دراسات قانونية

ماهية القانون الاداري

يمكن تعريف القانون الإداري بأنَّه مجموعة من القواعد القانونية التي ترتبط بالأعمال الإدارية، وتحكم السلطات الإدارية في الدولة وذلك من حيث أنشطتها وتكوينها بوصفها سلطة عامة لها امتيازاتها في علاقتها بالأفراد، ويعتبر القانون الإداري فرع من فروع القانون العام الداخلي الذي يوجد في كل دولة مهما كان مستواها وتقدمها الحضاري، وفي هذا التعريف يمكن أن نستنتج مفهومين للإدارة العامة المفهوم العضوي والمفهوم الموضوعي، فالقانون الإداري بمعناه العضوي هو القانون الذي يدير ويهتم بالأجهزة الإدارية في الدولة، بينما القانون الإداري بمعناه الموضوعي هو القانون الذي يهتم بالجانب الوظيفي التي تتولاها الأجهزة الإدارية من أجل تحقيق المصالح العامة في الدولة.[١]

نشأة القانون الإداري

تعود بداية نشأة القانون الإداري إلى القرن التاسع عشر للميلاد إبّان قيام الثورة الفرنسية عام 1789م، حيث أقامت فرنسا حينها نظاماً إدارياً متكاملاً ومستقلاً، فمنع النظام الإداري الجديد القضاء الفرنسي من التدخل في أعمال الهيئات الإدارية وشؤونها احتراماً لمبدأ الفصل بين السلطات، فكانت الإدارة الفرنسية في بادئ الأمر تنظر في المنازعات التي تدور بينها وبين الأفراد بنظام يُسمّى الإدارة القاضية، ثُمَّ صدر قانون إنشاء مجلس الدولة في عهد نابليون بونابرت، كما تم إنشاء مجالس المحافظات التي كانت بمثابة مجالس استشارية، اقتصرت مهمتها على تقديم الاستشارات أو الصياغة القانونية أو دراسة المنازعات الإدارية وقد سُميَّ هذا القضاء بالقضاء المحجوز.[٢]

بعد ذلك صدر قانون يمنح مجلس الدولة سلطات الفصل في المنازعات الإدارية دون الحاجة لتصديق رئيس الدولة، بالإضافة إلى سلطته في صياغة التشريعات والإفتاء، حيث لعب مجلس الدولة في فرنسا دور المحكمة القضائية فقد كان يملك ولاية القضاء المفوَّض، إلا أنَّ هذا الدور كان مقصوراً في حالات معينة يحددها القانون، يستطيع فيها أصحاب الشأن رفع دعواهم إلى مجلس الأمة مباشرة، وظلت الإدارة في هذه المرحلة هي الجهة المختصة بالنظر في المنازعات الإدارية.[٢]

انتقلت هذه الفكرة إلى البلاد الانجلوسكسونية كبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنّهم رفضوا الأخذ بالنظام الإداري المستقل بل اعتمدوا على المحاكم القضائية العادية التي تنظر في كافة أنواع المنازعات بغض النظر عن أطرافها، فهذه المحاكم تتابع القضايا المدنية إلى جانب متابعتها للقضايا الإدارية، وبسبب تزايد تدخل الدولة في شؤون الأفراد، تم إنشاء محاكم وهيئات للنظر في المنازعات الإدارية؛ كمحكمة الصناعة ومحكمة المواصلات، لكن طبيعة عمل هذه المحاكم تختلف عن المحاكم الإدارية الفرنسية، إذ إنَّ هذه المحاكم تفصل في المنازعات التي تنشأ من أجل تطبيق قوانين معينة، وكذلك لم تشترط أن يكون القاضي في هذه المحاكم من رجال القانون، كما أنَّها تصدر الأحكام دون ذكر الأسباب.[٢]

خصائص القانون الإداري

توجد مجموعة من الخصائص التي يتميّز فيها القانون الإداري، وهي:[٣] اعتبار القانون الإداري قانون حديث: مبادىء القانون الإداري القانونية لم تظهر إلّا في القرن العشرين للميلاد، عن طريق القوانين التي وضعها القضاء الفرنسي، والتي اعتمدت على نظريات قانونية ساهمت في صياغة نصوصه على الشكل المتعارف عليه في الوقت الحالي. عدم القدرة على تقنين القانون الإداري: أي لا تجمع نصوصه الفرعية في قانون واحد كبعض أنواع القوانين الأخرى؛ لأنّ لكل فرع من فروع القانون الإداري دوراً خاصاً به، ويعتمد عليه في تطبيق القانون على الأعمال، كما أنَّ النصوص القانونية الإدارية تختلف بين البلدان في العالم، وغالباً لا تتشابه معاً. الصفة القضائية للقانون الإداري: يتميّز القانون الإداري بسهولة تطبيقه داخل المحاكم؛ لأنّه يعتمد على وجود عنصر القضاء الإداري، كوسيلة من الوسائل التشريعية التي تهتم في حل المنازعات القضائية بين الأطراف المهنية في بيئة الأعمال. المرونة: يتميّز القانون الإداري بهذه الصفة، ويختلف عن باقي القوانين الأخرى، والتي تعتمد على نصوص قانونية ثابتة، فمن الممكن أن تتطوّر بعض النصوص في القانون الإداري في حال وجود أسباب، وعوامل مؤثرة. الاستقلالية: بمعنى أنّ القانون الإداري هو قانونٌ مستقلٌ بذاته، وله سلطات قضائية تنظر في الأحكام الخاصة به. تعلق قواعد القانون الإداري بالنظام العام: إنَّ قواعد القانون الإداري آمرة واجبة التطبيق ومن يخالفها يقع عليه الجزاء، لأنّها ترتبط بتحقيق المصلحة العامة. مصادر القانون الإداري للقانون الإداري عدة مصادر ساهمت في صياغة القوانين الخاصة به، ومنها:[١]

التشريع: يعتبر التشريع مجموعة من القواعد القانونية التي تصدر من الجهة المختصة في الدولة، والسلطة فيها إما أن تكون سلطة تأسيسية يصدر عنها التشريعات الدستورية التي تسمو على القواعد القانونية الأُخرى، والتي تعدّ المصدر الأساسي للقانون الإداري، فتتضمن التشريعات الدستورية قوانين إدارية خاصة تعمل على تنظيم الأعمال ضمن موضوعات قانونية محددة، كتنظيم الجهاز الإداري في الدولة وحقوق الأفراد وحرياتهم، وإما أن تكون السلطة سلطة تشريعية فيصدر عنها تشريع عادي ويسمى القانون، والذي يأتي بالمرتبة الثانية بعد الدستور، وإما أن تكون السلطة سلطة تنفيذية تصدر عنها اللوائح والتشريعات الفرعية، وهي قواعد عامة تأتي بالمرحلة الثالثة بعد الدستور والتشريع العادي، ومن أنواع اللوائح التي تصدرها الإدارة؛ اللوائح التنفيذية، واللوائح الضبطية، ولوائح الضرورة. العرف: يعدّ العرف مجموعة من القواعد التي اعتادت الإدارة على القيام بها في تأدية وظائفها، حيث أصبح هذا العرف ملزماَ للإدارة ومن يخالفه يستوجب الجزاء، وللعرف ركنان؛ ركن مادي يتمثل بالقيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل، وذلك بشكل منتظم دون تقطع في جميع الحالات المشابهة مع مضي زمن كافٍ لاستقراره، وركن معنوي يتمثل في احترام الإدارة للقواعد وعدم مخالفتها. القضاء: من الجدير بالإشارة إلى أنّ القضاء لا يُعتبر مصدراً رسمياً للقانون؛ وذلك لأنّ وظيفة القضاء في الأساس هي تطبيق القوانين والفصل في المنازعات، إلا أنَّ خصائص القانون الإداري وظروفه عَمل على إنشاء قضاء إداري تجاوز القضاء العادي، حتَّى أصبح القضاء من أهم المصادر الرسمية للقانون الإداري، فأحكام القضاء الإداري لا يخضع للقانون المدني بل يعمل القاضي على استنباط الأحكام والقواعد إذا لم يجد في القانون نص يطبقه على النزاع، فالقاضي هنا غير مقيد بأحكام القانون المدني. المبادئ العامة للقانون: إنَّ هذه المبادئ لا تستند إلى تشريع مكتوب، بل تعتمد على القضاء الذي يقتصر دوره في كشف المبادئ والتحقق من وجودها، فتكون المبادئ ملزمة وواجبة التقيد بها. موضوعات القانون الإداري من أهم الموضوعات التي درسها القانون الإداري، هي:[٢]

القرار الإداري: يعني إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة لما تقتضيه أحكام القانون، فيكون الإفصاح إما تعبير إيجابي أو قد يتخذ تعبير سلبي، وذلك بقصد إحداث أثر قانوني أو إلغائه أو تعديله، سواء تعلق الأمر بقرار تنظيمي أو بقرار فردي يخص أفراد معينين. العقد الإداري: هو العقد الذي تبرمه الدولة باعتبارها فرداً عادياً، وهذا النوع من العقود تحكمه قواعد القانون الخاص، ويكون القضاء العادي هو المختص بالفصل في النزاعات الناشئة عنها، وقد يكون العقد الإداري عقد تسري عليه أحكام القانون العام، والقضاء المزدوج هو القضاء الذي يختص بالفصل في المنازعات الناشئة عنها، وذلك لعدم توافق قواعد القانون الخاص مع طبيعة النشاط الذي تمارسه الإدارة. الوظيفة العامة: هي عبارة عن الواجبات والاختصاصات داخل مرفق عام، حيث تقوم الدولة على إنشاء هذه المرافق العامة والإشراف عليها وإدارتها من أجل تحقيق المصلحة العامة.[٣]

تحميل الكتاب

تحميل الكتاب

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى