تطبيقات على استخدام الامم المتحدة للوسائل السلمية لحل النزاعات

المفاوضات

في جواتيمالا ادت المفاوضات التي اجريت بمساعدة الامم المتحدة الى انهاء حرب اهلية دامت 30 عاما، وفي عام 2001 بذلت الامم المتحدة في افغانستان جهودا  كبيرة من اجل تشجيع الحوار بين الاطراف الافغانية بغية تشكيل حكومة موسعة شاملة لكل الاطراف.

النزاع المغربي الصحراوي

طالب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس من المغرب والبوليساريو الاستفادة من أجواء الربيع العربي للبدء في مفاوضات جدية تساهم في الاقتراب من الحل النهائي لهذا النزاع الذي عمر عقودا طويلة، واعتبر غياب أزمة حادة في الصحراء الغربية من ضمن عوامل نسيان المنتظم الدولي لهذا الملف.
وجاءت هذ التصريحات في بيان وزعته الأمم المتحدة ومع اقتراب جولة جديدة من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو في مانهاست في الولايات المتحدة تحت إشراف هذه المنظمة العالمية ستكون الجولة الثامنة بعد فشل الجولات السبع الماضية. ويقول كريستوفر روس ‘التطورات التي تعيشها المنطقة مثل الربيع العربي يمكنها أن تدفع الطرفين الى بدء مسلسل من المفاوضات، إذ لم يعد مقبولا الوضع الحالي الجامد نهائيا’. ويؤكد كريستوفر روس أن الانتخابات التي تجري في المنطقة واحتجاجات الشباب من أجل حياة أفضل يمكن أن تلقي بظلالها على المفاوضات نحو تحريكها وتحقيق تقدم.
ولم يتردد كريستوفر روس في تحميل المغرب وجبهة البوليساريو مسؤولية حالة الشلل التي تمر منها المفاوضات بين الطرفين بسبب الموقف المتعنت لكل منهما، فالمغرب يصر على مقترح الحكم الذاتي للصحراويين تحت السيادة المغربية كحل وحيد وأوحد للنزاع في حين يصر البوليساريو على استفتاء تقرير المصير كحل أنسب للنزاع.

ويرى المبعوث الخاص بأن الربيع العربي قد يدفع المغرب والبوليساريو الى الأخذ بعين الاعتبار هذه التطورات وإبداء التزام أكثر نحو القوى الاقليمية والدولية لوضع حد لهذا النزاع، مبرزا من جهة استمرار الأمم المتحدة في مساعيها لحل هذا النزاع الذي استغرق عقودا من الزمن. (القدس العربي، 24-1-2012)

المساعي الحميدة:

مشكلة اندونيسيا وهولندا:

شكل مجلس الأمن في تشرين الثاني من عام 1947م ، لجنة للمساعي الحميدة (تضم ممثلي دول استراليا وبلجيكا والولايات المتحدة) ولجنة قنصلية تضم قناصل الدول الأعضاء في مجلس الأمن لدى باتافيا للمساعدة على قيام مفاوضات تضع حداً للعمليات الحربية بين الجمهورية الأندونيسية الناشئة وبين هولندا.

بروتوكول انشاء لجنة للتوفيق والمساعي الحميدة :

بروتوكول إنشاء لجنة للتوفيق والمساعي الحميدة يناط بها البحث عن تسوية لأية خلافات قد تنشأ بين الدول الأطراف في الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم.

إن المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، المنعقد في باريس من 9 تشرين الثاني/نوفمبر إلي 12 كانون الأول/ديسمبر 1962، في دورته الثانية عشرة، وقد اعتمد في دورته الحادية عشرة الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم، ورغبة منه في تسهيل تطبيق هذه الاتفاقية، ونظرا لأن من المهم، لهذه الغاية، إنشاء لجنة للتوفيق والمساعي الحميدة يناط بها البحث عن تسوية ودية للخلافات التي قد تنشأ بين الدول الأطراف حول تطبيق الاتفاقية أو تفسيرها،
يعتمد هذا البروتوكول في العاشر من كانون الأول/ديسمبر 1962،

المادة 1

تنشأ لدي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة لجنة للتوفيق والمساعي الحميدة، يشار إليها فيما يلي باسم “اللجنة”، ويناط بها البحث عن حلول ودية للخلافات التي قد تنشأ بين الدول الأطراف في الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم، المشار إليها فيما يلي باسم “الاتفاقية”، حول تطبيق الاتفاقية أو تفسيرها.

دارفور:

قرر مجلس الأمن، بمقتضى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبموجب قراره 1769 المؤرخ 31 تموز/يوليه 2007، أن يأذن لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور بأن تتخذ جميع الإجراءات اللازمة في مناطق انتشار قواتها، حسبما تراه في حدود قدراتها

وقرر مجلس الامن مساندة المساعي الحميدة للممثل الخاص المشترك للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور وجهود الوساطة التي يبذلها المبعوثان الخاصان للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة؛

أعلن وسيطا الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي لمفاوضات السلام في اقليم دارفور في غرب السودان أنها لم يتمكنا من تحديد موعد معين للمفاوضات، بعد فشل مهمتهما في اقناع قادة فصائل متمردة رئيسية بالمشاركة فيها، ورهنا استقرار الأوضاع الأمنية في ولايات دارفور بتحسن العلاقات بين السودان وتشاد.

ونقلت صحيفة “الخليج” الاماراتية عن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة يان الياسون قوله:” إن وساطته المشتركة مع المبعوث الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الافريقي الدكتور سالم أحمد سالم لم تتمكن للأسف من انجاز خريطة الطريق التي وضعتها بشأن مفاوضات السلام في اقليم دارفور، ولا تستطيع تحديد مواعيد محددة لانطلاقتها”.

الوساطة:

الوساطة وغيرها من الوسائل السلمية هي من صميم عمل الأمم المتحدة . وبإمكان الأمم المتحدة ، وفي الماضي، فتحت الأمم المتحدة الباب أمام الكثير من مساعي الوساطة أو اضطلعت بتلك المساعي أو شاركت فيه إما من خلال المساعي الحميدة التي يبذلها الأمين العام أو الممثلون والمبعوث الخاص.

وفي بعض الأحيان، تضطلع بجهود الوساطة منظمات إقليمية أودون إقليمية، أو جهات فاعلة وطنية، أو اﻟﻤﺠتمع المدني .حتى في تلك الحالات أن الحاجة للدعم الذي تقدمه الأمم المتحدة ظلت قائمة .

فالأمم المتحدة لديها ميزة نسبية . ذلك أﻧﻬا تضفي شرعية دولية على عمليات الوساطة المحددة . وبفضل الجهود التي بذلها الأمين العام لتعزيز قدرات الأمم المتحدة في مجال الوساطة، ازدادت الآن فعالية الدعم الذي تقدمه منظومة الأمم المتحدة للدول الأعضاء وغيرها من الجهات الفاعلة عن طريق موظفيها المقتدرين المزودين بخبرات وافية. (العطية، 2011)

مجلس الأمن يقر مشروع بيان يدعم وساطة عنان

تطالب مسودة «البيان الرئاسي» الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة السورية بـ «العمل بحسن نية» مع أنان وبـ «التطبيق التام والفوري» لخطة تسوية من ست نقاط طرحها عنان أثناء محادثاته في دمشق.
ويتناول النص النقاط الست بالتفصيل ومنها إنهاء أعمال العنف والالتزام التدريجي بوقف لإطلاق النار وتقديم مساعدة إنسانية وإطلاق حوار سياسي.

وساطة الامم المتحدة في ميانمار

التقى المبعوث الدولي إبراهيم غمبري مع زعيمة المعارضة  أونغ سان سو تشي الموضوعة رهن الإقامة الجبرية منذ العام 2003.

وقد خففت سلطات ميانمار من إجراءات الأمن حول منزل سان سو تشي التي نقلت في سيارة مصفحة إلى مقر حكومي بالعاصمة للقاء المبعوث الدولي.

وأعلنت الأمم المتحدة في بيان أن غمبري حقق تقدما على صعيد حث المجلس العسكري الحاكم والمعارضة للدخول في حوار حقيقي, وقال إن الطريق لتحقيق ذلك باتت مفتوحة.
وذكر البيان أن المبعوث الأممي سيعود إلى ميانمار مرة أخرى لاستكمال الوساطة في الأسابيع القليلة المقبلة.

وساطة الكونت برنادوت:

عين مجلس الأمن الكونت برنادوت وسيطاً في فلسطين بين الدول العربية وسلطات الاحتلال الاسرائيلي بتاريخ 20 أيار 1948 وقد اغتالته عصابة صهيونية في 7 أيلول 1948 فعين المجلس مكانه الدكتور رالف بانش الذي أدت أنشطة الوساطة التي قام بها إلى إنهاء الحرب الفعلية بين سلطات الاحتلال الاسرائيلي والدول العربية عام 1948.

التحقيق

“الأمم المتحدة” لجأت إلى أسلوب لجان التحقيق لتسوية المنازعات في العديد من الخلافات وأشهرها ما تعلق بالقضية الفلسطينية. ففي 15 أيار عام 1947 عينت الجمعية العامة “لجنة خاصة مزودة باختصاصات واسعة لدراسة قضية فلسطين.

وقد تضمن التقرير الذي قدمته اللجنة في 21 آب التالي تقسيم فلسطين إلى منطقتين عربية واسرائيلية. ورغم أن الجمعية العامة أقرت مضمون هذا التقرير بتاريخ 29 تشرين الثاني عام 1947، فإن قرارها في هذا الشأن ما زال معلقاً لامتناع اسرائيل عن تنفيذه”.

كما أن مجلس الأمن قرر في خريف عام 1968 “تكليف الأمين العام بإرسال بعثة تحقيق للنظر في معاملة إسرائيل للمدنيين من العرب في الأراضي المحتلة بعد حرب حزيران عام 1967.
في عام 1975 شكلت الجمعية العامة للامم المتحدة لجنة تحقيق في انتهاكات اسرائيل لحقوق الانسان في فلسطين المحتلة اطلق عليها اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف.

واصدر مجلس الامن القرار رقم 687 في الثاني من نيسان من عام 1991 شكل بموجبه لجان تحقيقية فنية للتحقيق حول ما ورد للمجلس من شكوك بامتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل وزقد استمر عمل اللجان اكثر من عشر سنوات، وكان الغرض من هذا القرار كما نص عليه هو انشاء منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل.

وفي عام 1999 شكل مجلس الامن لجان تحقيق للتحقيق في تيمور الشرقية حول التجاوزات التي حصلت اثناء الحرب الاهلية التي وقعت في الجزيرة.

وليس أدل على الأمل الذي تعلقه “الأمم المتحدة” على أسلوب لجان التحقيق من القرار الذي تبنته” الجمعية العامة بالاجماع برقم 2329 (22) وتاريخ 18 كانون الأول عام 1967، والذي يحث الدول الأعضاء على الاستفادة من الأساليب القائمة لتقصي الحقائق بفعالية أكثر طبقاً للمادة 33 من الميثاق كما طلبت الجمعية العامة من “الأمين العام” إعداد لائحة بالخبراء الذين تمكن الاستفادة من خدماتهم لأغراض تقصي الحقائق.

التوفيق

نص الجزء الخامس عشر من اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار الخاص بتسوية المنازعات المتعلقة بتفسير وتطبيق المعاهدة على استخدام الوسائل السلمية ومن بينها التوفيق الاختياري المعلق على موافقة جميع اطراف النزاع، بحيث يعتبر التوفيق منتهيا اذا لم تقبل الدعوة لاستخدامه او لم يتفق الاطراف على ذلك.

ومن الأمثلة لجنة التوفيق التي شكلتها الأمم المتحدة عام 1948 لحل مشكلة فلسطين، والتي ما تزال قائمة نظرياً.

قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 194 للعام 1948

ينص قرار رقم 194 الصادر بتاريخ 11/12/1948 على إنشاء لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة وتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم وتقرير حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم في سبيل تعديل الأوضاع بحيث تؤدي إلى تحقيق السلام في فلسطين في المستقبل. وفيما يلي نص القرار:

“إنشاء لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة وتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم وتقرير حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم في سبيل تعديل الأوضاع بحيث تؤدي إلى تحقيق السلام في فلسطين في المستقبل.

إن الجمعية العامة وقد بحثت في الحالة في فلسطين من جديد:
1- تعرب عن عميق تقديرها الذي تم بفضل المساعي الحميدة المبذولة من وسيط الأمم المتحدة الراحل في سبيل تعزيز تسوية سلمية للحالة المستقبلية في فلسطين، تلك التسوية التي ضحى من أجلها بحياته. وتشكر للوسيط بالوكالة ولموظفيه جهودهم المتواصلة وتفانيهم للواجب في فلسطين.

2- تنشئ لجنة توفيق مكونة من ثلاث دول أعضاء في الأمم المتحدة تكون لها المهمات التالية:
أ- القيام -بقدر ما ترى أن الظروف القائمة تستلزم- بالمهمات التي أوكلت إلى وسيط الأمم المتحدة لفلسطين بموجب قرار الجمعية العامة رقم 186 (د أ-2) الصادر في 14 مايو/ أيار سنة 1948.
ب- تنفيذ المهمات والتوجيهات المحددة التي يصدرها إليها القرار الحالي، وتلك المهمات والتوجيهات الإضافية التي قد تصدرها إليها الجمعية العامة أو مجلس الأمن.
ج- القيام -بناء على طلب مجلس الأمن- بأية مهمة تكلها حالياً قرارات مجلس الأمن إلى وسيط الأمم المتحدة لفلسطين، أو إلى لجنة الأمم المتحدة للهدنة. وينتهي دور الوسيط بناء على طلب مجلس الأمن من لجنة التوفيق القيام بجميع المهمات المتبقية التي لا تزال قرارات مجلس الأمن تكلها إلى وسيط الأمم المتحدة لفلسطين.

3- تقرر أن تعرض لجنة من الجمعية العامة -مكونة من الصين وفرنسا واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية- اقتراحاً بأسماء الدول الثلاث التي ستتكون منها لجنة التوفيق على الجمعية العامة لموافقتها قبل نهاية القسم الأول من دورتها الحالية.

لم ينجح مجلس الامن في حل المشكلات التالية:

  • ازمة قبرص رغم مضي اكثر 40 عاما على بدء القتال في عام 1963 ما بين الاغلبية اليوناينة والاقلية التركية..
  • مشكلة كشمير رغم مضي ما يناهز 60 عاما على بدء هذه المشكلة في عام 1947.

دراسة حالة

إطار التسوية السلمية  للصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال الامم المتحدة

     لم يكن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منعزلاً أو منفصلاً عن الصراع الأشمل والأعم وهو الصراع العربي الإسرائيلي، الذي كان صراعاً بين قوميتين ومشروعين متناقضين لا يجتمعان. وبالرغم من أن النجاح قد حالف المشروع القومي اليهودي في المنطقة، فهو المشروع الوحيد الذي نجح وتحقق على ارض الواقع وبلغ أهدافه، أما المشروع القومي العربي فلم يجد غير الإخفاق والفشل.

     وعليه فلم يكن هناك حركة قومية فلسطينية مستقلة عن الحركة الأعم والأشمل وهى القومية العربية، ومن هنا فقد كانت الحكومات والأنظمة العربية هي من تتولى الدفاع عن فلسطين وان الفلسطينيين كانوا منخرطين ضمن هذا الإطار العام والشامل للحركة القومية العربية.

    إذن، وفي هذه الفترة كان يطلق على الصراع  بالصراع العربي الإسرائيلي ولم يختزل بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلا بعد النصف الأخير من القرن العشرين. ومن هنا كانت جهود التسوية مع إسرائيل تقوم بها الحكومات العربية.

   ومن هنا فقد لجأ العرب على إتباع معظم الوسائل والإجراءات التي نصت  عليه المادة 33 ميثاق الأمم المتحدة لمحاولة الوصول إلى حل سلمي للصراع حيث تنص المادة على أنه “يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجئوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها”. ومن هنا  لقد لجأ العرب إلى الدبلوماسية وأدواتها  ولجئوا أيضا إلى الحرب مثل اللجوء إلى الحرب عام 1948، ولما فشلت جهود التسوية لمنع قرار التقسيم آنذاك لجئوا إلى الحرب. ولما فشلت الحرب في تحقيق ما عجزت الدبلوماسية تحقيقه لجئوا إلى الدبلوماسية من جديد واستخدموا أسلوب التفاوض من اجل الضغط لمنع تقسيم فلسطين. لما فشلوا أيضاً لجئوا إلى الحرب بهدف عزل إسرائيل  وبعد  فشلهم في الحرب لجئوا من جديد إلى الضغوط السياسية والدبلوماسية.

    لقد شرعن قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في 29 نوفمبر1947 الدولة الإسرائيلية وأعطاها سند قانوني. وعلى أثر ذلك لجأ العرب إلى الأساليب السلمية لمحاولة عدم إصدار القرار، الذي كان لا يعبر عن  حقيقة الأهداف العربية، ويشكل تعارضاً معها. ولما لم تستطع الوصل لحل سعت إلى أسلوب الحرب لمنع هذا القرار فكانت الحرب الأولى بين العرب والإسرائيليين .

وعليه فإن قرار التقسيم (181)  الذي أصدرته الأمم المتحدة أثار موجة من عدم القبول في فلسطين والدول العربية. بينما عقد اليهود العزم على بناء دولتهم بموجب هذا القرار. ومن هنا شكلت لجنة فلسطين التي  عينتها الأمم المتحدة من خلال هيئة الجمعة العامة لتنفيذ قرار التقسيم، فهذه اللجنة أشارت في تقريرها إلى خطورة الموقف في فلسطين حيث هناك صراعا بين العرب واليهود . وعلى أثر ذلك قدمت أمريكا اقتراحاً  للأمم المتحدة على أساس وضع فلسطين تحت وصاية مؤقتة وتكون تحت إشراف مجلس الوصاية التابع الأمم المتحدة ، ريثما تنشأ حكومة يقرها الطرفان العرب، واليهود. وعليه فقد عارض اليهود ذلك، لأنه لا يمكن العدول عن مشروع التقسيم بالنسبة لليهود، ومن ثم تم التخلي عن فكرة الوصاية، وأقرت الأمم المتحدة في اجتماعها يوم 14 مايو 1948 بقرار تعين وسيط مهمته  تسوية الموقف في فلسطين تسوية سلمية ( القرار ا86 الدورة الاستثنائية في 14 مايو 1948).

الوساطـة:

   أن أول قرار اتخذ من الأمم المتحدة ، القرار 181  الذي منح إسرائيل الشرعية الدولية. وقد مارست الدول العربية جهودا دبلوماسية لمنع صدوره. وعندما توتر الوضع قررت الأمم المتحدة، من أجل التوفيق بين مطالب الطرفين، إيفاد وسيط من قِبلها بغية تسوية الموقف تسوية سلمية. إن مبادرة الوسيط الدولي الكونت فولك برنادوت، تعد أول الصيغ السلمية التي هدفت لحل الصراع بالطرق السلمية.

   ومع وصول الوسيط، المندوب البريطاني، أُعلن قيام دولة إسرائيل في 14 مايو 1948، والذي اعترفت بها أمريكا والاتحاد السوفيتي، عند ذلك قرر العرب اللجوء إلى استخدام القوة المسلحة لإبطال قرار التقسيم، والذي فشلت الدبلوماسية العربية في إبطال مفعوله. وعليه فقد استمرت الجهود الدولية، من خلال الأمم المتحدة. وقد تدخل مجلس الأمن لإيقاف القتال، وتسهيل مهمة الوساطة. وبالتالي أقرت الهدنة بين الطرفين.

  وقد تركزت وساطة برنادوت على إيقاف القتال كمطلب أساس قبل أية وساطة سلمية لحل الصراع،  ولكن وساطته لم تحقق الغرض المطلوب لعدم التزام الجانب الإسرائيلي بها. و أن فشل التسوية السلمية يرجع أيضا إلى أن الطرفين لم يكونا لهما مزاج للتسوية.

   واقتصرت جهود الأمم المتحدة على التوفيق بين مطالب الطرفين عن طريق الوساطة التي قام بها برنادوت، وحل الصراع بالطرق السلمية ثم أكملها رالف بانش بعد اغتيال برنادوت.

هدف الوساطة:

كانت وساطة الأمم المتحدة عن طريق المندوب أو الوسيط البريطاني تهدف إلى تحقيق التالي:

  1. التوفيق بين مطالب الطرفين عن طريق الوساطة.
  2. التوصل إلى تحقيق حل وسط، وبعد فشل هذا الهدف سعى الوسيط إلى؛
  3. الوصول إلى اتفاق بين الطرفين على أساس أنه لابد من التعهد بإتباع الحل السياسي والدبلوماسي، بدلا من العسكري كأساس للتسوية، والاستمرار بالحرب.
  4. إقناع العرب بقبول دولة إسرائيل، وإقناع إسرائيل بضرورة أعضاء العرب النقب والقدس، وقيام دولة فلسطينية.
  5. تشكيل لجنة دولية لحل مشكلة اللاجئين بحيث يختار اللاجئون بين العودة إلى ديارهم أو تعويضهم.
  6. الانتقال من وقف القتال إلى تحقيق هدنة دائمة أو سلام بين العرب واليهود.
  7. رسم الحدود بين العرب واليهود.

نتيجــة الوســاطــة

  نتيجة لرفض العرب واليهود مقترحات وسيط الأمم المتحدة، فقد فشلت وساطة برنادوت. فبالنسبة لليهود، فقد رفضوها لأنها تعطي النقب والقدس للعرب، هذا فضلاً عن أنهم عارضوا  قيام أية دولة فلسطينية مستقلة في الأراضي غير اليهودية في فلسطين، وأن يتم إلحاق ذلك(المناطق) بمملكة شرق الأردن، كما وطالب اليهود بأن أي حل سلمي مع العرب لابد أن يكون عن طريق المفاوضات المباشرة بين العرب واليهود . في المقابل  طالب الفلسطينيون والعرب إقامة دولة فلسطينية(ثنائية القومية) موحدة تُحكم بواسطة الأغلبية. وعليه فكانت نتيجة وساطة الأمم المتحدة عبر المندوب البريطاني هي الفشل نتيجة عدم الوصول لحل سلمي يرضي الطرفين.

وبعد اغتيال برنادوت في 17/9/1948، خلفه المستر بانش.

تدخل المستر بانش كوسيط من الأمم المتحدة وبناءً عليه فقد اقترح بانش على مجلس الأمن أن يدعو الطرفين، العرب واليهود، إلى عقد اتفاقية هدنة وإنشاء مناطق واسعة منزوعة السلاح وتخفيض القوات المسلحة. وقد تبنى المجلس هذه المقترحات بقرار محدد في 16/11/1948 وفي 11/12/1948 (قرار 194) وافقت الجمعية العامة على المشروع، وقررت في تأليف لجنة توفيق من ثلاثة أعضاء يختارهم الأعضاء الخمسة الدائمون تقوم بالأعمال التي قد أنيطت بالوسيط أو بأي أعمال أخرى تطلبها منها الأمم المتحدة. ونتيجة لوساطة بانش فقد توصل لهدنة مؤقتة بين العرب والإسرائيليين.

التوفيق:

بمقتضى قرار الأمم المتحدة 194 الصادر في 11/12/1948، أسندت على لجنة التوفيق الخاصة بفلسطين مهمة تيسير عودة اللاجئين إلى وطنهم وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وقد أسند للجنة المهام التي كانت مسندة إلى وسطاء الأمم المتحدة. وكانت لجنة التوفيق تضم أعضاء من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وتركيا وكان هدفها:

  1. القيام بالمهمات التي أوكلت إلى وسيط الأمم المتحدة السابق الكونت برنادوت.
  2. وقف إطلاق النار والوصول لهدنة مؤقتة.
  3. تحقيق السلام الدائم بين العرب وإسرائيل.
  4. حل مشكلة اللاجئين وإعادتهم إلى ديارهم.
  5. تطبيق قراري الأمم المتحدة 181 و 194.
  6. استعمال مساعيه الحميدة لدى السلطات المحلية والطائفية في فلسطين في سبيل تامين القيام بالخدمات العامة الضرورية لسلامة سكان فلسطين ورفاهيتهم.

نتيجة لجنة التوفيق

    توصلت لجنة التوفيق المعينة من قبل الأمم المتحدة في 12/5/1949 إلي توقيع بروتوكول(لوزان) يكون أساساً للعمل بين العرب والإسرائيليين. واشترط البروتوكول بأن على اللجنة أن تسعى لتنفيذ قرار الجمعية العامة 194 الخاص بمسألة اللاجئين وقد أرفق البروتوكول خريطة فلسطين مؤشرا عليها بالأراضي المخصصة للعرب واليهود حسب قرار التقسيم 181.

    إن أكبر عقبة واجهت لجنة التوفيق كانت تناقض أهداف الطرفين: العرب والإسرائيليين. كانت المطالب العربية هي أن تلتزم إسرائيل مسبقا وقبل البحث في أي موضوع آخر، وفتح أبوابها لجميع اللاجئين الراغبين بالعودة إليها، بينما ادعى الإسرائيليون بأن هدفهم الرئيسي هو السلام وأنه عن طريق المفاوضات يمكن حل جميع المشاكل.

إن إسرائيل لم تستجب لكل المحاولات التوفيقية لحل المشاكل، بل أخذت تضع العقبات للحؤول دون نجاح لجنة التوفيق.

   وبعد فشل لجنة التوفيق رفعت تقريرا عن أعمالها إلى الأمين العام للأمم المتحدة واقترحت في ضرورة قيام إسرائيل اتخاذ خطوة أولى نحو تحقيق التسوية في المنطقة. أما بالنسبة للاجئين الفلسطينيين فقد أوصت بإعادة قسم منهم إلى إسرائيل، وبالتعويض المباشر من ممتلكات البقية، وباتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الدول العربية وغيرها من اجل دمج الفلسطينيين في المجتمعات الموجودين فيها  وذلك بمساعدة الأمم المتحدة ماليا وفنيا.

   وقد عقد اجتماع للجنة التوفيق في جنيف، حاولت لجنة التوفيق في 11 مايو 1950 إيجاد حل يقوم على جعل الحل النهائي للمشكلة الفلسطينية استنادا إلى القرار 194 . وكان رد العرب انه لا مفاوضات إذا لم تقبل إسرائيل شروط إعادة اللاجئين. وقد أنهت المفاوضات دون أي تقدم.

   ودعت لجنة التوفيق في 10 أغسطس 1951  حكومات الإطراف إلى إرسال ممثليهم لحضور مؤتمر ينعقد في باريس. وانعقد المؤتمر في 12 ديسمبر 1951 حيث أكد العرب مواقفهم السابقة. أما إسرائيل طالبت بفتح مفاوضات مباشرة مع الوفود العربية.

وبعد فشل جهود وساطة لجنة التوفيق من اجل التوفيق بين الطرفين انحصرت جهودهما حول المسائل التالية.

مسألة تعويض اللاجئين العرب عن ممتلكاتهم التي خلفوها في إسرائيل.

مسالة أموال اللاجئين العرب المجمدة في إسرائيل.

تعاون اللجنة مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة فلسطين وتشغيلهم، وكذلك مع هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة.

وبعد فشل جهود الأمم المتحدة في الوصول إلى حل سلمي للصراع العربي الإسرائيلي بدأت جهود الدول تتوالى في تقديم مقترحات للوصول إلى تسوية سلمية للصراع. وقدمت الولايات المتحدة اقتراح لحل الصراع على أساس حل الصراع بالوسائل السلمية من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وقدمت مشاريع اقتصادية لتنمية المنطقة. كما تقدمت بريطانيا مشاريع لتسوية الصراع بالطرق السلمية. وكذلك الاتحاد السوفيتي أيضاً، ودولة النرويج، هذا فضلاً عن المشاريع العربية والإسرائيلية. (للإطلاع على هذه المشاريع السلمية انظر: جواد الحمد ، 1997،ص467-526، وكذلك أيضاً انظر: منير الهور، وطارق موسى).

المراجع:

–         ابراهيم، صفاء (2012): المنازعات الناجمة عن خلافة الدول وسبل تسويتها. دار الثقافة، عمان، الاردن.

  • عبد الحميد، محمد (2000): قانون المنظمات الدولية (الامم المتحدة). منشاة المعارف، الاسكندرية- مصر.
  • العفيف، زيد (2008): حل المنازعات الدولية في إطار مجلس الأمن والجمعية العامة. منتدى الجزائرية للحقوق والقانون، http://forum.law-dz.com/index.php?showtopic=571
  • ابو ركبة، سمر (17-5-2011): مجلس الأمن و تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية، موقع دنيا الوطن          http://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/228004.html

–         اسماعيل، دنيا الامل (2010):  المساعي الحميدة في حل النزاعات الدولية الخلاف الحدودي السعودي/ القطري دراسة حالة. موقع الحوار المتمدن،

–          http://m.ahewar.org/s.asp?aid=221542&r=0&cid=0&u=&i=427&q=

  • العطية، ناصر (25-12-2011): الجمعية العامة للأمم المتحدة تختتم الشق الرئيسي من أعمال الدورة 66، موقع وزارة الخارجية القطرية، http://www.mofa.gov.qa/newsPage.cfm?newsid=24024

 

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button