دراسات سوسيولوجيةدراسات سياسية

جثث مفحمة … وضمير محروق !!!

د. نيرمين ماجد البورنو

في مشهد مأساوي أليم استيقظ أهل غزة على مأساة الفقر المدقع والحصار وانقطاع الكهرباء تحرق قلب عائلة الهندي على أطفالها , فلقد صعدت أرواح يسري ورهف وناصر ؛والتي تتراوح أعمارهم بين شهرين لأربع سنوات أثر تفحمهم من النيران التي أشعلت اجسادهم البريئة وحرقت معها الجمال والبراءة من شمعه مشتعلة تسللت الي اجسادهم  في غرفتهم الوحيدة التي ينامون بها ؛ والتي لا تصلح للعيش الادمي والعائلة دوما تشتكي الفقر وصعوبة توفير الاحتياجات الاساسية والوضع المادي والاقتصادي السيء جدا , إن المنزل الذي التهمته النيران والذي تقطنه العائلة بأكملها، لا يتعدّى مساحته 40 مترًا؛ وهو عبارة عن غرفة واحدة، ومطبخ صغير جدًا، يعلوه غرفة أخرى ؛ كما انه وصف كالقبر؛ وأصيبت الوالدة وطفلين آخرين بجروح متفاوتة ؛ ولقد خيم الحزن على مدينة غزة  قهرًا ووجعًا على الأطفال الثلاثة ؛ في ظل أزمة انقطاع التيار الكهربائي المتواصلة وحصار منذ سنوات ؛ فهل بعد ما وقعت الفاجعة سيتحرك ضمير مسؤول هنا أو قائد هناك من أجل تقديم المساعدة في الوقت الضائع حتى ينال نصيبه من الشو الإعلامي ؛ ام أن المجتمع الدولي والجهات الأممية يجب أن تأخذ دورها في حماية المدنيين وخاصة الذين يعيشون تحت الاحتلال وفي ظل حصار حرمهم من حقوقهم المدنية  !!! وهل حَرقت صور الأبرياء الثلاثة قلوب المسؤولين كما حرقت قلوب من شاهدها؟؟؟ ولكن ما الفائدة بعد ما احترق قلب الأم على أطفالها !!!

تلك العائلة البسيطة الفقيرة التي لم يلتفت إليها أحد من المسؤولين قبل الحادثة المفجعة، أرادت أن تكسر عتمة الليل بإضاءة الشموع رخيصة الثمن في أزمة انقطاع التيار الكهربائي المتفاقمة في غزة ، دون أن يكون في مخيلتها أن تلك الشموع ستغدر بها وتحول أجساد أطفالها إلى جثثٍ متفحمةٍ ؛ ولكن هذه الشمعة بقدر ما هي بسيطة حولت حياة عائلة الهندي إلى جحيم، وتسببت في كارثة سترافقها آثارها مدى الحياة؛ فالنيران طالت كل شيء العابهم وملابسهم ؛ اتساءل دوما لو حدثت مثل هذه الفواجع في بلاد يحترم فيها الانسان ويصان كيانه وحقوقه هل ستستقيل الاطراف المسؤولة ام سيمر الحادث كغيره من الحوادث وهل سيطبق المثل الشعبي العادة تبطل الدهشة !!! فحادثة عائلة الهندي لم تكن الأولي في قطاع غزة وليست الاخيرة التي يموت فيها أطفال ونساء ورجال وشيوخ جراء الحرق بسبب أزمة انقطاع التيار الكهربائي وبسبب غياب مقومات الحياة لدي العائلة واضطراها لاستخدام بدائل رخيصة الثمن ؛ السؤال الأهم هل سيتم مواساة أهالي الأطفال خلال أيام العزاء وبعدها الجميع ينفض يده مما يجري بانتظار حرق جديد من شمعه تحرق قلب شعب بأكمله , وهل ستكون عائلة الهندي الأخيرة التي تدفع ثمن أزمة الكهرباء والبطالة والفقر ؛ فيموت الأطفال حرقا بسبب شمعة أو نقص أنبوبة عاز ؛ أم أن هناك عائلات أخرى فقيرة تنتظر مصيرها المماثل؟؟؟

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى