سوسيولوجية الـرابط الاجتماعي: بناءات مفاهيمية ومسارات نظرية

ما الذي يجعل المجتمع أو المجتمعات تستمرّ في تواجدها؟ لماذا يواصل الأفراد، رغم الاختلافات الموجودة بينهم، في العيش بجوار بعضهم بعضاً؟ ما الذي يجعل العيش داخل المجتمع ممكناً؟؟؟… تساؤلات واستفهامات راودت الإنسان الأوّل وما تزال تؤرّق الإنسان المعاصر.
كان هذا السؤال وراء الكثير من الطروحات القائمة وراء انبثاق السوسيولوجية الكلاسيكية، التي جعلت منه محور الجدال والحوار وقاعدة لفتح أغلب ملفات المجتمع في علاقته بالفرد وفي ارتباطاته بذاته ومؤسّساته، وثقافته وسيرورة وجوده، ووضعها على طاولة التفكيك والحفر الإبستيمي والتاريخي وحتّى الفلسفي…
كانت الإجابة الأوّلية والمقنعة سلفاً – أو مبدئيّاً – لهذا السؤال، وما وراءه من تساؤلات، تكمن في تبريرية تدّعي وجود روابط اجتماعية بين الأفراد، وعلاقات تجمعهم وتبادلات توحّدهم منذ الأصل الأزلي لوجودهم الإنساني… وقصد الخروج من الطرح الفلسفي الغائي تمّ تجميع شحنة هذا السؤال في إجابة اختزالية تُخفي عمقاً بعيداً في التحليل، وبوتقته في مفهوم واحد ما يزال في طور التأسيس والتشكّل، إنّه الكلمة المفتاحية لكلّ ما سبق، ألا وهو “الرابط الاجتماعي”. فما هو هذا الكائن المفاهيمي في بنيته؟ وما مساراته النظرية في علم الاجتماع بين الأمس والراهن؟…