جبروت الدولة: عدم القابلية للابتزاز
وصف ابن خلدون جبروت الدولة “بالسلطان القاهر”؛ وأطلق عليه توماس هوبز وصف “الوحش البحري Leviathan” الذي يخضع الجميع لإرادته؛ وعبّر عنه عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر “باحتكار أدوات الإكراه”.
بالطبع مناسبة التذكير بهذه التحديدات المفاهيمية هي عملية طحكوت أمس لابتزاز الدولة بواسطة منع الحافلات لنقل الطلبة إلى الجامعة عبر القطر الوطني في مرحلة حساسة من العام الدراسي، التي عادة تشهد إجراء الامتحانات أو مناقشات مذكرات التخرج. صحيح أن خطوة من هذا النوع على المستوى الوطني يمكن أن تحدث إرباكا كبيرا في عمل الحكومة وداخل المجتمع، في ظل ظروف أخرى غير الظرف الوطني الحالي الناقم على بؤر الفساد في الدولة.
لكن حتى هذا الإرباك وإن توفرت شروطه المناسبة لن يستطيع أن يبتز الدولة ولا أن يخضعها، إذا كانت هذه الأخيرة مصممة على المواجهة، خاصة إذا الدولة هي التي صنعت ثروة أمثال طحكوت في ظرف قياسي؛ فإنها تستطيع أن تسترد تلك الثروة في فترة قصيرة (تجربة الخليفة أحسن مثال).
طالما أن الدولة غير قابلة للابتزاز، المجسدة عمليا في سلوك السلطة الرسمية أو الفعلية، فإن خيار التحول الديمقراطي وبناء النظام السياسي المدني محدد في استغلال كل فرص الحوار والمشاركة حتى ولو كانت نتائجهما بطيئة، فهو الأفضل مقارنة بخيار اللعبة المغلقة.
عامر مصباح
جامعة الجزائر 3