دراسات سياسية

مبادرة سبّاقة – أحمد طه الغندور

بقلم: أحمد طه الغندور.

7/2/2019.

        على الرغم من أن هناك أكثر من محاولة فردية سبقت من أجل تقديم مسؤولي الاحتلال للعدالة الدولية من أمثال “تسيفي ليفني” و” آفي ديختر” وغيرهم، إلا إن الدعوى التي تقدم بها إسماعيل زيادة، الفلسطيني الأصل والهولندي الجنسية؛ إلى المحكمة المركزية في لاهاي، ضد ما يُعرف بـ “رئيس أركان جيش الاحتلال الأسبق “بيني غانيتس”، و “أمير إيشل” “مسؤول سلاح الجو”، وحمّلهما من خلال دعواه المسؤولية عن ارتكاب جريمة حرب بمقتل والدته وأشقائه الثلاثة، وزوجة أحدهم، وابن شقيقه، وشخص آخر كان ضيفاً على العائلة، في قصف الطيران الحربي الإسرائيلي لبيت عائلته في مخيم البريج بتاريخ 20 تموز/يوليو 2014، أثناء العدوان على غزة، فهذه الدعوى تعتبر سبّاقة كونها جاءت في الوقت المناسب والأكثر أهمية الذي يجب أن يُحاسب فيه “الجنرال الإسرائيلي” عن نتيجة جرائمه التي أقترفها ضد الأبرياء، كونه يسعى لتزعم المشهد السياسي الإسرائيلي.

والشاهد، أن هذه المبادرة الفردية تمضي في طريقها غير مبالية بالاعتبارات السياسية التي عادة ما تكون العائق الأساسي أمام المبادرات أو الخطوات الرسمية للدول، فلم تعطِ هذه المبادرة أية قيمة للانتخابات الإسرائيلية، مثلما أعطى لها المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية في تصريحاً له نشرته وكالة “رويترز حيث قال: “إن “تصريحات الجنرال السابق “بيني غانيتس” عن التسوية مع الفلسطينيين مشجعة خاصة إذا تمسك برأيه في حال نجاحه في الانتخابات”، والغريب أن هذا التصريح جاء في ظل معرفة الجميع عن مستوى الانحدار الذي وصل اليه المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين والتطرف، والذي قضى على وجود أي معسكر للسلام داخل الكيان، فحقيقة التنافس الانتخابي الإسرائيلي تشير إلى كيفية إرضاء اليمين الإسرائيلي والمستوطنين.

كما أن هذه المبادرة تتفوق على مبادرات “مؤسسات حقوق الإنسان” والتي يبدو أن قراراتها في رفع مثل هذه القضايا ضد رموز الاحتلال باتت تتأثر بشروط التمويل الدولي لهذه المؤسسات، مما جعل خطواتها تتسم بالتسويف تماماً كأنها جزءًا من عمل المؤسسات الرسمية للحكومة!

لذلك من المهم أن ندعم مثل هذه المبادرات التي لا شك سيكون لها نتائج هامة في لجم الاحتلال الذي ما انفك عن ممارسة أخطر أشكال الجرائم الدولية ضد الفلسطينيين، وأن نحث الجاليات الفلسطينية في الخارج ـ وخاصة في الدول التي أقرت لنظامها القانوني حق الولاية الدولية ضد هذا النوع من الجرائم ـ أن تشرع في رفع المزيد من القضايا الجادة ضد الاحتلال ورموزه و”عصابات المستوطنين” من أجل قطع كل وسيلة عنهم للاستمرار في الاحتلال.

ولعلنا نلاحظ هنا أن ” حركة المقاطعة ” التي بادر اليها الفلسطينيون تحقق نتائج مبهرة يومياً بشكل يوجع الاحتلال، مما يؤكد أن المبادرات الفردية والشعبية الفلسطينية هي أكثر صدقاً وفاعلية من المبادرات الرسمية أو مبادرات مؤسسات حقوق الإنسان التي قد تعصف بها “الضرورات السياسية” أو “شروط المانحين”.

ونحن على ثقة بأن ” الحاضنة الشعبية ” قادرة على أن تُقدم من الخطوات ما تسبق به آلف خطوة حاكها خبراء التسويف الذين أضحت خطواتهم بمثابة ” قبلة الحياة ” للاحتلال!

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى