دراسات شرق أوسطية

ماذا عن صفقة القرن التى يعلنها كوشنر اليوم

د / صالح محروس محمد

يستعد الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، لإعلان تفاصيل خطة السلام المعروفة إعلاميا باسم “صفقة القرن” اليوم الثلاثاء وسط ترقب عالمي. كثر الكلام عن صفقة القرن ؟ ما هي هذه الصفقة ، صفقة لمَن وصفعة لمَن ؟ هل الواقع العربي مؤهّل لقبول هذه الصفقه؟ دلائل اتجاة الإدارة الأميركية نحو ما قيل حول هذه الصفقة ؟ هل يقبل الفلسطينيون بها والشعوب العربية ؟ صفقة القرن بين التخطيط الأميركي والواقع العربي ونشرت العديد من الصحف العربية والأجنبية ما قاله جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وصهره  الصهيوني، وأنه سيتم الإفصاح عنها اليوم الثلاثاء، عن خطّة السلام الأميركية، المعروفة باسم «صفقة القرن»، موضِحاً أنها تتضمّن تقديم تنازلات من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. مشيراً إلى أن الخطة ليست محاولة لفرض الإرادة الأميركية على المنطقة.

وتشمل «صفقة القرن»، التي أعدّها كوشنر مع المبعوث الأميركى للشرق الأوسط، جيسون جرينبلات، وتأجّلت لمدّة 18 شهراً، شقّين رئيسيين، أحدهما سياسي والآخر اقتصادي، ويتناول الشقّ السياسى قضايا جوهرية مثل وضع القدس، بينما يهدف الشقّ الاقتصادي إلى مساعدة الفلسطينيين على تعزيز اقتصادهم. وتابع كوشنر: «ينصبّ تركيزنا على كيفيّة تحسين حياة الشعب الفلسطيني وما يمكن حلّه حتى تصبح هذه المناطق أكثر جَذْباً للاستثمار، ستكون هناك تنازُلات صعبة من الجانبين، وأتمنّى أن ما سيفعلونه عندما يطّلعون على الخطّة، هو أن يقولوا: أنظر هناك بعض التنازُلات هنا، ولكن في النهاية هذا إطار قد يسمح لنا بجعل حياتنا أفضل مادياً، وسنرى إذا كانت لدى القيادة في الجانبين الشجاعة للأخذ بزِمام المبادرة ومحاولة المُضيّ قُدُماً”.

إذا كان القرن الماضي قرن تأسيس إسرائيل وزرعها في الجسد العربي منذ وعد بلفور 1917 ثم تولّي الإدارة الأميركية الدعم لإسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية. واعتبرت الإدارة الأميركية هذا القرن قرن إسرائيل الكُبرى فمُخطّط تصفية القضية الفلسطينية على حساب الفلسطينيين هو صفعة القرن بالنسبة للفلسطينين والعرب والمسلمين ، وصفقة القرن بالنسبة لإسرائيل وما تُعلِن عنه الإدارة الأميركية مُخطّط له منذ فترة ، لكن أعلنه ترامب في الفترة التي اقترب فيها اتجاه الإدارة الأميركية نحو التنفيذ. نقلاً عن موقع “ميديل إيست آي” البريطاني، تظهر الملامح الأميركية لخطة السلام الأميركى لِما عُرِف بصفقة القرن ، نقل الموقع عن مصدر دبلوماسي غربي ومسؤولين فلسطينيين، أن فريقاً أميركياً بصَدَد وضع اللمسات الأخيرة على “الاتفاق النهائي” الذي وضعه الرئيس دونالد ترامب للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل والذي يُعرَف بـ”صفقة القرن”. أن الاتفاق سيتضمّن ما يلي:

1- إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزّة والمناطق (أ، وب) وأجزاء من المنطقة (ج) في الضفة الغربية.

2- توفّر الدول المانِحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبُنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزّة ، والإسكان والزراعة والمناطق الصناعية والمدن الجديدة.

3- وضع القدس وقضية عودة اللاجئين سيؤجَّلان إلى مفاوضات لاحقة.

4- مفاوضات حول مُحادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية.

وقال الدبلوماسي للموقع البريطاني إن جاريد كوشنر المستشار الخاص لترامب ورئيس فريقه لعملية السلام زار السعودية أخيراً، وأطلع وليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان على الخطّة. الحقيقة الواقع العربي مؤهّل لتقديم العديد من التازلات. توجد دول غير مستقرّة (ليبيا سوريا العراق اليمن) وأخرى تخشي نفوذاً إيرانياً في المنطقة ما يجعلها تدور في الفلك الأميركي ، حال ضعف عام عربي وقهر للشعوب العربية التي لا تستطيع حتى التعبير عن رأيها. وأخرى تواجه انتفاضات وثورات لم يتّضح بعد ما سوف تؤول إليه. حال من حالات التطبيع العربي مع إسرائيل على المكشوف ظهرت في الآونة الأخيرة . في الوقت الذي سعت فيه الإدارة الأميركية إلى التمهيد للصفقة وإعلان مواقف تؤيّد ما نوت عليه ، منها نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بالجولان السورية ( لم تكن هناك أية ردود عربية تُذكَر ضد الإجراءات الأميركية ) لإسرائيل. إظهار إيران على أنها البُعبُع وعلى دول خليجية طلب الحماية منها وأنه هناك حرب وشيكة بين العرب وإيران . يبقي العِلم أنه لايمكن فرض تنازُلات من الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزّة أو من الفلسطينيين في الخارج ، فمسألة التنازُل عن أراضٍ ومنح أراضٍ أخرى لا يمكن قبولها بأية حال من الفلسطينيين أو من الدول المجاورة لهم ولو قبلتها بعض الحكومات لا تقبلها الشعوب . مسألة ثمّة ضغوط أميركية على الفلسطينيين لن تجعلهم يقبلون بذلك ، فهم شعب الجبّارين كما كان يقول ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني الأسبق . ومن المتوقّع أن إسرائيل لن تتنازل عن أراضٍ احتلتها في 1967 .

أيضاً لاتزال الشعوب العربية ترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني حتى لو سعى إليه الحكّام العرب وفرضته معاهدات سلام مع إسرائيل (مصر والأردن ). تبقى عدّة أسئلة كثيرة ربما نجد لها إجابات في الشهور القادمة هل الواقع العربي الحالى يسمح بمزيدٍ من التنازُلات بخصوص القضية الفلسطينية ؟ هل تقبل دول عربية التنازُل عن جزءٍ من أرضها لصالح فلسطين ؟ هل تقبل الشعوب العربية خطّة السلام الأميركية بطبعتها الإسرائيلية؟ ومع بدء الإفصاح الأميركي عن صفقة القرن تبدأ ردود الأفعال وإن غداً لناظِره قريب.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى