دراسات سياسية

الفوضى غير الخلاقة في البيت الابيض

وليد عبد الحي

أزعم ان السياسة الامريكية على المستويين الداخلي والخارجي لم تعرف قدرا من الفوضى وفقدان التوازن كما هو عليه الحال منذ تولى ترامب سلطته الرئاسية، ويبدو لي ان كرسي الرئاسة الامريكي ” أكبر ” من المؤهلات القيادية لترامب، وهو الوضع الذي يغري على القول بأن ترامب ” يعبث وبقدر من الاستهتار ” بقواعد راسخة في بنية وآليات صنع القرار السياسي الامريكي.
ولعل تزايد الدعوات في وسائل اعلام امريكية نافذة ومن قبل شخصيات سياسية او أمنية او قانونية بل واجتماعية بضرورة توجيه الاتهام لترامب بتعطيل “سير العدالة” بخاصة بعد قضية كومي المعروفة وذيولها الروسية تشير إلى أن مفاصل الإدارة وجماعات ضغط نافذة بدأت تضيق ذرعا بهوج الرجل.
إن الصورة السائدة لترامب ” الكذاب” والنرجسي بل والفاقد الأهلية، وإن قراراته الداخلية والتي ما ان يصدرها حتى تنهض الإدارات الحكومية والمحاكم لتعطيل هذه القرارات وعدم الاستجابة لها تعزز صورة الفوضى.
وفي سياسته الخارجية يبدو ترامب يقود “فوضى لا سراة لهم”، فنراه يتخذ موقفا متناقضا بين ليلة وضحاها او يتناقض تماما مع مواقف أفراد إدارته ، ولعل الموقف من الموضوع القطري الاخير شاهد على ذلك ، ناهيك عن مواقفه من الناتو وحلفائه لا سيما المانيا وتركيا.
أزعم ان مشكلة ترامب المركزية هي أنه “أسير عقلية مدير الشركة” التي له فيها كل الحق في أن يحرك اموالها وموظفيها كما يشاء وأنى شاء، وهو عاجز عن إدراك ان البنيات السياسية لها قيمها وآليات سيرها وضوابطها القانونية وتعددية جهات صنع القرار فيها بشكل لا يتسق وثقافة التاجر دائما…ويكفي التأمل في الفرح الطفولي له عندما عاد من الصفقة السعودية قائلا ” جئت لكم بمئات الوف الوظائف” بعيدا عن لياقة الصياغة الدبلوماسية للانجاز السياسي او الاقتصادي.
هذه الفوضى “غير الخلاقة بالمفهوم الامريكي” تتبدى جلية في الازمة الخليجية ، إذ تبدو دوائر صنع القرار الخليجية حائرة تماما في حقيقة موقف ترامب من الاطراف المتنازعة، يدركون انه تاجر ولكن ماذا بعد؟ ودفع الاموال مقابل ماذا؟ بل أنا أميل لتصديق رواية الصحافة الاسرائيلية في ان الازمة الخليجية نشبت دون معرفة مسبقة من ترامب بالموقف السعودي تحديدا..
أظن ان الدولة الامريكية العميقة ستعيد الانضباط للقرار الامريكي إما بلجم هوج هذا الرجل أو بلفظه خارجها بطريقة عضوية او قانونية..ربما.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى