دراسات سوسيولوجية

فاقد الشيء لا يعطيه … !!!

د. نيرمين ماجد البورنو

 توارثنا مقولة “فاقد الشي لا يعطيه “وتجاهلنا أن لكل قاعدة شواذ ؛ ويستخدم القول عادة بحجة ان من حرم أمرا أو شعورا ما ولم يذقه أو يعايشه لن يستطيع أن يمنحه للآخرين ؛ فلا تصدق تلك العبارة فهي خاطئة بكل ما تحمله من مفردات ومعاني ؛ بل فاقد الشيء يعطيه ببذخ لأنه أدري الناس بمرارة فقده وهو أكتر واحد داق طعم الاحتياج له ؛ فلقد قضي عمره في تجارب فاشلة فلذلك فهو أنجح انسان وأحسن شخص يمدك بنصائح حقيقية بدون مصالح ولا رياء , فالشخص الذي قضي عمره يتيم الأب وعجي الأم يبقي أحن شخص على أبناءه لأنه عرف قيمة الفقد؛ وكثيرا من الفقراء لما اغتنوا أضحوا أكثر سخاء وأكرم خلق الله ؛ وكثير من النساء انحرموا الأولاد لكنهم ربوا أجيال وكانوا مثال للأمهات بالحنية والعطاء والأخلاق والتضحية ؛ ولو فاقد الشيء لا يعطيه ما كنا شفنا ناس عايشه تعاني أوجاع وأوضاع اقتصادية واجتماعية محزنة لكنها بنفس الوقت ترسم البسمة على وجوه غيرها من البشر وتسعد قلوب كثير من البشر.

ولقد قامت إحدى قنوات على اليوتيوب بعمل تجربة اجتماعية وإنسانية ، تقيس مسألة العطاء لدى الناس؛ فأخذ الممثل يطوف بالشوارع ويتظاهر بانه جائع ويطلب من الناس الذين يتناولون الطعام إعطائه جزء صغير طعامهم يسد به جوعه ؛ فكانت المفاجئة صادمة بان الرفض كان يأتي من الناس الذين يبدو عليهم يسر الحال وسعة العيش ؛ أما العجب العُجاب فلقد وافق شاب فقير ليس له مأوى  أن يشاركه طعامه  ؛ على الرغم من ان هذا الفقير لا يملك وجبه اخري يسد بها رمقه عند الجوع فلقد كان أشد كرما ممن يملك المال .

إن معظم العباقرة والكتاب والفلاسفة عاشوا ظروفا صعبه وقاسية حرمتهم الظروف نعما كثيرة ومن أمثلة تلك النماذج ؛ طه حسين وابوا لعلاء المعري كان لا يبصران وكتبا أروع وأجمل الأعمال الأدبية , وبتهوفن والذي كان أصما منح العالم أجمل سيمفونية والتي ما زالت حتى وقتنا الحاضر وغيرهم من الكثيرون الذين حرمانهم سببا في عطائهم اللامحدود , فالمفكرين والمخترعين جميعهم في بدايتهم كانوا يفتقدون ما نجحوا في اختراعه ؛ فلقد كان العرب يعتمدون قديما في رحلاتهم الاستكشافية لمعرفة الاتجاهات الاربعة النظر للنجوم ولكن كثيرا ما كانت تواجههم صعوبات جمه بسبب تغير الاحوال الجوية عندما تملأ الغيوم السماء فتعمل على حجب النظر للنجوم فكان ذلك يحد من حركتهم ونشاطهم مما دفعهم فقدهم الدائم لأداه تنقذهم من الضياع فبذلوا كل جهدهم في اختراع البوصلة ؛ إذن سر عطاؤنا الزائد بشي ما هو في الحقيقة ما نفتقده بشده. .وعليه نقيس بقيه أمور الحياه بسبب العطاء…

ونجد الاباء المدمنين على التدخين والذين لا يستطيعون مقاومة السيجارة يمنعون أبنائهم من التدخين لانهم لا يريدون لهم أن يقعوا فريسه هذا الفخ الذي يوصلهم الى المرض والموت , ونجد أيضا الأمهات غير المتعلمات يحاربن أكثر من غيرهم ويتحدين ظروف الحياة القاسية من أجل تعليم أبنائهم ويحاولن تعويض النقص الذي يشعرون به نتيجة الجهل والفقر ؛ فهل سنستمر بترديد المقولات  والحكم المحبطة والسلبية ّ ونتداولها في حياتنا !!! ولما لا ننظر الي الشخصية الايجابية على انها طاقة وعزيمة وارادة تدفع بصاحبها لتعويض النقص والحرمان الذي عاناه في حياته ويعمل على تعويضه بالحب والاحترام فليس من الضروري تقديم فائضَ حاجتنا عن رخاء و كفاية؛ فقد نكون فاقدين للشيء، لكننا الأكثر عطاءا له؛ إذن فاقد الشيء يُعطيه …وبحُب …

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى