ما الذي يجب أن تقدمه الدراسات الأمنية النقدية للمنطقة العربية ؟

إن الوطن العربي يمر اليوم بتغيرات سريعة ناجمة عن الانتفاضات العربية المستمرة وانتشار العنف و الارهاب وانعدام الأمن . فالوضع السياسي والأمني في الوطن العربي حتماً يتجه إلى الأسوأ، ولا مناص من تحمل التبعات التي ظهرت والتي لا تزال، والأهم تلك التي تسيّس على حساب المصالح؛ ليبقى المشهد مشوشاً، وحاضراً للتدخل في أي وقت ما دام الإرهاب ذريعته الكبرى، وفاتورته تدفع، وأجنداته تنفذ، والخافي أعظم ، أنه لا يوجد حزب أو تنظيم أو حركة أو جبهة على وجه الأرض يأتيها السلاح مطراً من السماء أو نبتة من الأرض، وكل قطعة سلاح موجودة على وجه الأرض اليوم معروف برقم متسلسل (صانعها وبايعها ومشتريها)، وعندما تظهر حركات إرهابية بهذا الكم الكبير فجأة وتمتلك هذه القدرة التسليحية فإن منطق العقل يصعب عليه أن يصدق أنها جاءتها هكذا، إذا أخذنا “داعش” على سبيل المثال، فكيف يسمح لها أن تبيع النفط في السوق العالمية البيضاء والسوداء والحمراء والصفراء، فهذا في اعتقادي من أكبر علامات الاستفهام الآن، اننا نتجاهل اننا لا نعرف من أسسها وأتى بها ودعمها؟ مؤكداً على أن كل قوة على وجه الأرض مهما كان حجمها لا بد أن لها أرضية تنطلق منها، وليس هذا فحسب، فحتى سيارات المنظمات الإرهابية التي تُفخخ وتفجر في داخل المدن هناك من يمولها ويدعمها ويقدم لها كل التسهيلات وهذا قائم على مرّ التاريخ،و أعتقد أن لكل مرحلة ذريعة، وذريعة هذه المرحلة هي “داعش” كما كانت ذريعة الحرب على العراق هي تدمير أسلحة الدمار الشامل، أن “داعش” يدخل ضمن لعبة خطيرة جداً، وذلك أن القوى العظمى قبل أن تتدخل في أي منطقة تعمل على تهيئة الرأي العالمي والمحلي.. العالمي من أجل تقبل التدخل، والمحلي من أجل أخذ الضوء الأخضر وإعطاء الصلاحيات أن ما يجري يشكّل خطراً على مصالحها، وهذه تعد جزءاً من الاستراتيجيات الدولية في المنطقة وفي أي مكان، أن في المنطقة العربية نجد الذرائع دائماً فكرية و”ايديولوجية” دينية وهي خميرة لصناعة سبل ووسائل للتدخل، وتوجه إلى أي مكان من خلال غرف الاستخبارات وغرف صناعة القرار السياسي لتحقيق هدفين، هما إعطاء الشرعية للتدخل بعد تهيئة الرأي العام الدولي، والتأثير على الدول الأخرى التي هي بمعزل عن تأثير هذه الجماعات، أن واقع الأمة العربية صعب وسيئ، فهناك دماء تُنزف وأرواح تُزهق وعواصم تُدمر ومدن تُدك على أهلها، ونزعات طائفية وقبلية تتعمق، وهناك إعادة رسم لخارطة العالم العربي بعد أن انتهى مفعول “سايكس بيكو”، أن من يخالف هذا الرأي لا يستطيع أن يخالف الواقع التاريخي المعاش، وتحديداً “ثورات الربيع العربي” -إن صح التعبير-، متسائلاً: هل كان متوقعاً أن تحدث تلك الثورات حتى نعرف مسبباتها؟، أن التغيير أمر متوقع في كل زمان ومكان، والتغيير أمر مطلوب لأنه سنة من سنن الحياة، وتغيير الأنظمة وتغيير المجتمعات يحدث بعد سنة أو بعد عشر أو بعد عقدين أو ثلاثة أو خمسة عقود، ولكن ما هو السيناريو الذي يحدث فيه التغيير؟، وما هي الحالة والآلية التي يحدث فيها؟، هذا هو السؤال الذي يجب أن نقف أمامه من أجل مستقبل أمننا ومستقبل الأجيال المقبلة. إن العاملين الداخلي والخارجي مجتمعين في تدهور الواقع العربي، ولنأخذ مثلاً النموذج الليبي، حيث حكم العقيد “القذافي” ليبيا (40) عاماً، ألغى فيها جميع مؤسسات الدولة، وعمّق التباين العشائري والتباين الجهوي بين أبناء البلد الواحد، أن ليبيا هي بلد بسيط بتعداد سكانه غني بثرواته، إلاّ أنه لم تتحقق له الطموحات، وكذلك تكوين بناء الإنسان، أن أي فرد لديه طموح متجدد بين حين وآخر، ولن يبقى طموح شعب مرهوناً بطموح ورؤية رجل هو من يفكر وهو من يخطط، وهذا كان هو الواقع الموجود على الأرض، ليتضافر الواقع الداخلي أو الحالة الداخلية المتحفزة للتغيير والانقضاض على هذا الواقع المؤلم مع عوامل خارجية تمثلت في تدخل القوى الدولية، واتخاذ القرار للتغيير.

. وبالنسبة لمعظم الباحثين في المنطقة العربية، فإن المقاربة المتبعة في الدراسات الأمنية التقليدية غير كافية وتشكل إشكالية في سياق توجد فيه اشكال متعددة ومتنوعة من انعدام الأمن. و لهذا نسعي كباحثين في الشؤون الامنية و الاستراتيجية تصور مشروعا يسعى إلى مقاربات حوارية و مناقشات مثمرة في مجال دراسات الأمن النقدي بين الباحثين العرب  وعلى هذا النحو، فإن التصور الذي نسعى الي تطويره يقوم على افتراضين لهما صلة بتشجيع مثل المناقشات الاكاديمية في حقل الدراسات الامنية و علي وجه الخصوص الدرسات النقدية لمكافحة الارهاب: أولا، أن مجال دراسات الأمنية النقدية يفتقر إلى رؤى هامة ذات صلة بالمجال الذي يمكن أن ينبع منه بناء معرفي و اكاديمي عربي لمشاكل المنطقة العربية في ظل سيطرة كاملة و هيمنة التحليل الصادرة من مراكز الابحاث للدراسات الامنية الغربية التي ترسم سياسية المنطقة العربية بنظرة غربية نفعية بعيدة كل البعد عن التصور العربي للحلول و ايجاد صيغية نابعة من الفكر الامني العربي و صاردة من صناع القرار العرب دون حاجة الي تبني التصورات و التقارير الصاردة من مراكز الابحاث الغربية خاصة دوائر صناعة القرار الغربية من الولايات اللمتحدة الامريكية و الاوربية، وثانيا، علي الباحثين العرب ايجاد اطر و اليات العمل الاكاديمي الجماعي الذي يخدم شعوب المنطقة العربية بكل بصدق و حب للوطن و الامة العربية إن تحقيق هذا الهدف يقتضي بدء تطوير المؤسسات الضامنة لسعة هذه المشاركة مصحوبة بنشر الوعي الديمقراطي وجهد فاعل للتنمية المستدامة وإصلاح في نظام التعليم وكفالة الرأي والرأي الآخر لتحقق التفاعل الاجتماعي على الحوار بدلا من العنف. وأضاف أن من يرفض الإصلاح والتغيير ولا يستوعب حقائق العصر ومتطلبات المجتمعات الحديثة سوف تغيره ضرورات التاريخ.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button