ما بعد کوفيد -19 …استنتاجات فى ضوء الخبرة الصينية
د محمد فايز فرحات رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
لم تشهد الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحلية، أو النظام العالمي، أزمة سابقة بحجم جائحة “كوفيد-۱۹”، ينسحب ذلك على الاقتصادات المتقدمة والناشئة والنامية، ورغم التشابه الكبير في طريقة إدارة هذه الجائحة والتعامل مع تداعياتها، خاصة إغلاق الاقتصاد الوطني أمام معظم أشكال التفاعل الخارجي (انتقال السلع والأفراد، والطيران.. إلخ)، وتوفير حزم مالية بهدف معالجة التداعيات الاجتماعية للجائحة، والحفاظ على الحد الأدنى من الاستهلاك المحلي اللازم لاستمرار النشاط الاقتصادي، لكن رغم أوجه التشابه تلك وغيرها، ظلت هناك تباينات مهمة على مستويات عدة، سواء فيما يتعلق بنمط التفاعل بين الدولة والمجتمع، والعلاقة بين الدولة والفرد، مما أثار تساؤلات حول طبيعة الأنظمة السياسية والثقافية كمتغيرات وسيطة في تباين مستوى النجاح المتحقق في إدارة الجائحة وتداعياتها من حالة إلى أخرى، كما فتح التباين في مستويات النجاح المتحققة من دولة إلى أخرى تساؤلات حول طبيعة التركيب الديموغرافي كمتغير وسيط آخر.
ومن ثم نحاول الوقوف على عدد من الملاحظات أو الاستنتاجات المهمة التي تقدمها أو تثيرها الخبرة الصينية مع جائحة كوفيد-۱۹”، ولا ندعي أنها استنتاجات نهائية، لكنها تمثل موضوعا أو أساسا لمزيد من النقاش الموضوعي، وبعيدا عن الجدال المسيس حول الخبرة الصينية في إدارة الجانحة، ولهذا ننطلق من افتراض أن هذه الخبرة الصينية تمثل أحد نماذج الإدارة الناجحة للجائحة، سواء بالقياس إلى عدد الإصابات أو عدد الوفيات، أو معالجة التداعيات الاقتصادية، وسرعة استئناف النمو الاقتصادي الإيجابي عقب تراجع الجانحة، كل ذلك بالمقارنة بخبرات دول قوية.
