تعتبر إشكالية مكانة المنظمات الدولية غير الحكومية في بناء السلام في مابعد النزاع من بين الطروحات التي أضفت التحليل في العلاقات الدولية على دور الفواعل غير الدولاتية، وعملية بناء السلام كمرحلة تتيم في مابعد النزاع لإعادة بناء الدولة من الناحية المؤسساتية وبناء القدرات، وفي هذا الإطار تجيب هذه الدراسة على نشاط المنظمات الدولية غير الحكومية في إحداث تغيير إيجابي وبناء السلام في الأنظمة المتنازعة، وذلك من خلال دراسة حالة كل من تيمور الشرقية وجنوب السودان وسيراليون، هذه الدول بإختلاف طبيعة أسباب النزاع فيها والترتيبات التي تتضمنها لإعادة البناء، وتتفق من حيث تعرضها لهشاشة الأنظمة والبناء المؤسساتي للهياكل وكذا عجزها على مستوى القدرات والتأهيل الإجتماعي. هذا ما أظهرته الدراسة أن التدخلات الإنسانية للمنظمات الدولية غير الحكومية في بناء السلام في مابعد النزاع جزاء من السياسة الدولية للإدارة العالمية لنزاعات في فترة مابعد الحرب الباردة من مساهمتها في إعادة بناء البني والهياكل التي تم تخريبها ومنع تجدد النزاعات، من خلال ترتيبات بناء السلام حماية حقوق الإنسان، حقوق المرأة والطفل واللاجئين، إعادة الإدماج المقاتلين ونزع التسلح، بناء الثقة، اصلاح القطاع الأمن والعدالة، إقامة نظام ديمقراطي والإنتخابات، عمليات التدريب وإقامة ورشات عمل ومراكز بناء السلام. غير أنه لا يمكن تجاوز الصعوبات التي تعيق نشاط المنظمات الدولية غير الحكومية وتغير مسارها في تقديم الخدمات، نتيجة القيود المفروض كالتمويل من جهة وعدم القبول من طرف اطراف النزاع، وكل العمليات التي تمارس كالعنف والقتل وإعاقة وصول الإمدادات الإغاثية، وبهذا لابد من توطيد عقد اجتماعي بين المنظمات الدولية والمنظمات الدولية غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المحلي لتمكين إدارة متكاملة وبناء السلام الإيجابي المستدام.