دور المؤسسات في تحقيق الأمن الاجتماعي: مؤسسة دار الهلال نموذجا

بقلم : عادل عبد الصمد

رئيس تحرير الهلال

يعد الأمن حاجة أساسية للمجتمع الإنسانى، ومؤشرا على الاستقرار والازدهار والتقدم فىالوطن، ويرى بعض الخبراء أن الأمن الاجتماعى يعنى ببساطة سلامة الأفراد والجماعات من الأخطار الداخلية والخارجية، متمثلة فى التهديدات العسكرية أو البلطجة داخل اﻟﻤﺠتمع من قبل أفراد أو جماعات تمارس القتل والاختطاف والتخريب والسرقات مما يعد مؤشرا خطيرا لافتقاد الأمن الاجتماعى .

وبقدر حاجة اﻟﻤﺠتمع للأمن الاجتماعى تكون حاجته لمقوماته وركائزه الأساسية التى تسهم فى

توفير الأمن، وبناء اﻟﻤﺠتمعات الحديثة وعاملا مهما فى تقدم الأمم ورقيها.

فاﻟﻤﺠتمع الذى يتوافر فيه الأمن والأمان ينعكس ذلك على سلوكياته ومنجزاته ودرجة تقدمه ورقيه حيث إن ذلك يبعث الطمأنينة فى النفوس ويشكل حافزا للعمل والإبداع والاستقرار والحفاظ على الهوية الوطنية .

وتتداخل مستويات الأمن الاجتماعى مع الأمن القومى الذى يعبر عن الأمن الوطنى للدولة المعاصرة، مع الأمن الإنسانى، وقد تعددت مفاهيم الأمن الاجتماعى وأبعاده فى ظل العولمة والتطورات الحديثة التى تفرض أخطارا جساما ومتغيرات لها آثار مختلفة على حياة الفرد والجماعة.

وفى هذا البحث نقدم الأطر اﻟﻤﺨتلفة لمفاهيم الأمن وأبعاده والتحديات التى تحيط به مع التركيز على مفهوم الأمن الاجتماعى ومكوناته ومقوماته وآراء بعض المتخصصين في هذا الجانب .

الامن الاجتماعي

لا يمكن أن يكون هناك أمن اجتماعى بدون أمن اقتصادى ، بل إن هناك تصنيفات

وتخصصات متنوعة؛ نتيجة تطور الحياة وتعقيداتها فهناك ما عرف بالأمن القومى ، والأمن

الإقليمى والأمن الدولى والأمن الإنسانى ولكنها تلتقى جميعا تحت مبدأ الضرورة والحاجة، وتتداخل هذه المفاهيم بين علم الاجتماع والعلوم السياسية والعلوم الاقتصادية أيضا .

وقد عرف الإسلام وحدد كل ما هو تحت مسمى أمن ، فجاءت الشريعة الإسلامية لحفظ الضرورات الخمس :

العقل – النفس – الدين – العرض – المال ، وأكدت على أن صلاح الدنيا لا يكون إلا بالأمن سلامة الأفراد » : والأمان؛ فالأمن الاجتماعى عند أستاذ الاجتماع د. إحسان محمد الحسن يعنى والجماعات من الأخطار الداخلية والخارجية كالأخطار العسكرية وما يتعرض له الأفراد

فى حين يرى « والجماعات من القتل والاختطاف والاعتداء على الممتلكات بالتخريب أو السرقة فريق من علماء الاجتماع أن غياب أو تراجع معدلات الجريمة يعبر عن حالة الأمن الاجتماعى ، وأن تفشى الجرائم وزيادة عددها يعنى حالة غياب الأمن الاجتماعى ، فمعيار الأمن منوط بقدرة المؤسسات الحكومية والأهلية فى الحد من الجريمة والتصدى لها وأن حماية الأفراد والجماعات من مسئوليات الدولة من خلال فرض النظام ، وبسط سيادة القانون بواسطة الأجهزة القضائية والتنفيذية ، واستخدام القوة إن تطلب الأمر ؛ ذلك لتحقيق الأمن والشعور بالعدالة التى تعزز الانتماء إلى الدولة بصفتها الحامى والأمين لحياة الناس وممتلكاتهم وآمالهم بالعيش الكريم . فى أن الأمن مسئولية اجتماعية بوصفه ينبع من » حين يؤكد الباحث الدكتور مؤيد العبيدى بمسئولية الفرد تجاه نفسه وأسرته ، فنشأت أعراف القبيلة وتقاليدها لتصبح جزءاً من القانون السائد ” .

وبدأت التحولات فى اﻟﻤﺠتمعات العربية إلى إحلال مفهوم الدولة بدلاً من القبيلة والاحتكام إلى القوانين بدلاً من الأعراف ؛ إلا أن هذا التحول لم يكن كافياً لإلغاء دور القبيلة كلياً.

دار المعرفة الجامعية) ) « الأمن الاجتماعى وقضية الحرية » بعنوان « نبيل رمزى » وجاءت دراسة ١٩٨٨ م وهدفت إلى تعرف أثر الأمن الاجتماعى على قضية الحرية من خلال ممارسات الشباب فى اﻟﻤﺠتمع المعاصر وتعرف أهمية الأمن الاجتماعى لدى الأفراد من ناحية ولدى الدولة من ناحية أخرى وحقيقة قضية الحرية لدى الأفراد فى اﻟﻤﺠتمع المعاصر.

وتوصلت تلك الدراسة إلى أن إشباع الأفراد ﻟﻤﺨتلف الاحتياجات سواء اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية يؤدى إلى الشعور بالحرية مما يدفع الأفراد إلى الاطمئنان وممارسة جميع الآراء والقضايا العامة والقومية. كما يرون وفى ضوء اتجاه التنمية الحقيقية، وبالتالى فهناك علاقة بين إشباع الأفراد للأمن الاجتماعى وممارسة الأفراد للحرية، وأكدت الدراسة علي أن شيوع الفوضى وغياب الديمقراطية كان نتيجة لنقص الأمن الاجتماعى فالحرية تنتج للأمن الاجتماعى، وكل فرد يبحث عن الحرية فى ضوء احتياجاته للأمن الاجتماعى.

الأمن الاجتماعي والرعاية الاجتماعية – من » ثم أكد الباحث نبيل رمزي في كتابه المعنون .

الإسكندرية علي ضرورة تعرف العلاقة بين الأمن « دار الفكر الجامعي » « وجهة سوسيولوجية

الاجتماعى والدعاية الاجتماعية فى ضوء وجهة علماء الاجتماع واﻟﻤﺠتمع الواقعىالسوسيولوجى.

وتوصلت تلك الدراسة إلى أن كل فرد يحتاج إلي غذاء جيد وعمل يشعره بذاتيته ورعاية اجتماعية متكاملة مما يجعله يعيش مطمئنا مستقرا ينعم بحياته وبالتالى فهو يعيش فى أمن اجتماعى ، الأمر الذى يؤكد على العلاقة الوثيقة بين ما يناله الفرد من الرعاية الاجتماعية وما يشعره بالنقص فى الأمن الاجتماعى .

كما توصلت إلى أن الأمن الاجتماعى لا يتحقق فى ناحية واحدة من نواحى حياة الأفراد كالتعليم بل يجب تكامل جميع النواحى من تعليم وصحة وعمل وزواج وعدالة ورفاهية ونمو وازدهار دائم يلمسه مما يجعل الرعاية أيضا تتحقق، أى أن الأمن الاجتماعى له علاقة تكاملية مع الرعاية الاجتماعية .

دور الأسرة فى صناعة » واهتم د. صلاح الدين سلطان بقضية الأمن الاجتماعى في دراسته دار المعارف ٢٠١١ م بتعرف دور الأسرة فى « الأمن الاجتماعى – بحوث وروايات علماء المستقبل ضوء مؤسسات التنشئة الاجتماعية ومؤسسات اﻟﻤﺠتمع المدنى المتمثلة فى الأسرة ومؤسسات التعليم والضمان الاجتماعى والإعلام.

وتوصلت الدراسة إلى أن للأسرة دورا كبيرا فى صناعة الأمن الاجتماعى من خلال الحماية

من العادات والسلوكيات الخاطئة المتمثلة فى اﻟﻤﺨدرات والعنف ضد الأطفال والنساء وعدم التعاون بين الأفراد والمؤسسات المعنية بأمن الأسرة وعدم إشاعة المسئولية عن تحقيق أمن الأسرة وعدم استصدار قرار أو تشريع قانون يلزم بالدراسة وحضور دورات تأهيلية للزواج وعدم الإلحاح وعدم الإصرار على تيسير تكاليف وإجراءات الزواج لنحصر الحرام ونوسع الحلال ويطمئن الشباب إلى العفاف ويسكن الزوجان إلى بعضهما.

الأمن الاجتماعى رهن الأمن الاقتصادى من منظور » : بعنوان « سهيل حوامدة » وجاءت دراسة وهدفت إلى تعرف الترابط الوثيق بين الأمن « ٢٠١٢ م /٥/ جريدة السبيل ٢٤ » « إسلامى الاجتماعى والأمن الاقتصادى وكذلك تعرف معوقات كل من الأمن الاجتماعى والأمن الاقتصادى فى اﻟﻤﺠتمع المعاصر، وتوصلت تلك الدراسة إلى وجود ترابط بين الأمن الاجتماعى والأمن الاقتصادى فلا يوجد أمن اجتماعى بدون أمن اقتصادى وقد تأكد ذلك من خلال الآية الكريمة .( سورة قريش الآية ٥ ) « الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف » كما توصلت إلى وجود معوقات للأمن الاجتماعى والأمن الاقتصادى وهى متداخلة تشمل عدم

استغلال الثروات والموارد الطبيعية وعدم العدالة فى توزيع العائدات على اﻟﻤﺠتمع مما يؤدى إلى إضعاف الوضع الاقتصادى للدولة ويشير إلى وجود حالة متدنية من القدرة الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية للدولة .

ثم اهتم الباحث رياض هانى بهاء بموضوع الأمن الاجتماعى والعدالة فكانت دراسته بعنوان الحوار المتمدن العدد ٣٧٢٢ ، مايو ٢٠١٢ م .« العدالة البطيئة وانعكاسها على الأمن الاجتماعى » وهدفت إلى تعرف الانعكاسات القانونية للعدالة البطيئة. فى ضوء اﻟﻤﺠتمع المعاصر. على الأمن الاجتماعى وذلك من هلال ممارسة القضاء لقضاياه التى تمس النواحى الحياتية لأفراد اﻟﻤﺠتمع.

وتوصلت تلك الدراسة إلى أن تباطؤ القضاء في حسم الدعوى وفق الحق يولد شعور مقلقا وتتولد صراعات جديدة باتجاه العنف « الحل العشائرى » لطرفى الدعوى، ويصبح الاتجاه إلى يرافقها اضطراب لعوائل المتنازعين وتترسب أحقاد قد تنتهى بجرائم قتل.

كما توصلت إلى أن النزاعات البسيطة، التى لم يتمكن القضاء من حسمها والنظام القبلى من تهدئتها، بالتالى لها تأثير على الأمن الاجتماعى .

المؤسسات الأهلية وحماية الأمن الاجتماعى – بيروت – » وركز حسن على فى دراسته بعنوان على عدة أهداف أهمها . « دار السامى ٢٠٠٩

  • تعرف مظاهر الحماية فى الأمن الاجتماعى .
  • تعرف دور مؤسسات اﻟﻤﺠتمع فى تفعيل الأمن الاجتماعى.
  • تعرف الآليات التى استحدثت فى الأمن الاجتماعى.

والمظهر الاجتماعى للحماية يتمثل فيما يعرف برسوم الإغراق والرسوم الموازنة التى تطبق بصورة آلية بمجرد التقدير الكمى للإغراق أو الدعم واتضح أن هناك ضررا ماديا .

التى تقدم منافع نقدية « مساعدة التصحيح التجارى » ومن الآليات التى استحدثت ما يعرف ب وتتولى تدريب العمال الذين يفقدون وظائفهم ليتمكنوا من الحصول على فرصة عمل جديدة،

وتدفع إعانة بطالة بعد المدة المقررة للتأمين العادى ضد البطالة فى ضوء أحكام قانون الضمان الاجتماعى وهى ستة أشهر .

لمواجهة انعكاسات العولمة على أمنها الاجتماعى ، بخلق برامج الأمان الاجتماعى وتنظيمها بموجب قوانين تحفظ للإنسان كرامته وأمنه، نذكر منها :

١ – تأمين البطالة بما يوفر للعمال حماية أساسية للدخل عندما يتعطلون عن العمل مؤقتا

وبما يساعدهم على الحفاظ على الاستهلاك فى أوقات الشدة.

للعمال الذين سرحوا من وظائفهم لتحسين « إعادة التأهيل » ٢

 – 2برامج التعليم والتدريب

قدراتهم وبما يمكنهم من الحصول على وظائف أفضل .

٣ – تقديم قروض للطلاب الذين ينتمون إلى أسر منخفضة الدخل.

٤ – ومن عناصر شبكة الأمان للعمال ذوى الأجر المكتسب ، ومنافع التأمين الصحى المنخفض

.« ائتمان ضريبة الدخل » ومن هنا فإن مفاهيم الأمن الاجتماعى تدور حول توفير حالة الأمن والاستقرار والطمأنينة فى

اﻟﻤﺠتمع المحلى بحيث يستطيع الأفراد التفرغ للأعمال الاعتيادية التى يقومون بها ، وفى حالة

غياب الأمن فإن اﻟﻤﺠتمع يكون فى حالة شلل وتوقف؛ فالإنتاج والإبداع يزدهران فى حالة السلام والاستقرار .

الأمن القومي

أما مصطلح الأمن القومى والذى هو شائع فى العلوم الإنسانية فإنه يعبر عن الأمن الوطنى

للدولة المعاصرة ؛ حيث برزت العديد من الآراء والنظريات حول مفهوم الأمن القومى ، والأسس التى يعتمد عليها وظهرت مجموعة من المفردات كالأمن الاستراتيجى القائم على نظريات الردع والتوازن والأخطار المحتملة والتحرك الاستباقى واحتواء الأزمات . وأصبح تعريف الأمن وفقاً لهذا المفهوم حسبما أوردته دائرة المعارف البريطانية يعنى ” حماية الأمة من خطر القهر على يد .« قوة أجنبية . فى حين رأى بعض الباحثين أن الأمن يعنى ” حفظ حق الأمة فى الحياة ويرى الدكتور زكريا حسين أستاذ الدراسات الاستراتيجية بأن تعريف المفهوم الشامل للأمن هو ” القدرة التى تتمكن بها الدولة من انطلاق مصادر قوتها الداخلية والخارجية الاقتصادية والعسكرية فى شتى اﻟﻤﺠالات لمواجهة مصادر الخطر فى الداخل والخارج وفى حالتى السلم

والحرب . مع استمرار الانطلاق المؤَمّن لتلك القوى فى الحاضر والمستقبل ” .

الأمن الانساني

يركز مفهوم الأمن الإنسانى على الإنسان الفرد وليس على الدولة ، ويرى هذا المفهوم أن أية سياسة يجب أن يكون الهدف الأساسى منها هو تحقيق أمن الفرد بجانب أمن الدولة ؛ إذْ قد تكون الدولة آمنة فى حين يفتقر بعض من مواطنيها إلى الأمن لظروف عِدة بسبب الاختلال فى توزيع الثروة أو بروز الإثنية فى اﻟﻤﺠتمعات ذات الأعراق المتعددة أو لظروف طبيعية ومناخية تشكل لهم تحدياً دائما كالزلازل والبراكين والفيضانات أو الصراعات والنزاعات الانفصالية مما يتطلب توفير الأمن تدخل جهات إقليمية أو دولية .. وتنشط منظمات إنسانية لتوفير الرعاية والإغاثة عندما لاتستطيع الدولة توفير مثل هذه المتطلبات ففى التقرير الصادر عن برنامج الأمم Globalization With a Human Face عولمة ذات وجه إنسانى » المتحدة الإنمائى عام ١٩٩٩ م بعنوان حددت سبعة تحديات أساسية تهدد الأمن الإنسانى فى عصر العولمة . هى عدم الاستقرار « المالى وغياب الأمن الوظيفى المتمثل في عدم استقرار الدخل ، وغياب الأمن الصحى وبخاصة مع انتشار الأوبئة الفتاكة وغياب الأمن الثقافى بانعدام التكافؤ بين نشر الثقافات وسيادة الثقافة الغالبة وغياب الأمن الشخصى بانتشار الجريمة المنظمة واﻟﻤﺨدرات ووسائل الاحتيال المبتكرة من الغش والتزوير وغياب الأمن البيئى بانتشار التلوث ، والانحباس الحرارى وتغيير معالم البنية الطبيعية إضافة إلى غياب الأمن السياسى واﻟﻤﺠتمعى من خلال سهولة انتقال الأسلحة ووسائل الدّمار والعنف والتطرف والقتل الجماعى الذى يصل إلى حد الإبادة.

ويرتكز مفهوم الأمن الإنسانى بالأساس على صون الكرامة البشرية وكرامة الإنسان بتلبيةاحتياجاته المعنوية بجانب احتياجاته المادية .

ومما تقدم يظهر بجلاء أن مفهوم الأمن يتداخل بين ثلاث دوائر: الدائرة الأولى وهى الدائرةالإنسانية والتى تنطلق أساساً من حماية الإنسان بصفته إنساناً بغض النظر عن جنسة ودينهولونه وهذا ينطبق على اﻟﻤﺠتمعات الإنسانية سواء المتقدم منها أو تلك التى تعيش دون خط التمدن والتحضر وبالتالى فإن هذا المفهوم يغاير الأمن الفردى الذى يأتى فى سياق الأمن

الاجتماعى .

الدائرة الثانية وهى دائرة الأمن الوطنى ( القومى ) والذى يتعلق بحماية الدولة التى ينتمى إليها الأفراد والجماعات ، ويحظون بحمايتها ورعايتها فكما أن مسئولية الدولة هى حماية رعاياها، فإنه بالمقابل على رعايا الدولة أن يهبوا للدفاع عنها إذا ما واجهت أخطاراً تهدد كيانها السياسى أو تمس سيادتها . فالأمن فى هذه الدائرة ينطلق من الأمن الداخلى للدولة وتحصين

جبهتها الداخلية وإشاعة الأمن والاستقرار وبسط النظام وسيادة القانون وتحقيق العدالة والمساواة وفرص العيش الكريم لأبنائها ، مع العمل على توفير الأمن الخارجى من الأخطار القادمة عبر الحدود والتى تأتى ليس فقط من الدول بل من الجماعات والتنظيمات التى تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار بشتى الوسائل والأساليب . أما الدائرة الثالثة فهى التى تتعلق بالأمن الاجتماعى والذى يمكن النظر إليه على أساس أنه من مكونات الأمن الوطنى الذى تساهم فى تحقيقه مؤسسات اﻟﻤﺠتمع بدءاً من الأسرة التى تشكل النواة الأولى للمجتمعات البشرية ، ويرتكز الأمن الاجتماعى على منظومة العادات والتقاليد التى يؤمن بها اﻟﻤﺠتمع ، وعوامل الاستقرار القائمة على التفاهم والمعايشة وروح المواطنة والشعور بالانتماء والرغبة فى التعبير عن المشاركة الإيجابية فى خدمة الجماعة لتحقيق الذات من جهة والحصول على الرضا والقبول من الجماعة من جهة أخرى .

ومن الملاحظ التداخل العضوى بين مستويات الأمن الثلاثة: الإنسانى والوطنى (القومى) والاجتماعى، وربما تعود الفوارق بينها إلى سلم الأولويات وزاوية الرؤية . مما يعزز القول إن مسئولية تحقيق الأمن مسئولية فردية وجماعية فى آن واحد تقررها الحاجة إلى ممارسة الحياة

بعيداً عن أشكال التهديد ومظاهر الخوف والقلق .

_

مقومات الامن الاجتماعي

يعتبر الأمن الاجتماعى الركيزة الأساسية لبناء اﻟﻤﺠتمعات الحديثة وعاملاً رئيساً فى حماية منجزاتها والسبيل إلى رقيهّا وتقدمها؛ لأنه يوفر البيئة الآمنة للعمل والبناء ويبعث الطمأنينة فى النفوس ويشكل حافزاً للإبداع والانطلاق إلى آفاق المستقبل، ويتحقق الأمن بالتوافق والإيمان بالثوابت الوطنية التى توحّد النسيج الاجتماعى والثقافى الذى يبرز الهوية الوطنية ويحدد ملامحها ، حيث يكون من السهل توجيه الطاقات للوصول إلى الأهداف والغايات التى تندرج فى إطار القيم والمثل العليا لتعزيز الروح الوطنية وتحقيق العدل والمساواة وتكافؤ الفرص وتكامل الأدوار .

ومن الجدير بالذكر أن استتباب الأمن يساهم فى الانصهار الاجتماعى الذى يساهم فى إرساء قواعد المساواة فى الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين والعرق والمذهب. مع الإبقاء على الخصوصيات الثقافية التى تجسد مبدأ التنوع فى إطار الوحدة، وفى هذا صون للحرية واحترام لحق الإنسان فى الاعتقاد والعبادة بما لايؤثر على حقوق الآخرين فى هذا السياق .

أبعاد الامن الاجتماعي

على ضوء المفهوم الشامل للأمن ، فإنه يعنى تهيئة الظروف المناسبة التى تكفل الحياة المستقرة .

من خلال الأبعاد التالية : –

أولاً / البعد السياسى ، والذى يتمثل فى الحفاظ على الكيان السياسى للدولة ، وحماية المصالح العليا ، واحترام الرموز الوطنية والثوابت التى أجمع عليها غالبية أفراد اﻟﻤﺠتمع ، وعدم اللجوء إلى طلب الرّعاية من جهات أجنبية أو العمل وفق أجندة غير وطنية مهما كانت المبررات والذرائع ، وممارسة التعبير وفق القوانين والأنظمة التى تكفل ذلك، وبالوسائل السلمية التى تأخذ بالحسبان أمن الوطن واستقراره.

ثانياً / البعد الاقتصادى ، والذى يهدف إلى توفير أسباب العيش الكريم وتلبية الاحتياجات الأساسية ، ورفع مستوى الخدمات ، مع العمل على تحسين ظروف المعيشة ، وخلق فرص عمل لمن هو فى سن العمل مع الأخذ بعين الاعتبار تطوير القدرات والمهارات من خلال برامج التعليم

والتأهيل والتدريب وفتح اﻟﻤﺠال لممارسة العمل الحر فى إطار التشريعات والقوانين القادرة على مواكبة روح العصر ومتطلبات الحياة الراهنة .

ثالثاً / البعد الاجتماعى، والذى يرمى إلى توفير الأمن للمواطنين بالقدر الذى يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء ، والعمل على زيادة قدرة مؤسسات التوجيه الوطنى لبث الروح المعنوية ، وزيادة الإحساس الوطنى بإنجازات الوطن واحترام تراثه الذى يمثل هويته وانتماءه الحضارى واستغلال المناسبات الوطنية التى تساهم فى تعميق الانتماء ، والعمل على تشجيع إنشاء مؤسسات اﻟﻤﺠتمع المدنى لتمارس دورها فى اكتشاف المواهب ، وتوجيه الطاقات ، وتعزيز فكرة العمل الطوعى لتكون هذه المؤسسات قادرة على النهوض بواجبها كرديف وداعم ومساند للجهد الرسمى فى شتى اﻟﻤﺠالات .

رابعاً / البعد المعنوى أو الاعتقادى، وذلك من خلال احترام المعتقد الدينى بصفته العنصر الأساسى فى وحدة الأمة التى تدين بالإسلام وتتوحد مشاعرها باتجاهه ، مع مراعاة حرية الأقليات فى اعتقادها ، كما أن هذا البعد يتطلب احترام الفكر والإبداع ، والحفاظ على العادات الحميدة والتقاليد الموروثة بالإضافة إلى القيم التى استقرت فى الوجدان الجمعى ، ودرج الناس على الإيمان بها .

خامساً / البعد البيئى، والذى يهدف إلى حماية البيئة من الأخطار التى تهددها كالتلوث وبخاصة فى التجمعات السكنية القريبة من المصانع التى تنبعث منها الغازات التى تسهم فى تلوث الهواء ، والإضرار بعناصر البيئة الأخرى من نبات ومياه ، إضافة إلى مكافحة التلوث البحرى الذى يضر بالحياة المائية والثروات السمكية التى تشكل مصدراً من مصادر الدخل الوطنى . وهذا ما تنص عليه التشريعات المتعلقة بحماية البيئة والإجراءات المتبعة للحد منمصادر التلوث .

ومما يلاحظ أن الأبعاد الأمنية المشار إليها تعالج وفق مستويات أربعة هى: أمن الفرد وأمن

الوطن وأمن الإقليم والأمن الدولى ، حيث يسعى الفرد إلى انتهاج السلوك الذى يؤمنه من

الأخطار التى تهدد حياته أو أسرته أو ممتلكاته من خلال ما يملك من الوعى ، وباتباع

الإجراءات القانونية لدرء هذه الأخطار ، واللجوء إلى القانون لتوفير الأمن مع الحرص على حياة

الآخرين وعدم التعدى والتجاوز ، كما أن من مقومات الحماية الفردية توفير مستلزمات السلامة

العامة .

أما أمن الدولة فهو منوط بأجهزتها المتعددة التى تسخر كل إمكاناتها لحماية رعاياها

ومنجزاتها ، ومرافقها الحيوية من الأخطار الخارجية والداخلية ، وتكون مسئولية الجماعاتوالأفراد التعاون مع أجهزة الدولة فى تنفيذ سياستها .

ويتحقق الأمن الإقليمى من خلال التعاون مع الدول التى ترتبط بوحدة إقليمية لحمايةمصالحها ، تحددها الاتفاقيات والمواثيق ويكون التنسيق على مستوى مواجهة الأخطار الخارجيةوالداخلية ، ولعل مجلس التعاون الخليجى خير مثال على التعاون الإقليمى لحفظ الأمن إضافة إلى التعاون فى اﻟﻤﺠالات الأخرى .

أما الأمن الدولى فهو الذى تتولاه المنظمات الدولية سواء من الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولى وما يصدر عنهما من قررات وما يتم إقراره من اتفاقيات ومواثيق للحفاظ على الأمن والسّلم الدوليين .

عوامل تهديد الامن الاجتماعي

سبق وأن أشرنا إلى أن الأمن الاجتماعى يقع ضمن مفهوم الأمن الوطنى ( القومى ) إلاّ أنه يرتبط بالعوامل الداخلية المؤثرة وهو بهذه الحدود يعنى حماية اﻟﻤﺠتمع من الجرائم الواقعة والمتوقعة .

وأن القصد من الأمن الاجتماعى هو تحقيق الاستقرار ، كما أنه احترام حقوق الآخرين وصون الحرمات، كحرمة النفس والمال والأعراض بما يساهم فى خلق التوافق وبخاصة الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم » إذا انعدم الظلم وساد ميزان العدل حيث ورد فى محكم التنزيل ومن هنا يأتى الربط بين الأمن والإيمان ، فمن مقومات « بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون

الأمن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لحفظ النظام العام والعمل بأوامر الإسلام ، ويعرف د.

محمد عمارة الأمن الاجتماعى بأنه الطمأنينة التى تنفى الخوف والفزع عن الأفراد والجماعات

الأمن أهنأ عيش » : فى سائر ميادين العمران الدنيوى والمعاد الأخروى. وقد قال بعض الحكماء

وعليه فإن الظلم من أبرز عوامل تهديد الأمن الاجتماعى ونقض دعائمه. « والعدل أقوى جيش

الآفات والامراض التي تهدد الامن الاجتماعي

١ – الانحراف: وهو الابتعاد عن المسار المحدد وانتهاك القواعد والمعايير ومجانبة الفطرة السليمة واتباع الطريق الخطأ المنهى عنه حكما وشرعاً ويأخذ الانحراف أشكالاً عديدة منها:

ما يتعلق بجرائم الاعتداء على النفس، ومنها جرائم الاعتداء على الممتلكات، ومنها ما يتصل بالجرائم المنافية للأخلاق كما أن بعض أشكال الانحراف تستهدف النظام الاجتماعى كالحرابة والاحتكار .

٢ – الغلو: ويعنى التجاوز اﻟﻤﺠانب لحد الاعتدال .

 ولعل أخطر أشكال الغلو هو الغلو في الاعتقاد الذى يعتمد المنهج التكفيرى لمن سواه ، مما يبيح له ارتكاب الجرائم بحقه ومنابذته ومعاداته.

كما أن الغلو فى التفكير والزعم باحتكار الحقيقة يولد الضغائن والأحقاد ويوقع القطيعة بين أبناء اﻟﻤﺠتمع الواحد؛ مما يدفع إلى تقويض الأمن الاجتماعى وزعزعة أركانه .

٣ – اﻟﻤﺨدرات: وهى من أخطر الآفات التى تهدد اﻟﻤﺠتمع وتعبث بكيانه واستقراره لما تتركه من آثار سلبية على صحة الأبدان والعقول ، وتبديد للطاقات والثروات ، وما تورثه من خمول واستهتار ، تفسد معه العلائق الاجتماعية ، وتشكل بوابة لارتكاب جرائم أخرى كالسرقة

والاغتصاب ، وأحيانا القتل .

٤ – الفقر : يعتبر الفقر من أبرز المشكلات الاجتماعية والاقتصادية؛ حيث يؤدى الحرمان والعوز إلى بروز حالات الجنوح التى تدفع أصحابها إلى السرقة والانتقام، وتشكل بيئات الفقر مناخاً مناسباً للانحراف الاجتماعى الذى يهدد قيم اﻟﻤﺠتمع ويبث الخوف والقلق ، وبخاصة لدى الأطفال الذين يحرمون من مقومات الحياة من المأوى والرعاية والتعليم حيث تظهر حالات التشرد والعدوان؛ مما يشكل إخلالاً فى توازن البنية الاجتماعية ودافعاً إلى العنف والتدمير .

المكونات الاساسية لمكافحة الآفات التي تهدد الامن الاجتماعي

يمتلك اﻟﻤﺠتمع القدرة على تفعيل أدوات الضبط الاجتماعى ومعالجة الاختلالات الناشئة من خلال دراسة الظواهر الاجتماعية السلبية ، والنفاذ إلى أسبابها ، ووضع الحلول الناجحة لها؛ حيث تتولى الدولة بما تملك من أجهزة وقدرات التصدى لكل الأخطار ، وتتبع من الوسائل والأساليب ما يكفل معالجة الاختلالات عن طريق وضع الخطط الاستراتيجية فى رسم صورة المستقبل وتحسين الأوضاع المعيشية ، فالخطط التنموية ترصد الجانب المعيشى وتسعى إلى زيادة معدلات الدخل ، والأخذ بيد الفئات الأقل حظاً؛ لتنال نصيبها من الرعاية ، كما تقوم المؤسسات التربوية بإعداد النشء اجتماعياً ونفسياً ومعرفياً ليكونوا مواطنين صالحين ، وفيما

يتعلق بالتصدى للجرائم فإن الدولة بما تملك من جهاز قضائى وأمنى قادرة على تجفيف منابع الجريمة ، إضافة إلى الإجراءات للتخفيف من آثارها. على أن هذا الدور الأساسى للدولة فى تحقيق الأمن الاجتماعى والتصدى للآفات التى تهدده لابد وأن يحظى بمساندة مؤسسات اﻟﻤﺠتمع المدنى الدينية منها والخيرية والشبابية والتطوعية ، ومنها يبرز دور المسجد فى تهذيب الأخلاق والحث على المكارم ، والتحذير من الفتن؛ فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، والصوم جُنة ، والذكر غذاء الروح ، ومبعث الطمأنينة ، وهنا يأتى دور الوعاظ فى التوجيه والإرشاد وتعريف الناس بالأحكام والحلال والحرام .

كما تشكل النوادى والجمعيات الخيرية داعماً رئيساً فى مكافحة الآفات الاجتماعية عن طريق توجيه طاقات الشباب إلى العمل النافع والابتعاد عن رفاق السوء من خلال الانخراط فى النشاطات الهادفة والأعمال التطوعية التى تعود عليهم وعلى اﻟﻤﺠتمع بالنفع والفائدة .

ولابد فى هذا المقام من إبراز دور أجهزة الإعلام المطبوع منها ، والمسموع والمرئى والتى تساهم بشكل فاعل فى خلق الرأى العام، والتوجيه بما لديها من حضور ، وقدرة على الانتشار ومما تملك من سلطة معرفية ومعنوية .

وتبقى الأسرة الحاضن الأول وحجر الأساس فى البناء التربوى، فالتربية الصالحة المسئولة تقدم للجميع أفراداً أسوياء قادرين على المشاركة فى بنائه بكفاءة ، واقتدار ، وأما إذا ما أخلّت الأسرة بواجبها ، وعانت التفكك ، فإن اﻟﻤﺠتمع بكامله سيدفع الثمن.

وتكمّل المدرسة والجامعة ما بدأت به الأسرة من الإعداد والصقل وغرس القيم والفضائل ، وتزويد الأجيال بالمعرفة والخبرة ليكونوا أعضاء صالحين فى مجتمع صالح تسوده العدالة والمساواة تحت مظلة الأمن والأمان .

دور الثقافة فى تحقيق الامن الاجتماعي

وعلى ضوء ما تم بحثه من مفاهيم وركائز ومقومات الأمن الاجتماعى فإن هناك عوامل تهدد الأمن الاجتماعى بل كل ما يندرج تحت مفهوم الأمن عموما .. منها تلك الآفات الاجتماعية مثل:

الانحراف واﻟﻤﺨدرات والفقر والبطالة، التى تؤدى إلى جرائم السرقة والقتل والبلطجة التى تتمثل فى الاعتداء على حرية الآخرين وممتلكاتهم .. ومن هنا تبرز أهمية دور مؤسسات الدولة ومؤسسات اﻟﻤﺠتمع المدنى فى مواجهة تلك اﻟﻤﺨاطر التى تهدد الأمن الاجتماعى .

ومن أبرز تلك المؤسسات، المؤسسات الصحفية والإعلامية لما لهما من دور إرشادى وتنويرى فى مجتمعاتنا العربية، التى مازالت تمثل الأمية نسبة كبيرة بين أفرادها.

فللصحافة دور إيجابى مؤثر وعميق فى تحقيق الأمن الاجتماعى؛ إذا التزمت بالأمانة والصدق والموضوعية والتجرد والحرص على تحرى الحقيقة والبعد عن التهويل والإثارة.

وهذا يتطلب اختيار الكوادر الصحفية القادرة على تقديم المعرفة الثقافية، وأن يكونوا ملتزمين أخلاقيا ووطنيا بتقديم الحقيقة والحرص على أمن وطنهم ومجتمعها.

مؤسسة دار الهلال نموذجا

ولما كان الموضوع متشعب المرامى يتطلب معالجات عديدة ومتنوعة وخاصة أن على كل

المؤسسات أدواراً فعالة وإيجابية لتحقيق الأمن الاجتماعى سوف أتناول فى هذا البحث دور مؤسسة دار الهلال الصحفية التى أشرف بالعمل فيها منذ أكثر من أربعين عاما فى تحقيق الأمن الاجتماعى. دار الهلال صرح ثقافى رائد فى العالم العربى نشأ منذ عام ١٨٩٢ م، أى أكثر من قرن من الزمان، وقامت إصداراتها بدور مهم ورائد وإيجابى فى هذا الاتجاه، منذ صدرت مجلة الهلال فى سبتمبر ١٨٩٢ م ثم توالت الإصدارات التى تحمل رسائل متنوعة للمجتمع فى كل زمان ومكان منها:

– مجلة المصور التى صدرت عام ١٩٢٤ م وعنيت بالشئون السياسية والاجتماعية فى مصر والعالم.

– مجلة الكواكب التى صدرت عام ١٩٣٢ م وعنيت بالشئون الفنية من تمثيل مسرحى وسينمائى وفنون الموسيقى والغناء والأوبرا والفنون التشكيلية.

– مجلة حواء التى صدرت فى يناير عام ١٩٥٥ م ، وعنيت بأحوال المرأة المصرية والعربية، الإسلامية وقضاياها، فتناولت العديد من شئون المرأة والطفل والأسرة العربية وكانت تهتم منذ البداية بما يسمو بوجدان المرأة من خلال آراء واجتهادات نخبة ممتازة من رجال علم الاجتماع والثقافة والدين، حيث شهدت صفحاتها اهتماما خاصا بتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى بعض فى فترة رئاسة « فى نور الهدى » النساء عن الدين الإسلامى، فخصصت اﻟﻤﺠلة بابا تحت عنوان ١٩٩١ م يرد فيه الشيخ محمد متولى الشعراوى على أسئلة – السيدة سعاد حلمى للمجلة ١٩٨١ القارئات، انطلاقا من مفهوم أن المرأة المتدينة التى تتسم بالحشمة وتتصف بالوقار، وتعرف أصول دينها الحنيف هى الركن الأساسى لبناء الأسرة العربية، وتنشئة الأجيال الجديدة تنشئة صحية سليمة، تقوم على التمسك بقيم الدين والأخلاق السامية والقيم الرفيعة .

كما أصدرت دار الهلال عدة مجلات للأطفال هى :

– مجلة سمير عام ١٩٥٦ م.

– مجلة ميكى عام ١٩٥٩ م.

بهدف تقديم المعلومة المبسطة مع القيم النبيلة والأخلاق الحميدة للأطفال ونشر الوعى والثقافة من خلال القصص المصورة، التى تحفز النشء علي التمسك بالقيم، والمثابرة على بناء الشخصية الإيجابية الشجاعة التى تخدم وطنها، وتدافع عنه وقت المحن وتنمى فيه الانتماء لوطنه ودينه وقيمه بعد أن تعلمه معنى احترام الوالدين وتقدير الكبير .

بجانب تلك الإصدارات من اﻟﻤﺠلات الأسبوعية والشهرية، أصدرت مؤسسة دار الهلال مجلة عام ١٩٦١ م، لنشر الوعى الصحى السليم بين المواطنين وتحذيرهم من مخاطر « طبيبك الخاص » أمراض العصر الكثيرة وبالتالى دعوته للتمسك بالقيم الإسلامية السامية والأخلاق الحميدة، التى تبعدهم عن مواطن الشبهات التى تجلب لهم الأمراض الخطيرة مثل: اﻟﻤﺨدرات والعلاقات غير المشروعة والمشروبات الكحولية وغيرها من ممارسات خاطئة.

وإذا كانت هذه هى إصدارات مؤسسة دار الهلال من مجلات ومطبوعات فإن ﻟﻤﺠلة الهلال – التى أشرف برئاسة تحريرها منذ مايو ٢٠٠٩ م دوراً مؤثراً ومهماً فى تحقيق الأمن الاجتماعى .

كان الحرص كبيرا « ١٩٥٢ م » وكتاب الهلال « ١٩٤٩ م » فمن خلال مجلة الهلال وروايات الهلال

على ألا تنشر إلا كل ما يتفق مع قيم مجتمعنا وأخلاقنا وعاداتنا العربية والإسلامية والتصدى لكل رؤى الفساد والانحلال بدعوى حرية الفكر أو حرية الإبداع .

وقد حرصت مجلة الهلال أن تقدم وتكرم شوامخ الأمة العربية والإسلامية كرواد للفكر المستنير، الراحلين منهم ، ومن هم على قيد الحياة، الذين قدموا لأمتهم خلاصة جهدهم وفكرهم وحافظوا على تراثنا العربى والإسلامى الأصيل، ودافعوا عن كل قيمنا العربية الأصيلة، فى مواجهة الدعوات الهدامة والمذاهب الوافدة، التى حاولت هدم حصوننا الأصيلة وزعزعة أمننا الاجتماعى .

» وكان آخر عدد قدمناه عن المفكر العربى والإسلامى العملاق عباس محمود العقاد١٨٩٨ الذى قدم عطاء كبيرا للأدب والفكر والثقافة العربية والإسلامية ، وكان سدا شامخا « ١٩٦٤ م أمام كل سهام أعداء العروبة والإسلام . لقد حرصنا على إصدار أعداد خاصة سواء عن الشخصيات الرائدة التى قدمت عطاء ثقافيا وفكريا وإنسانيا لأمتها ودينها، كما أصدرنا أعدادا خاصة تناولت ملفات مهمة منها: ملف عن اللغة العربية والتحديات التى تواجهها ، وكيفية النهوض بها باعتبارها أهم حصون حضارتنا العربية والإسلامية، شارك فيه نخبة من المتخصصين، كما قدمنا ملفا خاصا عن الفكر الإسلامى فى مواجهة تحديات العصر .

وقد حرصنا على أن نطرح فى إصداراتنا موقف الإسلام من قضايا العصر اﻟﻤﺨتلفة ومحاولة المواءمة بين الأصالة والمعاصرة فى حياتنا وفى فكرنا، وفى نهضتنا العربية والإسلامية والتأكيد دوما على أن ديننا الإسلامى الحنيف لا يتعارض مع الأخذ بأسباب التقدم والتطور والنهوض ومواكبة متطلبات العصر ومعطياته، وفى الوقت نفسه حرصنا على معالجة قضية ثورة المعلومات وحرية تداول المعلومة مع التأكيد على أننا نأخذ منها ما يناسبنا، ونرفض ونتجاهل كل ما يتعارض مع قيمنا وثوابتنا.

وبعد، فهذه إطلالة سريعة لدور مؤسسة دار الهلال الصحفية بصفة عامة ودور مجلة الهلال بصفة خاصة فى الحرص على نشر كل ما هو مفيد مع الالتزام بالأمانة والصدق والموضوعية، والحرص على تحرى الحقيقة لهدف واحد ووحيد هو الإسهام فى خدمة اﻟﻤﺠتمع وتنويره وتحقيق الأمن الاجتماعى للجميع، والذى بدوره سيحقق الأمن والأمان والاستقرار والتطور والتقدم والنهضة التى هى غاية ديننا الإسلامى الحنيف.

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button