نظرية العلاقات الدولية

لماذا يُعتبر العرق مُهمّاً في العلاقات الدولية

كليبوجيلي زفوبغو ومِريديث لوكين، مجلة السياسة الخارجية، 19 يوليو 2020، الولايات المتحدة
إعداد وترجمة: جلال خَشّيبْ، باحث مشارك أول بمركز دراسات الإسلام والشؤون العالمية
في هذا المقال، تُسلّط كلٌّ من الباحثتين زفوبغو ولوكين الضوء على مسألة العنصرية المُتجذّرة في حقل العلاقات الدولية ونظرياته الكبرى السائدة على وجه التحديد، معتبرتان العرق قضيةً وسِمةً مركزيةً في السياسة العالمية، لكنّها تبقى قضيةً مُهمّشةً يتنكّرُ لها باحثو العلاقات الدولية إلى الآن بسبب هيمنة التفكير العنصري الأبيض والمركزية الأوروبية الغربية على الحقل، منظروه، نظرياته السائدة، جامعاته ومؤسّساته المهنية على حدٍّ سواء، هذا ما سيتسبّبُ في نظرهما في إعاقة فهمنا للعديد من القضايا العالمية وكذا التأثير السلبي على نزاهة هذا التخصّص.
تُقدّم الباحثتان هنا أمثلةً على مستويات عديدة ثمّ تقترحان في النهاية مجموعةً من الحلول العملية لتجاوز هذه المشكلة. على مستوى النظريات السائدة في الحقل (الواقعية، الليبرالية والبنائية) تُقدّم الباحثتان أمثلةً عن مثل هذه العنصرية البيضاء في بعض المفاهيم والمقاربات كالفوضى وميزان القوة لدى الواقعيين الجدد، التعاون الدولي والسلام الديمقراطي عند الليبراليين الجدد، فكلّها مفاهيمٌ ومقارباتٌ بُنيت على أساس المركزية الأوروبية وإِسْتُخدمت لتبرير الإمبريالية البيضاء والغزو الغربي الأبيض للبلدان غير البيضاء، كما تبقى مفاهيماً محصورةَ الإستخدام في الغرب ولا تُدعمّها أدّلةٌ إمبريقية خارج نطاقه.
إلى جانب ذلك، فإنّ باحثو العلاقات الدولية صورّوا كثيراً من المواضيع بطريقةٍ أسطوريةٍ غير صحيحةٍ من الناحية التاريخية، على سبيل المثال، لم تتبن الدول غير الأوروبية طواعيةً التفاهمات الأوروبية بشأن الدولة والسيادة (المنبثقة عن ويتسفاليا والتّي تمّ تكريسها في ميثاق الأمم المتحدة) كما يُصوّر باحثو الحقل، بل كانت هذه الدول مهمشّةً ومُستثنَيةً منها.
علاوةً على ذلك، فإنّ العنصرية البيضاء متغلغلةٌ في المجلاّت الكبرى لحقل العلاقات الدولية ومؤسّساته البحثية، فمجلّة الشؤون الخارجية الشهيرة ليست سوى إمتداداً لمجلة التطوّر العرقي (1910)، والتّي تمّ تغيير إسمها سنة 1919 إلى مجلة العلاقات الدولية، ثمّ الشؤون الخارجية سنة 1922. كمثالٍ آخر، لم تتضمّن المجلاّت الخمس الكبرى في العلاقات الدولية إلاّ مقالاً واحداً يحمل في عنوانه كلمة عرق طيلة الفترة الممتدّة ما بين 1945-1993، أربع مقالاتٍ أخرى تضمّنت في عنوانها كلمة “أقليات” و13 مقالة تضمنّت في عنوانها كلمة “إثنية”.
وبالرغم من بروز مدارسٍ “غير بيضاء” مقاومةٍ لهمينة التفوق الأبيض على الحقل منذ منتصف القرن 20 على غرار مدرسة هوارد بالولايات المتحدة، إلاّ أنّ النظريات السائدة في الحقل لم تُطوّر موقفها المُتجاهل لمسألة العرق بتاتا. يلفتُ المقال الإنتباه أيضاً إلى العنصرية والتهميش الذّي يتعرّض له الباحثون “السود والملوّنون” في الجامعات والمؤسّسات البحثية الأمريكية، إذ لا يُمثّل هؤلاء الباحثين بهذه الجامعات سوى 8% من جملة الباحثين بتخصّص العلاقات الدولية، 12 %بتخصّص السياسة المقارنة و14% بتخصّص السياسة الأمريكية، كما يُعاني الباحثون السود من العنصرية حتّى في الجمعيات الأكاديمية المهنية الكبرى على غرار جمعية الدراسات الدولية (ISA) التّي لا تُخصّص إلى الآن قسماً ونشاطاتٍ تُعنى بمسألة العرق. كلّ ذلك يؤثّر سلباً على نزاهة الحقل ويُعرقل فهمنا (كباحثين وصنّاع قرار) لكثيرٍ من القضايا العالمية الراهنة.
تختم الكاتبتان المقال بتقديم توصياتٍ عمليةٍ لمعالجة هذه المشكلات، منها ضرورة الإعتراف بهذا التنكّر المتعمّد، إدماج الأعمال العلمية حول مسألة العرق في مقرّرات الباكالوريوس والدراسات العليا، ضرورة حرص الجامعات على تحقيق التنوّع العرقي والفكري فيها سواءً بين أعضاء الباحثين أو هيئات التدريس للإستفادة من وجهات نظرهم النقدية لأجل تطوير هذا الحقل.
إعداد وترجمة: جلال خشِّيب، البوصلة الجيوبوليتكية، مركز دراسات الإسلام والشؤون العالمية، المجلّد الأول، العدد السابع والثلاثين، 14 أغسطس 2020، إسطنبول-تركيا (حقوق النشر: مركز دراسات الإسلام والشؤون العالمية 2020، جميع الحقوق محفوظة)
يُمكنكم تحميل العدد كاملا باللغتين العربية والإنجليزية على شكل ملف بي دي أف من الرابطين التاليين:
Arabic PDF:

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى