اصدارات الكتب

كتاب المستقبل الأمني للقوة الأميركية في أفق عام 2025

في عمله الأكاديمي “المستقبل الأمني للقوة الأميركية في أفق عام 2025″، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يحلّل الباحث التونسي، محمد خميس، السيناريوهات المستقبلية للبيئة الأمنية للولايات المتحدة الأميركية، والتحوّلات الحاصلة في بنية الدفاع الأميركي وقدراته في العشريتين المقبلتين..

من خلال تحليل محتوى النشريات الرباعية للدفاع للأعوام 2006 و2010 و2014، وهي التقارير التي تصدرها وزارة الدفاع الأميركية كل أربعة أعوام، وتحاول من خلالها إرشاد صناع القرار والإستراتيجية الأمنية الأميركية إلى أهمّ التحوّلات والتهديدات التي قد تواجهها في 25 عامًا مقبلة.

يتألف هذا الكتاب، الذي توزعه في الجزائر مكتبات ناجي ميغا بوسكتور، من أربعة فصول وخاتمة، وفي الفصل الأول، مفهوم وتعريفات، يعرّف خميس مفهوم تحليل المحتوى في الدراسات الاجتماعية: آلية لتصنيف الأفكار المفتاحية في المواد المكتوبة كالتقارير والمقالات والأفلام، والمعلومات المسجّلة، ويمثّل تحليل محتوى النصوص المكتوبة منهجية نسقية في البحث وتحليل المعلومات النصية بشكل أنموذجي، حيث يسمح لعملية التقييم أن تحدث من خلال وضع معالم تفسيرية للمعلومات. كما يعرّف بالفئات الدّلالية في تقارير النشريات الرباعية للدفاع للأعوام 2006 و2010 و2014: اختيار الوحدات التسجيلية، وتحديد الفئات الدلالية كالقوى الدافعة واللايقينيات والاستراتيجية والقضايا الصاعدة.

نشرية 2006

في الفصل الثاني، فئات تقرير النشرية الرباعية للدفاع لعام 2006، يقدّم المؤلف الفئات الدلالية الموجودة في النص الأصلي للنشرية الرباعية للدفاع لعام 2006، ويقسمها وفق فئات القوى الدافعة واللايقينيات والاستراتيجية والقضايا الصاعدة، ليصل إلى تقويم المحتوى الضمني لهذه النشرية.

ويقول خميس: “سلّطت وزارة الدفاع الأميركية الضوء على سيناريوهات جديدة بدلًا من تركيزها على سيناريوهي القتال في المسارح الحربية الأساسية اللذين هيمنا نظريًّا على تقرير النشرية الرباعية للدفاع لعامي 1997 و2001. ويعود السبب الرئيس في حدوث هذا التحوّل المعرفي إلى الدروس المستقاة من عملية عاصفة الصحراء في عام 1991، وعملية حرية العراقيين في عام 2003، حيث ثبت فيهما تأكيد حقيقة التفوّق العسكري الأميركي الهائل في مجال الحرب التقليدية، وبدا أنه لا توجد قوة بالمعنى التقليدي تستطيع مواجهة القدرات العسكرية الأميركية في الأفق المنظور. لكن التغيّرات الراهنة أكّدت أيضًا عدم وجود حاجة ملحّة إلى استخدام القوة العسكرية الأميركية بالمعايير التقليدية للحرب، في الوقت الذي تتصاعد الحاجة إلى بناء قدرات كافية للتعامل مع تحديات متنوعة وغير متوقعة.

نشرية 2010

في الفصل الثالث، فئات تقرير النشرية الرباعية للدفاع لعام 2010، يكرر خميس منهجية التحليل نفسها بتقسيم الفئات الدلالية في النص الأصلي للنشرية الرباعية للدفاع لعام 2010، أي القوى الدافعة واللايقينيات والاستراتيجية والقضايا الصاعدة. وفي تقويمه محتوى هذه النشرية، يتناول مسائل التأثيرات المابعدية للأزمة المالية العالمية، وامتلاك إيران السلاح النووي، وصعود الصين، ورهان التغيير التكنولوجي، وما سمّاه “العاصفة الديموغرافية المقبلة”.

