...
الجامعة و البحث العلميالمجلات الوطنية والدولية

مشكلة المجلات المفترسة “الوهمية”

التعرف على الدوريات و دور النشر العلمية الوهمية و تجنبها

بقلم أ. د. قاسم زكى*  k.z.ahmed@mu.edu,eg  

فى السنوات الأخيرة، أستغل بعض ضعاف النفوس حاجة الزملاء للنشر العلمي الدولي و السريع و أنشأوا عديد من المواقع الوهمية (Fake Scientific Journals/publishers) على شبكة الإنترنت بمسميات براقة كدوريات عالمية تقبل نشر البحوث مقابل سداد نفقات مالية باهظة ترهق كاهل الباحثين، دونما مراعاة لقواعد النشر العلمي من مراجعة و تحكيم تلك الأبحاث أو مراعاة جودة النشر. و زاد عدد تلك دور النشر ليصل مع مطلع العام الحالي 2016م قرابة سبعمائة دار نشر تصدر ما يتجاوز العشرة آلاف دورية وهمية، و للأسف جل روادها و من ينشرون أبحاثهم فيها من باحثي دول العالم النامي و غالبيتهم من الدول العربية. و لوحظ أن تلك الأبحاث أغلبها غير ذات قيمة علمية و تحتوى على أخطاء علمية و تنسيقية قاتلة، بل و ايضا أخطاء مطبعية كثيرة، و لذا ترفضها غالبية اللجان العلمية للترقيات طبقا للـ  القرار الوزاري رقم 520 بتاريخ 28 فبراير 2013 و الخاص بقواعد التشكيل والإجراءات المنظمة لعمل اللجان العلمية لفحص الانتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظائف الأساتذة و الأساتذة المساعدين بالجامعات المصرية، ويتضمن المادة (25) من تلك القواعد و التى تنص صراحة على:

 “يشترط الا يتضمن الانتاج العلمي للمتقدم اكثر من بحثين منشورين او مقبولين للنشر فى عدد واحد من نفس الدورية او المؤتمر العلمي و لا تقبل الابحاث التى تنشرONLINE  الا اذا كانت من قبل ناشر معلوم دوليا.

و تتفق كافة المحافل العلمية العالمية الرصينة على شروط عامة للدوريات (Periodicals) التى يتم النشر العلمى بها ومنها الاتى: :

1.      أن تصدر عن جهة علمية معترف بها (جامعات- معاهد- مراكز بحوث- جمعيات علمية- دور نشر ذات سمعة علمية طيبة).

2.      أن يكون لها هيئة  تحرير  (Editorial Board) و يفضل ان تكون من أساطين الأكاديميين المتخصصين المعروفين ذوى الخبرة و السمعة الطيبة فى مجال البحث العلمى و الأسس الأكاديمية.

3.      أن يكون لها (إن أمكن) هيئة  استشارية علمية من الثقات (Scientific Advisory Body).

4.      أن يظهر بمطبوعات الدورية (مطبوعة أو بموقعها على الإنترنت) سياسة التحرير و تبين بوضوح كيفية كتابة الأبحاث و طرق تقديمها و آلية مراجعتها و تحكيمها و خطوات قبول البحوث و النشر.

5.      أن يكون وعاء النشر (الدورية) في مجال التخصص للمتقدم، و ألا تتضمن تخصصات متفارقة و متباعدة  (كالأدارب و الفنون مع العلوم البيولوجية و الزراعية و الهندسية و غيرها).

6.      أن يكون للدورية ترقيم دولي (الرقم الدولي الموحد للدوريات International Standard Serial Number (ISSN)  و معامل تأثير1&2 (Impact Factor “IF”) إن أمكن ذلك، فى حالة الدوريات التى مر علي صدورها سنتين على الاقل.

7.      أن يكون قد صدر منها بضع أعداد منتظمة على الأقل، و تكون مفهرسة و ملخصات أبحاثها تظهر فى الأدلة العالمية المعترف بها (مثل: Thomson Reuters3 ; the Science Citation Index Expanded and Journal Citation Reports/Science Edition. ).

8.      ألا تكون مدرجة فى “قائمة بيل” 4 (Beall’s list) للدوريات الوهمية (http://scholarlyoa.com/ ).

انتقادات و سمات الدوريات/المجلات و دور النشر الوهمية:

للمساعدة على التعرف و تجنب الوقوع فى براثن تلك الدوريات و دور النشر الوهمية و التى تنشر الأبحاث على صفحات الإنترنت (Online) و تدعى أنها علمية، و التى تتستر خلف تقنية “النشر المفتوح أو الوصول الحر” (Open Access Publishing and Fake Scientific Journals/publishers )، نذكر بعض الانتقادات  و السمات العامة لها و يمكن إيجاز أهمها في الاتي4:

1.      الموافقة السريعة على النشر للأبحاث المقدمة دون تحكيم أو مراعاة جودة النشر (وصلت المدة من تاريخ تقديم البحث و لحين النشر لثلاثة أيام فقط)، مما يؤدى لنشر أبحاث خادعة و لا معنى لها، و ما يهمها هو تحصيل الأموال سواء تحت مسمى تكاليف نشر أو طلب مستلات (نسخ Reprints ) من الأبحاث المنشورة.

2.       غالبا تحصل الدورية على مبلغ مالي يتراوح من مائة دولار إلى ألف دولار أمريكي مقابل نشر البحث الواحد، و الشيء الغريب أن الباحث يمكن أن يتفاوض معهم و يجروا له تخفيضا معتبرا، و للأسف الشديد أنتشر فى بعض جامعاتنا و مراكزنا و معاهدنا البحثية ممن يطلقون على أنفسهم، أنهم مندوبون عن تلك الدوريات، و يقومون بتحصيل تلك الأموال، بل إعطاء الموافقة على النشر، و وصل الأمر ببعضهم بمخاطبة الجامعات للترويج للنشر بتلك الدوريات الوهمية. بل زاد الطين بله، قيام بعض الباحثين المصرين بإنشاء دور نشر وهمية تقوم بذات المهمة لإفساد النشر العلمي.

3.      تقوم دور النشر تلك بحملات دعائية إليكترونية قوية (و خاصة عبر البريد الإليكتروني) لحث/ترغيب الأكاديميين لتقديم أبحاثهم أو إشراكهم فى هيئات التحرير.

4.      تعتمد وسيلة النشر الإليكتروني (Online) فقط، و تدعى بذلك أنها تتبع نظام الوصول الحر (Open Access)، و لا تقدم نسخ مطبوعة (غالبا) لتلك الدوريات التى تصدرها أو الأبحاث التى تنشرها (توفير النفقات)، إلا فى حالة طلب أصحاب البحوث المنشورة و تفاوضهم على الأسعار، و أحيانا كثيرة تقدم تخفيضات هائلة (تصل إلى 90%) لترغيب الباحثين للنشر لديها، و لها وسائل مبتكرة لتحصيل الأموال لمن يطلبون نسخ مطبوعة سواء لأعداد الدورية (Issues) المطلوبة أو البحوث المنشورة (ٌReprints).

5.      عمل مجالس إدارات من الأكاديميين دون إذن منهم، بل و عدم قبول استقالاتهم منها، و تتعمد وضع أسماء علماء كُثر من دول مختلفة، و دون وضع عناوينهم الإليكترونية، أو وضع عناوين وهمية تصل لهم هم فقط القائمين على دور النشر و الدوريات الوهمية.

6.      أيضا تعيين هيئات تحرير بأسماء أكاديميين وهمية، و في بعض الحالات يكون المحررين أو المراجعين بأعداد كبيرة و من دول متنوعة (بدون تزويد القائمة بعناوينهم الإليكترونية الحقيقية)، و أحيانا تكون هيئة التحرير هى ذاتها لأكثر من دورية، و إن كانت متباعدة فى التخصص، و غالبا ليس لديهم الخبرة الأكاديمية التى تؤهلهم لإنتاج منشورات علمية جيدة و ذات جودة نشر مقبولة.

7.      غالبية تلك المواقع لا تحمل عناوين أرضية واضحة تبين مقار عملهم، أو تضع عناوين وهمية (مثل عناوين بمدينة نيويورك) فى حين هى تدار من أماكن أخرى بدول نامية مثل الهند أو نيجيريا أو غيرها، و تتحايل لتلقى الرسائل بعناوين بريدية مختلفة و وهمية، و أساليب غامضة و عناوين مبهمة لتلقى الأموال.

8.      تتم عملية التحكيم و المراجعة (إن تمت؟) فى وقت قصير جدا و سريع (على سبيل المثال تستغرق 10- 15 يوما بين تقديم البحث و النشر) مما  يثير تساؤلات حول دقة عملية المراجعة و التحكيم وجودة عملية النشر.

9.      تقليد (أو سرقة) اسماء أو مواقع الدوريات الأكثر رسوخا و ذات الشهرة العالمية، مثل سرقة/تقليد اسم “دورية علوم الحاصلات الأفريقية ” African Crop Science Journal” و التى تصدرها الجمعية الأفريقية لعلوم الحاصلات الزراعية منذ العام 1993م، بمجلة مشابهة لها فى الاسم ” الدورية الأفريقية لعلوم الحاصلات ” African Journal of Crop Science” فى حين الأخيرة هى وهمية.

10.  الغالبية العظمى من تلك الدوريات الوهمية لا يرد لها آى ذكر في أدلة و فهارس الدوريات القياسية3 (مثل Thomson Reuters) ولا يتم فهرستها على نطاق واسع في قواعد بيانات المكتبات، و لكنها ربما تظهر فى “قائمة بيل” 5 (Beall’s list) للدوريات الوهمية.

11.  لا توجد سياسة واضحة للنشر و للحفظ الرقمي لتلك الدوريات/المجلات على شبكة الانترنت، فكثيرا ما تختفى بعد فترة، و أحينا تصدر أعدادا (Issues) كثيرة خلال المجلد الواحد لها (بحجة أعداد خاصة Special Issues)، و أحيانا يحوى العدد الواحد (Issue) منها ما يزيد عن مائة و خمسون بحثا (بمعدل يفوق 5 أبحاث تنشر فى اليوم الواحد) و هذا فوق طاقة أعتى دور النشر العالمية.

12.  بعض الدوريات تجمع بين اثنين أو أكثر من المجالات العلمية المتباعدة و التي عادة لا تجتمع سويا. على سبيل المثال: “المجلة الدولية للفلسفة والعلوم الاجتماعية International Journal of Philosophy and Social Sciences [IJPSS]”، و “المجلة العالمية للعلوم الصيدلانية والتعليم [GJPSE]” “Global Journal of Pharmaceutical Sciences and Education.

13.  كثيرا ما تدعى الدورية الوهمية  أو الناشر الوهمي بأنه يتم فهرسة الدورية  و الإشارة إليها و نشر ملخصات أبحاثها فى قواعد البيانات العالمية المشهورة، و أيضا أحيانا تضع على صدر صفحاتها أن لها معامل تأثير (Impact Factor)، بل تدعى أنها تصدر أعداد و مجلدات مطبوعة (Printed) و هذا غالبا غير حقيقي.

14.  تقوم دور النشر الوهمية هذه بإصدار عدد هائل من الدوريات العلمية4 (تتجاوز المئات) و فى مجالات مختلفة و خلال فترة زمنية وجيزة  (حوالى خمس سنوات) من عمر دار النشر تفوق قدرة آى دار نشر عريقة، (مثال ذلك دور النشر الوهمية الأتية: Academic and Scientific Publishing: 355 titles – Scientific Research Publishing: 351 titles – International Scholars Journals: 343 titles  – BioInfo  Publications: 292 titles – Academic Journals: 111 titles..

15.  في بعض الأحيان يقوم الناشرون الوهميون بنسخ أهداف ومجالات النشر و معلومات عامة لدوريات عالمية مرموقة و راسخة و نقلها لصفحات دورياتهم/مجلاتهم حرفيا على الإنترنت، و هناك حالات عديدة سجلت لتك السرقات.

16.   بعض الناشرون الوهميين للوصول الحر (Open Access Publishers)  يتعمدوا ابتكار أسماء جاذبة و مضللة لدورياتهم، و ذلك بالاستيلاء على أسماء المجلات الراسخة و ذات الشعبية، مع إضافة كلمات رنانة عليها مثل “الدولية ” (International) أو “العالمية ” (Global) أو “الأمريكية” (American) أو “الأوربية” (European) أمام أسماء دورياتهم المزعومة، على سبيل المثال4: الدورية الوهمية  “المجلة الدولية للفيزياء التطبيقية  (International Journal of Applied Physics [IJAP])، في حين أن الدورية الأصلية هى: “مجلة الفيزياء التطبيقية”  (Journal of Applied Physics) التى يتم إصدارها منذ العام 1931من قبل المعهد الأمريكي للفيزياء AIP (American Institute of Physics).

لذا برغم النجاحات التى حققها التقدم فى النشر العلمي باستخدامه النشر الإليكتروني و القفزات غير المسبوقة فى تاريخ النشر و وصول الدوريات لكل بقاع الأرض فى لحظة ظهورها على شبكة الإنترنت العالمية، بقدر ما يتعرض له النشر العلمي من هجمة شرسة تهز الثقة فى نتائجه، و خاصة مع تزايد النشر الوهمي، و الذى أعتقد مع أمانة و شفافية و حرص الباحثين و العلماء يمكن القضاء على هذه القرصنة العلمية، و إنه لصراع الخير و الشر ينتقل لمحراب العلم و حتى فى نشر نتائجه. وقد أحسن المشرع المصري حين أصدر القرار الوزاري رقم 520 بتاريخ 28 فبراير 2013 و الذى يمنع قبول آى أبحاث منشورة فى تلك الدوريات الوهمية فيما يعرف النشرONLINE  الا اذا كانت من قبل ناشر معلوم دوليا6.

هذا و على الله حسن القصد و علية كل التوفيق،،،

مراجع References:

1-      The Thomson Reuters Impact Factor (2015) http://wokinfo.com/essays/impact-factor/

2-      Eugene Garfield (2006) The History and Meaning of the Journal Impact Factor. The Journal of the American Medical Association, 295(1):90-93. http://jama.jamanetwork.com/article.aspx?articleid=202114

3-      The Thomson Reuters Web of Science Core Collection (2015) http://thomsonreuters.com/en/products-services/scholarly-scientific-research/research-management-and-evaluation/journal-citation-reports.html

4-  Beall, J. (2012)  Predatory publishers are corrupting open access. Nature 489: 179. http://www.nature.com/news/predatory-publishers-are-corrupting-open-access-1.11385

5-      Lukić Tin, Blešić Ivana, Basarin Biljana, Ivanović Bibić Ljubica, Milošević Dragan, Sakulski Dušan (2014 ) Predatory and Fake Scientiic Journals/Publishers– A Global Out break  with Rising Trend: A Review. Geographica Pannonica, 18 (3): 69-81. http://www.dgt.uns.ac.rs/pannonica/papers/volume18_3_3.pdf 

6-      النسخة النهائية لقواعد ونظام عمل اللجان العلمية لفحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظائف الأساتذة و الأساتذة المساعدين بالجامعات المصرية – الدورة الحادية عشرة من 2013-   2015التى يبدأ العمل بها بداً من مارس 2014. http://www.scicom.scu.eun.eg/PromRules.aspx

 

———————————

د. قاسم زكى، أستاذ الوراثة بكلية الزراعة، جامعة المنيا، المنيا، مصر (MU)،  وعضو اللجنة العلمية لترقيات أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية، لجنة رقم 44: الكيمياء والميكرو بيولجيا الزراعية والوراثة (EUPC)، و عضو اللجنة التنفيذية السابق للمجلس العالمي للنبات (GPC)، والرئيس الأسبق للجمعية الأفريقية لعلوم الحاصلات الزراعية (ACSS)، و عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين (ASJA).

 

المصدر: منظمة المجتمع العلمي العربي 07 جمادى الأولى 1437 :: 16 فبراير/شباط 2016 http://www.arsco.org/detailed/91f81ed3-8dc8-40ee-9589-9c20203f2fec#

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى