الدبلوماسية و المنظمات الدوليةدراسات مغاربية

دبلوماسية الجزائر السياسية تنتفض.. فهل ترافقها نظيرتها الإقتصادية؟

بقلم الدكتور أدم شيتر

?تحركت الدبلوماسية السياسية الجزائرية بشكل لافت في الأيام الأخيرة على الصعيدين الإقليمي والقاري وشملت ملفات وقضايا عدة، ما يعيد إلى الواجهة مسألة إلزامية مرافقة الدبلوماسية الإقتصادية لنظيرتها السياسية لتحقيق التوسع والتمدد الإقتصادي إقليميا وقاريا خصوصا بعد الركود الذي عرفته منذ سنوات عدة و تمهيدا لتبني سياسات تنموية لمرحلة ما بعد الأزمة الصحية و تبعاتها الإقتصادية.

? و السؤال الذي نطرحه هنا هو هل من الأجدر العمل كأولوية على تعزيز الدبلوماسية الإقتصادية Economic Diplomacy أم الدبلوماسية التجارية Commercial Diplomacy في حالة الجزائر؟

✒️ من المؤكد أن الدبلوماسية التجارية كانت مستخدمة وقائمة عبر التاريخ وليست وليدة العصر، إلا أنها كمصطلح باللغة الإنجليزية تم إستخدامه في النصف الثاني من القرن العشرين علي يد بعض الكتاب مثل هيو كوربيت 1972 في كتابه “الدبلوماسية التجارية الأسترالية في عهد جديد من المفاوضات”. أما مصطلح الدبلوماسية الإقتصادية و الذي ظهر منذ أزمة الكساد الكبير في الولايات المتحدة الأمريكية، أين إكتسبت الدبلوماسية الإقتصادية دورا أوسع تدريجيا بعد الحرب العالمية الثانية حتى وصلت إلى وضعها الحالي كمظلة للدبلوماسيات المتعلقة بالجانب الإقتصادي التي تمارسها مختلف الأطراف الدبلوماسية الرسمية منها و غير الرسمية.
?️ ولعل الإختلاف بين الدبلوماسية التجارية و الدبلوماسية الإقتصادية يكمن في كون الأخيرة تتركز أساسا على إعتماد الأطراف الدولية (الدول أو المنظمات) على قدراتها الإقتصادية أو قوتها السياسية في التأثير السياسي و الإقتصادي، أي تستخدم قوتها السياسية لتحقيق منافع إقتصادية (حالة USA) أو العكس إستخدام قوتها الإقتصادية لتحقيق تفوق سياسي (حالة الصين).
?️أما بالنسبة للدبلوماسية التجارية فتستخدم عدة أساليب و أدوات مثل الزيارات الثنائية رفيعة المستوى من قبل المسؤولين الكبار في الدولة كالرئيس أو الوزير الأول، و إمضاء إتفاقيات التجارة الحرة أو إتفاقيات إقامة مناطق التجارة الحرة، وكذا إعداد الإجتماعات التشاورية الثنائية بين البلدان التي تطور العلاقات على المستوى السياسي مما يسهم في تشجيع الشركات و الإستثمار. كما قد تعتمد على آلية إفتتاح ممثليات دبلوماسية (سفارة، قنصلية ومكتب تجاري) تساهم في تشجيع التجارة بين البلدان و التسويق للحوافز التي تقدمها الدولة من أجل جذب الإستثمارات الأجنبية. كل هذه الأدوات تجعل من الدبلوماسية التجارية محور مهم في السياسة الخارجية للدولة و جزء لا يتجزء من دبلوماسيتها الإقتصادية.

في الحالة الجزائرية??، ما يهمنا خلال هذه الفترة الحرجة هو إعادة بعث للدبلوماسية التجارية بالموازات مع الدبلوماسية السياسية، فالإقتصاد الجزائري اليوم أكثر ما يحتاجه هو سياسة إقتصادية ترتكز على محاور عدة أهمها:

?تعزيز الإستثمار المحلي بمختلف القطاعات بالمقابل تشجيع الإستثمار الأجنبي من خلال تفعيل قوانين الإستثمار التي من شأنها جلب المستثمرين الأجانب
?وضع إستراتيجية لتعظيم الصادرات خارج قطاع المحروقات ودعم المصدرين من خلال الحوافز و التسهيلات المقدمة
?مراجعة السياسة النقدية و المالية التي من شأنها تسهيل التدفقات النقدية داخليا و خارجيا
?تعزيز دور البحث العلمي من خلال إدماج أكبر للمؤسسات البحثية ودعمها، في المقابل العمل أيضا على إستيراد التكنولوجيا خصوصا الصناعية منها

كل هذه المحاور و التي تضم العديد من البرامج و الخطط من شأنها أن تدفع بوتيرة التنمية الإقتصادية إلى الأحسن، و هنا يأتي دور مصالح وزارة الشؤون الخارجية من خلال العمل على تجسيدها. إذا يتحتم عليها العمل على:

?تعزيز دور هياكل الوزارة المرتبطة بالدبلوماسية الإقتصادية و التي كان قد أعلن على إستحداثها في بداية سنة 2021 والمتمثلة أساسا في إنشاء مكتب للإعلام وترقية الإستثمارات و الصادرات التابع لمديرية ترقية ودعم المبادلات الإقتصادية بالوزارة، يهدف إلى إستقبال المتعاملين الإقتصاديين، وخاصة المصدرين، للإستفادة من المعلومات والوثائق المتعلقة بشروط ولوج الأسواق الخارجي .
?تعزيز دور الممثليين الدبلوماسيين للجزائر في الخارج (سفارات، قنصليات و مكاتب تجارية) في التسويق لصورة الإقتصاد و السياسات الإقتصادية المتخذة ما من شأنها تشجيع المتعاملين و المستثمرين الدولين، و تحوز الجزائر على 106 ممثل إقتصادي عبر العالم.
?دعم تكوين الدبلوماسيين المدعوين لشغل وظائف المكلفين بالشؤون الاقتصادية والتجارية على مستوى الممثليات الدبلوماسية الجزائرية، من خلال الندوات الأكاديمية في مجال الدبلوماسية التجارية واللغة الإنجليزية للأعمال فضلا عن ندوات مواضيعية أخرى.
?تعزيز دور الإعلام الدبلوماسي و التسويق الإعلامي الإقتصادية من خلال القنوات التلفزيونية المتخصصة و إستحداث خلية تعمل على ذلك تستغل جميع وسائل الإعلام خصوصا الشبكية منها
?إستغلال تحركات الدبلوماسية السياسية لتحقيق منافع إقتصادية وبناء علاقات متينة أكثر و إيجاد علاقات جديدة على المستوى الإقليمي، القاري و الدولي.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى