دراسات سياسية

حماس وقطر وغيوم الغد

الدكتور وليد عبد الحي
من الواضح أن القطريين بدأوا يكتشفون أن “السُمنة” التي توهموها سياسيا لم تكن أكثر من “ورم”، وقد ساهمت أعراض كثيرة في كشف هذا الورم،،منها:
1- نتائج الربيع العربي التي روجت لها قطر والجزيرة وصلت لنقطة أدنى كثيرا جدا من ” الوعد ” الذي جرى الترويج له،وهو ما انتج احباطا كبيرا لدى صناع القرار القطري.
2- تنامي الاتهام الدولي لقطر بأنها من بين الداعمين الماديين للحركات التي جرى التوافق بين دول كثيرة كبرى ومهمة على أنها حركات ارهابية(النصرة،وداعش،والاخوان المسلمين. ..الخ)
3- الفشل القطري على الصعيد الخليجي بخاصة مع السعودية،والذي وصل إلى حد استدعاء السفراء مع بعض دول الخليج.
4- انهيار كل العلاقات التي نسجتها قطر مع إيران وحزب الله و وسوريا قبل الربيع العربي
5- التغير الذي حدث في قطر بطرد حمد بن جاسم بعد أن انتهج قدرا من رعونة دبلوماسية،مما عزز الاعتقاد بفشل سياسات الحاكم السابق
6- تهديدات من اللوبي الصهيوني بأن استمرار قطر باحتضان حركة حماس قد يؤدي لممارسة هذا اللوبي ضغوطا في الولايات المتحدة لإحداث تحولات حادة تجاه قطر،بل جرى التلويح لقطر بأن الامر قد يبدا بالغاء مباريات 2022،ثم يتصاعد الضغط…
7- الخوف –ولو بشكل عابر- من أن يمتد العنف للاراضي القطرية،وهي دولة لا تستطيع احتمال مثل هذه التطور على اراضيها ايا كان مستوى هذا العنف (التفجيرات، أو عمليات انتحارية أو …الخ).
8- طرد مجموعة بارزة من قادة الاخوان المسلمين من أراضيها مؤشر على أن قطر يمكن أن تتحول من الموقف لنقيضه…
كل هذه المؤشرات ( بغض النظر عن تفاصيل كل مؤشر ،أو مدى أهميته أو تفاصيله أو التحفظات حوله ) تجعلني اطر ح الهاجس التالي وهو أن على حركة ” حماس أن تخطط للمستقبل القريب والمتوسط على أساس الاحتمال الأسوأ مع قطر، ولن يحدث هذا الأسوأ بشكل مباشر بل قد يأخذ طابعا تدريجيا وضاغطا ..وهو ما يستدعي من حماس:
أ‌- تطوير علاقات حماس مع منظمات المقاومة الفلسطينية التي شاركتها معركة غزة ،والتطوير ليس معناه “التقاط صور مشتركة” بل البحث في كيفية بناء تحالفات تضبط انفلات السلطة الفلسطينية، وعدم تهميش هذه المنظمات في إدارة السياسة الفلسطينية(وهي شكوى ترددها الجبهة الشعبية وغيرها كثيرا) .
إن السلطة الفلسطينية تستعد لحفلة striptease سياسية،قد تكون أسوأ مما يعتقد أكثر المتشائمين،وهو أمر قد تبدأ ظواهره بالبروز خلال الشهور القادمة…
ب‌- أخشى أن تتزايد الضغوط على حماس(من خلال سلوك السلطة، والظروف الاقتصادية والرواتب، وإيجاد المأوى لمئات الآلاف من الذين دمرت منازلهم، واصحاب المصانع التي تعطلت حياتهم،والكهرباء والمياه..)،وهو أمر قد يصل إلى حد دفع حماس لمراجعة الكثير من مواقفها بخاصة مع حلفاء الأمس ،وقد يؤدي ذلك لتغيرات داخلية في بنية هيئات صنع القرار في حماس خلال الشهور القادمة بالتوازي مع حفلة سلطة التنسيق الأمني.
ت‌- إعادة النظر في بعض توجهاتها الإعلامية ،لا لأن هذه التوجهات غير صحيحة،ولكنها غير مناسبة في الظروف الحالية…
إن تعقيدات الواقع الدولي والإقليمي من ناحية والخلل في توازنات القوى من ناحية ثانية ، وانتهازية السلوك السياسي في مجمله ، وخبث الخصوم وخططهم طويلة الأجل…من ناحية ثالثة ، تجعلني أؤكد أن المعركة السياسية تحتاج لتضحيات لا تقل عن تضحيات المعركة العسكرية التي قدمت فيها المقاومة الفلسطينية صورة مشرفة…فهل من مستمع؟

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى