عودة مقاتلي داعش .. خطر على أمن منظقة الساحل الافريقي و شمال افريقيا

تؤكد المؤشرات الامنية وتصريحات المسؤولين في الاتحاد الافريقي انه من المتوقع أن يعودوا إلى القارة الإفريقية، هناك تقارير تؤكد وجود ستة آلاف مقاتل أفريقي من ضمن ثلاثين ألف مقاتل أجنبي التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي في الشرق الأوسط حيث في انهيار تنظيم داعش الارهاب يتتسم مرحلة ما بعد فشل مزاعم خلافة «داعش» في كل من سوريا والعراق، وتشرذم التنظيم وتناثره إلى مجموعات صغيرة، تجلت نتائجه الأولية بتصاعد أزمة عودة المقاتلين الأجانب، بالأخص كون التنظيم تمكن عبر تقنياته المتطورة من استقطاب وتجنيد عدد كبير من القادمين من بقاع مختلفة، وقد بدأت معالم ذلك تظهر في أوروبا لتمتد إلى أفغانستان والفلبين و دول شمال افريقيا و الساحل الافريقي. وقد قدر المنسق المكلف بمكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي جيل دي كيرشوف عدد المقاتلين الأوروبيين الموجودين حاليا في الشرق الأوسط بما يتفاوت ما بين 2000 و2500 مقاتل، يتوقع عودتهم إلى أوروبا ليتعاظم احتمال خلق خلايا نائمة قادرة على ارتكاب هجمات إرهابية عشوائية واللجوء لعمليات خفية تحت الأرض يصعب تحديدها . وتتصدر كل من فرنسا وبلجيكا إجمالي عدد المقاتلين الأوروبيين.

وتتفاقم أزمة المقاتلين الأجانب مع تدفق المهاجرين إلى أوروبا عبر سواحل إيطاليا، إذ حذر رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاياني من إمكانية تسلل المقاتلين الأجانب عبر تلك السواحل. وفي الوقت الذي تسعى فيه دول أوروبية لسن قوانين وتشريعات لطرق مواجهة هذه العودة الكارثية، اتجهت إدارة دونالد ترمب إلى طرق أكثر ضراوة تتمثل بتطويق مواقع الداعشيين من أجل إبادة المقاتلين ووضع حد لتدفقهم وعودتهم إلى أوطانهم أو إيجاد ملاذ آخر. والحد من الهجمات الإرهابية التي بدأت بالتصاعد تحديدًا في أوروبا لتتناثر ما بين برشلونة وبروكسل وباريس وهامبورغ، لتتسم بالعشوائية وبتخبط مرتكبيها ممن يظهر بمظهر المختل عقليًا، ويسهل قتلهم من قبل السلطات. إذ إن الهدف يتمركز حول إعمال الرعب وقتل المدنيين ممن تتم شيطنتهم والحث على إبادتهم بأي وسيلة سانحة. الأمر الذي يتسبب من جهته في تصاعد الإسلاموفوبيا؛ مما قد يؤدي إلى غضب الأوروبيين وتأجيج الممارسات العنصرية، سواء فردية أو ما قد يتفاقم فيما بعد أن يتم ربط العنف ومفاهيمه بالمسلمين؛ الأمر الذي يزيد من شعور الأقليات بالإقصاء والشعور بالاختلافات الثقافية، ويزيد من احتمال تعاطف أفراد مع تنظيم داعش أو تنظيمات أخرى قد تبزغ مستقبلاً.

قد تحدد الفترة المقبلة مصير المستقبل الساحل الافريقي خاصة والدول الافريقية واحتمال وقوعها في معضلة عودة هؤلاء الارهابيين لبعث مشروع الخلافة المزوعومة خاصة في ظل ورد اخبار عن مكان امير التنظيم الارهابي في الساحل الافريقي و في هذا السياق نقلت صحيفة “ذي صن” البريطانية في تقرير لها تصريحا للزعيم السابق للجماعة الإسلامية في مصر قال فيه: “إن البغدادي ربما يوجد في شمال تشاد  أو في المنطقة الحدودية التي لا تخضع للقوانين بين  الجزائر  والنيجر” واستندت “صن” في تقريرها، كذلك، على الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، المصري سامح عيد، الذي قال إن “البغدادي يوجد على الأرجح في أفريقيا، بعدما فرّ أعضاء التنظيم من سوريا و العراق وفي ديسمبر الماضي، و في نفس يؤكد وزير الخارجية الجزائري ، عبد القادر مساهل، أن تنظيم “داعش” حث عناصره على “الهجرة نحو ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء بشكل أضحى يمثل خطرا على المنطقة وقال مساهل، لدى افتتاح اجتماع حول مكافحة الإرهاب في إفريقيا عقد بمدنية وهران غرب الجزائر: “إن تراجع الإرهاب عسكريا في سوريا و العراق  ، جعله يأخذ منحى آخر، ويطرح تحديات وتهديدات وقيودا أمنية جديدة وكشف مساهل عن وجود خطر متمثل في “عودة متوقعة لعدد من المقاتلين الإرهابيين الأجانب الأفارقة إلى بلدانهم الأصلية أو إلى الأراضي الإفريقية، حيث يعملون على الاستقرار بها ومتابعة أهدافهم الإرهابية. وقد دعا داعش عناصره إلى العودة إلى ليبيا، والساحل، ومنطقة الساحل والصحراء ككل. ووفقا لتقارير صحفية، فإنه قد تم تسجيل تحركات مقاتلين أجانب في هذا الاتجاه وأكد وزير الخارجية أن الجماعات الإرهابية الناشطة بالمنطقة تقوم “بإعادة تنظيم نفسها، وتجميع مواردها، وهي تستعد لتجنيد هؤلاء الوافدين الجدد، الذين يتمتعون بتدريب إيديولوجي وعسكري، وقدرة عالية على استغلال شبكة الإنترنت والشبكات الاجتماعية  وإذ يملك التنظيم مخزونا بشريا ضخما من هؤلاء المقاتلين، فمن المحتمل بشدة أن تعود من جديد ظاهرة “العائدون”. لكن الموجة الجديدة من تلك الظاهرة ستأتي مختلفة عن الموجة الأولي في العراق و سوريا، حيث الأعداد أكبر و بيئة الساحل معقدة في ظل وجود فشل دولاتي بامتياز و انكشاف جغرافي خطير ، والتركيبة والخصائص مختلفة، والمخاطر أعلى.

يثير ذلك الأمر الذي التساؤل حول كيفية تعامل الحكومات الافريقية مع تلك الموجة الجديدة من العائدين، خصوصا في ظل التحولات التي شهدتها الظاهرة، وما ستفرزه من تحديات جديدة على الدول الافريقية و ظل هذه التهديدات الخطيرة دقت الجزائر ناقوس الخطر في المنطقة وتنبهت السلطات الجزائرية إلى انعكاسات عودة «القنابل الموقوتة» إلى المنطقة، حيث أبلغت نظيرتها المغربية بداية أواخر العام الماضي بوجود خلايا إرهابية نائمة في المغرب، تقوم بإرسال مقاتلين إلى ليبيا، مستغلة سهولة التنقل جوًا عبر الجزائر برحلات للخطوط الجوية الليبية، التي قررت السلطات تعليقها إلى أجل غير مسمىفي ظل ما يشهده تنظيم داعش الإرهابي من تراجع ميداني، اعتمد عناصر التنظيم تكتيكات هجومية مختلفة تلائم الوضع الجديد بعد التضييق عليه أمنيا في كافة دول العالم فبدأ عناصره في التركيز على الهجمات التي قد لا يستطيع اعتى جهاز أمني أن يمنعها دون ان يكون لديه معلومات مسبقة أو قرائن خاصة بتلك الأنشطة الإرهابية، حيث تعتمد الهجمات على ادوات غير قتالية بالأساس كالدهس بالسيارات والشاحنات والطعن بسكاكين المطبخ وغيرها من الهجمات التي يصعب كشفها قبل وقوعها مالم تكن الأجهزة الأمنية على قدر عالي جدا من اليقظة والاستعدادحالة من الخوف والترقب تنتاب دول العالم من التهديد المرتقب الذى قد تمثله قوافل العائدين من ساحات الصراع فى داخل سوريا والعراق بعد تداعي سيطرة تنظيم داعش الإرهابي وتآكل مناطق سيطرته بحيث أصبح سقوط الرقعة المتبقية تحت يديه مسألة وقت فقط، لذا بدأ التنظيم الإرهابي استعداداته لتغيير استراتيجيات الهجوم بحيث يتوزع أفراده السابقين في دول العالم ليتبعوا نهج العمليات الإرهابية الخاطفة التي يقوم بها غالبا عناصر غير معروفة للأجهزة الأمنية بالدول التي يعيشون بها ولا يستطيع أحد الجزم بدول معينة ستقتصر عودة الدواعش إليها لاسيما بعد توسع تهديدات داعش لتشمل كثير من دول العالم، فحتى الصين لم تسلم من تلك التهديدات فقد وجه لها التنظيم في مارس الماضي تهديدا بـ”سفك الدماء كالأنهار”، وتأخذ الأجهزة الأمنية كافة التهديدات على محمل الجد.

و يبقي الخطر المحدق بدول الساحل و الفضاء المغاربي دخول الإرهابيين إلى بلدانهم عن طريق الهجرة غير الشرعية احتمال وارد جدا على الرغم من تيقظ الأجهزة الأمنية في دولهم والإجراءات الأمنية الصارمة، خاصة أن الأرض الخصبة لداعش هي التي تحتوي على شكل من أشكال التوترات السياسية ولا يوجد فيها سيطرة من أجهزة الدولة مثل ليبيا على سبيل المثال.

الدكتور حكيم غريب

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button