مآثر العلماء العرب المسلمين على الحضارة الأوربية
لا مراء في أنه من رحم الحضارة العربية الإسلامية تشكلت أصول ومكونات الحضارة الإنسانية الشرقية منها والغربية، وأن أثر حضارتنا العالمية باقٍ متجدد في تاريخها، لا يمكن محوه سواءً في ماضيها، أو في حاضرها، أو حتى في مستقبلها، وآية ذلك أنها في لُحمتها وسُداها، في أُسسها ومنهجها وأهدافها حضارة ربانية، لا تعرف الجمود أو التوقف في زمان أو مكان عن الحراك الحضاري الشمولي، ولا تعرف سقفاً، وهي بالتالي بحر بلا ساحل، جاءت على غير مثال سابق أو لاحق، أرادها الله سراج هدىً، وقمراً منيراً، وشجرة طيبة فروعها، ثمارها حكمة، ومكارم أخلاق، ومنبع فضائل مستديم، لا يجف ماؤه، ولا يسبر غوره، يتدفق عدالة وتسامحاً وخيراً ونفعاً لكل الناس دون تمييز. وقد تناول هذا الكتاب مآثر العلماء العرب المسلمين الباقية في ميدان علم الجغرافية، ومدى فضلهم في هذا الميدان العلمي الحيوي المهم عل الحضارة الإنسانية شرقيها وغربيها، هذا ما تشير به مؤلفاتهم الجغرافية المنهجية المتنوعة غير المسبوقة، التي جاءت من رحمها العلوم الجغرافية الحديثة، ولقد أصبح من المسلمات اليوم القول أن دور علماء العرب والمسلمين وجهودهم الرائدة في مختلف الحقول –العلمية منها والأدبية– بعامة، والجغرافية بخاصة، قد ساهم في تطوير وتحقيق أعظم الانجازات الحضارية التي عرفتها البشرية منذ العصور الوسطى حتى يومنا هذا.