دراسات استراتيجيةدراسات جيوسياسيةدراسات عسكرية

حلف (اوكوس AUKUS) تراجع الامبراطوريه وتغير تحالفاتها في نظام دولي متغير

بقلم شوكت سعدون

منذ الانفصال عن الولايات المتحده واعلان قيام الولايات المتحده الامريكيه تغلبت في اذهان بعض الآباء الموسسين Founfig fathers الانجلو ساكسون ،فكرة الامبراطوريه العظمى وما انبنى عليها من مدرسة التدخل الخارجي في السياسه الخارجيه للاتحاد الفدرالي الأمريكي الناشيء وهذا ما نجده لدى (ألكسندر هاملتون واندرو جاكسون) من الآباء المؤسسين وتجلى ذلك بوضوح اكبر لدى الرئيس 25 الجمهوري (وليام ماكنلي) فكانت حربه مع أسبانيا في كوبا وتغلب عليها فصارت كوبا محمية امريكيه وطالب باخضاع الفلبين ثم ضم جزر هاواي ومنذ الحرب مع أسبانيا 1898 بدأ التدخل الأمريكي في السياسه العالميه(1) بطابع مسلح . وحوالي تلك الحقبه ظهرت آ راء (الأميرال الفريد ثاير ماهان) المتضمنة التأكيد على تفوق القوه البحريه على القوه البريه وان العظمه القوميه ترتبط وثيقا بالبحر والقوه البحريه باعتبارها وسيلة عابرة للحدود وبفضل توجهاته انبنت نظرية الأمن القومي الأمريكي على التدخل البحري الخارجي باعتبار ان الدوله محميه بأكبر محيطين الهادي والاطلسي مع عدم اغفال المحيط الهندي بينهما فالمحيطات بنظره لا تتجزأ ولن يستطيع احد غزو الدوله بالابحار عبر احد المحيطين (2)، وهكذا تأسست الامبراطوريه البحريه المدعوه للتدخل في الخارج بقوة القوه البحريه.

ولهذا رأينا التدخل الخارجي لاحقا أيضا في حربين عالميتين في النصف الأول من القرن 20 واستفاد المجمع الصناعي العسكري للامبراطوريه إستفادة قصوى من تلك الحروب بتشغيل مصانعه فالتقت مصالحه مع توجهات مدرسة التدخل بالقوه في السياسه الخارجيه فحقق هذا المجمع ارباحا ومكاسب هائلة اقتصاديه وسياسيه وعسكريه ليس داخل الدولة فحسب بل وفي دول أخرى من خلال بيع السلاح وصار من أهم المقررين في السياسه الامريكيه داخلية وخارجية بل انه صار يعتبر ان مصالحه هي مصالح الاتحاد الفدرالي برمته وهكذا صار استخدام القوه في السياسه الخارجيه الكوكبيه للامبراطوريه وعلاقاتها الدوليه والتحالفيه سمة بارزة في النظام الدولي. واقترن مع توجهات ماهان البحريه نظرية (نيكولاس سبيكمان1893-1943) استاذ العلاقات الدوليه في جامعة (ييل – Yale) حول ما سماه (إطار الارض) و(حواف الأرض Rim Land) حيث اعتبر ان إطار الأرض هو ذلك الشريط الساحلي المحيط في أوراسيا الممتد من مضيق برنغ وحتى شمال أوروبا على السواحل الاسكندنافيه وان هذا الإطار يشكل حافة الأرض والتي تشمل بنظره أوروبا، ما عدا روسيا، والجزيره العربيه والعراق وآسيا برمتها وبضمنها الصين وشرق سيبيريا، واعتبر ان هذه المنطقه هي منطقة الصدام (Crush Zone) بين القوى البريه في قلب الأرض(Heart Lan) والقوى البحريه وهذا يتطلب هيمنة القوة البحرية وهي هنا الولايات المتحده على إطار الأرض الممثل بالشريط الساحلي المذكور، وهذا شكل نقطة الارتكاز للاستراتيجية الكوكبيه المعروفه في (استراتيجية الاحتواء) (3)، أي إحتواء قلب الأرض البري.

ترافق انتهاء الحرب العالميه الثانيه بانهيار النظام الدولي البحري ألكولونيالي الأوروبي ثنائي القطبيه الذي تزعمته بريطانيا وفرنسا وكان لبريطانيا الباع الأطول في ذلك النظام ولكن انتهاء الحرب دل على مؤشرات هامة تتلخص في عدم استطاعة القطبين الكولونياليين الاستمرار في تزعم النظام الدولي، وأخذت بريطانيا تعد العده للانسحاب من مستعمراتها عبر الكوكب التي احتلتها بقوة السلاح وذلك بسبب ضعف الامبراطوريه البريطانيه نتيجة الاستمرار الطويل الأمد في نشر قوتها بعيدا عن مركز الامبراطوريه. وخشيت من حدوث “فراغ قوه” عند انسحابها وتطلعت عبر الأطلسي وتحديدا نحو الولايات المتحده لملء فراغ هذا الانسحاب واستجابت الولايات المتحده لذلك وهي التي تراودها طموحاتها منذ التأسيس في التحول لامبراطويه مستلهمة النموذج البحري البريطاني وهذا أرسى الأساس لنقله جيواستراتيجيه كوكبيه هامه في التدخل الخارجي الأمريكي في العالم من خلال الاستلهام التطبيقي لنظريات ماهان حول دور القوه البحرية كأداة تدخل خارجي وسبيكمان حول السيطره على إطار الأرض. وهذا مهد لما يلي :

