الامريكية في المنطقة المحصورة بين تركيا، وروسيا، وايران، وافغانستان، والصين، وهذه المنطقة من أكثر مناطق العالم اضطراباً ويشكل نشاط الاصولية الاسلامية اخطر مسببات عدم الاستقرار والصراعات فيها حسب الرؤية الامريكية، ويعزز تحالف تركيا واسرائيل ودورهما في المنطقة مساعي الولايات المتحدة لأحتواء الطموحات الايرانية والسيطرة على النشاط الاصولي للتيارات الاسلامية واضعاف النفوذ الروسي([88]).

وترى تركيا في تحالفها وتعاونها مع الولايات المتحدة الامريكية ضمانة للحفاظ على وحدة اراضيها في مواجهة تهديد الحركة القومية الكردية، وتؤمن الولايات المتحدة لتركيا امدادات الاسلحة والمعدات العسكرية التي تدعم دورها ومكانتها الاقليمية، فضلا عن دعم مطلبها للانضمام الى الاتحاد الاوربي، وبالمقابل يتكامل الدور التركي مع الدور الاسرائيلي في الشرق الاوسط فكلتا الدولتان حليف استراتيجي للولايات المتحدة، كما تمثل تركيا الانموذج الذي ترغب واشنطن في تعميمه على دول الشرق الاوسط، فضلا عن قدرة تركيا على التعامل مع العالمين الاسلامي والعربي([89])، وتجمع بين الطرفين مصالح مشتركة في الشرق الاوسط في مقدمتها وجود عراق موحد مسالم لا يشكل تهديداً لطرف في المنطقة، والحيلولة دون تحول ايران الى قوة نووية، والقضاء على الارهاب والاسلام الراديكالي، وتسوية القضية الفلسطينية، واستمرار العلاقات الوثيقة مع اسرائيل لتحقيق السلم والاستقرار في الشرق الاوسط([90]).

ج. تركيا وحلف الناتو

تعدّ تركيا عضويتها في حلف الناتو مسألة مهمة في اطار سعيها لتأكيد هويتها الاوربية، ومدخلا لعضويتها في الاتحاد الاوربي، وتشكل عضويتها في حلف الناتو عاملاً اساسياً في تحديد توجهات سياستها الخارجية وقد قامت بدور فاعل في ميثاق بغداد وهو امتداد لحلف الناتو في الشرق الاوسط، وكان يمثل حلقة الربط بين الجناح الجنوبي لدفاعات الحلف وبين منطقة الشرق الاوسط في اطار استراتيجية تطويق الاتحاد السوفيتي في حقبة الحرب الباردة([91]).

وقد عرضت تركيا على الولايات المتحدة الامريكية فكرة استخدام القوة في العراق إثر سقوط النظام الملكي عام 1958 بموجب بنود ميثاق بغداد، ولم توافق واشنطن خشية تصعيد الموقف مع الاتحاد السوفيتي وحلف وارشو، وقدمت تركيا التسهيلات للولايات المتحدة عند قيامها بالانزال البحري في بيروت خلال ازمة لبنان عام 1958، ووقفت الى جانب فرنسا في الامم المتحدة في مسألة استقلال الجزائر، وانفتحت تركيا على العالم العربي والاسلامي وطورت علاقاتها مع العراق عام 1974 بعد تأزم علاقاتها مع الولايات المتحدة والغرب بسبب غزوها لقبرص، وعادت الصلات الوثيقة مع الولايات المتحدة بعد سقوط شاه ايران عام 1979، وحرب الخليج الاولى عام 1980، واحتلال السوفيت لأفغانستان وقامت تركيا بالادوار المترتبة على عضويتها في حلف الناتو خلال حرب الخليج الثانية عام 1991([92]).

وراقبت تركيا عملية توسيع الناتو باتجاه وسط وشرق اوربا وامتداد مناطق اهتمامه الى آسيا الوسطى والقوقاز، واشر تدخل الحلف في كوسوفو في آذار 1999 طبيعة ادواره المستقبلية داخل وخارج القارة الاوربية وكان من العوامل الرئيسة لتدخل الحلف عسكرياً ضد يوغسلافيا في كوسوفو صد النفوذ الروسي ورغبة الولايات المتحدة في ان تكون الفاعل المؤثر في منطقة البلقان بشكل خاص واوربا بشكل عام وكان ذلك مدعاة ارتياح لتركيا لاهتمامها بالتطورات في منطقة البلقان([93]).

وقد حدد الرئيس التركي الاسبق اوزال بعد انهيار الاتحاد السوفيتي الدور الاقليمي الجديد لتركيا عبر طرحه لشعار (العثمانية الجديدة) ويعني ذلك دوراً فاعلاً وحضوراً تركياً في المحيط الجغرافي السابق للامبراطورية العثمانية ويمتد هذا المحيط من البلقان وسواحل البحر الادرياتيكي الى حدود الصين مروراً بالشرق الاوسط وآسيا الوسطى والقوقاز، ويتطلب هذا الدور دعم حلف الناتو والتنسيق معه وتوثيق العلاقات مع اسرائيل([94]).

ويدرك الساسة الاتراك إرتكاز الدور الاقليمي لتركيا على اهمية موقعها الجغرافي بالنسبة لحلف الناتو، فتركيا المطلة على البحر الاسود والمسيطرة على مضايق البوسفور والدردنيل التي تربط البحر الاسود بالبحر المتوسط، والمجاورة لليونان وبلغاريا في البلقان، والعراق وسوريا وايران في الشرق الاوسط، وارمينيا وجورجيا في القوقاز تحظى بسبب هذا الموقع باهمية خاصة في حلف الناتو([95]).

وعلى صعيد الدور الامني لحلف الناتو تبدي تركيا اهتماماً بمسألة مكافحة الارهاب ومنع انتشار اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط لارتباط المسألتين بأمنها الداخلي والخارجي، اذ تطلق تركيا تسمية الارهاب على نشاطات حزب العمال الكردستاني في تركيا وعلى التيار الاسلامي المتشدد، وتأخذ مسألة منع انتشار اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط خاصة في سوريا وايران اولوية في اهتمامات تركيا لعلاقتها بالتهديدات الخارجية وبدورها الاقليمي([96]).

د. تركيا والاتحاد الاوربي

يشكل ادراك تركيا لدور الاتحاد الاوربي كقوة صاعدة تمتلك عناصر القدرة الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي قد تجعله في موقع المنافسة مع الولايات المتحدة في المستقبل([97])، حافزاً يدفعها للسعي للانضمام اليه فضلاً عن العوامل التالية:

  • تداخل مناطق إهتمام الاتحاد الاوربي مع المناطق التي تتطلع تركيا للقيام بدور فيها، ويمثل الجوار الجغرافي المباشر لأوربا في جنوبها وشرقها مجالاً مشتركاً لسياسة تركيا الخارجية مع الاتحاد الاوربي وتقع هذه المنطقة ضمن اوراسيا التي تهتم بها تركيا([98])، وترى تركيا ان الدور المستقبلي للاتحاد الاوربي بوصفه كتلة متكاملة القدرات تسعى لنظام دولي متعدد الاقطاب تتقلص فيه ساحة التفرد والهيمنة الامريكية، سيوفر لها في حال قبولها عضواً فيه حريةحركة اكبر على الساحتين الاقليمية والدولية، وسيكون بوسعها زيادة عدد مصادر حصولها على التكنولوجيا المتقدمة والسلاح دون الاعتماد على مصدر واحد هو الولايات المتحدة الامريكية فقط ويعزز ذلك من قدرتها على مواجهة الضغوط ومن دورها ومكانتها([99]).
  • تتأثر علاقات تركيا مع الاتحاد الاوربي بثلاث مسائل تتعلق بالأمن وهي([100]):
  • انتشار اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط الذي يمثل قلقاً مشتركاً بين الطرفين لتأثيره على الامن الاوربي والأمن التركي.
  • مجاورة تركيا لمنابع النفط في الشرق الاوسط وتصديره الى اوربا عبر سواحلها على البحر المتوسط يمنحها دوراً في تأمين تدفق النفط وإستقرار اسعاره.
  • تعزيز مكانة تركيا السياسية والاقتصادية في اطار علاقات الاتحاد الاوربي مع دول حوض المتوسط وتشكل اهتمامات الاتحاد الاوربي بتطورات الصراع العربي الاسرائيلي، وتشابك السياسة والاقتصاد في سلوكه ازاء الشرق الاوسط حافزاً يدفعها للانضمام اليه لتضمن لدورها الاقليمي فاعلية وتأثيراً أكبر، وتدرك تركيا ان سعي الاتحاد الاوربي لصياغة سياسة خارجية متحررة من الضغوط الامريكية بشأن الشرق الاوسط يمثل مصلحة لها([101])، اذ يوسع من هامش حركتها.
  • تعزز عضوية تركيا في الاتحاد الاوربي من اهميتها لدى الولايات المتحدة الامريكية اذ تدعم هذه العضوية نفوذ الولايات المتحدة وتأثيرها على القرار الاوربي، كما تعزز قيادتها لحلف الناتو عبر وجود تركيا الى جانب بريطانيا، واسبانيا، وايطاليا لتشكيل محور مؤيد للقرارات الامريكية في الحلف([102]).

ان قبول تركيا عضواً في الاتحاد الاوربي تترتب عليه ابعاد سياسية وأمنية وجغرافية، اذ تؤدي هذه العضوية الى امتداد حدود الاتحاد الاوربي لتصل الى حدود العراق، وسوريا، وايران، واسيا الوسطى، لذلك يتحفظ الاتحاد الاوربي على قبول تركيا خوفاً من انتقال الصراعات وعدم الاستقرار اليه في حال تورط تركيا في العراق، او سوريا، او ايران، فضلا عن تطلعات تركيا ازاء اسيا الوسطى والقوقاز التي تجعلها في حالة تنافس مع روسيا وايران، وقد اشار الرئيس الفرنسي الاسبق فاليري جيسكار ديستان الى هذه المقاربة الجغرافية بقوله ان تركيا بلد قريب من اوربا لكنه غير اوربي، كما ذكر وزير خارجية فرنسا الاسبق هيوبر فيدرين ان على اوربا عدم القبول بقيام جهة خارجية بفرض حدود على الاتحاد الاوربي في اشارة الى الضغوط التي تمارس الولايات المتحدة بخصوص انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي([103]).

هـ. توجهات السياسة الخارجية التركية في عهد حزب العدالة والتنمية

عملت تركيا منذ وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة عام 2002 على تعزيز مكانتها الدولية ودورها كقوة اقليمية في الشرق الاوسط من خلال احلال فكرة العمق الاستراتيجي محل فكرة العثمانية الجديدة التي طرحها اوزال والتي تعيد الى الذاكرة صورة الماضي العثماني، وقد اتبعت تركيا السبل التالية لوضع فكرة العمق الاستراتيجي موضع التنفيذ بأعتماد استراتيجية القوة الناعمة وكما يأتي([104]):

  • الانفتاح الدبلوماسي على دول الشرق الاوسط وآسيا الوسطى والقوقاز وتقديم صورة جديدة لتركيا لتحل محل الصورة القديمة الموروثة، وتعزيز العلاقات الثنائية مع دول المنطقة والسعي لتصفير المشاكل معها.
  • التأكيد على المصالح المشتركة لتعزيز السلم في المنطقة.
  • طرح المبادرات لحل المشكلات الاقليمية والقيام بدور وحضور فاعل في المنظمات الاقليمية مثل منظمة المؤتمر الاسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، والجامعة العربية.
  • تعزيز العلاقات الثقافية من خلال المراكز الاكاديمية ومراكز الدراسات والبحوث ومتابعة التطورات الاقليمية.
  • المبادرة بطرح مشروعات مشتركة في اطار التكامل الاقتصادي لتنمية قدراتها الاقتصادية، وتنشط تركيا في مجال العمل الاقتصادي المشترك في المنطقة العربية فضلا عن عضويتها في منظمة التعاون الاقتصادي التي تضم ايران وباكستان ودول اسيا الوسطى، وتطمح تركيا للوصول باقتصادها الى مصاف واحد من اكبر عشر اقتصادات في العالم مع حلول عام 2023، وتوظف تركيا الاقتصاد لتحقيق اهدافها في الشرق الاوسط([105])، وادامة زخم مساعيها للانضمام الى الاتحاد الاوربي.

وتحركت تركيا للتغلغل في مناطق الشعوب والجماعات الناطقة بالتركية عبر الجمع بين الاسلام والقومية التركية([106])، في دول المنطقة ومنها العراق، وبرز هذا التوجه بشكل واضح في سياسة تركيا الخارجية بعد الاحتلال الامريكي للعراق([107])، لتوسيع مجال عمقها الاستراتيجي ليشمل المنطقة الممتدة من الاناضول الى القوقاز واسيا الوسطى وايران وافغانستان وغرب الصين لتوسيع نفوذها الاقليمي عبر الثقافة واللغة التركية من خلال احياء الفكرة الطورانية([108]).

تداخل دوائر الامن والمصالح والنفوذ التركية والايرانية في العراق

تتداخل دوائر الامن والمصالح والنفوذ لتركيا وايران في آسيا الوسطى والقوقاز والخليج العربي والعراق، وتمثل منطقة الخليج العربي منطقة مصالح حيوية اقتصادية واستراتيجية للدولتين، وترى تركيا في منطقة الخليج سوقا كبيرة، ومجالاً واسعاً للاستثمار، واحتياطات كبيرة من الطاقة، وتجد في انفتاحها على هذه المنطقة سبيلاً لنمو اقتصادها وتطوره ، ويصب ذلك في دعم دورها ونفوذها الاقليمي ومكانتها الدولية، ولتركيا مصالح مشتركة مع دول الخليج وتعمل على توثيق علاقاتها معها في اطار سعيها لدور فاعل في المنطقة على صعيد المكانة وتسوية الازمات، وغاية تركيا تحقيق توازن جيوستراتيجي مع ايران لملء الفراغ الذي خلفه تلاشي دور العراق في معادلة التوازن الاقليمي([109]).

وتجد ايران في تحرك تركيا في المنطقة ما يثير مخاوفها فتوثيق علاقات تركيا مع دول الخليج وارتباط الطرفين بالولايات المتحدة الامريكية، وعلاقات تركيا الوثيقة مع اسرائيل، يطوق ايران ويعزلها عن المنطقة([110])، وزاد من مخاوف ايران توجه تركيا لمد مجال مصالحها الى جنوب العراق المتصل بمنطقة الخليج العربي، اذ قامت تركيا بأفتتاح قنصلية لها في البصرة في تشرين الاول 2009 وتتطلع تركيا لتطبيق استراتيجيتها في التعاون والتبادل الاقتصادي التي استخدمتها في شمال العراق في المنطقة الجنوبية لكي يشمل مجال تحركها العراق كله([111])، وتنافست تركيا وايران في اقليم كردستان العراق الذي يشكل عامل جذب للقوى الاقليمية والدولية للتدخل في الشأن العراقي، خاصة تركيا وايران لصلة الاقليم وتطورات الاوضاع فيه بالمسألة الكردية فيهما([112])

لقد ادت فاعلية الدور التركي في شمال العراق الى انحسار النفوذ الايراني هناك([113])، فالعراق يمثل بالنسبة لتركيا البوابة الارضية الرئيسة المؤدية الى العالمين العربي والاسلامي، وتدعو تركيا الى وحدة العراق وتحقيق التوازن بين مكوناته الاجتماعية، وحماية حقوق التركمان، ومنع الاكراد من السيطرة على مدينة كركوك وانهاء وجود حزب العمال الكردستاني PKK في شمال العراق([114]).

ولتركيا مصلحة في منع قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق قد تصبح أنموذجاً يحفز الاكراد فيها للاقتداء به وترغب تركيا في وجود حكومة عراقية تربطها معها علاقات وثيقة، وترى ان الاوضاع الحالية غير المستقرة في العراق تتطلب دوراً تركياً في العملية السياسية العراقية، لذلك عملت على توثيق صلاتها مع بعض الكتل السياسية ضمن استراتيجيتها للتأثير في التوازنات السياسية العراقية في الداخل([115]).

ويشكل العراق المصدر الرئيس الذي يزود تركيا بموارد الطاقة بسبب مجاورته لها، وهو سوق كبيرة تتوفر فيها فرص استثمارية واسعة تعزز نمو الاقتصاد التركي، لذلك اصبح العراق ضمن دائرة الامن والمصالح والنفوذ التركي، وتتقاطع هذه المصالح والاهداف مع اهداف ومصالح ايران، ويشكل ذلك دافعاً للصراع والتنافس الذي يدور على الساحة العراقية بين الطرفين، وتلتقي في العراق دوائر المصالح الامريكية والروسية، ومصالح الاتحاد الاوربي، ولاترضى تركيا حليفة الولايات المتحدة عن فرض ايران لهيمنتها الكاملة على العراق وتعدّ ذلك خللاً في موازين القوى الاقليمية لغير صالحها([116])، ويعني ذلك ادامة حالة عدم الاستقرار في العراق.

ومن الملاحظ على السلوك السياسي الخارجي لتركيا سمة الترقب والانتظار، وعدم إلزام نفسها بموقف محدد يسد الطريق امام تطلعاتها مستقبلاً عندما تتاح فرص يمكنها توظيفها لتحقيق طموحاتها ، وقد ثبت وفد عراقي ترأسه نوري السعيد هذه الملاحظات عام 1940 خلال زيارة لتركيا لتبادل الاراء حول تطورات الموقف الدولي بعد الاحتلال النازي لفرنسا، واحتمالات تنازل الاخيرة عن سوريا المجاورة لتركيا والعراق لصالح المانيا وايطاليا، وقد بين المسؤولون الاتراك ان المناطق التي كانت جزءاً من الدولة العثمانية قد تمت تسوية متعلقاتها، ولا توجد لدى تركيا نوايا تجاه تلك المناطق، وأَشار نوري السعيد بأن السلوك التركي المتحفظ ينبع من احتمال وجود تطلعات لتركيا في سوريا الامر الذي دفعها للحذر وعدم ابداء رأي محدد قد يشكل عائقاً امام طموحاتها عندما تكون الظروف المحلية والدولية ملائمة([117]).

وقد استغلت تركيا الازمة التي اثارها النظام السابق بغزوه للكويت، وربطتها بمسألة ولاية الموصل اذ صرح احد المسؤولين الاتراك قائلاً “اذا كان العراق يدعي ان الكويت ارض عراقية، فنحن نقول ان كركوك والموصل اراضي تركية”، وكان اوزال يجمع الوثائق التركية الخاصة بمسألة ولاية الموصل التي اثيرت عام 1923، وقد اشارت احدى تلك الوثائق الى ضرورة استعادة تركيا لولاية الموصل([118]).

ويدل ذلك على احتمالات كبيرة بتغيير الموقف الايراني والتركي ازاء الدعوة للحفاظ على وحدة العراق، اذا استمرت حالة ضعف سلطة الدولة، وعدم استكمال عملية بنائها فيصار الى تفاهم تركي ــ ايراني لتقسيم البلد الى منطقتي نفوذ بينهما في ظل وجود دولة عراقية ضعيفة غير متماسكة، فالعلاقات الدولية تبنى على المصالح وتوظيف الفرص، وتصبح الدولة الضعيفة الخاملة مجالاً حيوياً لجيرانها الاقوياء، وسيعتمد موقف القوى الدولية على الامر الواقع ما دامت مصالحها مضمونة ومؤمنة.

كما وظفت تركيا الازمة السورية لأهمية موقع سوريا المؤثر على التوازن الاقليمي، فسوريا حليف لايران، وللازمة الدائرة فيها انعكاسات  على المصالح التركية والايرانية([119])، وتسعى تركيا لأسقاط النظام السوري، وزيادة نفوذها المدعوم من الغرب في سوريا والمنطقة بشكل عام، ويعني ذلك فقدان ايران لحليف استراتيجي يعزز نفوذها في شرق البحر المتوسط، ويمثل هذا خسارة لروسيا ايضاً، وقد عزز توتر العلاقات العربية الايرانية وعدم الثقة بنوايا ايران، الدور التركي في المنطقة، واندفعت تركيا لتوظيف الفرصة لتعزيز مكانتها وتأثيرها في المنطقة، ويشكل وجود دولة عراقية ضعيفة مصلحة مشتركة لتركيا وايران، اذ ان ايران تريد عراقاً ضعيفاً ضمن دائرة نفوذها ومجالها الحيوي تسمو فيه رابطة الانتماء الطائفي على الانتماء الوطني والقومي([120]).

ويصب تعاظم النفوذ التركي ودور تركيا الاقليمي في المنطقة العربية في مصلحة اسرائيل، اذ بامكان تركيا التي تربطها علاقات وثيقة مع اسرائيل التأثير في الاماكن التي لا تستطيع اسرائيل التأثير فيها، وترى ايران ان زيادة نفوذ تركيا ودورها يأتي على حساب دورها ونفوذها الاقليمي، وتطرح تركيا بالمقابل نفسها بوصفها قوة منافسة لأيران وداعمة في الوقت نفسه لمشروع الشرق الاوسط الكبير([121])، والعراق هو الخاسر الاكبر في ظل هذا الصراع والتنافس الذي يؤثر بشكل مباشر على استقرار العراق وتماسك مجتمعه وعملية بناء الدولة فيه.

ثانياً. تحديات القوى الاقليمية العربية

المملكة العربية السعودية

تعد المملكة العربية السعودية في الوقت الحاضر القوة الاقليمية العربية الرئيسة التي يؤثر دورها على العراق وقد وفر الغزو والاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 الفرصة والدافع للسعودية للقيام بدور اقليمي اكثر فاعلية لتحقيق التوازن مع ايران واحتواء نفوذها المتنامي في منطقة الخليج العربي  بشكل خاص واقليم الشرق الاوسط بشكل عام، وتشعر السعودية بالقلق ازاء نفوذ ايران في العراق وسوريا، وتطلعاتها لدور القوة الاقليمية الكبرى، وبرنامجها النووي الذي يشكل مصدر تهديد لدول مجلس التعاون الخليجي([122]).

ووضعت هذه المتغيرات السعودية في مواجهة مع واقع اقليمي تتداخل في تفاعلاته الدوائر الجيوستراتيجية للأمن والمصالح والنفوذ لقوى كبرى هي الولايات المتحدة الامريكية، والاتحاد الاوربي وروسيا الاتحادية وقوى اقليمية تتطلع للدور الرائد في الاقليم هي اسرائيل، وايران، وتركيا، واضحت السعودية في موقف المفاضلة بين خيارين استراتيجيين: اولهما القيام بدور فاعل في منطقة الخليج العربي واقليم الشرق الاوسط وينطلق هذا الدور من وجودها على الساحة العراقية وتأثيرها في تشكيل العراق الجديد، والخيار الثاني التغاضي عن ايران وترك يدها طليقة لتقوم بدور محوري في العراق والشرق الاوسط([123])، وتبنت السعودية الخيار الاول الذي تتفاعل فيه علاقاتها مع تركيا والولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي، وموقفها ازاء الدور الايراني الذي تدعمه روسيا الاتحادية فضلاً عن تأثير تطورات الازمة السورية.

  1. العلاقات السعودية ــ التركية

ترتكز العلاقات السعودية  ـ التركية على اسس سياسية واستراتيجية، وعسكرية، وامنية، واقتصادية خاصة في مجال الاستثمارات وتوظيف رؤوس الاموال السعودية في تركيا، وتطورت العلاقات بين الطرفين بشكل متنامي خلال الحرب العراقية ــ الايرانية (1980-1988)، وبعد غزو العراق للكويت وحرب الخليج الثانية عام 1991، وتوافقت سياسات تركيا الاقليمية مع المصالح السعودية في المنطقة، وأمنت العلاقات الوثيقة القائمة على المصالح المتبادلة للدولتين سد احتياجات تركيا من النفط من جهة وعززت دور السعودية في منطقة الخليج العربي في اطار اعادة توازن القوى من جهة اخرى، ويعزز من مكانة تركيا لدى السعودية عضويتها في حلف الناتو وروابطها الوثيقة مع الغرب وموقعها الجغرافي ذو الاهمية الجيوستراتيجية وينظر الطرفان الى علاقاتهما بوصفها علاقات ذات اهمية حيوية([124])، وللعلاقات السعودية التركية ابعاد استراتيجية وامنية وعسكرية واقتصادية.

أ. البعد الاستراتيجي

بدأ الدور التركي في منطقة الخليج العربي مع الغزو العراقي للكويت وحرب الخليج الثانية عام 1991، وحرصت تركيا على ربط هذا الدور بقدرتها على الاضطلاع بمسؤولية القوة الاقليمية الكبرى في الشرق الاوسط من خلال ابداء رغبتها للسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي للمشاركة في الترتيبات الأمنية للمنطقة بعد حرب الخليج الثانية ، واشار الرئيس التركي الاسبق اوزال في ايار 1991 الى تمسك بلاده بالقيام بدور فاعل في القرارات المتعلقة بشأن المنطقة([125])، ورحبت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي بالدور التركي لموازنة الدور الايراني في المنطقة وفي الشرق الاوسط، وركزت تركيا على توثيق علاقاتها مع السعودية لحاجتها الى الاخيرة في توطيد علاقاتها ومصالحها الاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي، والاستفادة من المكانة الدينية للسعودية كعمق لعلاقاتها مع العالم الاسلامي خاصة مع دول آسيا الوسطى، والقوقاز، وافغانستان([126])، ونشأ حوار تركي خليجي حول وضع الاسس للترتيبات الامنية في المنطقة، وتتولى تركيا دوراً مهماً في هذه الترتيبات لملء الفراغ الناشئ عن انحسار دور العراق كقوة في الاقليم، وتصحيح الخلل في ميزان القوى الذي مال لصالح ايران، وقدمت تركيا نفسها بوصفها قوة مقبولة من جانب الولايات المتحدة الامريكية والغرب ودول الخليج العربية([127]).

وتدرك السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ان التوازنات الاقليمية تكون اكثر استقراراً في ظل وجود قوة كبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية، وقوة اقليمية فاعلة مثل تركيا ترتبط مع الولايات المتحدة والغرب بتحالفات وعلاقات وثيقة، اذ يشكل وجود هذه القوى ودورها السبيل لأستقرار وامن منطقة الخليج العربي([128])، ودعمت الولايات المتحدة الامريكية الدور التركي في الترتيبات الامنية في منطقة الخليج العربي لدعم الجناح الجنوبي لحلف الناتو من جانب، وموازنة خروج العراق من ميزان القوة العسكرية في المنطقة من جانب اخر، واحتواء القوة العسكرية الايرانية والتقليل من تأثيرها في المنطقة([129])، ويشكل التنافس والصراع بين هذه الاطراف تحدياً يواجهه العراق لتأثيره السلبي على عملية بناء الدولة واستقرارها وامنها فضلاً عن استمرار تهميش دوره الاقليمي بسبب تحوله الى ساحة للصراع الدائر بين السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي المدعومة من جانب الولايات المتحدة الامريكية من جهة وبين ايران من جهة اخرى.

ب. الرؤية الامريكية للدور الاقليمي للسعودية وتكامله مع دور تركيا

مرت العلاقات الامريكية ــ السعودية بمرحلة برود وحالة من التوتر بعد احداث 11 أيلول 2001 وإعلان الولايات المتحدة الامريكية لحربها على الارهاب الذي ربطته جهات مسؤولة في الولايات المتحدة بالسعودية ودول الخليج العربية وظهرت شكوك حول دور هذه الدول في تمويل المنظمات والحركات الارهابية، وقامت تركيا خلال هذه الفترة بدور اكبر في الترتيبات الامنية في منطقة الخليج العربي، ووصف اردوغان رئيس الوزراء التركي الاسبق في كانون الثاني 2004 احداث ايلول بأنها ميلاد جديد لعلاقات التعاون التركي مع الولايات المتحدة الامريكية في الحرب على الارهاب([130])، واشادت الولايات المتحدة بالنموذج الاسلامي الذي تمثله تركيا الذي يقدم صورة ينبغي على الدول الاسلامية الاقتداء بها، واخذت العلاقات السعودية الامريكية بالتحسن بعد البرود الذي طرأ عليها في اعقاب احداث ايلول 2001 خاصة بعد وقوع الهجمات الانتحارية لتنظيم القاعدة في الرياض في 13 ايار 2003([131])، واشر ذلك وضع التكامل وتبادل الادوار بين تركيا والسعودية في المنطقة، فالعلاقات السعودية التركية وثيقة تقوم على المصالح المشتركة، وتعززها التوجهات الاقليمية المنسجمة مع الاستراتيجية الامريكية في الشرق الاوسط ومنطقة الخليج العربي وقد توافرت للسعودية مقومات جعلتها محوراً رئيساً في الشرق الاوسط ومنطقة الخليج العربي ومن بين هذه المقومات امكاناتها الاقتصادية والنفطية، ودورها في تهدئة الصراعات بين دول المنطقة، وترى الولايات المتحدة الامريكية انها تلتقي مع السعودية في توجه واحد يجمعهما بوصفهما الدولتان الداعمتان للقوى المعتدلة في الشرق الاوسط([132])، والسعودية من الركائز المهمة لسياسة الولايات المتحدة واستراتيجيتها تجاه الشرق الاوسط ومنطقة الخليج العربي لاسباب عديدة في مقدمتها الاهمية الجيوستراتيجية لموقعها الجغرافي ومواردها الاولية وعلى رأسها النفط([133])، فالسعودية اكبر منتج للنفط في العالم وعضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ويتيح ذلك للولايات المتحدة الامريكية التحكم بكمية النفط المتدفق الى سوق النفط العالمية واستقرار اسعاره فيها، وبرز دور السعودية في استراتيجية الولايات المتحدة للطاقة في اعقاب حرب تشرين الاول 1973 وحدوث ازمة الطاقة، بعد الحضر الذي فرضته الدول العربية المنتجة للنفط على تصديره الى الغرب، لذلك تكتسب السعودية اهمية حيوية في الأمن القومي الامريكي([134]).

وللسعودية مكانة في الاستراتيجية الامريكية ازاء الصراع العربي ـ الاسرائيلي وتسوية القضية الفلسطينية، إذ ترى الولايات المتحدة ان السعودية دولة معتدلة تنتهج سياسات متوازنة تجاه القضية الفلسطينية فضلا عن الدور المؤثر للسعودية في السياسة العربية([135])، ويتكامل دورها الاقليمي في هذا المجال مع الدور التركي.

وكشفت حرب الخليج الثانية عام 1991 والمرحلة التي اعقبتها، اثر  هذه الحرب في اعادة ترتيب التوازنات الدولية والاقليمية في منطقة الشرق الاوسط بشكل خاص، ودور السعودية واهتمام الولايات المتحدة بتطوير العلاقات وتوثيقها معها بدرجة تتناسب مع حجم واهمية المصالح الامريكية في المنطقة([136]).

ج. البعد الامني والعسكري للعلاقات السعودية ــ التركية

تتعاون السعودية وتركيا في مجال الامن الداخلي واتفقت الدولتان على التنسيق في مجال مكافحة الارهاب وتهريب المخدرات وتم ابرام البروتوكول المتعلق بهذا التعاون والعمل المشترك في المجال الامني في تشرين الاول 1988، وارسلت تركيا عناصر من قواتها المسلحة للعمل في وحدات الامن الداخلي السعودية وبلغ عدد افراد القوة التركية ستة عشر الف جندي تمركزوا في المناطق الشرقية من السعودية وحلوا محل الجنود الباكستانيين الذين كانوا يعملون في السعودية منذ عام 1978([137]).

وشمل التعاون على الصعيد العسكري قيام تركيا بادامة وتطوير طائرات القوة الجوية السعودية بموافقة الولايات المتحدة الامريكية، وتزويد السعودية بمنتجات ومعدات عسكرية تركية([138]).

  1. العلاقات السعودية ــ الايرانية وانعكاساتها على العراق

ينبع تأثير العلاقات السعودية ــ الايرانية على الامن والاستقرار في منطقة الخليج العربي من اهمية الموقع الجيوستراتيجي للدولتين ومكانتهما في التوازن الاقليمي في المنطقة، وسعت كلتا الدولتين لتعزيز نفوذها وتأكيد هيمنتها على الخليج العربي بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003، واتسمت العلاقات بينهما منذ عام 1979 بالحذر والشك والتنافس، وادى اعتماد ايران لما تسميه (تصدير الثورة) والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، الى شعور السعودية بالتهديد الايراني، وتصاعد التوتر بين الطرفين إثر الاضطرابات التي أثارها الحجاج الايرانيون في موسم الحج عام 1987 التي اعقبها استيلاء متظاهرين ايرانيين على السفارة السعودية في طهران، وتنظيم الحكومة الايرانية لمؤتمر في لندن عام 1988 دعت فيه الى نزع السيادة السعودية عن الحرمين الشريفين، وردت السعودية على المؤتمر بقطع العلاقات مع طهران في نفس العام([139])، وتشعر ايران بالمقابل بالتهديد والقيود المفروضة على تحركها في الخليج جراء الوجود والانتشار العسكري الامريكي الكثيف في دول الخليج العربية والعلاقات الوثيقة بين السعودية والولايات المتحدة الامريكية([140]).

واستمرت حالة التوتر في العلاقات السعودية ــ الايرانية حتى آب 1997، اذ أَعلن محمد خاتمي بعد وصوله الى السلطة عن رغبته في تحسين علاقات ايران مع دول الجوار ومع السعودية بشكل خاص لكسب الطرف الخليجي الاقوى، وتجاوز حالة جمود السياسة الخارجية الايرانية، ورأت السعودية في الخطوة فرصة للتقارب مع ايران قد تُفضي الى وضع حد لتدخل ايران في الشؤون الداخلية للسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي([141]).

وحدث انفراج في العلاقات بين الطرفين وتم التوقيع على اتفاقية امنية في نيسان 2001 مع وضع اسس للتعاون وتحسين العلاقات بين ايران ودول مجلس التعاون الخليجي([142])، ولم يدم هذا الانفراج بسبب اختلال التوازن الاقليمي لصالح ايران عام 2003 بعد الاحتلال الامريكي للعراق، وتؤثر المتغيرات الاتية في العلاقات السعودية ــ الايرانية([143]):

  • إصرار ايران على التمسك باحتلالها للجزر العربية الثلاثة ابو موسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى.
  • تدخل ايران في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي وإثارتها للقلاقل وعدم الاستقرار.
  • تنامي القدرات العسكرية لايران، وبرنامجها النووي، وتطلعها لتحويل الخليج العربي الى مجال حيوي لنفوذها وقيامها بدور القوة الاقليمية الكبرى.

لقد دفعت تفاعلات المتغيرات المشار اليها آنفاً، السعودية الى صياغة سياساتها الداخلية والخارجية على وفق رؤية استراتيجية تأخذ بنظر الاعتبار وجوب التحسب ازاء احتمالات وقوع قلاقل واضطرابات داخلية خاصة في المنطقة الشرقية النفطية التي يوجد فيها (الشيعة) الذين يمكن ان يؤدي شعورهم بالتهميش والاقصاء الى سهولة اختراقهم من جانب ايران وحثهم على القيام باعمال عنف، وقد تنتقل تأثيرات الصراع الطائفي الدائر في العراق والبحرين واليمن الى داخل السعودية، وعلى الصعيد الخارجي تنظر السعودية بقلق الى تأثير الحراك الشعبي والثورات ضد الانظمة الحاكمة في بعض البلدان العربية، وتتابع التغيير في الدور الايراني في المنطقة بعد الصفقة المبرمة مع الولايات المتحدة الامريكية والقوى الغربية حول برنامجها النووي، وتراقب السعودية التحولات في استراتيجيات القوى الغربية تجاه ايران، وقد استبقت السعودية الاحداث ولجأت الى تعزيز عمقها الاستراتيجي العربي من خلال طرحها لفكرة تحويل مجلس التعاون الخليجي الى إتحاد، كما ناقش قادة مجلس التعاون الخليجي في عام 2011 توسيع دائرة مجلس التعاون الخليجي بضم الاردن والمغرب، ورحب قادة دول المجلس بالفكرة وقد تم الاستعاضة عنها حالياً بتقديم الدعم والمساعدة المالية لهاتين الدولتين([144])، وتخشى السعودية ان تؤدي الصفقة حول برنامج ايران النووي الى اطلاق يد ايران في افغانستان وسيؤدي ذلك الى اندلاع صراع سعودي ــ ايراني في افغانستان، وباكستان، وآسيا الوسطى، إذ ستتمكن ايران من  ممارسة دور في افغانستان بالتنسيق مع الولايات المتحدة الامريكية وسيمتد مجال النفوذ الايراني الى باكستان وآسيا الوسطى حيث النفوذ السعودي القوي هناك، ولأيران تأثير في افغانستان بسبب الامتداد العرقي والثقافي مع شرائح اجتماعية في هذا البلد، ومن المحتمل قيام تنسيق ايراني امريكي لأحتواء المليشيات المسلحة في افغانستان([145])، ويعني ذلك تداخل دوائر النفوذ والصراع السعودي ــ التركي ــ الايراني ليشمل العراق، وسوريا، ولبنان واليمن وافغاسنتان وآسيا الوسطى، وهذا الصراع قابل للامتداد والتحول الى صراع على قيادة العالم الاسلامي، ويشكل التقارب الامريكي الايراني هاجساً للسعودية، وسيتعزز الدور التركي بسبب تحول تركيا الى ثقل الموازنة في هذا الصراع ، لذلك تشعر السعودية بالقلق من تغلغل النفوذ الايراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ومن وجود حركات واحزاب سياسية صديقة، او موالية لايران في السلطة في هذه المناطق، ودعت السعودية لتشكيل قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات والتهديدات الاقليمية وفي مقدمتها تحدي الدور الاقليمي لايران، وتشارك مصر والاردن والمغرب في العمليات العسكرية ضد الحوثيين في اليمن فيما يبدو كأنه تفعيل للدفاع العربي المشترك، ولأعادة الروح للنظام الاقليمي العربي الذي وضعت بداية انهياره عملية غزو النظام العراقي السابق للكويت.

  1. العلاقات العراقية ــ السعودية

إتسمت العلاقات العراقية ــ السعودية بطابع الحذر وعدم الثقة منذ سقوط النظام الملكي في عام 1958 بسبب تعارض تطلع العراق لأن يكون الفاعل الرئيس في منطقة الخليج العربي، مع توجه السعودية للقيام بنفس الدور، وقد عملت السعودية على وضع العراقيل امام دخول العراق عضواً في منظمة الدول العربية المصدر للنفط (الاوابك) ([146]).

واعتبرت السعودية العراق مصدر تهديد لأمنها واستقرارها بعد وصول حزب البعث الى السلطة اثر انقلاب 17 تموز 1968، وتوجهت نحو توثيق علاقاتها مع الولايات المتحدة الامركيية ومع ايران في عهد الشاه محمد رضا بلهوي، وطرأ تحسن على العلاقات العراق ــ السعودية عام 1975 بعد تسوية الخلافات الحدودية حول منطقة الحياد التي تم تقسيمها بين الطرفين([147])، وبعد سقوط نظام الشاه في ايران عام 1979 شعرت السعودية بالتهديد الايراني الناشئ عن تبني نظام الجمهورية الاسلامية لمبدأ (تصدير الثورة) والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربي([148])، ورغم تحسن العلاقات مع العراق تبنت السعودية موقفاً متوازناً تجاه طرفي الحرب العراقية الايرانية التي نشبت عام 1980، اذ رأت ان زيادة نفوذ ومكانة أي من طرفي الحرب سيترتب عليه تراجع في نفوذها ويتعارض ذلك مع تطلعها لان تكون القوة الاقليمية صاحبة الدور الاكبر في المنطقة([149]).

وعرض نشوب هذه الحرب خطوط الملاحة البحرية في الخليج العربي، ومضيق هرمز الذي تمر عبره ناقلات النفط للخطر، وزاد من احتمالات اثارة عدم الاستقرار في السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وجود شرائح في مجتمعات هذه الدول لها روابط مع طرفي الحرب، وشكل الشعور بهذا التهديد اهم دوافع تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية([150])، وقد وفرت الحرب الفرصة للسعودية لاحتواء التهديد الايراني، كما استبعدت العراق عن أي ترتيبات أمنية في المنطقة، اذ لم يقبل عضوا في مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس في 25 ايار 1981([151]).

وانحازت السعودية الى جانب العراق عام 1986 بعد احتلال ايران لمنطقة الفاو وتهديدها بفصل البصرة عن العراق([152])، وعاد شعور السعودية بالحذر من توجهات العراق للظهور بعد توقف الحرب العراقية ــ الايرانية عام 1988، اذ اسفرت نهاية الحرب عن خلل في التوازن الاقليمي لصالح العراق في المنطقة، فاتجهت السعودية بدافع من حذرها الى توقيع اتفاقية عدم اعتداء وعدم تدخل في الشؤون الداخلية بين الطرفين عام 1989([153])، والغى العراق الاتفاق بعد غزوه للكويت في آب 1990، وانتهى التقارب السعودي ــ العراقي، وكانت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي طرفاً مباشراً في الحرب على العراق عام 1991 وقامت هذه الدول بدور كبير في عملية انهاء احتلال الكويت، وسخرت قدراتها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية لهذا الغرض([154]).

  1. الموقف السعودي تجاه العراق بعد عام 2003

ركزت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 على ضمان تحقيق هدفين استراتيجيين داخل هذه البلدان لمواجهة احتمالات وقوع الاضطرابات وعدم الاستقرار، ولاحتواء التحدي الايراني في الخليج: الهدف الاول هو الحفاظ على أنظمة الحكم القائمة وتعزيز وجودها وبقائها، والهدف الثاني المحافظة على الامن والاستقرار والتماسك المجتمعي فيها([155])، إذ شكل تدهور الاوضاع الامنية في العراق تهديداً مباشراً لأمنها بسبب تحوله الى ميدان مفتوح لتدخل القوى الخارجية الاقليمية والدولية لتصفية حساباتها فضلاً عن نشاط الجماعات الارهابية واحتمالات تفكك الدولة العراقية وتحول العراق الى بيئة حاضنة للارهاب([156]).

وكانت السعودية اول المبادرين في السعي لملء الفراغ السياسي في العراق، اذ دعت في 18 نيسان 2003 الى عقد اجتماع يحضره وزراء خارجية الدول المجاورة للعراق (السعودية، الكويت، سوريا، الاردن، وتركيا)، وحضرت البحرين الاجتماع بوصفها الرئيس الدوري للقمة العربية، لدراسة تطورات الاوضاع في العراق بعد الاحتلال وانعكاساتها على المنطقة([157]).

وعند تشكيل مجلس الحكم الانتقالي في تموز 2003 وصفت السعودية تشكيله بالبداية لاستعادة الاستقرار في العراق، كما رحبت بعودة السلطة للعراقيين عند الاعلان عن تشكيل الحكومة الانتقالية برآسة اياد علاوي في حزيران 2004، ووصفت تشكيل الحكومة بالخطوة المهمة التي تمهد السبيل لاعادة بناء الدولة العراقية وتحقيق الامن والاستقرار، غير ان الشعور بالتهديد اخذ يتصاعد لدى السعودية بعد تزايد اعمال العنف الطائفي، وظهور عمليات المقاومة المسلحة المتزامن مع نشاط الجماعات الارهابية، وتصاعد وتائر التدخل الدولي والاقليمي في العراق([158]).

ورفضت السعودية طلب وزير الخارجية الامريكية كونداليزارايس في 11 تشرين الثاني 2004 بالتدخل وحث (السنة) في العراق على المشاركة في الانتخابات البرلمانية خلال فترة الاعداد لها، حتى لا تظهر بمظهر المنحاز الى جانب طرف على حساب الاطراف الاخرى([159])، واتخذت السعودية نفس الموقف عند اجراء الانتخابات البرلمانية الثانية في 15 كانون الاول 2005، اذ صرح وزير الخارجية السعودية السابق سعود الفيصل في ايلول 2005 (ان السعودية لا تتعامل مع (السنة)  وانما تتفاعل مع كل العراقيين، واستقبلت السعودية في 29 تشرين الثاني 2005 رئيس مجلس الوزراء العراقي الاسبق ابراهيم الجعفري للتنسيق مع الاطراف العراقية حول ضمان سلامة العملية السياسية في العراق، ورغم اعلان السعودية التزامها بعدم دعم أي طائفة محددة في العراق ، صرح وزير الخارجية الاسبق سعود الفيصل بان (سياسة الولايات المتحدة في العراق تعمق الانقسامات الطائفية وانها تسلم البلاد بصورة فعلية الى ايران) ([160])، وعكس التصريح مخاوف السعودية من ازدياد دور ايران ونفوذها في العراق، واحتمالات تأثيره على (الشيعة) في السعودية الذين يشكلون 10% من السكان ويقطنون في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط([161])، وبين التصريح ابعاد الدور السعودي في العراق في مواجهة واحتواء النفوذ الايراني، وقد ادى تصاعد العنف الطائفي وسمو الولاءات الطائفية في العراق وتحكمها بتوجهات اطراف العملية السياسية، وفشل الحكومة العراقية في تحقيق المصالحة الوطنية([162])، الى دعوة السعودية لعقد اجتماع في جدة في ايلول 2006 حضره وزراء داخلية السعودية، الكويت، البحرين، مصر، سوريا، الاردن، تركيا، ايران، والعراق لمناقشة تدهور الاوضاع في العراق واشار وزير الداخلية السعودي الى شعور بلاده بالقلق وعدم الرضا تجاه ما يقع في العراق من عمليات تهجير وقتل على الهوية، وان على دول الجوار العراقي التحرك والتنسيق الثنائي والمشترك لمساعدة العراق في مواجهة العنف وعدم الاستقرار([163])، ورفضت السعودية استقبال رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي في نيسان 2007، وأعلن مصدر سعودي ان سبب رفض السعودية لاستقباله يعود الى مواقفه غير الايجابية تجاه بعض المكونات الاجتماعية في العراق وانحيازه الى اطياف اخرى، وعمله على تعزيز الدور الايراني في العراق([164])، فالسعودية طرف اقليمي فاعل وقد تدخلت في الشأن الداخلي العراقي وتابعت تطورات الاحداث فيه لاحتواء النفوذ الايراني في اطار صراعها وتنافسها مع ايران على المكانة الاقليمية.

المحاور الاقليمية والتوازنات الجيوستراتيجية في الازمة السورية وانعكاساتها على العراق

تحولت سوريا بسبب الازمة الدائرة فيها وتشعباتها الى ميدان تنافس وصراع تتداخل فيه الدوائر الجيوستراتيجية للامن والمصالح والنفوذ للولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي وروسيا الاتحادية وهي القوى الدولية الفاعلة في المنطقة، وانغمست في الصراع اطراف اقليمية رئيسة هي تركيا والسعودية وايران، واصبحت سوريا ميدان مواجهة بين محورين: محور تركي سعودي تدعمه الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي، ومحور يضم ايران والنظام السوري وحزب الله اللبناني، وتقف روسيا الى جانب هذا المحور، وتسعى الاطراف الاقليمية المتنافسة لتحقيق تطلعاتها في الوصول الى موقع القوة الاقليمية الاكثر فاعلية في الشرق الاوسط، فايران ترى في تركيا ونظامها السياسي ومكانتها في العالم الاسلامي وعلاقاتها مع البلدان العربية تهديداً لطموحاتها الاقليمية ومنافساً لها على زعامة العالم الاسلامي، وتعمل ايران على موازنة الدور الاقليمي الصاعد لتركيا، وتتنافس ايران مع السعودية على موقع القوة الاقليمية الاولى في منطقة الخليج العربي، وتواجه تركيا والسعودية الدور الايراني من خلال السعي لاحتواء نفوذ ايران وتاثيرها، والحيلولة دون تحولها الى قوة نووية تهدد مكانتهما الاقليمية في المنطقة([165]).

وقد يتضمن الاتفاق الامريكي ـ الايراني حول برنامج ايران النووي صفقة غير معلنة يمكن ان تفضي الى تحسن في العلاقات الامريكية الايرانية بشكل خاص، ومع الغرب بشكل عام، ويوفر هذا التغيير في العلاقات فرصة لايران، اذ يوسع هامش حرية حركتها في الاقليم، وربما يدفع هذا الواقع لظهور محور تركي ــ ايراني في الشرق الاوسط، فالعلاقات الدولية تقوم على المصالح وإقتناص الفرص، ويؤدي نشوء هذا المحور الى تشكل دائرة اقليمية جديدة تكون في مواجهة الدائرة الاقليمية الخليجية التي تقودها السعودية وهي الجزء المتبقي من النظام الاقليمي العربي، وقد يتبلور المحور التركي الايراني ويأخذ صورة تفاهم وشراكة استراتيجية تمثل تحدياً للسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، ورغم ما يبدو من تنافس بين تركيا وايران فان هناك ما يدفع الى التقارب بينهما، فايران قادرة على توفير احتياجات تركيا من الطاقة ومن الممكن مد انابيب نقل الطاقة من حوض بحر قزوين عبر ايران الى تركيا فضلا عن اتفاق الطرفين على مواجهة الحركة الكردية([166]).

والازمة السورية محورية تتداخل فيها ادوار تركيا والسعودية وايران، وتتحكم تطورات الازمة بمسارات التنافس والصراع بين هذه القوى الثلاث سواء تمت تسوية هذه الازمة، او تصاعدت حدتها وتفاقمت وسينعكس ذلك على حالة عدم الاستقرار في العراق واستمرار الحرب على الارهاب على ارضه، وقد يؤدي تهديده للجميع دون استثناء الى إجتماع الاطراف الاقليمية لمواجهة تهديد الارهاب وستكون المحصلة في كل الاحوال استمرار التدخل في شؤون العراق وبقائه ميداناً رئيساً لهذه الحرب وما يترتب عليها من افرازات وتحديات تواجهها الدولة العراقية على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

لقد وضع التنافس بين القوى الاقليمية في المنطقة الدولة العراقية في مواجهة تحديات تعيق عملية بنائها بشكل سليم، اذ تحول العراق الى ميدان للصراع والتنافس الاقليمي والدولي، وغذى التدخل الخارجي في الشأن العراقي عوامل التطرف والعنف والارهاب، واجج الصراعات والتناقضات بين مكونات النسيج الاجتماعي العراقي([167]).

وكان من أبرز نتائج الاحتلال الامريكي للعراق على الصعيد الاقليمي توافر الفرصة لزيادة النفوذ والدور الايراني في المنطقة([168])، وقد اخذ هذا الدور مساحة وتأثيراً كبيرين، وترى ايران التي عزز انحسار دور العراق كقوة اقليمية مكانتها، في الوجود الامريكي في البلد تهديداً مباشراً لنظامها السياسي وأمنها ومصالحها، ودورها الاقليمي في العراق ، وسوريا، ولبنان، ومنطقة الخليج العربي، فضلاً عن تهديد هذا الوجود لبرنامجها وطموحاتها النووية، وتخفي ايران اطماعها في العراق تحت ذريعة ما يسمى الدفاع عن (الشيعة)، وحماية الاماكن المقدسة للتدخل في شؤونه الداخلية، وتعكس تصريحات وسلوك المسؤولين الايرانيين طبيعة رؤيتهم للعراق كتابع لايران([169]).

وتتنافس تركيا مع ايران في التدخل في شؤون العراق بحجة حماية (السنة)، واستغل الاتراك الرابطة الاثنية مع التركمان تحت ذريعة حمايتهم في اطار مساعيها لتأمين حضورها في السوق العراقية والحصول على الفرص الاقتصادية، ولأضعاف النفوذ الايراني، فضلا عن عملياتها المسلحة في شمال العراق ضد عناصر حزب العمال الكردستانيPKK، ويشكل التوجه والسلوك التركي مدخلا للتقارب مع السعودية ومع الاردن، وتعمل تركيا على تعزيز موقفها وزيادة تأثيرها في العراق عن طريق تطوير علاقاتها في مجال الطاقة والاستثمار في قطاع النفط في اقليم كردستان وعلى حساب علاقاتها مع المركز في بغداد، وتربط تركيا سلوكها السياسي ازاء العراق بالاوضاع في سوريا وبعملياتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، وتمارس الضغوط على الحكومة العراقية لدفعها لأتخاذ مواقف تصب في صالحها([170]).

وتدخلت السعودية في الشأن العراقي بهدف احتواء نفوذ ايران، واضعاف دورها الاقليمي، ونفوذها في سوريا ولبنان وقطاع غزة، وللسعودية هاجس امني ازاء وصول (الشيعة)  الى السلطة في العراق وتربطه بتوسع دور الحوثيين وزيادة تأثيرهم في اليمن، وبوجود مواطنيها (الشيعة) في المنطقة الشرقية في منطقة الاحساء النفطية، فضلا عن وجود (الشيعة) في الكويت، والبحرين، ولبنان، فتحول العراق الى ميدان للصراع السعودي ـ الايراني، وترى السعودية في تدخلها في العراق سبيلاً لتعزيز زعامتها في منطقة الخليج العربي، ولمنع امتداد تأثيرات ما يجري في العراق على الصعيد السياسي الى الشيعة في الكويت، والبحرين، ومناطقها الشرقية حيث يتركز الشيعة وتعزز السعودية قدراتها بالتنسيق والتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي، والاردن ومصر([171]).

وتتخذ اسرائيل ازاء هذه المتغيرات موقف المراقب المتأهب لمواجهة التحديات وتوظيف الفرص، وتنتظر بدء مرحلة المساومات لاعادة صياغة خارطة المنطقة وترتيب اوضاعها بضوء مصالحها ومكانتها، وستكون عملية اذكاء وتصعيد الانقسامات والصراعات الدينية والطائفية والعرقية في المجتمعات العربية في اسبقية اولوياتها الاستراتيجية، بوصفها السبيل لأقامة الشرق الاوسط الجديد الذي تضطلع فيه بدور القوة الاقليمية الكبرى الفاعلة([172]).

وتفرض هذه الاوضاع على كل دولة تسعى للبقاء والمحافظة على تماسك مجتمعها ووجودها في اقليم الشرق الاوسط، التعامل بواقعية مع اوضاع يسودها القلق والهواجس وعدم الثقة وانعدام اليقين، وستكون المحصلة لتفاعلات هذه الاوضاع وافرازاتها سياسات خارجية غير مستقرة تزيد من اضطراب العلاقات بين دول الاقليم([173])، ويواجه العراق وسيواجه اوضاعا صعبة ومعقدة وهو يمر بحالة تحول وانتقال يشوبها الغليان وعدم وضوح المعالم، ويفرض هذا الواقع اتصاف القائمين على السلطة فيه بالحكمة والخبرة والتوازن في التعامل مع المتغيرات، والسعي الحثيث لبناء الداخل المتماسك الذي يجعل من الصعب على القوى الخارجية، توظيف تناقضاته وصراعاته ، واستغلال انقساماته ونقاط ضعفه لتحويل البلد الى مجال حيوي لنفوذها ومصالحها وتعزيز مكانتها الاقليمية والدولية.

وقد غذى التدخل الخارجي الاقليمي والدولي عوامل التطرف والصراع الطائفي والديني والعرقي، ورسخ نظام المحاصصة، وزاد من تصاعد وتائر العنف وعدم الاستقرار، ولا تسمح تعددية المجتمع العراقي وخصوصية تكوينه بأتباع نظام المحاصصة والطائفية السياسية، ولا بأستحواذ أي مكون اجتماعي معين على السلطة ومؤسساتها، اذ ان ذلك سيكون على حساب حقوق المكونات الاجتماعية الاخرى، وستفتح المحاصصة ونظامها السياسي الضعيف، والتشوهات التي تعتري العملية السياسية جرائها، الابواب امام تدخل القوى الاقليمية والدولية، ويكمن الحل في بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تقوم على النظام المؤسسي، ويعيش مواطنيها ضمن اطار مجتمع عراقي توحده هوية وطنية عراقية ترتكز على قاعدة المواطنة في الدولة العراقية.

هوامش الفصل الثالث – المبحث الاول

([1])  محمد عبد السلام، اقليم بلا نظام: البحث عن مفاتيح لفهم مستقبل منطقة الشرق الاوسط،  السياسة الدولية، العدد  (185)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، يوليو 2011، ص8-9.

([2])  ماهر بن ابراهيم القصير، المشروع الاوروآسيوي من الاقليمية الى الدولية: العالم بين الحالة اللاقطبية والنظام العالمي متعدد الاقطاب، دار الفكر العربي، القاهرة، 2014، ص218.

([3])  المصدر نفسه، ص219.

([4])  ناصر زيدان، دور روسيا في الشرق الاوسط وشمال روسيا من بطرس الاكبر حتى فلادمير بوتين، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2013، ص283.

([5])  احمد ابراهيم محمود، الصناعات العسكرية الروسية: تدعيم الاقتصاد والمكانة الدولية، السياسة الدولية، العدد (170)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 2007، ص66-67.

([6])  محمد السيد سليم، الاستراتيجية الصينية الجديدة، مركز الدراسات الاسيوية، القاهرة، نوفمبر 2012، ص3.

([7])  زلماي خليل زاد، الاسترايتيجات الكبرى للولايات المتحدة وانعكاساتها عليها وعلى العالم، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي، 1997، ص219.

([8])  احمد ابراهيم محمود، العراق الجديد في الاستراتيجية الامريكية للشرق الاوسط، السياسة الدولية، العدد 154، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 2003، ص62-13.

([9])  خليل العناني، الشرق الاوسط الكبير، السياسة الدولية، العدد 156، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 2004، ص98.

([10])  محمد عبد السلام، اقليم بلا نظام: البحث عن مفاتيح لفهم مستقبل منطقة الشرق الاوسط، السياسة الدولية، العدد (185)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 2011، ص98.

([11])  عبد الغني نصر علي الشميري، سياسة الاصلاحات الامريكية في المنطقة العربية بين القيم والمصالح، منتدى المعارف، بيروت، 2014، ص422.

([12])  President Discusses the Future of Iraq, Washington D.C, Feb.29. 2003, www.white house. gov/ news/ 2003/02/11.

([13])  أيفود دالدر وآخرون، هلال الازمات الاستراتيجية الامريكية ــ الاوربية حيال الشرق الاوسط الكبير، ترجمة حسان البستاني، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2006، ص261.

([14])  مايكل هدسون، سياسات السلام الامريكي في العراق والشرق الاوسط، في كتاب احتلال العراق وتداعياته عربياً واقليمياً ودولياً، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004، ص66.

([15])  وجيه كوثراني، الشرق أوسطية والتطبيع الثقافي مع اسرائيل: البعد التاريخي واشكالات راهنة، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد (23)، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1995، ص9.

([16])  حسين مصطفى احمد، قراءة في مشروع الشرق الاوسط الكبير، المجلة السياسية والدولية، العدد (9)، كلية العلوم السياسية، الجامعة المستنصرية، بغداد، 2008، ص79.

([17])  خليل العناني، دلالات التحول في خريطة الشرق الاوسط، دراسات استراتيجية، العدد (17)، مركز الامارات للدراسات والبحوث، ابو ظبي، 2006، ص5.

([18])  ناظم عبد الواحد الجاسور، موسوعة المصطلحات السياسية والفلسفية والدولية، دار النهضة العربية، بيروت، 2008، ص374.

([19])  سلامة كيلة، الخطاب الديمقراطي الامريكي في الشرق الاوسط الكبير، الشبكة الدولية للمعلومات:

www.kefya.org.2005.

([20])  عبد القادر محمد فهمي، المدخل الى دراسة الاستراتيجية، مصدر سبق ذكره، ص88-95.

([21])  زبيغنيو بريجنسكي، رقعة الشطنرج الكبرى (الاولوية الامريكية ومتطلباتها الجيوستراتيجية)، ترجمة أمل الشرقي، الاهلية للنشر والتوزيع، عمان، 1997، ص48-50.

([22])  Walter Russel Mead, Power, Terror, Peace and War: American Grand Strategy in World at Risk, Vintage Books, New York, 2004, P.27.

([23])  محمد رياض، الشرق الاوسط: دراسة في التطبيق الجيوبولوتيكي والسياسي، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1974، ص15.

([24])  كاظم هاشم نعمة، الوجيز في الاستراتيجية، جامعة بغداد، 1988، ص15-17.

([25])  درية شفيق بسيوني، الاستراتيجية الامريكية في الخليج العربي: الثوابت والمتغيرات، مجلة الفكر الاستراتيجي العربي، العدد (41)، معهد الانماء العربي، بيروت، 2007، ص89-106.

([26])  فكرت نامق العاني، الولايات المتحدة الامريكية وأمن الخليج: دراسة في تطور السياسة الامريكية في الخليج منذ الثمانينيات وآفاق المستقبل، مطبعة العزة، بغداد، 2001، ص4.

([27])  نعوم شومسكي، إحتلال العراق يرفع خطر الارهاب واسلحة الدمار الشامل معاً، المستقبل العربي، العدد (300)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2003، ص117.

([28])  ايان رتليدج، العطش الى النفط: ماذا تفعل امريكا بالعالم لضمان امنها النفطي، ترجمة مازن الجندلي، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2006، ص17.

([29])  أليزابيث سكونز، القيود الامريكية على نقل التكنولوجيا، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004، ص614.

([30])  ليون هارد، عاصفة الصحراء فشل السياسة الامريكية في الشرق الاوسط، ترجمة سعيد الحسنية، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2005، ص20.

([31])  منذر سليمان، دولة الامن القومي وصناعة القرار الامريكي، المستقبل العربي، العدد (325)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2007، ص35.

([32])  مصطفى جاسم حسين، السياسة الخارجية الامريكية والمشرق العربي مابعد الحرب الباردة، اطروحة دكتوراه (غير منشورة)، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2008، ص29.

([33])  رمزي كلارك وآخرون، الامبراطورية الامريكية: صفحات من الماضي والحاضر، الجزء الاول، مكتبة الشرق، كوالالامبور، 2001، ص303.

([34])  محمود خليل، إعادة توزيع القوات الامريكية في الشرق الاوسط، السياسة الدولية، الاهرام الرقمي، يونيو/ حزيران 2004، www.digital.ahram.org.

([35])  صلاح حميد الجنابي وسعدي علي غالب، جغرافية العراق الاقليمية، دار ابن الاثير للطباعة والنشر، الموصل، 2005، ص9.

([36])  Andrew Rathmel and Others, A New Persian Gulf Security System, RAND Issue Paper, Santa Monica, U.S.A, 2003.

([37])  F. Gregory Gause, Approaching The Turning Point: The Future of the U.S. Relations with the Gulf states, Analysis Paper No.2, Brooking Project on U.S. Policy Towards the Islamic world, May 2003.

([38])  احمد ابراهيم محمود، حرب الخليج الثالثة: الانعكاسات الاستراتيجية على البيئة الاقليمية، في نكبة العراق الآثار السياسية والاقتصادية، مؤسسة للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة، 2003، ص185-186.

([39])  المصدر السابق، ص186.

([40])  ريتشارد هاس، حرب الضرورة: سيرة حربين على العراق حرب الاختيار، ترجمة نورما نابلسي، دار الكتاب العربي، بيروت، 2010، ص231.

([41])  ستيفن ن. سايمون، مابعد التعزيز العسكري الامريكي في العراق، في كتاب الاحتلال الامريكي للعراق: المشهد الاخير، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2007، ص156-159.

([42])  Fredric Wehrey and Others, The Iraq Effect: The Middle East After Iraqs War, Rand Corporation, Washington D.C, 2010, P.8-10.

([43])  ديفيد ميلر، أكاذيب الدعاية والتضليل الاعلامي في الحرب على العراق، ترجمة ابراهيم العريس، بيسان للنشر والتوزيع والاعلام، بيروت، 2003، ص471.

([44])  أحمد بن حمد اليحيى، زلزال في بلاد الرافدين: قصة غزو العراق، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2010، ص183.

([45])  محمد حسنين هيكل، الامبراطورية الامريكية والاغارة على العراق، الشركة المصرية للنشر العربي والدولي، القاهرة، 2003، ص398-399. 

([46])  عبد الله السناوي، إحتلال العراق وتداعياته، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004، ص367.

([47])  أنتوني كوردسمان وآخرون، العراق تحت الاحتلال: تدمير الدولة وتكريس الفوضى، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2008، ص431.

([48])  بيتر و. غالبريث، نهاية العراق، ترجمة اياد محمد، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2007، ص138.

([49])  بول بريمر، عام قضيته في العراق: النضال لبناء غد مرجو، مصدر سبق ذكره، ص63.

([50])  علي عبد الامير علاوي، احتلال العراق ربح الحرب وخسارة السلام، مصدر سبق ذكره، ص232.

([51])  محمد ابراهيم بسيوني، المؤامرة الكبرى: مخطط تقسيم الوطن العربي من بعد العراق، دار الزهراء، بيروت، 2006، ص102.

([52])  جيف سيمونز، عراق المستقبل: السياسة الامريكية في اعادة تشكيل الشرق الاوسط، دار الساقي، بيروت، 2004، ص403.

([53])  دوغلاس. ج. فايث، الحرب والقرار من داخل البنتاغون تحت عنوان الحرب ضد الارهاب، مصدر سبق ذكره، ص5-6.

([54])  جاسم يونس الحريري، الوحدة الوطنية، المستقبل العربي، العدد (305)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004، ص53.

([55])  جورج باركر، بوابة الحشاشين امريكا في العراق، مصدر سبق ذكره، ص167.

([56])  فاضل الربيعي، إحتلال العراق وتداعياته عربياً ودولياً، في كتاب إحتلال العراق وتداعياته عربياً واقليمياً ودولياً، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004، ص275-285.

([57])  أحمد فايز صالح، دور المحافظين الجدد في السياسة الخارجية الامريكية، مركز الدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، بيروت، 2011، ص80.

([58])  عماد جاد وآخرون، العامل الاسرائيلي في الازمة العراقية: العدوان على العراق خريطة ازمة ومستقبل أمة، مركز الاهرام للدراسات والبحوث السياسية والاستراتيجية، القاهرة، 2003، ص175.

([59])  احمد ابراهيم محمود، العراق الجديد في الاستراتيجية الامريكية للشرق الاوسط، مجلة السياسة الدولية، العدد (154)، مؤسسة الاهرام للدراسات والبحوث السياسية والاستراتيجية، القاهرة، 2003، ص64.

([60])  جميل مطر وآخرون، رياح التغيير في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2011، ص251-252.

([61])  الشبكة الدولية للمعلومات: www.washingtonpost.com.

([62])  رمزي المنياوي، الفوضى الخلاقة: الربيع العربي بين الثورة والفوضى، دار الكتاب العربي، دمشق، 2012، ص44.

([63])  فاضل الربيعي، وآخرون، الاحتلال الامريكي للعراق: صوره ومصائره، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2005، ص129.

([64])  محمد دحام كردي، مستقبل الاتحاد الاوربي: دراسة في التأثير السياسي الدولي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2013، ص103.

([65])  عماد جاد، الاتحاد الاوربي: تطور التجربة، السياسية الدولية، العدد (161)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، يوليو 2005، ص18.

([66])  نرمين السعدي، القادة الاوربيون والتوجهات الالمانية، السياسة الدولية، العدد (118)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، سبتمبر 1994، ص182.

([67])  Mortom A.Kaplan, Great Issues of International Politics, Aldine Publishing Company, New Yourk, 1974, P.347.

([68])  سعد حقي توفيق، النظام الدولي الجديد: دراسة في مستقبل العلاقات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة، الاهلية للنشر والتوزيع، عمان، 1982، ص73.

([69])  عماد جاد، الاتحاد الاوربي: تطور التجربة، مصدر سبق ذكره، ص21.

([70])  نص معاهدة الاتحاد الاوربي، ترجمة سالم العيسى، الاهلي للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، 1995، ص62.

([71])  محمد حمدان مصالحة، علاقات اوربا الموحدة والوطن العربي، مجلة العلوم السياسية، العدد (13)، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 1995، ص64.

([72])  عماد جاد، الاتحاد الاوربي: تطور التجربة، مصدر سبق ذكره، ص218.

([73])  سمير الظاهر، مستقبل الحلف الاطلسي بعد توسع الاتحاد الاوربي الواقع والافاق، دراسات دولية، العدد (66) مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2004، ص31.

([74])  مصطفى علوي، الولايات المتحدة والجماعة الاوربية بعد عام 1992، السياسة الدولية، العدد (99)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، يناير 1993، ص118.

([75])  عبد القادر محمد فهمي، المدخل الى دراسة الاستراتيجية، مصدر سبق ذكره، ص91.

([76])  حارث محمد، العلاقات الامريكية الاوربية، رسالة ماجستير (غير منشورة)، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 2002، ص45.

([77])  السيد امين شلبي، ماذا تعني العوامل المؤثرة في العلاقات الامريكية ــ الاوربية للعالم العربي؟ مجلة شؤون عربية، العدد (116)، الامانة العامة لجامعة الدول العربية، القاهرة، 2003، ص30.

([78])  سمير أمين، بعد حرب الخليج الهيمنة الامريكية الى اين؟، المستقبل العربي، العدد (170) ، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، نيسان، ابريل 1993، ص8.

([79])  ممدوح محمد مصطفى، مفهوم النظام الدولي بين العملية والنمطية، دراسات استراتيجية، العدد (17)، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي، 1998، ص45-46. 

([80])  زبيغنيو بريجنسكي، الفوضى والاضطراب العالمي عند مشارف القرن الحادي والعشرين، ترجمة مالك فاضل البديري، الاهلية، عمان، 1998، ص112.

([81])  اندرو باسيفيتش، الامبراطورية الامريكية: حقائق وعواقب الدبلوماسية الامريكية، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2005، ص66.

([82])  زبيغنيو بريجنسكي، خيارات امام الناتو وسط اوربا وروسيا، شؤون سياسية، العدد (5)، مركز الجمهورية للدراسات الدولية، بغداد، 1995، ص109.

([83])  يفغيني بريما كوف، العالم بعد 11 سبتمبر وغزو العراق، تعريب عبد الله حسن، العبيكان، الرياض، 2004، ص183.

([84])  الكسندر هيغ، ماذا تعني الشراكة من اجل السلام؟، ترجمة نجوى ابو غزالة، مجلة شؤون سياسية، العدد (3)، مركز الجمهورية للدراسات الدولية، بغداد، 1994، ص194.

([85])  ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الامريكية ـــ الاوربية على قضايا الامة العربية في حقبة مابعد الحرب الباردة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2007، ص317.

([86])  محمد حسنين هيكل، كلام في السياسة، قضايا ورجال مع بداية القرن الواحد والعشرين، المصرية للنشر العربي والدولي، القاهرة، 2004، ص284.

([87])  زبيغنيو بريجنسكي، رقعة الشطرنج الكبرى (الاولوية الامريكية ومتطلباتها الجيوستراتيجية)، مصدر سبق ذكره، ص35.

([88])  اندرو باسيفيتش، الامبراطورية الامريكية: حقائق وعواقب الدبلوماسية الامريكية، مصدر سبق ذكره، ص133.

([89])  أندرياس فون بولوف، المخابرات الامريكية والحادي عشر من سبتمبر، ترجمة عماد بكر، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2004، ص36.

([90])  زبيغنيو بريجنسكي، رقعة الشطرنج الكبرى (الاولوية الامريكية ومتطلباتها الجيوستراتيجية)، مصدر سبق ذكره، ص54.

([91])  حسام الدين سويلم، القواعد العسكرية الامريكية في آسيا الوسطى، السياسة الدولية، العدد (164)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، ابريل 2006، ص83-85.

([92])  أريك لوران، حرب آل بوش، ترجمة سلمان حرفوش، دار الخيال، بيروت، 2003، ص217-220.

([93])  سيار الجميل، المجال الحيوي للشرق الاوسط إزاء النظام الدولي القادم من مثلث الازمات الى مربع الازمات: تحديات مستقبلية، في محمد الاطرش وآخرون، العرب وتحديات النظام العالمي، دار الكتب والوثائق، بغداد، 1999، ص232.

([94])  هادي قبيسي، السياسة الخارجية الامريكية بين مدرستين: المحافظية الجديدة والواقعية، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2008، ص66.

([95])  دوغلاس ج. فايث، الحرب والقرار من داخل البنتاغون تحت عنوان الحرب ضد الارهاب، مصدر سبق ذكره، ص76.

([96])  نصير عازوري، حروب جرورج دبليو بوش الوقائية بين مركزية الخوف وعولمة ارهاب الدولة، المستقبل العربي، العدد (297)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، تشيرن الثاني2003، ص34.

([97])  مايكل كلير، دم ونفط، ترجمة هيثم غانم، دار الشروق للطباعة والنشر، دمشق، 2007، ص234.

([98])  زبيغنيو بريجنسكي، رقعة الشطرنج الكبرى (الاولوية الامريكية ومتطلباتها الجيوستراتيجية)، مصدر سبق ذكره، ص49.

([99])  هنري كيسنجر، هل تحتاج أمريكا الى سياسة خارجية؟، دار الكتاب العبي، بيروت، 2003، ص53.

([100])  ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الامريكية ــ الاوربية على قضايا الامة العربية في حقبة مابعد الحرب الباردة، مصدر سبق ذكره، ص259.

([101])  محمد حسنين هيكل، الامبراطورية الامريكية والاغارة على العراق، مصدر سبق ذكره، ص159.

([102])  طالب حسين حافظ، العلاقات الاوربية ــ الامريكية والتحالفات عبر الاطلسي، دراسات دولية، العدد(51)، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2013، ص103.

([103])  مخلد عبيد المبيضين، الاتحاد الاوربي كظاهرة اقليمية متميزةٍ، الاكاديميون للنشر والتوزيع، عمان، 2012، ص223.

([104])  طالب حسين حافظ، مصدر سبق ذكره، ص148.

([105])  أريك رولو، الحرب على العراق نقطة تحول على المسرح الدولي، مصدر سبق ذكره، ص475.

([106])  Philip H. Gordon, Allies at War: America Europe and the crisis over Iraq, McGraw Hill, New York, 2004, P.11.

([107])  أيفود دالدر وآخرون، هلال الازمات الاستراتيجية الامريكية الاوربية حيال الشرق الاوسط الكبير، مصدر سبق ذكره، ص276.

([108])  محمد حسنين هيكل، الامبراطورية الامريكية والاغارة على العراق، مصدر سبق ذكره، ص156.

([109])  ايفود دالدر وآخرون، مصدر سبق ذكره، ص283-284.

([110])  ناظم عبد الواحد الجاسور، تأثير الخلافات الامريكية ــ الاوربية على قضايا الامة العربية في حقبة مابعد الحرب الباردة، مصدر سبق ذكره، ص367.

([111])  أيفود دالدر وآخرون، مصدر سبق ذكره، ص284.

([112])  مادلين أولبرايت، الجبروت والجبار، ترجمة: عمر الايوبي، الدارالعربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2007، ص176.

([113])  أديث و أ.ف بينروز، العراق دراسة في علاقاته الخارجية وتطوراته الداخلية (1915-1975)، الجزء الاول، مصدر سبق ذكره، ص63.

([114])  فلاح ابراهيم عبد الغني، الدور المستقبلي الروسي في الشرق الاوسط، رسالة ماجستير (غير منشورة)، كلية الدفاع الوطني، جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا، بغداد، 1998، ص32.

([115])  ادموند رونز، من يهدد منطقة الخليج العربي؟، ترجمة محمد شوقي محمد خليفة، مركز دراسات الخليج العربي، جامعة البصرة، 1983، ص22.

([116])  غانم الرميحي، البترول والتغير الاجتماعي في الخليج العربي، معهد البحوث والدراسات، القاهرة، 1975، ص17.

([117])  غانم محمد صالح، روسيا والخليج العربي، سلسلة المائدة الحرة، العدد (20)، بيت الحكمة، بغداد، 1998، ص83.

([118])  لمزيد من التفاصيل ينظر: شكري محمود نديم، الجيش الروسي في حرب العراق 1914-1917، مطبعة العاني، بغداد، 1974، ص25.

([119])  حميد سميسم، روسيا والموقف من العراق في أم المعارك، سلسلة المائدة الحرة، العدد (20)، بيت الحكمة، بغداد، 1998، ص52.

([120])  الكساندر أداموف، ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها، الجزء الثاني، ترجمة هاشم صالح التكريتي، مركز دراسات الخليج العربي، جامعة البصرة، 1989، ص4.

([121])  المصدر السابق، ص278.

([122])  حميدة سميسم، روسيا والموقف من العراق في أم المعارك، مصدر سبق ذكره، ص52.

([123])  مظفر نذير الطالب، السياسة الخارجية السوفيتية في الوطن العربي (1953-1967)، رسالة ماجستير (غير منشورة)، كلية القانون والسياسة، جامعة بغداد، 1982، ص21-24.

([124])  عبد المناف شكر جاسم، العلاقات العراقية ــ السوفيتية (1944-8شباط1963)، دار الكتب والوثائق ، بغداد، 1980، ص27.

([125])  أديث و أ. ف بينروز، العراق دراسة في علاقاته الخارجية وتطوراته الداخلية (1915-1975)، الجزء الاول، مصدر سبق ذكره، ص216.

([126])  عبد المناف شكر جاسم، المصدر السابق، ص153-156.

([127])  مظفر نذير الطالب، السياسة الخارجية السوفيتية في الوطن العربي (1953 ــ 1967)، مصدر سبق ذكره، ص67.

([128])  عبد المناف شكر جاسم، المصدر السابق، ص103-104.

([129])  مظفر نذير الطالب، المصدر السابق، ص74-76. 

([130])  عبد القادر محمد فهمي، روسيا الاتحادية والوطن العربي، سلسلة المائدة الحرة، العدد (20)، بيت الحكمة، بغداد، 1998، ص26-27

([131])  حميدة سميسم، روسيا والموقف من العراق في ام المعارك، مصدر سبق ذكره، ص49-52.

([132])  مثنى عبد الحميد العزاوي، السياسة النفطية في العراق الواقع والمستقبل، كلية الدفاع الوطني، جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا، بغداد، 1999، ص7. 

([133])  روبرت ياربلسكي، انهيار الاتحاد السوفيتي وتأثيره على امن الخليج، في كتاب امن الخليج في القرن الحادي والعشرين، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي، 1996، ص141.

([134])  نزار اسماعيل الحيالي وعبد الحميد العيد الموساوي، العلاقات الروسية ــ الامريكية من الشراكة الاستراتيجية الى المنافسة الجيوسياسية (2001-2008)، قضايا سياسية، العدد (16)، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، بغداد، 2009، ص42.

([135])  Michael Lind, The American way of Strategy, Oxford University Press, London, 2006, P.4-9.

([136])  فكتور ليبيديف، الاوضاع الاقتصادية والسياسية والامنية في روسيا الاتحادية، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي، 1999، ص23-24.

([137])  جورج فريرمان، مبدأ ميدفيدف والاستراتيجية الامريكية، المستقبل العربي، العدد (356)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2008، ص123-124. 

([138])  غالب عودة، التوجهات الروسية الجديدة في الشرق الاوسط، في كتاب العرب والاستراتيجيات العالمية، مركز الدراسات الاستراتيجية، عمان، 1994، ص155.

([139])  عماد الدين حاتم، المستقبل الجيوبولتيكي لروسيا، مجلة شؤون الاوسط، العدد (112)، مركز الدراسات الاستراتيجية العربية، بيروت، 2003، ص62-63.

([140])  محمد دياب، الدور الروسي عبر البوابة العراقية، مجلة شؤون الاوسط ، العدد (110)، مركز الدراسات الاستراتيجية العربية، بيروت، 2002، ص59.

([141])  عبد القادر محمد فهمي، روسيا الاتحادية والوطن العربي، دراسة مقارنة للسلوك السياسي الروسي تجاه الوطن العربي، في كتاب روسيا والعرب، بيت الحكمة، بغداد، 1998، ص176.

([142])  شانون ن. كايل وهانس م. كريستن، القوى النووية العالمية لسنة 2005، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2005، ص832-833.

([143])  عبد القادر محمد فهمي، المدخل الى دراسة الاستراتيجية، مصدر سبق ذكره، ص87.

([144])  عبد المنعم سعيد، الاتجاهات الراهنة لتطور القوة العسكرية الروسية، السياسة الدولية، العدد (170)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، اكتوبر 2007، ص97.

([145])  يفغيني بريما كوف، العالم بعد 11 سبتمبر وغزو العراق، مصدر سبق ذكره، ص40.

([146])  ليليا شيفستوفا، روسيا يلتسين الخرافات والحقيقة، ترجمة عبد الله حسن، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2001، ص436.

([147])  لارا دريك، التناقضات الداخلية بين قرارات الحرب ضد العراق، ترجمة محمد العربي، دار الكتاب العربي، بيروت، 2005، ص110.

([148])  معن بشور، نتائج الانتخابات والاستفتاء في القرار السياسي، المستقبل العربي، العدد (321)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، تشرين الثاني 2005، ص148.

([149]) لمى مضر الامارة، التوجهات السياسية الروسية في ظل السياسة الجديدة وانعكاس الانتخابات الرئاسية الروسية على سياسة الدولة داخلياً وخارجياً، المجلة السياسية الدولية، العدد (11)، كلية العلوم السياسية، الجامعة المستنصرية، 2009، ص95. 

([150])  محمد خواجة، الشرق الاوسط تحولات استراتيجية، دار الفارابي للنشر، بيروت، 2008، ص205.

([151])  كينيث بولوك، أمن الخليج، مجلة شؤون الاوسط، العدد (115)، مركز الدراسات الاستراتيجية العربية، بيروت، 2004، ص88.

([152])  ديفيد دبليو. ليش، سوريا وسقوط مملكة الاسد: ماذا يحدث لولم يسقط الاسد بالفعل؟، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 2014، ص182-183.

([153])  وسام الدين العكلة، تعثر المفاوضات النووية بين ايران والسدادسية: الخلفيات والتداعيات، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، استانبول، 2014، ص4.

([154])  محمد الحيدري، التحولات الجيوبولتيكية: الجغرافية الجديدة للامن الايراني، مجلة شؤون الاوسط، العدد (121)، مركز الدراسات والبحوث والتوثيق، بيروت، شتاء 2006، ص49-70.

([155])  طلال عتريسي، جيوستراتيجيا الهضبة الايرانية: اشكاليات وبدائل، مركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي، بيروت، 2009، ص105-108.

([156])  برتران بادي ودمينيك فيرال، اوضاع العالم 2013: حقائق القادة والاسباب الحقيقية للتوترات في العالم، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 2013، ص94-95.

([157])  ناصر زيدان، دور روسيا في الشرق الاوسط وشمال روسيا من بطرس الاكبر حتى فلاديمير بوتين، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2013، ص284.

([158])  الشبكة الدولية للمعلومات: https://ar.wikipedia.org.

([159])  شذى زكي حسن، الموقف الروسي من الازمة السورية: الدوافع والاهداف، دراسات سياسية، العدد (124)، بيت الحكمة، بغداد، 2013، ص76-77.

([160])  ناصر زيدان، دور روسيا في الشرق الاوسط وشمال روسيا من بطرس الاكبر حتى فلاديمير بوتين، مصدر سبق ذكره، ص303-304.

([161])  ديريك لوتر بيك وجورجي انغلبر يخت، الغرب وروسيا في البحر المتوسط: نحو تنافس مجدد، دراسات عالمية، العدد (93)، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي، 2010، ص20.

([162])  علاء سالم، ادوار متقاطعة: تأثير العوامل الخارجية في مسار الازمة السورية، السياسة الدولية، العدد (188)، مركز الاهرام، القاهرة، 2012، ص114-115.

([163])  زهير حامدي، الاثار الجيوسياسية لاكتشافات الغاز الاسرائيلية في شرق المتوسط، مجلة سياسات عربية، العدد(1)، المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، الدوحة، 2013، ص112.

([164])  محمد بيومي، الصراع الامريكي ــ الروسي على انابيب الغاز في آسيا الوسطى والقوقاز، ملف الاهرام الاستراتيجي، الشبكة الدولية للمعلومات: http://digital.al-ahram.org.

([165])  ايمانويل تود، مابعد الامبراطورية: دراسة في تفكك النظام الامريكي، ترجمة محمد زكريا اسماعيل، دار الساقي، بيروت، 2004، ص167-168.

([166])  ناصيف ياسين، الارهاب الامريكي المعولم: امريكا بَنَتْ الارهاب وولدته (رؤساؤها أنموذجاً)، دار الفارابي، بيروت، 2013، ص323-324.

([167])  علاء سالم، ادوار متقاطعة: تأثير العوامل الخارجية في مسار الازمة السورية، مصدر سبق ذكره، ص115.

([168])  مهدي داريوس، سوريا وباكستان: خط الغاز العملاق باتجاه الصين، الشبكة الدولية للمعلومات:

http://www.globalreseach.Ca/GlobalResearch.

([169])  ماهر بن ابراهيم القيصر، المشروع الاوروآسيوي من الاقليمية الى الدولية، مصدر سبق ذكره، ص246.

([170])  خليل عرنوس سليمان، الازمة الدولية والنظام الدولي: دراسة في علاقة التأثير المتبادل بين ادارة الازمات وهيكلية النظام الدولي، المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، الدوحة، 2011، ص12.

([171])  زبيغنيو بريجنسكي، الفرصة الثانية: ثلاثة رؤساء وازمة القوة العظمى الامريكية، ترجمة عمر الايوبي، دار الكتاب العربي، بيروت، 2004، ص219-221.

([172])  وليد عبد الحي، محددات السياستين الروسية والصينية تجاه الازمة السورية، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، 2012، ص3-4.

([173])  Ekaterina Stepanova, Russia’s Middle East Policy: Old Division or New, Institute of World Economy and International Relations, Moscow, PONARS Policy Memo No.429, 2010, P.2-3.

([174])  ماهر بن ابراهيم القصير، المشروع الاورو آسيوي من الاقليمية الى الدولية، مصدر سبق ذكره، ص246.

([175])  محمد فايز فرحات، السلوك الصيني ــ الروسي في مواجهة الربيع العربي: قراءة في ما وراء المصالح الاقتصادية، مجلة سياسات عربية، العدد (1)، المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، الدوحة 2013، ص37.

  هوامش الفصل الثالث – المبحث الثاني

([1])  سيد يس واخرون، الصراع العربي مع الصهيونية وإسرائيل عبر مائة عام، في ندوة صراع القرن، مؤسسة عبد الحميد شومان، عمان، 1999، ص11.

([2])  ألوف هار آبن وآخرون، أربعة قرارات حاسمة وصعبة في اسرائيل عام 2000، دار الجليل للنشر، عمان، 1986، ص88.

([3])  مها عزت، خطة شارون بين الواقع والمأمول، مختارات اسرائيلية، العدد (126)، مركز الاهرام، القاهرة، 2005، ص75.

([4])  عبد السلام بغدادي، مفهوم الكيان الصهيوني للامن القومي (1948-1982)، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1985، ص63.

([5])  هيثم الكيلاني، ملامح جديدة في المذهب العسكري الاسرائيلي، مجلة شؤون عربية، العدد (2)، الامانة العامة لجامعة الدول العربية، القاهرة، ابريل 1981، ص210.

(*) شد الاطراف استراتيجية تبنتها اسرائيل في عهد بن غوريون في خمسينيات القرن العشرين، وقد ذكر ان شعب اسرائيل صغير ومحدود الموارد والامكانات ويجب تصحيح الخلل في التوازن مع الدول العربية من خلال اقامة شبكة من العلاقات الوثيقة على الصعد السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية مع الدول الاقليمية غير العربية المجاورة للمنطقة العربية وتغذية الخلافات والتوترات بين هذه الدول والدول العربية المجاورة لها حول مسائل الحدود والمياه والاقليات فضلاً عن دعم اسرائيل واسنادها للجماعات العرقية والاقليات الدينية والاثنية في الدول العربية ودفعها الى التمرد والانفصال لاضعاف الدول العربية عبر اشغالها بالصراعات الداخلية والخارجية لتفتيتها واعادة توزيع القوى في المنطقة والحيلولة دون بروز قوة اقليمية عربية تهدد امن اسرائيل ومصالحها ومكانتها الاقليمية، الشبكة الدولية للمعومات : www.alkashif.org.

([6])  مختار شعيب، الاستراتيجية الاسرائيلية تجاه الوطن العربي والبحر الاحمر في اطار نظرية الامن الاسرائيلية، مختارات اسرائيلية، العدد (74)، مركز الاهرام، القاهرة، فبراير 2000، ص85.

([7])  سعد ناجي جواد، دول الجوار وعلاقاتها بالوطن العربي، في ندوة العرب والعالم، مؤسسة عبد الحميد شومان، عمان، 2001، ص104-105.

([8])  صلاح منتصر، الاستراتيجية البترولية الامريكية في الشرق الاوسط، السياسة الدولية، العدد (160)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، اكتوبر 1970، ص15.

([9])  ناظم عبد الواحد الجاسور، المشروع العربي والمشاريع الغربية والصهيونية المضادة، مجلة آفاق استراتيجية، العدد (1)، مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية، عمان، ايلول 2000، ص64.

([10])  حامد ربيع، نظرية الامن القومي العربي، دار الموقف العربي، القاهرة، 1984، ص324.

([11])  توفيق ابو بكر، الولايات المتحدة والصراع العربي ــ الاسرائيلي، دار ذات السلاسل للطباعة والنشر، الكويت، 1987، ص16.

([12])  خلدون ناجي معروف، جوانب سياسية في المصالح الحيوية الامريكية في المنطقة العربية، قضايا سياسية، العدد (2)، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2002، ص90-93.

([13])  شبلي تلحمي، السياسة الامريكية في الشرق الاوسط والصراع العربي الاسرائيلي، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي، 1997، ص14.

([14])  زبيغنيو بريجنسكي، الفرصة الثانية: ثلاثة رؤساء وازمة القوة العظمى الامريكية، مصدر سبق ذكره، ص81.

([15])  عدنان حسين، دور ومكانة اسرائيل في برنامج حرب النجوم، مجلة شؤون فلسطينية، العدد (197)، مركز الدراسات الفلسطينية، بغداد، 1989، ص95.

([16])  آل غور، رؤيا لتغيير أمريكا: الاهتمام بالناس اولاً، مركز الاهرام للترجمة والنشر، القاهرة، 1994، ص136.

([17])  هيثم الكيلاني، هموم الامن القومي العربي، مجلة شؤون عربية، العدد (77)، الامانة العامة لجامعة الدول العربية، القاهرة، مارس 1994، ص46.

([18])  ثامر كامل محمد، العلاقات التركية ــ الاسرائيلية والشرق الاوسط، دراسات دولية، العدد(14)، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2000، ص47.

([19])  آرسين كلابسي أوغلو، السياسة الخارجية التركية ازاء الامن الاقليمي، في العرب وجوارهم الى اين؟، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000، ص242.

([20])  مأمون كيوان، التعاون العسكري الاسرائيلي ــ التركي والتحول الى نظام أمني اقليمي، مجلة دراسات شرق اوسطية، العدد (76)، مركز دراسات الشرق الاوسط، عمان، 1998، ص17.

([21])  جيمس بيكر، سياسة الدبلوماسية، ترجمة مجدي شرشر، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1999، ص567-568.

([22])  محمد سعد ابو عامود، العلاقات العربية ــ العربية في النصف الثاني من القرن العشرين: الظواهر ــ الاشكاليات ــ المستقبل، السياسة الدولية، العدد (139)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، أكتوبر 2000، ص12-21.

([23])  ناصيف حتي، التحولات في النظام العالمي والمناخ الفكري الجديد وانعكاساته على النظام الاقليمي، المستقبل العربي، العدد (156)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1992، ص51.

([24])  أحمد سليم البرصان، الشرق الاوسط الكبير، السياسة الدولية، العدد (158)، مركز الاهرام، القاهرة، اكتوبر 2004، ص44.

([25])  عماد فوزي شعيب، السياسة الامريكية وصياغة العالم الجديد: دراسة استراتيجية اليمين والمحافظون الجدد من التدخل الانتقائي الى التدخل الاستباقي، دار كنعان، دمشق، 2004، ص65.

([26])  نعوم شومسكي، الحرب الوقائية او الجريمة المطلقة: الغزو الذي سيلازمه العار، المستقبل العربي، العدد (297)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، تشرين الاول 2003، ص130.

([27])  احمد سليم البرهان، الشرق الاوسط واعادة التفكير، مؤسسة الاهرام للدراسات والبحوث الاستراتيجية، القاهرة: www.alahram.org.

([28])  روبرت فيسك وآخرون، هؤلاء الذين يؤيدون الحرب في العراق، في الغزو ــ الاحتلال ــ المقاومة، شهادات من خارج الوطن العربي، ترجمة مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2003، ص51.

([29])  أحمد ابراهيم محمود، حرب الخليج الثالثة: الانعكاسات الاستراتيجية على البيئة الاقليمية، في نكبة العراق الاثار الاستراتيجية والاقتصادية، مركز الاهرام، القاهرة، 2003، ص163.

([30])  أكرم ألفي، اسرائيل ونكبة العراق: مكاسب استراتيجية غير محدودة ومخاطر محتملة، في نكبة العراق الاثار السياسية والاقتصادية، مركز الاهرام، القاهرة، 2003، ص383-385.

([31])  علاء سالم، اسرائيل والعراق مكاسب مابعد التغيير السياسي، مختارات اسرائيلية، العدد  (102)، السنة التاسعة، مركز الاهرام، القاهرة، 2003، ص137-140.

([32])  زئيف شيف، أهداف اسرائيل بعد الحرب في مختارات اسرائيلية، العدد (101)، السنة التاسعة، مركز الاهرم، القاهرة، مايو 2003، ص60-61.

([33])  احمد ابراهيم محمود، اسرائيل وضرب العراق: الدور المحتمل والمكاسب الاستراتيجية، مختارات اسرائيلية، العدد (107)، مركز الاهرام، القاهرة، يناير 2004، ص161.

([34])  سعيد عكاشة، المراقب الجديد في السرائيل في مواجهة الواقع الجديد في الشرق الاوسط، السياسة الدولية، العدد (185)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، يوليو 2011، ص70-73.

([35])  المصدر نفسه.

([36])  وليد رضوان، العلاقات العربية ــ التركية، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 2006، ص411.

([37])  فارس ابي صعب، التحولات العربية في عالم متغير ومثلث القوى في الشرق الاوسط، المستقبل العربي، العدد (389)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، تموز 2011، ص102.

([38])  ثامر كامل محمد، العلاقات التركية ــ الاسرائيلية والشرق الاوسط، مصدر سبق ذكره، ص52.

([39])  محمد عبد السلام، اقليم بلا نظام: البحث عن مفاتيح لفهم مستقبل منطقة الشرق الاوسط، السياسة الدولية، مصدر سبق ذكره، ص7.

([40])  شلومو بروم وعنات كورتس، غيوم داكنة في الافق، التقرير الاستراتيجي السنوي لاسرائيل 2010، ترجمة مركز قدس نت للدراسات والاعلام والنشر الالكتروني، مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، بيروت، 2011، ص241.

([41])  علي بن هلهول الرويلي، الامن الوطني السعودي، آفاق استراتيجية برؤيا مستقبلية، مكتبة الملك فهد، الرياض، 2010، ص98-101.

([42])  جريمي ايساتشاروف، العلاقات الاسرائيلية الامريكية، التقرير الاستراتيجي السنوي لاسرائيل 2010، مصدر سبق ذكره، ص162-163.

([43])  دانيال افراتي، هل سلاح الجو الاسرائيلي مهيأ لتدمير المنشئآت النووية الايرانية، التقرير الاستراتيجي السنوي لاسرائيل 2010، مصدر سبق ذكره، ص10-12 .

([44])  جورج فريد مان، مستقبل العراق: البحث عن توازن تجاه ايران، في كتاب الاحتلال الامريكي للعراق صوره ومصائره، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2005، ص168-170.

([45])  محمد عبد الرحمن العبيدي، ايران وجمهوريات منطقة القوقاز: دراسة في العلاقات السياسية والاقتصادية (1991-2008)، مجلة دراسات اقليمية، العدد (14)، مركز الدراسات الاقليمية، جامعة الموصل، 2009، ص161.

([46])  هاني تميم، القدرات النووية الايرانية: المنظور الدولي والاقليمي، السياسة الدولية، العدد (142)، مؤسسة الاهرام، القاهرة ، 2002، ص152.

([47])  شاهرام تشوبين، طموحات ايران النووية، ترجمة بسام شيحا، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2007، ص185.

([48])  فنسان الغريب، دولة الحرس الثوري وإجهاض الثورة الخضراء، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2009، ص112-115.

([49])  راي تاكي، ايران الخفية والشطرنج السري لجمهورية ولاية الفقيه: تناقضات السلطة في الجمهورية الاسلامية، دار الكتاب العربي، دمشق ــ القاهرة، 2007، ص21.

([50])  محمود سريع القلم، تصورات القوة تعدد المصالح السياسية والامنية الاقليمية لايران في النظام الامني في منطقة الخليج العربي: التحديات الداخلية والخارجية، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي، 2008، ص112.  

([51])  عامر هاشم، دراسة في اثر الفاعلين الايراني والتركي في المعادلة العراقية، دراسات سياسية، العدد (14)، بيت الحكمة، بغداد، 2009، ص44.

([52])  انور قرقاش، إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، الاحتمالات والتحديات في العقد المقبل، في ايران والخليج والبحث عن استقرار، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي، 1998، ص194.

([53])  Sajjadpour and Seyed Kazem, Iran, Caucasus, and central Asia, In The New Geopolitics of Central Asia and its Border, I.B Tauris, London, 1994, P.24.

([54])  ظافر ناظم سلمان، تركيا وايران: التنافس الاقليمي، في تركيا والبيئة الاقليمية والدولية، اوراق دولية، العدد (15)، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 1997، ص31.

([55])  عبد الجبار عبد مصطفى النعيمي، توازنات القوى الشرق اوسطية غير العربية، دراسات دولية، العدد(7)، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2002، ص6.

([56])  وائل محمد اسماعيل العبيدي، الاتفاقيات الامنية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي وانعكاساتها السلبية، دراسات دولية، العدد (9)، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2000، ص34. 

([57])  ولي نصر، الانبعاث الشيعي: كيف ستشكل الصراعات الداخلية في الاسلام صورة المستقبل في العالم، تعريب مختار الاسدي، دار الكتب العراقية، بيروت، 2011، ص366-367.

(*) فرضت متطلبات الدراسة على الباحث استخدام المفردات التي تدل على تسميات للطوائف، والمواطنون العراقيون انتماؤهم لوطنهم ولا يشكلون عمقاً واداة بيد اي دولة اجنبية.

([58])  الشبكة الدولية للمعلومات: http://ww.nce-irm-org/ar/terrorism

([59])  Gregory Gause, Symposium on the Emerging sheia Crescent; Implications for the Middle East and U.S. Policy, Council of Foreign Relations, June 5.2006, www.cfe.org.

([60])  Keit Crane and Others, Irans political, Demographic and Economic Vulnerabilities, Santa Monica University, California, 2008, P.71-78.

([61])  تيري كوفيل، ايران الثورة الخفية، تعريب خليل احمد خليل، دار الفارابي، بيروت، 2008، ص402.

([62])  محمد صلاح محمود، الاتفاقيات الامنية المعقودة بين تركيا وايران: دراسة في الاسباب والنتائج، في مستقبل علاقات العراق ودول الجوار، المؤتمر العلمي السادس لمركز الدراسات الاقليمية، جامعة الموصل، 27-28 ايار 2009، ص275-279.

([63])  Keith Crane and Others, Op.Cit, P.38-40.

([64])  John R.Bradlley, Iran’s Ethnie Tinderbox, Washington Quarterly, No.30, Washington Conter for Strategic and International Studies, Washington, 2007, P.188.

([65])  جورج فريدمان، مستقبل العراق: البحث عن توازن تجاه ايران، في الاحتلال الامريكي للعراق صوره ومصائره، مصدر سبق ذكره، ص36. 

([66])  International Crisis Group, Iran in Iraq How Much Influence? Middle East Report, No.38, Brussels, March 21, 2005.

([67])  بهاء عدنان يحيى السعبري، الاستراتيجية الامريكية تجاه ايران بعد احداث 11 ايلول 2001 (دراسة مستقبلية)، اطروحة دكتوراه (غير منشورة)، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2011، ص89.

([68])  ستيفن بيدل وآخرون، نحو بلورة استراتيجية العراق في استعادة التوازن ، في استراتيجية الشرق الاوسط برسم الرئيس الجديد، ترجمة سامي الكعكي، دار الكتاب العربي، بيروت، 2009، ص47.

([69])  طلال عتريس، احتلال العراق وتداعياته عربياً ودولياً: النتائج والتداعيات ايرانيا، الندوة الفكرية لمركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004، ص448.

([70])  أحمد سليم البرصان، إيران والولايات المتحدة ومحور الشر: الدوافع السياسية والاستراتيجية الامريكية، السياسة الدولية، العدد (148)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 2002، ص35.

([71])  Reva Bhall, Iran and United States: The Potential Iraq Deal Spoilers, Stratford Establishment, Washington 2007, P.6.

([72])  عبد الله موسى الطاير، أمن الخليج بين التزام امريكا وخطرها عليه، مجلة اراء حول الخليج، العدد (42)، مركز الخليج للابحاث، دبي، مارس 2008، ص28.

([73])  شاهرام تشوبين، طموحات إيران النووية، مصدر سبق ذكره، ص207.

([74])  محمد عباس ناجي، الانكماش مستقبل الدور الاقليمي لايران بعد الثورات العربية، السياسة الدولية، العدد (185)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 2011، ص56-57.

([75])  أفرايم كام، العمل العسكري ضد ايران: وجهة النظر الايرانية، في قراءات اسرائيلية استراتيجية، التقرير الاستراتيجي الصادر عن معهد ابحاث الامن القومي الاسرائيلي، ترجمة عدنان ابو عامر، مركز الزيتونة للدراسات، بيروت، 2009، ص112-113.

([76])  علي حسين احمد، التيارات السياسية في تركيا واثرها على مستقبل العلاقة مع العراق، مصدر سبق ذكره، ص162.

([77])  مارك ادمز، المياه والسياسات الامنية قضية تركيا المعاصرة، ترجمة محمود احمد عزت، بيت الحكمة، بغداد، 2002، ص9.

([78])  علي حسين احمد، المصدر السابق، ص154-155.

([79])  كمال المنوفي، تطور العلاقات السوفيتية ــ التركية، السياسة الدولية، العدد (24)، مركز الاهرام، القاهرة، سبتمبر 1971، ص113-120.

([80])  آرسين كالايسي اوغلو، السياسة الخارجية التركية ازاء الامن الاقليمي والتعاون في الشرق الاوسط: العلاقات العربية التركية الى اين؟، المستقبل العربي، العدد (242)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1991، ص40.

([81])  جلال عبد الله معوض، العرب ودول الجوار: تركيا والعرب، المؤتمر القومي العربي (حال الامة العربية)، مركز الدراسات الوحدة العربية، بيروت، 1997، ص183.

([82])  وصال نجيب العزاوي ورواء زكي يونس، تركيا واسرائيل (الدور المركب)، دراسات استراتيجية، العدد (36)، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2002، ص11.

([83])  بناء الامن والسلام في الشرق الاوسط، الاجندة الامريكية، معهد واشنطن، ترجمة يوسف ابراهيم الجهماني، دار حوران للطبع والنشر والتوزيع، دمشق، 2001، ص183-193.

([84])  ثامر كامل ونبيل محمد سليم، العلاقات التركية ــ الامريكية والشرق الاوسط في عالم مابعد الحرب الباردة، دراسات استراتيجية، العدد (95)، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2004، ص40.

([85])  Hiam Malka, Turkey and The Middle East; Rebalancing Interest, In Turkey’s Evolving Dynamics, Washington Center for Strategic and International Studies, Washington, 2009, P.63-65.

([86])  U.S State Department, Washington D.C, April 25.2006: www. State, gov/secretary.

([87])  لقمان عمر النعيمي، تركيا في الاستراتيجية الامريكية المعاصرة: دراسة في تطور العلاقات الامريكية ــ التركية بعد الحرب الباردة (1991 – 2007)، مركز الدراسات الاقليمية، جامعة الموصل، 2009، ص147-149.

([88])  محمد سعد ابو عامود، تحولات السياسة الامريكية تجاه ايران وتركيا وروسيا، السياسة الدولية، العدد (147)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، يناير 2002، ص73.

([89])  علي حسين باكير، تركيا الدولة والمجتمع المقومات الجيوسياسية والجيوستراتيجية: النموذج الاقليمي والارتقاء العالمي، في تركيا بين تحديات الداخل ورهانات الخارج، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2010، ص27.

([90])  غراهام فولر، الجمهورية التركية الجديدة: تركيا كدولة محورية في العالم الاسلامي، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي، 2009، ص216-217.

([91])  موسى جيلان، تركيا والاطلسي الجديد، مجلة شؤون الاوسط، العدد (103)، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق، بيروت، صيف 2001، ص202-203.

([92])  غسان العزي، الاطلسية الجديدة والدفاع الاوربي، مجلة شؤون الاوسط، العدد (54)، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق، بيروت آب 1996، ص48-49.

([93])  موسى جيلان، تركيا والاطلسي الجديد، مصدر سبق ذكره، ص200-207.

([94])  دهام محمود علي، تركيا مابعد العثمانية: الجيش ومراكز القوى، مجلة شؤون الاوسط، العدد (99)، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق، بيروت، ايلول 2000، ص18-19.

([95])  التسلح في العالم الثالث، مجموعة باحثين، مركز دراسات العالم الثالث، جامعة الموصل، 1989، ص10. 

([96])  خافيير سولانا، مستقبل حلف شمال الاطلسي واهدافه، ترجمة: مركز البحوث والمعلومات، بغداد، 1996، ص40.

([97])  نرمين النواوي، الاتحاد الاوربي والشرق الاوسط، السياسة الدولية، العدد (142)، مركز الاهرام، القاهرة، اكتوبر 2000، ص105.

([98])  عبد النور بن عنتر، مغازي واهداف توسيع الاتحاد الاوربي، ص6، الشبكة الدولية للمعلومات:

http://www.aljazeera.net.//E:/a/a.htm.

([99])  سعد حقي توفيق، علاقات العرب الدولية في مطلع القرن الحادي والعشرين، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، 2003،  ص150.

([100])  المصدر نفسه، ص145-158.

([101])  أماني محمود فهمي، الدور الاوربي في منطقة الشرق الاوسط، السياسة الدولية، العدد (115)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، يناير 1994، ص116.

([102])  حسن سيد سليمان، النظام الاقليمي والتحديات الجديدة، ندوة النظام السياسي العربي في مواجهة التحديات الجديدة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، نيسان 2000، ص7.

([103])  عبد النور بن عنتر، منغازي واهداف توسيع الاتحاد الاوربي، مصدر سبق ذكره، ص7-9.

([104])  أحمد داوود اوغلو، العمق الاستراتيجي موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية، ترجمة محمد جابر ثلجي وطارق عبد الجليل، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2010، ص489.

([105])  محمد السعيد ادريس، تركيا والامن في الخليج، مجلة اوراق الشرق الاوسط، العدد (43)، المركز القومي لدراسات الشرق الاوسط، القاهرة، 2009، ص32.

([106])  ف ستيفن لارابي، تركيا والخليج العربي، مركز الخليج للابحاث، دبي، 2009، ص103.

([107])  عامر هاشم، دراسة اثر الفاعلين الايراني والتركي في المعادلة العراقية، مصدر سبق ذكره، ص43.

([108])  غراهام فولر، الجمهورية التركية الجديدة: تركيا كدولة محورية في العالم الاسلامي، مصدر سبق ذكره، ص128.

([109])  حسين معلوم، الصراع التركي الايراني وتداعياته على المنطقة العربية، السياسة الدولية، العدد (114)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 1993، ص217-220.

([110])  ظافر ناظم سلمان،، تركيا وايران: التنافس الاقليمي، في تركيا والبيئة الاقليمية والدولية، مصدر سبق ذكره، ص31.

([111])  Sean Kane, The Coming Turkish – Iranian Competition in Iraq, United State Institute of Peace, Washington D.C, June 2011, P.6.

([112])  وصال نجيب العزاوي ورواء زكي يونس، العلاقات الاقليمية لتركيا، دراسات استراتيجية، العدد (34)، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2002، ص31.

([113])  Michael M. Gunter, Turkey and Iran Face off in Kurdstan, The Middle East Quarterly, March 1998: www. Meforum,org.

([114])  إسلام جوهر وشادي عبد الوهاب، سياسة تركيا تجاه المشرق العربي، العراق وسوريا ولبنان، مجلة اوراق شرق اوسطية، العدد (43)، المركز القومي لدراسات الشرق الاوسط، القاهرة، 2009، ص158.

([115])  عبد القادر محمد فهمي، الدور التركي وسيناريوهات المستقبل في العراق، مجلة حضارة، العدد (8)، مركز الامة للدراسات والتطوير، بغداد، 2010، ص171.

([116])  ف ستيفن لارابي، تركيا والخليج العربي، مصدر سبق ذكره، ص107.

([117])  علي حسين احمد، التيارات السياسية في تركيا واثرها على مستقبل العلاقة مع العراق، مصدر سبق ذكره، ص145.

([118])  المصدر السابق، ص146-147.

([119])  علي حسين باكير، العلاقات التركية ــ الايرانية في ظل الثورات العربية: الرؤية الحالية والمستقبلية، مركز الجزيرة للدراسات: www.aljazeera.net.

([120])  Michael Eisenstadt and Others, Iran’s Influence in Iraq, the Washington Institute for Near East Policy, Washington D.C, Aprill 2011, P.9.

([121])  Alex Jackson, Azerbaijan and Recent Shift in Turkish-Iranian relations, Axerbaijan Diplomatic Accademy, Vol.iv, No.22, P.1.

([122])  غيرد نونمان، محددات السياسة الخارجية وانماطها: توازن كلي واستقلالية نسبية في ظروف متباينة، في المملكة العربية السعودية في الميزان: الاقصتاد السياسي والمجتمع والشؤون الخارجية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2012، ص407.

([123])  محمد سالم احمد الكواز، التوجهات السياسية للملكة العربية السعودية تجاه ايران، في مستقبل علاقات العراق ودول الجوار، المؤتمر العلمي السنوي السادس، مركز الدراسات الاقليمية، جامعة الموصل، 27-28 ايار 2009، ص706-707.

([124])  عوني عبد الرحمن السبعاوي، تركيا والسعودية: دراسة في اوجه العلاقات الثنائية، مجلة كلية الانسانيات والعلوم الاجتماعية، العدد (23)، الدوحة، 2000، ص75.

([125])  عوني عبد الرحمن وعبد الجبار عبد مصطفى، العلاقات الخليجية ــ التركية: معطيات الواقع وآفاق المستقبل، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي، 2000، ص43.

([126])  عبد الزهرة شلش العتابي، توجهات تركيا نحو اقطار الخليج العربي: دراسة في الجغرافيا السياسية، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 2000، ص204-205.

([127])  عوني عبد الرحمن السبعاوي، تركيا والسعودية: دراسة في اوجه العلاقات الثنائية، مصدر سبق ذكره، ص77.

([128])  عوني عبد الرحمن وعبد الجبار عبد مصطفى، العلاقات الخليجية ــ التركية: معطيات القواعد وآفاق المستقبل، مصدر سبق ذكره، ص43.

([129])  مراد ابراهيم الدسوقي، بين السلاح النووي الاسرائيلي ومعاهدة عدم الانتشار النووي، السياسة الدولية، العدد (120)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 1998، ص91.

([130])  عبد العظيم محمود حنفي، اتجاهات جديدة في السياسة الخارجية التركية، السياسة الدولية، العدد (56)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 200، ص136.

([131])  راشيل برونسون، كيف نفهم العلاقات الامريكية ــ السعودية، في المملكة العربية السعودية في الميزان: الاقتصاد السياسي والمجتمع والشؤون الخارجية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2012، ص458.

([132])  فؤاد شهاب، تطور الاستراتيجية الامريكية في الخليج العربي، مكتبة فخراوي، المنامة، 1991، ص36.

([133])  غيرد نونمان، محددات السياسة الخارجية وانماطها: توازن كلي واستقلالية نسبية في ظروف متباينة، مصدر سبق ذكره، ص393.

([134])  Tim Niblock, Can the Gulf States Remove the Super Power?, In Abdul Majid Farid and Others, Oil and Security in the Aribian Gulf, Arabic Research Center, London, 1982, P.240.

([135])  علي محمد حسين العامري، سياسة السعودية الخارجية حيال الولايات المتحدة (1964-1988)، رسالة ماجستير (غير منشورة)، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 1989، ص111.

([136])  أميل نخلة، امريكا والسعودية: الابعاد الاقتصادية والسياسة والاستراتيجية، دار الكلمة للنشر، بيروت، 1992.

([137])  عوني عبد الرحمن السبعاوي، تركيا والسعودية: دراسة في اوجه العلاقات الثنائية، مصدر سبق ذكره، ص75-76.

([138])  النشرة الاستراتيجية، العدد (12)، مركز الشرق الاوسط للبحوث والمعلومات، لندن، 1987، ص3.

([139])  نصير نوري محمد، السياسات الامنية الاقليمية لدول الخليج العربي في الثمانينيات، رسالة ماجستير (غير منشورة)، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 1989، ص192.

([140])  محمود علي الداود، العلاقات السعودية ــ الايرانية وأثرها على الامن الوطني العراقي، مجلة الامن، العدد (21)، مديرية الامن العامة، بغداد، 2002، ص18.

([141])  المصدر السابق، ص21.

([142])  رمضان عويس، ايران والخليج: نقلة نوعية رغم المحاذير، الشبكة الدولية للمعلومات:

www.islamonline.net,2001,P.8.

([143])  عطا السيد فتوح، الموقف الخليجي من البرنامج النووي الايراني، مجلة شؤون خليجية، العدد(43)، مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، المنامة، 2005، ص99-100.

([144])  انور الخطيب، الشبكة الدولية للمعلومات:

www.alaraby.co,uk/politics.2015/5/3.

([145])  مثلث النفوذ الشرق اوسطي: السعودية، تركيا، ايران، الشبكة الدولية للمعلومات:

File:///documents and setting/ user/ desktop.

([146])  علي الدين هلال، امريكا والوحدة العربية (1945 ــ 1982): مواقف الدول الكبرى من الوحدة العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1989، ص220.

([147])  غسان سلامة، السياسة الخارجية السعودية منذ عام 1945، مصدر سبق ذكره، ص594.

([148])  محمد السعيد ادريس، النظام الاقليمي للخليج العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000، ص214.

([149])  اسماعيل صبري مقلد، امن الخليج وتحديات الصراع الدولي، دار الربيعان، الكويت، 1984، ص213.

([150])  عبد الله عبد الكريم ومدحت ايوب، مجلس التعاون الخليجي بعد (25) عاماً من انشائه، مجلة شؤون خليجية، العدد (46)، مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، المنامة، 2006، ص44.

([151])  انتوني كوردسمان، الخليج والبحث عن الاستقرار، ترجمة مركز البحوث والمعلومات، بغداد، 1983، ص1.

([152])  نايف علي عبيد، السياسة الخارجية لدولة الامارات العربية المتحدة بين النظرية والتطبيق، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2004، ص171-173.

([153])  محمد حسنين هيكل، حرب الخليج: اوهام القوة والنصر، مركز الاهرام للنشر والترجمة، القاهرة، 1992، ص251.

([154])  مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الامانة العامة، الرياض، 2004، ص78.

([155])  محمد عبد الغفار عبد الله، جدلية التغيير والاستمرارية في المنظومة الاقليمية الخليجية، في الخليج: تحديات المستقبل، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي، 2005، ص93.

([156])  حسنين توفيق ابراهيم، الخليج ومعضلة البحث عن الامن، مجلة اراء حول الخليج العربي، العدد(41)، مركز الخليج للابحاث، دبي، 2008، ص27-28.

([157])  فوضى السياسة الامريكية في العراق، التقرير الاستراتيجي العربي، مركز الاهرام، القاهرة، 2005، ص18.

([158])  محمد السيد سعيد، الشرق الاوسط وعودة سياسات المحاور والاحلاف، السياسة الدولية، العدد (168)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 2007، ص74.

([159])  محمد ابو رمان، الفاعلون الجدد واعادة ترتيب قواعد اللعبة الاقليمية، السياسة الدولية، العدد (168)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 2007، ص86.

([160])  أشرف محمد كشك، امن الخليج بعد حرب العراق، السياسة الدولية، العدد (155)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 2004، ص4. 

([161])  محمد سعد ابو عامود، الشيعة في الخليج وتفاعلات الصراع الامريكي ــ الايراني، السياسة الدولية، العدد(168)، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 2007، ص96.

([162])  أنتوني كوردسمان، تطور قدرات العراق وتحدي الحرب الاهلية: هل بمقدور القوى العراقية إنجاز المهمة؟، المستقبل العربي، العدد (334)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، كانون الاول 2006، ص128.

([163])  صحيفة الشرق الاوسط الصادرة في 19 ايلول 2006.

([164])  صحيفة الزمان الصادرة في 26 نيسان 2007.

([165])  فكرت نامق عبد الفتاح وكرار انور ناصر، التفاعلات الاقليمية والدولية والازمة السورية، قضايا سياسية، العدد (34)، كلية العلوم السايسية، جامعة النهرين، 2013، ص17-18.

([166])  مثلث النفوذ الشرق اوسطي: السعودية ــ تركيا ــ ايران، الشبكة الدولية للمعلومات، مصدر سبق ذكره.

([167])  عبد الخالق ناصر شومان، الطائفية السياسية في العراق (العهد الجمهوري 1958-1991)، دار الحكمة، لندن، 2013، ص194.

([168])  Raymond Hinnebusch, The American Invasion of Iraq, Causes and Consequences, Institute of Middle East Central Asia and Caucasus Studies, University of St. Andrews, Scotland, 2007, P.12-21.

([169])  ديناميكيات النزاع في العراق، تقييم استراتيجي، معهد الدراسات الاستراتيجية، القاهرة، 2007، ص73.

([170])  المصدر نفسه، ص74.

([171])  عبد الخالق ناصر شومان، الطائفية السياسية في العراق، مصدر سبق ذكره، ص193-194.

([172])  علي بن هلهول الرويلي، الامن الوطني السعودي، آفاق استراتيجية برؤيا مستقبلية، مصدر سبق ذكره، ص98-101.

([173])  محمد عبد السلام، اقليم بلا نظام: البحث عن مفاتيح لفهم مستقبل منطقة الشرق الاوسط، مصدر سبق ذكره، ص7.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button