دراسات شرق أوسطية

رويدكم لا تعجلوا! – أحمد طه الغندور

مما لا شك فيه؛ أن أحداً لا يُنكر عمق العلاقة بين الإمارات وفلسطين، فقد ساهم الفلسطينيون في بناء ورفعة الإمارات، وكان للإمارات الشقيقة؛ خاصةً في عهد المرحوم الشيخ زايد آل نهيان أيادي بيضاء على فلسطين والفلسطينيين في كافة المجالات دفاعاً عن فلسطين ومقدساتها.
ولكن مع قدوم الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة “ترامب” وفريقه “المسيحي ـ الصهيوني” المعروف بعدائه السافر لفلسطين قيادةً، وأرضاً، وشعباً، نجد أن تحولاً في المزاج السياسي للقيادة الإماراتية تجاه القيادة، والقضية الفلسطينية، وكما هو ملموس؛ قد بدأ يتشكل في الاستجابة للرغبة الأمريكية في وقف المساعدات للفلسطينيين، وممارسة الضغوط على القيادة الفلسطينية للنزول عند “الرغبات” الأمريكية التي “هوّدت” القدس، وشرعت في سلسلة ممارسات غير قانونية ضد فلسطين!
والغريب أن هذه الفترة واكبها الكثير من كيل الاتهام داخل المجتمع المقدسي لـ “الإمارات” بتهمة “تسريب العقارات” المقدسية إلى عصابات “المستوطنين الصهاينة” عبر وكلائهم في المنطقة، ولم يجرِ دحض هذا الاتهام، بل باتت أسماء عناصره معروفة على كافة المستويات!
وبعُجلة؛ أخذت العلاقة بين “الاحتلال” وحكام “الإمارات” تزداد تعقيداً، وتنسيقاً عبر لقاءات بين مسؤولين، ورحلات جوية مباشرة بين الطرفين، وكان من أبرز معالم هذه المرحلة؛ أن “الإمارات” فاجأت القيادة الفلسطينية بالإعلان عن تقديم “مساعدات إنسانية” أتت مباشرة عبر “الاحتلال” دون تنسيق مع ” الإخوة ” الفلسطينيين، أو عبر سفارتهم في ” أبو ظبي “، فتم رفضها فلسطينياً، وتم تكرارها ثانيةً إماراتياً، لتنتهي في مصلحة “الاحتلال” مادياً ومعنوياً!
ثم أتت مرحلة الإعلان عن “الاتفاق الإبراهيمي” للتطبيع مع “الاحتلال” مع تصريح “الإمارات” أن هدفها هو الحفاظ على الأراضي الفلسطينية، ووقف خطة “الضم الإسرائيلية”، فكانت النتيجة أن كذّبهم “الشريك” معلناً استمرار خطته في الضم، والتوسع اليومي في “الاستيطان الاستعماري الإحلالي”، واضطهاد الفلسطينيين في كافة أرجاء فلسطين!
وفي تنافس عجيب بين “الاحتلال” و “الإمارات”، كلما أمعن “الأول” في الظلم ضد الفلسطينيين ومخالفة الشرعية الدولية، كلما زاد “الثاني” وتيرة “التطبيع”!
فبعد رحلات الطيران المباشر، وتبادل الرحلات الجوية، تدشين خط ملاحي يربط بين “أبو ظبي” و ” حيفا ” الفلسطينية ـ رغم “الاحتلال” والظلم التاريخي ـ، ضاربين عرض الحائط بحق الفلسطينيين بالعودة إلى مدنهم الأصلية، مهددين ” الأمن القومي العربي “، والموارد الاقتصادية المصرية في تجاوز ” قناة السويس ” بتدشين الخط الأول في “مسار أبراهام”!
وفي الوقت الذي تشرع فيه ما يُسمى “بلدية القدس” في تنفيذ مشروعها المسمى “سيليكون فالي” داخل ” القدس الشرقية ” وفي الأحياء القريبة جداً من ” الحرم القدسي الشريف “، إمعاناً منها في مصادرة الأملاك الفلسطينية في القدس بـ “طرق غير مشروعة”، وحرصاً على تفريغ ” المدينة المقدسة ” من أبنائها الشرعيين، يأتي الإعلان من “الشريك الإسرائيلي” على لسان نائب رئيس بلدية القدس “فيلر حسن ناحوم” بعد عودتها مباشرة من “أبو ظبي”، “أن الإمارات تعتزم إنشاء مدينة صناعية ضخمة في القدس الشرقية، تشمل فنادق ذات تكنولوجيا فائقة، بهدف مساعدة سكان المدينة على توفير فرص عمل ذات جودة عالية”!
“الشريك” يعمل على مصادرة الأملاك، وطرد السكان الأصليين، والأشقاء جاهزون بالتمويل، ولا زال الهدف مساعدة الفلسطينيين، كما كان الهدف “وقف الضم”، وتأكيداً على ذلك يأتي “وفد إماراتي” محروساً بالاحتلال للصلاة في ” الأقصى “، فهل دققتم بالصور مع من تصلون؟!
ربما يُدرك المتابع؛ بأن “الإمارات” المهووسة بـ “الهاي تيك” قد نجحت في الفوز على “الجيل الخامس ” في التطبيع!
تُرى ما المبرر لذلك؟!
أيكمن ذلك في “إرضاء” “ترامب” قبل مغادرة البيت الأبيض؟ أم هو وهم “الزعامة الإقليمية” في عقول الحكام؟! أو هو الخروج من الملة، وإتباع ما أسمه ظلماً بـ “الديانة الإبراهيمية”؟!
نحن في القدس، وفي أكناف القدس لا نشعر بالخوف، ولا نبالي بما خططتم، لأننا على ثقة بصدق ” وعد الله ” وصدق ما بلغ به رسوله الكريم (ﷺ)، فعن أبي ذر قال: تذاكرنا – ونحن عند رسول الله -، أيهما أفضل مسجد رسول الله ، أم بيت المقدس؟، فقال رسول الله : “صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعاً”. أو قال: “خير له من الدنيا وما فيها”.
في الختام، لا أجد ما أختم به مقالي خيراً مما أنشدت ” الشيماء ” ـ رضي الله عنها في حديثها لقريش:
رويدكم لا تعجلوا، بربكم تمهلوا.
وحاذروا أن تُخدعوا، في أمركم فتفشلوا.
يحز في نفسي غداً أن تَقتلوا أو تُقتلوا.
أو ربما الأسوأ، أن تخضعوا لـ “الاحتلال الصهيوني” شريكم المُفدى!

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى