ماهية القوة الصلبة … وعناصرها وأنماطها

القوة الصلبة : تتالف من عناصر القوة المادية : العسكرية والاقتصادية. وقد ارتبط الحديث عن هذا الشكل للقوة، خاصة القوة العسكرية بفكر المدرسة الواقعية (Ernest
J. Wilson, “Hard Power, Soft Power, Smart Power”, The American Academy of Political and Social Science, SAGE Publications, 2008, p.114)
تبنى جوزيف ناي تعريفاً أوسع للقوة الصلبة، لا يقتصر على القوة العسكرية فقط، حيث رأى أنها تعني أيضاً القدرة على استخدام الجزرة عن طريق الأدوات الاقتصادية،
بهدف التأثير على سلوك الآخرين . (Joseph Nye, Power in the Global Information Age : From Realists to Global,(NewYork, Routelage,2004)p. 5).
يمكن التمييز بين مكونين للقوة للقوة الصلبة :
يتمثل المكون الأول في القوة القوة العسكرية، وتعد من أكثر أشكال القوة الصلبة تقليدية وإستخداماً لتحقيق أهداف الدولة. وتعدد صور وأشكال استخدام القوة العسكرية،
على نحو يمكن معه التمييز بين خمسة أنماط لإستخدامها، تتراوح بين دبلوماسية الإكراه، التي تعبر عن أخف استخدامات القوة، الى الاستخدام المباشر للقوة العسكرية،
والتي تعبر عن اكثر الاستخدامات مباشرة ووضوحاً.
النمط الأول : دبلوماسية الإكراه، وعرّفه اليكسندر جورج بأنه ” تهديد الدولة للعدو باستخدام القوة العسكرية، مع استخدام وسائل فعالة لإقناعه بالامتثال لقراراتها
“(Alexander L. George, “Corecive Diplomacy”,in Robert J. Art and Kenneth Waltz (eds), The Use of Force : Military Power and International Politics,(U.S.A
: Roman and litelefield, 2004),p.70)،ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال سحب السفراء، أو فرض العقوبات. وقد حدد جورج ثلاث أهداف لممارسة دبلوماسية الإكراه، يتمثل
الهدف الأول في إقناع العدو بالعدول عن موقفه، ويتمثل الهدف الثاني في إقناعه بالتراجع عن إجراء قام به فعلاً، بينما يتعلق الهدف الثالث بإثارة المعارضة ضده
عن طريق دعم مطالبهم بالتغيير، أو تحريكهم لقلب نظام الحكم.(John Alterman, “Coercive Diplomac against Iraq : 1990-1998”, in : Rpbert J. Art and Patric M.
Cronin (eds.), The United States and Coercive Diplomacy,(Washington : United States Institute of Peace Press, 2003), p.277).
النمط الثاني : التخريب، وذلك من خلال قيام الدولة (أ) بأفعال هدفها هدم مؤسسات الدولة (ب) ومبانيها الوطنية. ولكن هذه الطريقة على المدى الطويل قلا ينتج عنها
سوى العداء والكراهية. وهذا النمط يُعبر عن شكل من أشكال العنف، قد ينجح في تحقيق أهداف الدولة في المدى القصير، ولكن تكلفته تكون مرتفعة في المدى الطويل.(Christopher
Hill, The Changing Politics of Foreign Policy,(NewYork : Palgrave MaCmillan, 2003),p. 145)
النمط الثالث : الردع، ويعني إصدار تهديدات متكررة لمنع عدو ما من الشروع في عمل غير مرغوب فيه. وهناك نوعان للردع : الردع التقليدي، عن طريق التهديد باستخدام
الاسلحة التقليدية، والردع النووي، عن طريق التهديد باستخدام الاسلحة النووية. وتتميز دبلوماسية الإكره عن الردع في أن الأولى تكون ردة فعل لانتهاك قام به العدو،
بينما الردع يهدف إلى منع العدو من القيام بهذه الانتهاكات ( Jack S. Levy, “Deterence and Coercive Diplomay : the Contributions of Alexander George”, Political
Psychology, Vol 29, No4.,2008)
النمط الرابع : الدفاع، ويحتوي على سلسلة من الجراءات الفعالة التي تتخذها الدولة للدفاع عن نفسها في مواجهة هجوم عسكري نفذه العدو.
النمط الخامس : التدخل العسكري المباشر، ويتم اللجوء إليه عادة في حالة فشل دبلوماسية الغكراه. وتتعدد أهداف التدخل العسكري، مثل حماية المواطنين أو الممتلكات
الوطنية (Christopher Hill. Op. Cit, pp. 143-148).
ويتمثل المكون الثاني للقوة الصلبة في القوة الاقتصادية، وتعني “إستخدام الدولة (أ) الأدوات الاقتصادية، لجعل الدولة (ب) تقوم بأشياء لصالحها، ولا ترغب فيها”.
وترتكز القوة الاقتصادية للدولة على الناتج المحلي، ونصيب الفرد من الدخل، ومستوى التقدم التكنولوجي، والموارد الطبيعية والبشرية، ومؤسسات السوق. وقد اضاف إلين
فروست عناصر أخرى للقوة الاقتصادية ، تشمل الحكم الرشيد، وتحقيق التنمية المستدامة (Ellen L. Frost,” What is Economic Power?”, joint Force Quarterly, April,
2009.)
وهناك شكلان رئيسيان لاستخدام القوة الاقتصادية، يتمثل الشكل الأول في العقوبات ، وقد تأخذ صورة مقاطعة الواردات، والحظر على الصادرات، وفرض القيود على الاستثمار،
ومنع السفر. ويتمثل الشكل الثاني في المنح والمساعدات الاقتصادية، أي مكافأة الدولة نتيجة لتغيير سلوكها لصالح الطرف الآخر، أو في محاولة لتغييره. وقد جادل
جوزف ناي بأن الموارد الاقتصادية لا تعبر فقط عن القوة الصلبة، ولكنها قد تنتج قوة ناعمة ايضاً، حيث قد تقدم الدولة نموذج تنمية جاذباً للدول الأخرى.(Joseph
S. Nye, The future of Power,( New York :public Affairs, 2011), pp. 52-53.)
وإذا كانت العقوبات والمساعدات تعبر عن اشكال الاستخدام العمدي/المقصود للقوة الاقتصادية، فإن هناك اشكالا أخرى غير مقصودة، ناتجة عن العولمة، وما ارتبط من
زيادة تداخل الاقتصاديات وارتباطها باقتصاد السوق، وتعبر عنها الحساسية Sensitivity والتأثر Vulnerability، وتشير الحساسية إلى ان التغيير في جزء من النظام
يؤدي الى التغيير في باقي النظام. أما التأثر فيشير إلى ان التغيير في جزء من النظام يؤدي إلى التغيير في قواعد النظام .

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button