في عصر ترتكز فيه معظم أنشطة الإنسان الاجتماعية والشخصية والاقتصادية والتجارية والسياسية على مدى ما يتمتع به من قدرات وملكات اتصالية بالآخرين، يمكن لنا أن نسمي هذا العصر عصر الإنسان الاتصالي بكل ما تحمله اللفظة من دلالات. ولكن على الرغم من أهمية ومركزية الاتصال كظاهرة أساسية في حياة البشر، إلا أن الكثيرين منا لا يولون هذا الجانب ما يستحقه من الاهتمام الأمثل . ومن الطبيعي أن تجد الكثيرين منا ينظرون للاتصال باعتباره مسلمة لا تحتاج لكثير من التساؤل والجدية. بل إنه على الرغم من أننا ككائنات اتصالية مقبلون على القرن الحادي والعشرين من الحضارة الإنسانية، إلا أن معظمنا لا ينفك يأخذ الاتصال على عواهنه دونما أدني محاولة لاستيضاح طبيعته ومعوقاته، ومعرفة أفضل الطرائق للتعامل معه.
وقد لا أتفق مع الكثير من الباحثين الذين يسلمون بأن عصرنا هو عصر الاتصالات، وذلك بسبب أن الاتصال ظاهرة إنسانية اجتماعية كانت ولا تزال ذات حضور في تكون وتحلل المجتمعات البشرية، وليست قاصرة على مجتمع أو عصر دون آخر. ولكن وبشيء من التحفظ يمكننا أن نقول بعصر انيتنا الاتصالية فقط على أساس الأدوات التكنولوجية، والآليات التقنية المتعاظمة والمتاحة لنا اتصالية . و مرجع هذا التحفظ على مقولة اتصالية عصرنا دون غيره من عصور الإنسانية، يعود بالدرجة الأولى إلى أن الاتصال كعملية ذات متغيرات وعناصر محددة ظلت ولا تزال تحمل في ثناياها نفس البنية التحتية اللازمة لأي موقف اتصالي .