تطور حقل الدراسات الإستراتيجية والنظريات المفسرة له

اعداد : الوليد ابو حنيفة باحث دكتوراه – جامعة الجزائر-3- كلية العلوم السياسية و العلاقات الدولية

  • المركز الديمقراطي العربي

محاور الدراسة:

  • المحور الأول: الدراسات الإستراتجية كمقاربة مفاهمية
  • المحور الثاني : النظريات المفسرة للإستراتجية
  • المحور الثالث: التحول في الدراسات الإستراتجية لفترة ما بعد الحرب الباردة.

مقدمة:
تعد الدراسات الإستراتجية جزءا هام من حقل العلاقات الدولية و تتناول بالدراسة بشكل خاص القضايا و المسائل المتعلقة بالتهديدات الأمنية المباشرة. حيث تلجأ كل دولة عندما تجد نفسها عاجزة عن تحقيق هدفها السياسي بالوسائل التي تمتلكها إلى وسائل بديلة من خلال تبني إستراتجية ذات هدف محدود حيث تبرز الإستراتجية كجزء ذو أهمية قصوى ، ففي ظل التطور الذي عرفته الدراسات الإستراتجية و مما سبق نطرح الإشكالية التالية:
* ما مدى تأثير التغيرات التي مست واقع العلاقات الدولية على مسار حقل الدراسات الإستراتجية ؟
المحور الأول :الدراسات الإستراتجية كمقاربة مفاهمية
1 مفهوم الإستراتجية:
ظهر مفهوم الإستراتجية في البداية كمصطلح عسكري و الأصل في الكلمة لإغريقية Stratigius ، و معناه في العربية قائد، و تطور استخدامها لتعني قيادة القوات أو فن الجنرالات1. و مصطلح الإستراتجية يوجد في مختلف اللغات الأوروبية ، و اللغات الإفريقية ، اللاتينية ، ففي الألمانية نجد Stratutegie ، و في الروسية Strategija ، و في الهنغارية Strategi ، و عندما نقول Stratos Agein فهو مصطلح الإستراتجية ذاته مقسم إلى جزئيين و يعني الجيش الذي تدفع به إلى الأمام و بوصل طرفي المصطلحStratos و Agein نحصل على Strategos و هذا يعني الجنرال ، و فعل Stratego قاد أو أمر ، أما في الصفة منها Strtegika و التي تجمع Strategika فهي تعني وظائف و أعمال الجنرال بالمفهوم العسكري ، و تعني الصفات التي يمتلكها الجنرال2.
ويعتبر تعريف المفكر الصيني”سان تزو” من أقدم التعريفات التي قدمت للإستراتجية فقد عرفها بأنها فن تنظيم الجيوش، و تنسيق القوى ووضع الخطط في المعركة ، و هي الخطة الشاملة ، ويعتبر سان تزو القائد هو الشخص المسئول عن الإستراتجية و على هذا القائد أن يملك خبرة واسعة و مهارات في العلوم و الفنون3.
* يعرف “كلاوزوفيتس carl von clausewitz” الإستراتجية بأنها فن استخدام الاشتباك من أجل هدف الحرب.
* أما “ليدل هارت basil henry liddell hart” فيعرفها على أنها : فن توزيع و استخدام مختلف الوسائل العسكرية لتحقيق هدف السياسة.
* أما “فون درغولتزcolmar von der goltz” فيعرفها بأنها : مجموعة التدابير الواسعة التي تستخدم في تحريك القوات إلى الجهة الحاسمة في اكثر الظروف ملائمة و يمكن أن يسمى علم القيادة4.
* أما “كولين غرايcolin s.gray” فعرف الإستراتجية على أنها عملية أو مسار أو تحويل القوة العسكرية إلى مخرجات سياسية5.
* يعرفها “ريمون أرونraymond aron” بأنها عبارة عن قيادة و توجيه مختلف العمليات العسكرية ، أما الدبلوماسية فهي توجيه العلاقات مع الدول الأخرى، و تكون تابعتين للسياسة6. فالدول يجب أن تحافظ على العلاقات و منها وضح الدبلماسية الإستراتجية، و الدبلوماسي و العسكري هما فاعلان في العلاقات الدولية، بحيث تكون الدبلوماسية غائية منطلقاتها من الحرب ، و يكون للجيش دور الدفاع أو التهديد في زمن السلم7.
* و تعرف الإستراتجية في المنشورات المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية في الفقرة 1 البند 2 بأنها: فكرة أو مجموعة أفكار حكيمة من أجل توظيف أدوات القوة الوطنية بطريقة منظمة و متكامل، لتحقيق أهداف معينة في مسرح العمليات و أهداف وطنية أو متعددة الجنسيات.
يمكن فهم الإستراتجية بطريقة أفضل على أنها فن و علم تطوير و استخدام القوى السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية السيكولوجية و العسكرية للدولة المعنية بصورة منسجمة مع توجهات السياسة المعتمدة ، لخلق تأثيرات و مجموعة ظروف تحمي المصالح القومية و تعززها مقابل الدول الأخرى، أو الأطراف الفاعلة الأخرى، أو الظروف و المستجدات. و تسعى الإستراتجية إلى إيجاد التآزر و التناسق و التكامل بين الأهداف ، و الطرائق و الموارد، لزيادة احتمالية نجاح السياسة، و النتائج الإيجابية التي تتم عن ذلك
بنجاح. فهي عملية تسعى إلى تطبيق درجة عالية من العقلانية و الأنساق لمواجهة الظروف قد تحدث و قد لا تحدث8.

2 تطور الفكر الإستراتيجي:
كان الملوك و الأباطرة في عصر الإمبراطوريات و المماليك القديمة يجمعون السلطتين السياسية و العسكرية بأيديهم، و كانت الجيوش تتألف أساسا من ملاك العبيد، و من المواطنين. و كانت وظيفة الإستراتجية العسكرية تتركز في حشد القوات المسلحة و تنظيمها و الإعداد للحرب، و تقرير ضد من توجيه الحرب ، و كانت الإستراتجية تحكم في تحديدها لاتجاه الحرب بمسألة الدخول إلى مناطق تؤمن حاجيات الجيش، فضلا عن خدماتها للهدف السياسي الاقتصادي الذي هو فتح المماليك و الأمصار لتحقيق خيرات جديدة9.

أما في العصور الوسطى و في عهد الإقطاع في أوروبا هبط مستوى الإستراتجية فبعد أن كانت في المرحلة الأولى تعالج قضايا الحشد و التعبئة ، أصبحت مقتصرة على نطاق ضيق ، و كان الملك أو الأمير في أوروبا زمن الإقطاع عندما يقرر الحرب يشكل الجيش من الفرسان مقابل الأراضي التي يمنحها إياها ، ففي هذه المرحلة لم تتجاوز الإستراتجية مسائل تحضير القوات المسلحة ، و تحديد وسائل النقل مع تحديد هدف الحملة ، و اختيار أساليب و أشكال الصراع المسلح منذ دخول البارود إلى أوروبا عن طريق العرب في القرن الرابع عشر و مع التغيرات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية التي حدثت في نهاية القرن 15 ، كنتيجة للتطور الصناعي و التقني و العلمي في طور النهضة ، أدى إلى تطور المدفعية ، و كان الأتراك قد استعملوها للحصار و أدخلوا إصلاحات في تنظيم الجيوش و أساليب الحرب و مع ذلك لم يعمل تقدم في الفكر الإستراتيجي، بما يتناسب مع التطورات الجديدة لأن الحروب بقيت تقاد بالملوك و الأمراء، و كان القتال مقصورا على الجيوش النظامية المحترفة.

و يعتبر كتاب فن الحرب لميكافيليmachiavel الذي اعتبر الحرب ضرورة و شيئا أبديا، حيث نزعها من المفاهيم الأخلاقية و الدينية الإقطاعية، و فسرها بأسباب اقتصادية و سياسية و القومية دستورية ، وطرح مفهوما يقضي بجعل الدولة كلها تنخرط في الحرب و ضرورة استمرار الحرب حتى الحصول على النتيجة في مصلحة الأمة كلها ، يعتبر الملك “غوستاف أدولفgustave adolphe” (سويدي 1594-1632) أول من أنشا جيش نظامي و أخضعه للتدريب ، و أعطى أهمية لدور المشاة باعتبارها قوة حاسمة، ثم أخذت تأتي جيوش أوروبا تقتفي خطواته، و على تطوير قوى الإنتاج و اندلاع الثورة الفرنسية و سقوط الإقطاع في أوروبا ، أصبحت مسألة تجنب المعارك إحدى سمات الإستراتجية الأوروبية، و ذلك بسبب الكلفة التي يقتضيها تكوين الجيوش ، سمحت الأوضاع ببروز إستراتجية جديدة ، حيث أصبحت الحرب في عهد نابليون عبارة عن حركة و مناورات إستراتجية، و حل مفهوم فرض قرار إستراتيجي فهو في معركة فاصلة مكان مفهوم كسب الأرض10.

و اعتبارا من القرن التاسع عشر أصبح تعدد الجيوش مئات الألاف ، ما جعل من الضروري تعدد مستويات القيادة ، وهذا ماجربه نابليون فعلا عندما أوكل قيادة الجيوش إلى ماريشلاته أثناء الحملة ضد ألمانيا عام 1813. خلال سنوات العشرينات من القرن العشرين يشير الكونيل Culsmann إلى أن هدف الإستراتجية هو إدارة مجموعات الجيوش و كذا الجيوش المنفردة، أما مع الحرب العالمية الثانية فإننا نلاحظ ارتقاء مستوى العمليات و أصبحت لها علاقات متبادلة و دائمة ، ثم توسع مسرح الحرب مع ظهور التلغراف و الهاتف و السكة الحديدية و الطائرة، أصبح من الممكن للقيادة المركزية متابعة الحرب عن بعد أو التنقل شخصيا بالكامل كما في السابق، و أصبح للقادة الميدانيون حرية التصرف أكثر ، أما التطور الثالث فيتجلى فيما يتعلق بسكان أكثر تعليما و اطلاعا من الماضي، و لذلك فهم أقل ادعانا.

استخدم الأمريكيون في سنوات الخمسينات مصطلح الإستراتجية القومية ، و قسموها إلى إستراتجية الأمن القومي و إستراتجية الأمن العسكري، فيما فضل الفرنسيون في سنوات الخمسينيات مفهوم الإستراتجية العامة، فيما يميز السوفيات بين السياسة العسكرية و الإستراتجية العسكرية ، فالأولى تتعلق بالتحضير لاستخدام وسائل القوة المسلحة من أجل الوصول إلى الأهداف السياسية، أما الثانية و هي جزء أساسي و مجال أعلى من فن الفن العسكري يشمل النظرية و التطبيق فيما يتعلق بتحضير القوات المسلحة أو بلد ما للحرب11.

المحور الثاني : النظريات المفسرة للإستراتجية
في إطار هذا المحور سنتطرق لبعض النظريات التي عرفها حقل الدراسات الإستراتجية و التي تعتبر ملائمة و مناسبة في هذه الورقة البحثية.

1 نظرية المباريات:
تعرف نظرية المباريات بأنها ذلك المنهج المستند إلى وجود تشابه كبير بين بعض ألعاب المباريات الاعتيادية و بعض الحالات الاجتماعية المتكررة ، و يعرفها “ستيفي برامز” Brams بأنها مجموعة القواعد التي تساهم في ربط اللاعبين أو المؤتلفين بالمحصلات ، تركز هذه النظرية على التعامل مع المواقف التي تشتمل على صراعات مصالح و لتنظر إليها كما لو كانت مباريات في الإستراتجية ، و على ذلك يمكن القول بأن اهتمامات نظرية المباريات تتصرف في الأساس إلى تحليل كافة نماذج أطروحات سياسية بصورة عامة، و إلى مشكلات الحرب و السلام بصفة خاصة، و قد استطاع عدد من كبار المفكرين العسكريين و خبراء الإستراتجية الدولية أن يطوروا أساليب استخدام نظرية المباريات في تصميم البدائل الإستراتجية التي يمكن تطبيقها في ظروف الصراعات المختلفة12.

وتقوم الفكرة العامة لنظريات المباريات على افتراض أن الصراعات تنقسم بطبيعتها إلى فئتين رئيستين : صراعات تنافسية Compétitive و صراعات غير تنافسية No-Compétitive و ترى أن صنع القرار يتضمن درجة معينة من العقلانية ، فكل لاعب يسعى لنيل مكاسب قصوى و أن نتيجة المباراة التنافسية أو التعاونية لا تربطها ارتباطا وثيقا بالصدفة و طبيعة البيئة التي يجرى فيها السجال، و إنما يرتبط بخيارات اللاعب أو اللاعبين المتقابلين. و بعبارة أخرى أن أي مسلك يختاره اللاعب (أ) أو مجموعة اللاعبين في الفريق (أ) يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أولويات و اختيارات اللاعب (ب) أو مجموعة اللاعبين في الفريق (ب).

بالنسبة للصراعات التي تكون مصالح أطرافها متعارضة أو غير قابلة للتوفيق ، فإن الكسب الذي يتحقق لمصلحة أحدهما يمثل في نفس الوقت و بنفس الدرجة و بنفس الخسارة للطرف الأخر. كما أنه يمكن لطرف أن يحقق نصرا ثم من يبعده عن الخسارة ،فإن حصيلته النهائية تتكون في مجموعها صفر. و من هنا يطلق على هذا الموقف الصراعي بلغة النظرية المباريات Zero-Sum Game أما بالنسبة للمواقف الصراعية الغير تنافسية فإن مصالح أطرافها لا تكون متعارضة بنفس الصورة السابقة و إنما تكون متداخلة إلى حد يسمح بالمساومة و تقديم التنازلات المتبادلة و الوصول في النهاية إلى نقطة إنعتاق
وسط، و عليه فإن الحصيلة في هذه المساومات لا تكون صفرا، كما هو الحال في الصراعات التنافسية، لذا يطلق عليها 13Sum Game-Zero -no.

ترى نظرية المباريات بإمكانية إدخال عنصر العقلانية ، و مع ذلك يعترف بعض المعنيين بهذه النظرية بأن مادة العلاقات الدولية لا تقدم على حقيقتها إلا القليل مما يمكن إخضاعه لهذا الأسلوب التحليلي ، و لكن أثر هذه النظرية قد امتد إلى الدراسات الإستراتجية لا سيما بعد سباق التسلح النووي و انتشار الأسلحة النووية، و أن ما يمكن استنتاجه هو أن نجاح هذه النظرية في مجال دراسات الحرب قد رافقته إمكانية قابلية تطبيقها في مجال الشؤون الدولية ، و يعود ذلك لما يلي:
* أن بعض القضايا الكمية لا يمكن إعطائها رموزا حسابية كالمعنويات السياسية و العقيدة السياسية لقوات مقاتلة ، بمعنى أن هناك صراعات لا تسمح بطبيعتها بتطبيق قواعد هذه النظرية في أي صورة ملائمة.
* أن هذه النظرية صممت بصفة أساسية للمواقف الصراعية التنافسية الثنائية الأطراف، أما فيما يخص الحالات التي تتعدد فيها الأطراف فإنه يمكن أن تنشأ ائتلافات و محاور و تحالفات ، فإن صورة المواقف تصبح مختلفة تماما و بالتالي فإنه يتعذر تطبيق قواعد اللعبة.

* من غير الممكن واقعيا تصور أين يكون سلوك الأطراف المتصارعين في أي موقف أو في أي علاقة محصورا في إطار بلدين لا ثالث لهما و هما إما الكسب و إما الخسارة مع ضرورة الإشارة إلى أن لا طرف يكسب بصورة كاملة كما انه لا طرف يخسر بصفة كاملة.
* تطبيق نظرية المباريات في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة يلغي إمكانية للاتفاق بين الدول و المجموعات ذات الأنظمة الاجتماعية المختلفة. و يجعل من إمكانية تعايشها سلميا مع بعضها امرأ متعذر التحقيق ، إذ أنه يحصر تحركها و يقرر سياستها في مواجهة بعضها على أساس الربح و الكسب و تجنب الخسارة14.

2 نظرية الردع :
يقوم الردع في أبسط أوجهه على التهديد التالي الذي يهدف إلى ردع دولة عن العدوان، لا تعتمد عليه لأنك إن فعلت فسيحدث لك أمر فضيع.هذه الإستراتجية هي نوع من الردع في الإستراتجية العسكرية ،
بهدف توجيه تهديد مماثل ، على الرادع أن يقرر ما لذي يمثله الهجوم ، و عليه أن يحدد بالتالي مستوى الردع الملائم فردع الطرف المهاجم ، و هذا يعتمد بدوره على تقدير الرادع لنيات الخصم و على تقيمه له، و على التهديد أن يكون جديرا بالمصداقية كي ينجح الردع ، و ليس على المعتدي المحتمل أن يصدق أن تكلفة الهجوم أكبر من فوائده و حسب، بل أن احتمال مكابدته هذه التكلفة كبير جدا15.
الردع كنظرية إستراتجية تم تطويرها خلال الحرب الباردة لتكون بشكل أساسي سياسة للتعاطي مع الأسلحة النووية ، و محاولة لإيجاد آلية لكيفية توظيف السلاح النووي لخدمة الأهداف الأساسية للدولة، و لكن دون للجوء لاستعمال هذا السلاح. في ظل التيقن التام للكارثة في حالة قيام حرب نووية بدل الإستراتيجيون و العسكريون جهدا كبيرا لمناقشة متطلبات عمل سياسة الردع في العصر النووي تمحورت النقاشات في تلك المرحلة كما هو الحال أيضا في مرحلة ما بعد الحرب حول ثلاث قضايا محورية :
أ. أثيرت نقاشات كبيرة حول مجال الردع النووي حيث تمثلت المعضلة هنا في الردع التهديد و ليس من دولة فقط ، و إنما يضاف إليها حلفائها.
ب. ليس هناك إجماع في الأدبيات المختلفة في كيفية جعل الردع النووي أمر موثوق في نظر الخصم.
ج. كان هناك نقاش كبير حول نوع و مستوى و حجم الأسلحة النووية التي يجب توفرها للوصول إلى مستوى الردع النووي في حين يرى بعض الباحثين ضرورة الاستفادة من إستراتجية الردع في القرن الواحد و العشرين على أساس استمرار تواجد الأسلحة النووية أي إمكانية الدمار الشامل Mass Destruction ، فإن بعض الباحثين رأوا أن امكانية فشل الردع مطروحة بقوة في البيئة الأمنية لمرحلة ما بعد الحرب الباردة لزيادة عدد الدول التي تمتلك أسلحة الدمار الشاملDestruction Weapons of Mass (نووية، كيميائية، بيولوجية، أنظمة الاتصال لتلك الأسلحة ) في هذا السياق ثم الإثارة الاهتمام حول هل يمكن الحديث عن فشل الردع ؟ و ما هي السبل لجعل الردع يشتغل في بيئة أمنية جديدة تختلف عن ظروفها البيئية التي تنشأ فيها خلال ظروف الحرب الباردة؟16.

3معضلة السجين:
تندرج في إطار نظرية اللعبة التي تثبت كيف و لماذا تكون طائفة منتخبة من الإستراتجيات العقلانية أقل فائدة من طائفة أخرى لا عقلانية في بعض الأوضاع ، فهي عبارة عن لعبة لا صفرية الأرباح يؤديها سجينان يشتبه في أنهما ارتكبا معا جريمة، و لكن لم يعترف أي منهما بعد، فيتم وضعهما في في زنزانتين منفصلتين لمنعهما من التواصل و يقال لكل سجين التالي:
أ. في حال لم يعترف أي منهما ، يخرج كلاهما من السجن.
ب. في حال اعتراف كل منهما ، يسجنان كلاهما.
ج. في حالة اعتراف واحد منهما ، وأعطى دليلا واضحا يدين الأخر ، يكافئ على اعترافه ، و يبقى الأخر مسجونا لفترة طويلة و بما أن الاعتراف أجل الفصل بالنسبة إلى كل سجين يصرف النظر عما يفعله الأخر (فإمكانية أفضل من مجرد الخروج من السجن ، و السجن مدة قصيرة أفضل من مدة طويلة) من الطبيعي حينئذ في غياب التعاون بين السجينين ، أن يعترف كلاهما ، و كان يمكن أن يكونا بأفضل حال من هذه المعادلة لو وافقنا على التعاون و عدم الاعتراف ، و لكن لسوء حظهما يصعب التعاون بما أن لكل منهما حافز يرمي إلى فسخ أي اتفاق بمجرد الاعتراف.
أولا: إن مجرد فشل اللاعبين في التعاون يفترض أن اللعبة تجري لمرة واحدة ، و لكن إذا تكررت اللعبة مع اللاعبين أنفسهم ، و افترضنا أنهما يقدران الاستفادة المستقبلية الناجمة عن التعاون ، من المحتمل أنهما سيتغلبان تحقيق نتيجة مرضية للطرفين باستخدام إستراتجية واحدة بواحدة. هذا يقضي بأن تعاون الدولة ما في البداية لكنها لا تلبث أن تقلد تحرك دولة أخرى سواء بالتعاون م بالخروج من اللعبة، و على مدى الوقت تصبح الدولة الأخرى مقتنعة بأنها إذا تعاونت فستتعاون الدولة الأخرى.
ثانيا : ينطلق بعض العلماء أن إنشاء مؤسسات أو أنظمة دولية كانت سلطة تساعد الدول على التعاون.
ثالثا: إن درجة خطورة المعضلة المذكورة في السيناريو السابق الذكر بالنسبة إلى الدول مبالغة فيه في كثير من الأحيان.

4 سياسة الاحتواء:
تعني في نظرة أصحابها التعهد الشامل لمقاومة الشيوعية ، أما العالم الاشتراكي فيراها مخطط للسيطرة العالمية أعدته الإمبريالية الأمريكية . أول من استعمل تعبير احتواء بوصفه فكرة فاعلة تحمل معنى إستراتجية عسكري و دبلوماسي هو “جورج كينانgeorge f.kennan” عام 1947 في مقالة كتبها في مجلة الشؤون الخارجة Foreign Affairs ، و كان حينها رئيسا لهيئة تخطيط السياسة في وزارة الخارجية الأمريكية، حيث تطرق إلى ما سماه عداء الإتحاد السوفياتي للغرب عامة و الولايات المتحدة على وجه الخصوص.
و تمثل الإطار النظري لسياسة الاحتواء على إجراء تحليل شامل لأهداف الإستراتجية السوفيتية و تحليل الطرق التي من خلالها ينظر الإتحاد السوفياتي للغرب الذي يعتبرونه العائق الرئيسي ، حيث يقول كينان إن الإستراتجية السوفيتية كانت في حالة تحسس نبض دائم ، و أنها كانت مرنة و لم تكن مقيدة بوقت محدد لبلوغ أهدافها و لم لها تقييد في الوسائل التي يجب إسنادها لها لتحقيق الأهداف ، و يرى كينان أن سبب هذا العداء إلى ما كان يراود زعماء الكريملين من حقد دفين و متأصل بافتقار الأمن على وطنهم من العالم الخارجي الذي نشأ من افتقاد الحواجز الجغرافية المنيعة التي تصون سلامة الروس الإقليمية ، فضلا عن الغزوات المتكررة التي مرت بها بلادهم17.
فهو يرى هناك إمكانية لاحتواء السوفيات عن طريق إجراء تحليل شامل لأهداف الإستراتجية السوفياتية أو تحليل الطرق التي من خلالها ينظر الإتحاد ينتج عن أمرين:

  • مقاومة التوسع السوفياتي و الحيلولة دون امتداده ليستقطب دول جديدة.
  • الضغط الغربي سيسيطر الشيوعيين للتخلي عن لإستراتجية التوسعية و يضيف الرئيس “هاري ترومان” عنصر أخر ساسة الاحتواء هو التبرير الإيديولوجي ، كما ركز كنان على فعلية القوة ، و لا يعتبر ترومان أن هذه السياسة ضرورة أساسية للدفاع عن الحرية و الديموقراطية .

اعتمدت سياسة الاحتواء على أربع فرضيات:

  • 1) الحرب الشاملة في حالة الهجوم على الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا الغربية.
  • 2) التفوق الجهوي و قدرته التدميرية.
  • 3) افتراض عدم المخاطرة بالتعامل مع القوة.
  • 4) الاقتصار على الجانب الاعتماد على فرع واحد من فروع القوات المسلحة و اتخذ التطبيق الفعلي لسياسة الاحتواء من الحلاف و القواعد العسكرية في كل مكان و إقامة الحلف الأطلسي الذي يعتبر القوة الرادعة للإتحاد السوفياتي18.

المحور الثالث: التحول في الدراسات الإستراتجية لفترة ما بعد الحرب الباردة.
1 الفترة 1991-1999.
أدت نهاية الحرب الباردة إلى حدوث تغير في المعطى العسكري على مستوى الإستراتجيات الأمنية للدول، خاصة بعد ظهور ميكانزمات و أدوات أخرى قد تهدد الدول من غير الأداة العسكرية مثل العامل الاقتصادي ، و العمل البيئي ، و العوامل الاجتماعية ، و العوامل الصحية ، بمعنى أن عامل التهديد قد تغير و تعددت وسائله19. فزوال الاتحاد السوفياتي و ظهور التكتلات الاقتصادية داخل الاقتصاد الرأسمالي نفسه كأطرف أساسية في السياسة الدولية ، تمارس نفوذا متزايدا ، مثل الاتحاد الأوروبي ، و اتفاقية التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية “نافتا” و منظمة جنوب شرق آسيا “آسيان” شكلت مبررات إمبريقية و موضوعية للمنظور القائل بتقدم العامل الاقتصادي على العامل العسكري ، ففي هذه الفترة التي تتميز بأقطار جديدة و إمكانيات جديدة ، أصبح الهدف هو تعزيز دور المجموعة الدولية القائمة على حرية السوق ، و توسيع دائرة الشعوب التي تعيش تحت سقف مؤسسات أخرى، و العمل على نشر الديمقراطية20.

2 الدراسات الإستراتجية في القرن الحادي و العشرين:
شكلت أحداث 11 سبتمبر 2001 نقطة تحول جديدة في حقل الدراسات الإستراتجية ، فعودت المحافظين الجدد إلى البيت البيض في الولايات المتحدة الأمريكية ، و تبنيهم للإستراتجية مغايرة عما كانت عليه في عهد كلينتون ، شكلت عوامل نفخت الروح في حقل الدراسات الإستراتجية و دفعت بالعامل العسكري إلى مقدمة أجندة السياسة الدولية فهناك منظورات تقليدية لا تزال مهيمنة بسبب استمرار بعض أوجه سلوك الحرب الباردة في تطوير أدوات الردع التقليدية و المنافسة حول سوق و تجارة الأسلحة و هناك منظورات جديدة انبثقت كنتيجة للمراجعات النظرية عقب نهاية الحرب الباردة من خلال إدراج عناصر غير عسكرية في المفهوم، و هناك منظورات قد ظهرت نتيجة للتطور التكنولوجي للأسلحة الجديدة ، و سيطرة مفهوم المعلومات على الأمن و الإستراتجية ، و هناك اتجاه هو الأخر أخد في التطور و هور مرتبط بتطور شكل العلاقات الدولية من المستوى المركز على البيئة المحلية للدول على المستوى المركز على البيئة التكوينية كنتيجة للانفتاح المتزايد للمجتمعات على بعضها البعض و تأثيرات العولمة ، و أخيرا هناك اتجاه مطروح هو يعد نتيجة لتنامي ما أصبح يصطلح عليه بالإسلام السياسي عبر العالم خاصة بعد أحداث الربيع العربي عام 2011، و كنتيجة أيضا للاهتمام المتزايد لمركز البحوث في الغرب بظاهرة الحركات السياسية الإسلامية.

هذا على المستوى النظري أما على الجانب الواقعي لبنية النظام الدولي ففي الجانب الاقتصادي هو عالم متعدد الأقطاب اقتصاديا، لكنه أحادي القطب من الناحية العسكرية ،و تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية ضماناتها الرئيسية تكمن في تفردها بالقوة العسكرية، فبواسطتها تستطيع أن تفرض سياستها بالردع أو استخدام القوة، و لذلك فإنها تتبنى سياسة تضمن لها استمرار هذا التفوق العسكري ، فلا بأس أن يكون لألمانيا و اليابان وريد اقتصادي، لكن يجب أن لا تكون لها قوة عسكرية تحصي هذه القوة، كما ان الولايات المتحدة الأمريكية قوة عسكرية تحمي هذه القوى ، و تحتل بها المرتبة الأولى عالميا، لذا تعمل على إتباع إستراتجية نزع السلاح والحد من انتشاره ، و هي سياسة لا تستهدف كل بلدان العالم وحسب بل أنها موجهة ضد القوى الكبرى أيضا إلا أن هذه السياسة مشكوك في نجاحها ، فهي لا تقام على تعزيز السلام العالمي، بل إنها سياسة أنانية تهدف إلى سمات التفوق و السيطرة ، و المتوقع خلال السنوات القادمة هو مزيد من القوة العسكرية و سباق التسلح و لذلك بسبب سياسة الولايات المتحدة الأمريكية و احتكارها أهم الميادين، و ليس من المستبعد أن تدفع دول جديدة في سباق تجاري محموم لبيع الأسلحة أو مكوناتها انطلاقا من مصالح اقتصادية بحته ،إن لم يكن انطلاقا من اعتبارات توازن القوى نفسها أما مسألة الضبط و المراقبة فهي مسألة وهمية إذ ما اختارت الدول سياساتها بصورة مستقلة21.

انعكس سباق التسلح على الاتفاق العسكري و تزايد الميل الدولي للإنفاق ، حيث تؤكد احصائيات المعهد الدولي لأبحاث السلام بستوكهولم ان مستويات انفاق العسكري تزايد بمتوسط 6% كل سنة في الفترة الممتدة من 2002 -2004 ، كما تؤكد نفس الإحصائيات أنه خلال سنة 2004 وصل الإنفاق العسكري العالمي لما قيمته 1035 دولار حسب التصريحات الرسمية لـ159 دولة أي ما يعادل 2.6% من الدخل الفردي لدولة22 ، فيما ارتفع الانفاق العسكري في العالم لعام 2015 ليبلغ 1.6 تريليون دولار ، لأن السبب في ذلك يرجع لتزايد إنفاق دول الشرق الأوسط و أوروبا الشرقية ودول أسيوية مثل الفلبين و اندونيسيا و اليابان و فيتنام ، نتيجة للتوترات العلنية و الخفية مع الصين و كوريا الشمالية ، و بالتالي الولايات المتحدة الأمريكية هي الأولى في الإنفاق العسكري حيث بلغت 596 مليار دولار ، تليها الصين بميزانية عسكرية بلغت 2.5 مليار دولار ، فيما جاءت السعودية ثالثا بإنفاق قدر 87.2 مليار دولار متقدمة على روسيا التي بلغت ميزانيتها العسكرية 66.4 مليار دولار23.

يكن القول إن ميزانية القوى العسكرية على مستوى الأسلحة الإستراتجية خاصة النووية و الصاروخية استعاد ما يشبه موقعة السباق نحو التسلح أثناء الحرب الباردة24.
يمكن بالاستناد إلى الملامح التي أخذت تطبع الإستراتجية النووية الصاروخية بين الإستراتجيتين الأمريكية و الروسية باعتبارها دولة نووية صاروخية كبرى كما كان الإتحاد السوفياتي ، و إذا افترضنا أن أمريكا ستعود إلى إعطاء الأولوية للسباق الإستراتيجي النووي مع الدول الكبرى الأخرى (إستراتجية الاحتواء) و ليس لأولوية الحرب على الإرهاب .من جهة ثانية منذ 2007 بدا التركيز الأمريكي على تطوير الصواريخ المضادة للصواريخ ، أو مايشبه العودة إلى إستراتجية حرب النجوم ، و منذ قرار وضع الرادار و قاعدة الصواريخ المضادة للصواريخ في بولندا و تشيك ، أي إستراتجية هجوم صاروخي نووي، في المقابل أعلنت الإستراتجية النووية الصاروخية الروسية بأنها ستقوم بتطوير أو بالتوسع في امتلاك الصواريخ متعددة الرؤوس النووية ، بحيث تبقى متفوقة عدديا على أعداد الصواريخ المضادة للصواريخ و هذا معناه أن توازن الرعب النووي و توازن الردع النووي قائمين في المدى المنظور، أما السمة الثانية للسباق الإستراتيجي الصاروخي في المرحلة القادمة فقد نشأت بعدما أطلقت الصين و أمريكا صاروخ نووي أسقط كل منها قمرا صناعيا في الفضاء، مما جعل المرحلة القادمة تدخل سباق تدمير الأقمار
الصناعية و الدفاع عنها ، و عدم السماح بتدميرها كلها من خلال إيجاد بدائل لها، و هذا بتدميرها كلها من خلال إيجاد بدائل لها، ضمن إطار الأسلحة ما فوق التقليدية25.

خاتمة:
لقد قامت الدراسات الإستراتجية بتطوير نظريات و سياسات و عمليات لتخفيض حظوظ الحرب ، حيث كانت الدراسات الإستراتجية هي الفرع المهيمن منذ 1950 و إلى غاية 1980، لكن مع تركيزها على استعمال القوة العسكرية فإن أهميتها تراجعت بسبب مسائل جديدة فرضتها العولمة ، فأصبحت السياسة الدولية المرتبطة بالمسائل العسكرية تبدو مائعة و سيطرت مسائل اقتصاد و تكنولوجيا و حقوق الإنسان على اهتمامات صناع القرار ، بعض هذه المسائل ركزت على الإرهاب الدولي ، الصراع الإثني ، تنقل الأمراض المعدية عبر الحدود ، و تأثير التكنولوجيا الحديثة على قيادة الحرب.
عادت أهمية الإستراتجية مع هجومات 11 سبتمبر 2001 ورد الولايات المتحدة الأمريكية و التعامل مع تحدي جديد هو كيف تكيف الدراسات الإستراتجية للمفاهيم التقليدية للإستراتجية في بيئة أمنية مميزة بالعولمة و الثورة المعلوماتية، و التهديد من طرف الإرهاب، و توسع أسلحة الدمار الشامل و الصراعات الإثنية و الإقليمية.

قائمة المراجع:
1. أبو خزام إبراهيم ، الحرب و توازنات القوى، بيروت: دار الكتاب الجديد المتحدة ، ط2، 2004.
2. حسين خليل و عبيد حسين ، الاستراتجية التفكير و التخطيط الاستراتيجي استراتجيات الأمن القومي الحروب و استراتجية الإقتراب غير المباشر، بيروت: منشورات الحلبي القومية ، ط1، 2013 .
3. الخزرجي تامر كامل ، العلاقات السياسية الدولية و إستراتجية إدارة الأزمات ، عمان:دار مجدلاوي للنشر و التوزيع،ط 1، 2005.
4. الزغبي موسى ، دراسات في الفكر الإستراتيجي و السياسي ، دمشق: إتحاد الكتاب العرب، 2001 .
5. شفيق منير ، الإستراتجية و التكتيك في فن علم الحرب ، بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، ط1،2008 .
6. ناصيف أحمد، فن الحرب، حلب:دار الكتاب العربي ، ط1، 2010.
7. نيوف صلاح ، مدخل إلى الفكر الإستراتيجي، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك، كلية العلوم السياسية، د. س. ن.
8. يارغر هاري ، الإستراتجية و مخترقو الأمن القومي ، أبو ظبي:مركز الإمارات الدراسات و البحوث الإستراتجية،ط1، 2011.
المراجع الأجنبية:
1. Aron Raymon, Penser Laguene,Clauszwitz, Paris :Gallimard,1976 .
2. Baylis John and others, Strategy in the Contomporary World :An Introduction to Strategic Studies,Newyork:Oxford Universty press,2005 .
3. Ghay Colin ,War Peace and International Relations, Newyork:Madisnave,Fist Published,2007.
4. Martin Griffith and Ocllaghan Terry ,International Relatio Keyconcepts, Newyork: Routledge,2002 .
5. Skonesm Elisabeth , Les Dépenses Militaire, Dam forum Du Désarment, Janvier2005.
6. William Applem Anwiliasm From Colony to Empire:Eassays in the History of American Foreign Relation , Foreign Affairs .JULY 1970.
المواقع الإلكترونية :
– http://www.aljazeera.net/ NEWS/International /2016/4/2015.
الزهراني نصيرة و عشاش عبد لله و أخرون، افستراتجية المفهوم و النظرية ،مركز شيل كوري لحقوق الإنسان و متابعة العدالة الدولية ، على الرابط التالي : http://rachelcenter.ps/news.php?action=view&id=2616

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button