دراسات سياسية

حكمة ظريف

بقلم: أحمد طه الغندور.

27/2/2019.

        يبدو أن الاستقالة الغير عادية لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يوم الإثنين الماضي عبر موقعه الشخصي على “إنستغرام” وهو أحد مواقع التواصل الاجتماعي المصرح باستخدامها في إيران، والتي خاطب بها الشعب الإيراني مباشرة باستقالته قبل أن تتلقاها القنوات الرسمية، قد حملت في طياتها الكثير داخل إيران وخارجها على الساحة الدولية.

وعلى الرغم من أن هذا الحدث قد وجد نهايته السريعة من قِبل المرجعيات العليا في إيران والتي جاءت بالرفض السريع للاستقالة، وتطمين ” ظريف ” على مكانته ودور وزارة الخارجية الهام في إيران، كما وصلت دعوة من الرئيس السوري له بزيارة سوريا ـ زيارة رسمية ـ  رداً على عدم حضوره اللقاء السابق بين القيادتين السورية والإيرانية، إلا أن النقاش لازال مستمراً لدى مراكز صنع السياسات في الغرب وخاصة في واشنطن حول أن المواقف المترددة للدول الغربية وخاصة بعد انسحاب واشنطن من اتفاق باريس النووي قد دفع ” ظريف ” إلى اليأس وربما شَكّل هاجساً له بالاستقالة.

لكن، ما أريده من موضوع الاستقالة الخاص بهذا ” الدبلوماسي المخضرم ” و ” المفاوض المتمرس ” والذي يشهد له العدو قبل الصديق أو الحكومة في بلاده بوطنيته والتزامه وحرصه على المصالح الوطنية، هو ما جاء في تصريحه الأول بعد الاستقالة لـ “صحيفة الجمهورية الإسلامية”، يوم الثلاثاء، ” أن الصراع بين الأحزاب والفصائل في إيران له تأثير “السم القاتل” على السياسة الخارجية”.

وأضاف: “يتعين علينا أولا أن نبعد سياستنا الخارجية عن قضية صراع الأحزاب والفصائل“.

وبهذه التصريحات أشارت مصادر إيرانية إلى أن سبب استقالة ظريف، الذي لم ولن يقبل لكائن من كان أن يتدخل في صميم الشأن الخارجي للدولة ومهام وزارة الخارجية.

ولو نظرنا إلى ما حملته وكالات الأنباء اليوم لنا من رد، نسبته وكالة أنباء فارس إلى ” قاسم سليماني ” قائد فيلق القدس، وهو فرع في الحرس الثوري يتولى العمليات خارج إيران، وربما هو ممن شملهم وزير الخارجية في أسباب استقالته الغير صريحة كما ورد في بعض الوكالات، فقد أفاد ” سليماني ” : “السيد ظريف مسؤول عن السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية ويحظى دوما بدعم كبار المسؤولين”، وأن “ السياسة الخارجية مسؤولية ظريف وخامنئي يدعمه”.

وما يجدر بالملاحظة هنا أن إيران قد سلمت للوزير ” ظريف ” بما يريد لأنها تدرك عدم جواز المساس بالممثل الشرعي للشعب والدولة الإيرانية على الساحة الدولية.

والسؤال الأن للتنظيمات الفلسطينية وخاصة التي تحترم إيران وتحظى بدعمها ورعايتها، ألا يعتبر هذا الأمر مثلاً يحتذى به؟ ويجب أن تجمع عليه كافة الفصائل الفلسطينية من عدم جواز التدخل في الشأن الخارجي لفلسطين؟!

ألا يجب أن تتوقف هذه التنظيمات عن التشكيك بوحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية، أو أن تستمر في محاولات التشويش على رموز الدولة الفلسطينية، كما نشهد مؤخراً  ليس إلا لصراعات حزبية مقيتة لا يمكن مقارنتها بأصالة النضال الوطني الفلسطيني، وطاهرة قضيته؟!

إلى متى تبقى بعض القيادات تُفضل العمى الفصائلي على المصلحة الوطنية؟!

ألا يعتبر ” ظريف ” نموذجاً وطنياً يحتذى به؟!

 

 

 

 

 

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى