تقديم:
عملت الإستراتجية الأوربية منذ عقود على تكريس ارتباط منطقة المغرب العربي بالمصالح الأوروبية. فقد تعود العالم الغربي على حل أزماته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من خلال خلق أزمات في دول العالم الثالث. وقد سبق وأن تم توريط تونس بـ ” عهد الحماية” الذي أبرمه “محمد باي” في 9 سبتمبر 1857 الذي لا زالت البلاد تعاني من تبعاته. وبعد مرور قرنين من الاستعمار لا زالت الدول الغربية تطمح في المزيد.و توحدت القوى الأوروبية من جديد مع القوى القديمة المتجددة في تونس لتحقيق مقاصدهم وأهدافهم من خلال توريطها بإبرام “اتفاقيات تبادل الحر والشامل والمعمق” “الأليكا” التي وضعت تونس مجددا في”عهد الحماية الثانية “.
وقد لعبت الحكومات المتعاقبة على تونس دور كبير وأساسي في تجسيد التبعية على حساب المصالح الوطنية. و رغم تحذَّير العديد من تبعاته على السيادة الوطنية التونسية وعلى كل القطاعات دون استثناء، إلا أن الحكومات التونسية المتعاقبة عقب ما يسمى “بالربيع العربي “مصرة على المضي قدما لإمضاء هذه الاتفاقية رغم أن شروط المنافسة الدولية بين تونس والاتحاد الأوروبي غير متوازنة، مما يجعلها في وضعية غير متكافئة عند التفاوض. وأكثر من ذلك أن تونس غير مستعدة أصلا في الانخراط في اتفاقات مصيرية في ظل الأوضاع الاقتصادية و السياسية والاجتماعية المتدهورة بعد سيطرة الإسلام السياسي المؤيد من طرف الغرب، والمتمثل بالأساس في “حركة النهضة” التي أطلقت المفاوضات سنة 2012 في عهد حكومة “حمادي جبالي”.
و بعد مضي 9 سنوات من بداية النقاش و المفاوضات الرسمية بين تونس والاتحاد الأوروبي حول هذه الاتفاقية فإن الشريحة العظمى من التونسيين تجهل طبيعة هذا الاتفاق و حيثياته وأخطاره وتبعاته على السيادة الوطنية التونسية وعلى كل القطاعات . ويعد اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق بين تونس والاتحاد الأوروبي “الأليكا” تحرير قصري للسوق التونسية، وهو ظاهرة استعمارية بامتياز، مما يجعل البلاد التونسية توضع في ظل “عهد الحماية الثاني ” :الأليكا.
نسخة “pdf”-
اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الأوروبي ( الأليكا ) تونس في عهد الحماية الثانية
الطبعة الأولى “2021″ –من كتاب: –