دراسات استراتيجيةدراسات جيوسياسية

دراسة حول نقل السيادة السعودية على جزيرتي تيران وصنافير

نقل السيادة السعودية على جزيرتي تيران وصنافير وتدويل مضيق تيران وتنفيذ مشروع قناة السويس الإسرائيلية  : السعودية ومصر قلب الأمن القومي العربي.

إعداد الأستاذ الدكتور كمال محمد محمد الأسطل

مستشار سياسي وخبير قانوني ومختص بالأمن القومي والعلاقات الدولية والنظرية السياسية والتجديد السياسي-أستاذ العلوم السياسية-جامعة الأزهر-قطاع غزة

مقدمة: اتفاقية تيران وصنافير بين مصر والمملكة العربية السعودية

اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر و السعودية المعروفة باتفاقية تيران وصنافير هي اغرب قضية ترسيم حدود تتم بين دولتين على الإطلاق . طفا إلى سطح الأحداث والأخبار فجأة إسم جزيرتي “تيران وصنافير” بعد إعلان جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية عن تعيين الحدود البحرية للبلدين وإعادتهما للملكية السعودية بعد نحو 66 عاما من وضعهما تحت الحماية المصرية في يناير 1950 بطلب من العاهل السعودي الراحل “عبد العزيز آل سعود.

بعد ماراثون دام ما يقرب من 413 يومًا – منذ توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية في 8 من أبريل 2015 – داخل أروقة المحاكم وساحات القضاء ما بين الشد والجذب عن مصير جزيرتي تيران وصنافير، وهل هما سعوديتان فعلًا كما تقول الحكومة المصرية وأذرعها الإعلامية والموالون لها من الخبراء والقانونيين، أم مصريتان كما يقول المعارضون من المصريين، ها هو الستار يسدل على هذا الجدل عقب إقرار البرلمان المصري بالموافقة على الاتفاقية أمس الأربعاء ومن ثم باتت الجزيرتان سعوديتين.

بتاريخ 24 يونيو-حزيران 2017 صدق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية بعد أن وقع عليها البلدان في 9 أبريل 2016، وأقرها البرلمان المصري في 14 يونيو2017، والتي أقرت بتبعية الجزيرة وجارتها صنافير للملكة العربية السعودية، وذلك بعد جدل واسع حول السيادة على الجزيرتين بين البلدين.

ولم يكن معظم سكان مصر والسعودية يعرفون حتى بوجود هاتين الجزيرتين أو يسمع شيئا عنهما . إذ لم يكن ظهران إلا في زمن الحروب بين مصر وإسرائيل مثلهما مثل كثير من جزر البحر الأحمر كجزيرة “شدوان” التي سمع البعض عنها حين حاولت إسرائيل احتلالها أثناء حرب الإستنزاف ولم يعد أحد يسمع عنها منذ ذلك الحين إلا في إحتفالات محافظة البحر الأحمر بعيدها القومي والذي يوافق ذكرى معركة شدوان.

وقد شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين فى الثامن من أبريل عام 2016 .

وحول تفاصيل الاتفاق السعودي المصري الأخير والذي نص على إعتراف مصر رسمياً بأحقية المملكة العربية السعودية في جزيرتي صنافير وتيران، كشف مجلس الوزراء في بيان رسمي أن «هذا الإنجاز (أي ترسيم الحدود) جاء بعد عمل شاق وطويل استغرق أكثر من 6 سنوات، انعقدت خلاله 11 جولة اجتماعات للجنة تعيين الحدود البحرية بين البلدين، آخرها ثلاث جولات عقدت منذ شهر ديسمبر 2015، عقب التوقيع على إعلان القاهرة في 30 يوليو 2015.

وبشأن الخلفية القانونية والدستورية التي اعتمد عليها الاتفاق الحدودي الجديد، قالت الحكومة إن “اللجنة اعتمدت في عملها على قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لعام 1990، بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر، والذي تم إخطار الأمم المتحدة به في 2 مايو 1990، وكذلك على الخطابات المتبادلة بين الدولتين خلال نفس العام، بالإضافة إلى المرسوم الملكي السعودي الصادر في 2010 بتحديد نقاط الأساس في ذات الشأن للمملكة العربية السعودية. وأضافت أنه “قد أسفر الرسم الفني لخط الحدود بِناءاً على المرسوم الملكي والقرار الجمهوري، عن وقوع جزيرتَي صنافير و تِيران داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية”. وأشارت، إلى أن الفنيين من أعضاء اللجنة استخدموا أحدث الأساليب العلمية لتدقيق النقاط وحساب المسافات، للانتهاء من رسم خط المنتصف بين البلدين بأقصى درجات الدقة.

وفي المعلومات نورد مايلي

جزيرة تيران :  تيرات جمع كلمة “تير”  ومعناها الموج وهي جزيرة تقع في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، و وكانت حتى عام 2017 تتبع إدارياً الأراضي المصرية.  

تبعد الجزيرة عن جزيرة صنافير بحوالي 2.5 كم، وتبلغ مساحتها 80 كم²، فيما أنشئ عليها مطار صغير من أجل تقديم الدعم اللوجستي لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وبالرغم من وقوعها في مدخل مضيق تيران إلا أن خطوط الملاحة البحرية تمر من غربها من أمام شرم الشيخ، حيث أن تشكيل قاع البحر إلى شرقها وجزيرة صنافير القريبة يجعل الملاحة مستحيلة، إلا أنها كانت قديماً نقطة للتجارة بين الهند وشرق آسيا وكان بها محطة بيزنطية لجبي جمارك البضائع.

احتلت إسرائيل الجزيرة عام 1956 ضمن الأحداث المرتبطة بالعدوان الثلاثي ومرة أخرى في الأحداث المرتبطة بحرب 1967 وانسحبت منها عام 1982 ضمن اتفاقية كامب ديفيد. بعد الانسحاب الإسرائيلي عادت الجزيرة إلى الحماية والإدارة المصرية ويتواجد بها حالياً قوات دولية متعددة الجنسيات بحسب إتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ووقوعها في المنطقة ج.

طالبت المملكة العربية السعودية مصر بتبعية الجزيرة وجارتها صنافير في أكثر من مناسبة، وفي 9  أبريل 2016 وقعت الحكومة المصرية والمملكة العربية السعودية اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين البلدين والتي طبقاً لبنودها تقع الجزيرة داخل الحدود البحرية السعودية، إلا أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت حكمها في 16 يناير2017 ببطلان توقيع الاتفاقية، فيما أقر البرلمان المصري الاتفاقية في 14 يونيو 2017، ولا زالت القضية معروضة أمام المحكمة الدستورية العليا.

جزيرة صنافير هي جزيرة تقع في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، و وكانت تتبع إدارياً الأراضي المصرية. في 24 يونيو 2017 صدق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية بعد أن وقع عليها البلدان في 9 أبريل 2016، وأقرها البرلمان المصري 14 يونيو2017، والتي أقرت بتبعية الجزيرة وجارتها تيران للملكة العربية السعودية، وذلك بعد جدل واسع حول السيادة على الجزيرتين بين البلدي.  وبإتمام التصديق يتبقى فقط نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية المصرية وتبادل وزراء الخارجية في كلا البلدين رسائل التصديق ومن ثم تسليمها بشكل رسمي للأمين العام للأمم المتحدة لتحفظ ضمن السجلات الرسمية في الأمم المتحدة. وبإتمام تلك الخطوات يتم نقل السلطة على الجزيرة إلى السعودية.

تبعد الجزيرة عن جزيرة تيران بحوالي 2.5 كيلو متر، وتبلغ مساحة الجزيرة 3 3كم²، تمتاز الجزيرتان بالجزر والشعاب المرجانية العائمة.[4] كما أنها مقصد لمحبي رياضات الغوص لصفاء مائها وجمال تشكيلاتها المرجانية،

عشرات الجزر في البحر الأحمر ذات أهمية إستراتيجية منها جزيرة شدوان المصرية التي حاولت اسرائيل احتلالها أثناء حرب الإستنزاف على جبهة السويس بعد حرب عام وهناك جزر  مصرية وسعودية ويمنية وسودانية واريترية كثيرة وأرخبيلات في البحر الأحمر.

 أرخبيل دهلك‏ – جزر فرسان- جزر منطقة تبوك‏ – جزر منطقة جازان‏ -جزر منطقة عسير‏ -جزر منطقة مكة المكرمة.‏ 

من الجزر المصرية والسعودية  مايلي

وفقا لما ورد في الموسوعات الالكترونية نورد قائمة بأسماء بعض الجزر السعودية والمصرية في البحر الأحمر.

قائمة ببعض جزر البحر الأحمر التي  لايعلم الكثير عنها شيئا

Table of Contents

أ

  • أرخبيل دهلك
  • أم الحصاني الجنوبية
  • أم الحصاني الوسطى

ت

  • تيران (جزيرة)

ج

  • جبل الطير (جزيرة)
  • جزر الإخوة
  • جزر البحر الأحمر
  • جزر الجفتون
  • جزر السعودية
  • جزر تلا تلا
  • جزر حنيش
  • جزر فرسان
  • جزيرة آمنة
  • جزيرة أبكر
  • جزيرة أبو لاحق
  • جزيرة أبو مرزوق
  • جزيرة أبو منقار
  • جزيرة أم أرومة
  • جزيرة أم البل
  • جزيرة أم الخضري
  • جزيرة أم العود
  • جزيرة أم القنديل
  • جزيرة أم الكتف
  • جزيرة أم دينار
  • جزيرة أم ربيص
  • جزيرة أم قصور
  • جزيرة الأغثم
  • جزيرة البغلة
  • جزيرة الثغباء
  • جزيرة الدسان
  • جزيرة الدسان الصغيرة
  • جزيرة الدليلة
  • جزيرة الدهمانية
  • جزيرة الريح
  • جزيرة الزبرجد
  • جزيرة السقاء
  • جزيرة السقيد
  • جزيرة الطويلة
  • جزيرة العاقر
  • جزيرة العجوزة
  • جزيرة العلطة
  • جزيرة الفرشة
  • جزيرة المقيطع
  • جزيرة النعمان
  • جزيرة الوصل
  • جزيرة برقان
  • جزيرة بريم (تبوك)
  • جزيرة ثرى
  • جزيرة جانا
  • جزيرة جبل أبو حمد
  • جزيرة جبل الصبايا
  • جزيرة جبل الليث
  • جزيرة جبل دوقة
  • جزيرة جبل ذهبان
  • جزيرة حاطبة
  • جزيرة حبار
  • جزيرة حصر
  • جزيرة دراكة
  • جزيرة دعامة
  • جزيرة دمسك
  • جزيرة دوشك
  • جزيرة ذو الراكة
  • جزيرة ذو ثلاث
  • جزيرة رأس الرصيبب
  • جزيرة رامين
  • جزيرة رقبين
  • جزيرة ريخة
  • جزيرة زبيدة
  • جزيرة زفاف
  • جزيرة ساسوه (توضيح)
  • جزيرة ساسوه الشرقية
  • جزيرة ساسوه الغربية
  • جزيرة سقالة
  • جزيرة سلوبة
  • جزيرة سولين الشمالية
  • جزيرة سويحل
  • جزيرة شريرة
  • جزيرة شريفة
  • جزيرة شعاريين
  • جزيرة شورة
  • جزيرة شوشة
  • جزيرة شيبارة
  • جزيرة غراب (جدة)
  • جزيرة فرسان
  • جزيرة فرعون
  • جزيرة قطنة
  • جزيرة قماح
  • جزيرة قمعان
  • جزيرة كيرة
  • جزيرة مدرة
  • جزيرة منظر سجيد
  • جزيرة ميون
  • جزيرة يبوع

ز

  • زقر

ش

  • شدوان

 
وقبل أن نخوض في غمار المعلومات والتحليل نود أن نؤكد على مايلي:

1-  أن مصر والمملكة العربية السعودية ثمتلان أضلع مربع منطقة القلب في الأمن القومي العربي الذي يتكون من العواصم العربية الأربع – القاهرة-الرياض-دمشق-بغداد .

2-   أن هذه الموضوع لا يريد تأكيد حق على حق أو ترجيح رأي على رأي طالما أن الشقيقتين مصر والمملكة العربية السعودية اتفقتا على نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية. فنحن نرى أن المملكة العربية السعودي دولة إستراتيجية يتوقف علي الحفاظ على سلامتها وأمنها الوطني كل أمن منطقة  شبة الجزيرة العربية والخليج العربي والإمارات والبحرين وقطر وعمان واليمن وقطر والكويت، بل وبلاد الشام. وبدون مصر لا يمكن أن يتحقق الأمن القومي العربي.

3-  لو كنت مستشارا سياسيا لاقترحت على كل من مصر والسعودية إعلان الاتحاد الكونفدرالي بينهما وعمل مناطق إدارة مشتركة وجسور مثل مشروع جسر الملك سلمان لأن التكامل والتكافل بين القاهرة والرياض يمثل الخندق الأول والأخير لحماية الأمة العربية. ولابد من وجود حالة من الانسجام والتنسيق الدائم بين القاهرة والرياض. ولابد من تكون الأردن حجر الزاوية في الأمن القومي العربي حتى تستعيد دمشق وبغداد مكانتهما التاريخية في الحفاظ على الأمن القومي العربي. ويجب أن تلعب جميع دول مجلس التعاون دورها في الحفاظ على الأمن القومي العربي بما فيها دولة قطر.

4-  لابد لمصر أن تحمي أمنها القومي وسلامة أراضيها والتنسيق والتعاون بين كل من مصر وليبيا ومصر والسودان. وأن لا تسمع بأي تهديد لأراضيها حتى لو اضطرت للتدخل العسكري لعمل مناطق أمنية عازلة  Buffer Zonesعلى حدودها بالتعاون مع الشقيقة ليبيا والشقيقة السودان. مع الاهتمام بقطاع غزة الذي يعتبر أن مصر هي الرئة التي يتنفس بها قطاع غزة لعوامل العروبة والأخوة من جانب وعوامل تاريخية وسياسية وأمنية مع الأخذ بعين الاعتبار “ديكتاتورية الجغرافيا”.

5-  لابد من النظر للمغرب العربي باعتباره جزاء مركزيا في الأمن القومي العربي ووجود حالة من الانسجام والتوافق والتنسيق بين كل من المملكة المغربية والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا.

6-  هذه الدراسة تحاول التركيز على قضية الجزيرتين (تيران وصنافير) من منظور تاريخي ومنظور الأمن القومي العربي وعلاقة إسرائيل بالموضوع.

7-  أن الاتفاق بين الشقيقتين مصر والسعودية قد تم والحمد لله وكل ما يقال هو من قبيل عرض وجهات النظر وتحليل إبعاد تداعيات محتلمة لنقل السيادة على تيران وصنافير من مصر إلى المملكة العربية السعودية. فنحن نرى أن مصر والسعودية يجب أن يسود بينهما التكامل والانسجام والتنسيق الدائم. 

الأهمية الإستراتيجية لجزيرتي تيران وصنافير

جزيرتي تيران وصنافير ليسا إي جزيرتين فيما يتعلق بالأمن القومي العربي ، وإذا جردنا مسألة الحق لمصر أو للسعودية من الحساسية العالية   باعتبارهما دولتين عربيتين ومصر هي السعودية و السعودية هي مصر كأشقاء و جيران وعرب ومسلمون إلا أن وضع الجزيرتان ليس كذلك من ناحية العلاقة بالكيان الصهيوني فالسيادة على الجزيرتين هو أمر له مترتبات قانونية تجاوز مصر و السعودية وتصل للكيان الصهيوني ومدى حضوره في منطقة خليج العقبة و مياه البحر الأحمر ككل ، و بالتالي فمسألة السيادة على الجزيرتين هي مسألة غاية في الخطورة على مصر و على السعودية و على العرب جميعا ..

تبعد جزيرة تيران (جمع “تير” وتعني موج البحر في بعض لهجات العرب)، نحو 6.1 كيلومتر من ساحل شبه جزيرة سيناء الجنوبية، وتبلغ مساحتها حوالي 80 كيلومترًا مربعًا، بينما تبعد جزيرة صنافير عنها بحوالي 2.5 كيلومتر، إلى الشرق منها، وتبلغ مساحتها حوالي 33 كيلومترًا مربعًا .

وتقابل الجزيرتان اللتان تقعا في مضيق تيران، مخرج خليج العقبة إلى البحر الأحمر، كلاًّ من شرم الشيخ ودهب في جنوب سيناء، ورأس حميد، في السواحل الغربية لتبوك في شمال المملكة العربية السعودية، ويمر خط الملاحة الدولي إلى الغرب من تيران، لأن الجهة الشرقية منها، المواجهة لصنافير والحدود السعودية، منطقة غير صالحة للملاحة.

وتصنع الجزر ثلاثة ممرات من وإلى خليج العقبة، الأول منها بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، وأقرب إلى ساحل سيناء، وهو الأصلح للملاحة عمقه 290 مترا وأسمه ممر “إنتربرايز” ، والثاني أيضا بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، ولكن أقرب إلى الجزيرة، وهو ممر “جرافتون”، وعمقه 73 مترا فقط، في حين يقع الثالث بين جزيرتي تيران وصنافير، وعمقه 16 مترا فقط .
 1وتعود أهمية الجزيرتَيْن إلى قيمتهما الكبرى في التأمين الدفاعي الاستراتيجي للتخم الجنوبي لشبه جزيرة سيناء والمياه الإقليمية المصرية قُبالة شمال الساحل الشرقي لمصر على البحر الأحمر.

2-وتشكل الجزيرتان موقعا دفاعيا مهما أيضا للملكة العربية السعودية وخاصة منطقة الساحل الغربي للمملكة على البحر الأحمر بمحاذاة “راس حميد” ومنطقة “تبوك” الإستراتيجية. والمعروف أن “رأس حميد” على الساحل السعودي من البحر الأحمر ذات أهمية إستراتيجية حيث من المخطط أقامة جسر الملك سلمان الذي يربط قارتي أفريقا وأسيا بحيث يكون الجسر ممتدا من جنوب سيناء إلى تيران-إلى صنافير- إلى رأس حميد في الجانب السعودي  في منطقة تبوك على البحر الأحمر.

3-  كما أنهما من الأهمية بمكان في صدد إغلاق خليج العقبة بالكامل في حال اندلاع أي نزاع عسكري مع إسرائيل.
4- لذلك فإن موقعهما المتطرف في البحر الأحمر بعيدا قليلا عن جنوب سيناء والمتحكم تماما في مضيق العقبة جعلهما هدفا دائمًا للاحتلال “الإسرائيلي.

ملكية المملكة العربية السعودية لجزيرتي تيران وصنافير

يقول المؤرخ الكبير الدكتور / عاصم الدسوقي رئيس إتحاد المؤرخين العرب

الجزيرتان كانتا تابعتين لمملكة الحجاز السابقة والتي كان يحكمها بنو هاشم وآخرهم الشريف حسين بن على وكانت تمتد من الشمال إلى جنوب فلسطين فيما كان يعرف خلال الحكم العثماني بولاية عكا، ثم حدث ان عبد العزيز بن سعود أعلن دولته الأولى وعقب تدخل محمد على والى مصر حينها هرب مع أسرته إلى الكويت، واستضافهم أمير الكويت، في عام 1902 وفكر عبد العزيز آل سعود فى إحياء هذه الدولة وتباحث مع أمير الكويت وكانت تحت الحماية البريطانية، فنصحه أمير الكويت بأن يأخذ رأى المندوب العام البريطاني وشجعه بالفعل الحاكم الانجليزي على إقامة دولته الثانية بشرط ان تكون تحت الحماية البريطانية فعاد وأقام إمارة الرياض وعقد اتفاقية حماية عام 1919 وأخذ يتوسع فى منطقة نجد، وفى 1926 قام عبد العزيز آل سعود بالاستيلاء على الحجاز من الشريف حسين وبالتالي أصبح ما يتبع الحجاز يتبع المملكة العربية السعودية وهنا انتقلت تبعية صنافير وتيران الى السيادة السعودية..

متى انتقلت تبعية صنافير وتيران من السيادة السعودية الى الحماية المصرية ؟

بعد حرب فلسطين عام 1948 والتي انتهت بهزيمة الجيوش العربية عقدت إسرائيل اتفاقيات الهدنة في  رودس نسبة إلى الجزيرة اليونانية الشهيرة مع كل من مصر وسوريا والأردن ولبنان وكانت تنص كأي اتفاقية هدنة بأن يبقى الحال على ما هو عليه، لكن إسرائيل بعد أقل من شهر خرقت الهدنة واحتلت عدة مناطق عربية أخرى من بينها ميناء أم الرشراش على البحر الأحمر واستولت على المنطقة وغيرت اسمها إلى إيلات فى 1949 وهنا خشي الملك عبد العزيز أن تكون خطوة إسرائيل القادمة الاستيلاء على تيران وصنافير ولما لم يكن يملك من القوة ما يمكنه من مجابهة إسرائيل، فقد قام بالاتفاق مع الملك فاروق بوضع الجزيرتين تحت الحماية المصرية واعتبارهما مصريتين واعتبرتا ضمن الحدود المصرية واتفقت الدولتان على رفع العلم المصري على الجزيرتين، لاستخدامها في الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي بعد هزيمة 1948، وقامت الدولتان بإعلام بريطانيا في 30 يناير من العام نفسه 1948، ثم الولايات المتحدة في 28 فبراير 1948، بأنهما وبصفتهما الدولتين اللتين تسيطران على جانبي مدخل الخليج، فقد اتفقتا على تواجد القوات المصرية في جزيرتي تيران وصنافير دون أن يخل ذلك بأي مطالبات لأي منهما في الجزيرتين..

كامب ديفيد استعادة  مصر لجزيرتي تيران وصنافير بموجب اتفاقية

تضمنت الوثيقة التاريخية التي نشرها العالم المصري المؤرخ جمال حمدان في موسوعة «شخصية مصر» وكتابه «سيناء في الإستراتيجية والسياسة»، والذي يعد أشهر وثيقة تاريخية تعتمد عليها مصر في كافة المحافل الدولية في ترسيم حدود مصر مع كافة الدول المجاورة.وهو ما أكده نصا وبالمستندات كتاب د.عمرو عبد الفتاح خليل (مضيق تيران فى ضوء أحكام القانون الدولي ومبادئ معاهدة السلام) وجاء في نص الوثيقة أنه عقب إنتهاء الحرب الفلسطينية قامت مصر باتخاذ إجراءات حمائية عام 1950 من شأنها حماية الحدود والشواطئ المصرية وتفتيش السفن والطائرات وضبط أي معدات عسكرية معادية.

ونصت الوثيقة التاريخية صراحة على أن مصر قامت باحتلال جزيرتي تيران وصنافير بالاتفاق مع الجانب السعودي، لفرض الرقابة على الملاحة البحرية .

وأكد حمدان في وثيقته أن إسرائيل تقدمت بشكوى للأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد احتلال مصر للجزيرتين، وأن مصر اعترفت أمام الأمم المتحدة بأحقية السعودية في هذه الجزيرة.

واستمر الأمر كذلك حتى عام 1967 حيث تمكنت قوات إسرائيل من احتلال «تيران وصنافير»، وعقب الانتصار المصري في حرب اكتوبر73، دخلت الجزيرتان في البروتوكول العسكري لمعاهدة «كامب ديفيد»، حيث وضعت كل من جزيرة صنافير وجزيرة تيران ضمن المنطقة «ج» المدنية التي لا يحق لمصر أي وجود عسكري فيها حتى تضمن إسرائيل أن مصر لن تتحكم بهذه المنطقة الحيوية من البحر الأحمر.

بعد نجاح مصر في إستعادة كافة أراضيها المحتلة من قبل إسرائيل في 1982 عبر تنفيذ إتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية وكذلك عبر التحكيم الدولي في شأن “طابا” . أدركت المملكة العربية السعودية أنه قد حان الوقت لاستعادة سيادتها على الجزيرتين مع حلول السلام بين مصر وإسرائيل وانتهاء المخاطر العسكرية المباشرة . ولذا بدأت بالتحدث مع مصر في شأن إعادة “تيران وصنافير” لها وكان ذلك في لقاء بين وزيري الخارجية المصري عصمت عبد المجيد والسعودي سعود الفيصل على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 1988 .ثم عبر سلسلة من الخطابات المتبادلة بين الوزيرين عام 1989 وهذا نص الخطابات.:

وذلك عبر خطابات من وزير الخارجية السعودي الأسبق سعود الفيصل، إلى الدكتور عصمت عبد المجيد وزير الخارجية الأسبق، وكذلك الدكتور عاطف صدقي رئيس مجلس وزراء مصر الأسبق.

تقول الوثيقة الأولى التى أرسلها سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية إلى عصمت عبد المجيد وزير خارجية مصر الأسبق: “أنه بناء على الاتفاق الذي جرى بين البلدين ” مصر – السعودية ” حول جزيرتى تيران وصنافير ، فى عام 1369 هجرية ، الموافق عام 1950 ، لرغبة حكومة البلدين فى تعزيز الموقف العسكري العربي فى مواجهة الكيان الصهيوني، نظرا لموقع هاتين الجزيرتين الاستراتيجي، فقد وافقت المملكة العربية السعودية على أن تحت الإرادة المصرية، من أجل تقوية الدفاعات العسكرية المصرية فى سيناء، ومدخل خليج العقبة، خاصة وأن العصابات الصهيونية احتلت ميناء أم الرشراش، فى 9 مارس 1949، وما تبع ذلك من وجود عصابات لإسرائيل فى منطقة خليج العقبة. .

طلب وزير الخارجية السعودي من عصمت عبد المجيد الثباحت بشأن تيران وصنافير وأضافت الوثيقة :” فى الوقت الذي بدأت فيه جمهورية مصر العربية استعادة الأراضي المحتلة بعد عام 1967، تلقى الملك خالد بن عبد العزيز رسالة من الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري، تتضمن رجاء الرئيس حسنى مبارك بعدم إثارة موضوع الجزيرتين حتى يتم الانسحاب الكامل لإسرائيل من الأراضي المصرية ، وتبقى مسألة عربية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية. .”

واستكملت الوثيقة على لسان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل :” إننى على يقين أن العلاقات الطيبة القائمة بين البلدين الشقيقين، والتى تحرص حكومتينا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، وأخيه فخامة الرئيس محمد حسنى مبارك على تطويرها وتنميتها بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، سوف تهيئ فرصة طيبة لحكومة جمهورية مصر العربية الشقيقة بإعادة الجزيرتين المذكورتين إلى حكومة المملكة العربية السعودية. .

وفي رسالة أخرى موجهة من الأمير سعود الفيصل إلى الدكتور عصمت عبد المجيد وزير الخارجية المصري الأسبق تقول: “أنه بناء على الاتصالات التى جرت بينى وبين معاليكم وآخرها كان فى نيويورك 1409 ، والذي تطرق إلى بحث موضوع جزيرتي تيران وصنافير التابعتين للمملكة العربية السعودية، حيث أبديتم عدم اعتراض أو تحفظ لديكم فيما يخص سيادة المملكة على هاتين الجزيرتين، سوى ما قد يتعارض مع التزامات مصر الإقليمية والدولية، التي تقتضى بعدم تواجد أي قوات عسكرية يهما، وأود أن أبدى لمعاليكم أن حكومة المملكة العربية السعودية، لا تنوى خلق ظروف قد تؤثر على المنهج الذي رسمته مصر الشقيقة لسياساتها الخارجية ، وكل ما فى الأمر هو عودة الجزيرتين بعد أن انتهت أسباب الإعارة..

وتوجد رسالة موجهة من الأمير سعود الفيصل إلى الدكتور عصمت عبد المجيد وزير الخارجية المصري الأسبق وأضافت الوثيقة: “كما سبق وأثرت في كتابي السابق لمعاليكم، فإن أي نظرة خاصة لهاتين الجزيريتن السعوديتين من جانب حكومة جمهورية مصر العربية تفرضها طبيعة وضع معين، يستدعى أن يبقيا تحت إرادة جمهورية مصر العربية إلى أن تحتاج المملكة لها سينال من جانب حكومة المملكة ما هو جدير به من اهتمام وستنظر فيه بكل تبصر، ولذا فإذا وافق معاليكم، فإننى أود اعتبار خطابي هذا وجاوب معاليكم على ما ورد به يشكل اتفاق بين المملكة العربية السعودية ومصر ، وفى هذا الشأن.”

وجاء في خطاب ثالث موجه من وزير الخارجية المصري الدكتور عصمت عبد المجيد إلى الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق فى فبراير 1990 يقول خلاله: “تلقيت فى تاريخ 14 سبتمبر 1988، رسالة من الأمير سعود الفيصل وزير خارجية السعودية تناولت وجهة نظر المملكة فى موضوع جزيرتي تيران وصنافير بمدخل خليج العقبة، وأن السعودية تطلب من مصر الاعتراف بتبعية الجزيرتين للمملكة ، وأي نظرة خاصة لهاتين الجزيرتين السعوديتين من جانب حكومة مصر تفرضها طبيعة وضع معين يستدعى أن تبقيا تحت إرادة جمهورية مصر العربية وإلى أن تحتاج المملكة لهما سينال من جانب الحكومة السعودية ما هو جدير به من اهتمام وسينظر فيه بكل تبصر

وأضاف وزير الخارجية المصري :” وزير الخارجية السعودي عاود الكتابة إلينا فى هذا الموضوع بتاريخ 6 أغسطس عام 1989 وأشار إلى ما دار بيننا فى سبتمبر 1988 فى نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وتطرق إلى مطلبهم فى اعترافنا بسيادتهم على الجزيرتين ، وإلى بلاغي له عندئذ إننا نتناول مسألة السيادة على الجزيرتين من منظور أهمية عدم تعارض وضع السيادة مع التزامات مصر الإقليمية والدولية ، التي تقتضى عدم تواجد أى قوات عسكرية بناء على اتفاقية السلام مع الجانب الإسرائيلي. “.

واستكمل: “أكدت رسالة الأمير سعود الفيصل أن المملكة لن تتبنى سياسة قد تؤثر على النهج الذي رسمته مصر لسياستها الخارجية ، وكل ما فى الأمر هو عودة الجزيرتين بعد أن انتهت أسباب الإعارة، وكررت الرسالة أيضا الموقف السعودي السابق الإبلاغ به عن أنه إذا تطلب الأمر بقاء الجزيرتين تحت إدارة مصر ، وإلى أن تحتاج السعودية لهما ،فإن هذا سينال من جانبهم ما هو جدير به من اهتمام..

واستطرد وزير الخارجية المصري: “وزارة الخارجية قامت بدراسة الطلب السعودي فى ضوء أحكام القانون الدولي من ناحية ، والظروف السياسية والعلاقات المصرية الإسرائيلية من ناحية أخرى ، وقد تدارست الموضوع بصفة خاصة مع الدكتور مفيد شهاب رئيس قسم القانون الدولي بجامعة القاهرة، حيث اتفق في الرأي على عدد من الحقائق نتشرف برفعها إليكم، وهى أن مصر قامت فى فبراير عام 1950 باحتلال جزيرتي تيران وصنافير، وأبلغت الحكومتين الأمريكية والبريطانية بهذا الموقف، ولجأت إليه في ضوء المحاولات التي قررت من جانب السلطات الإسرائيلية تجاه الجزيرتين، وأن هذه الخطوة تمت بالاتفاق مع حكومة المملكة، وقام الملك عبد العزيز آل سعود بإرسال برقية إلى الوزير المفوض السعودي في القاهرة فبراير 1950 تضمنت قوله أنه يريد نزول القوة المصرية فى الجزيرتين ” تيران وصنافير ” لأن هاتين الجزيرتين كانتا مقلقتين لنا كما هو مقلق لمصر، وما دام أن الهم هو المحافظة عليهما، فوجود القوة المصرية فيها قد أزال ذلك القلق.

أشار خطاب عصمت عبد المجيد إلى أن الجزيرتين تقعان طبقا لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية والبروتوكولات المطبقة فى المنطقة ج، حيث بعض القيود على التواجد العسكري المصري ، وحيث تتولى الشرطة المصرية المدنية المجهزة بزوارق خفيفة مسلحة تسليحا خفيفا مهامها داخل المياه الإقليمية للمنطقة، فضلا عن تمركز القوة متعددة الجنسيات فى هذه المنطقة ، ومثل هذه المعاهدات يتعين احترامها والاستمرار فى الالتزام بها .

في عام 1990 صدر عن مصر قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لعام 1990، بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر، والذي تم إخطار الأمم المتحدة به في 2 مايو 1990، وكذلك استمرت الخطابات المتبادلة بين الدولتين خلال نفس العام حول موضوع الجزيرتين.

وحدث عام 2003 أن قدمت إسرائيل طلبًا رسميا لمصر لتفكيك أجهزة لمراقبة الملاحة قامت بتركيبها في المنطقة وقوبل طلبها بالرفض..

إعلان ملكي سعودي لتحديد خطوط الأساس للمناطق البحرية للمملكة  في البحر الأحمر عام 2010

وفي عام 2010 أصدرت المملكة العربية السعودية إعلانًا ملكيًا، لتحديد خطوط الأساس للمناطق البحرية للمملكة في البحر الأحمر وخليج العقبة والخليج العربي.

ودفع الإعلان الملكي السعودي لإصدار القاهرة إعلانا أودعته لدى الأمم المتحدة، أن المرسوم الملكي السعودي «لا يمس أو يغير في الموقف المصري في المباحثات الجارية مع الجانب السعودي لترسيم الحدود البحرية بين البلدَيْن»، في إشارة إلى أن خط الحدود الذي أعلنت عنه المملكة تضمن مناطق تعتبرها القاهرة ضمن مناطقها الاقتصادية الخالصة، والتي تمتد مسافة 200 ميل بحري، وفق اتفاقية ترسيم المياه الاقتصادية الخالصة بين الدول، التي أقرتها الأمم المتحدة

توقيع 15 اتفاقية بين مصر والمملكة العربية السعودية عام 2015 من بينها اتفاقية ترسيم الحدود

خلال شهر مارس 2015 ، أعلنت أوساط سعودية رسمية، وإعلامية في كلٍّ من القاهرة والرياض، أنه سوف يتم التوقيع بشكل نهائي على 14 اتفاقية جرى بلورتها مؤخرًا بين سلطات البلدين، خلال زيارة للعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، إلى القاهرة..

بعض هذه الاتفاقيات تم التوصل لصيغة نهائية لها، خلال الجلسة الخامسة لمجلس التنسيق السعودي – المصري، والتي عقدت في الرياض في العشرين من شهر مارس عام 2015..

ولكن أهم هذه الاتفاقيات، اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين، والتي تمت بلورتها خلال زيارة قام بها اللواء “عبد العزيز بن إبراهيم الصعب”، رئيس الهيئة العامة للمساحة السعودية، ووفد فني وقانوني سعودي، إلى مصر، في نفس توقيت انعقاد الجلسة الجديدة لمجلس التنسيق، وكانت هذه الزيارة هي الثانية للصعب منذ توليه لهذا المنصب، وكانت الأولى في ديسمبر . زيارة اللواء عبد العزيز الصعب رئيس الهيئة العامة للمساحة السعودية للقاهرة أنهت مفاوضات استمرت خمس سنوات بين القاهرة والرياض بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدَيْن، في البحر الأحمر .

خرائط تؤكد أن جزيرتي تيران وصنافير سعوديتان

ونستعرض عدد من الخرائط الرسمية من مكتبة الكونجرس الأمريكية خرائط المنطقة من سنة 1900 حتى 1955 من مكتبة الكونجرس في واشنطن تلك المكتبة التي تضم اكبر موسوعة للخرائط القديمة.

خريطة رسمية سنة 1900، الخريطة بتحدد حدود مصر بالأحمر و حدود الدولة العثمانية بالأصفر،  جزر تيران و صنافير باللون الأصفر.تتضمنت المراسلات التي تنشر في الجزء من الدراسة، سؤالا من مصلحة الحدود في وزارة الحربية لوزارة الخارجية عام 1928، عما إذا كانت الجزيرتين تابعتين لمصر، وتقول الوثائق أن وزارة الخارجية ردت بأنه ليس لهاتين الجزيرتين ذكر في ملفات الوزارة.

كما تضمنت المستندات، أن رئاسة هيئة أركان حرب الجيش قد طلبت استكشاف الجزيرتين، فضلا عن وثيقة أخرى صادرة من مدير العمليات الحربية بوزارة الحربية، تتضمن تعيين فصيلة من سلاح الحدود الملكي لاحتلال جزيرة “تيران”، على أن ترفع العلم المصري على الجزيرة بمجرد وصولها.

ويظهر خطاب موجه من مصلحة الحدود بوزارة الحربية إلى وزير الخارجية المصري بتاريخ 13 ديسمبر 1928 للاستفسار عما إذا كانت جزيرتي تيران وصنافير، الواقعتان عند مدخل خليج العقبة في البحر الأحمر تابعتين للملكة المصرية، ورد وزير الخارجية بخطاب إلى وزير الحربية في 31 ديسمبر 1928 يفيد بأنه ليس لهاتين الجزيرتين ذكر في ملفات وزارة الخارجية.

الجيش المصري يشكل لجنة عام 1950 لاستكشاف “تيران” وتعيين فصيلة لاحتلالها

يقول الخطاب الموقع من وزير الحربية والبحرية: “أكون ممنونا جدا إذا تكرمتم معاليكم بالإفادة عما إذا كانت جزيرتا تيران وصنافير عند مدخل خليج العقبة بالبحر الأحمر تابعتين للملكة المصرية حتى في هذه الحالة تقوم مصلحة الحدود بإرسال قوة لرفع العلم المصري”.

ويوضح خطاب الرد الموقع بتاريخ 31 ديسمبر 1928، من حافظ عفيفي، وزير الخارجية وقتها، إلى وزير الحربية والبحرية، بأنه ردا على الخطاب رقم 177/6/3، بطلب الاستعلام عما إذا كانت جزيرتا تيران وصنافير الواقعتان عند مدخل خليج العقبة تابعتين للمملكة المصرية، فإن الجزيرتين ليس لهما ذكر في ملفات وزارة الخارجية.

وفي مذكرة مرفوعة من رئاسة هيئة أركان حرب الجيش، حملت صفة سري جدا وعاجل، إلى وزير الحربية والبحرية حول استكشاف جزيرة تيران وصنافير، بتاريخ 17 يناير 1950، فإن الرأي قد استقر على تشكيل لجنة لاستكشاف جزيرة تيران، وهم: مندوب من إدارة العمليات الحربية ومندوب من رئاسة الإمداد والتموين ومندوب من سلاح المهندسين ومندوب قسم المساحة العسكرية، ومندوب مدفعية السواحل، وضابط طبيب.

وأشارت المذكرة، أن الغرض من استكشاف هذه الجزيرة هو لمكان رسو السفن على الجزيرة، وطبيعة أرض الجزيرة وهل تصلح لإقامة الجنود ونوع القوات، وهل من الممكن وضع مدفعية سواحل للدفاع عن سواحلها وفي أي موقع؟ والأعمال الهندسية اللازمة بالجزيرة من طرق ودشم للأسلحة ومحلات إقامة الجنود ومخازن وأراضي نزول القوات إن أمكن.

ونصت المذكرة، الموقعة بتاريخ 7/1 / 1950 كوبري القبة، أن تزود هذه اللجنة بالتعيينات اللازمة لمدة 20 يوما، كما سيرافقها فصيلة من سلاح الحدود الملكي لاحتلال الجزيرة، وعلى ضوء ما تضعه اللجنة من قرار سينظر في أمر تعزيز هذه القوات، وأن تنقل هذه الحملة إحدى سفن السلاح البحري الملكي التي سيحدد ميعاد قيامها باكر 18 الجاري.

وكما ألزمت المذكرة أن على اللجنة تقديم تقرير كتابي بمجرد وصولها إلى مدير العمليات الحربية، على أن تتم المأمورية في مدى 10 أيام على الأكثر خلاف الوقت الذي تستغرقه الرحلة.

كما تضمنت المستندات التي تنشر لأول مرة، خطابا بشأن تعليمات عمليات حربية رقم 1 لعام 1950، بتاريخ 17 يناير 1950 صادر من مدير العمليات الحربية بوزارة الحربية، تتضمن تعيين فصيلة من سلاح الحدود الملكي لاحتلال جزيرة “تيران”، على أن ترفع العلم المصري على الجزيرة بمجرد وصولها.

وشملت التعليمات الموقعة من لواء أركان حرب حسن حشمت، تعيين فصيلة من سلاح الحدود الملكي بقيادة ضابط لاحتلال جزيرة تيران الواقعة في مدخل خليج العقبة، وبمجرد وصولها، ترفع العلم المصري على الجزيرة، وأن تتحرك من ميناء بورتوفيق، وأن تأخذ معها الخيام وأدوات المعسكر اللازمة لها ويعين معها جهاز لاسلكي لربطها برئاسة السلاح.

كما نصت التعليمات أن على رئاسة الإمداد والتموين اتخاذ الترتيبات اللازمة لإعاشة هذه القوة وإعدادها بكل ما يلزمها من التعيينات والمياه وإقامة فناطيس مياه بالجزيرة ومداومة تموين القوة، علما بأن هذه الجزيرة ليس بها مورد مياه، واتخاذ الترتيبات الطبية للقوة، وأن تكون القوة لوازمها جاهزة للتحرك في أي وقت بمجرد صدور الأوامر من هذه الإدارة اعتبارا من الساعة 800 يوم 21 يناير.

كما تم نشر صورة من أمر لمدير العمليات الحربية بتاريخ 21 يناير 1950 إلى البكباشي أركان حرب محمد علي عبد الكريم، مندوب العمليات الحربية بلجنة استكشاف جزيرة تيران، باحتلال جزيرة صنافير ورفع العلم المصري عليها.

ونصت الوثيقة التي حملت صفة “سري جدا وعاجل” بعنوان احتلال جزيرة السنافير، أنه بالإشارة إلى تعليمات عمليات حربية رقم 1 و2 لسنة 1950 الصادرة في 17 يناير 1950 وإلى تعليمات رقم 3 لسنة 1950 في 18 منه، يصير احتلال جزيرة السنافير والواقعة شرق جزيرة تيران مباشرة وعلى بعد حوالي 3 كيلو مترات بجماعة من الفصيلة المعينة لا حتلال جزيرة تيران، ويرفع عليها العلم المصري المرسل لكم مع هذه التعليمات، ويقدم تقرير استكشاف عن هذه الجزيرة أسوة بالمطلوب عن جزيرة تيران..

من يدعم حق مصر في جزيرة تيران وجزيرة صنافير ينشر 17 خريطة ووثيقة تؤيد موقفة

17 خريطة وقرارٍاً رسميًا ووثيقة تاريخية: تيران مصرية قبل السعودية وبعدها ومارست السيادة عليها منذ 1937  

وثائق مصرية وبريطانية وروسية.. ومخاطبات وخرائط رسمية تؤكد تبعية الجزيريتن لمصر

الدولة المصرية مارست السيادة على الجزيرتين ودماء الشهداء حمتها.. والحكومة اكتفت بمخاطبات لإثبات تبعية الجزيرتين للسعودية
 
«البداية» تقدم ما عجزت أجهزة الدولة  المصرية أن تقدمه له حول ملكية مصر للجزيرتين، بدءً من التاريخ القديم، ومرورًا بفترة ما قبل إنشاء المملكة السعودية وانتهاءً بالوثائق والخرائط والقرارات الحكومية التي تؤكد ليس فقط ممارسة مصر لحق السيادة على الجزيرة، بل وملكيتها لها .   

 البداية من التاريخ

 رغم أن الدولة السعودية لم ترى النور إلا مع ثلاثينيات القرن الماضي.. إلا أن الرحلة التاريخية مع الوثائق جاءت لتؤكد تبعية الجزيرتين لمصر منذ فجر التاريخ وهو ما أثبته الباحث والناشط تقادم الخطيب، الذي نشر  5 خرائط تاريخية من مكتبة برلين، تعود لأزمنة مختلفة، تكشف عن وقوع الجزيرتين داخل الحدود المصرية، منذ أعوام قبل الميلاد، ومنذ أن كان البحر الأحمر أقرب لبحيرة مصرية مغلقة، بكل ما شمله من جزر، ووصولًا للتقسيم الاستعمارير الجديد والذي وضع ترسيمات حدودية جديدة لتظهر معها الحجاز كمجموعة من الدويلات ثم كدولة واحدة وفي كل الحالات وحتى عام 1950 لم تأت الوثائق بذكر على تبعية الجزيرتين إلا لمصر ومصر فقط.

 1- نبدأ بأقدم خريطة لمصر قبل الميلاد،  وهي الخريطة التي نشرها تقادم الخطيب، نقلًا عن الأطلس التاريخي للعالم، والتي تشير إلى أن أراضي مصر امتدت إلي ما بعد البحر الأحمر، حيث توضح الخريطة كما هو مبين بالصورة امتدادات مصر الجغرافية، ولكننا لن نعتمد الخريطة كمرجع باعتبار ان جغرافية المنطقة تغيرت ولكن الثابت من الأوراق أنه رغم تغير الحدود مع الز  فإشيئًا واحدًا لم يتغير هو تبعية .

2- ومن القرن الأول الميلادي إلى الحملة الفرنسة نشر الخطيب خريطة آخري ، تشير إلى تحول البحر الأحمر إلى بحر داخلي مصري حتى وقت حملة نابليون وهما يعني استمرار الوضع القديم لما يقرب من ألفي سنة ويعني استمرار تبعية الجزيرتين للأرض المصرية طوال هذه الفترة دون تغير ، والخريطة المذكورة هي خريطة سيناء أثناء حملة نابليون بونابرت، عام 1798، والتي توضح الحدود المصرية وقت الحملة.

3- الخريطة الثالثة، سبقتها بسنوات وهي خريطة مصر التي رسمها،  Radefeld, Carl Christian fant،1788-1874، نجد فيها  اسم جزيرة تيران، وتبعيتها للسيادة المصرية.

4- واستمر الأمر كما هو حتى بدايات القرن العشرين وهو ما تظهره خريطة توضح حدود دولة مصر،  خلال الفترة من 1872-1915، وفي هذا الوقت كان جزءً كبيرًا من الحجاز لازال تحت السيادة المصرية.

5- ولم يقف الأمر عند خرائط الحملة الفرنسية بل أن الخريطة الروسية لمصر، والموجودة بمكتبة برلين، والتي نشرها الخطيب أيضًا، جاءت لتؤكد تبعية جزيرتي تيران وصنافير لمصر، وتكويدهم على الخريطة الروسية لمصر بكود رقم 10.

6-وهكذا فإن خرائط ما قبل بدايات القرن العشرين جاءت لتؤكد أن الجزر كانت تابعة لمصر، ولكننا من منطق التدقيق التاريخي ، وبافتراض تسليمنا بالطعون التي قدمت عليها بمنطق أنه لا يجوز الارتكان لخرائط كانت الدولة المصرية وقتها خاضعة لسيادة دولة أخرى، وإذا تجاوزنا الرد على هذه الطعون والذي يشير أن اتفاقية لندن عام 1840 كانت بداية حقيقية لتأسيس الدولة الحديثة وحدودها بالمنظور الدولي، فإن الوضع بعد استقلال مصر عن الدولة العثمانية، وحتى بعد معاهدة 1936 والتي كانت بداية لاستقلال مصر عن بريطانيا لم يتغير وجاءت جميع الوثائق التي حصلت عليها البداية وحتى عام 1950 لتؤكد على تبعية الجزيرتين لمصر، وانتقل الوضع ليس فقط من الملكية المجردة بل لممارسة السيادة عليها بأشكال مختلفة .

البداية كانت مع اتفاقية الحدود الشرقية المصرية، المبرمة بين الدولة العالية العثمانية والدولة الخديوية المصرية، عام 1906. والتي اشار البعض لها باعتبارها اتفاقية لترسيم الحدود البرية فقط ولم تتطرق للحدود البحرية ولكنهم لم يتوقفوا أمام أن هذه الحدود البرية امتدت حت ساحل خليج العقبة بما يعني تبعية جميع الجزر الواقعة في المنطقة للسيادة المصرية خاصة في ظل السيطرة المصرية أيضًا على منطقة شمال الحجاز أو ما يعرف بالحجاز المصري وقتها.

7-وإذا تجاوزنا عن اتفاقية 1906، وسلمنا بعدم إمكانية الاستناد لها، فإن الوثائق التالية لها كان لها رأي آخر، حيث نشر الدكتور نور فرحات أستاذ فلسفة القانون بجامعة الزقازيق تأكيدًا آخر على مصرية الجزيرتين، وهو شرح لـ اتفاقية الحدود الشرقية منقولة من، الصفحة 1617، من كتاب «محيط الشرائع والمعاهدات الدولية المرتبطة بها مصر»، لـ أنطون بك صفير.

8-هذا ونشر الدكتور فرحات خريطة لسيناء، مطبوعة فى مصلحة المساحة، عام ١٩١٣، مدون فيها علامات الحدود المصرية، وفقاً لاتفاقية  ١٩٠٦، ومؤشرًا عليها من المندوبين، مشيرًا إلى أن حد الحجاز طبقًا للخريطة يبدأ من العقبة.
 
9-وحول ذلك يقول الدكتور صبري العدل، أستاذ التاريخ والباحث في تاريخ سيناء، أنه على الرغم من أن اتفاقية 1906  كانت في الأساس اتفاقية للحدود البرية، ولم تتعرض للحدود البحرية، إلا أنه ووفقًا للخطوط المرسومة تتبع الجزيرتان الأراضي المصرية، حيث كانت حدود مصر حينها  “تتجاوز خليج العقبة وتمتد داخل الحجاز”.

 9-حديث الوثائق لم يتوقف عند خريطة عام 1913 أو الفترة السابقة لتأسيس مملكة آل سعود بل امتد لما بعدها مؤكدًا استمرار تبعية الجزيرتين لمصر حتى بعد ظهور المملكة.

فمن جانبه، نشر العدل  مجموعة من الوثائق تعود للفترة من عام 1928 وحتى 1950، تثبت مصرية جزيرتي تيران وصنافير، مؤكدًا في حوار مع «البداية» أن الوثائق ليست تحليلًا سياسًيا، ولا تقبل وجهات النظر، وشدد العدل على أن الحديث عن تبعية جزر البحر الأحمر لمصر بدأ حتى قبل انضمام شمال الحجاز للسعودية، وأثناء تمرد حركة ابن رفادة،  ضد محاولات ضم شمال الحجاز لمملكة آل سعود، مشيرًا إلى أن التواريخ السابقة على ذلك كان فيها النفوذ المصري يمتد للحجاز ويتجاوز خليج العقبة .

ونشر العدل  نص وثيقة بريطانية عن جزيرة تيران ، بتاريخ ،1911،  تقول أن الدولة العثمانية أرسلت 50 عسكري للاستيلاء على جزيرة تيران، وأن بريطانيا تعزز قواتها  حول المنطقة.

9-ويعكس التخوف البريطاني من استيلاء العثمانيين على الجزر  وتعزيز قواتها لحمايتهم تأكيدًا وإشارة واضحة على مصرية الجزيرتين، حيث كانت مصر وقتها واقعة تحت الاحتلال البريطاني.

10-ومن 1911 والوثائق البريطانية إلى الوثائق المصرية حيث جاء كتاب «تاريخ سيناء القديم والحديث»، الذي يعد أحد المراجع المهمة عن سيناء وجغرافيتها، للمؤرخ نعوم شقير، الصادر عام 1916، ليؤكد على ملكية مصر للجزيرتين ، و يشرح الكتاب بشكل مفصل جغرافية خليج العقبة وما به من جزر، وتحدث فيه عن جزيرتي  تيران وصنافير كجزر تابعة لشبه جزيرة سيناء.

11-ومن الكتب والخرائط للوثائق الرسمية المصرية، نشر العدل وثيقة أخرى تالية لكتاب شقير، تعود لعام 1928، تستطلع وزارة الحربية من وزارة الخارجية فيها عن وضع جزيرتي تيران وصنافير، لإرسال قوة لوضع العلم المصري على الجزيرتين.

وعن الوثيقة، قال الدكتور صبري العدل لـ «البداية» أن سبب مخاطبة الحربية يعود إلى وجود صراع داخل أراضي الحجاز، حيث بدأ تمرد حركة “ابن رفادة”، ضد محاولات ضم شمال الحجاز لمملكة آل سعود، وفي هذا العام قام حامد بن سالم بن رفادة، من قبيلة بلي، بتمرد في شمالي الحجاز، عام 1928، ولكنه فشل، فهرب إلى مصر، مشيرًا إلى أنه نتيجة لوجود تمرد على الجانب الآخر من خليج العقبة، بدأت وزارة الحربية في التحرك لحماية الحدود، وبناء عليه تم إرسال هذه المخاطبة لوزارة الخارجية، لكن نظرًا لأن الجزيرتين لم تكونا مأهولتين، فلم يكن لدى وزارة الخارجية ملفات حولهما، وبدأت في الاستعلام عنهما من الوزارات الأخرى.

12-الوثيقة التالية، نشرها العدل، صادرة بتاريخ 3 يونيو 1943، وهي عبارة عن وثيقة وخريطة، تدوران حول مناورات تجريها المخابرات البريطانية بالقرب من خليج العقبة، ويدور جزء من هذه المناورات على الجزيرتين.

وحول الوثيقة قال الدكتور صبري العدل إن بريطانيا أجرت المناورات على الجزيرتين، طبقًا لاتفاقية 1936، والتي كانت تلزم مصر بمساعدة القوات البريطانية، وهو ما يؤكد تبعية الجزيرتين في هذا الوقت للسيادة المصرية.

 ويشير الدكتور العدل أن الأمر لم يكن مجرد استنتاج، بل أن خرائط هيئة المساحة الصادرة عام 1937 أكدت تبعية الجزر لمصر، بل ورسمت تيران بلون مصر.

13-وحتى لا يقول أحد أن هذه الوثائق لم تقطع بملكية مصر للجزيرتين فإن الرد القاطع جاء عبر وثيقة آخري نشرها العدل، حملت في طياتها عبارة “سري جدًا”،  صادرة في 25 فبراير عام 1950، العام الذي ادعت فيه السعودية صدور خطاب بملكيتها للجزيرة فيه، وهي عبارة عن رد من وزارة الخارجية على وزارة الحربية في هذا الوقت، وجاء الرد ليؤكد تبعية جزيرة تيران لمصر،  وتكشف الخارجية في الوثيقة أنها استعلمت من  وزارة المالية والتي جاء ردها ليؤكد وقوع تيران ضمن الحدود المصرية.

وحول الوثيقة قال  العدل أن سبب استعلام وزارة الخارجية من المالية يعود لكونها الوزارة المنوط بها مربوط القرى، وكانت هي أيضًا المنوط بها الخرائط المساحية الخارجية،  والتي يتم جمع الضرائب على أساسها، ويؤكد د. صبري العدل على أن الخريطة رقم 6 لجنوب سيناء، الصادرة سنة 1937 أكدت تبعية تيران لمصر.

14-وعن قصة صدور الوثيقة يقول الدكتور إن القصة بدأت بعد استيلاء إسرائيل على جزيرة أم الرشراش، عام 1949، وبهذا أصبح لها منفذ على البحر، وخشيت الحكومة المصرية في هذا الوقت من محاولة إسرائيل السيطرة على جزر البحر الأحمر، خصوصًا بعد نشر الأهرام في 2 يناير عام 1950 خبرًا عن أن عضو بالكنيست قال إن “هناك جزر ليس عليها علم في المنطقة”، داعيًا  إسرائيل للاستيلاء عليها، وهو ما دفع الحكومة المصرية للتحرك لبسط نفوذها على الجزر، وجاء خطاب الخارجية ليؤكد تبعية الجزيرة لمصر، طبقًا للخرائط الصادرة منذ عام 1937.

15-وفي نهاية حواره، أكد الدكتور صبري العدل على أن  جميع هذه الوثائق تؤكد ملكية مصر للجزيرتين، مشيرًا إلى أن الوثائق لا تقبل وجهات النطر، كما رجح أن بداية حديث السعودية عن تبعية الجزيرة لها ربما يعود إلى أن مصر خلال تحركها لمنع إسرائيل من السيطرة على الجزر، عام 1950، خاطبت المملكة أنها ستقوم بتأمين الجزر لمنع السيطرة عليها، وهنا جاء رد الملك سعود ليشكر الملك فاروق على حمايته للجزيرة، مضيفًا أن هذا الرد لا يصنع حقائق تاريخية، ومطالبًا المملكة بتقديم وثائق ملكيتها إن كانت تمتلك وثائق، ما رجح عدم دقته.

 16- الأمر لم يقف عند حدود الملكية بل انتقل لممارسة السيادة الكاملة على الجزيرتين لتكتمل أحقية مصر بملكية الجزيرتين إلى الممارسة الفعلية للسيادة عليها، وهو ما أكدته العديد من الوثائق منذ عام 1950 وحتى تسعينات القرن العشرين ، بينها قرار وزير الداخلية الراحل حسن أبو باشا، بإنشاء نقطة شرطة مستديمة في جزيرة تيران، تتبع قسم سانت كاترين في محافظة جنوب سيناء، و المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 21 مارس لسنة 1982، والذي حمل رقم 422 لسنة 1982.

نفس الأمر أكدته ليس فقط التصريحات الحكومية والصادرة من أعلى مستوى في الدولة بدءً من الرئيس جمال عبد الناصر بل كذلك  مجموعة من القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء المصري ، وظهر ذلك بوضوح في قرار إنشاء محميتين طبيعيتين بالجزيرتين عام 1983، وقرار الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء بإعادة ترسيم الحدود والصادر عام 1996.

17-قرار رئيس الوزراء رقم 1068 لسنة 1983، الخاص بإنشاء محمية طبيعية في منطقة رأس محمد، وجزيرتي تيران وصنافير.

18-قرار رئيس مجلس الوزراء، الدكتور كمال الجنزوري،  رقم 2035 لسنة 1996، بتعديل بعض أحكام القرار رقم 1068 لسنة 1983 بشأن المحميات موضح به الحدود.

وهكذا فإن الأمر لم يقتصر فقط على الخرائط القديمة ولا قرارات ممارسة السيادة بل امتد إلى مستندات حكومية واضحة تؤكد ملكية مصر للجزيرتين عبر التاريخ.

هذا موقف من يدعم حق مصر بالوثائق  في الجزيرتين.

من أجبر مصر على إعادة الجزيرتين للسعودية؟

الإجابة المباشرة يقدمها أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، معتز بالله عبدالفتاح، الذي كشف عبر البرنامج التليفزيوني الذي يقدمه، “90 دقيقة” عن أن جهة سيادية اجتمعت بعدد من الشخصيات كان هو أحدهم، قد كشفت لهم أن الاستجابة لطلب الرياض الخاص بالجزيرتين جاء بعد إلحاح وضغط سعودي، وأن عدم إعطاء ما طلبه الجانب السعودي سيؤدي إلى مواجهة مع السعودية ومع دول مجلس التعاون الخليجي، في وقت لدى القاهرة فيه ما يكفيها من مشكلات مع أميركا والغرب.

 إذن، وطبقاً لما صرح به عبد الفتاح، فإن النظام المصري نفذ المطالب السعودية كونها أحد خيارين لا ثالث لهما بالنسبة له؛ أن يستجيب للمطالب السعودية المعنونة بجزيرتي تيران وصنافير لاستمرار الدعم الاقتصادي والسياسي من حليفه الأهم وربما الوحيد منذ يونيو2013 .. أي باختصار فقدان الحليف الوحيد الذي يدعم السلطة الحالية في مصر خارجياً وسط تربص أطرف خارجية وداخلية بها.. هكذا رأت السلطة الموقف وتقديره، وعلى أساسه اتخذت القرار.

السعودية وشبح قانون جاستا JASTA

صدر قانون جاستا الأمريكي بتاريخ 1.10,2016 والذي أقر من قبل الكونغرس الأمريكي، وذلك بعد تعطيل “الفيتو” الذي أطلقه الرئيس باراك أوباما ضد هذا القانون، والذي سيكون من المقدور بموجبه مقاضاة دول كالسعودية على خلفية هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، فما هو هذا القانون؟

تعد كلمة “جاستا JASTA” اختصاراً لعبارة Justice Against Sponsors of Terrorism Act أي “العدالة في مواجهة رعاة النشاط الإرهابي”، وقد أصدره الكونغرس قبل أسابيع، في خطوة لتوجيه الاتهام لبعض الدول قد تكن المملكة العربية السعودية من بينها  بالضلوع مباشرة في اعتداءات الحادي عشر من أيلول 2001.

ويعتبر هذا القانون تعديلاً على قانون مثيل صدر في العام 1967 ويعطي الحصانة لبلدان أخرى من الملاحقة القضائية في الولايات المتحدة.

ولا يشير القانون صراحة إلى السعودية، لكنه سيخوّل بالدرجة الأولى ذوي ضحايا هجمات 2001 من رفع دعاوى بحق السعودية .

البيان مجلس الوزراء المصري حول تعيين الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية

أشار بيان لمجلس الوزراء المصري إلى أن التوقيع على اتفاق تعيين الحدود البحرية بين البلدين انجاز هام من شأنه أن يمكن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما بما توفره من ثروات وموارد تعود بالمنفعة الاقتصادية عليهما ، وجاء هذا الإنجاز بعد عمل شاق وطويل استغرق أكثر من 6 سنوات، انعقدت خلالها إحدى عشرة جولة لاجتماعات لجنة تعيين الحدود البحرية بين البلدين، آخرها ثلاث جولات منذ شهر ديسمبر 2015 عقب التوقيع على إعلان القاهرة في 30 يوليو 2015.

وقد اعتمدت اللجنة في عملها على قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لعام 1990 بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية، والذي تم إخطار الأمم المتحدة به في 2 مايو 1990، وكذلك على الخطابات المتبادلة بين الدولتين خلال نفس العام ، بالإضافة إلى المرسوم الملكي الصادر في 2010 بتحديد نقاط الأساس في ذات الشأن للمملكة العربية السعودية ..

وأضاف بيان الحكومة أنه قد أسفر الرسم الفني لخط الحدود بناء على المرسوم الملكي والقرار الجمهوري المشار إليهما أعلاه عن وقوع جزيرتي صنافير وتيران داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية ، والجدير بالذكر أن الملك عبد العزيز آل سعود كان قد طلب من مصر في يناير عام 1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين ، وهو ما استجابت له وقامت بتوفير الحماية للجزر منذ ذلك التاريخ.

كما سيسفر التوقيع والتصديق على الاتفاق عن تمكين جمهورية مصر العربية من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر الأحمر وما توفره من فرص للاستكشاف والتنقيب عن موارد طبيعية إضافية للدولة .

الوضع القانوني الجديد بعد انتقال جزيرة تيران وصنافير من السيادة المصرية للسيادة السعودية

نزع عروبة خليج العقبة والبحر الأحمر وتدويل البحر الأحمر وتدويل مضيق تيران

بموجب اتفاقية “جمايكا لعام 1982” والمتعلقة بقانون البحار يترتب أبعاد قانونية خطيرة على نقل الجزيرتين من السيادة المصرية إلى السعودية.

1-عندما تحارب العرب مع إسرائيل أغلقت مصر مضيق تيران في وجه الملاحة الصهيونية و هذا الأمر قامت به باعتبار حقها في تيران وصنافير وبالتبعية حقها في المياه من الساحل المصري و حتى  سواحل الجزيرتين ، وهذا الأمر ترتب عليه احتلال الكيان الصهيوني للجزيرتين لان الإغلاق مثل تهديدا كبير له ،  و انتهاء الأمر باتفاق كامب ديفيد الذي بموجبه توجد قوة دولية في الجزيرتين و تعهد مصري بعدم اغلاق مضيق تيران أمام الملاحة الإسرائيلية  وهو آمر يمثل انتقاص من السيادة المصرية تجاه تيران وصنافير،  و بالطبع ليس هو الانتقاص الوحيد فهناك أمر مماثل فيما يتعلق بسيناء .

 2- انتقال السيادة في الجزرتين من مصر غالى السعودية هو امر لا يجب إن يدخل فيه بعد الأشقاء و العرب و المسلمين – بل المفترض العكس تماما فدخول هذه العوامل يفترض تأكيد السيادة المصرية على الجزيرتين – لان هذا الانتقال سيترتب عليه وضع قانوني جديد للممرات المائية في تلك المنطقة،  و سيكون المستفيد الوحيد من ذلك ليست السعودية وليست مصر بل سيكون الكيان الصهيوني هو المستفيد الوحيد .

 3- انتقال السيادة على الجزيرتين للسعودية يعني إن يتحول الممر المائي بين الساحل المصري و بين سواحل الجزيرتين-  التابع حاليا للمملكة العربية السعودية –  إلى ثلاث أقسام (1) أولها مياه إقليمية للسعودية تبعا لسيادتها على تيران وصنافير؛ (2)  و الثاني مياة إقليمية لمصر تبعا لسيادتها على سيناء ؛ (3)  و الثالث بينهما وهو الجزء الأكبر سيصبح وبموجب القانون الدولي  مياه دولية لن يكون لأي من السعودية او مصر أي حق فيه وسيكون حق دولي للجميع اول المستفيدين منه هو إسرائيل بالطبع الذي ليس له حتى نقل السيادة على الجزيرتين للسعودية أي حق بموجب القانون الدولي في ممر إلى البحر الأحمر  .

 4- ماتم يعتبر إهدار للحق المصري و الحق السعودي والعربي ليس لصالح السعودية وإنما لصالح إسرائيل الذي سيكون له حق في ممر مائي دولي محمي بموجب القانون الدولي يكون العالم اجمع معني بالدفاع عنه – في حال تسجيل اتفاقية الحدود البحرية السعودية المصرية لدى الأمم المتحدة .  وقبل الاتفاق المصري السعودي بشأن الجزيرتين وبموجب الاتفاقات مع الكيان الصهيوني يضل الحق في هذا الممر المائي حقا مصريا عربيا بالكامل

5- و رغم  خطورة الاتفاق المصري السعودي قوميا لفقدان العرب ( الحق ) في نقطة جغرافية حساسة و غاية في الأهمية فيما يتعلق بأي صراع أو تنافس عربي صهيوني  استخدمت في يوم ما ضمن الأسلحة الجغرافية في مواجهة عدائية الكيان الصهيوني تجاه الدول العربية المحيطة به ، وكذلك التأثير على حقوق الدول العربية المحيطة بخليج العقبة سلبا التي ستفقد جميعها حقها في عربية مياه الخليج بشكل رسمي و قانوني هذه المرة فهي لم تكن قد فقدته على الأقل جيولوجيا ففي ضل عدم صلاحية الممر المائي بين تيران وصنافير و الساحل السعودي  للملاحة كان خليج العقبة مغلقا لصالح العرب ، بل إن هذا الأمر أيضا هو بحق البحر الأحمر ككل الذي في ضل عدم وجود ممر مائي دولي في مضيق تيران يعتبر غير مفيد للكيان الصهيوني وهذا الأمر انتهي بموجب القانون الدولي بعد نقل السيادة للمملكة العربية السعودية.

6- بل  و خطورة  الاتفاق على المملكة العربية السعودية ذاتها بانتقال التزامات  اتفاقات كامب ديفيد فيما يتعلق بالجزيرتين إليها تبعا لانتقال سيادتهما لها وسيكون هذا الانتقال للالتزامات دون حتى إن يكون هناك داعي لذلك فالتزامات  كامب ديفيد مع مصر كانت مع استمرار الممر المائي مملوكا لمصر، بينما السعودية ستتحمل التزامات كامب ديفيد وقد أصبح جزء من الممر المائي مياه دولية لاحق لأحد حصرا فيه  ، وستتحمل السعودية تبعات اتفاق لصالح الكيان الصهيوني بالمجان فستتحمل جزء من نتيجة فرضت بقوة و بحرب بحق مصر لكن دون قوة أو حرب على السعودية ، كما سيضعها انتقال هذه الالتزامات في أول طريق ( التطبيع ) العلني و الرسمي مع إسرائيل.

7-يبقى أن نبارك لإسرائيل بهذا النوع من الاتفاقات بين الدول العربية على حساب مصالح بلدانها وشعوبها و قوميتها وأمنها و مصالحها القطرية و القومية  . 

ماذا استفادت إسرائيل من اتفاق نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودي: قراءة قانونية

 أعلنت إسرائيل أنها لا تعارض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتي تضمنت عودة جزيرتين تقعان في البحر الأحمر إلى المملكة.

ورأى عضو بارز في البرلمان الإسرائيلي أن الاتفاقية تمثل فرصة للتقارب مع السعودية التي لا يربطها اتفاق سلام مع إسرائيل.

وعندما أبرمت مصر وإسرائيل اتفاق سلام عام 1979 تعهدت القاهرة باحترام حرية الملاحة في العقبة وإيلات وهي الميناء الإسرائيلي الوحيد المؤدي إلى البحر الأحمر.

وقالت السعودية إنها ستلتزم بهذا التعهد -بموجب اتفقا كامب ديفيد- عندما تتسلم الجزيرتين.

وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” أٌبلغ مقدما بالاتفاقية المصرية-السعودية ولم يبد أي اعتراض .وقال “تساحي هنجبي” الذي يترأس لجنه الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان الإسرائيلي)  في مقابلة مع راديو الجيش الإسرائيلي “إنها (الاتفاقية) تتعلق بنا ولا تزعجنا.” وأضاف “السعوديون الملتزمون بحرية الملاحة وفقا للقانون الدولي لن يلحقوا الضرر بجوهر الاتفاق المبرم بين مصر وبيننا في هذا الشأن وستبقى حرية الملاحة في العقبة وإيلات كما هي.” وأشار بعض المعلقين الإسرائيليين إلى أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية والخطة المتعلقة بها لبناء جسر يربط بين مصر والسعودية عبر الجزيرتين ربما تسهل وصول المتشددين (والجماعات الإرهابية ) إلى سيناء.

الموقف السعودي من إسرائيل لم يتغير حسب المصادر السعودية

ومن جانبها قالت السعودية إن الاتفاقية لن تغير موقفها من إسرائيل.

وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مقابلة مع محطة (سي.بي.سي) الفضائية المصرية الخاصة يوم الأحد “لن يكون هناك علاقة مباشرة بين المملكة العربية وإسرائيل بسبب إعادة هذه الجزر.”

وأضاف “هناك اتفاقية والتزامات وافقت عليها مصر تتعلق بهذه الجزر والمملكة العربية ملتزمة بهذه الالتزامات بدون أي علاقة أو أي تواصل مع الجانب الإسرائيلي.
 
الأمن القومي المصري في خطر: هل بات الأمن القومي المصري مهددًا؟

نقل السيادة على مضيق تيران للسعودية يخرجها من القبضة المصرية لتصبح ممرًا دوليًا مسموح للجميع أن يستخدمه بالشكل الذي يريد ضمن المسموح به في القانون البحري واستخدام الممرات الملاحية العالمية التي لا تقع تحت السيطرة الكاملة لدولة بعينها، وهنا برزت بعض التخوفات عن تهديد الأمن القومي المصري، ولكن كيف؟

بحسب مجريات الأحداث فإن تمرير اتفاقية ترسيم الحدود والتنازل عن الجزيرتين لصالح السعودية وما يستتبعها من تخويل تل أبيب بمزيد من المرونة في استخدام مضيق تيران، يضع الأمن القومي المصري في مأزق من زاويتين:

الأولى: تهديد الاقتصاد المصري عبر التأثير على أكبر مواردها الاقتصادية من العملات الأجنبية، حيث تصل الإيرادات المحققة لقناة السويس شهريًا ما يقارب 423.9 مليون دولار بحسب تصريحات الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، ومن ثم فإنه في حالة بناء قناة إسرائيلية موازية فإن تأثيرها سيكون كارثيًا على قناة السويس، خاصة أن المنظومة الاقتصادية المصرية قابعة في غرفة الإنعاش منذ عدة سنوات ولا تتحمل صدمة جديدة ربما تدخلها في غيبوبة أشبه بالموت الفعلي.

معروف أن نسبة ما يمرّ من قناة السويس تتراوح بين 8 إلى 12% من إجمالي حجم التجارة العالميَّة، وتغطي هذه النسبة ما نسبته 52% تقريبًا من حجم البضائع المتداولة في العالم، إلا أن هذه الأرقام ربما تتغير مع مشارف 2020 على أقصى تقدير حين تنتهي تل أبيب من مشروع إنشاء قناة موازية خاصة بعد إزالة العقبة الرئيسية التي حالت دون تنفيذه كما ذكرنا في موضع سابق، ورغم تأكيدات البعض عدم تأثر القناة المصرية بهذا المشروع إلا أن آخرين يرون عكس ذلك.

التنازل عن الجزيرتين لصالح السعودية وما يستتبعها من تخويل تل أبيب بمزيد من المرونة في استخدام مضيق تيران، يضع الأمن القومي المصري في مأزق

الثاني: تهديد الأمن المصري من خلال إمكانية إنشاء “دولة الاحتلال” أو غيرها من القوى الدولية الأخرى كالولايات المتحدة قواعد عسكرية لها في هذه المنطقة – تيران وصنافير – خاصة في ظل العلاقات والتنسيق القوي بين واشنطن والرياض وهو ما قد يدفع الأخيرة إلى عدم الممانعة في إنشاء مثل هذه القواعد، علمًا بأن هناك أنباء تتردد عن مساعٍ لنقل “قاعدة العديد”  الأمريكية في قطر لدولة أخرى دون أن تسمى هذه الدولة حتى الآن.

الاتفاق المصري السعودي فتح الباب لإنشاء قناة السويس الإسرائيلية بين ميناء إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر وميناء المجدل أو ميناء أسدود على البحر المتوسط.

هل سمع أحد منكم عن مشروع “قناة السويس الإسرائيلية”؟ وهل لها علاقة بقناة السويس المصرية؟ وما الأهداف التي تسعى تل أبيب لتحقيقها من وراء تبني هذا المشروع؟ وكيف ومتى سيتم البدء في تدشينها؟ وهل ستؤثر على الأمن القومي المصري؟ خمسة أسئلة طفت على السطح بعد لحظات من موافقة البرلمان المصري على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية والتي بموجبها تم التنازل عن سيادة جزيرتي تيران وصنافير للرياض.

يبدو أن حلم “دولة الاحتلال” في توسيع نفوذها الإقليمي والدولي عبر مشروعها القومي الذي سعت لتحقيقه منذ عام 1948 والذي بموجبه ستكون نقطة التقاء وربط بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، قد اقترب من الخروج للنور بعد جهود مضنية دامت عقودًا طويلة من أجل هذه اللحظة التاريخية الفارقة في مسيرة “الكيان الصهيوني”.

صفارات الإنذار التي أطلقها البعض عقب الموافقة على الاتفاقية بشأن تهديدها للأمن القومي المصري والعربي كونها تتجاوز مسألة النزاع ما بين القاهرة والرياض، وتمهيد الطريق أمام “إسرائيل” لتنفيذ حلمها التوسعي، دفعنا لطرح هذا السؤال في محاولة للفهم: ما علاقة اتفاقية تيران وصنافير بالمشروع “الإسرائيلي” المزعوم؟

“قناة السويس الإسرائيلية”.. ما قصتها؟

منذ نشأة “الكيان الصهيوني” فوق أرض فلسطين المحتلة، وهو يدرك أن عليه التوغل في المنطقة بما يضمن له البقاء وسط كيانات تنظر إليه – سابقًا – بصفته عدو محتل يجب مقاومته، ومن ثم عملت تل أبيب طيلة العقود الماضية على ترجمة هذا التوغل على أرض الواقع من خلال عدد من المشروعات بمثابة القوة الناعمة التي تساعدها في تحقيق أهدافها، يأتي على رأسها مشروعها المسمى بـ”قناة السويس الإسرائيلية”.

في نظرة سريعة على خريطة “دولة الاحتلال” نجد أن لها ميناءين، الأول: ميناء إيلات ويقع في الجنوب على البحر الأحمر، وهو الميناء البعيد نسبيًا عن الكثافة السكانية وإن كان في منطقة سياحية، الثاني: ميناء أشدود، ويقع في الشمال على البحر المتوسط، ومن ثم كان الحلم هنا بناء خط سكة حديد موازٍ لقناة السويس يربط بين إيلات على البحر الأحمر بأشدود على البحر الأبيض المتوسط.

المشروع المزمع المسمَّى “Med – Red” نسبةً إلى البحرين المتوسط والأحمر، من المقرر له أن يمتد عبر مسافة تبلغ 350 كيلومترًا، يربط المدن المركزية الإسرائيلية ببعضها البعض مثل بئر السبع وديمونة بصحراء النقب، ويشمل إقامة نحو 63 جسرًا وخمسة أنفاق.

التكلفة التي تم رصدها للمشروع بحسب ما نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في تقرير لها عام 2012، قاربت ملياري دولار على أن يدخل حيز التنفيذ خلال خمس سنوات، وقد تباينت الآراء بشأن افتتاح المشروع بصورة رسمية، فهناك من يشير إلى عام 2018 بينما يذهب آخرون إلى 2020.

كان الحلم هنا بناء خط سكة حديد موازٍ لقناة السويس يربط بين ميناء  إيلات على البحر الأحمر  بميناء أشدود على البحر الأبيض المتوسط.

كيف تعمل هذه القناة؟

حسب التقارير الواردة فإن هذا المشروع يعمل في اتجاهين متوازيين:

(1) الاتجاه الأول.. نقل المحتويات والبضائع عبر السفن البحرية، حيث يتم تفريغ حمولة السفن القادمة من آسيا وإفريقيا عبر البحر الأحمر في ميناء إيلات، ثم يتم شحنها في حاويات نقل كبيرة إلى خط السكة الحديد المزمع إقامته، ثم ينقل القطار تلك الحمولة من إيلات في الجنوب إلى ميناء أسدود في الشمال على البحر المتوسط، ومنها إلى دور أوروبا.

(2) الاتجاه الثاني.. نقل الركاب عبر خط السكك الحديدية، فكما ذكرنا سابقًا فإن الخط المزمع سيربط بعض المدن “الإسرائيلية” ببعضها البعض ومن ثم من الممكن استخدامه كوسيلة مواصلات تربط جنوب “دولة الاحتلال” بشمالها، وفي إحصائية أولية يقدر عدد مستخدمي المشروع حال تدشينه 3.5 مليون راكب.

ما أوجه استفادة تل أبيب من هذا المشروع؟

هناك العديد من المكاسب التي تسعى “إسرائيل” لتحقيقها من وراء هذا المشروع، لكنها تتمحور في ثلاثة أبعاد:

(1) الأول: التنمية الداخلية.. حيث تحقق دولة الاحتلال من خلال هذا المشروع بعض النقاط التنموية في داخلها بصفة عامة، كأن يتم تعمير المنطقة الجنوبية الملاصقة لميناء إيلات خاصة أنها تعاني من فقر سكاني، ومن الممكن أن تتحول إلى منطقة جذب سياحية هائلة حال تنفيذ هذا المشروع.

كذلك سيتم ربط الشمال “الإسرائيلي” بالجنوب، مما يعني سهولة عملية حركة البضائع من وإلى الميناءين، إيلات وأشدود، وهو ما يمكن من إنشاء منطقة صناعية في الجنوب يتم تغذيتها بالموارد الأساسية التي يمكن نقلها من الشمال، إضافة إلى يسر عملية نقل الغاز المكتشف حديثًا من سواحل المتوسط إلى الأحمر.

هذا المشروع يضع تل أبيب تحت مجهر الاهتمام العالمي لما يمثله من قيمة محورية ونقلة كبيرة في الربط بين القارات الثلاثة في نفس الوقت، آسيا أوروبا وإفريقيا.

(2) الثاني: تقوية علاقاتها الدولية.. من الفوائد الناجمة عن هذا المشروع  الشراكات التي من الممكن إبرامها مع بعض الدول الكبرى كالصين والهند، خاصة أن بكين الممول الرئيسي لهذا المشروع، إذ تعتبره فرصتها نحو التوغل أوروبيًا وإفريقيًا.

كما أن هذا المشروع يضع تل أبيب تحت مجهر الاهتمام العالمي لما يمثله من قيمة محورية ونقلة كبيرة في الربط بين القارات الثلاثة في نفس الوقت، آسيا وأوروبا وإفريقيا.

(3) الثالث: البُعد العسكري.. هذا المشروع يفتح الطريق أمام “الكيان الصهيوني” لمرونة حركة نقل قواته العسكرية من الشمال إلى الجنوب والعكس، كذلك إمكانية بناء نقاط عسكرية تؤمن حدوده من الناحيتين، وهو ما كان يمثل عقبة في السابق نظرًا لعدم وجود شبكة مواصلات قادرة على تيسير عملية النقل.

هل يقتصر المشروع على خط سكة حديد فقط؟

من الواضح أن حلم “إسرائيل” في بناء قناة لها تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط لم يقتصر فقط على تدشين خطة سكة حديد وفقط، وهو ما يتضح من خلال الجذور التاريخية لهذا الحلم.

1- العصب الأساسي للحلم الإسرائيلي يتمثل في إقامة ممر مائي موازٍ لقناة السويس المصرية، يربط بين الميناءين، إيلات وأشدود، ومن ثم حاولت تل أبيب خلال السنوات الماضية الاقتراب من هذا العصب خطوة تلو الأخرى، حيث نجحت في الاتفاق على إقامة أول مرحلة منه عبر اتفاقها مع المملكة الأردنية على إنشاء مشروع الخط المائي الذي يربط بين البحر الأحمر والبحر الميت.

2- وظلت المرحلة الثانية المتمثلة في تدشين قناة مائية منافسة لقناة السويس قيد البحث والدراسة والتخطيط منذ 1948 وحتى الآن، وذلك لوجود العديد من العراقيل لعل أبرزها خضوع مضيق تيران تحت السيادة المصرية وهو ما حال دون تحقيق “دولة الاحتلال” لحلمها.

3- ومن ثم لطالما سعت تل أبيب إلى فرض سيطرتها على هذا الممر الملاحي الحيوي، أو على أقل تقدير خروجه من السيادة المصرية ليصبح ممرًا دوليًا ومن ثم يتسنى لها تنفيذ مشروعها القومي في بناء ممر مائي موازٍ لقناة السويس. ومن ثم حاولت تل أبيب خلال السنوات الماضية الاقتراب من هذا العصب خطوة تلو الأخرى
تنازل مصر عن تيران وصنافير للسعودية يمهد الطريق أمام حلم تل أبيب بإنشاء قناة البحرين لتربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط بعد أن أصبح هناك ممر مائي في البحر الأحمر للسفن الإسرائيلية.

تذكير: نحن مع كل من السعودية ومصر ونحترم الاتفاق وهذه الدراسة عبارة عن تجميع لوجهات نظر من عدد من الباحثين هدفها تسليط الضوء مع الاعتراف بالمصادر التي اقتبسنا منها في إعداد هذه الدراسة. ولكل من اقتبسنا منه له الشكر والتقدير والعرفان . وخاصة من نشر الوثائق ومن نشر عن قناة السويس الإسرائيلية.

ومن 1911 والوثائق البريطانية إلى الوثائق المصرية حيث جاء كتاب «تاريخ سيناء القديم والحديث»، الذي يعد أحد المراجع المهمة عن سيناء وجغرافيتها، للمؤرخ نعوم شقير، الصادر عام 1916، ليؤكد على ملكية مصر للجزيرتين ، و يشرح الكتاب بشكل مفصل جغرافية خليج العقبة وما به من جزر، وتحدث فيه عن جزيرتي  تيران وصنافير كجزر تابعة لشبه جزيرة سيناء.

11-ومن الكتب والخرائط للوثائق الرسمية المصرية، نشر العدل وثيقة أخرى تالية لكتاب شقير، تعود لعام 1928، تستطلع وزارة الحربية من وزارة الخارجية فيها عن وضع جزيرتي تيران وصنافير، لإرسال قوة لوضع العلم المصري على الجزيرتين.

وعن الوثيقة، قال الدكتور صبري العدل لـ «البداية» أن سبب مخاطبة الحربية يعود إلى وجود صراع داخل أراضي الحجاز، حيث بدأ تمرد حركة “ابن رفادة”، ضد محاولات ضم شمال الحجاز لمملكة آل سعود، وفي هذا العام قام حامد بن سالم بن رفادة، من قبيلة بلي، بتمرد في شمالي الحجاز، عام 1928، ولكنه فشل، فهرب إلى مصر، مشيرًا إلى أنه نتيجة لوجود تمرد على الجانب الآخر من خليج العقبة، بدأت وزارة الحربية في التحرك لحماية الحدود، وبناء عليه تم إرسال هذه المخاطبة لوزارة الخارجية، لكن نظرًا لأن الجزيرتين لم تكونا مأهولتين، فلم يكن لدى وزارة الخارجية ملفات حولهما، وبدأت في الاستعلام عنهما من الوزارات الأخرى.

12-الوثيقة التالية، نشرها العدل، صادرة بتاريخ 3 يونيو 1943، وهي عبارة عن وثيقة وخريطة، تدوران حول مناورات تجريها المخابرات البريطانية بالقرب من خليج العقبة، ويدور جزء من هذه المناورات على الجزيرتين.

وحول الوثيقة قال الدكتور صبري العدل إن بريطانيا أجرت المناورات على الجزيرتين، طبقًا لاتفاقية 1936، والتي كانت تلزم مصر بمساعدة القوات البريطانية، وهو ما يؤكد تبعية الجزيرتين في هذا الوقت للسيادة المصرية.

 ويشير الدكتور العدل أن الأمر لم يكن مجرد استنتاج، بل أن خرائط هيئة المساحة الصادرة عام 1937 أكدت تبعية الجزر لمصر، بل ورسمت تيران بلون مصر.

13-وحتى لا يقول أحد أن هذه الوثائق لم تقطع بملكية مصر للجزيرتين فإن الرد القاطع جاء عبر وثيقة آخري نشرها العدل، حملت في طياتها عبارة “سري جدًا”،  صادرة في 25 فبراير عام 1950، العام الذي ادعت فيه السعودية صدور خطاب بملكيتها للجزيرة فيه، وهي عبارة عن رد من وزارة الخارجية على وزارة الحربية في هذا الوقت، وجاء الرد ليؤكد تبعية جزيرة تيران لمصر،  وتكشف الخارجية في الوثيقة أنها استعلمت من  وزارة المالية والتي جاء ردها ليؤكد وقوع تيران ضمن الحدود المصرية.

وحول الوثيقة قال  العدل أن سبب استعلام وزارة الخارجية من المالية يعود لكونها الوزارة المنوط بها مربوط القرى، وكانت هي أيضًا المنوط بها الخرائط المساحية الخارجية،  والتي يتم جمع الضرائب على أساسها، ويؤكد د. صبري العدل على أن الخريطة رقم 6 لجنوب سيناء، الصادرة سنة 1937 أكدت تبعية تيران لمصر.

14-وعن قصة صدور الوثيقة يقول الدكتور إن القصة بدأت بعد استيلاء إسرائيل على جزيرة أم الرشراش، عام 1949، وبهذا أصبح لها منفذ على البحر، وخشيت الحكومة المصرية في هذا الوقت من محاولة إسرائيل السيطرة على جزر البحر الأحمر، خصوصًا بعد نشر الأهرام في 2 يناير عام 1950 خبرًا عن أن عضو بالكنيست قال إن “هناك جزر ليس عليها علم في المنطقة”، داعيًا  إسرائيل للاستيلاء عليها، وهو ما دفع الحكومة المصرية للتحرك لبسط نفوذها على الجزر، وجاء خطاب الخارجية ليؤكد تبعية الجزيرة لمصر، طبقًا للخرائط الصادرة منذ عام 1937.

15-وفي نهاية حواره، أكد الدكتور صبري العدل على أن  جميع هذه الوثائق تؤكد ملكية مصر للجزيرتين، مشيرًا إلى أن الوثائق لا تقبل وجهات النطر، كما رجح أن بداية حديث السعودية عن تبعية الجزيرة لها ربما يعود إلى أن مصر خلال تحركها لمنع إسرائيل من السيطرة على الجزر، عام 1950، خاطبت المملكة أنها ستقوم بتأمين الجزر لمنع السيطرة عليها، وهنا جاء رد الملك سعود ليشكر الملك فاروق على حمايته للجزيرة، مضيفًا أن هذا الرد لا يصنع حقائق تاريخية، ومطالبًا المملكة بتقديم وثائق ملكيتها إن كانت تمتلك وثائق، ما رجح عدم دقته.

 16- الأمر لم يقف عند حدود الملكية بل انتقل لممارسة السيادة الكاملة على الجزيرتين لتكتمل أحقية مصر بملكية الجزيرتين إلى الممارسة الفعلية للسيادة عليها، وهو ما أكدته العديد من الوثائق منذ عام 1950 وحتى تسعينات القرن العشرين ، بينها قرار وزير الداخلية الراحل حسن أبو باشا، بإنشاء نقطة شرطة مستديمة في جزيرة تيران، تتبع قسم سانت كاترين في محافظة جنوب سيناء، و المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 21 مارس لسنة 1982، والذي حمل رقم 422 لسنة 1982.

نفس الأمر أكدته ليس فقط التصريحات الحكومية والصادرة من أعلى مستوى في الدولة بدءً من الرئيس جمال عبد الناصر بل كذلك  مجموعة من القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء المصري ، وظهر ذلك بوضوح في قرار إنشاء محميتين طبيعيتين بالجزيرتين عام 1983، وقرار الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء بإعادة ترسيم الحدود والصادر عام 1996.

17-قرار رئيس الوزراء رقم 1068 لسنة 1983، الخاص بإنشاء محمية طبيعية في منطقة رأس محمد، وجزيرتي تيران وصنافير.

18-قرار رئيس مجلس الوزراء، الدكتور كمال الجنزوري،  رقم 2035 لسنة 1996، بتعديل بعض أحكام القرار رقم 1068 لسنة 1983 بشأن المحميات موضح به الحدود.

وهكذا فإن الأمر لم يقتصر فقط على الخرائط القديمة ولا قرارات ممارسة السيادة بل امتد إلى مستندات حكومية واضحة تؤكد ملكية مصر للجزيرتين عبر التاريخ.

هذا موقف من يدعم حق مصر بالوثائق  في الجزيرتين.

من أجبر مصر على إعادة الجزيرتين للسعودية؟

الإجابة المباشرة يقدمها أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، معتز بالله عبدالفتاح، الذي كشف عبر البرنامج التليفزيوني الذي يقدمه، “90 دقيقة” عن أن جهة سيادية اجتمعت بعدد من الشخصيات كان هو أحدهم، قد كشفت لهم أن الاستجابة لطلب الرياض الخاص بالجزيرتين جاء بعد إلحاح وضغط سعودي، وأن عدم إعطاء ما طلبه الجانب السعودي سيؤدي إلى مواجهة مع السعودية ومع دول مجلس التعاون الخليجي، في وقت لدى القاهرة فيه ما يكفيها من مشكلات مع أميركا والغرب.

 إذن، وطبقاً لما صرح به عبد الفتاح، فإن النظام المصري نفذ المطالب السعودية كونها أحد خيارين لا ثالث لهما بالنسبة له؛ أن يستجيب للمطالب السعودية المعنونة بجزيرتي تيران وصنافير لاستمرار الدعم الاقتصادي والسياسي من حليفه الأهم وربما الوحيد منذ يونيو2013 .. أي باختصار فقدان الحليف الوحيد الذي يدعم السلطة الحالية في مصر خارجياً وسط تربص أطرف خارجية وداخلية بها.. هكذا رأت السلطة الموقف وتقديره، وعلى أساسه اتخذت القرار.

السعودية وشبح قانون جاستا JASTA

صدر قانون جاستا الأمريكي بتاريخ 1.10,2016 والذي أقر من قبل الكونغرس الأمريكي، وذلك بعد تعطيل “الفيتو” الذي أطلقه الرئيس باراك أوباما ضد هذا القانون، والذي سيكون من المقدور بموجبه مقاضاة دول كالسعودية على خلفية هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، فما هو هذا القانون؟

تعد كلمة “جاستا JASTA” اختصاراً لعبارة Justice Against Sponsors of Terrorism Act أي “العدالة في مواجهة رعاة النشاط الإرهابي”، وقد أصدره الكونغرس قبل أسابيع، في خطوة لتوجيه الاتهام لبعض الدول قد تكن المملكة العربية السعودية من بينها  بالضلوع مباشرة في اعتداءات الحادي عشر من أيلول 2001.

ويعتبر هذا القانون تعديلاً على قانون مثيل صدر في العام 1967 ويعطي الحصانة لبلدان أخرى من الملاحقة القضائية في الولايات المتحدة.

ولا يشير القانون صراحة إلى السعودية، لكنه سيخوّل بالدرجة الأولى ذوي ضحايا هجمات 2001 من رفع دعاوى بحق السعودية .

البيان مجلس الوزراء المصري حول تعيين الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية

أشار بيان لمجلس الوزراء المصري إلى أن التوقيع على اتفاق تعيين الحدود البحرية بين البلدين انجاز هام من شأنه أن يمكن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما بما توفره من ثروات وموارد تعود بالمنفعة الاقتصادية عليهما ، وجاء هذا الإنجاز بعد عمل شاق وطويل استغرق أكثر من 6 سنوات، انعقدت خلالها إحدى عشرة جولة لاجتماعات لجنة تعيين الحدود البحرية بين البلدين، آخرها ثلاث جولات منذ شهر ديسمبر 2015 عقب التوقيع على إعلان القاهرة في 30 يوليو 2015.

وقد اعتمدت اللجنة في عملها على قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لعام 1990 بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية، والذي تم إخطار الأمم المتحدة به في 2 مايو 1990، وكذلك على الخطابات المتبادلة بين الدولتين خلال نفس العام ، بالإضافة إلى المرسوم الملكي الصادر في 2010 بتحديد نقاط الأساس في ذات الشأن للمملكة العربية السعودية ..

وأضاف بيان الحكومة أنه قد أسفر الرسم الفني لخط الحدود بناء على المرسوم الملكي والقرار الجمهوري المشار إليهما أعلاه عن وقوع جزيرتي صنافير وتيران داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية ، والجدير بالذكر أن الملك عبد العزيز آل سعود كان قد طلب من مصر في يناير عام 1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين ، وهو ما استجابت له وقامت بتوفير الحماية للجزر منذ ذلك التاريخ.

كما سيسفر التوقيع والتصديق على الاتفاق عن تمكين جمهورية مصر العربية من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر الأحمر وما توفره من فرص للاستكشاف والتنقيب عن موارد طبيعية إضافية للدولة .
 

الوضع القانوني الجديد بعد انتقال جزيرة تيران وصنافير من السيادة المصرية للسيادة السعودية

نزع عروبة خليج العقبة والبحر الأحمر وتدويل البحر الأحمر وتدويل مضيق تيران

بموجب اتفاقية “جمايكا لعام 1982” والمتعلقة بقانون البحار يترتب أبعاد قانونية خطيرة على نقل الجزيرتين من السيادة المصرية إلى السعودية.

1-عندما تحارب العرب مع إسرائيل أغلقت مصر مضيق تيران في وجه الملاحة الصهيونية و هذا الأمر قامت به باعتبار حقها في تيران وصنافير وبالتبعية حقها في المياه من الساحل المصري و حتى  سواحل الجزيرتين ، وهذا الأمر ترتب عليه احتلال الكيان الصهيوني للجزيرتين لان الإغلاق مثل تهديدا كبير له ،  و انتهاء الأمر باتفاق كامب ديفيد الذي بموجبه توجد قوة دولية في الجزيرتين و تعهد مصري بعدم اغلاق مضيق تيران أمام الملاحة الإسرائيلية  وهو آمر يمثل انتقاص من السيادة المصرية تجاه تيران وصنافير،  و بالطبع ليس هو الانتقاص الوحيد فهناك أمر مماثل فيما يتعلق بسيناء .

 2- انتقال السيادة في الجزرتين من مصر غالى السعودية هو امر لا يجب إن يدخل فيه بعد الأشقاء و العرب و المسلمين – بل المفترض العكس تماما فدخول هذه العوامل يفترض تأكيد السيادة المصرية على الجزيرتين – لان هذا الانتقال سيترتب عليه وضع قانوني جديد للممرات المائية في تلك المنطقة،  و سيكون المستفيد الوحيد من ذلك ليست السعودية وليست مصر بل سيكون الكيان الصهيوني هو المستفيد الوحيد .

 3- انتقال السيادة على الجزيرتين للسعودية يعني إن يتحول الممر المائي بين الساحل المصري و بين سواحل الجزيرتين-  التابع حاليا للمملكة العربية السعودية –  إلى ثلاث أقسام (1) أولها مياه إقليمية للسعودية تبعا لسيادتها على تيران وصنافير؛ (2)  و الثاني مياة إقليمية لمصر تبعا لسيادتها على سيناء ؛ (3)  و الثالث بينهما وهو الجزء الأكبر سيصبح وبموجب القانون الدولي  مياه دولية لن يكون لأي من السعودية او مصر أي حق فيه وسيكون حق دولي للجميع اول المستفيدين منه هو إسرائيل بالطبع الذي ليس له حتى نقل السيادة على الجزيرتين للسعودية أي حق بموجب القانون الدولي في ممر إلى البحر الأحمر  .

 4- ماتم يعتبر إهدار للحق المصري و الحق السعودي والعربي ليس لصالح السعودية وإنما لصالح إسرائيل الذي سيكون له حق في ممر مائي دولي محمي بموجب القانون الدولي يكون العالم اجمع معني بالدفاع عنه – في حال تسجيل اتفاقية الحدود البحرية السعودية المصرية لدى الأمم المتحدة .  وقبل الاتفاق المصري السعودي بشأن الجزيرتين وبموجب الاتفاقات مع الكيان الصهيوني يضل الحق في هذا الممر المائي حقا مصريا عربيا بالكامل

5- و رغم  خطورة الاتفاق المصري السعودي قوميا لفقدان العرب ( الحق ) في نقطة جغرافية حساسة و غاية في الأهمية فيما يتعلق بأي صراع أو تنافس عربي صهيوني  استخدمت في يوم ما ضمن الأسلحة الجغرافية في مواجهة عدائية الكيان الصهيوني تجاه الدول العربية المحيطة به ، وكذلك التأثير على حقوق الدول العربية المحيطة بخليج العقبة سلبا التي ستفقد جميعها حقها في عربية مياه الخليج بشكل رسمي و قانوني هذه المرة فهي لم تكن قد فقدته على الأقل جيولوجيا ففي ضل عدم صلاحية الممر المائي بين تيران وصنافير و الساحل السعودي  للملاحة كان خليج العقبة مغلقا لصالح العرب ، بل إن هذا الأمر أيضا هو بحق البحر الأحمر ككل الذي في ضل عدم وجود ممر مائي دولي في مضيق تيران يعتبر غير مفيد للكيان الصهيوني وهذا الأمر انتهي بموجب القانون الدولي بعد نقل السيادة للمملكة العربية السعودية.

6- بل  و خطورة  الاتفاق على المملكة العربية السعودية ذاتها بانتقال التزامات  اتفاقات كامب ديفيد فيما يتعلق بالجزيرتين إليها تبعا لانتقال سيادتهما لها وسيكون هذا الانتقال للالتزامات دون حتى إن يكون هناك داعي لذلك فالتزامات  كامب ديفيد مع مصر كانت مع استمرار الممر المائي مملوكا لمصر، بينما السعودية ستتحمل التزامات كامب ديفيد وقد أصبح جزء من الممر المائي مياه دولية لاحق لأحد حصرا فيه  ، وستتحمل السعودية تبعات اتفاق لصالح الكيان الصهيوني بالمجان فستتحمل جزء من نتيجة فرضت بقوة و بحرب بحق مصر لكن دون قوة أو حرب على السعودية ، كما سيضعها انتقال هذه الالتزامات في أول طريق ( التطبيع ) العلني و الرسمي مع إسرائيل.

7-يبقى أن نبارك لإسرائيل بهذا النوع من الاتفاقات بين الدول العربية على حساب مصالح بلدانها وشعوبها و قوميتها وأمنها و مصالحها القطرية و القومية  . 

ماذا استفادت إسرائيل من اتفاق نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودي: قراءة قانونية

 أعلنت إسرائيل أنها لا تعارض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتي تضمنت عودة جزيرتين تقعان في البحر الأحمر إلى المملكة.

ورأى عضو بارز في البرلمان الإسرائيلي أن الاتفاقية تمثل فرصة للتقارب مع السعودية التي لا يربطها اتفاق سلام مع إسرائيل.

وعندما أبرمت مصر وإسرائيل اتفاق سلام عام 1979 تعهدت القاهرة باحترام حرية الملاحة في العقبة وإيلات وهي الميناء الإسرائيلي الوحيد المؤدي إلى البحر الأحمر.

وقالت السعودية إنها ستلتزم بهذا التعهد -بموجب اتفقا كامب ديفيد- عندما تتسلم الجزيرتين.

وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” أٌبلغ مقدما بالاتفاقية المصرية-السعودية ولم يبد أي اعتراض .وقال “تساحي هنجبي” الذي يترأس لجنه الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان الإسرائيلي)  في مقابلة مع راديو الجيش الإسرائيلي “إنها (الاتفاقية) تتعلق بنا ولا تزعجنا.” وأضاف “السعوديون الملتزمون بحرية الملاحة وفقا للقانون الدولي لن يلحقوا الضرر بجوهر الاتفاق المبرم بين مصر وبيننا في هذا الشأن وستبقى حرية الملاحة في العقبة وإيلات كما هي.” وأشار بعض المعلقين الإسرائيليين إلى أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية والخطة المتعلقة بها لبناء جسر يربط بين مصر والسعودية عبر الجزيرتين ربما تسهل وصول المتشددين (والجماعات الإرهابية ) إلى سيناء.

الموقف السعودي من إسرائيل لم يتغير حسب المصادر السعودية

ومن جانبها قالت السعودية إن الاتفاقية لن تغير موقفها من إسرائيل.

وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مقابلة مع محطة (سي.بي.سي) الفضائية المصرية الخاصة يوم الأحد “لن يكون هناك علاقة مباشرة بين المملكة العربية وإسرائيل بسبب إعادة هذه الجزر.”

وأضاف “هناك اتفاقية والتزامات وافقت عليها مصر تتعلق بهذه الجزر والمملكة العربية ملتزمة بهذه الالتزامات بدون أي علاقة أو أي تواصل مع الجانب الإسرائيلي.

الأمن القومي المصري في خطر: هل بات الأمن القومي المصري مهددًا؟

نقل السيادة على مضيق تيران للسعودية يخرجها من القبضة المصرية لتصبح ممرًا دوليًا مسموح للجميع أن يستخدمه بالشكل الذي يريد ضمن المسموح به في القانون البحري واستخدام الممرات الملاحية العالمية التي لا تقع تحت السيطرة الكاملة لدولة بعينها، وهنا برزت بعض التخوفات عن تهديد الأمن القومي المصري، ولكن كيف؟

بحسب مجريات الأحداث فإن تمرير اتفاقية ترسيم الحدود والتنازل عن الجزيرتين لصالح السعودية وما يستتبعها من تخويل تل أبيب بمزيد من المرونة في استخدام مضيق تيران، يضع الأمن القومي المصري في مأزق من زاويتين:

الأولى: تهديد الاقتصاد المصري عبر التأثير على أكبر مواردها الاقتصادية من العملات الأجنبية، حيث تصل الإيرادات المحققة لقناة السويس شهريًا ما يقارب 423.9 مليون دولار بحسب تصريحات الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، ومن ثم فإنه في حالة بناء قناة إسرائيلية موازية فإن تأثيرها سيكون كارثيًا على قناة السويس، خاصة أن المنظومة الاقتصادية المصرية قابعة في غرفة الإنعاش منذ عدة سنوات ولا تتحمل صدمة جديدة ربما تدخلها في غيبوبة أشبه بالموت الفعلي.

معروف أن نسبة ما يمرّ من قناة السويس تتراوح بين 8 إلى 12% من إجمالي حجم التجارة العالميَّة، وتغطي هذه النسبة ما نسبته 52% تقريبًا من حجم البضائع المتداولة في العالم، إلا أن هذه الأرقام ربما تتغير مع مشارف 2020 على أقصى تقدير حين تنتهي تل أبيب من مشروع إنشاء قناة موازية خاصة بعد إزالة العقبة الرئيسية التي حالت دون تنفيذه كما ذكرنا في موضع سابق، ورغم تأكيدات البعض عدم تأثر القناة المصرية بهذا المشروع إلا أن آخرين يرون عكس ذلك.

التنازل عن الجزيرتين لصالح السعودية وما يستتبعها من تخويل تل أبيب بمزيد من المرونة في استخدام مضيق تيران، يضع الأمن القومي المصري في مأزق

الثاني: تهديد الأمن المصري من خلال إمكانية إنشاء “دولة الاحتلال” أو غيرها من القوى الدولية الأخرى كالولايات المتحدة قواعد عسكرية لها في هذه المنطقة – تيران وصنافير – خاصة في ظل العلاقات والتنسيق القوي بين واشنطن والرياض وهو ما قد يدفع الأخيرة إلى عدم الممانعة في إنشاء مثل هذه القواعد، علمًا بأن هناك أنباء تتردد عن مساعٍ لنقل “قاعدة العديد”  الأمريكية في قطر لدولة أخرى دون أن تسمى هذه الدولة حتى الآن.
 

الاتفاق المصري السعودي فتح الباب لإنشاء قناة السويس الإسرائيلية بين ميناء إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر وميناء المجدل أو ميناء أسدود على البحر المتوسط.

هل سمع أحد منكم عن مشروع “قناة السويس الإسرائيلية”؟ وهل لها علاقة بقناة السويس المصرية؟ وما الأهداف التي تسعى تل أبيب لتحقيقها من وراء تبني هذا المشروع؟ وكيف ومتى سيتم البدء في تدشينها؟ وهل ستؤثر على الأمن القومي المصري؟ خمسة أسئلة طفت على السطح بعد لحظات من موافقة البرلمان المصري على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية والتي بموجبها تم التنازل عن سيادة جزيرتي تيران وصنافير للرياض.

يبدو أن حلم “دولة الاحتلال” في توسيع نفوذها الإقليمي والدولي عبر مشروعها القومي الذي سعت لتحقيقه منذ عام 1948 والذي بموجبه ستكون نقطة التقاء وربط بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، قد اقترب من الخروج للنور بعد جهود مضنية دامت عقودًا طويلة من أجل هذه اللحظة التاريخية الفارقة في مسيرة “الكيان الصهيوني”.

صفارات الإنذار التي أطلقها البعض عقب الموافقة على الاتفاقية بشأن تهديدها للأمن القومي المصري والعربي كونها تتجاوز مسألة النزاع ما بين القاهرة والرياض، وتمهيد الطريق أمام “إسرائيل” لتنفيذ حلمها التوسعي، دفعنا لطرح هذا السؤال في محاولة للفهم: ما علاقة اتفاقية تيران وصنافير بالمشروع “الإسرائيلي” المزعوم؟

“قناة السويس الإسرائيلية”.. ما قصتها؟

منذ نشأة “الكيان الصهيوني” فوق أرض فلسطين المحتلة، وهو يدرك أن عليه التوغل في المنطقة بما يضمن له البقاء وسط كيانات تنظر إليه – سابقًا – بصفته عدو محتل يجب مقاومته، ومن ثم عملت تل أبيب طيلة العقود الماضية على ترجمة هذا التوغل على أرض الواقع من خلال عدد من المشروعات بمثابة القوة الناعمة التي تساعدها في تحقيق أهدافها، يأتي على رأسها مشروعها المسمى بـ”قناة السويس الإسرائيلية”.

في نظرة سريعة على خريطة “دولة الاحتلال” نجد أن لها ميناءين، الأول: ميناء إيلات ويقع في الجنوب على البحر الأحمر، وهو الميناء البعيد نسبيًا عن الكثافة السكانية وإن كان في منطقة سياحية، الثاني: ميناء أشدود، ويقع في الشمال على البحر المتوسط، ومن ثم كان الحلم هنا بناء خط سكة حديد موازٍ لقناة السويس يربط بين إيلات على البحر الأحمر بأشدود على البحر الأبيض المتوسط.

المشروع المزمع المسمَّى “Med – Red” نسبةً إلى البحرين المتوسط والأحمر، من المقرر له أن يمتد عبر مسافة تبلغ 350 كيلومترًا، يربط المدن المركزية الإسرائيلية ببعضها البعض مثل بئر السبع وديمونة بصحراء النقب، ويشمل إقامة نحو 63 جسرًا وخمسة أنفاق.

التكلفة التي تم رصدها للمشروع بحسب ما نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في تقرير لها عام 2012، قاربت ملياري دولار على أن يدخل حيز التنفيذ خلال خمس سنوات، وقد تباينت الآراء بشأن افتتاح المشروع بصورة رسمية، فهناك من يشير إلى عام 2018 بينما يذهب آخرون إلى 2020.

كان الحلم هنا بناء خط سكة حديد موازٍ لقناة السويس يربط بين ميناء  إيلات على البحر الأحمر  بميناء أشدود على البحر الأبيض المتوسط.

كيف تعمل هذه القناة؟

حسب التقارير الواردة فإن هذا المشروع يعمل في اتجاهين متوازيين:

(1) الاتجاه الأول.. نقل المحتويات والبضائع عبر السفن البحرية، حيث يتم تفريغ حمولة السفن القادمة من آسيا وإفريقيا عبر البحر الأحمر في ميناء إيلات، ثم يتم شحنها في حاويات نقل كبيرة إلى خط السكة الحديد المزمع إقامته، ثم ينقل القطار تلك الحمولة من إيلات في الجنوب إلى ميناء أسدود في الشمال على البحر المتوسط، ومنها إلى دور أوروبا.

(2) الاتجاه الثاني.. نقل الركاب عبر خط السكك الحديدية، فكما ذكرنا سابقًا فإن الخط المزمع سيربط بعض المدن “الإسرائيلية” ببعضها البعض ومن ثم من الممكن استخدامه كوسيلة مواصلات تربط جنوب “دولة الاحتلال” بشمالها، وفي إحصائية أولية يقدر عدد مستخدمي المشروع حال تدشينه 3.5 مليون راكب.

ما أوجه استفادة تل أبيب من هذا المشروع؟

هناك العديد من المكاسب التي تسعى “إسرائيل” لتحقيقها من وراء هذا المشروع، لكنها تتمحور في ثلاثة أبعاد:

(1) الأول: التنمية الداخلية.. حيث تحقق دولة الاحتلال من خلال هذا المشروع بعض النقاط التنموية في داخلها بصفة عامة، كأن يتم تعمير المنطقة الجنوبية الملاصقة لميناء إيلات خاصة أنها تعاني من فقر سكاني، ومن الممكن أن تتحول إلى منطقة جذب سياحية هائلة حال تنفيذ هذا المشروع.

كذلك سيتم ربط الشمال “الإسرائيلي” بالجنوب، مما يعني سهولة عملية حركة البضائع من وإلى الميناءين، إيلات وأشدود، وهو ما يمكن من إنشاء منطقة صناعية في الجنوب يتم تغذيتها بالموارد الأساسية التي يمكن نقلها من الشمال، إضافة إلى يسر عملية نقل الغاز المكتشف حديثًا من سواحل المتوسط إلى الأحمر.

هذا المشروع يضع تل أبيب تحت مجهر الاهتمام العالمي لما يمثله من قيمة محورية ونقلة كبيرة في الربط بين القارات الثلاثة في نفس الوقت، آسيا أوروبا وإفريقيا.

(2) الثاني: تقوية علاقاتها الدولية.. من الفوائد الناجمة عن هذا المشروع  الشراكات التي من الممكن إبرامها مع بعض الدول الكبرى كالصين والهند، خاصة أن بكين الممول الرئيسي لهذا المشروع، إذ تعتبره فرصتها نحو التوغل أوروبيًا وإفريقيًا.

كما أن هذا المشروع يضع تل أبيب تحت مجهر الاهتمام العالمي لما يمثله من قيمة محورية ونقلة كبيرة في الربط بين القارات الثلاثة في نفس الوقت، آسيا وأوروبا وإفريقيا.

(3) الثالث: البُعد العسكري.. هذا المشروع يفتح الطريق أمام “الكيان الصهيوني” لمرونة حركة نقل قواته العسكرية من الشمال إلى الجنوب والعكس، كذلك إمكانية بناء نقاط عسكرية تؤمن حدوده من الناحيتين، وهو ما كان يمثل عقبة في السابق نظرًا لعدم وجود شبكة مواصلات قادرة على تيسير عملية النقل.

هل يقتصر المشروع على خط سكة حديد فقط؟

من الواضح أن حلم “إسرائيل” في بناء قناة لها تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط لم يقتصر فقط على تدشين خطة سكة حديد وفقط، وهو ما يتضح من خلال الجذور التاريخية لهذا الحلم.

1- العصب الأساسي للحلم الإسرائيلي يتمثل في إقامة ممر مائي موازٍ لقناة السويس المصرية، يربط بين الميناءين، إيلات وأشدود، ومن ثم حاولت تل أبيب خلال السنوات الماضية الاقتراب من هذا العصب خطوة تلو الأخرى، حيث نجحت في الاتفاق على إقامة أول مرحلة منه عبر اتفاقها مع المملكة الأردنية على إنشاء مشروع الخط المائي الذي يربط بين البحر الأحمر والبحر الميت.

2- وظلت المرحلة الثانية المتمثلة في تدشين قناة مائية منافسة لقناة السويس قيد البحث والدراسة والتخطيط منذ 1948 وحتى الآن، وذلك لوجود العديد من العراقيل لعل أبرزها خضوع مضيق تيران تحت السيادة المصرية وهو ما حال دون تحقيق “دولة الاحتلال” لحلمها.

3- ومن ثم لطالما سعت تل أبيب إلى فرض سيطرتها على هذا الممر الملاحي الحيوي، أو على أقل تقدير خروجه من السيادة المصرية ليصبح ممرًا دوليًا ومن ثم يتسنى لها تنفيذ مشروعها القومي في بناء ممر مائي موازٍ لقناة السويس. ومن ثم حاولت تل أبيب خلال السنوات الماضية الاقتراب من هذا العصب خطوة تلو الأخرى.

تذكير: نحن مع كل من السعودية ومصر ونحترم الاتفاق وهذه الدراسة عبارة عن تجميع لوجهات نظر من عدد من الباحثين هدفها تسليط الضوء مع الاعتراف بالمصادر التي اقتبسنا منها في إعداد هذه الدراسة. ولكل من اقتبسنا منه له الشكر والتقدير والعرفان . وخاصة من نشر الوثائق ومن نشر عن قناة السويس الإسرائيلية

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى