دراسات شرق أوسطية

ديبلوماسية الاسفنجة في خطاب ” التحلل” من الاتفاقيات مع اسرائيل

وليد عبد الحي

لن أدخل في مناقشة نصوص اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات التي اعتمدت عام 1969 ودخلت حيز التنفيذ عام 1980 في جانب الغاء المعاهدات ، لأني لا اعتقد أنها تنطبق على الجانب الفلسطيني لان موضوع الاعتراف بدولة فلسطينية هو موضوع مناقشة وجدل كبير لا سيما من قبل اطراف اتفاقية اوسلو انفسهم ، فلا اسرائيل ولا الولايات المتحدة ولا الاتحاد الاوروبي ولا استراليا تعترف ” بدولة فلسطين “، اما اتفاق اوسلو فينص على ” مشروع ” دولة، كما ان فلسطين في الامم المتحدة هي ” دولة غير عضو” في المنظمة الدولية، ناهيك عن اوسلو ذاتها هي ” اعلان مبادئ”.
ما يهمني هو تفكيك خطاب رئيس سلطة ” منع المقاومة” الأخير ، حيث عاد لدس السم في الدسم مرة أخرى ، وقال انه في حل من الاتفاقيات مع اسرائيل ، علما ان المجلس الوطني الفلسطيني اعلن في مطلع آيار 2018 عن ” اعادة النظر في كافة الالتزامات مع اسرائيل” ودعا الى وقف التنسيق الامني، كما اعتبر المجلس ان المرحلة الانتقالية بكل التزاماتها ” قد انتهت” وتنتهي معها كل الالتزامات المرتبطة بها، وطالب المجلس بتعليق الاعتراف باسرائيل الى ان تعترف بفلسطين…وكل ذلك لم يتم تنفيذ أي بند منه وباصرار من رئيس سلطة منع المقاومة. والغريب انه التزم منذ 1993 بكل اتفاقاته مع اسرائيل لكنه لم يلتزم ولو لمرة واحدة باتفاقاته مع المقاومة في غزة بل لم يزرها ولو لمرة واحدة منذ الازمة.

والآن دعونا نتوقف عند خطاب التحلل من الاتفاقات مع اسرائيل: وسأنقل حرفيا ما قاله:
اولا: : يقول حرفيا” ونجدد التزامنا الثابت بمكافحة الإرهاب العالمي فنحن ضده”.،
وهنا نسال اليس مفهوم الارهاب في عرف المتعاقدين في اوسلو هو ” الارهاب الفلسطيني” ؟ ،أي انه يؤكد استمرار مقاومته لحماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وغيرها من بقية التنظيمات، واليس هذا هو جوهر اتفاق اوسلو. وأليس التنسيق الامني هو جوهر سياسة مقاومة ” الارهاب” بمفهوم رئيس سلطة منع المقاومة؟ وهنا اسأل كيف سيلغي التنسيق الامني مثلا ويستمر في مكافحة الارهاب؟ أي كيف يمكن له ان يغادر المكان ويبقى فيه في نفس الوقت؟

ثانيا: : يقول حرفيا” نؤكد التزامنا بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين “،
وهنا اسأل اليس هذا يتضمن : الاعتراف باسرائيل، واليس الاعتراف بوجود اسرائيل هو جوهر الاتفاقات التي تحلل منها ؟واليس الاعتراف باسرائيل هو الهدف الاسرائيلي الأهم؟ فلماذا لا يعلن بشكل صريح سحب الاعتراف الكامل باسرائيل بدلا من التظلل بعبارات عامة؟
ثالثا: يقول حرفيا: نقبل بوجود طرف ثالث على الحدود بين إسرائيل وفلسطين، وبمفاوضات بمشاركة أطراف متعددة”.
أي انه يطلب العودة للمفاوضات مع اجراء تغييرات شكلية دون أن يكون له أي سند في هذه المفاوضات، أي انه عاد ليحوم حول اعادة التفاوض مع اسرائيل بعد أن اصبحت اسرائيل في وضع اقوى مما كانت عليه في اوسلو، أي انه يدعوها للتفاوض من جديد وهي في وضع افضل، فإذا كانت المفاوضات انعكاسا لموازين القوى فما الذي ينتظره ؟
إذن هو :
– مستمر في مكافحة المقاومة سياسيا واقتصاديا وأمنيا.
– ومستمر في الاعتراف الكامل باسرائيل
– ومستمر في استعداده للجلوس ثانية على طاولة المفاوضات مرة اخرى ولكن في وقت اصبحت اسرائيل فيه في وضع تفاوضي افضل.
إذن ما الذي الغاه رئيس سلطة منع المقاومة؟
وفي ضوء سجل قرارات الالغاء للتنسيق الامني(اصبحت الآن المرة الستين) ، وسجل وعوده بكشف من قتل عرفات؟ ووعوده باجراء انتخابات ثم يفتعل اسبابا لتعطيلها؟ ووعوده باعادة ترميم منظمة التحرير التي فككها بيديه..في ضوء ذلك كله نعرف ما هي اسفنجة امتصاص كل احتقان يظهر على السطح الفلسطيني …مرة أخرى انا لا انتقد بل أني أتهم.
المستقبل:
1- لا استبعد نهائيا ان تكون هناك مفاوضات سرية لتطبيق صفقة القرن.
2- لا استبعد ان يجري الاتفاق في مرحلة لاحقة على تشكيل هياكل ادارية فلسطينية تحل تماما محل منظمة التحرير التي سيتم الاعلان عن حلها وضم مؤسساتها للهياكل الجديدة.
3- اتساع رقعة التطبيع مع اسرائيل لننتقل الى مرحلة ” كيفية التطبيع مع فلسطين” بعد ان تصبح محاصرة من الجميع.
4- اخشى ان تكون يهودية الدولة بكل ما تنطوي عليه من مخاطر هي نقطة البحث القادمة.
5- اخشى ان يصل الامر الى اتفاق دولي باعتبار قطاع غزة قطاعا متمردا والمطالبة بتدخل دولي لانهاء هذا التمرد لا سيما ان خطاب رئيس سلطة التنسيق الامني الاخير فيه اشارة لعدم ممانعته من وجود قوات دولية على الحدود بين اسرائيل وفلسطين، وهو نص يحتمل التأويل الواسع فيما يعد.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى