دراسات سيكولوجية

قراءة سيكولوجية لجريمة مقتل الشاب “جمال بن سماعيل” حرقا بولاية تيزي وزو

قراءة سيكولوجية لجريمة مقتل الشاب “جمال بن سماعيل” حرقا بولاية تيزي وزو للأستاذة فريدة طلحي أخصائية ممارسة في الوسط العقابي.. من أجل محاولة فهم أكثر حقيقة الجريمة ومرتكبيها ودوافعها، وهل نحن حقيقة أمام《مشروع مجرمين》.

● شاهدت فيديو الجريمة كله وأعدت مشاهدته أكثر من مرة وسجلت مجموعة ملاحظات أقدمها لكم انطلاقا من تخصصي كاخصائية عيادية ممارسة في الوسط العقابي سابقا وكذلك بحثي الدائم في سيكولوجية الجريمة والتحقيقات الجنائية..

● الطريقة التي التي قتل بها الشاب جمال بن اسماعيل والمراحل التي مرت بها توحي بمايلي:

1/ ان الجماعة الاجرامية مدربة تدريبا عال على مستوى الفردي والجماعي..لاحظ تقاسم الأدوار وكل يعرف ما يقوم به بكل آنية (واحد خلف السيارة..واحد يسحب الضحية..واحد يبعد الناس واحد يصور..) لم نلاحظ خلط او مشاورات ولو لثواني بين المجرمين..

2/ يظهر عامل التخطيط مع سبق الإصرار والترصد للجريمة..هذا يترجم في تحديد وتقسيم أدوار المجرمين في مراحل الجريمة وكذلك من خلال الوقت الذي أخذته الجريمة..حيث أن الجريمة هنا لم تاخذ ساعة زمن كما يظهر في الفيديو..بينما عادة عندما نكون أمام جريمة ضرب وتعذيب وقتل وحرق نجدها تاخذ من 3 إلى 4 ساعات كاملة..حتى لو كان الفاعل مجموعة..

نسأل..لماذا..؟

لأنه قد يكون الهدف هو ضرب الضحية فقط..فيموت فتفكر المجموعة في طريقة للتخلص منه بعد مشاروات..فيكون الحرق او بتر الأطراف وهذا كله كلما أخذ وقتا أكبر ينقص عامل التخطيط والترصد والعكس صحيح..

كذلك يظهر الترصد من خلال تسلسل الأفعال بمراحل متتالية آليا (محاصرة سيارة الشرطة..سحل الضحية..إبعاد الناس عنه باستمرار..ضرب..حرق..ذبح)

3/ البرودة التي تظهر والتلقائية والتسلسل في الفعل الإجرامي..غياب عنصر الدهشة والتوتر للمجموعة الفاعلة توحي باحتمال كبير أن الجماعة ليست هذه جريمتها الأولى.. اذ يظهر جاليا عامل《التعود》..والتعود على الجريمة او الفعل الاجرامي..يعني صاحبه مسبوق ومتعود عليه (المحاصرة..السحل..الضرب حتى الموت..القتل..الحرق..الذبح) كلها تمت باحترافية وتسلسل بالغ..فالتعود عليها هو ما يكسب المجرم هذه العناصر المهمة في تنفيذ هذا النوع من الجرائم بهذه السلاسة…وأن أفعال بشعة للمجموعة هي مخفية عن الأنظار وأفلتت من القانون..

4/ اشتراك وتسلسل في مراحل الجريمة وبثها بكل أريحية وعلى مرأى العالم يوحي بأن الجماعة الإجرامية تدرك جيدا أنها محمية بطريقة عالية وفائقة ومن جهات مجهولة..حتى لو ذهبت للمعالجة الأمنية…في رأيكم أن المجرمين يقتلون على مرأى العالم وليس ببالهم السجن والحساب !!… ساذج من يفكر هكذا..لكن الحماية الحقيقية عندهم تبدأ من مراحل المحاكمات إلى داخل السجون (وهنا الحلقة المفقودة على الأعين) وإلى ما بعد السجون..فلا تظنوا أن كل المساجين والمجرمين متشابهون..!! فهناك (فئة معينة) من تراهم في مراحل التحقيق يتصرفون بكل أريحية..لا خوف لا دهشة صدمة لا ندم..(عملت في قطاع العدالة و السجون 8 سنوات وأعلم جيدا ما أقول).

5/ القيام بأفعال السحل والضرب والقتل والحرق والذبح..يعني جريمة بشعة بكل مراحلها من أمام مقر الشرطة (دون الخوض في علاقة الشرطة بهذا) اقول هنا المجرم لا سلطة للدولة في ذهنه..وطريقة حياته السابقة هي من أكسبته هذا الفعل..وهذا ليس وليد اللحظه..يعني حياة ذلك المجرم هي فوق السلطة والقانون طوال حياته..وما تلك اللحظة للجريمة إلا إختصار لحقيقة أراد إيصالها ليراها الناس العامة (نحن نعيش فوق السلطة والقانون من زمان).

6/ الطريقة التي تمت بها الجريمة وكل مراحلها وما صاحبها من شعارات توحي بأن الدافع الحقيقي كان التكوين النفسي والإجتماعي والثقافي والعقائدي المنحرف هو المحرك للسلوك عند هذا المجرم وليس الدافع السياسي أو التاريخي الذي يحاول المجرم وجماعته الأيديلوجية إضفائه على الجريمة وكل الجرائم من هذا النوع هناك في تلك المنطقة

● لما يخفي المجرم وجماعته الأيديلوجية دافعه النفسي والعقائدي المنحرف عادة ويظهر الصبغة السياسية للجريمة (بوفوار اساسان)..!!

لأن المجرم الحامل للتكوين النفسي والإجتماعي والعقائدي المشوه هو الأخطر على الإطلاق على الأفراد والجماعات والمجتمعات من المجرم ذو الدوافع السياسية والتاريخية (معارض سياسي او مجرم عادي..سارق..مغتصب..)، وجزء من التمويه ومحاولة لإخفاء الخطورة الحقيقية التي يشكلها هذا النوع من المجرمين..

● وبالتالي هذا الإخفاء والتمويه للوقائع المعنوية في أركان الجريمة هو خطير.. لماذا..؟

لأنك عندما لا تعرف عدوك معرفة حقيقية كاملة فلن تحترس منه كما يجب وبالتالي كل مرة الدور على ضحية مختلفة تماما عن سابقتها (لاحظ من لاعب أفريقي..سائح من الجنوب..إمام مسجد..متطوع في الحرائق ) والبقية آتية..صدقوني وفي كل مرة الضحية مختلفة وغير متوقعة تماما..

● الدوافع والتركيبة النفسية والثقافية والعقائدية للمجرم هو مانسميه بالبروفايل النفسي للمجرم..وكلما حددنا بدقة البروفايل النفسي لهذا النوع من المجرمين وغيره كلما حددنا نوعية جرائمهم مسبقا وبالتالي وضعنا خطط الوقاية والعلاج ومنه التوعية والتقليل من خطورتهم..لأنهم يصبحون معروفي الدوافع ونوعية ضحاياهم..ومن هنا نتحكم بهم ونمنع احتمالية العودة للجريمة والانتكاسة..

● وكلما تأخرنا ولم تتم فهم المراحل السابقة بدقة مع المجرم وجريمته كلما بقي باهت..هلامي في الوعي الجمعي ولمن حوله او يأخذ ثوب غير ثوبه الحقيقي (منحرف أيديولوحيا وعقائديا يلبس ثوب معارض سياسي عادي) وبالتالي هو متحرر في أكثر من جانب..يختار ضحاياه بدقة عالية وفي اريحية تامة..

7/ الطريقة التي استجاب بها الحاضرون وهم من مختلف الأعمار (رجال..شباب..مراهقين..أطفال) لاحظوا أنها لم تكن مختلفة اختلاف ذو دلالة..فتشباهوا في الصياح (كتشجيع للمجرم وهو يقتل ويسحل ويحرق ويذبح..وكذلك التصوير والمكالمات الهاتفية بشكل عادي..لم يظهر على أحدهم عنصر المفاجئة (واحد ما تفاجأ..) أو عنصر الصدمة او الدهشة لهول ما رأى(عندما نتعرض لصدمة هكذا مشاهد تكون ردة الفعل عادة صراخ مع بكاء جري في اتجاهات مختلفة وغير محددة..محاولة دفع المجرم عن الضحية بكل الطرق..مناداة الناس والأمن هاتفيا وصوتيا..خاصة لحظة نزول الدم من الضحية وصراخه..وهذا رد فعل مهما كان موقف المصدوم من الضحية..نرى هذا خاصة عند الاطفال والمراهقين والنساء بالدرجة الأولى..ثم الشباب والرجال غير معتادي الإجرام ومشاهده)

لم ترى اي مما ذكر كاستجابة طبيعية في مسارح هكذا نوع من الجرائم (صدمة المتفرج هي الاستجابة الطبيعية ).. بل رأينا عدم الصدمة تماما اي الاستجابة غير الطبيعية وهذا عند كل المتخرجين باختلاف اجناسهم واعمارهم. . ولهذا الأمر اكثر من دلالة:

8/ أن المتفجرجين والحاضرين لمسرح الجريمة من الرجال والشبان يحملون نفس التركيبة النفسية والثقافية العقائدية المنحرفة التي تحملها المجموعة الإجرامية..فقط تركيبتهم ودوافعم لم تتحول للفعل العملي..وهم أناس ميالون للفعل الإجرامي من هذا النوع في اي وقت..يعني وجب الحذر البالغ منهم.

9/ الأطفال والمراهقين كذلك يظهرون عادي في مسرح الجريمة وبكل مراحلها البشعة..يعني ما يتلقاه اليوم هؤلاء الأطفال والمراهقين من تربية وتكوين نفسي وبناء فكري عقائدي هو نفسه ما تم تلقينه للمجرم القائم بالفعل..يعني هؤلاء :

《مشروع مجرمين》 لهكذا نوع من الجرائم.

الأستاذة : فريدة طلحي

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى