دراسات قانونية

تقسيمات الجرائـم في القانون الجزائري

تعريف الجريمة : ينظر للجريمة من الناحية الاجتماعية كل فعل خاطئ مخالف للآداب و الأخلاق أو العدالة في المجتمع، ويشمل ذلك كل إخلال بنظام الجماعة أو الإصرار بمصالح أو حقوق الأفراد أو المساس بالقيم وبالمعنى العام فإنها كل سلوك يعاقب عليه اجتماعيا.

وينظر للجريمة بالمفهوم القانوني كل مخالفة لقواعد القانون الوضعي المعمول به سواء كانت هذه القواعد متعلقة بالقانون الجنائي أو غيره من القوانين.

تعريف الجريمة بالمفهوم الجنائي : لم تعرف القوانين الجنائية المختلفة الجريمة، وذلك لعدم أهمية التعريف ولوجود قاعدة اجتهاد مع وجود النص.

وقد عرفها الدكتور نجيب حسني “كل فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية ويقرر له القانون عقوبة أو تدابير أين “هناك تعريف يقول” أنها كل فعل امتناع يمكن إسناده لمرتكبه ويقرر له عقوبة جنائية“.

ومهما اختلفت التعريفات فإنها جميعها تعتبر محاولة لوضع تعريف شامل يشمل كل الجوانب المتعلقة بالجريمة وعليه فتعرف الجريمة بالمفهوم الجنائي” هي كل سلوك إيجابي أو سلبي يجرمه القانون ويقرر له عقوبة أو تدابير أين باعتباره سلوك يشكل اعتداء على مصالح فردية أو اجتماعية يحميها القانون الجنائي“.

لتعريف اللغوي للجريمة : هي قطع الشيء ويقال الجريم الثمر اليابس والجرامة ما سقط من ثمر النخل والجريمة النواة للثمر.

أنواع الجرائم : هناك عدة تقسيمات للجرائم من أهمها ما يلي :

1- الجريمة المدنية : تطرقت المادة 124 من القانون المدني لتعريف الجريمة المدنية على أنها كل فعل يأتيه الإنسان فيسبب خطأه ضررا للإنسان فيلتزم بتعويضه، فالجريمة المدنية قوامها عنصر الخطأ والضرر فلا تقوم إلا بعنصر الضرر الذي يأتيه الإنسان.

إذا فهذا التقسيم يعتمد على القانون الذي يحكم ويطبق على هذه الجريمة أي القانون المدني، في الحين أن الجريمة الجنائية يطبق عليها القانون الجنائي طبقا لنص المادة الأولى من قانون العقوبات التي تؤكد أن القانون هو الذي يحدد الفعل الممنوع وغير المشروع ويحدد له العقاب.

2-الجريمة التأديبية : هي الأخطاء الإدارية أو الإخلال بالوظائف الإدارية أي قيام الموظف بالإخلال بقانون يخضع له كالموظف العام والقاضي والخبير… أي أن المعتدي عليه هي الهيئة التي ينتمي إليها.

ويكون عقاب هذا النوع من الجرائم بطابع خاص كالتوبيخ و الإنذار والتوقيف والعزل والطرد وتملك السلطات التأديبية صلاحيات اختيار العقوبة بالنسبة لكل جريمة مع الإشارة أنه قد يرتكب المجرم جريمة جنائية يعاقب إثرها وفقا لقواعد قانون العقوبات ثم يتبع بعقوبات إدارية.

3-الجريمة الجنائية : هي حسب المفهوم الإصلاحي هي كل فعل أو امتناع عن فعل يجرمه القانون ويقرر له عقوبة أو تدبير أمن كالقتل والسرقة والنصب وخيانة الأمانة والضرب والجرح، يعني أن الجريمة الجنائية تقوم بمجرد إتيان الفعل الممنوع أو محاولة إتيانه وعقابه يكون محدد بنص قانوني ( م 01 ق ع)، وقد تقوم دون وقوع الضرر مثل الشروع والتشرد والتسول وحمل السلاح بدون ترخيص.

وتسمى هذه الترخيصات الثلاثة بتقسيم الجريمة حسب القانون الذي يحكمها.

4– تقسيم الجريمة حسب الفاعل : القاعدة العامة أن قانون العقوبات يطبق على الجميع وتسمى بجرائم قانون العقوبات إذا ارتكبها شخص مدني، أما إذا ارتكبها عسكري تسمى جرائم عسكرية وتطبق عليه الأحكام العسكرية وفقا لقانون القضاء العسكري الصادر وفقا للأوامر رقم 71/28.

5- تقسيم الجريمة حسب الحق المعتدى عليه: إذا كان الحق المعتدي عليه له اعتبارات سياسية تسمى الجريمة السياسية مثل التآمر على نظام الحكم والتحريض على الفتنة.

أما إذا ارتكب الفعل وكان الهدف من ورائه شيوع الفحشاء بين دولتين أو أكثر وكان يعاقب عليه أكثر من دولة تسمى جريمة دولية مثل تهريب المخدرات والمتاجرة بأجساد النساء.

أما إذا ارتكب مجرم وغالبا ما يكون زعيم دولة أو عدة زعماء على إشعال الحرب أو الاعتداء على الآثار الثقافية أو الديانات أو التمييز العنصري تسمى جريمة ضد الإنسانية.

6- تقسيم الجريمة حسب الجسامة : وهو التقسيم الذي اعتمده المشرع الجزائري في المادة الخامسة من قانون العقوبات، والمادة 27 منه، إذا يعتمد هذا التقسيم على الخطورة والشدة والجسامة وذلك على النحو التالي :

أ)- الجناية : هي ذات الضرر الكبير والعقوبة الأشد عقوبتها هي الإعدام السجن المؤبد، السجن المؤقت بين 05 سنوات وعشرين سنة.

ب)- الجنح : هي المتوسطة الضرر عقوبتها من شهرين إلى خمس سنوات حبسا ماعدا العقوبات التي يقرر لها القانون عقوبات أخرى، إضافة للغرامة التي تتجاوز ألفين (2000 د.ج).

ج)-المخالفات : ذات الضرر الضعبف أو التافه عقوبتها من يوم إلى شهرين حبس والغرامة من عشرين( 20) إلى ألفين( 2000)د.ج.

تقسيم الجريمة حسب الركن المعنوي : وتنقسم الجريمة حسب الركن المعنوي إلى جريمة عمدية وجريمة غير عمدية :

تقسيم الجريمة حسب الركن المادي : تنقسم الجريمة حسب الركن المادي إلى ما يلي :

1-الجريمة الإيجابية والجريمة السلبية : الجريمة الإيجابية هي التي تتم عن طريق فعل يأتيه الإنسان بحركة عضوية ينهي القانون على إتيانه كالقتل والضرب والجرح والسرقة والتزوير والونا وحمل السلاح وهتك العرض…الخ أما الجريمة السلبية فهي الامتناع عن فعل يفرضه القانون أي أن يتخذ الإنسان موقفا سلبيا من أمر القانون مثل إمتناع القاضي عن الحكم في القضايا (136 ق.ع) والامتناع عن التبليغ عن الجريمة 281 ق.ع علما أنه لا يمكن تصور الشروع في الجرائم السلبية.

2- الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة : الجريمة الوقتية هي تلك الجرمية التي يقع ركنها المادي في زمن محدود أي أنها تقع في فترة زمنية قصيرة وتنتهي بمجرد القيام بها مثل جريمة القتل تنتهي بمجرد إزهاق روح الإنسان والسرقة تنتهي بمجرد الاختلاس المحدد ، الجريمة المستمرة هي التي يكون ركنها المادي يتطلب الاستمرار لفترة غير محددة فقد تطول أو تقصر مثل جريمة إخفاء الأشياء المسروقة (187 ق.ع) والحبس دون وجه حق (51 ق.أ.ج)وحمل النياشين دون وجه حق (442 ق.ع) جريمة استعمال المحررات المزورة.

وتمكن أهمية التفرقة بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة أن الجريمة الوقتية لا يسري عليها القانون الذي سبقت صدوره ، أما الجريمة المستمرة فإنها يسرى عليها القانون الجديد حتى لو كان أشد ، نظرا لحالة الاستمرار.

كما أنه يمكن تقع الجريمة المستمرة في إقليمين أو أكثر عكس الجريمة الوقتية ، لذلك فإن لاختصاص في الجريمة الوقتية يكون للمحكمة التي وقعت في دائرتها الجريمة أما الاختصاص في الجريمة المستمرة يكون لأكثر من جهة لأن كل جهة يكون قد وقع فيها جزء من حالة الاستمرار.

3- الجريمة البسيطة وجريمة الإعتياد : الجريمة البسيطة تتكون من سلوك إجرامي واحد أي يكفي فيها بسلوك بسيط مثل جرائم القتل والسرقة و الزنا وخيانة الأمانة …الخ أما جريمة الاعتياد فإنها تكون بأكثر من فعل واحد مثل جريمة التسول (195ق.ع).

4- الجريمة المتتابة والجريمة المركبة : يقصد بالجريمة المتتابعة التكرار والتتابع عن الأفعال أي أن يقع على مجموعة من أفعال يعتبر كل واحد فيها سلوكا ممنوعا بالنظر للقانون ويجمع هذه الأفعال وحدة الغرض الإجرامي مثل السرقة على دفعات متتالية أو كمن يضرب شخصا عدة ضربات.

أما الجريمة المركبة التي يكون ركنها المادي من عدة أفعال مثل جريمة النصب (372 ق.ع) فلقيامها لا بد من استعمال الاحتيال ثم سلب مال الغير.

5- الجريمة المادية والجريمة الشكلية : الجريمة المادية هي الجريمة التي يترتب عنها نتيجة إجرامية معينة عن الفعل مثل القتل ينتج عنه إزهاق روح الإنسان أو الوفاة أما الجريمة الشكلية لايعتد فيها بوقوع النتيجة الإجرامية مثل حمل السلاح بدون ترخيص وتقليد إختام الدولة.

علما أنه لا يتصور الشروع في الجرائم الشكلية.

فائدة التقسيم :

1- من حيث الإختصاص :

الجنايات تختص بها المحاكم الجنائية.

– الجنح والمخالفات به المحاكم الإبتدائية.

2- من حيث التحقيق : م66 ق.أ.ج.

التحقيق في الجنايات إجباري.

– التحقيق في الجنح جوازي.

– التحقيق في المخالفات إختياري.

3- من حيث تقادم العقوبة :

تسقط العقوبة بالتقادم في الجنايات بمضى 20 سنة إذا لم يتم القبض على المحكوم عليه.

– تسقط العقوبة بالتقادم في الجنح بمضي خمس سنوات بعد صدور الحكم.

– تسقط العقوبة بالتقادم في المخالفات بمضي سنتين بعد صدور الحكم.

4- من حيث تقادم الدعوى العمومية :

في الجنايات بمضى عشرة (10) سنوات.

في الجنح بمضى ثلاثة (03) سنوات.

في المخالفات سنتين (02).

لكن الاستثناء ما ورد في القانون رقم 04–14 المؤرخ في 10/11/2004 وهو كالتالي :

لا تنقضي الدعوى العمومية بالتقادم في الجنايات والجنح الموصوفة بأعمال إرهابية و تخريبية وتلك المتعلقة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أو الرشوة واختلاس الأموال العمومية.

مراحل الجريمة :

1-مرحلة التفكير : هي مرحلة التخمين إذ يقوم الجاني بالتفكير النفسي إذ يقلب الأمر في مخيلته ولا يعاقب القانون على هذه المرحلة.

2- مرحلة التحضير المادي : يسمى دور توزيع الأدوار إذ يقوم الجاني بإحضار الوسائل المادية التي تساعده في إحضار جريمته وهنا أيضا لا يعاقب المشرع الجاني لاحتمال عدو له عن ارتكاب الفعل لكن في بعض الحالات يعاقب على هذه المرحلة لكن ليس على أساس أنه أحضر الأدوات ليباشر التنفيذ وإنما نظرا لكون تلك الأدوات ممنوعة مثل حمل السلاح بدون ترخيص أو تزييف مفتاح رغم عدم استعمالها في الجريمة.

مرحلة التنفيذ : هنا يقوم الجاني باستعمال أدواته وبذل مجهود لتحقيق الجريمة قد يستعين بأشخاص آخرين ويسمى بالاتفاق الجنائي أو المساهمة الجنائية.

 

1/5 - (1 صوت واحد)

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى