المكتبة الأمنيةتحليل النزاعات الدولية

كتاب صراعات الجيل الخامس

 

كان حجم التغير السياسي والعسكري في ربع القرن المنصرم مذهلاً بكميته ونوعيته وتكنولوجياته، حتى الفكر الإستراتيجي تغيّر، فما هي الصورة التي سادت حتى الآن، وما هي التطورات المرتقبة؟ وكيف يمكن للدول والشعوب أن تدافع عن مصالحها ما دامت الإمبراطورية مسيطرة على السياسة الدولية بهذا الشكل الطاغي؟ وكيف غيّرت العولمة من طبيعة الصراعات؟.

إن إحدى أصعب المسائل، في رأي الكاتب، هي فهم تركيبة الإمبراطورية، بهيكلها العظمي وشرايينها وأعصابها، وخاصة دماغها، وقد قام بتوثيق مطالعاته حول هذا الموضوع بشكل يبيّن أهمّ مكوّناتها.

وقد أظهر هذا البحث أنّ الإمبراطورية تمتد بشبكاتها الإقتصادية والعسكرية والتكنولوجية على كل قارات الأرض؛ لكن أظهر أيضاً أن لكل نقطة قوة في مفاصلها نقاط ضعف تصاحبها، فكلما طالت وتشعّبت هذه القدرات، صاحبتها نقاط الضعف.

ويستنتج الكتاب: “ويظهر من بحثنا هذا أيضاً أن الإمبراطورية قد “وهبت” غريمها، بلا مقابل، لائحة عالمية من الأهداف التي لا تستطيع أن تدافع عنها، فكل شرايينها وأعصابها، بإمتدادتها على ملايين الكيلومترات، معرضة للوخز أو التجريح، أو ربما التعطيل وحتى الإلغاء”.

ويرى الكتاب أن نظرية أجيال الحروب الأربعة التي فصّلها اختصاصيو العلوم الإستراتيجية في العقد الأخير من القرن العشرين قد شارفت على نهايتها، وأنّ جيلاً جديداً في الأنظمة الفكرية قد أصبح جاهزاً للصراع ولتحدّي الإمبراطورية، أي للتمرّد عليها؛ ويخلص للقول: “إن طبيعة الإمبراطورية قد تطوّرت لتصبح مخلوقاً لا نهاية لسلطته، ولا حدود لقدرته، ولا منافسة لرغباته، إنه بحاجة لمن يذكّره أنه، مثل غيره، له حدود”، هذه هي إحدى وظائف التمرّد، فالذي يحمي العملاق ليست قدراته إنما ضعف غريمه.

طبعاً، هذا يعني أنّ التمرد ليس عملية عشوائية أو سهلة، خاصة مع مثل هذا الغريم، إذ يخلص الكتاب إلى القول: “منذ أقل من نصف قرن، كان التمرد فناً، وأصبح اليوم عِلماً، وكان التمرّد عاطفة وغضباً، وأصبح اليوم عقلاً وأعصاباً فولاذية باردة.

وكان التمرّد مفخرة إجتماعية، وأصبح اليوم نشاطاً سريّاً… وبالرغم من ضعفه وقله موارده، فإن على المتمرد أن ينتصر في مبارزاته مع الإمبراطورية، وأن يتفوّق عليها، هنا يكمن سرّ صراعات الجيل الخامس والطرق المتاحة فيها، وهنا مكمن التفوّق في التنظيم المتمرّد… خاصة وأن للإمبراطورية ألف كعب أخيل وألف مكمن ضعف”.

يقدّم هذا الكتاب نظرية جديدة في الفكر الإستراتيجي، تشتمل في بعض أوجهها على طرق التمرّد، بعد أن أصبحت الإمبراطورية تؤثر، بإمتداداتها وثقل حضورها، على حياتنا اليومية في كل مكان.

تحميل الكتاب

5/5 - (1 صوت واحد)

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى