دراسات استراتيجيةدراسات اقتصاديةدراسات سياسية

الاستقلال السياسي والاقتصادي و النظام العالمي الجديد

أن السيطرة في جميع هذه الحالات كانت تحكمها حدود جغرافية واضحه ومعروفه كما كان هناك مراكز للسلطه تتسلسل فيها الأوامر إلى الأطراف المختلفه بالإضافة إلى أن الأساليب التي كانت تمارس من خلالها السيطره ووسائل فرض السلطه كانت واضحة ومعروفة ولكن منذ أن ظهرت قضية العولمه على بساط البحث . كثرت معها التساؤلات في الأوساط الفكرية والسياسيه حول موضوع السيادة ومستقبلها و من تلك التساؤلات :


ما هي حدود تأثير العولمه في السياده؟ وهل إن السياده تم إلغاؤها من قاموس السياسه ولم يعد لها وجود ؟ أم أن ما حصل هو تغير في مضمونها ومحتواها وهل إننا نسير نحو عالم خالي من فكرة السياده ؟ ثم ما هو البديل للدوله القوميه ولفكرة سيادتها ؟ أن الإجابة على هذه التساؤلات تشكل محور معالجتنا في هذا البحث الذي يحاول استشراف مستقبل السيادة في ظل العولمه.ونود أن ننبه هنا إلى ملاحظتين أساسيتين :


1ـ أن الكتابات التي تناولت هذا الموضوع وأشارت إلية عالجته أما بشكل قانوني مجرد أو إنها عالجته من وجهة نظر غربيه حيث ركزت على علاقة العولمه بالسيادة في البلدان الغربيه وحاول بعضها أن يروج لأفكار تخدم مصالح هذه البلدان ومجموعة ثالثه عالجته من وجهة نظر مثالية تركز على التأثير السلبي للعولمه على سيادة الدوله في العالم الثالث فقط إن ما يميز طرحنا أنه تناول مستقبل السياده بشكل شمولي ينطلق من قناعه أساسيه مؤداها أن هناك فرقا كبيرا في علاقة ( العولمه-سياده) بين البلدان الغربية وبلدان العالم الثالث والبلدان العربيه. لذا فان القارئ سيجد الكثير من الجده في الأفكار المعروضه .


2ـ لقد سعينا في معالجتنا إلى إن نخرج عن الإطار القانوني لبحث هذا الموضوع لذا سيلاحظ القارئ بأننا ركزنا كثيرا على البعد الثقافي والتقني والاقتصادي للسياده دون إهمال الأبعاد الأخرى ويعود ذلك إلى قناعتنا بان هذه الأبعاد تشكل الأساس الذي تبنى عليه السيادة في إبعادها الأخرى والله الموفق .


مشكلة البحث : تمثلت في الهيمنه العالميه في ظل النظام العالمي الجديد وإلغاء دور الدوله سياسيا واقتصاديا من خلال تعرض العالم لاختراق فكري ثقافي وتقني بما فيه بلدان العالم الثالث وبلدان الوطن العربي مما أدى إلى تحطيم الهياكل الإنتاجيه لأغلب هذه البلدان وخاصة الهياكل الإنتاجيه الأساسيه في الصناعه والزراعه عن طريق إغراق السوق بالبضائع التي تباع بأسعار اقل من قيمة إنتاجها.
الأمر الذي أدى إلى عزوف المستهلكين عن شراء البضاعة الوطنية مما أدى إلى حدوث ركود اقتصادي وبالتالي تم إغلاق اغلب هذه المصانع التي تنتج السلع والخدمات الوطنيه .

فرضية البحث :- تتمثل انه باستطاعة بلدان العالم بما فيها بلدان العالم الثالث والعالم العربي أن تتخطى هذه العقبه بإرادتها واعتمادها برامج منطقيه عقلانيه .

أهمية البحث :- تأتي أهمية البحث من خلال عرض نظري وتحليلي لما قدمه النظام العالمي الجديد من هيمنه وسيطره على مواردها الاقتصاديه وسلب سيادتها وحرياتها وأصبحت اغلب الدول في العالم لا تستطيع أن تتحكم بما لديها من موارد اقتصادية وإدارتها لشؤونها الداخلية والخارجية .

هيكلية البحث :
تألفت هيكلية البحث من مبحثين أساسيين هما :

المبحث الأول :
تم التطرق فيه إلى مفهوم السيادة وتطورها ومفهوم العولمة وصفات السيادة الجديدة ومتغيرات العولمة من خلال المتغيرات الثقافية والتقنية والسياسية والاقتصادية .

المبحث الثاني :
تناول دراسة المشاكل العالمية الجديدة والآفاق المستقبلية للسيادة في بلدان العالم الغربي وبلدان العالم الثالث وبلدان العالم العربي وتوصلت الدراسة إلى بعض الاستنتاجات والتوصيات.

المبحث الأول
المفاهيم والمتغيرات الأساسية
1-1 مفهوم السيادة وتطوره :

إن مفهوم السيادة في الأصل قديم قدم الدولة ذاتها ، ولو انه لم يستخدم بهذا اللفظ قديما (خليل إسماعيل الحديثي ، 1981 :19) والواقع أن ملامح هذا المفهوم لم تحدد حتى العصر الحديث مع بداية بزوغ نظام الدوله الحديث في الغرب ، وتعزى صياغة النظرية التقليدية للسيادة على نحو محدد إلى (جان بودان) (1529- 1596)(صلاح حسن مطرود ، 1995 :14 ) الذي عرف السيادة بأنها : (القوة المطلقة الدائمة للجمهورية)(عبد الرضا حسن طعان ، 1992 :83 )
وقد ارتبطت السيادة في البداية بشخص الملك ثم راحت تستند إلى الفلسفات التي سادت في القرن الثامن عشر (الليبرالية) والى الأمة كشعارًا ايدولوجيا (سيادة الأمة إلى إن انتهى بها الأمر إلى أن أصبحت صفة لصيقة بالدولة(محمد طه بدوي ، 1986 : 77 ) , (بول هيرست وجراهام تومبسبون 1999 :251 ـ252 ) وتعني سيادة الدولة المطلقة أمرين (بطرس غالي ومحمود خيري ، 1963 :115 )
1- أن لا يكون في داخل الدولة هيئة لها سلطة أعلى من سلطة الدولة .
2- أن لا يكون في خارج الدولة هيئة لها سلطة أعلى من سلطة الدولة .

وقد مر مفهوم السيادة بمراحل من التطور جعلته ينتقل من مضمون إلى أخر ويمكن إن نوجز هذة المراحل بمراحل ثلاث أساسية :
1_ـ1ـ1 : المرحلة الأولى : وهي مرحلة السيادة المطلقة(فاضل زكي ،1960 : 175 ـ176 ) ( رايموند كارفيليد كتل ، 1960 :ج1 ،175 ـ176  ) 1ـ1ـ 2 : المرحلة الثانية :- هي مرحلة السيادة المقيدة حيث أضاف بروز القانون الدولي مدلولا آخر إلى مفهوم السيادة بالشكل الذي حد من اطلاقيه سيادة الدولة حينما اتجة الفقه إلى قول بان سيادة الدولة مقيدة حيث إن عليها احترام قواعد القانون الدولي كقواعد ملزمة تعلو على إرادة الدولة (خليل إسماعيل ألحديثي، 1981: 19 ) و (إبراهيم احمد شلبي ، 1986 : 19 ) *وأوضحت ممارسة السيادة المقيدة باعتبارين (خليل إسماعيل ألحديثي،1981 :19 )و (إبراهيم أحمد شلبي ،1986 :19 )
1- على الصعيد الداخلي :بالنظام القانوني للدولة (الدستور ،القوانين العادية )بما يجعلها دولة قانون .
2- على الصعيد الخارجي : بالتنظيم الدولي (المواثيق والمعاهدات الدولية ).

1ـ 1 ـ 3 :المرحلة الثالثة : ـ والتي يمكن أن نطلق عليها مرحلة (السيادة الجديدة ) (بول هيرست وجرا هام تومبسبون ، 1999 : 279 ) فبظل المتغيرات الدولية الراهنة (متغيرات العولمة) فقد مفهوم السيادة الكثير من فعاليتة بالشكل الذي افرغ من محتواه التقليدي . وهذا ما دفع احد الرؤساء السابقين إلى أن يتخذ (أفول السيادة)(ولتر ، ب ر ستون : 1994 )عنوانا لكتابة .

1ـ 2 : مفهوم العولمة .
العولمة “مفهوم ” حديث ، رغم أن البعض يشير إلى العولمة ” كظاهرة ذات أصول تاريخية ترجع إلى خمسة قرون خلت مع بزوغ ظاهرة الدولة القومية ( يسين ،1998 : 10 ـ11) و(جلال أمين،1998 :155 ) وهو ما يشير إلى ترافق ولادة العولمة كظاهرة مع ولادة السيادة كمفهوم مطلق في أوربا وهو أمر له دلالته .
والعولمة كما هو معروف ترجمة ل(Globalization) الإنكليزية و ( Mondialisation ) الفرنسية التي تعني جعل الشيء على مستوى عالمي .إي نقله من المحدود المراقب “الدولة القومية ” إلى اللامحدود الذي ينأى عن كل مراقبة “العالم”أو الكرة الأرضية جميعها (محمد عابد الجابري ، 1997 : 155 ) وهناك من يقترح تسميتها بالكوكبة (إسماعيل صبري عبدالله ,1997 :8 ) في حين ينعتها البعض ” بالأمركة”
ويختلف مفهوم العولمة(رعد كامل الحيالي , 1999 : 9 ) عن مفهوم العالمية من حيث أن الأخيره تعني التفتح على ما هو عالمي وكوني ، فهي طموح إلى الارتقاء بالخصوصية إلى مستوى عالمي في حين أن العولمة هي إرادة الهيمنة بما تحمله من قمع وإقصاء الخصوصية العالمية و أغناء للهوية الثقافية أما العولمة فهي اختراع لها وتميع(محمد عابد الجابري , 1998 : 17 ) و ( محسن عبد الحميد , 2000 : 5 ـ 7 ) كما أن العولمه تختلف عن الأممية من حيث الأخيرة تتضمن تكسير الأطر القومية لمصلحة الجهة المستفيدة من الفكرة ، أما العولمة وان كانت تتخطى حدود الدولة القومية –كالأممية – لكنها لاتمثل (ولو ظاهريا ) إيديولوجية دولة معينة وإنما هي انعكاسات لمجموعة متغيرات سياسية واقتصادية وثقافية (باسم علي خريسان , 1999 : 19 ) وتختلف العولمة عن التدويل ذلك إن التدويل هو النظام الذي تصنعه الدولة لتحديد أشكال علاقاتها ,أما العولمة فهي تناوئ المجال الجغرافي السياسي القائم ، سواء على مستوى المجال الجغرافي السياسي العالمي أو على مستوى مجال كل بلد من البلدان ( باسم علي خريسان , 1999 : 19 )

1ـ3: مميزات السيادة الجديدة ومتغيرات العولمة:
1 ـ 3 ـ 1 :المتغير الثقافي ـ التقني
لقد ظلت الدولة القومية في مرحلة ما قبل ثورة الاتصال تتحكم إلى حد كبير بتقنيات الثقافة .معتبرةً الثقافة من مكونات شخصيتها وسيادتها .وفي ظل ثورة المعلومات اليوم انتزعت هذه الخصوصية السيادية للدولة القومية (رعد الحيالي ، 1999 :19 ) .فالثورة التكنولوجية تربط العالم في بنية تحتية الكترونية تنقل الأخبار والمال والبيانات إلى أي مكان من العالم بسرعة الضوء وبالتالي لم تعد الحدود تشكل حواجز أمام المعلومات وحيث لا توجد حدود يبدأ مفهوم ما يشكل السيادة بالتغير بالضرورة (ولتر ب رستون , 1994 : 161) .وبفضل هذه الثورة حصل امتزاج بين الثقافة والتقانة. وهذا الامتزاج أو التزاوج جعل من الثقافة لاول مرة سلعة ثقافية يمكن تبادلها (باسم علي خريسان ، 1999 : 115) وأصبح هناك سوق عالمية للمعلومات ويشمل شركات دولية تزداد قوة باستمرار سلطة الحكومة وفي ضوء ذلك باتت حماية الإقليم من اختراق القيم والأفكار الوافدة (الغزو الثقافي ) مهمة شبه مستحيلة (ولتر . رستون,1994 : 161)وبمعنى أخر فان التكنولوجيا الحديثة ساهمت في زعزعت الوظيفة التربوية والقيمة للسلطة الوطنية ( فتح الله ولعو , 1995 :64) إن هذا الترابط بين التقانة والثقافة أعطى الدول ذات الإمكانات التكنولوجية العالية ميزة الهيمنة على بنية وتشكيل العولمة الثقافية . ونقصد بها الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكيه.فعن طريق المواد الإعلامية الغربية مثل الأخبار والأفلام والبرامج التلفزيونية يتم التأثير في عقول أبناء الجنوب وصبها في قالب الفكر الغربي ( احمد ثابت ,1999 :17 ) وبفضل الهيمنة الكبيرة لوسائل الأعلام الامريكيه أصبح نمط الثقافة الأمريكية الشعبية popular culture هو النمط السائد على أذواق الناس في العالم(بول سالم , 220 )مما يعني وجود مستويات وصور لهذا الاختراق الثقافي ويجملها الدكتور محمد عابد الجابري في ثلاث صور أساسية:

الصورة الأولى: هي تعرض العالم بما فيه أوربا نفسها لاختراق ثقافي أمريكي.
الصورة الثانية: هي أن العالم غير الأوربي وفي مقدمته العالم العربي معرض لاختراق ثقافي مضاعف إنكليزي أمريكي وفرنسي.
الصورة الثالثة: فهي التنافس على اختراق العالم الثالث بما فيه البلدان العربية ثقافيا من طرف الولايات المتحدة من جهه وأوربا من جهة أخرى(محمد عابد الجابري , 1999 : 179 )
ومما تجب الإشارة إليه في هذا الصدد انه بالإضافة إلى دور العامل التقني كعامل أساسي , فهنالك عوامل أخرى ساعدت على مثل هذا الانتشار للثقافة الغربية والامريكيه بشكل خاص في بلدان العالم الثالث بعضها ناتج من طبيعة الثقافة الغربية وبعضها الأخر يكمن في طبيعة الإنتاج الثقافي الإعلامي في الدول الأخرى وفي هذا الصدد يرجع بعض الباحثين الغربيين أسباب هيمنة نمط الثقافة الشعبية الامريكيه على العولمة الثقافية الظاهرة قديما قدم الحضارة وهي
المنافسة بين الشاق والسهل وبين البطيء والسريع وبين المعقد والبسيط فالثقافة الشعبية الامريكيه كما يرى لا تقدم ثقافة راقية بل تروج لما هو سهل وسريع وبسيط (ها نس بيتر مارتن , هار الدوشمان , 1998 : 460 ) والى نفس الرأي يذهب بول سالم ولكنه يضيف أسباب أخرى تتعلق بطبيعة المجتمع الأمريكي كونه مجتمع مهاجرين منفتح بالإضافة إلى الأسباب السياسية الناتجة من المكانة الدولية العظمى للولايات المتحدة الامريكيه (بول سالم : 220 ـ225 )إما الكتاب الأمريكيين فيرجحون هذا الانتشار لثقافة بلادهم إلى عوامل سلبية كامنة في عمق الثقافات في البلدان الأخرى وليس إلى قوة الثقافة الامريكيه وتفوقها في ذاتها حيث أن الثقافات السائدة في تلك الدول تتميز ببعض السمات لاتتلائم مع احتياجات الإنسان المعاصر ومن ضمنها .إنها ثقافات نخبة أو صفوة ,إنها تستخدم لغة لا يفهمها إلا الصفوة وإنها مكبلة بالقيود وأنها ذات توجهات دينية (احمد ثابت ، 1999 :19 ) وبالرغم من تحفظنا على مثل هذا الرأي كونه يتجاهل مسالة عدم التكافؤ في القدرات التكنولوجية والمعلوماتية .فأنة مع ذلك لا يخلو من الصحة بقدر ما يرجع ذاك الانتشار إلى عوامل تتعلق ببلدان في العالم الثالث فهذه البلدان تتميز بالغالب بغلبة نظم سلطوية تصر على خصخصة معظم الأنشطة الاقتصادية والثقافية في حين تصر على استثناء مجال الثقافة والإعلام لكي تتحكم في تدقيق المعلومات والمواد الإعلامية .كذلك تتميز بعزوف النظم الإعلامية الرسمية والنخب المسيطرة على إنتاج مواد إعلامية وثقافية بديلة ذات طابع محلي يؤكد التنوع الثقافي والخصوصية الحضارية وتفضل بدلا عن ذلك استيراد المواد الإعلامية والترفيهية نتيجة لحالة الاغتراب الثقافي التي تعانيها من سوء أداء مجتمعاتها الثقافية(احمد ثابت : 19 )

1-3-2 المتغير السياسي :-أولاـ مع نهاية نظام القطبية الثنائية العالمية سنة 1991 حدث تغيير جوهري في النظام العالمي . وقد تمثل هذا التغيير في انهيار الكتلة الاشتراكية وحلف وارشو والاتحاد السوفيتي وما ترتب على ذلك من تحول النظام العالمي إلى القطبية الأحادية المتمثلة في هيمنة تكتل الدول الرأسمالية الصناعية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الامريكيه كقطب منفرد . وظهور الدول الجديدة في آسيا الوسطى وشرق أوربا . كذلك تمثل في بزوغ الاتحاد السوفيتي كقوة اقتصادية ودخوله في مشروعات إقليمية جديدة في شرق أوربا والبحر المتوسط . كما نشهد التحول في الصعود الاقتصادي الشرق آسيوي (اليابان والصين والنمور الآسيوية ) وفي ظهور مجموعة من المؤسسات العالمية الإقليمية الجديدة التي تنهض على مبدأ تحرير التجارة الدولية كمنظمة التجارة العالمية ومجلس التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي وتجمع دول المحيط الهندي للتعاون الإقليمي وغيرها .
ومنذ منتصف التسعينات بدا الخطاب السياسي للقوى الكبرى في إبراز مفهوم العولمة باعتباره تعبيرا عن تلك التحولات وقد ركز هذا الخطاب على إن ظاهرة العولمة تعني تحول العالم إلى سوق و قرية عالمية واحده تنقل فيها عناصر الإنتاج دون قيود وان على دول الجنوب إن تسعى للاستفادة من ذلك . ولم يقتصر الأمر على الخطاب السياسي وإنما امتد ليشمل إنشاء مؤسسات عالمية جديدة للإسراع في هذا التحول . ومن ذلك إنشاء منظمة التجارة العالمية لتساند أنشطة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير.

:- ثانياً- ويعد انهيار الاتحاد السوفيتي بداية مرحلة جديدة في النظام السياسي الدولي والقيم ألمحركه له( النظام الدولي الجديد ) وقد عد هذا الانهيار بمثابة نقطة نهاية للتطور الايدولوجي للبشرية (نهاية التأريخ )الأمر الذي يقتضي تعميم الديمقراطية الليبرالية الغربية بقيمها وشعاراتها البراقه ( حقوق الإنسان ، الديمقراطية التعددية ، السوق الحره) ولايخفي ما في هذه الدعوات من طابع ( التغريب السياسي للعالم )(شفيق المصري , 1992 : 760 ) فضلا عن إنها باتت في ظل الهيمنه الامريكيه على الأمم المتحدة ومجلس الأمن ـ تستخدم كتبرير للتدخل السافر في شؤون الدول الأخرى وفي أكثر صور استخدامه فجاجه يؤدي إلى إصدار قرارات بأسم الشرعية الدوليه كحصار بعض الشعوب مثل حصار الشعب العراقي والشعب الليبي(يسين،1998 : 12 )
1 -3-3المتغير الاقتصادي : ـ إذا ما أردنا أن نلخص جوهر المتغيرات الاقتصادية للعولمة فأنها تتركز في نظرية ( الليبرالية الجديدة) “new liberalism” والمقولة الأساسية لهذه النظرية الجديدة هي ببساطة (ما يفرزه السوق صالح أما تدخل الدولة فهو طالح)(ها نس بيتر مارتن ، هارلد شومان ,1999 :34) وهكذا أضحى التحول نحو اقتصاد السوق ومنع الدولة من التدخل في النشاطات الاقتصادية ورفع الحواجز والحدود أمام انتقال رأس المال وتحرير التجارة وخصخصة المشروعات الحكومية من ابرز شعارات العولمة الاقتصادية (عبد الحي يحي زلوم ، 1999 :354 ـ 355 ) وتعتبر الشركات المتعددة الجنسية والمنظمات المالية الدولية (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ) من أهم المؤسسات التي ترعى هذا الاتجاه وتدعم التحول العالمي باتجاهها (حميد ألجميلي ، 1994 : 80 ) وهي مؤسسات ومنظمات مسيرة من قبل الحكومات الرأسمالية المؤمنة بأداء السوق (ها نس ـ بيتر مارتن ، هارالدشومان ،1998 : 340 ) وعلية بات العالم اليوم يشهد انتقالا من منطق القرار الاقتصادي لسلطة الدولة إلى منطق القرار الاقتصادي المعولم الذي تديرة المؤسسات والشركات العابرة للقومية(عبد اللطيف هميم ، 1999 : 160 ) والتي قفزت فوق أسوار الدولة وأخذت هذه الأسوار تفقد قيمتها الفعلية بل أصبحت أكثر فأكثر أسوارًا شكلية (جلال أمين ، 1998 :156 ) ومن ناحية أخرى يشهد الاقتصاد والسياسة الدوليين ظاهرة الازدهار الإقليميه وهي إقليمية تلتقي مع المفهوم الجديد الذي يتجاوز حدود الإقليم ويهمش الو لاءات الوطنية .وبالتالي فهو مفهوم باتجاه العولمة وليس بخلافها(حسين علي إبراهيم البطاوي ،1999 : 76)وهناك من يؤكد بأننا نتجه صوب عصر (دولة الإقليم )التي تتشكل من منطقة اقتصادية تربط بين أجزاء من بلدان مختلفة (حسين علي إبراهيم البطاوي ، 1999 :76 )

المبحث الثاني
المشاكل ألعالميه الجديدة والأفاق ألمستقبليه للسيادة

2-1 المشاكل العالمية الجديدة :
إن العالم اليوم يواجه مشاكل من نوع جديد يتطلب حلها وجود عالم جديد اشد ارتباطا بعضة ببعض ومنها :حماية البيئة من التلوث واستكشاف وغزو الفضاء وتوفير الخدمات الناضجة والقضاء على الأوبئة والأمراض المعدية وانتشار الجريمة والمخدرات وغيرها (عبد اللطيف هميم ، 1999 : 172 ) وهذه المشاكل لم تعد محصورة بدولة دون أخرى ,بل ولا تستطيع دولة أو منظمة مهما علا شانها مواجهتها بشكل منفرد لذا كان لابد من الدعوة إلىسياسه دولية تعتمد نظاما موحدا وأدوات موحده للنظر بإمكانية خلاص بشري مطلوب على كوكب مهدد(شفيق المصري ،1992 : 20 ـ 21) وضمن هذا السياق تأتي دعوة (جاك أتالي ) لإيجاد سلطه سياسيه حقيقيه على مستوى الكرة الأرضية .تفرض بصورة ديمقراطية قواعد وضوابط في كل مجال تكون الحياة مهدده(جاك أتالي ، 1992 : 24) من كل ما تقدم تتضح لنا معالم صورة (سيادة الدولة)في ظل العولمة ,على الصعيدين الداخلي والخارجي فعلى الصعيد الأول تقود العولمة إلى تقليص دور الدولة ووظائفها داخل إقليمها الجغرافي .وعلى الصعيد الخارجي تقود إلى إضعاف سيادة الدولة لصالح مجموعة من المؤسسات والمنظمات الدوليه والإقليميه .ويبقى إن نحدد بعد ذلك ابرز خصائص السيادة الجديده في ظل العولمه . وفي هذا السياق يشير كل من بول هيرست وجرا هام تومبسون إلى خاصيتين أساسيتين للسيادة الجديدة هما (بول هيرست وجراهام تومبسون ،1999 : 279 )
1- أنها سيادة قابلة لان تنقل ملكيتها ألا أنها ليست كما ثابتا ,فالدول تسلم سلطتها لهيئات فوق القومية .
2- إنها سيادة قابلة للأنقسام.
ويمكن أن نضيف إلى ذلك سمتين اخريتين :
3- أنها سيادة مرنة تضيق وتتسع وفقا لضغوطات العولمة .
4- أنها ذات مضمون انتقائي –سلبي يصب في توسيع سيادة القوه الدوليه المسيطره على آليات العولمة والتي تسعى إلى تقييد المفهوم العام لسيادة الدولة الضعيفة .وعلية فان صورة المستقبل وخياراته تتباين في البلدان الصناعية الغربية عنها في دول العالم الثالث.
2-2 الآفاق ألمستقبليه للسيادة:
2-2-1 الآفاق المستقبلية للسيادة في البلدان الغربية :
لقد أضحى من لوازم الثقافة العصرية في الغرب اليوم التأكيد بان عصر الدوله القوميه قد انتهى (بول هيرست وجراهام تومبسون ،1999 : 157 )بل شرع أنصار هذه الفكرة في البحث عن البدائل المستقبلية المحتملة للدولة .وفي هذا السياق طرحت أربعة خيارات رئيسية : ـ
1- يتنبأ ريتشارد بتريلا بان حكومة المستقبل ستكون مداره من قبل حواظر عالميه أو دول مدن(ميلان-شتوكارت_برشلونة…..الخ)تعمل مع الشركات المتعددة القومية .
2- ويطرح اوهماي فكرة دول إقليمية ستظهر كمناطق اقتصادية عابرة الحدود .
3- في حين يرى كوتليب إقامة دول فعلية بلا حدود (متجاوزة للإقليم ) تشمل جماعات ثقافية موحدة كسبيل لتوحيد جهودها وإدارة مصالحها المشتركة وبالتالي يقترح إن يتسع النظام الدولي ليشمل أمما ليست منظمه إقليميا .
4- أما تون وفيلدمان فيركز على أن دور التكنلوجيا بالاختراق التكنولوجي في ولادة حكومات كونيه فعليه قادره على انجاز الخدمات العامه بدون حدود قوميه وفي رأينا المتواضع فأن مثل هذه الطروحات لاتخلو من المبالغه فالدوله القوميه لم تلق حتفها للاسباب الاتيه : ـ
أولا : إن انتصار العولمة ليست مسالة محسومة في الأوساط الغربية ،حيث تتصاعد المعارضة ضدها مع تصاعد التكاليف الاجتماعية المترتبة عليها ،وفي داخل الولايات المتحدة نفسها بدأت تتصاعد حركات فكرية مضادة للعولمة (يسين ، 1998 :13 ) وقد عبر عن ذلك خير تعبير الرئيس السابق لشركة فيان Umberto agnelli بقوله (حينما تبلغ التكاليف الاجتماعية حدا لا يطاق عندئذ ستزدهر في الدول المختلفة عقلية الانكفاء على الذات ) (ها نسن _بيتر ماتين ،هارلد شومان ،394:1998 )
ثانيا – على خلاف الحال في العالم الثالث ،فان العولمه بآلياتها المختلفة لم تجري في الغرب بمعزل عن إرادة الدولة (فأنظمة الإدارة والتوجيه والهيئات الدولية والسياسات المشتركة جاءت إلى الوجود لان الدوله القوميه هي التي اتفقت على إنشاءها ولذلك فهناك من يشيرالى إن مظاهر الدولة في الغرب لم تختف وإنما طرا تغير مهم في الوظائف الأساسية المنوط بها تنفيذها فقد أصبحت مطالبه بمزيد من القمع والقهر للعمال بدلا من تدليلهم ،وان ترفع يدها عن مسالة توزيع الدخل ,كما أنها مطالبه بتخفيض الضرائب “ومن ثم تقليص الإنفاق “تسهيلا لمهمة الشركات العملاقة في غزو العالم(جلال أمين ،156:1999 _160 )
ثالثا- على الرغم من إن مشروع العولمة كما يريد صانعوه (يؤكد على ضرورة تماسك العالم الغربي ومؤسسات العولمة في مواجهة الأطراف الضعيفة)(ااحمدثابت ،1990 :13 ) فان ذلك لا يمنع من وجود مظاهر سيادية ضمن إطار ظاهرة العولمة على مستوى البلدان الغربية ,ومن هنا راح البعض يشير إلى وجود مجموعة (عولمات)وليس عولمة واحدة .فهناك (عولمة “مؤمركة” وعولمة متا وربة”وثالثة على الطريقة الآسيوية (يسين ،12:1998 )وعلى الصعيد الثقافي-الحضاري بات موضوع الهوية الثقافية يشغل أوساط النخب ذات الرؤية البعيدة في الدول الأوربية لأنها بدأت تحذر من أخطار الغزو الأمريكي الإعلامي والثقافي الذي يهددها في لغتها وسلوك أبنائها وتصوراتهم (عزيز الحاج ،1993 :19 ) و (محمد عابد الجابري ،1998 :22 ) ومن ناحية أخرى وعلى الصعيد الاقتصادي لا يستبعد المحللون حدوث (حرب باردة اقتصادية )نتيجة الخلافات في السياسات الاقتصادية .
رابعا / هناك العديد من المسائل التي لم تخرج بعد على نطاق سيادة الدولة القومية في هذه البلدان . وفي هذا الصدد يشير فيلب غوميت إلى (انه على الرغم من إن عملية العولمه قد ضربت بجذورها في الأعماق في بعض الميادين وتخطت السيادة القوميه للدوله في بعض القطاعات كالمال والإعلام والثقافه ,إلا أن ألدوله القومية في المجتمعات الصناعية المتقدمة مازال لها الكلمة الفصل في مسائل أخرى كالدفاع وحتى التجاره الخارجيه على سبيل المثال ) كما إن السكان هم أصعب انتقالا مع السلع والمعلومات فهم يظلون مرتبطين بأرض محددة وخاضعين لجنسية دوله قوميه (بول هيرست ، جراهام تومبسون ، 1999 :279 )
خامسا:- أن سيادة الدوله ما تزال تؤكدها الدساتير الوطنيه وان احترام السياده مازال يشكل قاعده أساسيه في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحده (صلاح حسن مطرود ، 1995 : 32 )
سادسا : لا يخفى البعد الايدولوجي الرأسمالي المفروض لهذه الشعارات والدعوات والذي يهدف إلى خلق حالة من الاستسلام لدى الدول الضعيفه لتفتح الأبواب على مصراعيها لموجات العولمة الاقتصاديه والثقافيه والسياسيه .بما يخدم مصالح الدول الغربيه .

2ـ2 ـ2 الآفاق المستقبلية للسيادة في بلدان العالم الثالث :

إن العالم الثالث يشمل تشكيلة واسعة من الدول المتباينة في خصوصيتها القوميه والاجتماعيه والثقافيه والسياسيه (رياض عزيز هادي ،1994 : 212 )ولذلك فان صورة المستقبل لابد أن تختلف في دولة عنها في الأخرى .وان المحدد النهائي لما سينطوي عليه المستقبل هو طبيعة رد الفعل أو الاستجابة التي تصدر عن كل أمه والتي تتشكل وفق تاريخ الأمه وثقافتها الخاصه (جلال آمين ،1999 :127 ) ويمكن القول إن ردود أفعال هذه البلدان إزاء العولمة تتحدد بثلاثة اتجاهات أو خيارات رئيسيه (رعد كامل الحيالي ،1999 :4 )
الأول :ويتبنى المقاطعة التامه للعولمه وتمثله تلك الدول الرافضه للعولمه والتي تجاهد من اجل حماية تراثها واستقلال قرارها الوطني رافظة كل مشاريع الاحتواء الاقليميه والعالميه(حسين علي إبراهيم البطاوي ،1999: 145 ).وهذا الموقف في الواقع هو موقف سلبي غير فاعل لا يؤثر فيه (اختراق العولمة ) بل إن فعلة موجة إلى ألذات بقصد تحصينها لذا فان مصيره هو الإخفاق ,فالتحصين كما يرى د.محمد عابد الجابري (إنما يكون مفيدا عندما يكون المتحاربون على نسبة معقولة من تكافؤ القوى والقدرات أما عندما يتعلق الأمر بظاهرة عالمية تدخل جميع البيوت وتفعل فعلها بالإغراء والعدوى
والحاجة يفرضها أصحابها فرضا بتخطيط واستراتيجية ,فان الانغلاق في هذة الحاله ينقلب إلى موت بطيء قد تتخللة بطولات مدهشة ولكن صاحبه محكوم بالإخفاق (محمد عبد الجابري ، 1998 :224 _ 225 )
الثاني :- يدعو إلى الاستسلام إلى العولمه باعتبارها قدرا محتوما لا مفر منه لذا يدعو إلى قبولها بكل أبعادها ومثل هذا الموقف يستند إلى ثقافة الاختراق وهي ثقافه تنطلق من الفراغ أي من اللاهويه وبالتالي فهي لا تستطيع أن تبني هويه ولا كيانا (محمد عبد الجابري ،1998 : 224 _ 225 ) وتقود إلى إهدار السياده الوطنيه للدوله .

الثالث:- هو موقف لا ينطلق من الرفض الكلي بل يتعامل مع التحولات الكيفيه في الأوضاع العالميه بشكل ايجابي بحيث لا تؤدي إلى إهدار السياده الوطنيه فالأخطار تتضاءل أكثر إذا ما تجاوزنا موقفي الرفض الكلي أو القبول الكلي نحو تأصيل موقف ايجابي للتعامل مع الرفض والقبول بشكل ديالكتيكي جذري ينمي عناصر الممانعه عبر تنمية عناصر القوه بصورة عامه وهذا يتطلب فهم القوانين المحركه للعولمه والاستفاده من الامكانات الايجابيه التي توفرها لتعزيز السياده الوطنيه وتأكيد الهويه الثقافيه.

2-2-3- الآفاق المستقبلية للسيادة في بلدان العالم العربي
لقد شهدت الحقبه الزمنيه منذ منتصف الثمانينات وحتى وقتنا الحاضر تطورات بالغة الأهميه في حقل التجارة الدولية ولعل ابرز التطورات هي نزعة التكتل التجاري والاقتصادي فقد تعاقبت وبشكل سريع التحركات الرأسماليه الهادفه إلى توسيع كتل تجاريه قائمه أو تعميقها وانتشار كتل جديدة . ويتميز الوضع العالمي الجديد بظهور ثلاث كتل رئيسيه يحتمل أن يكون لها دور قوي على مجمل حركة الاقتصاد العالمي (احمد طه احمد ، 1992 : 232 )

الأولى – هي الكتلة الأوربيه الموحده والتي تظم اثنتي عشرة دولة أوربيه وتعد ثمرة لعمليه متواصله بدأت منذ تكوين السوق الأوربيه المشتركة عام 1957 .
الثانية – هي كتلة جنوب شرق آسيا وتضم اليابان , سنغافوره ،ماليزيا ،اندوسيا ،تايلاند ) و هذه الكتله ونتيجة لتطورها الاقتصادي فان تكاملها في هذا الجانب يصبح أمرا سهلا . إضافة إلى عملية التكيف الواسعة مع التكتلات الاقتصادية الأخرى .

الثالثة :- وتشمل كل من الولايات المتحدة ،كندا ،المكسيك أو ما تسمى باختصار بكتلة ( NAFTA)
وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن نمو التجاره البينيه داخل الكتله الواحده قد يؤثر على التجاره الدوليه بشكل عام بالإضافة إلى حركة رأس المال وهذا الأمر بمجمله يعكس ثلاث تحديات أمام الاقتصاديات العربية (ثامر كامل محمد ، 1997 : 190 )
أولا:- التحدي الأول يتمثل في حدوث العديد من التغيرات الدوليه التي يجب وضعها في الاعتبار ليتسنى إعادة النظر بإعادة التنميه العربيه التي سادت الحقبة الزمنية الماضيه وإرساء أسس التحول الاقتصادي وفق معطيات جديده تنسجم والتغيرات الدوليه الجديده 00
ثانيا:- التحدي الثاني يتمثل بظهور أشكال من الحماية المفروضه على التدفقات السلعيه في التجاره الدوليه 0 فمبدئيا تبشر الدول الصناعيه بحرية التبادل والتجارة ولكنها تسعى في الممارسة إلى فرض حماية مزدوجة بضغوط شاملة لتعزيز أهدافها ومصالحها وإبقاء الدول العربيه مصدرة للمواد الأوليه وأسواق لتصريف منتجاتها 0
ثالثا – التحدي الثالث . هذا التحدي يتمثل باتخاذ القرار العربي من خلال عملية مفاضله بين أي من البدائل التالية يتوجب الأخذ بها .
2-2-3-1 البديل الأول :-

ويعتمد على فك الارتباط مع المنظومه الدوليه عموما والمراكز الإمبرياليه المهيمنه على هذه المنظومه بصورة خاصه . أي التحرر من التبعيه عموما واعتماد استراتيجيه تقوم على أساس الاعتماد العربي الإجمالي على الذات ويواجه هذا البديل عدد من العقبات متمثلة بمايلي :-
1- معارضة بعض الدول العربية وخاصة الخليجية لارتباطها القوي بهذه المنظومة .
2- تعاظم نسبة التخلف التكنولوجي والتنظيمي العربي مما يجعل من الصعوبة بمكان فك العمليات الاستراتيجيه مع النظام العالمي بدون إلحاق أضرار شديده بالاقتصاديات العربيه.
3- لا تستطيع الدول العربيه في ظل النظام العالمي الجديد مقاومة الضغوط الغربيه الهادفه إلى سياسة الانفتاح في الاقتصاديات العربيه .
4- إن أية استراتيجيه لإحلال الواردات في التنميه العربيه سوف تكون مكلفه اقتصاديا وقد تؤدي إلى اتساع الهوه التكنولوجيه مع الدول المتقدمه .

2-2-3-2 البديل الثاني
ويتضمن الإحلال التدريجي للتعاون التجاري والاقتصادي العربي محل التفاعلات التجاريه والاقتصاديه العالميه ….. وهذا المنطق لهذا البديل يقوم على أساس التكامل والاندماج الإقليمي في إطار كلاسيكي وهو المنطق الذي يدافع عنه المعتدلون العرب ذوو الارتباط العميق بالمراكز الغربية .

2-2-3-3 البديل الثالث

التعامل ألتمييزي والموجه سياسيا مع القوى والكتل التجاريه والاقتصاديه الدوليه ويقوم المنطق لهذا البديل على إدارة العرب لعلاقاتهم الدوليه السياسيه والاقتصاديه معا والتمييز بين الكتل الدولية وفقا لاقترابها وابتعادها عن المصالح العربية السياسية والإستراتيجية .
ويتميز هذا البديل بمايلي :-
أ‌- لا يؤدي إلى فك الارتباط الكامل أ والانقطاع عن المبادلات الاقتصاديه العربيه الدوليه .
ب‌- يدرك أهمية العوامل الجديدة التي تفرزها الكتل التجاريه .
ج – يسعى للاستفادة من التناقضات بين الكتل التجاريه .
2- 4 : الاستنتاجات والتوصيات:
من خلال ما تقدم عرضه يمكن أن نستنتج الحقائق التاليه .
1- إن النظام العالمي الجديد ( العولمه ) نظام متفرد وتنفرد بزعامته قوى دولية هدفها السيطرة سياسيا واقتصاديا على دول العالم .
2- إن العولمة تستوجب جملة شروط تسعى إلى تحقيقها . أهمها تآكل السلطه الوطنيه في العالم الثالث وبلاد الوطن العربي وخضوع مجتمعات الأطراف بشروط الاندماج التبعي في السوق الرأسمالي وتآكل الخصائص الوطنيه للتنميه وخضوعها لنماذج الكونية الجاهزة والسيطرة علىانماط التصنيع والتكنلوجيا في مجتمعات الأطراف المضيفه والسيطرة على ثرواتها وتسخيرها لخدمة اقتصادها الرأسمالي وإخضاع الإداره الداخليه للاقتصاديات المعولمه إلى اللا مركزيه الاقتصادية وإلحاق هذا الدور بشركات متعددة الجنسية والاستثمار الأجنبي .
3- العولمة أخذت أبعادها في المرحله الراهنه بانتصار القوى الرأسماليه العالميه بقيادة الولايات المتحدة الامريكيه وانهيار الاتحاد السوفيتي والأنظمه الاشتراكيه في دول أوربا الشرقية فاستعاد النظام الاقتصادي و الاجتماعي الرأسمالي هيمنته وانتشاره بدينامية جديده مؤسسة على اقتصاد السوق وإدماج القسم الأكبر من الاقتصاديات الوطنية بالسوق الرأسماليه الجديدة بحيث أصبحت هذه
الاقتصاديات أسيره لمفاهيم السوق والمنافسه الاحتكاريه التي تتحكم فيها القيم الاقتصاديه العملاقه متخطيه الحدود والقيود مستندة إلى قوى السوق وبأشراف مؤسسات العولمه الاقتصاديه الثلاث .. صندوق النقد الدولي . البنك الدولي للإنشاء والتعمير . المنظمه العالمية للتجارة خليفة ( ألغات )
4- تمثل العولمة التي يشهدها العالم اليوم تحديا خارجيا خطيرا للبلدان العربيه والعالم الثالث واقتصادياتها ،فالوطن العربي مراقب ومهدد في الوقت نفسه . يعيش مرحلة من التناحر والتآكل والتهميش فاقدا لأي إستراتيجية سياسية أو اقتصاديه ديناميه للدفاع أو للهجوم . إن عملية الضغط والإضعاف التي تستهدف وطننا العربي من اجل زعزعة استقلالة السياسي والاقتصادي وتعطيل مؤهلاتة حتى لا يبقى أمامه سوى الاندماج السلبي في آليات العولمه و بالصيغة التي يفرضها الأقوياء تحت اسم التدويل الشامل للاقتصاد .
أما السبل التي على الدول العربية الأخذ بها لمواجهة هذة الظاهرة الجديده يكمن في أن العالم ينظر إلينا اليوم كأمة
عربيه واحده لها حضارة عريقة ورغبه في بناء مستقبل أجيالها ولابد من التكتل الاقتصادي العربي لمواجهة التكتلات الاقتصادية العالمية الامريكيه والأفريقية والآسيوية والامريكا اللاتينية بدلا من تكريس السياسات ألقطريه
الضيقه . ولابد من اغتنام الفرصة لوضع أسس التعاون في المجالات كافة سياسته واقتصاديه واجتماعيه للدخول في النظام العالمي الجديد وهنا لابد من الإشارة ، لبعض الوسائل التي عن طريقها يمكن مواجهة العولمه.
1- قيام سوق عربيه لراس المال وحركته في إطار الوطن العربي وصنع إطار قانوني وتشريعات حديده تتلاءم مع المتغيرات المستجد ه في الأسواق العالمية .
2- حرية انتقال عناصر الإنتاج وقوة العمل والأشخاص وراس المال .
3- توحيد السياسات النقديه والماليه والجمركيه والنقل والترانزيت والتجاره الخارجيه .
4- العمل على إقامة هيئة استشارية عربية مشتركة سياسية اقتصاديه اجتماعيه مهمتها تقييم واقتراح السياسات المستقبليه في هذا المجال .و تحديد الاختلافات وسبل معالجتها .
5- وضع استراتيجيه بناء القدره التنافسيه والتي تعد من أهم عناصر الاستراتيجية العليا للتنميه الشامله في الوطن العربي .
6- إن العالم اليوم والمستقبل هو عالم التكتلات عالم الشركات والاستثمارات الكبرى عالم الثقافه والمعلوماتيه . عالم الإدارة القادره والقرار النافذ . لذلك يتوجب على البلدان العربيه أن تخطو خطوات حاسمه في استمرارية لا رجعه فيها لتحقيق هدف التكامل الاقتصادي العربي والو حده ألاقتصاديه العربيه التي بدونها يبقى الوطن العربي تابعا فاقدا لسيادته فاقدا لاستقلالة الاقتصادي في ظل فلسفة التهام السوق الذي تقوده العولمه .

 

المراجع
2 ـ4​

2 ـ4 ـ1 الكتب و المصادر العربية
1- د .إبراهيم احمد شلبي ,مبادئ القانون الدولي العام (بيروت :الدار الجامعية,1986).ص19.
2- د.بطرس غالي ,محمود خيري ,مبادئ العلوم السياسية (القاهرة:مكتبة الانكلو_مصرية 1963ص115 .
3- بول هيرست وجراهام تومبسون ،مساءلة العولمة :الاقتصاد الدولي وإمكانات التحكم ,ترجمة :إبراهيم فتحي (بلامكان :المجلس الأعلى للثقافة والعلوم ,1999) .ص251ـ252 .
4- جاك أتالي ،آفاق المستقبل :إحداث واستشراق للسياسات المتصارعة على الساحة الدولية في مستهل القرن الحادي والعشرين ,تعريب :د.محمد زكريا إسماعيل (بيروت ،دار العلم للملايين ,1992).ص24 .
5- د.جلال أمين ،العولمة والتنمية العربية :من حملة نابليون إلى جولة الاراغواي 1897-1998,ط1(بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية ,1999).ص127 .
6- خليل إسماعيل ألحديثي ،المعاهدات غير المتكافئة في وقت السلم (بغداد،مطبعة جامعة ،1981).ص19 .
7- رايموند كارفيلد كتل ,العلوم السياسية ,ترجمة :د.فاضل زكي (بغداد:شركة الطبع الأهلية،1960)ج1. ص175 ـ176 .
8- رعد كامل الحيالي ,العولمة وخيارات المواجهة (بغداد:شركة الخنساء،1999).ص9 .
9-شفيق المصري النظام الدولي الجديد:ملامح ومخاطر (بيروت:دار العلم للملايين ,1992).ص76 .
10-عبد الحي يحي زلوم,نذر العولمة ,ط1(بيروت:المؤسسة العربية للدراسات والنشر,1999).ص354 ـ355.
11-عبد الرضا حسين الطعان ,تاريخ الفكر السياسي الحديث (بغداد:دار الحكمة,1992).ص83 .
12 _ د.محسن عبد الحميد ,العولمة من منظور إسلامي (بغداد بلامط،2000).ص5ـ7 .
13 _د.محمد بدوي ,النظرية السياسية :النظرية العامة للخدمة السياسية (القاهرة:المكتب المصري الحديث ,1986).ص77 .
14- د..محمد عابد الجابري ،قضايا في الفكر المعاصر (بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية ,1997).ص136 ـ137 .
15- د . محمد عابد الجابري ،المسألة الثقافية في الوطن العربي ،سلسلة الثقافة ألقوميه : 25 ط2
(بيروت : مركز دراسات ا لوحده العربيه ،1999) .ص179 .
16ـهانس ببتر مارتن ، هارلدشومان ، فخ العولمه : الاعتداء على الديمقراطيه والرفاهيه ، ترجمة : د . عدنان عباس علي ، سلسلة عالم المرفه : 238 ( الكويت :المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، 1998) .ص460 .
17ـ ولتر. ب . رستون ، أفوال السياده : كيف تحول ثورة المعلومات عالمنا ، ترجمة : عزت نصار وجورج خوري (عمان : دار النسر للنشر ، 1994 ) .
18ـ محمد عابد الجابري ,العولمه وخيارات المواجهه (بغداد :شركة الخنساء , 1999 )ص9 .
2ـ4 ـ 3 ـ الاطاريح والرسائل الجامعيه :
1ـ باسم علي خريسان “العولمه والتحدي الثقافي ” ، رسالة ماجستير (غير منشوره ) ،جامعة بغداد / كلية العلوم السياسيه ، 1999 .ص19 .
2ـ حسين علي البطاوي ” العولمه ومستقبل السياده في العالم الثالث ” رسالة ماجستير (غير منشوره ) ، جامعة بغداد / كلية العلوم السياسيه ، 1999 م .ص76 .
3ـ صلاح حسن مطرود الربيعي ” السياده وقضايا حقوق الإنسان وحرياته الاساسيه ” ، أطروحة دكتوراه ( غير منشوره ) ، جامعة بغداد / كلية العلوم السياسيه ، 1995 م .ص14 .
4: ـ د محمد عابد الجابري ،”العولمه والهويه الثقافيه : عشر أطروحات ،” المستقبل العربي السنه العشرون ، العدد 228 ( شباط / 1998) .
2ـ2 ـ4 : ـ الدوريات : ـ
1ـ أحمد ثابت ، ” العولمه والخيارات المستقبليه ،” المستقبل العربي السنه ا لحاديه والعشرون ، العدد 240 ( شباط ، 1990 ) .ص17 .
2ـ إسماعيل صبري عبدا لله ، “ألكوكبه : الرأسماليه العالميه ما بعد الامبرياليه ، ” المستقبل العربي السنه التاسعه عشره ، العدد 222 ( آب / 1997 ).ص8 .
3ـ حميد ألجميلي ،” أوهام التنميه العربيه : صورة اختلالات هياكل الإنتاج وترتيب التجاره الخارجيه” شؤون سياسيه ، السنه الأولى ، العدد 1 (كانون الثاني ، 1994) .ص80 .
4ـ السيد يسين ،” في مفهوم العولمه ،” المستقبل العربي ، السنه العشرون ، العدد 228 (شباط / 1998 ) .
5ـ د . عبد اللطيف هميم ،” العولمه وانعكاساتها على الدول العربيه ،” مجلة كلية المعارف الجامعه السنه الأولى ، العدد الثاني ( نيسان / 1999 ) .ص160 .
6– د.فتح الله ولعو تحديات عولمة الاقتصاد والتكنلوجيا في الدول العربية ،ورقة مقدمة إلى ندوة تحديات العولمة الاقتصادية و التكنولوجيه التي عقدها منتدى الفكر العربي في 17/كانون الأول في عمان ،1995،ص64 .
7ـ بول سالم “الولايات المتحدة والعولمة معالم الهيمنة في مطلع القرن الواحد والعشرين ” وفي العرب والعولمة مصدر سابق ص220
8– د.رياض عزيز هادي “العالم الثالث والتحديات الأساسية ” في كتاب الثقافة الوطنية والقومية “العالم المعاصر .ص212 .

 

مجلة علوم انسانية WWW.ULUM.NLالسنة السابعة: العدد 42: صيف 2009- July7th Year: I​

 

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى