مفهوم الثورة السياسية وثورات الربيع العربي

د. شيماء عويس أبوعيد*

تمهيد

إن وضع مفهوم محدد للثورة أمر صعب للغاية، بسبب تنوع الفهم للمصطلح وتنوع إقترابات المفكرين منه ، كل حسب إيديولوجيته وحسب اختصاصه ، فالثورة هي وسيلة لتغيير الأوضاع والبنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية. تؤدي إلى انهيار النظام القائم وصعود نظام جديد ويفترض أن يكون أفضل من السابق، ويفترض أن يكون التغيير فيها جذرى وشامل ، ويترتب على نجاح الثورة سقوط الدستور وانهيار النظام السياسي القائم ، على أن لا يمس مؤسسات الدولة  وكادرها في مختلف المجالات ، ولا يؤدي التغيير إلى إنهاء العمل بالتشريعات السابقة بطريقة فوضوية ، وخاصة الإيجابية منها وذات الصلة بالحياة العامة. وتقسم الدراسة هنا الى مطلبين اساسيين على النحو التالى : المطلب الاول : مفهوم الثورة نظريًا . المطلب الثانى : ثورات الربيع العربي .

المطلب الاول : مفهوم الثورة نظريًا :

أولا :مفهوم الثورة :

تعرف الثورة على أنها ” الإطاحة بالنظام السياسي والاقتصادي السائد الذي يقوم على الاستغلال. إنها تعني بناء نظام جديد يرفع إلى أعلى مستوى رخاء القسم الأعظم من الجماهير، والذي ينتج أقصى قدر من حقوق الإنسان والحرية، التي تستبدل أخلاق السادة الكنسية والدولتية بأخرى تقوم على الحرية والمساواة والتضامن([1]) “

وتعرفها موسوعة علم الاجتماع بأنها:” التغييرات الجذرية في البنى المؤسسية للمجتمع ، تلك التغييرات التي تعمل على تبديل المجتمع ظاهريا وجوهريا من نمط سائد إلى نمط جديد يتوافق مع مبادئ وقيم وإيديولوجية وأهداف الثورة، وقد تكون الثورة عنيفة دموية، كما قد تكون سلمية، وتكون فجائية سريعة أو بطيئة تدريجية “([2]) . ويعرف كرين برنتون الثورة “إنها عملية حركية دينامية تتميز بالانتقال من بنيان اجتماعي إلى بنيان اجتماعي آخر” ([3]). وعرفها هاري ايكشتاين بأنها “محاولات التغيير بالعنف أو التهديد باستخدامه ضد سياسات في الحكم أو ضد حكام أو ضد منظمة “. ويرى بيتر أمان أن الثورة هي ” انكسار مؤقت أو طويل الأمد لاحتكار الدولة للسلطة يكون مصحوبا بانخفاض الطاعة ” ([4]) .

أما يوري كرازين يعرفها ” إن معنى الثورة الاجتماعية ووظيفتها لا يمكن فهمها إلا حينما ننظر إلى تاريخ المجتمع على حقيقته كسلسلة متصلة من التشكيلات الاقتصادية – الاجتماعية، والثورة شكل من أشكال الانتقال من تشكيل إلى آخر، كما أنها قفزة من التشكيل الاقتصادي والاجتماعي البالي إلى تشكيل أكثر تقدما، تكون الخاصية المميزة السائدة له ومضمونه السياسي هو انتقال السلطة إلى الطبقات الثورية ([5]) ” .  وعرفها البعض بأنها ” حدث مفاجئ يؤدي إلى تغيير راديكالي يقطع الصلة بالماضي ويؤسس لنظام يلبي مطالب الثوار والذين هم الشعب وليست نخب متصارعة في بنية النظام” ، والثورة كمصطلح سياسي هي ” الخروج عن الوضع الراهن سواء إلى وضع أفضل أو اسوأ من الوضع القائم “.

ثانياً: الثورة والمفاهيم القريبة منها:

  • الثورة والانقلاب:

غالبا ما يكون الانقلاب باستيلاء العسكر على السلطة الشرعية بواسطة القوة المسلحة وتغيير نظام الحكم بالقوة دون الرجوع للناخبين والسلطة هنا هي الحكومة. فالانقلاب هو ” انتقال السلطة من يد فئة قليلة إلى فئة قليلة أخرى تنتمي إلى نفس الفئة الأولى التي كانت تسيطر على الحكم أو على الأقل تشبهها، ويكون باستخدام وسائل العنف الرسمية دون إحداث تغيير في وضع القوة السياسية في المجتمع أو في توزيع عوائد النظام السياسي([6]) ” . أي انه تغيير في أوجه حال الحكام دون تغيير في أحوال المحكومين والانقلاب نوع من أنواع التمرد .

  • الثورة والحركة الاجتماعية:

توضيح الفرق بين الحركة الاجتماعية والثورة صعب نوعا ما، بسبب التشابه الكبير، ولذلك ربط البعض بين المفهومين، فالحركة الاجتماعية ” تنظيم اجتماعي له هياكله ومؤسساته التنظيمية ويهدف إلى تحقيق أهداف بعينها “، ومن وسائل هذه الحركات الثورة والتي يمكن ان تكون وسيلة لتحقيق وتجسيد أهدافها، لذلك قد نجد في الثورة الواحدة حركات اجتماعية مختلفة ومتنوعة الأهداف والاختصاصات، تشترك في إشعال الثورة .

عرفها رودولف هيبرل بأن ” الحركة الاجتماعية تهدف على إحداث تغييرات راديكالية في النظام الاجتماعي العام وبخاصة في مجالات توزيع الثورة وعلاقات العمل ([7]) “، كما يمكن تعريفها ” ذلك الجهد الموحد والمتصل الذي يقوم به مجموعة من الأفراد لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف المشتركة بين أعضائها وقد يكون معناها أكثر تحديدا ليدل على الجهد الذي يتجه نحو تعديل أو إبدال أو هدم نظام اجتماعي قائم ([8]) ” . وضع “بول ويلكنسون”  عناصر للحركة الاجتماعية وهي([9]) :

  • الحركة الاجتماعية هي حركة جمعية مقصودة لإحداث تغيير في أي اتجاه وبأية وسيلة ولا تستبعد الحركات العنيفة غير القانونية والثورات التي تعدل من بناء المجتمع، وبناءات على هذا فهي تختلف عن الحركات التاريخية.
  • لابد ان تتضمن حدا أدني من التنظيم.
  • التزامها بالتغيير يرتكز على الإرادة الواعية والالتزام المعياري بأهداف ومعتقدات الحركة.

ومن أهم الحركات في عالمنا المعاصر الحركة العمالية، الحركة الفلاحية، الحركة الطلابية، الحركة النسائية والحركة الثقافية. ويرجع الاهتمام لهذه الفئات لما تتبناه من أيديولوجيات وما لأفرادها وقادتها من نوايا وكذا لضمها لأغلبية الشعوب والمجتمعات. وتكون الحركة الاجتماعية في بداية نشأتها ضعيفة التنظيم ينقصها التحديد الواضح من حيث الشكل والأهداف ولكنها لا تلبث أن تأخذ الطابع المنظم من حيث القيادة وتقسيم العمل والقيم والأهداف . وللحركات الاجتماعية ثلاث وظائف حددها عالم الاجتماع الفرنسي “جيروشيه” هي الوساطة بين مجموعة من الناس من جهة والأبنية والحقائق الاجتماعية من جهة أخرى. وتوضيح الضمير الجمعي، وهي حالة الجماعة التي تكشف نفسها أو مصلحتها وأين تكمن هذه المصلحة، والضغط على الشخص الذين بيدهم مقاليد الحكم ([10]).

  • الثورة والانتفاضة:

يكمن الفرق بين الثورة والانتفاضة  في كون الثورة تكون سريعة عكس الانتفاضة التي تمتد لفترة زمنية أطول فمثلا ثورة فرنسا 1830 كانت بمثابة انتفاضة، لأنها امتدت لمدة ثماني عشرة سنة، والانتفاضة وسيلة خاصة للاستحواذ على السلطة بالقوة . وأن الثورة “حدث مفاجئ يؤدي إلى تغيير راديكالي يقطع الصلة بالماضي ويؤسس لنظام يلبي مطالب الثوار والذين هم الشعب وليست نخب متصارعة في بنية النظام” ([11]).

ثانيًا :خصائص الثـــورة :

إن اغلب الثورات تكاد تجتمع على جملة من الخصائص تميز العمل الثوري عن غيره منها ([12]):

  1. الثورة تمثل قطاع أكبر من المجتمع ضد فئة أصغر، وغالبا ما تكون هذه الأخيرة هي المستحوذة على القوة السياسية والاقتصادية.
  2. تقوم الثورة على الحلول الجذرية وترفض حلول الإصلاح لأنها في الأصل تغيير راديكالي يقوم ويرتكز على راديكالية المطالب.
  3. التغيير الناجم عن الثورة يكون سريع ومفاجئ وهو سريع الانتشار بين قطاعات الجماهير.
  4. الثورة تمثل عملية تغيير اجتماعي وسياسي، يشمل نسق القيم والمعتقدات بما يتلائم والمرحلة الجديدة.
  5. الثورة ترتكز على أسس جديدة ومغايرة للنظام القديم لترسيم دعائم بناء جديد على قواعد جديدة.
  6. من خصائص الثورة أنها تتكرر كما أنها سريعة الانتقال بين المجتمعات وعبر الدول، والتاريخ خير شاهد على موجات المد الثوري في العالم.

ثالثا :مراحل الثورات:

تمر ثورات الشعوب عادة بأربع مراحل مترابطة ومتداخلة وهذه المراحل هى ([13]):

– المرحلة الأولى :  قدررة الثورة على تعطيل وظائف الدولة الإدارية والأمنية والسياسية وإحداث خلل عام على مستوى أجهزة الدولة والنظام العام بها.

– المرحلة الثانية : مرحلة انتقالية تسعي الثورة فيها لفرض سيطرتها على الدولة والمجتمع إلا أن هذه المرحلة تشهد شراسة القوى المضادة للثورة حيث تستخدم كل ما هو متاح وممكن للتخريب والتدمير وإثارة المشكلات الطائفية أو المذهبية.

– المرحلة الثالثة :  تمكن الثورة من تحقيق أهدافها تدريجيا والسيطرة على القوى المعادية للثورة والقدرة على تسيير شؤون الدولة على مستوى الاصعدة ، والاستجابة لمطالب فئات الشعب المختلفة .

– المرحلة الرابعة : محاولة الحفاظ  على ديمومة حراك الشعب منعا لانتكاس الثورة أو هزيمتها ، مقاومة قوى النظام البائد من تجديد ذاتها والعودة للسيطرة على مقاليد السلطة ، كما تشهد هذه المرحلة حركة تنقلات بين تحالف قوى الثورة والانتقال من حالة التعاون إلى التنافس والصراع من أجل الحصول على المناصب و النفوذ في الهيئات القيادية للمؤسسات المجتمعية المختلفة([14]).

المطلب الثانى : ثورات الربيع العربي :

أولا : تعريف ثورات الربيع العربي([15]) :

هي حركة احتجاجية سلمية ضخمة فجرها الشباب في البلدان العربية خلال أواخر عام 2010 ومطلع 2011، متأثرة بالثورة التونسية التي اندلعت بسبب إحراق محمد البوعزيزي نفسه ، رافعة شعار”أرحل “و” الشعب يريد إسقاط النظام “. أدواتها ليست عسكرية وإنما الكترونية معرفية (الانترنت والفيس بوك والتوتير والتكنولوجيا الثورية والمعرفة الرقمية)، هدفها بناء نظام سياسي متحرر من التبعية، ولكنها لم تخلو من الدماء. استطاعت الثورات العربية[16] أو ثورات الربيع العربي في الإطاحة  بأربعة أنظمة  سياسية فى تونس ومصر وليبيا واليمن . فبعد الثورة التونسية نجحت ثورة 25 يناير المصرية بإسقاط الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ثم ثورة 17 فبراير الليبية بقتل معمر القذافي وإسقاط نظامه، فالثورة اليمنية التي أجبرت علي عبد الله صالح على التنحي والتنازل عن صلاحياته لنائبه بموجب المبادرة الخليجية.

 لا تختلف الاسباب التي فجرت ثورات الربيع العربي عن مثيلاتها في معظم الدول ، فهي أسباب خليط من عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وامنية، التي تراكمت على مدار عقود من الزمن، وجعلت الشعوب العربية فى حالة غليان وغضب مكتوم . لذلك بمجرد اشتعال شرارة البوعزيزي في مدينة سيدي بوزيد بتونس حدث الانفجار الهائل في المنطقة العربية ككل. وممكن توضيح أسباب نشوب الثورات في النقاط التالية ([17]):

أولا: الاسباب السياسية : وهي من أهم الاسباب وابرزها، وتتمثل في: الاستبداد بالحكم وعدم احترام حقوق الانسان.اضعاف النسيج الاجتماعي، وتغييب الوحدة الوطنية. هيمنة رجال السلطة على المناصب السياسية والإدارية العليا في الدولة.غياب الديمقراطية وعدم السماح بتكوين نقابات واحزاب سياسية. تزوير الانتخابات، بجميع مستوياتها واشكالها. عدم الفصل بين السلطات الثلاث «التشريعية والتنفيذية والقضائية».غياب أو تغييب دور السلطتين التشريعية والقضائية. غياب الدور الرقابي للمؤسسات المعنية وإخضاعها للسلطة التنفيذية([18]).

ثانيًا: الاسباب الامنية : وتأتي في المقام الثاني من حيث الاهمية وتتمثل في: تعاظم القبضة الأمنية والقمع لجهاز الأمن مقابل غياب أو تغييب حقوق الانسان. غياب دولة القانون وعدم احترام وتطبيق القوانين والانظمة المحلية. ازدياد وتيرة الاعتقالات التعسفية والخطف والاختفاء القسري. التنكيل بالمعارضين وتعذيبهم أو حرمانهم من أبسط حقوقهم. زيادة الرقابة الأمنية على المواطنين ومنع حرية التعبير. تغليب الحلول الامنية على الحلول السياسية في معالجة المشاكل والازمات السياسية.

ثالثًا: الاسباب الاقتصادية والاجتماعية : استئثار النخبة الحاكمة بالثروة. التلاعب بثروات الوطن . انتشار الفساد المالي والإداري . تردى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية عامة. انتشار الغلاء وزيادة الاسعار في مقابل تدني أجور المواطنين.اتساع الفجوة بين الطبقة الغنية والفقيرة. ازدياد الرسوم والضرائب . ازدياد معدلات البطالة في وسط الشباب. سوء الاوضاع المعيشية بشكل عام. زيادة معدلات الفقر وشيوع مظاهره. ارتفاع معدلات الجريمة وضعف الامن الاجتماعي([19]).

رابعًا: احساس الشعوب بالظلم والاذلال والتهميش : ووصولها الى حالة الاحباط من اصلاح الاوضاع، في ظل الانظمة القائمة. انكسار حاجز الخوف لدى الشعوب واستعدادها للتضحية من أجل تغيير اوضاعها للاحسن، من خلال إقامة نظم ديمقراطية بدلا من النظم المستبدة. توفر وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة الاتصال والتنسيق بين مختلف القوى والفعاليات. ولذلك تم الاعتماد بشكل كبير على شبكات التواصل الاجتماعي، وكان لها دورا بارزا في توحيد الرؤى وتنسيق الجهود، لدى الثوار، كما كان للفضائيات دورا فاعلا في نقل الحدث أو بأول والتعجيل باسقاط العديد من الانظمة في المنطقة.

ثانيا :سمات المشتركة بين ثورات الربيع العربي:

1-  ثورة بدون إيدولوجيا محددة ، بخلاف معظم الثورات التي طبعت بطابع فكري- إيدولوجي ، فلم تكن تحت قيادة اوسيطرة حزب أو تيار له جذور إيدولوجية . كما لم تدعو لشعارات القومية أو القومية العربية أو الاشتراكية أو الليبرالية أو سواء ذلك، بل إكتفت برفع شعارات الحرية والعدالة والكرامة تجلت في العبارة الشهيرة “الشعب يريد إسقاط النظام” .

2-  ثورة بدون قائد: لا تتسم الثورات العربية بقيادة حزب أو قائد كاريزمى. بخلاف معظم الثورات الحديثة فلا يمكن مثلًا قراءة الثورة الايرانية دون الخميني. لذا تتسم بسمة جديدة خاصًة أن الحراك العربي يديره مجموعة من الشباب الذين إستخدموا التكنولوجيا في معاركهم السياسية.

3-  ثورة يغلب عليها الطابع الشبابي تتراوح أعمارهم بين ( 15 الى 35 سنة) ، كما كانت مساهمة المرأة متميزة وواسعة ومؤثرة ،ومن فئات وطبقات مختلفة .

4- كانت ثورات سلمية ([20]) بدأت بجموع من الشباب ، وسرعان ما تحولت الى مسيرات جماهيرية واسعة، امتازت  بشعبية واسعة جدا واشتركت فيها طبقات وفئات مجتمعية من عمال وطلاب وفلاحين ومثقفين ومنظمات مجتمع مدني([21]).

5 – یمكن القول أن الملكیات العربیة لم تشهد ثورات كاملة لأنها كانت أقل استبداد من الدول الجمهوریة .

6 – كافة الدول التى اشتعلت بها  الثورات  عانت من طول استمرار نظام الحكم وامتداده  أكثر من عشرین عاما ، مثلما هو الحال فى تونس أو ثلاثین عاما مثلما هو الحال فى مصر والیمن،  أو 40 عاما كما هو الحال فى لیبیا.

7 – تنامي دور الاعلام في تحریك وتسریع هذه التحولات وخاصة في زمن العولمة وكثرة الفضائیات والمواقع الالكترونیة واستخدام الوسائل العلمیة والتقنیة والالكترونیة في نشر كل جزئیة وصغیرة  في خط سیر هذه التحولات والتغیرات .

ثالثا : الربيع العربي والتغيير السياسي في النظم السياسية العربية :

حققت ثورات الربيع العربي طفرة سياسية في إسقاط أنظمة الحكم في كل من تونس ومصر وليبيا ، هذا الوضع سيؤدي إلى إحداث تغيرات على مستوى النظام السياسى وخلق توجه جاد للإصلاح السياسي ، وأيضا خلق علاقات جديدة مع دول أخرى في المجال الإقليمي أو الدول الغربية .

يمكن تقسيم الدول العربية المتأثرة بالأحداث الثورية الحاصلة إلى ثلاثة مجموعات وهي دول الثورات السلمية وشهدت انتقال سلمى ناجح (تونس ومصر)، والثانية دول الثورات غير السلمية الاحتجاج تم تدعيمه خارجياً (ليبيا واليمن وسوريا)، والثالثة دول الإصلاح الذاتي (الأردن والمغرب ودول مجلس التعاون الخليجي)، وهي الدول التي تجاوبت مع الرؤية الأمريكية، واستخدمت الفكر ألاستباقي في التعامل مع الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح والتغيير.إضافة الى مجموعة رابعة لم يطلها الربيع العربي بشئ مهم بعد، وتضم كلاً من (لبنان وجيبوتي والصومال وفلسطين “في ظل الاحتلال” .

  وعلى الرغم من تباين واختلافات ثورات الدول العربية ، الا ان من أهم التغيرات التى أحدثتها على الساحة السياسية هو ظهور الاسلام السياسي ، وهو يشكل أحد أهم مدخلات التطور السياسي إثر الربيع العربي. خاصًة بعد إختلاف رؤية الإسلام السیاسي وتوجهه بعد الربیع العربي، فحركات الإسلام السیاسي بالأمس كانت تدعو إلى تطبیق حكم الشریعة بوصفها المصدر الوحید للحكم، من خلال إقامة دولة إسلامیة دینیة، بینما الیوم سعى الإسلامیون الجدد إلى تطبیق مفاهیم ومبادئ وقیم الدیمقراطیة الليبرالیة، وذلك من خلال إقامة نظٍم دیمقراطیة مدنیة حدیثة وفاعلة، یخضع فیه المواطنون إلى حكم القانون، الذي قد یتعارض مع الشریعة أحیانا ، خاصًة أن الدین الاسلامى لیس هو المصدر الوحید للحكم. وهذا عكس ما كان سائدا بالأمس تماما.

* دكتوراه الفلسفة في العلوم السياسية (مسار نظرية سياسية ) كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة  .

 

[1]  ج. ماكسيموف ترجمة: مازن كم الماز، الثورة المضادة والاتحاد السوفيتي، مجلة الطليعة المجلد 11، العدد 5، أكتوبر/ نوفمبر، 1935

[2]  شعبان الطاهر الأسود، علم الاجتماع السياسي: قضايا العنف السياسي والثورة، (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية .2003)، ص 46-47.

[3]  يوري كرازين(ترجمة سمير كرم) ، علم الثورة في النظرية الماركسية ، (  بيروت: دار الطليعة ، 1975 ) ص31

[4]  مولود زايد الطيب، علم الاجتماع السياسي، (ليبيا: دار الكتب الوطنية، 2007)، ص99

 [5] يوري كرازين(ترجمة سمير كرم) ، علم الثورة في النظرية الماركسية ، (  بيروت: دار الطليعة ، 1975 ) ص41

[6]  شعبان الطاهر الأسود، علم الاجتماع السياسي: قضايا العنف السياسي والثورة، (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية .2003)، ص 49

[7]  محمد السويدي، علم الاجتماع السياسي ميدانه و قضاياه ،(الجزائر : ديوان المطبوعات الجامعية) ، ص129

[8]  محمد السويدى ، مرجع سابق ، ص 124

[9]  قراءات نظرية: الثورات السياسية ـ المفهوم والأبعاد ، المعهد المصري للدراسات إدارة البحوث والدراسات ، 17 أبريل2016

[10]  محمد السويدى ، مرجع سابق ، ص 132

[11]  فوزية العطية، علم اجتماع الثورة وخصائص المجتمع الثوري ، مجلة كلية الآداب العراقية، العدد الرابع والعشرين ، 1979، ص458.

[12]  شنين محمد المهدى ، سيسيولوجيا الثورة  ، موقع بحوث ، 10 أبريل 2011

http://bohothe.blogspot.com/2011/04/blog-post.html

[13] ) عدنان الاسمر ، مراحل تطور الثورة ، الحوار المتمدن-العدد: 3449 ، 6/8/2011

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=270239

[14]  آية يوسف عبد السلام ، أسباب قيام ثورات الربيع العربى ،  المركز الديمقراطى العربى ، 23. مايو 2014 

[15]  يُقال أُطلق مصطلح الربيع العربي على هذه الأحداث رجوعًا لاصول  أوروبي، يستحضر روابط بينه وبين ” ربيع الأوطان” 1848، ” ربيع براغ” 1968، أو ربيع أوروبا الشرقية في أواخر الثمانينات بعد سقوط الشيوعية، عندما سعت الثورات الشعبية باسم الديمقراطية العلمانية إلى الإطاحة بأنظمة مستبدة حكمت لعقود. فالغرب هو من أطلق مصطلح الربيع العربي على الأحداث التي جرت  في المنطقة العربية بدءَاً بتونس ،حيث كانت صحيفة الاندبندنت البريطانية أول من استخدم هذا المصطلح. وقد يكون لذلك علاقة بثورات الغرب عبر تاريخه التي تعرف هي أيضاً بثورات الربيع الأوروبي .

[16]  يرى الكاتب (صالح سنوسي) ان اطلاق مسمى ( ثورات ) على الربيع العربي نوعًا من الظلم ، لانها تمثل انتفاضة تاريخية حقيقية في حياة الشعوب العربية ، فهى لم تكن نتيجة تخطيط مسبق وموجها من قبل قيادات اختارت ظروف ولحظة تفجير الفعل الثوري لتغيير الواقع الاجتماعي والسياسي  وإحلال فكر وأيديولوجيا بديلة تمثل رؤية ومصالح طبقة اجتماعية جديدة، فهي ليست مثل الثورة الفرنسية  لها توجه سياسي قامت على ثلاثية العقل والحرية والإرادة في مواجهة اللاهوت الديني والتراتبية الاجتماعية، كما أنها لم تكن كالثورة البلشفية التي قامت تجسيدا للأيديولوجيات الماركسية فسودت طبقة اجتماعية واحدة وألغت بقية الطبقات. كما انها لم تقم بها طبقة اجتماعية تحمل مشروعا اقتصاديا واجتماعيا ثقافيا، ولهذا فهي ليست ثورات اجتماعية وثقافية، بل هي انتفاضات تاريخية تحولت إلى ثورات سياسية .ولذلك اعتبرها (سنوسى) إحدى الانتفاضات التاريخية الكبرى ، رجوعًا لفكر  الفرنسي “ألان باديو” الذي يصنف الانتفاضات إلى ثلاثة أنواع، منها ما هي انتفاضة جزئية ومحدودة كرد فعل على حدوث واقعة ظلم، والنوع الثاني من الانتفاضات هو تلك التي تكون تعبيرا عن صمت مكبوت تفجر بسبب حدث عارض، أما النوع الثالث هو الانتفاضة التاريخية التي يتواصل فيها زخم الفعل الثوري حتى يخلق وقائع تفتح أفاقا تاريخية جديدة ، للمزيد برجاء الرجوع للمصدر التالى : صالح السنوسي ، الربيع العربي بين الثورة والانتفاضة ، موقع الجزيرة ، 2013/1/24

http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2013/1/24/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B6%D8%A9

[17] Kamal Eldin Osman Salih , The Roots and Causes of the 2011 Arab Uprisings , Vol. 35, No. 2 (Spring 2013), pp. 184-206 , Stable URL: https://www.jstor.org/stable/10.13169/arabstudquar.35.2.0184 , Page Count: 23

[18]Abdul QadirMushtaq ,Muhammad Afzal , Arab Spring: Its Causes And Consequences, PP 2:3 ,

http://pu.edu.pk/images/journal/HistoryPStudies/PDF_Files/01_V-30-No1-Jun17.pdf

[19] Leda Erlandson , The Causes of the Arab Spring And reasons for uproar ,

http://ledainformativewebsite.weebly.com/the-causes.html

[20]   في بعض الدول تحولت الى مصادمات عسكرية وسادها طابع العنف كما حصل في الثورة الليبية ، وذلك بسبب رعونة القذافي وجنوده ، واستخدامهم للاسلحة ضد الثوار.

[21]   احمد عبد مراد ، بعض السمات المشتركة لثورات الربيع العربي ، الحوار المتمدن ، العدد: 3469 – 2011 / 8 / 27

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=273101

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button