– تطبيق استراتيجية احتواء لقلب الأرض اي الاتحاد السوفييتي والتي اكدها جورج كينان بعد الحرب العالميه الثانيه

– تطبيق استراتيجية ملء الفراغ في المستعمرات البريطانيه السابقه التي تتوافق جغرافيا كثيرا مع ما نادى به سبيكمان.

– الاستجابه أيضا لطروحات سبيكمان بأن المحيط الأطلسي هو المحيط المتوسط بين أميركا وأوروبا.

– كل ذلك مهد لقيام تحالف عبر الأطلسي بقيادة انجلو ساكسونيه واتباع اوروبيين يدورون في فلكه من اعراق اوروبيه أخرى.

وعقيدة ذلك الحلف القتالية المعلنه هي الدفاع عن أوروبا و”العالم الحر المؤمن ” في مواجهة الخطر السوفييتي الشيوعي الملحد، اما غير المعلن فتلخص في جعل أوروبا مسىرحا لحرب محتمله مع الاتحاد السوفييتي او موطئا للوثوب عليه خصوصا وانها اكتسبت خبرة نقل حروبها خارج حدودها.

وبفعل المتغيرات الناجمه عن فشل أميركا في إقامة نظام دولي احادي القطبيه تتزعمه هي أثر انتهاء الحرب البارده وما رافق ذلك من صعود الصين وعودة روسيا وتنامي قوى إقليميه أخرى في آسيا فإن آسيا اخذت تتبوأ مكانه كوكبيه هامه باتجاهين تنامي الصين ومبادرتها الحزام والطريق والدور الروسي الاوراسي مما مهد لقيام تحالف له إمكانيات واقعيه للتنامي بين روسيا وانضمام دول ومنظمات دوليه اليه مثل دول آسيا الوسطى وغرب آسيا وخصوصا إيران ومنظمة شنغهاي والاتحاد الجمركي الاوراسي وكلها متواصله بريا وتقع ضمن الهارت لاند والهلال الداخلي بحسب تنظيرات ماكندر وقد تحسب الاستراتيجيين الأميركيون لهذا المتغير الاوراسي فقد نبه كيسنجر وبريجينسكي لذلك منذ الربع الاخير للقرن الماضي، وطالبا بمنع قيام اي تكتل او تحالف في (اوراسيا).

اذن أميركا سعت لتغيير عقيدة حلف الأطلسي القتاليه وجر أوروبا إلى القاره الاسيويه وحوض المحيط الهادي اي أجبار اوروبا لتحارب حرب اميركا في آسيا وهذا يناقض جوهريا العقيده الأطلسيه ولهذا هناك توجهات في أوروبا ضد تغيير العقيده الأطلسيه، والانجرار إلى مغامره امريكيه جديده في آسيا وما يصاحب ذلك من توسع نشر القوه الأميركيه من منطقة الجهد الاستراتيجي لحلف الأطلسي إلى المحيطين الهادي والهندي وبهذا تقع في محذور أضعاف القوه بزيادة مساحة انتشارها، البعض في أوروبا يعون انهم اذا جرتهم اميركا الى آسيا فإن حلفهم سيتحول إلى شيء آخر وليس حلفا اطلسيا.وبالمحصله فإن حلف اوكوس هو حلف انجلو ساكسوني له اتباع اسيويين من هنود ويابانيون كون هذا الحلف متخصص في مواجهة الصين واعتبار المسرح الاسيويه هس مسارح المواجهه مع القوى الاسيويه تماما كما حصل مع حلف الأطلسي. الامبراطوريه وإذ تتوسع في نشر قوتها عبر محيطي الهادي والهندي إضافة للاطلسي فإنها تقع في محذور نشر القوه بعيدا عن مركزها تماما كما حدث مع بريطانيا حيث استلهمت أميركا الامبراطوريه البريطانيه في انشاء امبراطوريتها الامريكيه.

المصادر :

– 1- ويكيبيديا مادة ويليام ماكينلي

2- الفرد ثاير ماهان

Mahan, – Alf… <http://stringfixer.com 3 – المدرسه الأميركيه في الجيوسياسه، صلاح نيوف، مركز اسبار للابحاث والدراسات، 2020/9/7. https://asbarme.com

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى