دراسات سياسيةدراسات قانونية

ثنائية التقليدية والحداثة في بناء المؤسسات السياسية

من اعداد  عبدالله بن معمر بن عبدالله آل معمر، رسالة دكتوراه بعنوان بناء المؤسسة التنفيذية في المملكة العربية السعودية (دراسة حالة وزارات التعليم والإعلام والصناعة)، جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قسم العلوم السياسية، 1999م.

هناك مقولة تذكر أن التقدم يساوي التمدن على النمط الغربي ، وإذا كانت الحضارة الغربية تقع على قمة حضارات العصر الحالي، إلا أنه من الضروري التفرقة بين سبب ذلك وبين الشكل الذي تأخذه تلك الحضارة . فالتحليل الموضوعي لهذا الأمر يجب أن ينصب على تحديد أسباب التقدم ، وشروط تحقيقه لا على الشكل الذي تأخذه مجتمعات متقدمة . لذا تبدو صورة التقدم ومفهوم التنمية غربياً أكثر مما يجب ، بما يعني بالقطع أنه حتى لو حققت الدول النامية تقدماً حقيقياً دون أن تأخذ ذلك الشكل الغربي فإنها يمكن أن تظل ، حسب المقولة السابقة ، متخلفة ([1]).

ومنذ خمسينات هذا القرن، اعتنقت أدبيات التحديث سواء كانت في علم الاقتصاد أو الاجتماع أو السياسة، ادعاءاً صريحاً مؤداه أن الطريق إلى التحديث في العالم الثالث يمكن تخطيطه وإنجازه وتوضيحه بالعودة إلى خبرة التحديث الماضية أو الحالية للدول الغربية والصناعية، وقد بدا واضحاً أن هذا النوع من الاقتراب يدعي أن الدول النامية المختلفة المناطق والمتنوعة الثقافات والبيئة والتاريخ، يمكن أن تدرس باستخدام نفس النظريات والأنماط والأدوار والمفاهيم التي استخدمت في الغرب. إن هذا الاقتراب يرى أن خبرة التحديث الغربية هي النموذج وبرنامج العمل لتحديث دول العالم الثالث. كما أن هذا الاقتراب يرى أن التحديث لا يمكن أن يأخذ مكانه في المجتمع إلا إذا كان هناك تغييراً جوهرياً في أنظمة معتقدات المجتمع وسلوك الفكر ونمط التصرفات والقيم التقليدية. إذ يجب على المجتمع أن يحطم الطرق القديمة قبل أن يدخل إلى العالم الجديد ([2]).

ولكن هذا التناول لطرق تحديث العالم النامي من وجهة نظر التجربة الغربية قد أضر، في الحقيقة، بطريقة فهم الحقائق والخلفية الثقافية للأمم النامية كما منع الراغبين في المعرفة الحقيقية من تطوير اقتراب جديد يكون أكثر صلة بالعالم الثالث ذاته. لذا فالأقرب إلى المنطق أن يؤدي التحديث في الدول النامية إلى ظهور أشكال أخرى من التقدم غير الشكل الغربي للتقدم ([3]).

هذا لا ينفي، من الناحية التاريخية ، أن جهود التحديث في الدول النامية بنيت على أساس الخبرة الغربية وكانت دائماً على حساب القيم التقليدية . هذا النوع من التحديث قاد إلى ازدياد التوجهات الدنيوية وضعف القيم العائلية والالتزام الديني ، كما قادت إلى انتشار الفردية وإلى الثورة الاجتماعية والسياسية مثلما حدث في مصر وباكستان وإيران ودول أخرى . ولكن بدا واضحاً أن هذا التحديث السريع من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة المشاكل النفسية للأفراد ويزيد من الاضطراب الاجتماعي ، كما يؤدي إلى تآكل علاقات العزوة التقليدية وظهور أنماط جديدة للإنجاز . وتبرز تلك المشاكل النفسية والاجتماعية والسياسية عند البحث عن نموذج بديل لنظرية التحديث الكلاسيكية يراعى فيه عنصر التوفيق بين التقليدية والحداثة ([4]).

وتبرز تلك المشاكل أكثر عند التحول بصدد عملية التحديث السياسي . ويقصد بالتحديث السياسي بصفة عامة ، الانتقال من وضع إلى آخر وفق معيار ما ، وبوصفه سياسياً فانه يشمل كل ما له صلة بالعملية السياسية([5]) . ويعرف أيضاً بقدرة المجتمع على المواجهة والتكيف وإعداد نفسه للتحديات بإعادة ترتيب بنيته ، والتخصص المستمر في الأدوار والمؤسسات ، وبالتحرك من النظام السياسي التقليدي إلى النظام السياسي الحديث([6]).

وفي البلاد النامية المتأخرة في التحديث تكون العملية أسرع بدرجة كبيرة عنها في البلاد المبكرة في التحديث ، ونتيجة لذلك تكون هناك مواجهة مع مشاكل المؤسسية والحفاظ على الاستقرار([7]) .

والشكل الذي تتخذه المؤسسات السياسية في ظل التحديث السياسي وفي إطار العملية السياسية ككـل ، يتحـدد بنـوع الثقافـة السياسيـة السائـدة في المجتمـع وطبيعـة النظـام والإطار الاقتصادي والاجتماعي للنظام السياسي ([8]).ويعتبر كثير من الباحثين أن الدول النامية في حالة انتقال من مجتمع تقليدي إلى مجتمع حديث أو شبه حديث([9]).

وإذا كان التغيير عامل أساسي في الدول النامية ، فهذه الدول يجب عليها أن تكافح للزيادة من التغييرات المفيدة من أجل تعزيز قدرة اقتصادهم و تحسين مستوى معيشتهم ، لذلك فالتغيير المخطط في هذه الدول يجب أن يكون له الأولوية لأنه أكثر فعالية من التغيير العشوائي الغير مخطط، فواجب على الدول النامية أن تعزز من القدرة على الإبداع وأن تحاكي خبرات الآخرين في نفس الوقت الذي يجب أن تدرك فيه هذه الدول المشاكل المحتملة التي قد تنتج عن التغيير، للتحلي بالمرونة الكافية لحل أي مشكلات تحدث . و قد ميز Mc Gay التحدي الذي يفرضه التغيير بالقول ” نحن نعيش في فترة أدى التغير السريع إلى الخوف الذي غالباً ما يجمدنا نحو الصلابة التي نخطئ بها بحثاً عن الاستقرار ” ([10]) . وتكون المقاومة أكثر حينما يحدث التغيير بسرعة ، وإذا لم يكن هناك حلول سريعة وفعالة ، فإن المقاومة ستكون أقوى ، وينتج عن ذلك ظهور اختلافات كثيرة في المجتمع وفي المنظمات محدثاً صراعات جدية .

ومع انهمارات التحديث لا يزال هناك تقنيات أكثر تعقيداً يجب أن تتطور لتتناغم مع مسألة الاعتمادية المتبادلة ، كما يجب أن يكون هناك استعداد للولاءات الجديدة في المجتمع الانتقالي. وعلى كل جيل أن يحضر الجيل القادم لما هو متوقع من تغيرات ، لذلك كل جيل يجب أن ينتج قدرات جديدة للتغيير.([11])

وقد أشار Peter Rose إلى أنه على الرغم من أن النماذج المتواصلة والمثابرة تحقق الاستقرار ، إلا أنه لا وجود لمجتمع يكون ساكناً على نحو غيرقابل للشك ، وأن التوتر الداخلي والضغوط الخارجية غالباً ما تهدد إما بالتدمير أو بإعادة تحديد الأولويات ، والتغيير الذي يعتبر عند عناصر محددة تهديداً للوضع القائم ، ربما يقود إلى إحداث حركة معارضة من أجل الحفاظ على ذلك الوضع ، أو إعادة توطين الوضع القديم عند بعض العناصر الأخرى([12]). ولعل المشكلة التي تواجهها المجتمعات المعاصرة عموما والمجتمعات النامية بوجه خاص تدور حول شكل وصور العلاقة بين التقليدية والحداثة أو حول كيفية الانتقال من القيم التقليدية إلى القيم الحديثة ([13]).

أولاً : البيئة الثقافية وأثرها على الثنائية :

يشير مفهوم البيئة الثقافية إلى ذلك الإطار الذي تعيش بداخله المؤسسات السياسية متأثراً بها ومؤثراً فيها ، وتنقسم هذه البيئة إلى بيئة داخلية وبيئة خارجية ، وتأتى منها مطالب ومساندة وموارد مادية ومعنوية وبشرية([14]).

إن بناء المؤسسات السياسية لا يتم في فراغ وإنما يوجد في إطار بيئة معينة لها مواصفات وسمات وتاريخ وجغرافيا وبشر ولغة ودين وثقافة وأيديولوجية محددة تؤثر عليها وتتأثر بها ، فالمؤسسات ليست مجرد قواعد وإجراءات صارمة ، وإنما تتأثر بالمحيط الثقافي لأنها تتفاعل مع البشر ، وهم إما أن يكونوا شاغلي أدوار هذه المؤسسات ، أو متلقون لمخرجاتها([15]) . لذلك تتجه المؤسسات قبل كل شيء إلى الأفراد، فنشاطها هو ثمرة الجهد الإنساني وأهدافها المعلنة هي خدمة الإنسان بالدرجة الأولى([16])،وهي لذلك تمارس شكلاً من أشكال التأثير على السلوك الوظيفي لهؤلاء الأفراد لتنظيم عملهم تنظيماً عقلانياً وتوجيه نشاطهم التطبيقي نحو إخضاع البيئة لمصالحهم وتحويل علاقاتهم الاجتماعية باستمرار لكي تتلاءم مع أحوال الواقع الاجتماعي لحياتهم.

وتخضع عملية بناء المؤسسات السياسية لكثير من مطالب البيئة وقيودها ، وتأسيساً على ذلك فإن بناء المؤسسة يتطلب الإلمام بالأطر الثقافية والاجتماعية التي تعيش فيها المؤسسة([17]).

1- الثقافة السياسية :

لا يوجد اتفاق أصلاً على معنى كلمة ثقافة بين علماء الانثربولوجيا ، وهكذا تتعدد تعريفات مدرك الثقافة السياسية بقدر تعدد من تصدوا له بالدراسة والبحث ، فعلى سبيل المثال يرى لوشيان باي أن الثقافة السياسية هي مجموع الاتجاهات والمعتقدات والمشاعر التي تعطي نظاماً ومعنى للعملية السياسية ، وتقدم القواعد المستقرة التي تحكم تصرفات الأفراد داخل النظام السياسي([18]). وبهذا المعنى تنصب الثقافة السياسية في رأي باي على المثل والمعايير السياسية التي يلتزم بها أعضاء المجتمع السياسي .

أما سيدني فيربا فيذهب إلى تعريف الثقافة السياسية بأنها المعتقدات الواقعية والرموز التعبيريةوالقيم التي تحدد الوضع الذي يحدث التصرف السياسي في إطاره ([19]). وتعني الثقافة السياسية في تصور فيربا ما يسود المجتمع من قيم ومعتقدات تؤثر في السلوك السياسي لأعضائه حكاماً ومحكومين .

والثقافة السياسية هي الجزء المتعلق بالسلطة السياسية من الثقافة العامة السائدة في مجتمع ما ([20]).فهي مجموع الاتجاهات والمعتقدات والمشاعر والعواطف والقيم في المجتمع التي ترتبط بالنظام السياسي والموضوعات السياسية ([21]). والثقافة السياسية هي بمثابة دليل متحكم في السلوك السياسي الفعال، وبالنسبة للشعب ككل، فهي بمثابة هيكل أساسي للقيم والاعتبارات المنطقية التي تؤكد وجود ترابط منطقي في أداء المؤسسات ([22]).وهي تمثل أشكالاً مترابطة تتماسك معا وتتبادل التقوية، كما أنها لا تعرف الثبات المطلق. ومن حيث مصدرها فإنها نتاج الخبرة الجماعية للشعب ككل، وخبرة الأفراد الذين يعيشون في المجتمع ([23]).

ويمكن القول بأن لكل مجتمع ثقافة سياسية مهماً كان نوع هذا المجتمع ، ولكل ثقافة مطالبها ومؤسساتها ، وهذه المؤسسات لا يمكن بناؤها واستمرار العمل فيها لولا أن الثقافة السياسية لكل أو لغالبية أفراد الشعب تقبل هذا البناء ، وتؤيده ([24]). والمعتقدات السياسية الأساسية يمكن أن تكون باعثاً على حث الفاعلين في نظام سياسي معين على رفض التغيير باسم المعتقدات التقليدية ، أو يمكن أن تؤدي إلى تعديلات أساسية في المؤسسات الجديدة بحيث تلاءم الثقافة التقليدية ، والأمثلة التاريخية كثيرة عن الدول التي استطاعت أنظمة معتقداتها التقليدية أن تخدم في التحكم في تعديل أشكال التغيير في مؤسساتها السياسية ([25]).

وعلى ذلك يمكن أن تتحدد عناصر مفهوم الثقافة السياسية في النقاط الآتية :

أ – أن جوهر الثقافة السياسية يتمثل في القيم والاتجاهات والسلوكيات والمعارف السياسية لأفراد المجتمع . وهي بهذا تعبير عن عناصر معنوية (غير مادية) .

ب- الثقافة السياسية ثقافة فرعية أو جزء من الثقافة العامة للمجتمع. وبرغم أنها مستقلة بدرجة ما عن النظام الثقافي العام، إلا أنها تتأثر به. فالانصياع للسلطة الحكومية في البيئات الزراعية النهرية لا يمكن فصله عن الاستسلام المعهود لقوى الطبيعة ([26]).

إذن فبناء المؤسسات السياسية لا يمكن أن يتم بمعزل عن الثقافة السائدة في المجتمع بما فيها الثقافة السياسية،ذلك لأن الإنسان بقيمه وتصوراته وأنماط سلوكه هو شرط ومحور في عملية بناء المؤسسات،فهو الذي يقوم بعملية البناء،والذي يستمتع بثمارها ([27]).وهناك بعض القيم التي تنطوي عليها الثقافة السياسية والوثيقة الصلة بإنشاء المؤسسات ويمكن اعتبارها شرطاً لوجودها وضرورة لاستمرارها،ولعل من أهم هذه القيم قبول فكرة بناء المؤسسات السياسية في الدولة واحترامها، والاعتقاد بضرورة وجودها لاستمرار الحياة،وذلك بتقديم الخدمات وتنظيم سلوك الأفراد.وتختلف نظرة ومعتقدات الأفراد بخصوص مخرجات النظام السياسي ومؤسساته باختلاف نمط الثقافة السياسية ([28])،كما أن قواعد الأداء المناسبة لتقييم العمليات في مؤسسة ما في إحدى الثقافات قد لا تكون متاحة أو مناسبة في غيرها من المؤسسات أو الثقافات الأخرى([29])ودائماً تنشأ المؤسسة،في أي مكان وتحت أي ظروف،وليدة البيئة التي تخرج فيها وتعكس قيم وتقاليد وثقافة المجتمع الموجودة فيه،وتكون مرآة صادقة له،إضافة إلى كون بعضها،مؤسسات سلطوية تضع سياساتها وتترجم أهدافها وبرامج مشروعاتها وواقع عملها ، بما يحقق النفعللمجتمع ككل ، تلك السياسات والبرامج التي تنمو وتتطور بتطور المجتمع وأهداف الدولة وفلسفتها ([30]).

ومن الأمور المهمة لنجاح عملية بناء المؤسسات مدى اعتقاد الجماهير بأهميتها ودورها في المجتمع وما تمارسه من دور واقعي في مشاركة الجماهير وفي تحقيق مطالبهم ، ومدى إيمان الصفوة الحاكمة بأحقية تلك الجماهير في بناء المؤسسات السياسية ([31])، والمشاركة فيها وعدم اللجوء إلى إغلاقها إغلاقاً تعسفياً .

وتشكل الثقافة السياسية للدولة الإطار العام الذي يحدد شكل نشاط المؤسسات السياسية ، وهذه المؤسسات ليست جامدة دون تغيير، فسنة الحياة هي التطور والتغير المستمر([32])، هذا التطور والتغير ظاهرة طبيعية تخضع لها مظاهر الكون وشئون الحياة ، وهي أكثر وضوحاً في الحياة السياسية وبناء المؤسسات لأنها في تغير دائم وتفاعل مستمر([33])، ذلك لأن الثقافة السياسية للدولة متغيرة ، ووفقاً لتغير الثقافة السياسية تتغير المؤسسات وتتطور أيضاً .

والعلاقة بين الثقافة السياسية والمؤسسات السياسية هي علاقة تبادلية تعني تبادل وتأسيس الثقة بين المجتمع بثقافاته المختلفة وقلب الكيان الاجتماعي ، وهي الوظيفة الأساسية للسلطات العامة ، ذلك أن غياب الثقة يضع عوائقاً أمام تكوين مؤسسات عامة ، إضافة إلى أن بناء المؤسسات السياسية دليل على تطور الثقافة السياسية ويعمل على نموها . كما أن شكل وطبيعية معتقدات ومشاعر الأفراد سواء كانت بصورة صريحة أو ضمنية ودرجة هيمنة هذه المعتقدات ومدى اتساع قبولها وانتشارها يؤثر إلى حد بعيد على استقرار وفعالية المؤسسات السياسية([34]).

وفي الثقافة السياسية التقليدية أو البدائية لا تكون الأدوار في النظام السياسي متمايزة عن الأدوار الأخرى في المجتمع ، وذلك لعدم فهم الأفراد لمؤسسات التعبير عن المصالح . فقد تجد المؤسسات السياسية صعوبة في أن تعمل بشكل فعال في المجتمع الذي تسوده الثقافة التقليدية ، وذلك لأن السلوك المتصل بالسياسة محكوم بالتقاليد حيث يعامل الأفراد طبقاً لمكانتهم وليس طبقاً لكفاءات وحاجات خاصة مرتبطة بمجال سياسي خاص ، فإذا ما فرضت قواعد بيروقراطية على مثل هذه الثقافة فإنها سرعان ما تتقيد بهذه القواعد التقليدية ، ومن الصعب على البيروقراطية أن تتغلغل وتتغلب على القواعد التقليدية في المجتمع مهما بدت الضوابط الجديدة عقلانية ([35]) .

إن العبء الثقيل الذي تتحمله الدول حديثة الاستقلال يتمثل في أنه يجب عليها أن تخلق ثقافات سياسية جديدة قبل أن تحل أياً من أزماتها ومشاكلها كمشكلة بناء المؤسسات السياسية ، والتوزيع ومشكلة صنع القرار والتغلغل والمشاركة السياسية ([36])،ولكن المشكلة الكبرى أنه لا يمكن خلق ثقافة سياسية إلا بالمؤسسات السياسية([37]).

وهناك ارتباط بين مدى التجانس في الثقافة السياسية واحتمال الاستقرار السياسي في المجتمع ، وفي إطار علاقة الثقافة السياسية بالنظام السياسي ومؤسساته أثار فيربا ثلاثة أبعاد رئيسية ([38]) :

أ – الهوية القومية : ويقصد بها دور الثقافة السياسية في تحديد الشعور بالانتماء أو الولاء ، فتلك هي نقطة البدء في التنظيم الاجتماعي ، وتؤثر على نوعية التأييد السياسي وشكله وعلى شرعية النخبة الحاكمة وشرعية المؤسسات السياسية ، وعلى مدى وجود رموز سياسية مشتركة ([39])، وضمان مساندتهم له باستمرار ، وهذا من شأنه تمكين المؤسسات السياسية من تخطي مختلف الأزمات والمصاعب التي تواجهها . ولعل هذا الشعور بالانتماء ، بما تفترضه من طرح النظرة المحلية الضيقة جانباً والاستعداد لممارسة الحقوق وأداء الواجبات العامة ، عنصر لازم لنجاح عملية بناء الدولة ، أي إقامة المؤسسات والهياكل السياسية ، فضلاً عن أدائها لوظائفها بقدر معقول من الفعالية ([40])، وتمثل الثقافة الخارجية الإقليمية منها والدولية أهمية أخرى في بناءالمؤسسات السياسية ، إذ أنها تلعب دوراً بارزاً في تحديد شكل النظام ومؤسساته في الدول النامية باعتبارها مصدراً لأنماط الحداثة الوافدة من بيئات سابقة التقدم ([41]).

ب – مخرجات المؤسسات السياسية السلطوية : أي الكيفية التي ينظر بها الشعب إلى عمل المؤسسات الحكومية وتوقعاته بخصوص النظام السياسي ومؤسساته ونوع المخرجات .

جـ – عملية صنع القرار : بمعنى كيف تتم عملية صنع القرار السياسي ، وما هي القوى المؤثرة على هذه العملية ودور الشعب في المشاركة وتأثيره على المؤسسات السياسية من خلال المؤسسات السياسية الوسيطة الشرعية ([42]).

2- القيم السياسية وبناء المؤسسات :

حينما تنشأ المؤسسة في المجتمع فإنها تعكس العديد من القيم السياسية الموجودة في إطار البيئة التي نشأت فيها ، وهذه القيم تتغير بانتقال المجتمع من مرحلة ما قبل الانطلاق عبر مرحلة الانطلاق إلى مرحلة ما بعد الانطلاق ، وخلال هذه العملية تخلق الطبيعة الانتقالية للقيم توترات مبنية على هذه المراحل ، فمؤسسات الانطلاق الأولى لابد وأن تتمشى مع القيم السائدة ، وإلا لما تكونت ، ولكن بعد أن تنقضي على هذه المؤسسات فترة زمنية محددة وتصبح مقبولة من المجتمع ، تكون القيم قد تغيرت ، وقد تخلق مؤسسات جديدة مماثلة ، وبالتالي يمكن أن تدفع القيم الجديدة إلى ما هو أبعد، وهذا التطور في القيم يوحي بالأثر العميق للمؤسسات المنشأة سابقاً في مرحلة الانطلاق على المؤسسات اللاحقة ([43]) .

فالقيم والمؤسسات تتفاعل ، فالمؤسسة تغير القيم بقيم جديدة ثم تعتمد عليها ثم تغيرها إلى قيم أخرى جديدة ، وهكذا. ومع ذلك ربما تبرز الحاجة إلى ضرورة الاتفاق القيمي داخل المجتمع خلال عملية الانتقال عبر المراحل المختلفة ، والاتفاق الأمثل يتضمن غالباً بعض الاختلافات لأنه يستخدم كمصدر للقوة والمرونة المؤسسية ، غير أن درجة من الاتفاق مطلوبة مسبقاً لبناء أو تطوير أي مؤسسة . والاتفاق يمكن اكتسابه مباشرةَ عن طريق وسائط متعددة أو بطريقة غير مباشرة بخلق نوع المؤسسات المرغوب فيها ، ثم استخدامها كنموذج مشكل لمؤسسات أخرى ([44]).

والكثير يرى أنه من السهل الانتقال من التقليدية إلى الحداثة بإدخال القيم والمؤسسات الغربية الحديثة ، وقد تناسوا نسبية القيم بين الشعوب المختلفة ، لذلك فقد اصطدم كثير من الأنماط والقيم الحديثة بتيار القيم والأنماط التقليدية الموروثة([45]). لذلك فأغلب مؤسسات الدول النامية تعيش حالة انفصام حضاري بين معطيات الحياة المادية وبين القيم والسلوك الاجتماعي وبين المؤسسات الحديثة في بيئات ليس من الضروري أن تكون متخلفة ، ولكنها تختلف عن البيئات التي ظهرت فيها هذه المؤسسات ، إذ أن هذه الأخيرة مرت بمراحل تطور بطيء حتى وصلت إلى ما هي عليه ، بمعنى أن الجانب الفكري منها واكب الجانب المادي ([46]).

ثانياً : التقليدية والحداثة وإنعكاسها على المؤسسات السياسية :

إن تطبيق نتائج العلم والتكنولوجيا المتطورة ، والأخذ بالأنماط الحديثة ([47]) في الحياة تؤكد على أن العالم المعاصر يمر بتحولات حضارية كبرى ، وتسعى كل دول العالم بلا استثناء أن تصبح دولاً عصرية، ولا توجد دولة تحاول عن وعي وإرادة أن تبقى دولة متخلفة أو حتى تقليدية ، ومن ثم تواجه أغلب دول العالم والدول النامية على وجه الخصوص قضية صياغة النموذج الأمثل والملائم للعلاقة بين مقومات الحداثة والعناصر التقليدية ([48]).

وقد ظهرت إشكالية الحداثة والتقليدية في بناء المؤسسات السياسية في أغلب الدول النامية مع استقلالها عن الاستعمار الأوروبي، والذي ترتب عليه بناء دول معاصرة وظهور مهام جديدة، إذ تبين أن هذه الدول تعيش في حالة تخلف في جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وأن الاستقلال السياسي ما هو إلا بداية الطريق([49])لحمل أعباء التحديث وإنقاذ المجتمع من براثن التخلف،فكان عليها أن تسعى لبناء المؤسسات التي تعتبر أداة لتحقيق التحديث في المجتمع.

ويرى بعض الدارسين للمؤسسات السياسية أن الدول النامية بين اختيارين ، الاختيار الأول هو أن تنتمي كلية لثقافتها وميراثها ، والخيار الثاني أن تتبنى الأسلوب الحديث في بناء مؤسساتها على النموذج الغربي حيث يمثل هذا النموذج النسق الحضاري لهذا العصر . وثمة إختيار ثالث هو الجمع بيت القديم والجديد ، أو ما تصفه هذه الدراسة باسم “الثنائية” ، وتختلف باختلاف درجة إسهام كل من القديم والجديد ، والانتقال إلى الحداثة عملية ليست بسيطة ، فالدول النامية لا تملك خيارا للتخلص من شخصيتها المتأصلة بعقائدها وقيمها الحضارية وحدودها الاجتماعية والنفسية ، كما أنها لا يمكنها الانكفاء على تراثها لتعيش معزولة عن تأثير الحضارات المعاصرة في عصر من أبرز سماته الثورة التقنية في جميع أساليب الاتصال والمعلومات وما يتصل بها من تأثر بالقيم وأنماط السلوك وبالسياسات والتوجهات ([50]).

وتتضمن كل النظم السياسية في العالم بلا استثناء عدد من المؤسسات والأبنية البسيطة والمركبة، المتخلف منها أو الحديث، وبذلك يصبح القول بأن أبسط المجتمعات تمتلك شكلاً من أشكال المؤسسات السياسية ، فالنظام السياسي هو ظاهرة عالمية توجد في كل المجتمعات([51]).

ومن أهم المشكلات التي تواجه الدول النامية في مجال التقليدية والحداثة ، هي المعوقات المادية والبشرية والثقافية وانتشار ظاهرة الأمية التي هي من أكبر أعداء التحديث والتنمية ، لأن قدرات الإنسان الأمي محدودة وقلما يقبل التغيير ، وقد يرى أن أي تغيير يعد ضرر عليه وعلى أسرته ومجتمعه ، كما أن العادات والتقاليد في المجتمعات التقليدية تمثل عقبة أساسية في سبيل التغيير والحداثة ، لأنها تحافظ على ما هو قائم ، إذ أن دخول الجديد من المؤسسات والقيم أمر غير مرغوب فيه وبخاصة من الأجيال المتقدمة في السن ، وقد يحدث ما يسمى بصراع الأجيال الثقافي الذي يتضاد فيه رغبة الشباب في التغيير في وجه رفض متقدمي السن([52]).

وتنقسم المجتمعات من حيث نظمها السياسية وسماتها بصفة عامة إلى تقليدية وأخرى حديثة ، وهناك من يصف نوعاً ثالثاً هو المجتمعات الانتقالية التي تعيش مرحلة الانتقال بين ما هو قديم وما هو حديث.

1- المجتمعات التقليدية :­

يشير مفهوم التقليدية في مجال المؤسسات السياسية وفي إطار هذا المبحث إلى الأبنية والمؤسسات السياسية المرتبطة بالماضي بكل قيمها وسلوكها وأيديولوجياتها وأدائها([53]). ويقصد بالتقليدية أيضاً تميز هذه المؤسسات بقدر من الثبات النسبي من جهة، ويفترض أن هذه المؤسسات موروثة من جيل إلى جيل بما يعكس تقديساً واحتراماً من جهة أخرى([54]). كما أن التقليدية هي التي تعطي المجتمع خصوصيته وتحافظ على تفرده وسماته المميزة ، وهي تشير إلى مؤسسات ذات لون ونشاط سياسي تقليدي وذات علاقة قوية بالحاكم وتنتمي غالباً إلى قبيلة أو جماعة الحاكم ، وتقوم بدور اجتماعي واقتصادي محدد، وكان أحد اهتمامات المؤسسات التقليدية القديمة تحديد أو تحجيم بعض الآثار الناجمة عن إدخال بعض المؤسسات الغربية الحديثة التي قد تدخل المجتمع من خلال تحديث وتطوير بعض قطاعات الدولة ، مثل المؤسسات العسكرية (الجيش والشرطة) والتعليم([55]).

ولا تمثل التقليدية جسداً ثابتاً متماثلاً ونظاماً شاملاً يتميز بالتجانس ، كما يعتقده بعض الدارسين، إذ أن المجتمع كثيراً ما يكون مسرحاً للعديد من التغيرات التي تطرأ على المؤسسات السياسية والاجتماعية ..الخ ([56]). كما لا تعني التقليدية الأصالة و التراث بصفة الإجمال ولا تعني بالقدر ذاته الانكفاء عليه ، بل تعني قدراً من الانتقاء والتجديد والابتكار والإبداع([57]). وفي إطار الاحتمالات فإن المؤسسات التقليدية قد تتغير أو تتضاءل وتتلاشى أو تمتد وتنتشر ، وقد يلجأ المجتمع إلى تبني زيادة بناء المؤسسات السياسية التقليدية في سعيه لتحقيق أساس للإجماع تستند إليه السلطة السياسية([58]).

وتنقسم المجتمعات التقليدية إلى قسمين رئيسيين ، المجتمعات التقليدية القبلية ، والمجتمعاتالتقليدية غير القبلية :

أ-المجتمعات التقليدية القبلية والتي تعتبر القبيلة فيها وحدة سياسية واجتماعية واقتصادية وعسكرية قائمة على الروابط الاجتماعية والعصبية والتي تعتبر من أهم عناصر البنية الاجتماعية للقبيلة خاصة القبائل البدوية([59]).وترى كثيرمن الدراسات أن القبيلة نظام ، وأنها هي الأصل في المجتمع البدوي ، فكل خيمة تمثل أسرة ، ومجموعة الأسر تسمى فخذاً ، ويكون عدد من الأفخاذ العشيرة ، ومجموعة العشائر القريبة النسب يكونون القبيلة ، ويخضعون لرئيس واحد هو رئيس القبيلة ، ورئاسته تكون غالباً بالوراثة ، وقد يكون الرئيس أكبر أعضاء القبيلة سناً في بعض الأحيان([60]). وتتجمع الوظائف في ذلك النوع من المجتمعات في مؤسسة واحدة هي القبيلة غالباً ، وهي تؤدي جميع الوظائف حيث يجمع شيخ القبيلة مع حاشيته سلطات سياسية وقانونية وعسكرية وإدارية([61]).

ومن سمات هذه الأنظمة القبلية عدم وجود مؤسسات على نحو حديث ، وانعدام القوانين المكتوبة، إلا أن هناك أبنية أو أشخاصاً يؤدون أدواراً أو وظائف يمكن أن يطلق عليها مؤسسة ، كالعائلة مثلاً ([62])، أو القاضي ورئيس القبيلة ومجلسها . وتدار القبيلة وفقاً للأعراف والتقاليد السائدة . وتأتى المؤسسة الدينية والعلماء في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد مؤسسة القبيلة ، حيث لعبت دوراً مهما في الحياة الاجتماعية والتربوية والسياسية في المجتمع القبلي([63]).

والقبيلة نظام سياسي متقطع ، أي أنها لا تؤدي وظيفتها كنظام سياسي بشكل مستمر ، فلا توجد بها مجموعة من الأدوار والمؤسسات مميزة ومتخصصة لأغراض سياسية ، وليس للمؤسسات السياسية المتقطعة في نظام سياسي متقطع أهمية في عالمنا المعاصر ، ولكن الأبنية والأدوار المتقطعة يمكن أن توجد في كل النظم السياسية حتى في أكثرها تخصصاً وحداثة([64]).

والمجتمعات القبلية عموما تقاوم المؤسسات الحديثة حينما تحاول الظهور ، ويفتقر معظمها إلى التنظيم السياسي المركزي الذي تتمثل فيه المؤسسات السياسية المعاصرة (تشريعية وتنفيذية وقضائية) ، لكن هذا لا ينفي أن بعض تلك المجتمعات القبلية يتسم بنوع ما من أنواع النظم المركزية وتشابك مجال ونطاق السياسة بالعلاقة الشخصية والاجتماعية ([65]).

وإذا كانت القبيلة قد أوجدت مؤسساتها السياسية التي تلائم تكوينها ، فإن المجتمعات الإنسانية في تطورها لم تجد في تلك المؤسسات ما يفي باحتياجاتها ، ومن هنا ظهرت نظم تقليدية ذات مؤسسات سياسية متمايزة ومتنوعة في الأنماط .

ب- أما المجتمعات التقليدية غير القبلية فتتسم بغلبة الطابع الريفي وارتفاع نسبة القرى على المدن والمعاناة من تقطع الاتصال وهيمنة الروح الطائفية والدينية والأمية وضيق الأفق([66])، وتداخل العلاقات فيه . وتوجد الهياكل السياسية والإدارية في المجتمع التقليدي ظاهرياً فقط ، حيث أن الوظائف السياسية والإدارية تقوم بها مؤسسات كالأسرة والطائفة الدينية التي تسيطر على السلوك مثلها مثل الحزب السياسي والمكتب الإداري([67]). ويكون التعبير عن المطالب والمصالح في النظم التقليدية بواسطة أكبر الأفراد سناً في نطاق العائلة الممتدة وبواسطة موظفين حكوميين ورؤساء العائلات أو المجالس التي قد توجد على كل مستوى من مستويات السلطة ، فلم يكن تدفق المطالب إلى داخل النظام السياسي متناولاً بواسطة مؤسسات سياسية متخصصة كجماعات الضغط أو الأحزاب السياسية([68]).

وينظر البعض إلى المؤسسات السياسية التقليدية باعتبارها عقبات تعوق حركة المجتمع وتقدمه وتنميته السياسية ، إلا أنه لا يمكن قبول تلك النظرة على إطلاقها إذ أنه يمكن تحويل تلك المؤسسات إلى أدوات فعالة تعزز من الاستقرار([69])، كما أنه يمكن التقليل من قدرها إلى حد كبير ، وقد يتم تضخيمها من منظور قيمي . وهكذا تختلف أهمية هذه المؤسسات التقليدية باختلاف المجتمعات وباختلاف الظروف التي يمر بها المجتمع الواحد والتي تتراوح ما بين نظام مستقر وآخر يعاني من عدم الاستقرار ([70]) .

ومن جانب آخر فإن التغيرات الواسعة التي يشهدها المجتمع المعاصر لا يمكنها أن تفصل المؤسسات السياسية الحديثة عن الماضي ، بل يمكنها أن تخلق مزيج لمؤسسات من التراث وأخرى وافدة إليه من الخارج ، وهذا المزيج بين التقليدية والحداثة يختلف في تركيبه ، فقد تتدفق نماذج الحداثة الوافدة من الخارج بعنف وغزارة ، مما يعرض المؤسسات التقليدية للخطر ، وقد يخلق ذلك توترات واحتمالات الصراع والعنف([71]). فالمجتمعات التي في حاجة إلى تغيير مؤسسي كبير هي تلك التي تفتقر إلى الاستكمال الفعال للميكانزمات اللازمة لتحقيق مثل هذا التغيير بطريقة مرتبة ومنظمة ([72]).

وتتسم العملية السياسية في المجتمعات التقليدية بصفة عامة بما يلي :-

أ – لا يتميز مجال السياسة فيها بوضوح ظاهر عن مجالات العلاقة الشخصية والاجتماعية ، ويميل الجانب العاطفي والرمزي للسياسة للطغيان على جانب حل المشكلات أو صنع السياسات .

ب – توجد درجة إحلال مرتفعة بين الأدوار السياسة ، وتشيع الانشقاقات في العملية السياسية وتتسم بنقص الاندماج بين المشاركين ، وهذا الموقف وليد نقص في نظام الاتصالات الموجود في المجتمع ، كما أنه لا يوجد اتفاق واسع على الغايات والوسائل الشرعية للعمليات السياسية .

جـ – تتسم العملية السياسية بالفروق الحادة بين الاتجاهات السياسية للأجيال ، وتميل أحزاب المعارضة والصفوات الطموحة إلى الظهور بمظهر الحركات الثورية ، كما أن علاقة المناقشات السياسية ، من حيث كثافتها واتساعها ، بصنع القرارات السياسية ضعيفاً .

د – تتسم العملية السياسية بمعدلات مرتفعة في تجنيد العناصر الجديدة في الأدوار السياسية ، كما تعطي طبيعة الولاء السياسي لقيادة بعض الجماعات السياسية درجة عالية من الحرية في تحديد المسائل الاستراتيجية والتكتيكية .

هـ – مؤسسات المجتمع المدني ذات الادوار الوظيفية المحددة محدودة العدد وضعيفة الأثر .

و – تميل القيادات القومية إلى مخاطبة الجماهير غير الواعية أو غير المتخصصة ، كما تميل إلى اتخاذ مواقف أكثر وضوحاً بالنسبة للموضوعات الدولية منها بالنسبة للموضوعات الداخلية([73]).

2- المجتمعات الحديثة :

الحداثة قد تعني التجديد،والتجديد قد لا يعني قيام مؤسسات لم تكن موجودة،وإنما تشير إلى تغير في نوع وخصائص تلك المؤسسات،أي أن الحداثة لا تقتصر على المؤسسات الوافدة على المجتمع فحسب،وإنما تشمل تلك التي يبتكرها المجتمع

من خلال حركة التجديد، كما تمتد لتشمل التغير في الوظائف والأدوار والمفاهيم والسياسات المرتبطة بأنماط المؤسسات السياسية التي ظلت قائمة في المجتمع([74])، كما تمتاز بالديناميكية وبدرجة عالية من تقسيم العمل والتخصص والمؤسسية([75]). ويعني التحديث بصفة عامة نمو المؤسسات السياسية ذات الكفاءة التي تستطيع مواجهة ضغوط التعبئة الاجتماعية والمساهمة السياسية ([76]).وقد يشير استخدام مصطلح الحداثة إلى تبني الأنماط الثقافية والمؤسسات الوافدة من الغرب على وجه الخصوص، إذ أن تشابك وتداخل سمات وعمليات التحديث (التصنيع والتنمية) قد انعكس على مفهوم الحداثة ([77]).

ولا تعني الحداثة المؤسسات السياسية في الجانب المادي فقط ، وإنما تعني أيضاً من يشغل الأدوار في تلك المؤسسات وسلوكه طبقاً لقواعد السلوك والوظائف التي تقوم بها ، كما تشمل العمليات السياسية سواء تمت داخل مؤسسات السلطة مثل عمليات التحويل أو تمت خارجها مثل بعض المدخلات والمخرجات ([78]).

وقد يفسر البعض الحداثة بالتصنيع ، إلا أن هذين المفهومين ليسا متساويين على الرغم من ارتباطهما التاريخي ([79])، فالتحديث يعد مفهوماً أكثر شمولاً . لأنه يمكن أن يحدث بمنأى عن التصنيع، وكما لاحظ David Apter ،فإن التحديث في الغرب قد حدث عن طريق التجارة والتصنيع ، بينما في بعض المناطق غير الغربية تم التحديث عن طريق التجارة والبيروقراطية ، وهكذا فإن التحديث يمكن أن ينظر إليه كشيء ينفصل عن التصنيع ، و قد يحدث من خلال التصنيع في الغرب ولكنه يحدث التصنيع في مناطق أخرى ([80]).

فالتحديث والتصنيع يتضمنان عنصراً حاسماً للنمو الاقتصادي ولكن مثل هذا النمو يمكن أن يحدث بغض النظر عن التصنيع، ودائماً ما يعد هذا النمو عنصراً مكملاً للتحديث ([81]) . والتصنيع بمفاهيم بسيطة هو تنمية اقتصادية عن طريق تحويل مصادر وكميات الطاقة المستخدمة . ويتضمن التحديث نمواً اقتصادياً يقوم على التصنيع ، وقد لا يقوم عليه وهكذا فإنه يمكن الإشارة إلى التصنيع على أنه نمو اقتصادي يحدث من خلال تطبيق التكنولوجيا على التنمية الصناعية ، وعلى التحديث كعملية عامة يتضمن نمواً اقتصادياً بالإضافة إلى التنمية الاجتماعية والثقافية ([82]).

وبعبارة أخرى يعتبر التحديث مفهوماً أكثر شمولاً من التصنيع ويتضمن تغييرات سياسية واجتماعية تصاحب النمو الاقتصادي . وإن كان هناك اختلافاً بين الدارسين حول معنى التحديث إلا أنه يوجد قدر كبير من الاتفاق على الخصائص التالية للتحديث :

أ- درجة من النمو الذاتي المتواصل في الاقتصاد أو على الأقل نمو يكفي لزيادة الإنتاج والاستهلاك بشكل منتظم.

ب – درجة من المشاركة العامة في الممارسة السياسية .

جـ – انتشار المعايير العلمانية و الرشيدة في الثقافة .

د – زيادة الحراك في المجتمع .

هـ – تحول من الشخصية العامة يعد الأفراد لأن يعملوا بفعالية في نظام اجتماعي يعمل طبقا لخصائص معينة.([83])

ويجب أن لا نخطئ هنا في الاستنتاج بأن هناك طريقاً واحداً إلى التحديث ، وأن عملية التحديث تقود إلى نتيجة واحدة. ففي الحقيقة إذا كان المحيط الاجتماعي الذي يتم فيه التحديث يختلف باختلاف الأمم أو المجتمعات فإننا نتوقع اختلافات في عملية التحديث ([84]). وعلى المستوى النفسي يتضمن التحديث انتقالاً أساسياً في قيم واتجاهات وتوقعات الإنسان التقليدي ومؤسساته إلى قيم ومؤسسات وقوانين غير شخصية مثل الطبقة أو الدولة ، ويصاحب ذلك اعتماداً متزايداً على القيم العامة بدلاً من القيم الخاصة ، وعلى مستويات الإنجاز بدلاً من النسبية في الحكم على الأفراد ، ويتضمن التحديث على المستوى الفكري توسعاً ضخماً في معرفة الإنسان ببيئته الخاصة، وبحقوقه من مؤسسات المجتمع ، وبواجباته تجاهها ، ويميل التحديث اجتماعياً إلى أن يضيف إلى المؤسسات الأولية بعداً جديداً وتوسعاً رأسياً وأفقياً بحيث تستوعب وظائف حديثة([85]).

وتبدو البيروقراطية أنها جزء لا يتجزأ من عملية التحديث ، حيث يمكنها أن تقدم إطاراً قانونياً ونظاماً اجتماعياً ضرورياً لعملية التحديث، ويمكنها أن تنفذ العديد من القرارات السياسية والسياسات الحكومية التي تدعم النمو الاقتصادي ، ولكنها يمكن أن تفعل ذلك فقط بدرجة اقترابها من النمط المثالي الذي أوضحه ماكس فيبر . وبطبيعة الحال فإن البيروقراطية في أي مجتمع لا تعمل تماماً بأسلوب غير شخصي ورشيد و فعال ، ويتمثل الأمر في أنه كلما اقتربت البيروقراطية من ذلك النمط المثالي كلما أمكنها أن تسهل عملية تحديث المؤسسات ([86]).

والحداثة عملية متعددة الوجوه تتضمن التغيرات في جميع مجالات الفكر والنشاط الإنساني ، وتجعل الأفراد الذين يعيشون في ظل قوانينها يشعرون بأنهم كيان مكتمل فيما يتعلق بالوجوه الأساسية للتحديث والتمدن والتصنيع والإشباع والنزعة الدنيوية والديمقراطية والتعليم والمؤسسات والقوانين واللوائح المساهمة في الحياة العامة والإعلام الجماهيري([87]).

وفي إطار عمليات التحديث قد تقف الحكومة عائقاً له ، فمن وجهة النظر الاشتراكية تعد الدولة منظمة تخدم مصالح الطبقة المالكة ولهذا فإنها تعوق التغيير الضروري . والدولة هنا هي دولة الطبقة الأقوى والمسيطرة اقتصادياً ، والتي من خلال أدواتها تصبح أيضاً طبقة مسيطرة اقتصادياً وهكذافإنها تحقق وسائل جديدة للسيطرة واستغلال للطبقة الكادحة([88]). ومن جهة أخرى لعبت الحكومات دوراً فعالاً في بعض البلاد مثل الولايات المتحدة و اليابان وكوريا الجنوبية في كل مجالات التغيير الرئيسية من حيث تصنيع الأمة ونمو التعليم والعلم ونموذج استخدام الأرض والنمو الاقتصادي التي أعطاها العمل الحكومي والمساعدة الحكومية دافعاً قوياً ([89]) .وإذا ما نظرنا إلى دور الحكومة في التأثير على أي نوع من التغيير على أي مستوى فإن هذا الدور قد يختلف ، فيمكننا في إطار دور الحكومة في التنمية الاقتصادية على المستوى المؤسسي أن نحدد على الأقل ثلاث طرق سياسية مختلفة في تشكيل تلك التنمية ([90]) :-

أ- الطريقة الأولى أن الحكومة قد تعمل لتأسيس أوضاع تسهل التنمية الاقتصادية ولكنها لا تقوم بدور فعال في تلك التنمية ، وتتضمن تلك الأوضاع توفير نظام اجتماعي آمن و تدعيم أنواع مختلفة من التنمية التجارية و الصناعية من جانب المستثمرين في القطاع الخاص .

ب- الطريقة الثانية أن الحكومة قد تحاول أن ترتب بشكل فعال عملية التنمية بدرجة معينة، مثال ذلك قد تطلب جماعات مصلحة معينة نوعاً من الحماية في مجال معين حتى لا يتم استيعابهم بواسطة جماعات قوة أكبر وحتى يمكن للسوق أن يستمر بوضع تنافسي .

جـ- الطريقة الثالثة أن الحكومة قد تشترك بشكل مباشر في تخطيط وتنفيذ التنمية الاقتصادية عن طريق آليات متعددة كتأمين بعض الصناعات وتوفير أنواع مختلفة من المواردالضرورية للتنمية وتحديد الأولويات و الأهداف القومية .

وقد أشار Chodak إلى أن النمط الأول يمثل خاصية للمراحل الأولى للرأسمالية أما النمط الثاني والثالث فيمثلان خاصية للرأسمالية و الاشتراكية في مراحلهما المتقدمة بشكل خاص([91]) ، وبعبارة أخرى فإن نمط الحكومة سوف يحدث اختلافات في مسار التغيير الاقتصادي ، و نمط الحكومة هنا يشير إلى الأنظمة السياسية المختلفة محافظة أو ليبرالية أو راديكالية ، كما يشير إلى الأبنية المختلفة و عدد الأحزاب و درجة السلطوية ودرجة قوة البيروقراطية ([92]) .

ومن المسلم به بشكل عام أن الدولة القوية تعد أمراً أساسياً للتحديث المعاصر فبالنسبة لبعض الدارسين تعتبر الدولة القوية شيئاً مساوياً للدولة السلطوية ، بينما يحتج آخرون بأن الدولة الديمقراطية قد تحقق الكفاءة بطريقة أكثر إنسانية ، ويشير البعض الآخر إلى أن الديمقراطية سوف تعوق النمو الاقتصادي ، و ذلك بسبب أن ذلك النمو يتطلب بالضرورة توجيه الخبراء واستعداد الأفراد لأن يضحوا بالاستهلاك الحالي من أجل مكاسب اقتصادية طويلة الأجل ، ويحتج آخرون بأن النظم السلطوية لها تكاليفها الاقتصادية والاجتماعية ، وأن النسق التعددي والديمقراطي هو الذي يقدم أساساً خلاقاً لبناء الاقتصاد ، وهذه المسألة تثير غموضاً أكثر نتيجة لحقيقة أن كلا الجانبين يمكن أن يقدم دليلاً ، فكل من الدول السلطوية والديمقراطية تملك معدلات عالية ومنخفضة من النمو ، وأنه في العالم المعاصر هناك حاجة للنظام السلطوي في المراحل الأولى للتنمية والتحديث وذلك لزيادة عملية مشاركة المواطنين حيث تبدأ عملية النمو.

إن الحكومة تعد أمراً أساسياً في الدول النامية ويجب أن تكون الحكومة حكومة قوية لكي توفر الظروف الاجتماعية والاقتصادية و السياسية اللازمة لدفع التحديث ، وسواء تم اختيار حكومة سلطوية أم ديمقراطية ، فإن ذلك الأمر يجب أن يتم تحديده على أسس لا تمس فعاليتها النسبية في النمو الاقتصادي ، و على الأقل من منظور ما يعنيه التحديث ، فإن وظائف الحكومة تعد أمراً أكثر حسماً من الشكل الذي تتخذه هذه الحكومة ([93]).

ويتسم المجتمع الحديث بتعدد المؤسسات السياسية المتخصصة والتي يكون فيها لكل وظيفة مؤسسة معينة تقوم بأدائها بانتظام وحدودها واضحة المعالم([94]). ومن أهم سمات التحديث السياسي والمجتمعات الحديثة ونظمها السياسية ما يلي :

أ – ترشيد السلطة وتبديل سماتها التقليدية والدينية والأسرية والعنصرية بسلطة حديثة موجهة هي السلطة السياسية الوظيفية، ووجود نظام مهني مكتمل النمو مستقل عن الأبنية والمؤسسات الاجتماعية الأخرى، وتوفر القدرة لدى النظام السياسي ومؤسساته على تحويل المدخلات إلى مخرجات، ومدى تأثيرها على بقية المجتمع، وهو يرتبط بأداء مؤسسات السلطة([95]).

ب – التمايز بين الوظائف السياسية الجديدة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) وتنوع مؤسسات المشاركة عالية التخصص والتعقيد ، محددة الوظائف ، وفصل المجالات القانونية والعسكرية والإدارية عن المجال السياسي . وتخصيص الأدوار السياسية في المجتمع الحديث يتم على أساس معايير الإنجاز أكثر من المعايير الشخصية ، ويكون التسلسل الوظيفي أكثر تحديداً وتعقيداً، إذ لا يصل الفرد إلى هذه المراكز إلا عن طريق الاكتساب وليس عن طريق الوراثة ، والتجنيد يكون مفتوحاً نسبياً ([96]).

جـ – وجود المؤسسات الحزبية القادرة على المنافسة الحرة مع بعضها على القوة أو السلطة السياسية ، وجماعات المصالح القادرة على ممارسة التأثير على قرارات الحكومة غير خاضعة لرقابة من قبل الحكومة ، ويكون باب المنافسة على السلطة مفتوحاً ومعلن ، ويتم طبقا لإجراءات مؤسسية مقبولة من كل الأطراف ، كانتخابات دورية قائمة على أساس الاقتراع العام([97])، تحقق زيادة مساهمة الجماعات الاجتماعية في المجالات السياسية ، بحيث يهتم المواطنون بشئون الدولة وتتوفر درجة عالية من الاندماج السياسي داخل البنية الحكومية ، والاعتراف بالمساواة الأساسية بين جميع طوائف الشعب([98]) ، ووجود نظام طبقي قائم على المساواة ومؤسس على أنماط عامة للأداء المهني (في الدول الديمقراطية) .

د – يسود في المجتمع الحديث التركيز على حكم القانون وسيادته ،والاسترشاد بالفعل والتجارب والخبرة ، وإلزامية قرار الأغلبية ، واحترام حقوق الأقلية ، والاعتراف بالحقوق المدنية وحمايتها ، مثل حق إبداء الرأي وحرية العقيدة واللغة ، ووجود نظام قضائي مستقل قائم على نظام قانوني غير شخصي .

هـ – شيوع الإجراءات والتنظيمات والقوانين الرشيدة في صنع القرارات السياسية والإدارية كبيرة الحجم وواسعة النطاق وعالية الفعالية .

و – عدم احتكار الحكومة وسائل الإعلام الجماهيري، واستطاعة الأخيرة في حدود معينة انتقاد الحكومة عبر تلك الوسائل .

ز – شيوع فعالية الإحساس بالانتماء للتاريخ والأرض والدولة القومية .

حـ – اهتمام وانخراط شعبي كبير في النظام السياسي ، وإن لم يكن بالضرورة في جوانب صنع القرار ، وتخصيص الأدوار السياسية على أساس معايير الإنجاز أكثر من المعايير الشخصية ([99]) .

ط – ينتشر في المجتمعات الحديثة تطبيق التكنولوجيا والتساند الاجتماعي الواسع النطاق والتحضر والحراك الاجتماعي، وعملية الاستغلال الرشيد للموارد([100])، والتصنيع والتنوع وانتشار الوسائل التقنية وانخفاض نسبة الأمية وارتفاع معدلات التعليم واتساع المشاركة السياسية ([101])، والمعرفة العلمية والهندسية والإدارية .

ي – إمكان أن تكون السلطة مركزية أو مشتتة في النظام الحديث عموماً ، وجزء أكبر من المجتمع منهمك في علاقات خاصة بالسلطة أكثر مما هو سائد في النظام التقليدي([102]).

هذه بعض سمات المجتمعات الحديثة ونظمها السياسية التي تفتقر إليها معظم الأنظمة السياسية التقليدية .

وتدفق سمات وعناصر الحداثة إلى المجتمع الذي تغلب عليه القيم والمؤسسات التقليدية من شأنه أن يخلق صراعا بين القيم وأشكال الولاء القديمة وتلك الحديثة الواردة ، مما يخلق أزمة الهوية. كما أن تزايد أعداد المؤهلين والراغبين في المشاركة السياسية ونوعية هذه المشاركة ، وازدياد حجم المؤسسات الاجتماعية والسياسية وأعضائها بما يتجاوز الإمكانيات والقدرات الاستيعابية للمؤسسات التقليدية ، كل ذلك يحدث أزمة المشاركة ([103]). كما أن تأثير احتمالات مقاومة التقليدية لمحاولات السلطة المركزية الحديثة للوصول إلى جميع نواحي المجتمع قد تنتج عنها أزمة تغلغل . كما تنشأ عن إثارة الشقاق والصراع بين الجماعات والقيـم المرتبطة بالتقليدية وتلك المرتبطة بالحداثة أزمة تكامل([104]). ويؤدي تزايد المطالب الشعبية بتوفير المنافع والخدمات وعدالة التوزيع بما يفوق قدرة مؤسسات السلطة إلى أزمة توزيع حيث يتوقف ذلك على مدى قدرة السلطة السياسية ومؤسساتها على التكيف في إطار المؤسسات القائمة أو خلق مؤسسات جديدة لإشباع هذه المطالب التوزيعية ، والتي بدونها قد يجد النظام السياسي نفسه في عزلة عن المجتمع ، وقد يفقد شرعية وجوده مما يخلق أزمة شرعية([105])، التي تتركز في مشكلة الاتفاق على التحول من الأسس والمؤسسات التقليدية للشرعية إلى أسس ومؤسسات أخرى حديثة .

وتكمن مشاكل الدول الحديثة في كيفية خلق مؤسسات سياسية مستقرة أو كيفية الانتقال من مؤسسات تقليدية إلى مؤسسات حديثة وتأقلمها مع البيئات المتغيرة أو مع التغيرات الداخلية داخل المجتمع الواحد([106]).

وتعتبر قيادات الدول النامية التحديث هدفاً قومياً ولكن ليس في صورة المجتمع الغربي ، ومعنى هذا أن التحديث في هذه المجتمعات يؤدي إلى مجتمع تقليدي حديث يجمع بين الأصالة والمعاصرة ، وهو ذلك المجتمع الذي يستطيع أن يضع نفسه في مصاف الدول الحديثة مع محافظته على تقاليده وقيمه الخاصة ([107]).

بينما لا يرى بعض القادة في تدفق المؤسسات السياسية الحديثة وسيلة لحل المشكلات المتأصلة في المجتمع التقليدي ، ذلك لأنهم يظنون أن بإمكانهم حل جميع المشاكل بأنفسهم ، دون حاجة إلى مؤسسات ، وأن وجودها واستخدامها إنما هو لتكملة مظاهر الأبهة وإعطاء انطباع مظهري للعملية السياسية بما يكفل المحافظة على الأوضاع القديمة في ثوب عصري([108]) .

غير أن مفهوم الحداثة -كما تم تغطيته سابقاً- أصبح يتخذ أبعاداً جديدة في ظل ظاهرة العولمة التي برزت وكأنها نظام عالمي أَجَدّ(8) ، وبالرغم من أن هذه الظاهرة لم تعطي نتائجها المتعددة إلا بعد إنتهاء فترة الدراسة 1985 وبالتحديد منذ بداية التسعينات ، إلا أن الأمر يستدعي إلقاء الضوء على نتائج شيوع العولمة بأبعادها وتجلياتها المتعددة على مفهوم الحداثة

وتظهر العولمة كمفهوم في أدبيات العلوم الاجتماعية الجارية كأداة تحليلية لوصف عمليات التغيير في مجالات مختلفة([109]). وتعد الثورة المعرفية التي تتركز أساساً في الانتقال من الحداثة إلى ما بعد الحداثة أحد ثلاث ثورات تم تحديدها،وتحدث بشكل متزامن ومترابط في عالم اليوم،والثورتين الباقيتين تتركز في الثورة السياسية وتعني الانتقال من الشمولية والسلطوية إلى الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الانسان ،والثورة القيمية وتعني الانتقال من القيم المادية إلى القيم ما بعد المادية([110]).

ويرى الباحثين أن هناك أربع عمليات أساسية للعولمة من بنها الحداثة ، وهي المنافسة بين القوى العظمى ، والابتكار التكنولوجي ، وانتشار عولمة الانتاج والتبادل ، والتحديث([111]) . كما يمكن التأكيد على أن الحداثة تعد أحد أهم الأطروحات التي تتضمنها العولمة وهي أطروحة إعادة التوزيع ، أطروحة الإقليمية ، أطروحة التحديث ، أطروحة الثورة الاتصالية ورمزها البارز وهو شبكة الإنترنت . وهكذا يمكن القول أن العولمة مفهوم أشمل وأعم من الحداثة ([112]).

وهناك أوصاف تلصق بالعولمة ، قد لا تغني عن تحليل مكوناتها ، وإن كانت تعطي فكرة مبدئية عن هذه العملية التاريخيه وأطروحاتها وعملياتها والتي منها التحديث ، فمثلاً يعرف بعض الباحثين العولمة على أنها مجموعة من العمليات التي تغطي أغلب الكوكب أو التي تشيع على مستوى العالم، وبذلك تتخذ العولمة بعدأ مكانياً واسعاً يشمل العالم كله لأن السياسة والأنشطة الاجتماعية الأخرى أصبحت تنتشر في كل أنحاء المعمورة .

والعولمة من ناحية أخرى تتضمن تعميقاً في مستويات التفاعل، والاعتماد المتبادل بين الدول والمجتمعات والتي تشكل المجتمع العالمي،وهكذا فبالاضافة إلى بعد الامتداد إلى كل أنحاء العالم ،يضاف بعد تعميق العمليات الكونية([113]) . وطبقاً لما سبق قوله تكتسب الحداثة التي هي أحد أهم أطروحات العولمة وعملياتها أبعاداً جديدة ، بعد مكاني واسع يشمل العالم كله ، وبعد يتضمن تعميقاً في مستويات التفاعل .

ويعرف المفكر السوري صادق جلال العظم العولمة تعريفاً عاماً بقوله “هي حقبة التحول الرأسمالي وبقيادتها وتحت سيطرتها،وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ “([114])،وبالتالي فالحداثة في ظل هذا التعريف العام للعولمة تتخذ من النموذج الرأسمالي الغربي نموذجاً فريد لها،بعد أن كانت هناك نماذج تحديثية أخرى بجانب هذا النموذج الرأسمالي مثل النموذج الغربي الاشتراكي.. إلخ.كما أصبحت الحداثة حركة تاريخية واسعة يصعب مواجهتها والتصدي لأبعادها.وفي هذا الإطار يجدر ملاحظة أن الحداثة لا تسير وتنتشر على النطاق القومي بغير مقاومة – يقصد بالمقاومة هنا هو إعطائها خصوصية – فهناك صراع بين الحداثة والمحلية نابع أساساً من الصراع بين العولمة والمحلية،فالعولمة تقلل من أهمية الحدود، بينما تؤكد المحلية على الخطوط الفاصلة بين الحدود،والعولمة تعني توسيع الحدود، في حين أن المحلية تعني انحسار الحدود، وفي المجال الثقافي والاجتماعي تعني العولمة انتقالاً للأفكار والمبادئ وغيرها، بينما المحلية قد تميل في بعض الأحيان إلى منع انتقال الأفكار والمبادئ. ويشهد على ذلك تحفظ بعض الدول العربية من السماح للأفراد بإستخدام شبكة الإنترنت بينما دول عربية أخرى أكثر ليبرالية مثل مصر لا تضع أية قيود على استخدام الإنترنت، ومن هنا يمكن القول أن قبول مختلف جوانب العولمة قد يختلف من بلد إلى آخر([115])، وبالقياس ينطبق هذا التحليل على الحداثة-بثيابها الجديدة في ظل العولمة- والمحلية.

والحداثة باعتبارها أحد أهم أطروحات العولمة وعملياتها الأساسية تتمحور حول هيمنة القيم الغربية ، سواء بصورة صريحة أو ضمنية . وهي تعيد صياغة عديد من الأفكار التي وردت من قبل في النظرية الليبرالية ، وعلى الأخص التراث العلمي المبكر الخاص بنظرية التحديث ، وهذه الأفكار تركز على إنتشار رأس المال والتكنولوجيا والثقافة ، مع توقع تأثر النظم ببعضها البعض ، بحيث تصبح في النهاية متشابهة إلى حد كبير . وعادة ما يتم ذلك عن طريق تقليد المؤسسات الاقتصادية والسياسية الغربية في الجهاز الحكومي والقطاع العام ، وتفضيل ممارسة الأعمال الاقتصادية وتركزها في القطاع الخاص ، والنموذج المحتذى به هنا هو الديموقراطية الغربية والتحديث على الطريقة الأوروبية([116]) .

ومجمل القول أثبتت العولمة أن الحداثة ليس لها نهاية ، بل هي في تطور متواصل ولا نهاية لها ، غير أنها ترتدي أشكالاً متتالية طبقاً لإجاباتها على التحديات التي يواجهها المجتمع في لحظة تاريخية معينة . وفي ظل هذا الوضع تصبح الحداثة في حركة دائمة وليست منظومة مغلقة محددة . وهناك تساؤلات تعبر عن هذه الحركية تتمثل في من يقوم بالحداثة هل الأفراد أم الطبقات الإجتماعية أم الأمم أم المجتمع المنظم في إطار الدولة ؟ وكيف تتحقق الحداثة؟ وما هي معايير قياس فعاليتها؟ وما هي التحولات التي يتم إنجازها وتتفق مع أهداف الحداثة؟ وهل تتفق تلك التحولات مع تصورات صانعي القرار وأهدافهم الأصلية؟ ..إلخ([117]). إلا أن هناك قاسماً مشتركاً أصبح يجمع تلك الأشكال المتنوعة ظاهرياً وهو أن الحداثة أخذت تقترب بالتدريج من أيديولوجيا الليبرالية الجديدة أي سيادة السوق في إدارة الإقتصاد، وبمعنى آخر أصبحت الحداثة ومفرداتها تتكيف مع الليبرالية الجديدة([118]).

وأصبح في الوقت الراهن الخطاب المهيمن في الفكر الإجتماعي الحديث يدعو إلى الإذعان لقوانين السوق التي لا مفر منها، ففي النموذج الرأسمالي يصبح المجال الاقتصادي -لأنه مهيمن- مجالا يتمتع بدرجة من الإستقلالية الذاتية تجعل قوانينه تفرض نفسها . وبالتالي فالحداثة قبل العولمة كانت تخضع لسلطة المشرع صانع القرار، أما في ظل العولمة فهناك ميلاً لأن تخضع الحداثة لقوى الرأسمالية وقوانينها (قوانين السوق) التي تشبه قوانين الطبيعة، وهذه القوانين هي التي تفسر سير المجتمع وعلاقات الإعتماد المتبادل بينأجزائه([119]).

كما أصبح حصر الحداثة ومفرداتها في أطر فكرية ونظريات كلية (كالمشروع الإشتراكي، المشروع الوطني للتحديث..إلخ.) أو إقتران مفرداتها بخصوصيات وطنية معينة، أمراً غير مجدي نظراً لانتشار الفكر الإجتماعي الذي أضحى خاضعاً لقوانين الرأسمالية، وتمحور مفهوم الحداثة حول تغيير البيئات الداخلية للدول المختلفة في ظل مقولة تغيير العالم المحيط بتلك البيئات الداخلية لتلك الدول([120]).

3- المجتمعات الانتقالية :

تصف بعض الدراسات المجتمع الانتقالي بأنه مجتمع غير اندماجي أو متكامل تماماً، فهو يجمع بين صفات المجتمع الصناعي والمجتمع الزراعي،وبين صفات البساطة وسمات التعقيد ، والتشابك الوظيفي،فهو مجتمع يتصف بالتمايز والتعدد الهيكلي البنائي ([121]). وهو مجتمع توجد فيه التكوينات القبلية والبدائية جنباً إلى جنب مع المؤسسات الحديثة كمؤسسات التعبير عن المصالحوالبرلمان والوزارات المختلفة ، ومثال ذلك السودان والإمارات وماليزيا ([122]).

والمجتمع الانتقالي هو مجتمع مختلط يجمع بين القديم والجديد،لكنه لم يستقر بعد على وضع باعتباره تقليدياً أو حديثاً، وتملأ الأدوار في المجتمع الانتقالي ظاهرياً،كما تحددها القوانين واللوائح على أساس التخصص والذي يجب أن يستند على المؤهل والخبرة والإنجازإلا أن شغل الوظائف في الواقع العملي يخضع للاختبارات القبلية والمراكز الاجتماعية في القبيلة([123]).

وتختلف المجتمعات المتجهة نحو التحديث عن المجتمعات الحديثة في حجم وقوة المعارضة لتشكيل التحديث ، والقوى الاجتماعية التقليدية والمصالح والعادات والمؤسسات المحصنة بشدة ، كما أن انهيار المراكز المحلية والدينية والعرفية ومراكز القوى الأخرى وتركيز السلطة في المؤسسات السياسية القومية والقبائل والقرى ذات السلطة المتركزة تتحدد بطريقة أسرع واسهل مما يحدث لدى ذوي السلطة المشتقة من المدن والعواصم ([124]).

أيضاً النمو الاقتصادي والسكاني السريع في المجتمعات الانتقالية مقرون بتركيز السلطة في يد مجموعة صغيرة من صفوة القوم ، كما أن الانخفاض في النمو المدني مقرون بتشتيت السلطة بين عدد كبير من المجموعات([125]).

ولا يوجد مجتمع في العقدين الأخيرين من القرن العشرين يمكن أن يصنف أو يوصف بأنه تقليدي تماماً ، ذلك لأن كل المجتمعات تجمع بين مزيج من سمات التقليدية والحداثة ، وتختلف نسبة وعلاقات تلك السمات اختلافاً واسعاً باختلاف المجتمعات المعاصرة ، ففي بعض الدول يميل هذا المزيج إلى التقليدية في صورة أكثر نقاء ، كما في اليمن وإثيوبيا وأفغانستان، بينما في دول أخرى يقترب هذا المزيج من الحداثة كما هي الحال في أمريكا وروسيا ([126]) .

وفي كل الحالات لا يمكن الجزم بأن التقليدية أم الحداثة هي التي تضمن قدراً من الاستقرار السياسي([127]).

ولا يعني توافد أنماط الحداثة على المجتمعات التقليدية انه ليس لهذه المجتمعات سمات خاصة ، فلكل أمة خصوصيتها التي تستطيع أن تشارك بها مع غيرها لصالح الجميع ، كما أن كل الجماعات في كل البلاد تشكو من التخلف في بعض النواحي ولا يمكن لأي جماعة مهما بلغت من الرقي الاستغناء عن الاستفادة من الخبرات والمثل العليا التي تقدمها الجماعات الأخرى في مختلف بلاد العالم([128]).

ثالثاً : التفاعل بين التقليدية والحداثة في بناء المؤسسات :

إن التطورات في عمليات الحراك الإنساني تلقائيا كان أو إرادياً يدل على أن هذه الحركة ما هي إلا تعبيراً حركياً عن مسلسل في عمليات التكيف أو التوافق المختلفة ، سواء بين الظاهرتين الإنسانية والطبيعية من زاوية كلية ، أو بين الظواهر الإنسانية وبعضها البعض من زاوية جزئية ، وأن ظاهرتي التكيف والتوافق تبرزان كتعبير كلي كيفي عن طبيعة العلاقة بين هذه الأطراف ،فيكون التكيف نتيجة لتبعية أحد الأطراف – في حركته – للطرف الآخرويتشكل حيث تتحقق هذه التبعية،بينما يكون التوافق نتاجاً للتكيف المتبادل بين الطرفين،فالظاهرة الأولى(التكيف)هي علاقة أحادية التكيف أما الثانية فهي مزدوجة التكيف وتعتمد درجة التكيف و التوافق على عاملين أساسيين هما:عامل موضوعي يعتمد على قوة التغيير الحاصلة في بيئة المتغير المعني وعلى درجة الجهد المطلوبة لتحقيق التوازن،حيث كلما كان التغيير كبير و عميق،كلما كانت درجة التكيف ضعيفة والعكس بالعكس،والعامل الآخر ذاتي ويعتمد على طبيعة المتغير نفسه ومدى قابليته للتغيير تبعاً للحالة البيئية الجديدةحيث كلما كان المتغير أكثر ديناميكية كلما كانت درجة التكيف عالية وسريعة والعكس بالعكس([129]).

وتصطدم عمليات التنمية و البناء بمشكلة الاختلاف في درجات التكيف بين المتغيرات المختلفة المشتركة في عملية المتفاعل الإنمائي ، الأمر الذي يجعل هذا الاختلاف أهم عقبة ليس أمام السرعة في الإنجاز ، بل وفي تحقيق قدراً ملموساً من الإنجاز . ولمواجهة هذه المشكلة لابد من العمل علىترويض المتغيرات المختلفة خاصة البشرية لمضاعفة درجة قابليتها للتكيف إزاء التغيرات الحاصلة والمتوقعة في البنيان العام ، والاهتمام بتنمية أكبر عدد من المتغيرات وبالقدر الذي يخلق نوعاً من التطابق بين القابليات والاستعدادات المختلفة كضمان لعدم بروز تفاوتات سلبية في درجة التكيف ([130]).

أما عن شروط التكيف فهما شرطان: الأول: شرط التوازن النفسي حيث يعد البعد النفسي للسلوك التنموي أو السلوك العملي بصورة عامة مصاحب لبروز الاهتمام بالبعد الإنساني كجزء أصيل وهام من التنظيم العام للمؤسسات المختلفة، ويضمن هذا التوازن قدرة الأفراد في المجتمع أو المؤسسة على التكيف والتوافق مع مجمل المتغيرات التي ترافق عملية التنمية، كما يحقق معدلات مشاركة عالية وناجحة. الشرط الثاني: شرط التوازن الاجتماعي، وهو المرونة الاجتماعية والتجانس الاجتماعي، وإمكانية الحراك الاجتماعي عبر درجات السلم الاجتماعي ومراكزه الأفقية و العمودية بدون أي معوقات ملموسة، ومدى القابلية الاجتماعية للتأقلم والتفاعل مع البيئة العامة المحيطة داخلية وخارجية.(3)

ومن آثار التوازن الاجتماعي، الاندماج الاجتماعي والإداري، حيث إذابة مختلف الحواجز الأساسية بين القوى والمستويات المختلفة ، مما يعمل على استبدال ظاهرة التمزق والتصدع وتعدد المحاور ، بظاهرة الوحدة البنيوية في كل من المجتمع و المؤسسة . كما يكون هناك سرعة في التجدد والتغير البنيوي ، وخاصة فيما يتعلق بالبناء الإداري ، وذلك كشرط يضمن سرعة تكيفه مع تيارات التغيير العالمية المعاصرة التي يصعب الانعزال عنها . ويؤدي التوازن الاجتماعي إلى مضاعفة الاستجابات الإيجابية العامة ، وإحلالها محل الاستجابة السلبية الممثلة في اللامبالاة العامة. كما يؤدي إلى دمج الإدارة العامة في المجتمع ،وتأكيدها كجهاز خدمة و إنماء عام وليس كجهاز سلطوي أو مصلحي ([132]) .

1- صور التفاعل :

إذا كان الاختلاف بين النظم السياسية يكمن في تباين الأهمية النسبية والوزن النسبي لكل من التقليدية والحداثة ، فإن هذه الاختلافات ترجع أيضاً إلى تعدد وتنوع صور العلاقة بين التقليدية والحداثة ([133])، وتطور وتغير أداة ووظائف المؤسسات كظاهرة تاريخية تشهدها كل النظم السياسية.

وتتخذ كل الدول أشكالاً ونماذجاً خاصة في مؤسساتها كحصيلة للتفاعل بين المعطيات التقليدية التي تكونت على مدى تاريخها ، وبين المؤثرات الحديثة التي قد تكون وافدة إليها ، وهذا الخليط من الحداثة والتقليدية في عدد من المجالات أهمها الثقافة والمؤسسات السياسية التي هي أدوات التغيير والتبديل ، يخلق مجالاً للعلاقة بين التقليدية والحداثة ([134])، فهناك خليط مشترك يتعلق بالأبعاد المختلفة للفرق بين المؤسسات الحديثة والمؤسسات قبل الحديثة ([135]).

إن العلاقة بين التقليدية والحداثة تتخذ أشكالاً عديدة ، فقد تتغير الأساليب التقليدية على نحو ينفصل عن التحديث ، ومن ناحية أخرى فإن التحديث يمكن أن يحدث دون تغير جوهري في التقاليد، ومن الممكن لجوانب من التقاليد أن يتم الحفاظ عليها في مواجهة التغيير في المجتمع الأكبر ، وقد يؤدي التحديث بالفعل إلى تسهيل الحفاظ على النماذج التقليدية . وهكذا فإن التغيير فيالتقاليد و عملية التحديث يمكن أن يحدث بشكل يستقل أحدهما عن الآخر ، وان التحديث قد يؤدي حتى إلى تقوية جوانب من التقاليد و يساعد عليها . وآثار التحديث متنوعة فعلى الرغم من أن التحديث قد اتخذ شكلاً خاصاً في الغرب ، إلا أن ذلك لا يعني أن المجتمعات الأخرى سوف تتخذ ذلك المسار . كما أن التحديث لا يلغي ما هو تقليدي ، فعناصر من التقاليد وجوانب من الثقافة التقليدية قد يتم الحفاظ عليها داخل نطاق مجتمع يتجه نحو التحديث. وفي بعض الحالات تقدم العناصر التقليدية قاعدة راسخة تقوم عليها عملية التحديث ([136]).

ولكل مجتمع ظروف داخلية تدعو إلى التحديث وتحثه عليه ، وظروف خارجية تضغط أيضاً على المجتمعات المحلية من أجل التغيير. وكثير من الناس يقبل التغيير، فهم يفضلون التغيير من أجل الاستقرار ، خصوصا تلك التغييرات في المجتمع أو المنظمة التي تفيدهم ، مثل الامتيازات الاجتماعية و الامتيازات المادية . والى جانب هذا فثمة عوامل ثبات تعمل على المحافظة على البناء الاجتماعي وعلى الأوضاع القائمة بحكم العادة والضرورة ، فليست كل التغييرات مفيدة لجميع المجتمع أو كل أعضاء المؤسسة ، فإذا كان البعض مستفيد فإن هناك من هم يعانون . إن أي نظام جديد سوف يعاق عن طريق من هم أكثر تضررا في الجماعة نتيجة لهذا النظام الجديد . إن هناك مقاومة أكثر للتغيير في المجتمع ، وبالذات حينما يحدث التغيير بسرعة ، وإذا لم يكن هناك حلول سريعة و فعالة لهذه الردود، فإن المقاومة ستكون أقوى ، ونتيجة لذلك تظهر اختلافات كثيرة في المجتمع وفي المؤسسات ، محدثة صراعات جدية ، وفي هذا الاعتبار تبدو مهمة المرونة التي تجعل المؤسسة أو المجتمع قادر على عمل التكيف بناء على البيئة المتغيرة . إن هناك عناصر متعددة تكون سبباً في خلق التعارض و التضاد بين التقليدية و الحداثة منها:

أ – تفضيل حالة الاستقرارحتى ولو كان التغيير سيفيد ، فمن يفضلون أن يكونوا كما كان حالهم عليه هم المحافظون المؤمنون بقوة بالتقاليد .

ب – نقص المعلومات عن عناصر التحديث وآلياته ، فالتحديث غالباً ما يواجه بسوء الفهم .

جـ – عدم التحضير للعمليات التحديثية ، فنجاح التحديث المخطط يعتمد بشكل كبير على أي درجة تم التحضير لها ، كما أنه من المفيد هنا السماح لمن سيتأثرون بالتحديث أن يشاركوا فيه .

د – ومن أسباب مقاومة التحديث هو التغيير في مكانة الطبقات في المجتمع مثل المقاومة المباشرة أو المستترة للمدراء القدماء لبرامج التدريب المتطورة والحديثة خوفاً من أن يكون هناك عملية إحلال لمراكزهم من قبل من يكتسب هذا التدريب.

هـ – تأثر العوائد المادية الشخصية للبعض يكون أحد أسباب مقاومة التحديث مثل ردود الفعل من قبل المهنيين القائمين على العملية الإنتاجية تجاه إحلال الآلة مكان الفرد ([137]).

   وهكذا يبدو أن المقاومة تختلف من مكان لمكان ومن وقت لوقت ، وبمعنى آخر تعتمد المقاومة على الحالة أين ومتى وكيف صار التحديث ، فقد تكون هناك عمليات تحديثية في مكان ما ويقبله المجتمع ، ويحدث مثل هذه العمليات في مجتمع آخر فتواجه مقاومة قوية ، كما قد يكون هناك تحديث في وقت ما ويرفضه المجتمع وحينما يقع هذا التحديث نفسه في وقت آخر يتم قبوله. إن هناك عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية مترابطة ومتداخلة تحدث المقاومة ([1]). إن التغييرات التي تقاوم بمرارة في حالة ما سوف تقبل دون أي سؤال في حالة أخرى ([2]).

    وهناك استحالة أن يكون التغيير وقفاً على عامل واحد فحسب ، سواء كان داخلياً أم خارجياً، إذ لابد من وجود مجموعة من العوامل قد يكون بعضها مباشراً والآخر غير مباشر ، إلا أن ابرز العوامل إنما يرجع إلى أهميته المباشرة وتأثيره الفعال في عملية التحديث ([3]).

    ولاشك أن استيعاب الأنماط الحديثة وتكيف المؤسسات للتعامل معها يتطلب تخطيطاً واعياً من النظام السياسي ، وفي طليعته النخبة المتعلمة والمثقفة ، وإقامة نظام حديث للتعليم ، وتطوير مؤسسات التنشئة السياسية والاجتماعية وما تؤديه من وظائف ، وبناء نظام متطور للاتصال يجعل من الممكن إدارة العلاقة بين عناصر التراث المحلي وعناصر الحداثة الوافدة على نحو أكثر ملاءمة وفعالية ، فيقبل الأفراد على الأفكار والمؤسسات الحديثة ويقومون بانتقائها وتبنيها ، ولكن في إطار ما يقبله المجتمع من قيم ومؤسسات وما يتمسك به من عقائد وغايات ([4]).

    إن هناك عدد من الاحتياطات التي ممكن أن يتبناها المسئولون عن التحديث لتجنب أو على الأقل للتقليل من آثاره الغير مرغوب فيها ، و من بين هذه الاحتياطات :

      أ – إحاطة ومشاركة الجماهير في التحديث وهذا يجعل السلطة قادرة على رؤية ردود الفعل وسط الجماهير حول مواضيع محددة ليمكن التفاعل معها .

    ب – إعطاء المعلومات المكتوبة والكافية حول تفاصيل عناصر وآليات التحديث .

    جـ – أن يتم تبني التغييرات النشوئية التطورية لا التغييرات الثورية وذلك في إطار مشاريع التحديث المستهدفة ، إذ أن التغيير هنا يحدث على مدار فترة من الزمن نسبياً ويحدث بلطف وتدرج ، مما يعطي المتأثرين وقتاً كافياً للتكيف مع هذا التغيير ، ويضمن درجات مقاومة أقل حدة.

    د – القيام باللقاءات الرسمية وغير الرسمية بين السلطة بمختلف مستوياتها وبين الجماهير بمختلف طوائفهم ، فمن شأن لقاءات الناس مع بعض أن يكون هناك فهم أفضل يقود إلى حل مشاكلهم أكثر من الرسائل المكتوبة ([5]) .

    إن التقليدية،تلك المتأصلة والعميقة في نفوس الأفراد ، لا يمكن تغييرها دون تحويل وتغيير أنماط الثقافة والتنشئة السائدة في المجتمع ([6]). ومصادر التغيير أو التحديث هنا إما داخلية بحيث يكون التغيير أقرب ما يكون إلى عملية يقظة داخلية ، وإما خارجية في شكل تجارة أو تأثير استعماري أو احتكاك بحضارات أخرى ، وقد يكون الباعث ، كما هو في أغلب الأحيان ، خليطاً أو نتيجة تفاعل بين عناصر داخلية وخارجية ([7]).

    ومن المجالات الأساسية لعلاقة التقليدية بالحداثة ذلك الذي يتضمن جانباً بنائياً يعالج المؤسسات السياسية في هياكلها أو في علاقاتها وعملياتها والأدوار فيها ، ففي داخل هذه المؤسسات يقوم العديد من أنواع وأشكال العلاقة (التأثير والتأثر) بين التقليدية والحداثة ([8]) قد يتجاوز الحقيقة كما هي ماثلة على أرض الواقع ، ذلك لأنه في غمرة عملية التحديث قد تنشأ شبكة معقدة ومتنوعة من العلاقات والمؤسسات ليس في صورة واحدة ، وتختلف الصورة الغالبة من مرحلة لأخرى من المراحل التي يمر بها المجتمع ، فقد تغلب صورة الصراع والإحلال أو الاحتواء ، كما قد تميل العلاقة بينهما إلى علاقة تعايش وتكامل وهو ما يسود في أغلب الدول النامية ([9]).

    ويحدث عادة في المراحل الأولى من تدفق الحداثة صدام بين المؤسسات الحديثة – تكون وافدة في أغلبها – ومؤيديها ، وبين المؤسسات والقوى التقليدية ، وتحاول كل منهما أن تنتصر على الأخرى وتحل محلها ، وتلك طبيعة الحياة ، إذ أن القديم يقاوم التغيير والتجديد مهماً كان نوعه وفائدته – بخاصة إذا كان التغيير سريعاً ومفاجئاً – والجديد أيضاً يرفض القديم في أغلب الأحيان، ولهذا الاختلاف ، ولتلك النظرة لكل منهما تجاه الآخر ، ينشأ بينهما تعايش مشوب بكثير من الصعاب والمشاكل ، وينشأ من خلال هذا الصدام واقع جديد له خصوصيته وتميزه كأن تكون حالة بين لا تقليد ولا حديث، وتتحول السلطة من القوى التقليدية إلى العناصر المطالبة بالحداثة ، ثم في مرحلة أخرى يشهد المجتمع عملية تكامل بين التقليدية والحداثة من خلال ما تؤدي إليه التحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية من إعادة بناء وتنظيم المجتمع . ويشير هذا التكامل إلى استمرار عدد من المؤسسات التقليدية جنباً إلى جنب مع المؤسسات الحديثة .

     ولا تحل المؤسسات الجديدة في كل الحالات بالضرورة محل المؤسسات القديمة ، ذلك لأن قدرة المؤسسات القديمة على أن تتواجد وتتعايش مع المؤسسات الحديثة دون صراع وقدرتها على التكيف المتبادل تعد ظاهرة مألوفة ، بل ومتكررة ، في عملية التغيير الاجتماعي([10]). وإذا كانت المجتمعات التقليدية تساعد على الحفاظ على التوازن عند حدوث تغييرات في المجتمع، فهي تؤدي أيضاً إلى مقاومة التغيير والتحديث وبناء مؤسسات جديدة أو تطوير ما هو قائم منها ([11]).

    ويسود الاعتقاد في أغلب المجتمعات التقليدية في العالم المعاصر بإمكانية الوصول إلى طرق أفضل وأكثر تقدماً للحياة من خلال تقبل التغيير وليس رفضه ، وأدى هذا الاعتقاد إلى اختفاء العديد من الأنماط التقليدية في الوقت الذي انتشرت فيه على نطاق واسع مظاهر التحضر والأفكار والعمليات والمؤسسات الحديثة والتوقعات والأنماط الجديدة ([12]).وهناك حد معين لتغير المؤسسات وتحولها للحداثة ،فحتى بعد الثورة العنيفة تتأثر أشكال المؤسسات الجديدة بإطار القيم السابقة ([13]). وستظل النظم السياسية التقليدية المتبقية تواجه مشاكل تنمية النظام المتعلقة ببناء الدولة وبناء الأمة والمشاركة والتوزيع في شكل تراكمي طالما استمر الاتصال والتكنولوجيا ، وطالما أن هذه النظم لم تصل بعد إلى مستوى التمايز والقدرة الذي يمكنها من إشباع المطالب القادمة إليها من البيئة الخارجية والداخلية بشكل مباشر([14]). وتتخذ التأثيرات المدمرة للتحديث الاجتماعي والاقتصادي على المؤسسات السياسية أشكالاً عديدة وتخلق الفوضى في المجموعات التقليدية الاجتماعية والسياسية ،وتضعف الولاء والإخلاص لها ([15]).

    وهناك العديد من حالات الاحباط والارتداد تواجهها المجتمعات في انتقالها من التقليدية إلى الحداثة، وهذا الانتقال لا يخضع في الواقع لقانون عام موحد، كما لا توجد قرارات يمكن من خلالها مجابهة هذه الإمكانيات . والتفاعل بين الآمال الجديدة والطرق القديمة قد يقود إلى تعميق الصراعات ومظاهر التمزق التي تواكب المراحل الأولى من التحديث ([16]).

    وقد شهدت الدول النامية خلال الأعوام الثلاثين الماضية ما يمثل مداً مؤسسياً عالياً، فقد نشط بناء مؤسسات الدولة الحديثة وتطوير القائم منها بشكل غير مسبوق، وكان ذلك النمو المؤسسي استكمالاً واستيفاء لمقومات الدولة ذاتها. وكان من نتيجة تقدم العلوم وثورة الاتصالات وظهور المخترعات الحديثة والبحوث والدراسات أن تضاءلت المسافة بين التقليدية والحداثة ([17]).

    وتتجه كثير من الدول إلى تبني الأنماط الحديثة كالبرلمانات ومؤسسات التعبير وتجميع المصالح والانتخابات وغيرها من المؤسسات والعمليات والأفكار الحديثة، باعتبارها ديكوراً تزين به مسرح الحياة السياسية وتخفي حقيقة الواقع التقليدي بها([18]).

    ومن جانب آخر لعب الاستعمار دوراً نشطاً ساعد على تحطيم الأنماط التقليدية ، إلا أنه لم يقم بدور مماثل في إرساء الأنماط والقيم الحديثة ، خصوصا المرتبطة بالتصنيع وانتقال التكنولوجيا إلى المجتمعات التقليدية ([19]).

    إن ضرورات التغيير الملحة قد تفرض على المجتمع المغرق في التقليدية تغيير كثير من المؤسسات السياسية التقليدية ، لكنها لا تفرض إلغاء التراث أو القضاء على المظاهر والأنماط القديمة كافة ، كما تخلق نوعاً من الصيغ التوفيقية الملائمة لتحقيق الازدواجية التي يتعايش في إطارها القديم والجديد([20])، كما فعلت كل من بريطانيا واليابان وإثيوبيا بدخولها عالم الحداثة مع الحفاظ على مؤسساتها التقليدية ورموز هذه المؤسسات دون أن يقف ذلك حائلاً في وجه التغيير السياسي المطلوب ([21]) .

2- مجالات التفاعل :

    تتخذ المجتمعات المعاصرة أشكالاً خاصة بها كمحصلة للتفاعل بين الجوانب التقليدية بها (الثقافة) والتي تكونت تاريخياً في هذه المجتمعات،وبين التأثيرات الحديثة الوافدة إليها من الخارج،أي محصلة لصور العلاقة بين التقليدية والحداثة في مجالات القيم والاتجاهات ومعايير السلوك ، وفي الأبنية السياسية السائدة في هذه المجتمعات . ومن أجل الفهم الصحيح لمجالات العلاقة بين التقليدية والحداثة يجب إبراز تأثيرات الأنماط الوافدة الجديدة على الثقافة السائدة، وكذلك على المؤسسات القائمة في المجتمعات المعاصرة وذلك على النحو التالي :

    أ – الثقافة السياسية :

    تعد الثقافة السياسية أحد المحاور الأساسية في تحليل وإبراز العلاقة بين التقليدية والحداثة ([22]) ، وثقافة أي مجتمع معاصر تحمل مزيجاً من عناصر محلية غالباً ما تكون قديمة وأخرى وافدة من الخارج غالباً ما تكون جديدة ، حيث يؤكد الموند وفيربا أن الثقافة المدنية القائمة اليوم ليست تقليدية كما أنها ليست حديثة ، وإنما هي مزيجاً من التقليدية والحداثة ، وتجمع بين  عناصر قديمة وأخرى جديدة لتكون المحصلة هي ثقافة ثالثة لها طابعها الخاص المميز الذي يختلف عن الثقافة التقليدية والثقافة الحديثة ، ويضرب كل من ألموند وفربا المثل بالثقافة السائدة في بريطانيا والتي تعد نتاجاً لمزيج من عناصر تقليدية وأخرى حديثة أحياناً ما تكون متناقضة لكن بدرجة لا تهدد بحدوث استقطاب أو تفتت ([23]). وينتج عن هذا المزيج كثير من المشكلات السيكلوجية التي تواجه الأفراد ، والمرتبطة بعملية التحديث([24]) . كما أن هذا المزيج من الثقافة يحدد الأولويات ويعطي الأهمية والقيمة والملاءمة لغايات معينة ([25])، بل يحدد جزئياً مستوى التنمية السياسية الذي يحققه المجتمع ، حيث تعد مشكلة القيم والثقافة جوهر عملية بناء الأمة ([26]) .

    وتحدد الثقافة السياسية الأفكار والاتجاهات الحديثة الملائمة التي يتبناها المجتمع، وتحدد أي الأشكال والأنماط التقليدية يكون أكثر ملائمة ، وتقوم بصياغة العلاقة بين هذه الأشكال وتلك الأفكار([27]) . إن معتقدات ومشاعر وإدراك الأفراد تحدد – بدرجة أو بأخرى – ما يفعله هؤلاء الأفراد ، بل وتصبح الأساس الصحيح الذي يجب أن تبنى عليه قرارات الحكومة([28]).ويؤثر شكل وطبيعة هذه المعتقدات والمشاعر -سواء كانت بصورة صريحة سافرة أو ضمنية كامنة – ودرجة هيمنتها ، ومدى اتساع قبولها وانتشارها ، إلى حد بعيد ، على استقرار وفاعلية النظام السياسي ، وعلى تحقيق الديمقراطية التي تتطلب في المقام الأول نسق ومعتقدات يجعل من وجود الأحزاب والمؤسسات والصحافة الحرة ، ومن عملية انتقال السلطة سلمياً ، موضع قبول عام في المجتمع ([29]).

    قد يفرض تدفق الأنماط الحديثة على المجتمع نمط جديد للتنشئة – من خلال بناء نظام حديث للتعليم والاتصال – مما ينعكس على نمط شخصية الأفراد ،وعلى القيم والمعايير وأنماط السلوك السائدة في المجتمع ([30])،كما أن تقبل الحداثة الوافدة في ذاته قد يفرض تغيير تلك القيم والمعايير والأنماط السائدة ،ويختلف مدى تأييد الفرد للعناصر الحديثة وإلمامه بها باختلاف نمط تعليمه وتدريبه ومهنته ، وهل كان تعليمه داخل الدولة أم في بعثات خارجها ، وبنظام الاتصال وبالمناخ السائد في الأسرة وفي جماعات الرفاق وأثناء عملية التعليم ذاتها . إلا أن تدفق الحداثة لم يواكبه تغير جوهري في أنماط التنشئة في كثير من دول العالم النامية بوجه خاص([31]) .

    ويعد استعداد الأفراد وتقبلهم للاضطلاع بأدوار جديدة وعلاقات جديدة ([32]) ،والترابط والعمل معاً بأسلوب منظم ([33])، من أهم القيم والاتجاهات المرتبطة بالحداثة .

    ويطلق لوشيان باي على القيم والاتجاهات والمعايير المرتبطة بالحداثة تعبير “الثقافة العالمية”([34])، أو ما عرف فيما بعد بالعولمة بما تحمله من قيم علمانية ومن تكريس لقيم العلم والتكنولوجيا وللمعايير العصرية للأداء الحكومي. فالثقافة العالمية مرتبطة بالمجتمع الصناعي الحديث، والذي يرتبط بنمو هائل في المعرفة العلمية وبالاختراعات والابتكارات المتتالية([35])، وبالوجهة العقلانية الرشيدة التي تتيح للأفراد أن ينظروا نظره موضوعية إلى الأمور ، وتمنحهم الإحساس بأنهم يسيطرون على أقدارهم وتفسير الظواهر عن طريق النظرة السببية وإمكانيات التنبوء العلمي وليس عن طريق إرجاعها إلى قوى خفية([36]).

    إن الاتصال بالعالم الحديث يخلق وعياً لدى المجتمع الذي يغلب عليه الطابع التقليدي بأهمية ومغزى الأنماط الحديثة ([37])، وبالفجوة بين التقليدية والحداثة ([38])، فالحداثة ترتبط بمستويات أعلى في المعيشة والرفاهية ، وبأفكار ومهارات حديثة منها فكرة المساواة والتصويت الحر وغيرها من أفكار غربية إلى جانب الأفكار الاشتراكية والماركسية كفكرة الصراع الطبقي([39])، بالإضافة إلى فكـرة القوميـة والولاء للأمة بمعناها الواسع الذي يتجاوز الطائفية أو الولاءات المحلية الضيقة ([40]).

    ب- المؤسسات السياسية :

    تعد المؤسسات المجال الآخر من مجالي التفاعل بين التقليدية والحداثة ، كما أنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالثقافة، حيث يؤكد ابتر أن  عناصر الحداثة الوافدة من الغرب، من مؤسسات وبرلمانات وعلوم واختراعات وتكنولوجيا وقيم ومعايير ترتبط فيما بينهم بروابط لا تنفصم([41]).وتحظى المؤسسات باهتمام وتركيز عدد من الكتاب في مقدمتهم هنتنجتون الذي يعتبرها جوهر عملية التنمية السياسية([42]).ويجعل لوشيان باي من قدرة الأفراد على تكوين التنظيمات المشتركة شرطاً لإمكانية بناء “مستويات عليا من الحضارة” ([43])، ويجعلها وينر أساساً لبناء الوحدات الصناعية  والبيروقراطية والجامعات والأحزاب ..” ويضرب أمثلة ناجحة على ذلك كاليابان وألمانيا والولايات المتحدة ([44]).

  ويتميز  المجتمع التقليدي بطبيعتـه بغياب المؤسسات الحديثة -وإن كان هناك تفاوت بين المجتمعات التقليدية في هذا الشأن([45])– وبانتشار المؤسسات التقليـدية كالطائفة أو السلطات القبلية والدينية والسلالية والأسرية ، ولكن هذه المؤسسات التقليدية تقع تحت تأثير عملية تآكل التقليدية التي يمر بها المجتمع ، وهنا قد يتم استئصال هذه السلطات لإقامة سلطة سياسية قومية علمانية واحدة في الدولة ([46]) .

    وإقامة هذه السلطة الحديثة المعروفة في أوساط الباحثين والمتخصصين بعملية بناء المؤسسات([47])، لا يكون بمعزل عن الأنماط السائدة في المجتمع ، وإنما يتعين أن يكون في إطار ما يقبله المجتمع من قيم ومعايير وأنماط وما يتمسك به من مُثُلْ وغايات([48])، وهنا يؤكد فردريك على أهمية وجود قواعد عامة تعبر عن المعتقدات والقيم المشتركة والثابتة في المجتمع لكي تقوم الحكومات الحديثة بمهامها ، لكن هذا لا ينفي أن العديد من نماذج السلوك والفكر التقليدية التي طالما اعتمد عليها الأفراد يجب تغييرها – وهو ما يؤكد صعوبة عملية بناء المؤسسات السياسية ([49])– وفي إطار إحساس مشترك بالهوية ، وذلك أولاً لضمان تكييف ومواءمة الأبنية الحديثة بصورة رشيدة مع العناصر المحلية ، وثانياً لحماية الأفراد ككيانات ضعيفة تتكون منهم الدولة في شكلها النهائي([50])، وثالثا لضمان مشاركة القطاعات العريضة في العملية السياسية وانتشار السلطة إلى محيط النظام الاجتماعي([51])، بالإضافة إلى تحويل المطالب إلى سياسات أو قرارات وحركة ([52]) .

    إن كثيراً من المؤسسات الحديثة في عالمنا المعاصر جاءت إلى الوجود خلال المائتي عام الأخيرة في أوربا من أحزاب ومجالس منتخبة ونظم انتخابية ، ورغم التزامن الذي ارتبط به ظهورها ، إلا أن المجالس المنتخبة سبقت الأحزاب ، وقد واكب المجالس المنتخبة أنماط تقليدية كمجلس اللوردات في إنجلترا والذي استند أعضاؤه على مراكزهم كنبلاء وليس على أساس الانتخاب ، وقام على نمط مجلس اللوردات البريطاني مجلس للأعيان في اليابان قبل الحرب العالمية الثانية ([53]).

    فقد وجدت المجالس التشريعية منذ بداياتها الأولى أنها في حاجة إلى مؤسسات تقوم بإعداد إجراءات الترشيح للمقاعد في هذه المجالس،وهكذا نشأت الأحزاب مرتبطة بالمجالس التشريعية.وفي هذا الخصوص ينظر هنتنجتون إلى الأحزاب السياسية باعتبارها “التنظيم الحديث الوحيد الذي يستطيع في غياب المؤسسات السياسية التقليدية أن يصبح مصدراً للسلطة ” ، أما في وجود المؤسسات التقليدية فيؤكد هنتنجتون على أهمية الأحزاب في تكييف هذه  المؤسسات ومواءمتها مع متطلبات الحداثة([54]). وتعد السلطة التنفيذية من أقدم المؤسسات التي يعتبر وجودها قاسم مشترك لجميع النظم الحديثة ، إلا أنها ليست سمة مميزة خاصة للحداثة ، فيعتقد بعض الباحثين أن السلطة التنفيذية الأكثر حداثة هي التي تميل إلى الانتخاب ، إلا أن هذا لا يعطي معياراً مميزاً للحداثة في كل حالة ، حيث أن المعيار ليس في الانتخاب أو الوراثة ولا في الأشكال الجمهورية أو الملكية للحكم ، أو في غيرها من سمات بنائية وإنما المعيار يكمن في التغير في وظائف المؤسسات وأنماط العلاقات بينها وما طرأ عليها من تغيرات وتبدلات ([55]) .

    كما لا تعني حداثة المؤسسة فاعليتها ، فقد تقوم أحزاب سياسية حديثة في مجتمع ما ، لكن دون أن تمثل أهمية تذكر ، وقد تظل مؤسسـة تقليدية صامدة في مجتمـع تجتاحـه عوامـل التغيـير كالإمبراطور أو الملك ، وتستمر في طرح تأثيراتها بصورة فعالة ومهيمنة ([56]). لذلك يأتي هنتنجتون بمعايير يلزم توافرها في أي تنظيم ليكتسب صفة المؤسسة حقاً ، وهي المعايير التي تم استعراضها سابقاً والمتمثلة في معايير (التعقيد ، التكيف ، التماسك ، الاستقلال) ([57]).

    وتتأثر المؤسسات السياسية القائمة في المجتمع بالحداثه إما من مصادر خارجية ، من خلال بعثات ترسلها إلى الخارج، وذلك من خلال علاقاتها بغيرها من مؤسسات قائمة في المجتمع ، أو من خلال عمليات للابتكار والإبداع تحدث داخل المؤسسة ([58]) . وسواء كان مصدر الحداثة داخلي أو خارجي فإن من الأهمية بمكان تقوية قنوات الاتصال التي تمد المؤسسة بمصادر الحداثة ([59])،  وقد يكون ذلك من خلال تكريس دور هذه المؤسسات في المشاركة ([60])، إلا أن هذا يجب أن يواكبه وجود اتصال مستمر مع مصادر خارجية للقيم والمعايير الحديثة ، ووجود تعاون ومشاركة فيما بين المؤسسات والأبنية القائمة في المجتمع بما يكفل تبادل القيم والمعايير والمهارات، وفي حدود احترام ما تتمتع به هذه المؤسسات من استقلال وتخصص ، وفي هذا الإطار ينظر إلى المؤسسات باعتبارها نماذج للممارسة تتمتع بقدر نسبي من الاستقرار ، تقوم بصياغة وتشكيل القيم والمهارات والثروة والسلطة والآراء في المجتمع ، ومن خلال القائمين على هذه العملية يمكن غرس وتكريس الأنماط الحديثة ([61]).

    وتعد المؤسسات السياسية مصدراً لإشعاع الحداثة داخل المجتمع فيصفها ابتر بأنها تصبح مراكز عمل ونقاط انطلاق لعملية التغير الاجتماعي ([62])، وهذا من شأنه أن يساعد على تآكل القيم والأبنية التقليدية ([63])، ويزداد ذلك وضوحاً مع تزايد دور الاتصال والمواصلات في المجتمع ([64]).

    وهكذا تبين أن المجالات الأساسية لعلاقة التقليدية بالحداثة تتضمن جانباً قيمياً يتعلق بالثقافة السياسية ، وجانباً بنائياً يعالج المؤسسات السياسية في هيكلها وفي علاقاتها وعملياتها ،  وداخل الثقافة والمؤسسات تقوم العديد من أشكال العلاقة بين التقليدية والحداثة ، وهي أشكال تتراوح ما بين الصراع والإحلال ، والتعايش والتكامل ([65]).

    يتضح مما سبق الأهمية الكبرى التي تلعبها الثقافة السائدة للمجتمع الذي تنشأ فيه المؤسسات السياسية ، بما في ذلك الثقافة السياسية ، حيث يعتمد نجاح بناء المؤسسات السياسية وتطورها على نوع مخرجاتها وتوافقها مع الثقافة السياسية للمجتمع ، لذا تواجه المؤسسات السياسية صعوبة في أن تنجح في المجتمع الذي لا يتوافق مع ثقافتها وقيمها ، وهذا ما يحدث في فشل للمؤسسات الحديثة في مجتمعات تقليدية ، حيث عدم قدرة ثقافة هذه المجتمعات على استيعاب هذه المؤسسات الحديثة . وإذا كان كثيراً من الدول التقليدية أدخلت المؤسسات والقيم الغربية من أجل نقل مجتمعاتهم من التقليدية إلى الحداثة ، إلا أن هذا النقل أدى إلى حالة إنفصام حضاري لهذه المؤسسات لعدم موائمتها مع قيم وثقافة هذه المجتمعات التقليدية .

    وتبين كذلك أن من أهم صفات المجتمع التقليدي إنعدام المؤسسات الحديثة ، وأن المجتمع التقليدي غير القبلي يسود فيه الطابع الريفي وارتفاع نسبة الأمية وكثرة القرى ويعاني من تقطع الإتصال وهيمنة الروح الطائفية والوجود الشكلي للهياكل السياسية والإدارية . بينما أهم صفات المجتمع الحديث تعدد المؤسسات السياسية وترشيد السلطة والتمايز في الوظائف السياسية. والتركيز على حكم القانون وعدم إحتكار الدولة لوسائل الإعلام ونسبة مشاركة عالية للشعب في النظام السياسي .

    واتضح أن المجتمعات التقليدية تقوم ببناء مؤسسات حديثة إلا أنها تبقي على المؤسسات التقليدية جنباً إلى جنب مع المؤسسات الحديثة ، ذلك لأن الإستقرار السياسي لا يعتمد على تقليدية أو حداثة المؤسسات بقدر ما يعتمد على قدرتها على التكيف مع المجتمع وعلى أداء وظائفها وإستقرارها وإستمرارها ، فإلغاء المؤسسات التقليدية دون الحاجة إلى ذلك قد يهدد إستقرار النظام . والمهم هنا هو خلق صيغ توفيقية بين ما هو تقليدي وبين ما هو حديث ، فلا يوجد في العالم المعاصر مؤسسات يمكن وصفها بالتقليدية المطلقة وأخرى بالحداثة المطلقة حيث أن كل تلك المؤسسات تقع ما بين التقليدية والحداثة.



[1] –     Abdullah M. AL Sabhan, Changing orgnizations withen achanging society: Saudi Arabia, Unpublished master Thesis, Univ. Of Arizona, 1972 , P.18
[2] –  Stewart Michael, Quoted in management of human resources: Concept for developing nations, Harry R. Knudson, JR Reading massacnusetts: G.A. Addison-Wesliy Publishing Co., Inc, 1967, p.227
[3] – ناصر ثابت ، التنمية والتغير الاجتماعي : تطبيقات على مجتمعات الخليج العربي المعاصرة ، مرجع سابق ، 166
[4] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية و الحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 32
[5]–                      Abdullah M. Al Sabhan, Changing orgnizations withen achanging society: Saudi Arabia, op.cit., p.19-20
[6]– د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 32
[7]– د. علي الدين هلال ، محاضرات في التنمية السياسية ، مرجع سابق ، ص 80
[8]– د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 86
[9]– المرجع السابق ، ص ص 65-66
[10]–       David E. Apter, The political Kingdom in Uganda: A Studi in bureaucratic nationalism, Princeton, Princeton Univ. Press , 1967, p. 199
[11]–                                                                                           Sidney Verba, Comparative political culture, op. cit., p. 544
[12]– د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص ص63
[13]– السيد عبد المطلب غانم ، نقل المؤسسات السياسية ما بين الحداثة والتقليدية ، بحث غير منشور قدم في ندوة التغيرات السياسية الحديثة في الوطن العربي، التي عقدت في القاهرة في الفترة من 15-18 يناير 1988 ، ص 4
[14]– جابرييل ا.الموند وج. ينجهام باول الابن ، السياسية المقارنة : دراسة في النظم السياسية العالمية ، مرجع سابق،ص ص 307-308
[15]–                                                        Samuel P. Huntington, Political development and political decay, op. cit.,  p. 36
[16]– د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 33
[17]– ناصر ثابت ، التنمية والتغير الاجتماعي ، تطبيقات على مجتمعات الخليج العربي المعاصرة ، مرجع سابق ، ص 174
[18]– د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في التجربة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص ص 66-67
[19]– المرجع السابق ، ص 47
[20]– المرجع السابق ، ص 29
[21] –                                                                                          Sidney Verba, Comparative political culture, op. cit.,  p. 544
[22] –                                                                                       David E. Apter, The politics of modernization, op. cit., Ch. 3
[23] –                                                                       Gabriel Almond and Sidney Verba, The Civil culture, op. cit., pp. 5-6
[24] –           C. E. Black, The dynamics of modernization: A Study in comparative history, New York, Harper And row publishers, 1966, p.31
[25] –   Martin Landau, Political and administrative development: General commentary, In: Ralph Braibanti (eds.), Political And administrative development, North Carolina, Durham, Duke Univ. Press, 1969, p.353
[26] –      Lucian W. Pye, Politics: Personality and nation building: Purma’s search for identity, New Haven, Yale Univ. Press,1962 ,
[27] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 70
[28] –                Sidney Verba, Sequences and development, In : Lunard Binder, et. al., Crises and sequences in political Development, Princeton, Princeton Univ. Press, 1971, p.283
[29] –           Seymour M. Lipset, Revolution and counterrevolution: chang and persistence in social structures, London, Heineman Educational Book Ltd., 1969, pp.45-46
[30] –                               C.E. Black, The dynamics of modernization: A Study in comparative history, op. cit, pp.24-26
[31] –            Herbert Hyman, Mass media and political socialization: The role of patterns of vommunication In: Lucian W. Pye, (ed.),Communications and political development, Prencetion, Princeton Univ. Press, 1965, pp.128-148  & Ithiel De Sole Pool, The mass media and politics in the modernization process, In Lucian W.Pye, (ed.), Communications and political development, op. cit., pp. 234-253
[32] –        Danial Lerner, The passing of traditional society : Modernizing the Middle East, New York, The Free Press, 1958, p.50
[33] –                                                     Samuel P. Huntington,  Political development and political decay, op. cit., p. 238
[34] –                                                 Lucian W. Pye, Politics: Personality and nation building , op. cit., pp. 10,12,13,189
[35] –                                       C.E.Black, The Dynamics of modernization: A Study in comparative history, op. cit., p. 7
[36] –                                                                                                                                                                           Ibid. pp. 9-13
[37] –           Lucian W. Pye, Communications and political development, Princeton, Princeton Univ. Press, 1965, p. 81
[38] –                                                                                                                              M.I.T., Study Group, op. cit., p.p.25-44
[39] –                                                                                                                                                                         Ibid. pp.26-27
[40] –     Claude E. Welch, (ed.), Political modernization: A Reader In comparative political change, Belmont, California, Wodsworth Publishing Co. Inc, 1967,  pp.9-13
[41] –                                                                                       David E. Apter, The politics of modernization, op. cit,  p. 45
[42] –                                          Samuel P. Huntington,  Political development and political decay, op. cit,  p.p.238-277
[43] –                                                                        Lucian W. Pye, Politics: Personality and nation building, op. cit., p. 51
[44] –           Melvin Weiner, Political integration and political development, in C. Welch (ed.), Political modernization: A Reader in comparative political change, Belmont, California, Wodsworth Publishing Co. Inc, p.193
[45] –                                                                                                                              M.I.T., Study Group, op. cit., p.p.22-23
[46] –                         Samuel P. Huntington, Political Modernization : America vs. Europe, World Politics, 1966, p.878
[47] – د. علي الدين هلال ، التنمبة السياسية ، مرجع سابق ، ص ص 95-100
[48] –           Joseph La Palombara, Decline of ideology: A dissent and an interpretation,The American Political Science Review, Vol. LX ,1966, p.7
[49] –         Carl J. Freidrich, Political development and the Objectives of modern government, In: Ralph Braibanti (ed.), Political and administrative development, durham, N.C, Duke Univ. Press, 1969, p.132
[50] –                                                                                                                                                                               Ibid. p. 132
[51] –       Harold D. Lasswell, and Allen R. Holmberg, The policy sciences of development, World politics, Vol. XVII, 1965, p.290
[52] –        Eric A. Nordlinger, Political Development: Sequencies and rates of change, World politics, Vol.XX ,1968, pp.507-510
[53] –       Fred W. Rigges, The structures of government and administrative reform in: Ralph Braibanti (ed.), Political and Administrative development, North Carolina, Durham, Duke Univ. Press, 1969, p.243-245
[54]–                                                       Samuel P. Huntington,  Political development and political decay, op. cit., p.271
[55] –            Martin Landau, Political and administrative development: General commentary, In: Ralph Bribanti (eds.),  Political and administrative development, op. cit, p.p. 246-247
[56]– د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 80
[57]–                                                       Samuel P. Huntington,  Political development and political decay, op. cit.,  p. 24
[58]–   Ralph Braibanti, External inducement of political administrative development: An institutional Strategy, in Ralph Braibanti (ed.),  political and administrative development, op. cit, p.p.64-69
[59]–                                                                                                                                                                          Ibid. pp.72-83
[60]–                                                                                                                                                                                 Ibid. p.103
[61] –                             Harold D. Lasswell and Allen R. Holmberg, The policy sciences of development, op. cit, p.356
[62] –                                                        David E. Apter, political change, London, Frank Cass & Co. Ltd., 1973., p.196
[63] –                                                                                                                                        M.I.T., Study Group, op. cit, p.27
[64] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 85
[65] – المرجع السابق ، ص 86

[1]– د. احمد رشيد ، إدارة التنمية للدول النامية ، ط1 ، القاهرة ، مكتبة مدبولي ، 1985 ، ص ص 20-21
[2]Khaled A. Bin Baker, Modernization as if people mattered: toward a new, Unindigenous, And non Ethnocentric theory of modernization, Unpublished Ph.D. Thesis, Univ.Of South Carolina,1987, p.1
[3]-د. احمد رشيد ، إدارة التنمية للدول النامية ، مرجع سابق ، ص 19
[4]Khaled A. Bin Baker, Modernization as if people mattered, op. cit., p. 1
[5]– جابر سعيد عوض ، التغير السياسي في الأرجنتين في الفترة البيرونية الأولى 1945-1955 ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة القاهرة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، 1981 ، ص (ز)
[6]– السيد عبدالمطلب غانم ، دراسة في التنمية السياسية ، القاهرة : مكتبة نهضة الشرق ، 1981 ، ص 135
[7]Chandler Morce, et al, Modernization by design: Social Science in the twentieth century, New York, Cornell Univ. Press, 1969, CH2
[8] – د. علي الدين هلال ، مدخل في النظم السياسية المقارنة ، مرجع سابق ، ص 52
[9] – جهينة سلطان سيف العيسى ، التحديث في المجتمع القطري المعاصر، الكويت ، شركة كاظمة للنشر والتوزيع ، 1979 ، ص32
[10]James T. Mc Gay, The Management of Time, England , California, Prentice Hall Inc, 1995, p. 7
[11]James D. Thompson, and Donald R. Van Houten,The behavioral sciences: An interprctation, California, Addison – Wesley Publishing Co., 1970 , p.231
[12]Rose, Peter I. , The study of society, New York,Randolph House, 1964, p.266
[13] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 57
[14] – محمد نبيل احمد عبدالله شكري ، التغيير الثوري في دول العالم الثالث ، دراسة حالة للحركة الثورية الايرانية ،مرجع سابق،ص92
[15] – د. احمد رشيد ، إدارة التنمية للدول النامية ، مرجع سابق ، ص ص 40-52
[16] – صالح أبو إصبع ، وخالد محمد احمد ، إدارة المشروعات الإعلامية ، قبرص ، صبرا للطباعة والنشر ، 1984، ص 23
[17]علي العبيد احمد ، البناء التنظيمي شكله ومضمونه والعوامل المؤثرة فيه ، مجلة الإداري ، السنة الثامنة ، العدد 27 خاص ، ديسمبر 1986 ،ص ص 109-132
[18]Lucian W. Pye, Political Culture, International encyclopedia of the social sciences,Vol. 12, 1968, p. 218
[19]Sidney Verba, In Lucian W.Pye and Sidney Verba(eds.), Political culture and political developmentop. cit., p. 513
[20] – د. علي الدين هلال ، محاضرات في التنمية السياسية ، جامعة القاهرة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 1984-1985
[21] – ناجي صادق شراب ، دراسة موجزة في أبعاد التنمية السياسية ، بدون دار نشر ، 1985 ،ص 37
[22]Sidney Verba, In Lucian W. Pye and Sidney Verba (eds.), Political Culture and political development op. cit., p. 7
[23]Ibid., p. 6
[24] – ناصر ثابت ، التنمية والتغير الاجتـماعي ، تطبيقـات على مجتمعات الخليج العربي المعاصرة ، الإمارات العربية المتحدة ، العين ، مكتبة الإمارات، 1983،ص ص 161-170
[25]Sidney Verba, In Lucian W. Pye and Sidney Verba(eds.), Political culture and political development,op. cit., p. 519
[26] – د. كمال المنوفي ، أصول النظم السياسية المقارنة ، مرجع سابق ، ص 150
[27] – د. كمال المنوفي ، الثقافة السياسية للفلاحين المصريين : تحليل نظري ودراسة ميدانية في قرية مصرية ، بيروت ، دار ابن خلدون ، 1980 ، ص 11
[28] – إكرام بدر الدين ، الديمقراطية الليبرالية ونماذجها التطبيقية ، دراسات في الحكم ، مرجع سابق ، ص 179
[29]Melvin E. Blase, Institution building: A source book, op. cit., p. 39
[30]Cordan L. Lippitt, Organizational renewal, New York, Appleton Century Crofts, 1969, p.p. 27-41
[31] – ناجي صادق شراب ، دراسة موجزة في أبعاد التنمية السياسية ، مرجع سابق ، ص 38
[32]Cordan L. Lippitt, Organizational renewal, op. cit.,p.p. 27-41
[33] – عبدالرؤوف عبدالعزيز الجرداوي ، الهجرة والعزلة الاجتماعية في المجتمع الكويتي : دراسة سسيولوجية لآثار التغير الاجتماعي والهجرة في مجتمع حضري ، الكويت ، شركة الربيعان للنشر والتوزيع ، 1984 ، ص 81
[34] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 72
[35] – احمد علي الحداد ، استراتيجية بناء المؤسسات السياسية في دولة الإمارات العربية المتحدة بين التقليدية والحداثة ، مرجع سابق ، ص58
[36]Sidney Verba, Comparative political culture, op. cit., p. 560
[37]George H. Honadle, Fishing for sustainability: The role of capacity building in development Administration, Working paper No.8, The office of rural development and development Administration, Agency for international development, June 1981, p.p. 4-5
[38] – احمد علي الحداد ، استراتيجية بناء المؤسسات السياسية في دولة الإمارات العربية المتحدة بين التقليدية والحداثة ،مرجع سابق،ص59
[39] – د. علي الدين هلال ، التنمية السياسية ، مرجع سابق ، ص 89
[40] – د. كمال المنوفي ، نظريات النظم السياسية ، مرجع سابق ، ص ص 178-179
[41]David E. Apter, The politics of modernization, Chicago, Chicago Univ. Press, 1965, p. 50
[42] – د. علي الدين هلال ، التنمية السياسية ، مرجع سابق ، ص ص 89-90
[43]John Powelson, Institutions of economic growth: A theory of conflict management in developing Prinseton, Prinseton Univ. Press, 1972, p. p. 23-25
[44]Ibid., same page
[45]Lucy Mair, An introduction to social anthropology, Oxford, Oxford Univ. Press, 1965, p.p. 253-254
[46] – أسامة عبدالرحمن ، البيروقراطية النفطية ومعضلة التنمية : مدخل لدراسة إدارة التنمية بدول الجزيرة العربية المنتجة للنفط ، مرجع سابق ، ص 111
[47]Cyril E. Black, The Dynamics of modernization: A study in comparative history, New York, Harper and row Publishers, 1966, p. 1
[48] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، المقدمة
[49] – ناصر ثابت ، التنمية والتغير الاجتماعي : تطبيقات على مجتمعات الخليج العربي المعاصرة ، مرجع سابق ، ص 44
[50] – حسن أبشر الطيب ، التنمية الإدارية بين النظرية ومكونات التنمية العملية ، ط1 ، بيروت ، دار الجليل، 1982 ، ص 807
[51] – د. علي الدين هلال ، مدخل في النظم السياسية المقارنة ، مرجع سابق ، ص 80
[52] – ناصر ثابت ، التنمية والتغير الاجتماعي : تطبيقات على مجتمعات الخليج العربي المعاصرة ،مرجع سابق ، ص 17
[53]Carl J. Friedrich, Tradition and authority, London, The Pall Mall Press, 1972, p.p. 113-114
[54] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية و الحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 25
[55]Joseph La Plembara (ed.), Bureaucracyand political development, New Jeresy, Princeton Univ. Press, 1967, p.p. 107-109
[56]Samuel N. Eisenstadt, Tradition, Change and modernity, New York, John Wiley & Sons, 1973, p.p. 9-14
[57] – قسطنطين زريق ، النهج العصري : محتواه وهويته ، إيجابياته وسلبياته في التراث وتحديات العصر في الوطن العربي (الأصالة والمعاصرة) ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية، 1985 ، ص 369
[58] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة اليابانية ، مرجع سابق ، ص 12
[59] – موزة عبيد غباش ، الجماعات الطبقية قديما وحديثا لمجتمع الإمارات العربية المتحدة ، رسالة دكتوراه ، جامعة القاهرة ، كلية الآداب ، 1987 ، ص 172
[60] – صلاح الفوال ، البناء الاجتماعي للمجتمعات البدوية ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، 1983 ، ص 88
[61] – حلمي يوسف ، البعد الإداري لإدارة التنمية ، مجلة الإداري ، السنة الثامنة ، العدد 27 ، ديسمبر 1986 ، ص ص 79-106
[62] – فوزي رضوان العربي ، نظام الحيازة في المجتمع البدوي ، الإسكندرية ، دار المعرفة الجامعية ، 1984 ، ص ص 241-249
[63] – عباس احمد ، المجتمعات البدوية ، مقدمة عامة بالإشارة إلى مجتمعات سودانية وخليجية وعربية أخرى ، أبو ظبي ، مكتبة المكتبة ، 1982 ، ص ص 141-145
[64] -جابرييل ا. الموند ، ج . ينجهام باول الابن ، السياسة المقارنة : دراسة في النظم السياسية العالمية ، مرجع سابق، ص ص 42-43
[65] – عباس احمد ، المجتمعات البدوية : مقدمة عامة بالإشارة إلى مجتمعات سودانية وخليجية وعربية أخرى ، مرجع سابق ، ص 137
[66] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 30
[67] – فضل الله علي فضل الله ، إدارة التنمية : منظور جديد لمفهوم التحديث ، ط 2 ، الشارقة ، مطبعة صوت الخليـج ، 1981 ، ص ص 89-90
[68] – جابرييل ا. الموند و ج. ينجهام باول الابن ، السياسة المقارنة : دراسة في النظم السياسية العالمية ، مرجع سابق ، ص 214
[69]Claude E.Welch,(ed.), Political modernization: A Reader in comparative Political change, op. cit., p.13
[70] – احمد علي الحداد ، استراتيجية بناء المؤسسات السياسية في دولة الإمارات العربية المتحدة بين التقليدية والحداثة ،مرجع سابق، ص62
[71] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 12 و 17
[72]Chandler Morce, et, al, Modernization by design: Social Science in the twentieth century, op. cit., p 31
[73] – السيد عبدالمطلب غانم ، دراسة في التنمية السياسية ، مرجع سابق ، ص ص 84-85
[74]Gerald A. Heeger, The Politics of under development, New York, ST. Martin’s PressInc., 1974, pp. 133-134
[75] – جهينة سلطان سيف العيسى ، التحديث في المجتمع القطري المعاصر ، مرجع سابق ، ص 31
[76]Richard A. Higgott, Political development theory: International series in social and political Thought, New South Preston, Preston King Univ., 1984, p.p. 4 -5
[77] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية و الحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 35
[78] – محمد نبيل احمد عبدالله شكري ، التغيير الثوري في دول العالم الثالث : دراسـة حـالة للحركة الثورية الإيرانية، مـرجع سابق ، ص ص 56-57
[79]Robert H. Lauer, Perspectives on social change, Fourth Edition, Boston, Allyn and Bacon, 1991, p. 310
[80]David E. Apter, Politics of modernization, op. cit., pp. 43-44
[81]Robert H. Lauer, Perespectives on social change, op. cit., p. 310
[82]Ibid. p.p. 324- 325
[83]Danial Lerner, Modernization: Social aspects, international incyclopedia of the social sciences, Vol.10, New York, Free Press, 1968, p.387
[84]Robert H. Lauer, Perespectives on social change, op. cit., p 325
[85] – احمد علي الحداد ، استراتيجية بناء المؤسسات السياسية في دولة الإمارات العربية المتحدة بين التقليدية والحداثة ، مرجع سابق ، ص64
[86]Ibid. p.365
[87]Samuel P. Huntington,Political development and political decay, op. cit.,p.p. 32-33
[88]Robert Freedman,The origin of the family: Private property and the state, HK Marxist social Thouaht, New York, Harcourt Prase and world, 1968, p.222
[89]Robert H.Lauer, Perspectives on social change, op. cit., pp. 267- 268
[90]Szymon Chodak, Social development, New York, Oxford Univ. Press, 1973, p.247
[91]Ibid. same page
[92]Robert H. Lauer, Perspectives on social change, op. cit., p. 271
[93]Ibid. pp.272 -273
[94] – حلمي يوسف ، البعد الاداري لادارة التنمية ، مجلة الاداري ، مرجع سابق ، ص ص 79-106
[95] – ناجي صادق شراب ، أدب التنمية السياسية السائدة : دراسة نقدية ، مجلة الشؤون الاجتماعية ، السنة الخامسة ، ع 19 ، خريف 1988 ، ص ص 151-168
[96] – المرجع السابق ، نفس الصفحة
[97] – السيد عبدالمطلب غانم ، دراسة في التنمية السياسية ، مرجع سابق ، ص ص 160-161 و ص 84
[98]Robert E. Ward and D. A.Rustow (eds), Political modernization in Japan and Turkey, Princeton, Princeton Univ. Press, 1964, p.p. 4-7
[99]– السيد عبدالمطلب غانم ، دراسة في التنمية السياسية ، مرجع سابق ، ص ص 82-83
[100] – السيد الحسيني ، التنمية والتخلف : دراسة تاريخية بنائية ، ط2 ، سلسلة علم الاجتماع المعاصر ، الكتاب 38 ، القاهرة ، دار المعارف ، 1982 ، ص 5
[101] – محمد نبيل احمد عبدالله شكري ، التغيير الثوري في دول العالم الثالث : دراسة حالة للحركة الثورية الايرانية ، مرجع سابق ، ص43
[102]Samuel P. Huntington,Political development and political decay, op. cit.,p.p. 143-144
[103] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 39
[104] -اكرام بدر الدين ، ازمة التكامل والتنمية ، مجلة السياسة الدولية ، السنة الثامنة عشر ، العدد 68 ، ابريل 1982 ، ص.ص47-52
[105]Lucian W. Pye, The legitimasy crisis, In: Leonard Binder, et, al, Crisis and sequences in political Development, Princeton, Princeton Univ. Press, 1971, p.p. 135-140
[106]Sidney Verba, In Lucian W. Pye and Sidney Verba (eds), Political Culture and politicaldevelopment,op. cit., p. 512
[107] – جهينة سلطان سيف العيسى ، التحديث في المجتمع القطري المعاصر ، مرجع سابق ، ص 31
[108] – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 48
8-علي اعبتار أن النظام العالمي الجديد هو The New World Order الذي تقوده الولايات المتحدة ، وظهرت تجلياته في ظروف عديدة بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي مع مطلع التسعينات .
[109] – السيد ياسين ، العولمة والطريق الثالث ، القاهرة ، ميريت للنشر والمعلومات 1999 ، ص 15
[110] – المرجع السابق ، ص 12
[111] – المرجع السابق ، ص 15
[112] – المرجع السابق ، ص ص 94-96
[113] – المرجع السابق ، ص 16
[114] – المرجع السابق ، ص ص 20-21
[115] – المرجع السابق ، ص ص 19-20
[116]– المرجع السابق ، ص ص 111-112
[117] – د.سمير امين، مناخ العصر: رؤية نقدية، د. عبدالباسط عبدالمعطي (محرر) ،في العولمة والتحولات المجتمعية في الوطن العربي، القاهرة، مكتبة مدبولي، 1999، ص ص37-38
[118] – المرجع السابق، ص46
[119] – المرجع السابق، ص38
[120] – المرجع السابق، ص40
[121] – حلمي يوسف ، البعد الاداري لادارة التنمية ، مجلة الاداري ، مرجع سابق ، ص ص 79-106
[122] – احمد علي الحداد ، استراتيجية بناء المؤسسات السياسية في دولة الإمارات العربية المتحدة بين التقليدية والحداثة ، مرجع سابق ، ص66
[123] – فضل الله علي فضل الله ، ادارة التنمية ، منظور جديد لمفهوم التحديث ، مرجع سابق ، ص 89
[124] – احمد علي الحداد ، استراتيجية بناء المؤسسات السياسية في دولة الإمارات العربية المتحدة بين التقليدية والحداثة ، مرجع سابق ، ص 66
[125]Samuel P. Huntington,Political development and political decay, op. cit., p.p. 141-142
[126] – احمد علي الحداد ، استراتيجية بناء المؤسسات السياسية في دولة الإمارات العربية المتحدة بين التقليدية والحداثة ، مرجع سابق ، ص 66
[127]Clement H. Dodd, Political Development, London, The Macmilan Press Ltd., 1972 , p. 32
[128]– كلارنس كنج ، تجارب في تنمية المجتمعات الصغيرة ، ترجمة محمد الشمات ، القاهرة ، مكتبة وهبة ، بدون تاريخ نشر ، ص 22
[129] – د. عبدالمعطي محمد عساف ، ادارة التنمية : دراسة تحليلية مقارنة ، الكويت ، مطابع القبس التجارية ، 1988 ، ص 185
[130] – المرجع السابق ، ص ص 185- 186
[131] – المرجع السابق، ص 190
4 – المرجع السابق ، ص ص 92-95
5 – د. عبدالغفار رشاد محمد ، التقليدية والحداثة في الخبرة السياسية اليابانية ، مرجع سابق ، ص 58
[134] – ناصر ثابت، التنمية والتغير الاجتماعي : تطبيقات على مجتمعات الخليج العربي المعاصرة ،مرجع سابق ، ص 31
[135]Chandler, Morce, et, al, Modernization by design: Social Science in the twentieth century, op. cit., pp 10-15
[136]Robert H.Lauer, Perspectives on social change, op. cit., p.351-354
[137]Edwin B. Flippo, Management: A Behaviorel approch, Bostons Ally and Bacon, 1970, p.479

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى