دراسات اقتصادية

سياسات الطاقة المتجددة إقليميــا وعــالميا

تلعب كل من الإمكانات الطبيعية المتاحة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة إلي جانب سياسات تحسين كفاءة الطاقة أدوراً رئيسية في استدامة الطاقة، وذلك شريطة الاستفادة من الإمكانات والمصادر بحسب جدواها الفنية والاقتصادية في تطبيق حزمة من السياسات تأخذ في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للفئات المختلفة في كل بلد، مع إيجاد قناعات تتمثل في ضرورة الحفاظ علي موارد الطاقة المتاحة والحد من تلوث البيئة، وهو ما يستدعي تكاتف الجميع –كل في مجاله- للوصول إلي هدف محدد وواضح في يتمثل في استدامة الطاقة والمزيد من المشاركة المحلية في تصنيع المنتجات، وهو ما يعمل علي الوفاء باحتياجات مشروعات التنمية ورفع مستوي المعيشة لمواطني هذه الدول وخاصة في المناطق الريفية، وخلق فرص عمل، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتشجيع القطاع الخاص علي المشاركة بفعالية في هذا المجال.

ويعتبر توافر خدمات الطاقة اللازمة لتلبية الاحتياجات البشرية ذو أهمية قصوى بالنسبة للركائز الأساسية الثلاثة للتنمية المستدامة. ويؤثر الأسلوب الذي يتم به إنتاج هذه الطاقـة وتوزيعها واستخدامها على الأبعاد الاجتماعيـة والاقتصادية والبيئية لأي تنمية محققة.

وتتضمن القضايا الاجتماعية المرتبطة باستخدام الطاقة: التخفيف من وطأة الفقر، وإتاحة الفرص أمام المرأة، والتحول السكاني (الديمغرافي) والحضري. إذ يؤدي الوصول المحدود لخدمات الطاقة إلى تهميش الفئات الفقيرة وإلى تقليل قدرتها بشكل حاد على تحسين ظروفها المعيشية؛ فحوالي ثلث سكان العالم لا تصل إليهم الكهرباء، بينما تصل إلى الثلث الآخر بصورة ضعيفة، كما أن اعتماد سكان المناطق الريفية على أنواع الوقود التقليدية في التدفئة والطهي له تأثيرات سلبية على البيئة وعلى صحة السكان. وبالإضافة إلى ذلك ما زال هناك تباين كبير بين الدول المختلفة في معدلات استهلاك الطاقة، فالدول الأكثر غنى تستهلك الطاقة بمعدل يزيد 25 ضعفاً لكل فرد مقارنة بالدول الأكثر فقراً.

وعادة ما تعتمد التنمية الاقتصادية المحلية، وبخاصة في المناطق الريفية، على توافر خدمات الطاقة اللازمة سواء لرفع وتحسين الإنتاجية أو للمساعدة على زيادة الدخل المحلي من خلال تحسين التنمية الزراعية وتوفير فرص عمل خارج القطاع الزراعي. ومن المعلوم أنه بدون الوصول إلى خدمات طاقة ومصادر وقود حديثة يصبح توفر فرص العمل وزيادة الإنتاجية وبالتالي الفرص الاقتصادية المتاحة محدودة بصورة كبيرة. أما التأثيرات البيئية الناجمة عن استخدام الطاقة، وخاصة غير السليم منها، فتظهر على مستويات عديدة محلياً وعالمياً، ويمكن أن تتسبب في عواقب مثل التصحر، وتلوث الهواء، والتغير المناخي ويمثل احتراق الوقود الأحفوري أحد مصادر تلوث الهواء المدمرة للصحة، وخاصة انبعاث غازات الدفيئة.

الطاقة الكهربية في الوطن العربي

إن توفر إمدادات وخدمات الكهرباء ومصادر الطاقة الحديثة الأخرى يعتبر مطلباً ضرورياً، ولكنه غير كاف للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ يتطلب تقليص الفقر أشياء أخرى كتوافر الماء النظيف، والخدمات الصحية الملائمة، ونظام تعليم جيد، وشبكات اتصال، إلا أن إتاحة الطاقة الرخيصة تظل ضرورة لا غنى عنها؛ فالكهرباء توفر أفضل وسائل الإضاءة وأكثرها كفاءة، كما أنها لازمة لتشغيل جميع الأجهزة المنزلية. كما أن الكيروسين وغاز البترول المسال يتميزان بكفاءة أعلى من وقود الكتلة الحيوية التقليدي المستخدم في الطهي، ويعتبر الديزل ووقود الزيت الثقيل أكثر كفاءة اقتصادية في مجالات التدفئة. أما بالنسبة لأنواع الوقود الأساسية المستخدمة في النقل فمازال الديزل والجازولين في موقع الصدارة.

وتشير الدراسات إلي أن حوالي 64.3 مليون نسمة في الدول العربية، (يمثلون نسبة 4ر21%) من السكان في عام 2003، لم تصل إليهم الكهرباء، وهو ما يعتبر بمثابة ناقوس خطر لضرورة بدء جهود جادة وفعالة للحد من الفقر ونقص إمدادات الطاقة. على جانب إنتاج الطاقة، يتميز قطاع الطاقة العربي، بوجود قطاع ضخم للنفط والغاز وكذا قطاع كبير لتوليد الكهرباء، تغلب عليه نظم التوليد الحراري. أما من ناحية الاستخدام النهائي فالقطاع يخدم كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية إلا أن أكثرها استهلاكاً للطاقة في المنطقة يتمثل في قطاعات النقل، المباني (السكنية والتجارية) والصناعة وقطاع توليد الكهرباء.

في العام 2006 بلغ إجمالي قدرات التوليد المركبة حوالي 137 ج.و.، في حين سجل الحمل الأقصى 113 ألف ميجاوات [[1]]، وهو ما يدل علي تزايد معدلات الاستهلاك الناتجة عن التوسع في مجالات البنية التحتية والصناعية وغيرها وأيضا عدم ترشيد الاستهلاك. هذا وتبلغ الطاقة الكهربائية المولدة في العالم العربي نحو 623 ألف ج.و.س. للعام 2006، بزيادة مقدارها 5.4% عن العام 2005.

تمثل المحطات الحرارية 92.67% من محطات توليد الطاقة الكهربائية، في حين تشارك الطاقة المائية بإجمالي قدرات تبلغ 9581 م.و. تتركز في مصر والعراق والمغرب وسوريا، وتمثل نحو 7% من القدرات المركبة أما النسبة المتبقية فتغطيها طاقة الرياح، وهو ما يعني أن الاعتماد الأساسي في توفير الطاقة الكهربائية في الدول العربية يتركز علي استخدام المحطات الحرارية وبالتالي تزايد استخدام الوقود الأحفوري مما يرفع معه معدلات تلوث البيئة.

مصــادر الطاقة النظيفة

انتشر استخدام طاقة الرياح في العديد من بلدان العالم وإن تركزت أكبر هذه المعدلات في بعض البلدان الأوربية، فالدنمرك تحصل علي حوالي 15 % من طاقتها الكهربائية من توربينات الرياح، وفي أجزاء من ألمانيا يتم توليد حوالي 75 % من الطاقة الكهربائية من الرياح، وفي مقاطعة بامبيلونا/أسبانيا تمثل نسبة القدرات المركبة من مزارع الرياح المرتبطة بالشبكة 50 % من إجمالي القدرات اللازمة للمقاطعة، علما بأن إجمالي القدرات العالمية من التوربينات قد بلغت 93881 ميجاوات ببداية 2008[[2]]، أي بزيادة مقدارها 25 % عن العام 2006. وقد أدت الزيادة العالمية في نمو تركيبات توربينات الرياح إلي تشبع مصانع الإنتاج إلي حد توقيع عقود تنص علي بدء توريد التوربينات بعد عامين علي الأقل من تاريخ التوقيع، في حين أنها لم تكن تستغرق في الماضي سوي شهور معدودة. هذا علي الرغم من ارتفاع أسعار التوربينات بنحو 35 % كنتيجة لزيادة الطلب عليها وأيضا للزيادة العالمية في أسعار المواد الخام والتي انعكست بطبيعة الحال علي أسعار التوربينات الحرارية. وبالنظر إلي خريطة مزارع الرياح في الوطن العربي لعام 2007 نجد أن مصر والمغرب وتونس تتصدر الدول العربية بإجمالي قدرات مركبة 310 م.و.، 124 م.و.، 20 م.و.، علي الترتيب، لتبلغ مساهمة طاقة الرياح نحو 0.17 % من إجمالي القدرات المركبة بالوطن العربي وهي مساهمة صغيرة ومحدودة خاصة إذا قورنت بقدرات المحطات الحرارية.

من ناحية أخري، فمنذ سنوات عديدة توقع الكثير من الخبراء أن تزيح الطاقة الشمسية النفط كوقود لكن النتائج –حتى الآن- كانت مخيبة للآمال، فباعتبار أن الشمس متوافرة بصورة كبيرة، ظن الكثيرون إمكانية تلبية كل احتياجاتنا من الطاقة دون جهد يذكر، لكن من منظور واقعي نري أن الفرص مشجعة بصورة حذرة، فالدول العربية تتمتع بتوافر معدلات مرتفعة من الإشعاع الشمسي الكلي تتراوح بين 4-8 كيلو وات ساعة/م2/يوم، كما تتراوح كثافة الإشعاع الشمسي المباشر بين 1700 – 2800 كيلو وات ساعة/م2/السنة، مع غطاء سحب منخفض يتراوح من 10 % إلي 20 % فقط علي مدار العام وهي معدلات ممتازة وقابلة للاستخدام بشكل فعال مع التقنيات الشمسية المتوافرة حاليا.

أيضا، تنتشر –في بعض الدول العربية- استخدام الطاقة الشمسية في مجالي التسخين المنزلي للمياه وفي تحلية المياه، كما هو الحال في الإمارات العربية المتحدة، وسوريا، ولبنان، وفلسطين، والأردن، ومصر، بالإضافة إلي وجود العديد من مصانع إنتاج أنظمة التسخين الشمسي للمياه في العديد من الدول العربية، ففي الأردن يوجد 25 مصنع تنتج 4000 نظام تسخين شمسي للمياه سنويا، وقد بلغ مجموع ما تم تركيبه في الأردن نحو 700 ألف متر مربع من المجمعات الشمسية حتى العام 2006. وفي فلسطين تستخدم أجهزة التسخين الشمسي للمياه في حوالي 70 % من المنازل، مع وجود 10 مصانع في الضفة الغربية وخمس مصانع في قطاع غزة. أما في مصر فقد تم تنفيذ بعض المشروعات الريادية في مجال التسخين الشمسي للمياه لدرجات الحرارة المتوسطة واستعادة الحرارة المفقودة بالتعاون مع بعض الجهات الأجنبية، ويصل عدد السخانات الشمسية المستخدمة في المنازل إلي نحو 250 ألف سخان أي ما يعادل نحو 500 ألف متر مربع. إلا أن التطور الأهم لاستخدام الطاقة الشمسية في الدول العربية هو بدء الدخول في نظم التوليد الشمسي الحراري للكهرباء إلي حيز التطبيق، ففي مصر تم البدء في تركيب محطة شمسية حرارية بالتكامل مع الدورة المركبة “Integrated Solar Combined Cycle, ISCC” بقدرة 140 ميجا وات ويتوقع ربطها بالشبكة الكهربائية أواخر عام 2010، وفي المملكة المغربية يجري الإعداد لبدء مراحل إنشاء محطة مماثلة بقدرة 470 م.و. منها 20 م.و. من الطاقة الشمسية، أما في الجزائر فقد تم توقيع عقد إنشاء محطة شمسية حرارية مشابهة بنظام (إنشئ، تملك، شغل، انقل)  “Build, Own, Operate, and Transfer, BOOT” بقدرة 150 م.و. منها 25 م.و. من الطاقة الشمسية.

تعد الكتلة الإحيائية أحد مصادر الطاقة التي شاع استخدامها في القرون الماضية خاصة قبل ظهور النفط، وتتكون الكتلة الإحيائية من مواد محلية (مثل مخلفات المحاصيل، والخشب، وروث الحيوانات… الخ) وعلى الرغم من أن كثير من دول العالم قد انتقلت من استخدام هذا المصدر إلى مصادر الطاقة الأحفورية وبخاصة مع إنتاج النفط، إلا أن الكتلة الإحيائية لا تزال المصدر الوحيد للطاقة لأكثر من 2 مليار نسمة يعيش معظمهم في جنوب آسيا وفي أواسط إفريقيا، وتصل الكميات المستخدمة منها إلى أكثر من 1110 مليون طن بترول مكافئ (م.ط.ب.م.) سنويا، وبالتالي فإنها تشكل حوالي 10 % من المصادر الأولية للطاقة العالمية والتي تقدر بحوالي 11500 م.ط.ب.م.، ونظرا لصعوبة تقدير كميات الكتلة الإحيائية عالمياً فإن هذه الأرقام هي أرقام تقديرية [[3]].

البناء الهيكلي للطاقة المتجددة في الوطن العربي

بدراسة موقف الطاقة في الدول العربية يتبين للوهلة الأولي أن أنشطة الطاقة المتجددة تتركز في منطقة شمال إفريقيا: مصر، المغرب، وتونس، إلي جانب بعض المشروعات الريادية في بعض الدول مثل: الأردن، وسوريا، أيضا يتضح أن الدور الرئيسي في تنمية استخدامات الطاقة المتجددة سواء علي مستوي الطاقة الشمسية (تسخين المياه، إنتاج الكهرباء “تحت الإنشاء”) أو طاقة الرياح يقع علي الجهات الحكومية المختلفة في البلدان العربية مع مشاركة محدودة للقطاع الخاص.

إلا أننا نستطيع أن نلحظ تفاوت المشاركة الحكومية في هذا المجال، ففي حين نجد هيئات حكومية مستقلة تعني بالشئون المختلفة للطاقة المتجددة في الدول العربية الواقعة شمال إفريقيا مثال: هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر، ومركز تنمية الطاقة المتجددة في المغرب، والهيئة القومية للطاقة المتجددة في تونس، نجد في بعض الدول الأخرى أن كيان إدارة الطاقة المتجددة ينحصر في وجود إدارات فرعية ضمن هيئات ومؤسسات أكبر وهو ما يحجم دور وفعالية مشاركة هذه الإدارات في تنمية استخدام ونشر تطبيقات الطاقة المتجددة في هذه الدول، كما نجد أيضا مزج بين إدارة الطاقة الجديدة والمتجددة في بعض الدول وأنشطة أخرى من قبيل ترشيد الطاقة وكفاءة الطاقة، ومن أمثلة هذه الدول: اليمن، السعودية، السودان، لبنان.

أما بشأن مشاركة القطاع الخاص، فيمكن تقسيم هذه المشاركة إلي قسمين الأول وهو خاص بالتوعية وتصحيح المفاهيم لدي المستهلكين في الدول العربية وهو ما تقوم به المنظمات الغير حكومية Non-Governmental Organization, NGOs والجمعيات الأهلية وينحصر دور هذه الجمعيات والمنظمات في إقامة ورش عمل مع الجهات المسئولة عن توعية الجماهير، وإقامة ما يعرف بمعسكرات التوعية Awareness Campaigns في المدارس والمناطق الريفية والتجمعات النائية، وقد نجد في بعض الدول أن حملات التوعية التي تقوم بها بعض المنظمات الغير حكومية تتضمن إقامة نماذج ريادية Pilot Plants مثل إنشاء نظام تسخين شمسي ببعض مناطق الخدمات (مراكز تجمع الشباب، النوادي الرياضية، وحدات صحية، .. إلخ) باستخدام نظم السخانات الشمسية للمياه، وإنتاج غاز الميثان من المخلفات الزراعية والحيوانية بالتخمر اللاهوائي في المناطق الريفية وتدريب النساء علي استخدام هذه النظم.

أما القسم الثاني من مشاركة القطاع الخاص فيتمثل في إنشاء خطوط إنتاج بعض مستلزمات أنظمة الطاقة المتجددة، وبالتحديد نظم التسخين الشمسي للمياه والتي تنتشر في العديد من الدول العربية وبخاصة تونس والمغرب ومصر والجزائر ولبنان، حيث نجد في هذه الدول مصانع للقطاع الخاص ينتج فيها هذه الأنظمة إما بمكونات وتكنولوجيات محلية خالصة أو استيراد بعض المكونات من الخارج، أيضا نجد مساهمة للقطاع الخاص في مصانع إنتاج الكابلات اللازمة لنقل الطاقة الكهربية المنتجة من مزارع الرياح كما في المملكة العربية السعودية، ومصر والسودان.

تقييم البناء الهيكلي للطاقة المتجددة في الوطن العربي

علي الرغم من وجود بناء هيكلي لتنمية استخدام تطبيقات الطاقة الجديدة والمتجددة في الدول العربية إلا أن هذا البناء يفتقر إلي نقطتين أساسيتين هما:

(1) محدودية مشاركة القطاع الخاص

تمثل محدودية مشاركة القطاع الخاص في النواحي المختلفة لنشر استخدامات الطاقة المتجددة قصورا في دينامكية الأنظمة المتواجدة حاليا علي الساحة العربية الهادفة لتعظيم الاعتماد علي الطاقة المتجددة في توفير مصادر نظيفة للطاقة وتستطيع أن تفي بجانب غير قليل من الطلب المتزايد علي الطاقة في العالم العربي وفي تأمين مصادر للطاقة تضمن استدامتها للأجيال القادمة، ويشبه قصور دور القطاع الخاص في هذا المجال الحركة علي ساق واحدة، وهو ما يعني ضرورة بحث سبل تفعيل دور القطاع الخاص في الوطن العربي.

(2) تعاظم الاعتماد علي التمويل الأجنبي لمشروعات الطاقة المتجددة

تكاد تنحصر مبادرات استخدام الطاقة المتجددة في التطبيقات المختلفة (تسخين المياه، إنتاج الطاقة الكهربية، .. إلخ) في وجود دعم مالي أجنبي للمشروعات القائمة في الدول العربية، حتى في تلك الدول التي تعتبر ذات مكانة متميزة “عربيا” في هذا المجال، لازال الدور الأساسي للتمويل يقوم علي أساس وجود مصادر تمويل أجنبية لينحصر دور مصادر التمويل المحلية في جانب هامشي، ويسبب تعاظم الجانب الأجنبي للتمويل في وضع شروط يضمن معها رواج أسواق الطاقة المتجددة والأعمال ذات الصلة بها (المكاتب الاستشارية، النقل، قطع الغيار، .. إلخ) في الدول الأجنبية وبالتالي ضمور مثيلاتها في الدول العربية، وهو ما يدعو إلي إيجاد دعم مالي محلي لمشروعات الطاقة المتجددة في العالم العربي.

معوقات استخدام الطاقة المتجددة بالوطن العربي

تصنف معوقات تصنيع ونشر استخدامات الطاقة الجديدة والمتجددة في الدول النامية بشكل عام والوطن العربي بشكل خاص إلى معوقات فنية ومالية ومؤسساتية وفنية، وفيما يلي توضيح لكل منها:-

– معوقات مالية واقتصادية

تتركز هذه المعوقات في ارتفاع التكلفة الرأسمالية لمشروعات الطاقة المتجددة مع قصور (أو غياب) آليات التمويل، فضلاً على الاعتقاد الخاطئ بأن الاستثمار في مثل هذه المشروعات يمثل مخاطرة مالية علي الرغم من كونها طاقة تحافظ علي البيئة، كما أن بعض البنوك ومصادر التمويل قد لا تشجع القروض والاستثمارات في مجالات ناشئة بالمقارنة بمشروعات الطاقة التقليدية، ويدعم ذلك أن الاستثمارات في مجالات الطاقة المتجددة قد لا تكون ذات قيمة عينية واضحة، وقد لا تكون جاذبة من الناحية الاقتصادية (تحليل الكلفة والمنفعة) إذا ما قورنت بفرص استثمارية أخرى، ويمكن للحكومات تشجيع الاستثمار في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة من خلال:

  • وضع سياسات ذات منحى بيئي مثل الإعفاء أو التخفيض من الضرائب على إنتاج الطاقة من مصادر متجددة وغير ضارة بالبيئة ووضع ضرائب وغرامات على المصادر الأكثر تلويثاً.
  • تقديم المساعدات والدعم المالي وضمان قروض المشاريع التي تدفع نحو استخدام المصادر المتجددة.
  • وضع وتطوير المعايير والتشريعات ذات الصلة بالمصادر الجديدة والمتجددة ضمن مفهوم “الكل شركاء معنيون”.
  • إعادة النظر في نظم تسعير المنتجات البترولية وربطها بجودة الوقود.

هذا بالإضافة إلي مراعاة تقديم مقترحات المشروعات مفصلة ومشتملة على توصيف الإجراءات والآليات وبرنامج التنفيذ المقترح للمشروع، وتحديد الاحتياجات الفنية والتقنيات والمعدات والخبرات اللازمة للتنفيذ، وتقدير القيمة الإجمالية للاستثمارات وبنودها، وتقييم الفوائد المالية المباشرة وغير المباشرة للمشروع شاملة الفوائد الناتجة عن تقليل الاعتماد علي الوقود الأحفوري وما لهذا من فوائد بيئية.

– معوقات مؤسساتية وهيكلية

إن إنتاج واستخدام التكنولوجيات المتقدمة في إنتاج الطاقة (مثل: الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والوقود الحيوي) يحتاج إلى تضافر جهود عدد كبير من الشركاء منهم شركات التصنيع والمستخدمين، والسلطات التشريعية والتنفيذية ذات الصلة (منها وزارات الكهرباء والطاقة والنقل والبيئة، ووزارة المالية (الجمارك، والضرائب) والبحث العلمي والمواصفات والمقاييس)، لذا يجب تحديد الأدوار وخطط التنفيذ ووضع نظام إداري متكامل للتنسيق بين هذه الأطراف من أجل الوصول إلى إنتاج الطاقة من مصادر متجددة.

– معوقات فنية وتقنية

تحتاج إجراءات توطين تكنولوجيات الطاقة المتجددة في الوطن العربي إلي إجراءات نقل معرفة تصنيع معدات وتكنولوجيات الطاقة الجديدة والمتجددة، ويتطلب ذلك خبرة فنية يفتقر إليها الوطن العربي. لذا يراعى التوسع في هذا المجال علي مراحل تهتم بتحديد قائمة أولويات للمكونات التي يمكن نقل تقنيات تصنيعها في الوطن العربي وذلك بناء علي دراسة وافية للقدرات المحلية في التصنيع وما تتطلبه إجراءات تصنيع مكونات ومعدات الطاقة المتجددة ومدي توافر الأيدي العاملة والاستثمارات التي يمكن من خلالها تنمية الجانب المعرفي في الأقطار العربية مع ضرورة أن تعمل المؤسسات العربية مع بعضها البعض في شكل متكامل ومتناغم. إن غياب الجانب المعرفي والمعلوماتي ذو الصلة بتصنيع مكونات وأنظمة الطاقة المتجددة تعتبر من المعوقات الفنية التي تحول دون نشر تطبيقات الطاقة المتجددة ونشر تطبيقاتها.

– معوقات متعلقة بالوعي

إن عدم أو قلة الاهتمام باستخدام المصادر المتجددة لإنتاج الطاقة والفهم الخاطئ لطبيعة عمل وتطبيقات تكنولوجيات الطاقة المتجددة من قبل الأطراف المعنية والمجتمع بأسره إنما تشكل عائقاً كبيراً نحو الاعتماد علي المصادر النظيفة في إنتاج الطاقة، ويقوي هذا العائق الشعور العام لدى المؤسسات والأفراد بقلة جدوى المساعي المتعلقة بالبيئة من ناحية ومن جدوى استخدام نظم تعتمد علي ظواهر طبيعية متغيرة (مثل الشمس والرياح)، وهنا يبرز دور الإعلام والتوعية للدفع نحو تأهيل الأفراد والمجتمعات ككل نحو مفهوم صحيح لإنتاج الطاقة من مصادر نظيفة وصديقة للبيئة، مع مراعاة ألا تقتصر التوعية على الحملات الإعلامية للجمهور وتشجيعه للتحول إلى تكنولوجيا الطاقة الجديدة والمتجددة فقط، بل يجب أن تمتد إلى تكرار التدريب والتثقيف الفني من خلال البرامج التدريبية والندوات العلمية وورش العمل والمؤتمرات للمهندسين والفنيين، بل ومتخذي القرار في مجال الطاقة والنقل، الأمر الذي يساعد علي توضيح الحقائق الاقتصادية والبيئية والفنية في هذه المجالات.

أيضا تأتي برامج تثقيف الشركاء المعنيين وتقديم وتبسيط المعلومات التقنية والفنية المتعلقة باستخدام وإنتاج الطاقة من مصادر متجددة، وترجمتها إلى لغة مالية وقانونية كعامل مساعد ومشجع للمؤسسات المالية للاستثمار في هذا المجال، فضلاً على حث صناع القرار على اعتماد إنتاج الطاقة من مصادر صديقة للبيئة ومتجددة كعنصر طبيعي ومتكامل (لا عبء أو زيادة) ضمن سياسات وخطط إنتاج الطاقة في هذه الدول.

الباب الثاني :استراتيجيات وسياسات الطــاقة المتجددة في الوطن العربي

استدامــة الطــاقة

تعرف التنمية المستدامة بأنها “إجراء يتناغم فيه استغلال الموارد وتوجهات الاستثمار وتغيير المؤسسات، تُعزز من خلالها إمكانات الحاضر والمستقبل للوفاء باحتياجات الإنسان وتطلعاته”، وهو ما يعني أنها تتطلب سيادة قيم الاستهلاك التي لا تتجاوز الممكن بيئيا [[4]]. ومن الجدير بالذكر أن الاتحاد الأوربي وأمريكا يعتمدان علي الوقود الأحفوري بنسبة لا تقل عن80% لكل منهما من إجمالي مصادر الطاقة الأولية مما يؤدي إلي رفع نسب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادرة من كل منهما، حيث تبلغ 11.3 و 16 مليون طن ثاني أكسيد كربون يوميا علي الترتيب، وبالتالي فإن سياسات الطاقة المتبعة حاليا في كلا الكيانين توصف بأنها ليست استدامية [[5]].

ومع ارتباط تلوث الهواء بمصادر الطاقة الأحفورية وأيضا بالإنتاج والتصنيع، سلك الكثير من الدول خُطي ناجحة في مجالات التقنين والترشيد الخاص بالإنتاج والاستهلاك للطاقة وذلك بإدخال أساليب وتكنولوجيات نظيفة للإنتاج، واستخدام الأدوات الاقتصادية الحافزة لترشيد الاستهلاك والحد من التلوث. كما اتخذت العديد من الدول عددا من الإجراءات لخفض أو الحد من الانبعاثات الصادرة عن استخدام الموارد الأحفورية منها الاقتصادية (التدخل في الأسعار)، والترشيدية (ترشيد الاستخدام)، والتكنولوجية (التكنولوجيا النظيفة)، والقانونية (استخدام المعايير والقوانين البيئية) [[6]]. ومن بين هذه الإجراءات المتخذة في بعض الدول العربية، ترشيد الطلب علي الطاقة بهدف خفض الاستهلاك الفردي. وقد ساعد في ترشيد الطلب علي الطاقة التأكد من أن وفرة الموارد لا تعني رخص وسوء استخدامها، وإنما تسعيرها بعقلانية تتناسب مع الاستخدام [[7]].

أما وضع الدول العربية من البترول، فمنها من استفاد اقتصاديا (الدول المصدرة) إلا أن معظمها لم يستفد تنمويا إلي مستويات الدول الصناعية، فالدول العربية المصدرة لا تستخدم سوي جزء ضئيل من إنتاجها (1%)، أما باقي الدول العربية غير المنتجة للبترول فنسب استهلاكها من البترول لا يعد سوي جزء قليل من استهلاك الدول الصناعية، وينعكس ذلك علي نسبتها الضئيلة التي لا تتعدي في مجموعها 5% من الانبعاثات المسببة لتغير المناخ[[8]].

إن تحقيق الاستدامة يتطلب منا دعم تطوير مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والريـاح والنووية وكذلك التكنولوجيات الجديدة مثل الإنتاج الأنظف وخلايا وقود الهيدروجين. علما بأن هذا الدعم سوف يتزايد عندما تلقي هذه التكنولوجيات رواجا أكبر في السوق العالمي، وهو ما يتطلب طرحها في السوق بأقصى سرعة.

ويمكن توضيح دور الطاقة المتجددة في هذا الشأن بأن مواجهة جانب من الطلب علي الطاقة بمصادر متجددة يعني تخفيف الطلب علي المصادر الأحفورية (النفط، الغاز، والفحم) وهو ما يعني إطالة فترات استخدام هذه المصادر لفترات أطول شريطة توفير استخدامات آمنة بيئيا لمثل هذه المصادر مثل تكنولوجيا الوقود الأنظف، ومن ناحية أخرى تخفيف العبء البيئي علي كوكب الأرض نتيجة تقليل الاعتماد علي المصادر التقليدية، هذا إلي جانب تأمين مصادر الطاقة، فالمصادر المتجددة متوافرة في مناطق مختلفة من الوطن العربي ويمكن استخدامها في نفس مناطق إنتاجها وبالتالي تقل تكلفة نقلها والمخاوف الناتجة من تعرض شبكات نقل الطاقة لمخاطر الأعطال المفاجئة سواء كانت لسبب فني أو إرهابي.

نماذج لتشريعات وسياسات الطاقة المتجددة في الوطن العربي

توجهت سياسات الطاقة في الدول العربية خلال العقود الثلاث الماضية بصورة أساسية نحو الوفاء بمتطلبات الطاقة اللازمة لبرامج التنمية، ورفع مستوى قدرات البنية التحتية. إلا أن إدارة القطاع لم تركن بصورة دائمة إلى مبادئ اقتصادية نظراً للدعم الكبير لأسعار الطاقة في معظم الدول العربية والذي أدى إلى خسائر اقتصادية في بعض البلدان بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الطلب، وتزايد الحاجة لاستثمارات هائلة، وانخفاض كفاءة استخدام الطاقة بوجه عام، كما أدى إلى حدوث تأثيرات بيئية عديدة بالإضافة إلى استمرار محدودية قدرات وصول إمدادات وخدمات الطاقة إلى الكثير من المناطق الريفية.

يتناول هذا القسم أهم التشريعات والسياسات التي صدرت علي المستوي الوطني بالدول العربية في مجال دعم وتنمية ونشر استخدامات الطاقة المتجددة في التطبيقات المختلفة.

·  تونس

تعتبر سخانات المياه الشمسية من أكثر تطبيقات الطاقة المتجددة انتشارا في تونس، ويرجع ذلك إلي البرامج الدولية التي نفذتها تونس في هذا المجال لدعم انتشار السخانات الشمسية للمياه بالتعاون مع مرفق البيئة العالمي، GEF، والحكومة البلجيكية، وقد تزامنت برامج التعاون مع إصدار قوانين للتشجيع علي استخدام تطبيقات الطاقة المتجددة بصفة عامة والسخانات الشمسية بصفة خاصة، فقد أصدرت تونس القانون رقم 82 لعام 2005 والذي ينص في بعض بنوده علي:

  • الإعفاء من الرسوم والضرائب علي جميع معدات وآلات الطاقة المتجددة.
  • إعطاء منح بنسبة 20% من تكاليف المجمعات الشمسية في حدود 100 دينار تونسي عن المتر المربع يتم صرفها مباشرة لفائدة المورد، وكذا جميع معدات ترشيد الطاقة.
  • فرض رسوم علي السيارات والمعدات التي تعمل بالوقود التقليدي في دعم عمليات ترشيد الطاقة والنهوض بالطاقة المتجددة ومنها تسخين المياه بالطاقة الشمسية في القطاع المنزلي والمؤسسات الخاصة، والعمل علي إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة.

·  المغرب

للترويج لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة أصدرت المغرب القانون رقم 32 – 39 لعام 1994، والذي ينص علي إعفاء معدات الطاقة المتجددة المستوردة وقطع غيارها من الرسوم والضرائب. وفي إطار سياسة الطاقة المغربية، اعتمدت وزارة الطاقة و المعادن منذ سنوات مخططا يهدف إلى تشجيع و تنمية استغلال الطاقة المتجددة و ترشيد استعمالها في البلاد يتمحور هذا المخطط حول الأهداف [[9]] الآتية:

  • إنتاج الكهرباء، عبر إحداث محطات جديدة تعمل بواسطة طاقة الرياح و الطاقة الشمسية؛
  • كهربة القرى، و ذلك بإدماج الطاقة الشمسية الكهروضوئية في البرنامج الوطني الشامل لكهربة القرى و توفير الدعم و الظروف الملائمة لإنشاء مشروعات صغرى بالمناطق الريفية،
  • ترشيد الطاقة، بنشر استخدام السخانات الشمسية في العديد من القطاعات و نشر التقنيات المتطورة لتقليص استهلاك الحطب.
  • المحافظة على البيئة.

·  الجزائر

أصدرت الجزائر القانون رقم 1425 لعام 2004 والخاص بترويج نشر استخدامات الطاقة المتجددة، والذي يحدد تعريفة شراء الطاقة المنتجة من المستثمر تختلف باختلاف التكنولوجيا المستخدمة في إنتاج الطاقة ونسبة مساهمة المصادر المتجددة للمكون الحراري إذا كانت التطبيقات هجين “Hybrid”، ويمكن إيجاز أهم ما ورد في هذا الشأن فيما يلي:

  • الطاقة الكهربية المنتجة من نظم مزدوجة (شمسية/حرارية)
  • زيادة تعريفة الكيلووات ساعة المنتج بنسبة 200% عن نظيرها الأحفوري، بشرط ألا تقل مساهمة المكون الشمسي عن 25% من إجمالي الطاقة المنتجة.
  • زيادة تعريفة الكيلووات ساعة المنتج بنسبة 180% عن نظيرها الأحفوري، إذا تراوحت مساهمة المكون الشمسي من 20% إلي 25% من إجمالي الطاقة المنتجة.
  • زيادة تعريفة الكيلووات ساعة المنتج بنسبة 160% عن نظيرها الأحفوري، إذا تراوحت مساهمة المكون الشمسي من 15% إلي 20% من إجمالي الطاقة المنتجة.
  • زيادة تعريفة الكيلووات ساعة المنتج بنسبة 140% عن نظيرها الأحفوري، إذا تراوحت مساهمة المكون الشمسي من 10% إلي 15% من إجمالي الطاقة المنتجة.
  • زيادة تعريفة الكيلووات ساعة المنتج بنسبة 100% عن نظيرها الأحفوري، إذا تراوحت مساهمة المكون الشمسي من 5% إلي 10% من إجمالي الطاقة المنتجة.
  • الطاقة الكهربية المنتجة من الخلايا الشمسية (الطاقة الشمسية المباشرة)
  • زيادة تعريفة الكيلووات ساعة المنتج بنسبة 300% عن نظيرها الأحفوري.
  • الطاقة الكهربية من الرياح
  • زيادة تعريفة الكيلووات ساعة المنتج بنسبة 300% عن نظيرها الأحفوري.

·  جمهـــورية مصـــــــر العــربيــة

في أبريل 2007 أقر المجلس الأعلى للطاقة إستراتيجية للطاقة تعتمد على مشاركة القطاع الخاص ليصل إجمالي القدرات المركبة من طاقة الرياح بحلول عام 2020 إلى حوالي 7200 م.و تنتج سنويا طاقه كهربائيه تقدر بحوالي 31 مليار ك.و.س.

وإلي جانب إنشاء هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة ككيان تنفيذي لمشروعات الطاقة المتجددة، فقد تم اتخاذ عدة خطوات لدعم العمل في مجالات الطاقة المتجددة منها:-

  • إنشاء مرفق جهاز تنظيم الكهرباء وحماية المستهلك في عام 2003 يختص بمنح التراخيص لشركات التي تقوم بأنشطة في مجال الطاقة الكهربائية إلي جانب مراجعة اتفاقيات شراء الطاقة.
  • إنشاء صندوق الطاقة المتجددة مناصفة بين وزارة الكهرباء والطاقة ووزارة البترول في عام 2004 حيث يتم اقتسام حصيلة الوفر من الوقود البترولي الذي يتم بيعه في السوق العالمي والناتج عن توليد طاقة كهربائية باستخدام محطات الرياح بين الوزارتين.
  • تخفيض الجمارك علي معدات الطاقة المتجددة من 8% إلي 2%.
  • التعاون والتنسيق بين وزارة الكهرباء والطاقة ووزارة البيئة لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة من خلال آلية التنمية النظيفة للمساهمة في تحسين اقتصاديات مشروعات الطاقة المتجددة من ناحية والحفاظ علي البيئة من ناحية أخري.
  • يجري حاليا الإعداد لإصدار قانون جديد للكهرباء يتضمن تشريعات لنشر استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة وتشجيع القطاع الخاص علي الدخول في هذا المجال.
  • استحداث درجات علمية في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة.

·  المملكة الأردنية الهاشمية

تتولي وزارة الطاقة والموارد المعدنية دراسة مسودة قانون للطاقة يشتمل علي بنود لحفز وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة بالأردن، ويعد هذا القانون مكملا لقانون الكهرباء رقم 64 لسنة 2002، و    أهم ملامح هذه المسودة:-

  • تتولي الوزارة طرح مناقصات عامة داخل وخارج المملكة لتنمية تطبيقات الطاقة المتجددة.
  • يتم شراء الطاقة المولدة من مصادر من مصادر متجددة من قبل المرخص لهم بالإمداد وفقا لاتفاقية شراء طاقة تتفق مع أحكام قانون الكهرباء.
  • يشترط في تعريفة بيع الطاقة الكهربية من المصادر المتجددة أن تغطي التكلفة المتغيرة والثابتة طبقا للتكنولوجيا بالإضافة إلي ربح معقول.
  • إذا تم تحرير سوق الطاقة الأردني طبقا لقانون الكهرباء العام أو أي تشريع آخر (بما يتيح شراء وبيع الكهرباء) فإن السعر الثابت في اتفاقية شراء الطاقة أو اللوائح –طبقا للحالة- يمكن التخلص منه تدريجيا خلال فترة انتقالية لا تزيد عن عامين.
  • إعفاء مشروعات الطاقة المتجددة من 75% من ضرائب الدخل المعمول بها خلال عشر سنوات مالية تبدأ من فترة التشغيل التجاري للمشروع.
  • تخصيص المنح الدولية والقروض الميسرة لمشروعات الطاقة المتجددة.

·  ســـوريا

ويتضمن قانون الطاقة السوري [[10]] في بنوده العديد من المواد التي تشير إلي العمل علي الاستفادة من تطبيقات الطاقة الجديدة والمتجددة، فالمادة رقم 4 تنص علي:-

  • الاستفادة من تطبيقات الطاقة المتجددة وزيادة مشاركة هذه التطبيقات في كافة التطبيقات.

أما المادة رقم 12 والتي تندرج تحت الباب التاسع “التسهيلات الحكومية والإعفاءات الضريبية والجمركية” فتنص علي:-

  • إعفاء مشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة المتجددة من جميع الضرائب والرسوم والجمارك وضرائب الأرباح.
  • الإعفاء من الرسوم الجمركية للمواد الأولية أو نصف المصنعة أو المصنعة والمستوردة للأجهزة الموفرة للطاقة ولأجهزة تطبيقات الطاقة المتجددة.
  • تتحمل الدولة نسبة من تكلفة أجهزة تسخين المياه بالطاقة الشمسية المستخدمة لتسخين المياه في القطاع المنزلي (تحدد نسبة المساهمة حسب مصلحة الاقتصاد الوطني من قبل مجلس الوزراء).
  • اعتماد أجور رمزية وتشجيعية لقاء فحص واختبار وتقييم أداء نظم تطبيقات الطاقة المتجددة.

·  المملكة العربية السعودية

يتم دعم وتطوير أبحاث الطاقة الشمسية وإنجاز عدد من المشروعات والتطبيقات التي تتغذي بالطاقة الشمسية مثل تحلية المياه وأجهزة التبريد الشمسية. وتعتبر مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا أحد مراكز التميز التي تعمل في مجال الطاقة المتجددة بالمملكة، حيث تجري أبحاث في مجال الطاقة المتجددة وتقييم وحصر المصادر وأيضا طاقة الهيدروجين بهدف تطوير محركات ثابتة وأخري متحركة تعمل به، كما تجري دراسات أخري للاستفادة من خلايا الوقود التي تعمل بالهيدروجين. وتتحدد رسالة المعهد حول ما يلي :-

  • نقل وتوطين وإنتاج التقنيات ذات الصلة بالطاقة.
  • إيجاد قواعد بيانات وطنية لمصادر الطاقة المتجددة في المملكة.
  • القيام بأبحاث علمية من شأنها توفير الطاقة للاحتياجات الضرورية في المناطق النائية.
  • دراسة الآثار البيئية الناجمة عن استخدام مصادر الطاقة المختلفة.

تقييم سياسات وتشريعات الطاقة المتجددة في الوطن العربي

تظهر الدراسة أن قوانين الطاقة تتضمن تشريعات تعمل علي الدعوة إلي نشر استخدامات وتطبيقات الطاقة المتجددة في المجالات المختلفة، ويمكن تقييم سياسات وتشريعات الطاقة المتجددة المطبقة في الدول العربية من خلال النقاط التالية:-

–       تشـوهــات السوق/الضرائب والجمارك

علي الجانب المعرفي للاقتصاد تعرف كل من الضرائب بأنواعها (المبيعات، الدخل، .. إلخ)، والجمارك التي تفرض علي المعدات المستوردة بتعبير تشوهات السوق Market Distortions، ويرجع ذلك لأن المبالغ المالية المترتبة علي مثل هذه البنود تعتبر أعباء علي المستثمرين في المجالات الناهضة التي تحتاج في بدايات إنشائها وتفعيل دورها إلي دعم مادي بدلا من فرض أعباء مالية يصعب معها عمليات الاستثمار ونقل التكنولوجيا ونشرها علي صعيد الاستخدام التجاري، وفي هذا الصدد:-

  • تشمل تشريعات بعض الدول العربية (مثل سوريا، والمغرب وتونس) إعفاء معدات وأجهزة الطاقة المتجددة من الضرائب والرسوم الجمركية.
  • تتضمن قوانين دعم وتحفيز نشر استخدامات الطاقة المتجددة تخفيض الرسوم الجمركية والضرائب علي معدات الطاقة المتجددة.

–       تعريفة شراء الطاقة المنتجة من مصادر متجددة

  • حددت دولة مثل الجزائر تعريفة محددة لشراء الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة، وتختلف التعريفة من تطبيق لآخر (طاقة رياح، طاقة شمسية).
  • تنص بعض تشريعات الدول العربية (مثل سوريا، ومصر، والأردن، والمغرب) علي تقديم أسعار مجزية للمستثمرين في المجال المختلفة للطاقة المتجددة، لكن لم تذكر التشريعات أي قيم يمكن تقييمها أو إجراء دراسات عليها.

–       غياب الجانب المعرفي/البحث العلمي والتطوير

ينقسم اقتصاد مجتمع المعرفة إلي فرعين، اقتصاد قائم علي المعرفة Knowledge-Base، لكون المعرفة مقوما حيويا لاغني عنه في كل القطاعات الاقتصادية، واقتصاد للمعرفة ذاتها بصفتها قطاعا اقتصاديا قائما بذاته، له أصوله وخصومه، وتكنولوجياته المحورية وصناعاته المغذية وشبكات توزيعه المحلية والعالمية ومنتجاته الوسيطة والنهائية. لقد أصبحت المعرفة قوة دافعة وحركا أوليا للاقتصاد الحديث، فهي أهم وسائل زيادة إنتاجية عمالة المصانع والمكاتب والحقول والفصول ومصدر محتوي الرسائل المتبادلة عبر شبكة المعلومات. وحاليا يواجه الاقتصاد العربي إزاء اقتصاد المعرفة تحديا قاسيا، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكن للاقتصاد العربي أن ينهض من كبوته مثلما فعلت الاقتصادات الناهضة البازغة كما في الصين والهند والبرازيل وماليزيا.

في العقود الأخيرة تنامت نزعة احتكار المعرفة وفرض قوانين الحماية التي تضمن لمن ينتج المعرفة دون غيره حقوق استثمارها، وربما يبدو هذا أمرا من قبيل البديهيات، وتكتسب مسألة الملكية الفكرية أهمية خاصة بالنسبة إلي العالم العربي مثله في ذلك مثل الدول النامية، وذلك لكونه مستوردا للعلوم والتكنولوجيا، ومما يزيد الأمر خطورة أن هناك توجها للتوسع في حقوق الملكية الفكرية بحيث تكفل الحماية لكثير من الأمور التي ظلت إلي يومنا هذا خارج نطاق الحماية [[11]].

وعلي صعيد مجالات الطاقة لا يكاد قانون أو تشريع للطاقة المتجددة في أي دولة عربية يخلو من دعم إجراءات البحث العلمي في المجالات المختلفة للطاقة المتجددة والدعوة إلي تبادل الخبرات بين المراكز البحثية العربية، إلا أن الواقع العملي لا يشتمل علي آليات لتنفيذ مثل هذه السياسات، ناهيك عن الدعم المادي والذي ينحصر في مرتبات العاملين، ليظل البحث العلمي دائما في مرحلة الأمنيات ويغيب معه القدرة علي نقل التكنولوجيا أو العمل علي توطينها في الدول العربية.

إننا في حاجة إلي تحديد أهداف ترتبط بقيم ونسب وفترات زمنية مع العمل من خلال توزيع الأدوار علي مراكز البحث العلمي العربية المتميزة في مجالات الطاقة المتجددة أو التي لديها خبرات عملية، ولا يعني هذا قصر التعاون بين المراكز ليكون عربيا/عربيا، بل يمكن أن يكون عربيا/أجنبيا بشرط أن تنقل التكنولوجيا إلي الأرض العربية فنجد تصميمات عربية وتكنولوجيا عربية.

–       المنح والمساعدات الأجنبية

يشبه الاعتماد علي المنح الخارجية والمساعدات المادية الأجنبية في دعم مشروعات الطاقة المتجددة وغيرها من المشروعات أن يظل تطور قطاع الطاقة المتجددة مرهونا بما يتم تقديمه أو جلبه من مساعدات، وهي أمور لا تستطيع ضمان تطوير أو دفع تطبيقات الطاقة المتجددة إلي الأمام وخاصة إذا عرفنا أن نسبة 80% من المنح المقدمة تعود للدول المانحة في شكل مرتبات وبدلات سفر وانتقال للعمالة الأجنبية، أما النسبة الباقية (20%) فيتم توجيهها أيضا في نواحي تحددها وتوافق عليها الدولة المانحة، بمعني آخر يتم توجيهها حيث تخدم أهدافها هي وليس أهداف البلد المقدم له المنحة. أي أن الدول النامية لا تستفيد من هذه المنح بأكثر من 20% وهو ما لا يمكن الاعتماد عليه في تنمية مجال من المجالات، فالهند مثلا تبلغ نسبة المنح المشاركة في عمليات التنمية 0.5% من إجمالي الإنفاق العام علي المشروعات، وهو ما يعني أن الحافز للتنمية لا بد وأن يكون ذاتي المصدر في المقام الأول، فدولة كالصين ترفض أي منحة تأتيها من الخارج إذا انخفض فيها مكون نقل المعرفة عن 25% من قيمة المنحة.

إن الاعتماد أو علي الأقل الركون إلي المنح في تطوير وتنمية مجال ما لا يضمن تحقيق تقدم في الدول النامية بقدر ما يحقق نمو في الأسواق المانحة.

–       تمويل المشروعات

علي الرغم من أن توفير التمويل اللازم لمشروعات الطاقة المتجددة يعتبر أحد النقاط الرئيسية الداعمة لنشر التطبيقات وهو ما حدا بالدول الأوربية المتقدمة في المجال إلي تخصيص القروض الميسرة (ذات نسب فوائد منخفضة وفترات طويلة لرد القرض) لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة، وبغياب هذه النقطة المحورية يغيب عن تشريعات الطاقة المتجددة في الدول العربية حافزا في غاية الأهمية، إذ لا تتوافر مثل هذه القروض للمشروعات العربية إلا من خلال قروض أجنبية تأتي ومعها شروط ملزمة للتطبيق تتمثل أقل هذه الشروط في تعظيم نسب المكون الأجنبي في تلك المشروعات وبالتالي تهميش العنصر المحلي والذي يكون له تأثيراته السلبية.

–       دعم مصادر الطاقة

إن التسعير المناسب لخدمات الطاقة الحديثة هو واحد من أكبر العقبات التي تواجه واضعي سياسة الطاقة والفقراء علي حد سواء، وفي كثير من البلدان لا تعكس أسعار الطاقة (سواء بالنسبة للكهرباء، أو النفط، أو الغاز، أو غيرها من أنواع الوقود) تكلفة ذلك الوقود. ومن منظور الفقراء فإن تكاليف خدمات الطاقة الحديثة تمثل في الغالب نسبة كبيرة من الدخل، ويمكن أن يساعد الدعم في سد الفجوة بين ما يستطيع المستهلكون الفقراء تحمله وتكلفة التوصيل أو الخدمة، ولكن جوانب عدم الكفاءة المرتبطة بالدعم تجعل هذا الخيار من السياسة معقدا [[12]].

وفي العالم العربي نجد أن أسعار الطاقة لها نصيب دائم من الدعم وذلك لمراعاة البعد الاجتماعي للطبقات الفقيرة، إلا أن الغريب أن نجد أن الطاقة تدعم كليا أو تكاد تكون بالمجان لمواطني بعض البلدان العربية (في الخليج العربي)، وهو ما ظهر معه أنماط من الاستهلاك يصعب السيطرة عليها، لقد ذكرنا من قبل أن إجراءات التسعير تدخل في إطار سياسات ترشيد الطاقة، ونظرا للوضع القائم في بعض الدول العربية من دعم غير رشيد لمنتجات الطاقة فقد تنامي الاستهلاك في نواحي لا تعود بالفائدة الإيجابية علي البلد ولا يتحقق معها دخل يوازي مستهلكات الطاقة. إننا في حاجة إلي الربط بين رفع الدعم عن مصادر الطاقة الأحفورية ومراعاة الأبعاد الاجتماعية للفئات الفقيرة في العالم العربي.

الباب الثالث:سياسات الطــاقة المتجددة عالميــا

يهدف هذا القسم إلى عرض نماذج لسياسات و قوانين وتشريعات قامت بها العديد من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، بهدف زيادة نشر استخدام الطاقة المتجددة، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال والتي تنتهجها حوالي خمسون دولة من دول العالم، ويمكن تقسيم تلك السياسات إلى ثلاثة محاور أساسية وهي:-

  • تنمية الطلب والإنتاج.
  • تشجيع التصنيع المحلي لمعدات الطاقة المتجددة (خاصة في البلاد النامية)
  • دعم الطاقة المتجددة.

وتشمل القوانين الخاصة بالطاقة المتجددة علي قوانين خاصة بتنمية وتشجيع الطاقة المتجددة, أو قوانين خاصة تحسين كفاءة واستخدام الطاقة, أو قوانين خاصة بالكهرباء تحتوي على نصوص مواد خاصة بالطاقة المتجددة، علي نحو آخر اتفقت السياسات الخاصة بالطاقة المتجددة بالسماح بإنشاء وربط محطات أو وحدات الإنتاج من الطاقة المتجددة بالشبكة الكهربية مع إعطائها أولوية في الاعتماد عليها مقابل المصادر الأخرى (كلما كانت متاحة)، بشرط:-

  • أن تكون المحطة قد تم الترخيص لها كمحطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة وإعطائها شهادة منشأ بمصدر تلك الطاقة.
  • أن تستوفي المحطة الشروط الفنية التي تسمح بالربط طبقاً لكود الشبكة على أن تتحمل المحطة تكلفة التوصيل لأقرب نقطة بالشبكة وتتحمل الشبكة أي توسعات وإضافات يستلزمها ذلك الربط.
  • أن هذه المميزات الممنوحة للطاقة المتجددة تسري على الطاقة المنتجة من مصادر ثانوية (المستعادة من الطاقة المفقودة) أو وحدات التوليد المشترك.

وقد وردت تلك المبادئ في القوانين الخاصة بالطاقة المتجددة بكل من ألمانيا، التشيك، الدانمارك، الصين، الأردن،أو قوانين الطاقة لكل من بلغاريا، جنوب أفريقيا، جورجيا أو قوانين الكهرباء لكل من فرنسا، رومانيا، المجر وكرواتيا، يجدر الإشارة أن هناك دولاً لم تضع سياسة لتنمية تطبيقات الطاقة المتجددة ومن ثم فقد نص القانون الخاص بها بأن تقوم الدولة بوضع سياسة لتنمية وتشجيع الطاقة المتجددة مثل رومانيا.

سياسات تنمية الطلب والإنتاج

تنقسم تلك السياسات إلى ثلاث سياسات رئيسية بالإضافة إلى لبعض السياسات الداعمة ويمكن تلخيصها فى الشكل التالي:-

أولاً: سياسات رئيسية

أ) سياسات تسعيرية

– سياسة تعريفة التغذية Feed-in Tariff :

في هذه السياسة تقوم الدولة بتحديد تعريفة لكل وحدة طاقة يتم إنتاجها من مصدر متجدد، وهذه التعريفة تكون مرتفعة عن تلك الممنوحة للطاقة المنتجة من المصادر التقليدية وتضمن تحقيق عائد مناسب للمستثمرين في إنتاج الطاقة المتجددة. وعادةً ما يكون هناك تعريفة لكل نوع من أنواع الطاقة المتجددة كأن تكون هناك تعريفة للكهرباء المولدة من الرياح أو الشمس أو الطاقة الجوفية.

ويتم تغطية تكلفة للمصادر المتجددة من خلال وسيلتين، الأولي: مباشرة أي يسددها المستهلك النهائي، والثانية غير مباشرة عن طريق إعفاءات ضريبية على المشروع أو فرض ضرائب / رسوم على الطاقة التقليدية لصالح الطاقة المتجددة، وقد تختلف قيمة التعريفة علي حسب سعة المحطة ومكانها ففي حالة الرياح تتغير التعريفة حسب طبيعة الموقع، بمعنى منح تعريفة أعلى للأماكن ذات سرعة الرياح الأقل من الموقع القياسي المحدد بالقانون. وقد تبنت دول عديدة تلك السياسة مثل ألمانيا وفرنسا وأسبانيا وجمهورية التشيك ومؤخراً الصين.

في نهاية عام 2006 كانت 41 دولة و ولاية/مقاطعة تطبق هذه السياسة أكثر من نصفها بدأ التطبيق بعد عام 2002 .

ويعتبر القانون الألماني للطاقة المتجددة هو أول قانون تبنى هذا الاتجاه حيث منح تعريفة متميزة للطاقة المتجددة وتكون تلك التعريفة مضمونة لمدة عشرين عاماً ويتم تخفيضها سوى بنسبة 1.0% سنويا.

وتعرف سياسة تعريفة التغذية بسياسة القيمة المحددة والسعة المتغيرة حيث لا يشترط القانون إنتاج كمية محددة من الطاقة المتجددة ولكن يتم الاعتماد على قوى السوق في تحديد كمية الطاقة المنتجة اعتماداً على جاذبية الأسعار المقدمة، ويتميز أسلوب تعريفة التغذية بما يلي:-

  • توفير ضمان للمستثمرين في إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة حيث أن قيمة شراء الطاقة تكون مضمونة لفترة زمنية طويلة (20 سنة في القانون الألماني وخمسة عشر سنة في القانون الفرنسي والتشيكي) بما يضمن للمستثمرين استعادة استثماراتهم.
  • تمكين المستثمرين من الحصول علي تمويل بصورة أيسر من البنوك نتيجة الدخل المتوقع
  • إمكانية تشجيع نمو نوعيات معينة من الطاقة المتجددة خاصة تلك التي تعتمد على التكنولوجيات المتطورة حيث يتم منحها تعريفة أكثر تميزاً.
  • سهولة التطبيق
  • لا يستلزم بالضرورة وجود اتفاقية شراء طاقة
  • ضمان حرص المستثمر علي التصميم الأمثل للمحطة نظراً لارتباط ربحية المشروع بارتفاع الإنتاجية.

أما من ناحية عيوب هذه السياسة فيمكن إجمالها فيما يلي:

  • عنصر المخاطرة السياسية الطاردة للاستثمار إلا أن بعض الحكومات خفضت تلك المخاطرة بضمان الدفع وشراء الكهرباء لمدة تتراوح بين 15و20 سنة، فإذا ما انخفضت التعريفة فلن يؤثر ذلك علي المستثمرين الموجودين ولكن سيخفض المستثمرين الجدد.
  • مخاطر تغير أسعار الصرف أو بمعني أخر ارتفاع تكلفة التمويل.
  • ارتفاع التكلفة حيث تكون التعريفة ثابتة لفترة زمنية طويلة بما لا يسمح بنقل الخفض في التكلفة الناتج من التطور التكنولوجي وارتفاع الكفاءة إلى المستهلكين.
  • عدم ضمان تحقيق أهداف محددة لنسبة استخدام الطاقة المتجددة حيث يترك ذلك لآليات السوق.
  • صعوبة التنبؤ بمعدل النمو في استخدام الطاقة المتجددة مما يضع عبء على شبكات النقل والتوزيع وكذلك في القدرات اللازمة للمحافظة على اتزان الشبكات.

وجدير بالذكر أن القانون الألماني قد أثبت نجاحاً كبيراً عند التطبيق حيث أن إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة قد زاد من 5.2% في سنة 1998 إلى 8% في سنة 2003 من إجمالي كمية الطاقة الكهربية المولدة، وقد أعطي تعديل القانون الذي تم تنفيذه في عام 2008 ميزه سعرية للطاقة المنتجة من الرياح بهدف الوصول إلي مشاركة المصادر المتجددة بنسبة 30% بحلول عام 2020، كما بلغت كمية الطاقة الكهربية المولدة في ألمانيا من طاقة الرياح ثلث كمية الطاقة المولدة عالمياً من الرياح على الرغم من انخفاض متوسط سرعة الرياح (من 6 إلي 7 متر/ث) بألمانيا، كذلك الطاقة المولدة من كل من الكتلة الحيوية والطاقة الشمسية باستخدام الألواح الفوتوفولطية.

وقد أعطى حكم المحكمة الخاصة بالاتحاد الأوروبي في مارس 2003 دفعة كبيرة لتلك السياسة حيث أعتبر أنها لا تتعارض مع مبادئ حرية التجارة، وبوجه عام فإن نظام تعريفة التغذية هو أكثر مناسبة من وجهه نظر المستثمرين، حيث أثبت نجاحاً كبيراً، وقد أكدت العديد من التقارير الدولية أن لهذه السياسة أكبر الأثر في حفز الاستثمارات.

ب) سياسات الأهداف الكمية

– سياسة الحصص الملزمة أو الشهادات )َQuota)

وتعرف هذه السياسة باسم سياسة “الكوتا” أو سياسة  (Renewable Portfolio Standard)  حيث تفرض الدولة من خلال القانون على شركات الإمداد بالطاقة الكهربية أو المستهلكين إنتاج أو استهلاك نسبة أو كمية محددة من الطاقة الكهربية ذات المصدر المتجدد.  ويتم فرض عقوبات على الشركات التي تفشل في تحقيق تلك النسبة المستهدفة. أما من ناحية تسعير قيمة الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة فتترك لطبيعة العرض والطلب أخذاً في الاعتبار ضرورة قيام جميع الأطراف بالوفاء بالتزاماتها.  وبالتالي فإن تلك السياسة تعرف أحياناً بسياسة القدرة المحددة والسعر التنافسي وتهدف تلك السياسة إلى خفض أسعار الطاقة من المصادر المتجددة نتيجة للمنافسة.

تم تطوير النظام فى دول عديدة ليتضمن تجارة الشهادات الخضراء Tradable Green Certificates حيث يتم إصدار شهادات تمثل آلية لتتبع وتسجيل الإنتاج من الطاقة المتجددة، وهذه الشهادات يمكن استخدامها لإثبات التوافق مع متطلبات نظام الحصص الملزمة أو بيعها للمستهلك النهائي في سوق تطوعي لتجارة الطاقة النظيفة. يتم تسوية أسعار الطاقة والشهادات يومياً في آلية سوق الكهرباء وهناك أسواق مستقلة للشهادات تقوم بتحديد يومي للأسعار.

هناك عدة دول لديها أهداف قومية للحصص تم سنها اعتباراً من عام 2001، وهى استراليا والمملكة المتحدة  واليابان والسويد وبولندا وإيطاليا، وبلجيكا، والمجر. ويتم التوسع في هذه الأنظمة حالياً علي مستوي الولايات / المقاطعات ( 32 ولاية ومقاطعة) في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والهند اعتباراً من عام 2003 .

وقد أخذت الدانمارك منذ عام 1999 بتلك السياسة ولكنها عدلت عنها إلى سياسة تعريفة التغذية، هذا ويتم الإلزام بما يعرف بشهادات الطاقة النظيفة أو الخضراء حيث يصدر المنتجون شهادات بالإنتاج تعادل كل شهادة مليون كيلو وات ساعة من الطاقة المتجددة التي يتم إنتاجها كما يقوم المستهلكون بشراء كمية من الشهادات تعادل كمية الطاقة المطلوب استهلاكها من ذات المصدر المتجدد، وتعمل الآلية علي النحو التالي:

  • تضع الحكومة قيمة محددة ( ومتزايدة تدريجياً ) لمستوي مشاركة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة.
  • يلزم المنتجين والموزعين بإعداد أو شراء نسبة محددة في الكهرباء من الطاقة المتجددة ويمكنهم الحصول علي الشهادات من ثلاث مصادر:-
  • ملكية وتشغيل محطة طاقة متجددة.
  • شراء شهادات من منتج طاقة متجددة آخر.

ج- شراء شهادات من سمسار/وسيط أو منتج في خلال التجارة والشراء المستقل من سوق الشهادات.

    وتتميز سياسة الإلزام بالآتي:-

  • إيجاد سوق تنافسية للطاقة المتجددة تسمح بخفض الأسعار والتي يمكن أن يستفيد منها المستهلكون.
  • التحكم في معدل نمو السوق بما يسمح بالتخطيط لقدرات النقل وكذلك كمية الطاقة اللازمة للمحافظة على إتزان الشبكة.

ومن ناحية أخرى يعيب تلك السياسة:-

  • مخاطر الاستثمار نتيجة عدم وجود سعر معروف مقدماُ للطاقة المنتجة.
  • عدم قدرة المنتج بالالتزام ببيع كامل كمية الطاقة المنتجة حيث قد تتغير تلك الكمية بناءاً على التغيير في الظروف المناخية.
  • تعقيد نظام الشهادات المستخدم وكيفية التعامل عليها

وبصفة عامة، لا توجد خبرات دولية كافية تتيح الحكم على هذه الأنظمة، إلا أن هناك تحفظات عليها من جانب المستثمرين من بينها أن عليهم العمل في سوقين مستقلين أحدهما للطاقة والآخر للشهادات ومشاكل العرض والطلب، حيث يرغب المستثمرين في عقود شراء شهادات طويلة الأمد بينما تفصل شركات الإنتاج عقود قصيرة الأمد. أى أن نظام تجارة الشهادات الخضراء أكثر مخاطرة للمستثمرين إلا إذا كان هناك سوق به تعاقدات طويلة المدى للشهادات.

– سياسة المناقصات العامة التنافسية:

يُدعي المستثمرين لإقامة مشروعات الإمداد بالكهرباء من مصادر متجددة خلال فترة معينة وبقدرات محددة من خلال مناقصة، ويتم اختيار العقود ذات أقل تكلفة إنتاج وتكون شبكات الكهرباء ملزمة بالشراء من تلك المحطات بناءاً على الأسعار التي تم التوصل إليها من خلال تلك المناقصات والمدد الزمنية التي تم الاتفاق عليها طبقاً للمناقصة.

 بدء تبنى هذه الأنظمة فى المملكة المتحدة فى التسعينات، ويتم تطبيقها حالياً فى ستة دول هى كندا والصين وفرنسا والهند وبولندا والولايات المتحدة بينما بدأت أيرلندا به وتحولت مؤخراً إلى نظام تعريفة التغذية، كما تلجأ إليه شركات الكهرباء فى العديد من الدول للوفاء بحصصها المستهدفة طبقاً لنظام الحصص الملزمة.

هذا وعادة ما يتم تحديد نوع الطاقة المتجددة في المناقصة حيث لا تكون هناك مناقصات بين أنواع مختلفة من الطاقة المتجددة، وتتميز تلك السياسة بالآتي:

  • التنافسية بما يضمن الحصول على أقل الأسعار ويساعد على خفض الدعم المقدم للطاقة المتجددة.
  • القدرة على التحكم في كمية الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة ونوعيتها.
  • ضمان الاستثمارات حيث تكون الأسعار ثابتة طول مدة التعاقد بما يضمن للمستثمرين استعادة استثماراتهم.

من ناحية أخرى يعيب هذه السياسة الآتي:

  • بالنسبة للمنتجين: المنافسة قد تؤدي ببعض المنتجين إلى القبول بأسعار غير واقعية اعتمادا على إمكانية تخفيض التكلفة والتي في حالة عدم حدوثها قد تؤدي لعدم قدرة هؤلاء المنتجين على الوفاء بالتزاماتهم.
  • بالنسبة للمشترين: الارتباط بعقود شراء طويلة الأجل بما لا يؤدي إلى الاستفادة المستقبلية من التطور التكنولوجي وتحسن الكفاءة.

ثانياً: سياسات مكملة

هناك العديد من السياسات المكملة للسياسات الرئيسية السابقة منها:

  • ترتيبات تمويلية (فى أكثر من 30 دولة) تتضمن تقديم منح وقروض ميسرة سواءً للمستثمر أو للمستهلك وكذلك آليات لخفض مخاطر التمويل من خلال الضمانات الحكومية، أو رد جزء من التمويل، أو من خلال الشراء من المنتجين بأسعار أعلى تشجيعأً للصناعة.
  • مميزات ضريبية وجمركية تتضمن:
    • إعفاءات أو تخفيضات ضريبية لمدد محددة سواء على مستوى إستثمارات المشروعات أو على مستوى المستهلك وذلك لنظم ومعدات الطاقة المتجددة وقطع غيارها وكذلك خطوط ومكونات إنتاج هذه المعدات.
    • تقديم حافز ضريبى على الإنتاج Production Tax Credit حيث يمنح منتجي الكهرباء من مصادر متجددة فوائد ضريبية علي إنتاجهم، وهي عادة ما توضع كنسبة من سعر الكيلووات ساعة المنتج عن طريق خصم في الضرائب المستحقة على الأنشطة الأخرى.
    • فرض ضرائب علي انبعاثات الكربون أو غيره من الملوثات مثل أكاسيد الكبريت أو أكاسيد النتروجين الناتجة من استخدام الوقود البترولي.
  • ترتيبات تنظيمية وإدارية منها توقيع عقود طويلة المدى لشراء الطاقة، وتسهيلات للربط بالشبكة وتقديم أولويات بالمواقع المختارة للمشروعات طبقاً لحصر المصادر.
  • قامت بعض الدول بتأسيس صندوق للطاقات المتجددة ويستخدم فى التمويل المباشر للإستثمارات أو تقديم قروض منخفضة الفائدة أو دعم السوق بوسيلة أخرى كالبحث والتطوير ومن أهم الأمثلة فى هذا المجال الولايات المتحدة والصين والهند.

– سياسة المميزات الضريبية  Tax Credit

في هذه السياسة يتم التشجيع علي إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة عن طريق منح الشركات التي تقوم بالاستثمار في الطاقة المتجددة خصم في الضرائب المستحقة على أنشطتها الأخرى، وقد تم استخدام هذه السياسة كسياسة مكملة لسياسة الإلزام في الولايات المتحدة الأمريكية، وتتميز تلك السياسة بأنها تدعم بشكل جيد سياسة الإلزام حيث تؤدي إلى زيادة للاستثمارات، إلا أنه يعيبها أنها قد تتأثر بالتوجهات السياسة نحو منح إعفاءات ضريبية كما ثبت أنها ليست داعمة للمنتجين الصغار أو المتخصصين في نشاط الطاقة المتجددة فقط.

– تمويل الأطراف ذات الصلة  3rd Party Finance  

وهي ترتيبات تمويلية تتحمل فيها الحكومة المخاطرة أهم الأمثلة لهذا النوع تتضمن أنظمة الأقراض الميسرة ( سعر فائدة أقل او تقديم ضمانات للإقراض)

– المنح الرأسمالية  Capital Grants

وهي نسبة من التكاليف الاستثمارية في مشتريات وتركيب الطاقة المتجددة يتم تغطيتها من آليات من تمويل حكومية موجهه لمنتج الكهرباء / الطاقة.

-منح المستهلكين أو استعادة جزء من التمويلات Consumers Grant / Rebate

نسبة من التكاليف الاستثمارية من مشتريات وتركيبات الطاقة المتجددة تغطي من آليات تمويل حكومية موجهه نحو المستهلك النهائي للطاقة.

-إعفاءات الرسوم والضرائب  Excise Tax Exemptions

سياسات ضريبية لإعفاء الطاقة المتجددة تمكن من تعويض نسبة من التكلفة المرتفعة لاستخدام الطاقة وبما يزيد من تنافسية الطاقة المتجددة مع الأنواع الأخرى.

-الضرائب علي الوقود الأحفوري Fossil Fuel Taxes

ضرائب علي انبعاثات الكربون أو ضرائب علي غيره من الملوثات مثل أكاسيد الكبريت أو أكاسيد النتروجين الناتجة من استخدام الوقود البترولي ، وهي تفيد بصورة غير مباشرة الطاقة المتجددة من خلال خفض التكلفة مقارنة بالوقود البترولي.

-المشتريات الحكومية  Government Purchases

مشتريات الحكومة لأنظمة الطاقة المتجددة بأسعار أعلي من معدلات السوق ، وبما يمثل حافزاً للاستثمارات الصناعية.

-التسعير الأنظف ” الأخضر ”  Green Pricing     

 خدمة تعطي للمستهلك الخيار في دعم زيادة مساهمة الطاقة المتجددة في استثمارات شركات الكهرباء من خلال دفع قيمة إضافية علي فاتورة الكهرباء بما يغطي التكلفة الزائدة للطاقة المتجددة.

 -الفوائد الضريبية للاستثمار  Investment  Tax Credits

 الفوائد أو حوافز ضريبية تطبق إما علي مشتريات أو تركيبات معدات الطاقة المتجددة.

 -القياس الصافي للطاقة  Net metering

وهو نظام يسمح المستهلكين أصحاب أنظمة وحدات الطاقة المتجددة المنتجة للكهرباء أن بادخار الطاقة الكهربية الزائدة عن احتياجاتهم للاستهلاك لاحقاً. ويتم استخدام عداد قياس واحد لقياس تدفق الطاقة بين المستهلك والشبكة ، ويدفع المستهلك فقط ثمن الكهرباء المستخدمة ” الصافية ” خارج إنتاجه من الطاقة المتجددة علي مدي دورة حدة التحصيل.

-الفوائد الضريبية للإنتاج  Production Tax Credit

حيث يمنح منتجي الكهرباء من مصادر متجددة فوائد ضريبية علي إنتاجهم، وهي عادة ما توضح كنسبة من سعر الكيلووات ساعة المنتج.

-إعفاء الضرائب علي الأملاك  Property Tax exception

يعفي ملاك الوحدات المستخدمة للطاقات المتجددة من الضرائب علي ملكية تلك الوحدات وبما يخفض من إجمالي ضرائبهم.

سياسات تشجيع التصنيع المحلي:

ترتبط هذه السياسات بالدول ذات القدرات الصناعية المناسبة وحجم السوق المناسب مثل الصين والهند والبرازيل، وتشمل سياسات تشجيع التصنيع المحلي لمعدات إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة:

  1. اشتراط نسبة من التصنيع المحلي.
  2. فرض ضرائب على المعدات المنتجة للطاقة المتجددة الواردة من الخارج.

وهذه السياسة لا تتناقض مع اشتراطات منظمة التجارة العالمية حيث تم توصيف سوق الطاقة المتجددة على أنه سوق غير تجاري.

وقد أظهرت خبرات الدول المختلفة ما يلي:

  • في كندا، تم وضع معادلة في شروط تقييم العروض تأخذ في الاعتبار كل من السعر ونسبة التصنيع المحلي.
  • ربط التأهيل لدخول المناقضات الخاصة بإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة بتحقيق نسبة من التصنيع المحلي.
  • بعض الحكومات مثل أسبانيا قامت بمنح دعم إضافي يدفع لعدة سنوات إذا كانت نسبة التصنيع المحلي تتجاوز نسبة معينة.
  • اشترطت الهند منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي ضرورة تحقيق نسبة متصاعدة من الإنتاج المحلي لوحدات توليد الكهرباء من الرياح تبدأ من 30% وتتصاعد حتى تصل إلى 70%، كذلك قامت البرازيل بتطبيق سياسة مشابهه.
  • في الصين اشتراطات لوجود نسبة من التصنيع المحلي للمعدات المستخدمة في إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة. كما قامت الحكومة بتشجيع الشراكة المحلية/الأجنبية لإنتاج معدات مزارع الرياح حيث تم اختيار شركتين صينيتين للشراكة مع الشركات العالمية لإنتاج معدات مزارع الرياح.  هذا وتشترط المناقصات الصينية مؤخراً نسبة تصنيع محلي تصل إلى 70%.

وجدير بالذكر أن جميع هذه السياسات ليست على حساب جودة المنتج حيث أن شرط الجودة لابد أن يتوافر تحت جميع الظروف، كما أنها لا تمثل عائقاً في لجاذبية السوق للإستثمارات حيث تعتمد تلك الجاذبية على اتساع هذا السوق.

سياسات دعم استخدام الطاقة المتجددة

ينقسم الدعم المقدم لتنمية استخدام الطاقة المتجددة إلى نوعين من الدعم:

  1. الدعم المقدم لأبحاث تطوير معدات الإنتاج من الطاقة المتجددة وكذلك الحصر والقياس وعمليات تنمية مواقع إنتاج الطاقة المتجددة، التدريب وبناء القدرات وتطوير إمكانيات التصنيع المحلي. وقد اشترطت جميع القوانين تقديم مثل هذا الدعم الحكومي.
  2. الدعم المقدم لسعر وحدة الطاقة المنتجة من مصدر متجدد، وهذا الدعم يختلف حسب الدول حيث أن الدول التي لا تدعم أسعار الطاقة لا تقدم مثل هذا الدعم حيث توزيع تكلفة إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة على المستهلكين ففي ألمانيا تكون هذه الزيادة في حدود 1.08 يوروسنت لكل كيلووات ساعة. أما في حالة الدول التي تدعم أسعار الطاقة فتقوم الحكومة بتقديم دعم مباشر للمنتج النهائي من الطاقة كما في حالة الصين حيث تقوم الحكومة بدعم يعادل 3 سنت/ ك.وات ساعة زيادة عن سعر الكهرباء المنتجة من محطة تقليدية تعمل بالفحم الخالي من الكبريت.

الجهات المنفذة للقوانين الخاصة بالطاقة المتجددة

لابد لأي قانون أن يتم تحديد الجهة القائمة على تنفيذ ذلك القانون حتى لا تضيع المسئولية وعند اختيار تلك الجهة لابد أن يراعى فيها الآتي:-

  1. أن تكون مؤهلة قانوناً وتمتلك القدرات البشرية اللازمة لتنفيذ القانون.
  2. أن تمتلك الصلاحيات التي تسمح لها تطبيق القانون وتوقيع أي عقوبات ينص عليها القانون.

وقد اختلف تحديد تلك الجهة حسب نوع القانون الذي يتم تطبيقه ففي حالة قوانين الكهرباء مثل فرنسا وكرواتيا ورومانيا والمجر أنيط بتنفيذ القانون منظمي الكهرباء بتلك الدول.  أما في حالة وجود قوانين خاصة بالطاقة الجديدة والمتجددة مثل ألمانيا وأستراليا والصين والدنمارك وجمهورية التشيك والأردن فقد اختلفت الجهات المسئولة عن تطبيق القانون حسب الدول ففي أستراليا تم استحداث منظم مختص بالطاقة المتجددة، وفي ألمانيا فهي وزارة البيئة منذ عام 2002، وفي الصين فالمسئولية مشتركة ما بين الحكومة المركزية وحكومات المقاطعات وفي الأردن وجمهورية التشيك فقد أوكل لهيئة تنظيم الكهرباء مسئولية الإشراف ومراقبة العقود الخاصة بالطاقة المتجددة.  وفي حالة الدول التي تتبنى قوانين خاصة بالطاقة مثل بلغاريا وجنوب أفريقيا وجورجيا فتوكل المسئولية لجهاز الطاقة أو الوزارة المسئولة عن الطاقة.

الخلاصة والتوصيات

أخذاً في الاعتبار الظروف والقوانين الحالية بمختلف الدول فإنه لا يمكن الوصول لهذا الهدف دون وضع تشريع قانوني يشجع استخدام الطاقة المتجددة.

وغالباً ما تكون سياسة تعريفة التغذية هى الأكثر نجاحا فى نشر الطاقة المتجددة، ألا أنه فى بعض الأحيان كما أظهرت تجارب دول مثل الصين وكندا يمكن الأخذ بسياسة المناقصات العامة التنافسية باعتبارها الأنسب في التطبيق لما تتمتع به من مميزات حيث أنها:

  • تضمن الحصول على أقل الأسعار مما يساعد على خفض الدعم المقدم للطاقات المتجددة.
  • تحقق المنافسة بين المنتجين أو المتنافسين لتقديم أفضل الشروط من خلال العروض المقدمة.
  • توفر للدولة القدرة على التحكم في كمية الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة طبقاً للخطة التي تضعها والأولويات التي تحددها في كل مرحلة من مراحل التنفيذ.
  • توفر للمنتجين/ المستثمرين ضمانات استعادة استثماراتهم عن طريق عقود طويلة الأجل وطبقاً للأسعار التي تحددها المناقصة.
  • تتيح للدولة اشتراط نسبة من التصنيع المحلي للمعدات والمهمات المستخدمة في الإنشاء ضمن المناقصة بما يساعد على خفض التكلفة وتوطين التكنولوجيا.
  • تساهم في جذب الاستثمارات الخاصة الراغبة في الاستثمار في هذا المجال والاستفادة من تسويق شهادات الكربون في ظل الاتفاقيات الدولية المعمول بها.

ولابد من اختيار السياسات المناسبة لظروف الدولة على نحو يستفيد من تلك التي تم اختيارها بواسطة الدول المختلفة سواء تلك الخاصة بتنمية الطلب والإنتاج للطاقات المتجددة أو الخاصة بتشجيع الإنتاج المحلي أو سياسات دعم الطاقة المتجددة وكذلك تحديد الجهات القائمة على تنفيذ القانون، وفي حالة تحديد الاختيارات المناسبة من السياسات السابق ذكرها فإنه يمكن وضع الصياغات المناسبة لمواد القانون لتكون معبرة عن تلك السياسات.

وأيا ما كانت السياسات الرئيسية والمساندة التى تتبناها الدولة من خلال تشريعاتها، فلابد حتى يكون هذا التشريع ناجحاً أن يأتي معبراً عن سياسة مترابطة تغطي جميع نواحي الموضوع وتمثل آلية صالحة للتنفيذ لتنمية إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة.

[1]) منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) (2006)، التقرير الإحصائي السنوي.

[2] (http://www.windpower-monthly.com/wpm:WINDICATOR:412853, accessed (Jan, 2008)

[3])  هشام الخطيب (مايو 2006)، “مصادر الطاقة المتجددة: التطورات التقنية والاقتصادية: عربيا وعالمياً”، مؤتمر الطاقة العربي الثامن، الأردن.

[4]) أسامة الخولي (سبتمبر 2002)، “البيئة وقضايا التنمية والتصنيع”، عالم المعرفة، العدد 285.

[5]) محمد مصطفي الخياط (أبريل 2007)، “الطاقة المتجددة … تجارب أوربية”، مجلة السياسة الدولية، العدد 164، مجلد 42.

[6]) نجاة النيش (يونيو 2001)، “الطاقة والتنمية المستدامة:آفاق ومستجدات”، المعهد العربي للتخطيط – الكويت.

[7]) محمد مصطفي الخياط (نوفمبر 2007)، “الطاقة … حـاضر صعب وغد مرتقب”، ورشة عمل الطاقة والبيئة، أكاديمية البحث العلمي، القاهرة – مصر.

([8]  نجاة النيش (يونيو 2001)، مرجع سبق ذكره.

[9]) فاطمة السباعى (2007)، “آلية التنمية النظيفة ودورها في تعزيز الاستثمارات في قطاع الكهرباء و تعزيز استخدام الطاقة المتجددة في المملكة المغربية”

[10] ) http://nerc-syria.org/, (Accessed 05.03.08)

[11]) نبيل علي ونادية حجازي (أغسطس 2005)، “الفجوة الرقمية: رؤية عربية لمجتمع المعرفة”، عالم المعرفة.

[12]) البنك الدولي (2004)، “النمو المسئول للألفية الجديدة”، ترجمة محمد محمود شهاب

[13] جريدة الدستور الأردنية العدد رقم 145662 الاحد 7 جمادى الاولى 1429هـ الموافق 12 ايار 2008

من اعداد دكتور مهندس /محمد مصطفى الخياط

دكتوراه في هندسة القوى الميكانيكية

مدير إدارة الشئون الفنية لطاقة الرياح – هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة

مهندس /ماجد كرم الدين محمود

ماجستير في هندسة القوى الميكانيكية

رئيس قسم النظم الميكانيكية – هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى