لماذا الانفجار الخليجي؟

الدكتور وليد عبد الحي

بعيدا عن التفاصيل والاحداث لما وقع من تأزم داخل مجلس التعاون الخليجي، يمكن تحديد اسباب الازمة في اربع جوانب مركزية، ويمكن اضافة بعض العوامل غير المركزية في شروح هذه العوامل:
أولا: القلق السعودي من الاخوان المسلمين : رغم العلاقات التاريخية بين السعودية والاخوان لا سيما في الفترة الناصرية إلا ان احد ملامح السياسة السعودية هي رفضها لاي شكل من أشكال التنظيمات السياسية( فهي ضد كافة الاشكال الحزبية سواء العلمانية او الدينية)، فهي على استعداد لتوظيف هذه القوى في الخارج لضمان بيئة اقليمية لصالحها لكنها ترفض تسلل التنظيمات السياسية لجسدها، ولعل لجم هيئة الامر بالمعروف مؤشر على عمق الهواجس من تغلغل التنظيمات الدينية داخلها، وعليه فإنها رأت في الاخوان المسلمين خطرا داهما لعدة اسباب:
أ‌- وجود بيئة مجتمعية سعودية قابلة للانصات للاخوان المسلمين بل والتفاعل معهم .
ب‌- دور الاخوان المسلمين في ” الربيع العربي” وقدرتهم على ازاحة او المساهمة في ازاحة نظم قوية كالنظام المصري وبن علي والقذافي.
ت‌- الهواجس السعودية من احتمال وجود تعاون امريكي أخواني لا سيما ان بعض القوى السياسية الامريكية كانت ترى ان الاخوان يمثلون ” اسلاما معتدلا وأكثر عصرية من الثقافة الوهابية المغلقة” والتي ربط امريكيون التيارات المتطرفة بها.
ث‌- احتضان قطر للقيادات الاخوانية المنفية من بلادها عمق الهواجس السعودية من ان الاخوان اصبحوا على حدودها.
ج‌- وجود تيارات اخوانية ما تزال تنظر لإيران نظرة اقل تحسسا من النظرة السعودية.
ثانيا: الانتقال في بنية السلطة من الاجيال القديمة لأجيال جديدة تعكس قدرا من التنافر في الرؤى اكثر من الاجيال القديمة التي تمكنت عبر الخبرة التاريخية من تطوير قدر من الرؤى المشتركة، ولعل دور بن سلمان وبن زايد وتميم يشير إلى أنهم لم يتمكنوا من تطوير تلك الرؤية المشتركة، ويحاول كل منهم ان يجد لسياسته موقعا اكثر جاذبية لشعوب الخليج من الآخر، وتتغذى هذه المسألة على إحن تاريخية بعضها قريب العهد مثل انقلاب 1995 في قطر وبعضها بعيد مثل خلافات الحدود القديمة، وبخاصة مع غياب مؤسسات لها دور فاعل في ضبط ايقاع صناعة القرار السياسي.
ثالثا: القلق السعودي من تغير الموقف الامريكي ، وهو هاجس تعمق كثيرا خلال فترة السنوات الثماني التي حكم فيها أوباما، والتي أبدى فيها عددا من السياسات المقلقة بالمنظور السعودي:
أ‌- دعواته المستمرة والمعلنة عن ضرورة تطوير الخليج للثقافة السياسية فيه
ب‌- اتفاقه مع ايران على برنامجها النووي
ت‌- تزايد التوجهات نحو قدر اكبر من الاستقلال النفطي عن الخليج
ث‌- تزايد التوجهات الامريكية نحو الشرق الآسيوي مما يعني تراجع مكانة الخليج في الاستراتيجية الامريكية.
ولاسترجاع الدور الامريكي في المنطقة ، ومن خلال إدراك التوجه الرئيسي لترامب وهو تحقيق المكاسب المالية أولا، سعت السعودية لجلب ترامب لجانبها من خلال:
1- عقد الصفقة العسكرية الكبرى مع ترامب بقيمة تصل لأكثر من 400 مليار دولار.
22- إدراج اسم حماس للتاكيد على التطابق الاستراتيجي مع الولايات المتحدة ولضمان اللوبي اليهودي في الكونجرس لجانب الخطوات السعودية.
رابعا: ضمان اصطفاف الخليج مع السياسة السعودية ضد ايران من خلال:
11- تاكيد مركزية القرار الخليجي بيد السعودية بخاصة مع ” التثاؤب العماني من السياسة السعودية” والتلكؤ الكويتي من مجاراة هذه السياسة ، لكن قطر شكلت النمط الاكثر نزوعا للتمرد ، ولعل اكثر عبارة ترد في البيانات القطرية حول الازمة الأخيرة هي عبارة ” السيادة” ، مما يعني ان قطر تستشعر نزوعا سعوديا للهيمنة واحتكار القرار الخليجي، وبخاصة ان قطر تمكنت من بناء سلسلة من العلاقات الدولية التي يمكن لها ان تركن لها في اوقات الازمات كما هو الحال مع اوروبا(الموقف الالماني كان واضحا) والاقليمية ( الهبة التركية لارسال قوات لقاعدتها في قطر) بل وايران التي وجدت في الحصار الخليجي لقطر فرصة سانحة لتعميق الشكوك المتبادلة بين الدول الخليجية فاعلنت عن فتح مرافئها واستعدادها لتزويد قطر بحاجاتها من المواد الغذائية ، ولعل التضييق السعودي على قطر ليس جديدا ، فقد اعربت عن قلقها من قناة الجزيرة أكثر من مرة، كما ان السعودية اعترضت على مد خط انابيب الدولفين للغاز المسال القطري إلى الكويت على غرار مده للإمارات وعمان.
22- رغم التوافق السعودي القطري في ليبيا وسوريا واليمن ، إلا ان هذا التوافق يخفي تنازعا “قياديا” ، فالدعم في هذه الدول لقوى المعارضة لم يذهب لنفس الجهات ، بل إن كلا من السعودية وقطر يغذيان قوى متباينة وصل الخلاف بينهما حد الصراع العضوي والدامي، وهو ما عزز الهواجس السعودية من النزوع القطري ” للاستقلالية”…
خلاصة الامر، ان الخلاف إذا تطور لاشتباك عسكري – وهو ما لا نتمناه على الاطلاق ، رغم يقيني ان الغرائزية السياسية لدى الكثير من العرب تتمنى ذلك- فإن المستفيد من المواجهة هي كل الاطراف إلا الطرف العربي قريبه وبعيده.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button