ويقول خميس إن تقرير النشرية الرباعية للدفاع لعام 2010 أثار جدلًا بين الكونغرس ووزارة الدفاع، حيث ارتكزت رؤية الكونغرس حول صوغ تقرير موجّه إلى بنية القوة الأميركية، على مدى العشرين عامًا المقبلة، وتوفير موارد غير محدودة لتحقيق هذا الهدف، فيما توجهّت رؤية وزارة الدفاع الأميركية إلى التركيز على التغيّرات الراهنة والصراعات الحالية في أفغانستان والعراق، والسعي نحو إيجاد القدرات الملائمة لدعم القوات الأميركية في هاتين الحربين، فيما اعتقد آخرون بإمكان وزارة الدفاع القيام بالمطلبين في الوقت نفسه؛ “لذلك فإن قراءات لتقرير النشرية الرباعية للدفاع لعام 2010 كانت ترى عملًا جيدًا في ما يخصّ التعريف بالأساليب والطرائق لتوفير الموارد للقوات الأميركية المنخرطة في الحرب، كما وضع المعايير الضرورية من أجل تطوير القوة الأميركية عبر الزمن”.

نشرية 2014

في الفصل الرابع والأخير، فئات تقرير النشرية الرباعية للدفاع لعام 2014، يعود خميس إلى تقسيم الفئات الدلالية في النص الأصلي للنشرية الرباعية للدفاع لعام 2014، كالقوة الدافعة واللايقينيات والاستراتيجية والقضايا الصاعدة. في باب الاستراتيحية، يتناول بالتحليل مسائل أربعة، هي: إعادة التوازن من أجل مواجهة الطيف الواسع للصراع، وإعادة التوازن ودعم الوجود الأميركي على الصعيد الخارجي من أجل حماية أفضل لمصالح الأمن القومي الأميركي، وإعادة التوازن للكفاءة والقدرة والجاهزية في ظل القوة المشتركة، إعادة التوازن بين الجنود المقاتلين والعناصر العسكرية التي تدعمهم.

في تقويمه المحتوى الضمني لهذه النشرية، يقول خميس إنها تقرّ بوجود رابط قوي بين اعتبارات استمرار الولايات المتحدة قوة دافعة ومحرّكة في النسق الدولي في الأمدين القريب والمتوسط، وبين قدرتها على بناء الاستراتيجيات والبرامج والمشاريع، مع متغيّرات اللايقين والارتياب التي أفرزتها سياسات الاقتطاعات، والقيود المتزايدة على موازنة الدفاع، وهو ما انعكس على طبيعة الفرضيات الأساسية للإستراتيجية الأميركية الأمنية في الأمد الزمني بين عامي 2015 و2025.

أبرز هذه الفرضيات: استمرار الولايات المتحدة قوة عالمية بمسؤوليات عالمية بين عامي 2015 و2025؛ الاستمرار في إعادة التوازن إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي؛ استمرار الانخراط في الشرق الأوسط، لكن مع وجود أقل للقوات الأميركية على الأرض؛ لا عمليات مكافحة تمرّد في الأمد القريب؛ تخفيض الانخراط العسكري في أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية.

استنتاجات

في خاتمة واستنتاجات، يتوصل خميس إلى أن قراءة تقارير النشريات الرباعية للدفاع في السنوات العشر الأخيرة تبرز وجود اتجاهات ثابتة في السياقات المستقبلية للبيئة الأمنية للولايات المتحدة بين عامي 2005 و2025، فيما تأخذ اتجاهات أخرى سمة الاتجاهات التي يمكن أن تتشكل بشكل أعمق في الأمد الزمني البعيد، أي ما بعد عام 2026، والاتجاهات التي بدت راسخة في تقارير النشريات للدفاع للأعوام 2006 و2010 و2014، وهي ظواهر انتشار أسلحة الدمار الشامل، وصعود القوى الجديدة، وتهديدات المناطق النائية، والأعمال العدائية اللامتماثلة، والتهديدات الموجهة إلى الفضاء الإقليمي الأميركي.

أما الاتجاهات التي بدأت تتشكّل وأخذت سمة الاحتمال البعيد الأمد في تقارير النشريات الرباعية للدفاع فتتمثل في الحروب بالوكالة، وتنامي الحضور الصيني، والتحدّي الروسي كقوى منافسة للولايات المتحدة في النسق الدولي، والتأثير بعيد الأمد للأزمات المالية في وزارة الدفاع الأميركية.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى