روسيا الاتحادية في البيئة الامنية الدولية: التحديات والمواقف

 بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي، برزت روسيا الاتحادية بوصفها الوريث الشرعي لبعض عوامل القوة لهذا الأخير، كما ورثت أيضا مكامن الضعف والمشاكل التي كان يعاني منها الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي أدخل روسيا في أزمة شاملة متعددة الأوجه، سياسيا، اقتصادي واجتماعي، وعسكريا كادت أن تؤدي بها إلى التفكك والاندثار، مما أضطرها إلى التوجه نحو الغرب والولايات المتحدة تحديدا، لطلب المساعدات المالية للخروج من أزمتها الخانقة. في ضل ضعف الجبهة الداخلية، تعرضت روسيا على المستوى الخارجي إلى سياسة غربية أطلسية – أجبرتها على التخلي عن مكانتها كقوة عظمى – أدت بالنتيجة ليس فقط إلى عزلها، محاصرتها وتهديد أمنها القومي ، بل أكثر من ذلك تهميش دورها في القضايا ا لأ

منية والاقتصادية والسياسية العالمية ، إلى درجة حصول حرب ضد أقرب أصدقائها في البلقان، ومحاولة ضم دول الجوار إلى الحلف الأطلسي كانت بالأمس القريب تشكل الحزام الأمني لها في مواجهة الغرب، ناهيك عن نشر الدرع الصاروخي بالقرب من حدودهاء لكن بعد تولي فلاديمير بوتين السلطة عام 1999، عمل هذا الأخير على تنفيذ برنامج إصلاحي عميق بشقيه الداخلي والخارجي، على المستوى الداخلي قضى على الاختلالات الموجودة على مستوى النظام السياسي، وتعزيز دولة القانون في إطار السلطة العمودية، بينما

على الصعيد الخارجي كان هدفه استعادة روسيا لمكانتها كقوة عظمى في العالم. التحقيق ذلك أقدم بوئين على توظيف عوامل القوة التي تمتلكها روسيا في تحقيق طموحاتها ، والمتمثلة في اتباع سياسة خارجية برغماتية تهدف بالأساس إلى صيانة المصالح الحيوية الروسيا عبر العالم، وخاصة تعزيز وترقية التعاون والتوجه نحو الشرق بدلا من الغرب، وكذا استعمال مواردها الطاقوية كوسيلة ضغط لتحقيق أهداف سياسية واستراتيجية، ولعب أدوار محورية في سوق الطاقة العالمي، وثالثا تطوير المجمع الصناعي العسكري والعودة إلى سوق السلاح العالمي، واللجوء إلى استخدام القوة العسكرية كما يظهر في الحالة السورية، التي فرضت فيها روسيا منطق الأمر الواقع والنتيجة أن روسيا استطاعت تجاوز أزماتها الداخلية، واسترجعت جزء من مكانتها المفقودة على الساحة الدولية- وإن لم ترق بعد إلى مكانة الاتحاد السوفييتي سابقا – الأمر الذي يتطلب المزيد من العمل والوقت والإرادة السياسية والرؤية الاستراتيجية بعيدة الأمد.

الكلمات المفتاحية: روسيا الاتحادية، الخارج القريب، الجيوبوليتيك، الدبلوماسية الطاقوية، القوة العسكرية، المكانة الدولية.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button