دراسات سياسية

عنصرية الديمقراطية الغربية عبر الإعلام المعرّب

“قطعت جهيزة قول خطيب” مثل عربي ينطبق على كلمة الفصل للشعب التركي في أول انتخابات ما بعد الإصلاحات السياسية الجديدة، وكانت كلمة الفصل أحد من السيف في هزيمة الحملات الإعلامية الغربية عبر الإعلام المعرّب التي استهدفت تخويف الرأي العام الدولي من عودة أردوغان إلى الحكم، ومحاولات التلاعب بالعملة التركية للتأثير على الناخب التركي.

وإذا كانت الانتخابات التركية قد وضعت أوزارها، فإن النيران الإعلامية مازالت نشطة في محاولة تقديم صورة مأساوية لمستقبل تركيا تحت حكم أردوغان، مثلا أن فوز أردوغان سوف يؤدي إلى قيام نظام الخلافة من جديد، الترويج لعودة النزعة العثمانية، تصعيد المخاوف حول إلغاء الديمقراطية، تسويق الرهاب حكم الرجل الواحد… في النهاية تصوير النجاح الديمقراطي في تركيا من قبل الإعلام الغربي المعرّب لشعوب المنطقة العربية بأنه إنجاز للفشل الديمقراطي، وتقزيم العملية الديمقراطية، وبخس لقوة التحالف الذي قاده حزب العدالة والتنمية؛ الأكثر من ذلك، أن البعثة الأوربية المشاركة في مراقبة الانتخابات بررت هزيمة المعارضة بعدم التكافؤ بين الأطراف المتنافسة في وسائل الإعلام، في حين أن في تركيا ما يقارب 30 قناة تلفزيونية، 22 منها تابعة لأحزاب المعارضة من كل الأطياف : الكردية، القومية، الإسلامية، اليسارية، والليبرالية. الهدف المقصود في النهاية بأن الديمقراطية الحقيقية الوحيدة موجودة فقط في إسرائيل.

من ناحية المقارنة، جرت انتخابات عامة في أهم دولتين في المنطقة يفصل بينهما أقل من ثلاثة أشهر، في كل من مصر وتركيا، قامت الحكومة المصرية بكل الإجراءات لمنع ترشح أي شخصية تستطيع منافسة الرئيس المصري، جلب أحمد شفيق من الإمارات بعد إعلان نيته الترشح واحتجز لأسابيع ليجبر على سحب نيته في الترشح، وكذلك الأمر بالنسبة لقائد الأركان الجيش المصري السابق وشخصيات قانونية أخرى. في مقابل ذلك، دخل السباق الرئاسي في تركيا شخصيات من كل الأطياف إلى جانب أردوغان، ودخلت كل الأحزاب البرلمانية؛ دون أن تتعرض للمتابعات القضائية أو افتعال التهم، أو الحوادث المأساوية ضد أنصار المعارضة.

الحقيقة أن عنصرية الديمقراطية الغربية عبر الإعلام المعرّب ليست خاصة فقط بتركيا، وإنما أيضا تعرضت إيران لنفس الحملة، لتشويه صورة الديمقراطية الإيرانية في عقول الشعوب العربية، التي مازال البعض من هذه الأخيرة يعيش في نظام القرون الوسطى بلباس العولمة، وأخرى في حقبة الحرب الباردة بارتداء درع الحرب على الإرهاب بالنيابة عن الغرب وإسرائيل.
في كل الأحوال، بقدر فرح المنطقة بنجاح الديمقراطية التركية، بقدر ارتفاع الأعباء الأخلاقية والسياسية والاقتصادية على الحكومة التركية الجديدة من اجل أن تكون في مستوى تطلعات الشعب التركي ومكانة الدولة إقليميا، كقوة متقدمة اقتصادية ومتحدة سوسيولوجيا، ومتفوقة عسكرية.

عامر مصباح
جامعة الجزائر 3

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى