دراسات سياسية

مصادر الفكر السياسي الاسلامي

تتوزع المصادر الفكرية و الاصول النظرية للفكر والممارسة السياسية في الحضارة الاسلامية على مجموعتين اساسيتين هما
1- المصادر القدسية:
و تشمل القرآن و السنة النبوية الشريفة، و هما مصدران تتميز نصوصهما و احكامهما بالطابع الالهي المقدس المباشر “القرآن” و غير المباشر و محدد هويته و شخصيته، من الطبيعي ان يكون الدين الاساس الاول لتنظيرات السياسة و تطبيقاتها في السلطة الحاكمة ة تأييدا لها ،او خارجها و في مواجهتها.
ولان الدين الإسلامي مقدس في اصوله و مصادره، فقد اضفى ذلك على الآراء و الاحكام التي استنبطها البشر من هذه الاصول و المصادر ،هالة جعلتها تبدو و كأنها آراء و احكام الهية و مقدسة.
و اذا كان الالهي الديني المقدس لا يحتمل الخطأ، فان الانساني غارق في احتمالات الخطأ، غارق في المقاصد الذاتية و محمل بالغايات المصلحية ، مما ادى الى اختلاف المسلمين و حدوث التباين، و لعل خير دليل على ذلك هو اختلاف المسلمين على اختيار الخليفة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم اختلافا يتعلق بشخصه ،و اسس اختياره ،واسلوب الاختيار.
ان النصوص القدسية في الاسلام احتوت مضامين و ابعاد سياسية ،لا نصوص ذات طبيعة سياسية واضحة و مباشرة و محددة ،و تمثلت هذه القيم في مبادئ تجسدت في:
– المساواة
– الحرية و المسؤولية الفردية
– العدالة
– الشورى
– الطاعة المشروطة.

2- المصادر البشرية :
– المصادر البشرية العربية الجاهلية:
و تشمل مجموعة التقاليد و الاعراف الاجتماعية التطبيقية و القيم السلوكية السائدة في المجتمع العربي الجاهلي قبل الاسلام ،ثم تبناها الاسلام ،صراحة او ضمنيا ،بعد ظهوره و انتشاره ،و قبل باستمرارها في مجتمعه العقائدي الجديد.
و لعل ابرز ما استمر في الاسلام من القيم و التقاليد السياسية قبل الاسلام:
1- عدم شيوع مبدأ الوراثة في الحكم .
2- الملأ أو مجاس القبيلة
3- الشورى
– المصادر البشرية العربية الاسلامية:
و تشمل الاصول التأسيسية البشرية للفكر السياسي و تطبيقاته في المجتمع الاسلامي، و التي ليس لها صلة بالمصادر الدينية القدسية (القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة، مما ينفي عن تلك الأصول كل طبيعة الهية مقدسة على الرغم من وصفها بانها اسلامية ، اذ لا تعني الاصول تعكس او تجسد مبادئ و احكام العقيدة الاسلامية في اصولها الالهية المقدسة حول الشأن السياسي و تفصيلاته ،بقدر ما تعني أنها تعكس موقف المسلمين من الشأن السياسي وفقا لآرائهم الشخصية المستنبطة من قراءاتهم و تفسيراتهم الذاتية للشريعة الاسلامية و احكامها ، و تضم الاصول البشرية للسياسة في الاسلام:
1- الاجتهادات البشرية :
و هي الاجتهادات السياسية النظرية التي قدمها الصحابة و التابعون و الخلفاء و الفقهاء.
2- الاحداث التاريخية الكبرى:
و هي الاحداث التاريخية التأسيسية التي شهدتها العصور الاسلامية المبكرة، و شملت اختيار الخليفة الاول، و تباين آراء الصحابة حول ذلك ، ثم صراعات المسلمين الفكرية و العسكرية في هذا الشأن مما ترتب عليه صياغة منظومات فكرية و عملية ذات مضامين و ابعاد سياسية ، فكانت تلك المنظومات القواعد التأسيسية التي نشأت عنها و عليها الفرق السياسية الاسلامية.
– المصادر البشرية غير العربية:
و تشمل مجموعة الافكار و التقاليد التطبيقية و القيم السلوكية ذات المضامين و الابعاد السياسية السائدة في المجتمعات الاخرى التي فتحها المسلمون او احتكوا بها و تعاملوا معها، فاخذوها و اقتبسوها عنها على المستويين النظري و العملي .
و شمل ذلك المجتمعات اليونانية/الاغريقية و الهندية التي اخذ المسلمون عنها قيما و افكارا نظرية، و المجتمعات الفارسية و البيزنطية التي اخذ عنها المسلمون عنها قيما و افكارا عملية، و انعكست الافكار و القيم السياسية التي اقتبسها المسلمون عن تلك الشعوب و المجتمعات في سياسات العصرين الاموي و العباسي، بوصفهما العصرين الاكثر قربا الى السياسات العملية النفعية من عصر الخلفاء الراشدين ذي السياسات الدينية و الخصائص العربية ، ولعل ما ابرز ما اقتبسه المسلمون من المجتمعات الاخرى من افكار و تطبيقات سياسية :
1- مبدأ وراثة الحكم
2- السلطة الاستبدادية المطلقة
3- الترف و المظهرية
4- الفردية ة غياب الشورى.
مقتبس من كتاب موسوعة الفكر السياسي عبر العصور

بقلم

Abidou Abderrahmane

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى