دراسات سياسية

فلسطين : الخطوة القادمة – وليد عبد الحي

يقوم التخطيط الاستراتيجي الاسرائيلي حاليا على قضية واحدة وهي ” التخلص تماما من سلاح المقاومة الفلسطينية في غزة” باعتباره الجدار الاخير الذي يتكئ عليه الفلسطينيون وحلفاؤهم ، وقد عملت اسرائيل والولايات المتحدة لانجاز ذلك عبر عدد من التكتيكات المرحلية:
1- العمل العسكري التقليدي (الهجوم على غزة) ، لكن هذا التكتيك فشل ولم تتمكن اسرائيل من لجم تزايد قدرات المقاومة رغم ضيق ذات اليد، لكن اسرائيل ستواصل التلويح بهذا التكتيك بين الحين والآخر ليشكل عامل اقلاق وارباك وإنهاك للقيادة الفلسطينية المقاومة ، وقد تقدم على بعض العمليات النوعية لتأكيد مصداقية هذا التكتيك.
2- الخنق الاقتصادي من 3 جهات متعاونة تعاونا وثيقا في انجاز ذلك وهي :سلطة التنسيق الامني وإسرائيل ومصر ، وكان الهدف من ذلك هو خلق حالة من الانهاك الاقتصادي والاجتماعي ليتحول في مرحلة لاحقة لعدم استقرار سياسي في داخل القطاع ، لكن الاستجابة الكبرى لدعوات حركات المقاومة لمسيرات العودة دل على فشل ذريع لهذا التكتيك ايضا.
3- نزع الشرعية عن المقاومة الفلسطينية من خلال البيانات المتلاحقة لدول عربية باعتبار حركات المقاومة الفلسطينية ” حركات ارهابية” ، وهو مسار بدأ بمؤتمر شرم الشيخ الشهير عام 1996 ثم توالت الاجتماعات في هذا المكان تحديدا وبنفس الهدف ، ووراء كل هذه الاجتماعات هو ادراج حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية في قوائم الارهاب، لكن العقل الصهيوني والأمريكي يرى ان نزع الشرعية يجب ان يتغلغل في الشارع العربي ولا يبقى اسير ابطال السيرك الرسمي من سياسيين او مثقفين، ولا أرى الحملات الاعلامية المقصودة والمبرمجة والتي تتمثل في الكشف المستمر عن الاتصالات والتطبيع بين الانظمة او القوى السياسية او بعض الرموز الادبية او الفنية او الفكرية العربية وبين اسرائيل إلا بهدف ترويض العقل العربي ونخر البنية السيكولوجية العربية للشارع العربي، ويبدو ان نجاح هذا التكتيك ما زال أقل كثيرا من الأمل الصهيوني.
4- تكتيك الحق الذي يراد به باطل: ستعمل اطراف عربية واسرائيلية على تعزيز الضغوط المختلفة لتحقيق مصالحة فلسطينية تكون فيها جرعة الغواية عالية ، لكنها تنطوي على هدف محدد وهو تمكين سلطة التنسيق الامني من تسلم الصلاحيات الامنية في غزة تمهيدا لنسخ الوضع في الضفة الغربية ونقله الى غزة حيث تنتفي كافة مظاهر التسلح ، وهو ما سيحقق لاسرائيل اهدافها دون خسائر تذكر، وفي حال رفضت حركات المقاومة موضوع الوصاية الامنية لسلطة التنسيق الامني سيتم تحميلها وزر فشل ” المصالحة الفلسطينية” التي يتأملها الشارع الفلسطيني ، وهو ما يضيق الخناق أكثر على الشارع ومقاومته، ويبدو ان سلطة التنسيق الأمني متناغمة الى حد بعيد مع هذا التكتيك.
5- جر حركات المقاومة بعيدا عن القوى التي تساندها على المسرح الدولي من خلال توسيع الشقوق بينها وبين من يبدي أي قدر من التعاطف معها، ويتم ذلك من خلال البحث عن أي تباين في التوجهات – مهما بدا صغيرا او كبيرا- بين حركات المقاومة وبين أي من حلفائها والعمل على توسيع هذا التباين بأكبر قدر ممكن، وللاسف فإن بعض التنظيمات الفلسطينية ما تزال ” تكابر” في هذه النقطة، بل استشعر قدرا من التباين بين ايجابية ما تقوله قيادات بعض التنظيمات عن حلفاء المقاومة وبين ما يروج من ثقافة سياسية سلبية في اوساط جماهيرها حول هؤلاء الحلفاء ، وهي مسألة قد يستثمرها الطرف الصهيوني على المدى البعيد لتوسيع الخرق بين القيادة والقاعدة
ذلك يعني أن المرحلة القادمة ستقوم على تعزيز كافة أبعاد هذه الاستراتيجية ، مع مواصلة استراتيجية النهش العسكري والتفجير والاغتيال والهجمات المتفرقة ، وعليه فإن ” سلاح المقاومة” هو شعار المرحلة القادمة وهو محور الخطة الإسرائيلية القادمة ومعها سلطة التنسيق الأمني ومجلس التعاون الخليجي “وآخرين من دونهم لا تعلمونهم “…

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى