قراءة لكتاب المشروع.. استراتيجية التسلل لجماعة الإخوان المسلمين في فرنسا والعالم

ينشر الكاتبان ألكساندر ديل فال وإيمانويل رضوي كتابهما المشترك “المشروع.. استراتيجية التسلل لجماعة الإخوان المسلمين في فرنسا والعالم” عن دار (L’Artilleur) الفرنسية

بعد أسابيع من الجدل الذي عمَّ فرنسا حول الحجاب الإسلامي، ينشر ألكساندر ديل فال، كتابًا مشتركًا مع إيمانويل رضوي، بعنوان “المشروع.. استراتيجية التسلل لجماعة الإخوان المسلمين في فرنسا العالم”؛ حيث يناقش الكتاب في أحد أهم محاوره تحليل استراتيجية “الضحية” التي يحاول الإسلاميون لعبها، والتي تتهم الآخر بممارسة العنصرية ضد المسلمين، عن طريق إقناع الجاليات المسلمة بأنها مضطهدة بشكل دائم.

وحسب الكتاب، فإن “جماعة الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية الأخرى تدرك جيدًا أن المسلمين لا يتعرضون إلى الاضطهاد في الديمقراطيات الغربية. يجب على المرء أن يكون ساذجًا أو متواطئًا في هذه الدعاية للتأكيد أن فرنسا والغرب الديمقراطيَّين يمارسان عنصرية الدولة المعادية للمسلمين”، إلا أن استراتيجية جماعات الضغط الإسلامية في العالم -وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين- تتمثل في “زرع التشتت داخل المجتمعات الإسلامية في الغرب، عن طريق تأكيد شعور الاضطهاد، والذي يؤدي بهذه الأقلية إلى الانسحاب أو الانفصال عن المجتمع”، ويدفعها بالتالي إلى التعصُّب والعمل تدريجيًّا نحو محاولات أسلمة أوروبا من خلال التبشير بقيم متشددة، وتخريب قيم التسامح والانفتاح.

لتوضيح استراتيجية “التفكيك” هذه، يشير الكتاب إلى الكلمات التي ألقاها الرئيس التركي، أو “السلطان الجديد”، كما يصفه الكاتبان، رجب طيب أردوغان، في كولونيا الألمانية، في فبراير 2018، أمام 1600 مسلم تركي- ألماني، كرد فعل على ما قالته المستشارة أنجيلا ميركل، والتي دعت إلى دمج الأتراك بشكل أكبر في الثقافة الألمانية، لقد قال بالحرف الواحد: “الاندماج أو الاستيعاب جريمة ضد الإنسانية”.

يؤكد الكاتبان أن هذه الرؤية الأصولية للإسلام مهمة بالنسبة إلى الرئيس التركي، وهو نفسه قدوة لجماعة الإخوان المسلمين في العالم؛ هذه الرؤية يتم تقطيرها ببطء داخل الجاليات التركية في أوروبا منذ عام 2000 (بدعم من وزارة الأوقاف التركية “ديانيت”). ومنذ يوليو 2017، يرأس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أحمد أوغراس، المعين من قِبَل أردوغان، وهذا بحد ذاته يبشر بمستقبل يقوض أُسس مبدأ التعددية و”العيش معًا”. إن الاستراتيجية التي يغزو بها هؤلاء الإسلاميون تلك المجتمعات تستند إلى تغذية الفكر المتطرف داخل عقول المسلمين وخلق مظهر خارجي يميزهم عن غيرهم، ثم دفعهم إلى العيش بمعزل عمن يصفونهم بـ”الكافرين”.

وحسب الكتاب، فإن الفكر الانفصالي الذي تدعمه أقطاب في العالم الإسلامي؛ على رأسها تركيا العثمانية وقطر وباكستان والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، تتم محاربته من قِبَل دول إسلامية أخرى؛ مثل (الإمارات العربية المتحدة، مصر، الأردن، الجزائر، سوريا، كازاخستان)، وهي دول تخشى الإمبريالة الإسلامية الجديدة التي تهدد السيادة الوطنية. لكن على الرغم من ذلك؛ فإن الأقطاب الداعمة لهذا الفكر نجحت إلى حد كبير في جعل بعض المجتمعات المسلمة في الغرب معاديةً لدول الولادة أو الهجرة، حيث باتت الأجيال الجديدة من المهاجرين تنظر إلى تلك الدول كعدو للإسلام والمسلمين.

وَفقًا لتقرير أخير صادر عام 2018 بعنوان “حالة تغلغل الإسلام الأصولي في فرنسا”، فإن استراتيجية عمل الجماعة ضد مفهوم الإسلاموفوبيا أو كراهية الإسلام في فرنسا، تبدأ من تشكيل حالة من الضغط لإسكات أي نقد للدين الإسلامي بوجهه المتطرف، وتكريس الاعتقاد بأن أي انتقاد للتطرف الإسلامي أو الإرهاب يُشَكِّل بحد ذاته “علامة من علامات الكراهية تجاه المسلمين”، ويتم استخدام ذلك كجزء من هذه الاستراتيجية للعب دور (الضحية المسلمة) في المجتمعات الأوروبية.

ويضرب الكتاب أمثلة عدة لجمعيات وتنظيمات إسلامية يتغلغل فيها الفكر الإخواني في فرنسا، إلا أن أحد أخطر تلك التنظيمات هو ما يُعرف برابطة الطلاب المسلمين في فرنسا (EMF)؛ والتي تأسَّست بين عامَي 1986 و1989 كـ”اتحاد إسلامي للطلاب الفرنسيين” تحت إشراف زهير محمود وعبد الله بن منصور، ويرأسها الآن أنس صخروني، المسؤول أيضًا عن مهمة خدمة الشباب المسلم في فرنسا، والهدف الأساسي للرابطة هو “خدمة الطالب ومساعدته والدفاع عنه”.

من الواضح أن هذه الرابطة تحاول بذكاء أن تنفي عنها أية إشارة إلى الثقافة الدينية، حسب الكاتبَين. وبمناسبة آخر جدال حول ارتداء الحجاب في فرنسا تمكَّنت الرابطة من التحالف مع الاتحاد اليساري (UNEF) في جامعة باريس، والذي رحَّب بممثلي الرابطة الإسلامية في قوائمه. وقدَّمت الرابطة خطابًا دفاعيًّا عن “المظلومين وضحايا العنف الجسدي واللفظي والعنصرية والإسلاموفوبيا والجنسية ورهاب المثلية وحتى مناهضة السامية”.

شبح الإخوان المسلمين في أوروبا- “أبسرفاتور”

وفي الوقت نفسه، نشرت هذه الرابطة، حسب الكتاب، دليلًا مخصصًا للطلاب المسلمين فقط، بعنوان “أوقفوا الإسلاموفوبيا”، وهو دليل ينشط لدى الطلاب المسلمين أساليب الدفاع عن النفس لمَن يحاول الاعتراض على ممارسة ما يرونها “حقوقهم الدينية في الجامعة أو في الحياة العامة”، عبر طرق قد تسهم في زرع حالة “التفكك والانعزال” داخل المجتمع المصغر لطلاب الجامعة؛ وهو ما سينعكس حتمًا على حياة هؤلاء الطلاب في المستقبل.

“ألكسندر ديل فال” رئيس التحرير السابق لعدد من المطبوعات من بينها صحيفة “فرانس سوار” والباحث المشارك لدى “مركز الشؤون الخارجية والسياسية” الفرنسي، و”إيمانويل رضوي” الصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والمتبحِّر في عوالم تنظيمات الإسلام السياسي، تعاونا لمدة 15 عام بحثاً وتحقيقاً وتدقيقاً لتفكيك البنية الفكرية لجماعة “الإخوان المسلمين”

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button